دراسات وبحوث

نظرة عامة في الكرد / محمد تقي جون

وإذا داهمهم خطر، وينزلون عنها إلى السهول اذا أمكنهم ذلك أو طلبوا التوسع وإقامة دول، وفي الوقت الحاضر لبناء المدن والحواضر والتوسع العمراني.. " فهم والجبال لا يفترقان"(2).

ويتفق الدارسون على وحدة الأمة الكردية على اختلافاتها في اللغة والمعتقد، غير أن لغز العلاقة العرقية واللغوية بين الكرد والآريين وأهمهم الفرس، لم يحلَّ عند الباحثين بسبب الاشتراك الزمكاني بينهما، وقلة الآثار المكتشفة، مما جعل الحقائق غير مؤكدة أو نهائية، وأوقع في الظنون والافتراضات والنظريات المتعددة.

فالدراسات حائرة بين أصالة الكرد الجغرافية بانتسابهم إلى الأقوام الجبلية التي سكنت منذ آلاف السنين منطقة (كردستان) التي تُحدَّد بخط وهمي مستقيم يبدأ من قمة أرارات في الشمال الشرقي وينحدر جنوباً إلى الجزء الجنوبي من زا?روس و?شتكوه، ويمتد مستقيماً من تلك النقطة نحو الغرب إلى الموصل في العراق، ومن الموصل إلى المنطقة التركية من لواء الاسكندرونة، ومن تلك النقطة يمتدُّ خط نحو الشمال الشرقي حتى أرضروم في تركيا، ثم من أرضروم يمتدّ الخط نحو الشرق إلى قمة أرارات(3).

وبين أنهم قبائل آرية من مجموعة الأسرة الهندوأوروبية(4) المهاجرة من شرق البحر الأسود في منطقة (البونتك) إلى الشرق من بحيرة أرمينيا أولاً ثم إلى الغرب الجنوبي ووادي الرافدين(5). ولما كانت لغة الكرد آرية (من اللغات الهندوأوروبية) فقد تطلب ممن رجَّح الأصالة الجغرافية أن يعلل آرية اللغة الكردية وهي سمة القبائل المهاجرة، وهكذا علل ن.ج. مارا الروسي أصالة الكرد جغرافياً بأن الموجات الآرية المتلاحقة إليهم فرضت عليهم ديانتهم ولغتهم(6)، فجعل الكرد غير آريين اكتسبوا لغة هذه الشعوب بالمجاورة وأضاعوا لغتهم.

وذهب د. محمد زكي برواري إلى أن الكرد هم سكان كردستان الأصليون وان شعوب (لولو) و(كوتي-جوتي) و(خالدي-كالدي) و(سوبارو-هوري) المذكورة في نقوش المنطقة تمثل أصل الكرد؛ فهم قوم قائم بذاته مستقل عن غيره، مميز بخصائصه اللغوية والعنصرية والحضارية(7). ومثله محمد جميل الملا مترجم شرفنامه، اذ يرى الكرد أصليين ولغتهم غير آرية بل زاكروسية من شعوب (كاساي، ?وتو، لولو)(8). فهما يعطيان استقلالية عرقية ولغوية للكرد ويتركان التشابه بين الفارسية والكردية بلا تفسير. وأصرَّ مسعود محمد على أصالتهم في المنطقة كما قرر أن لغتهم من فصيلة اللغات الآرية للتشابه مع الفارسية، فجمع النقيضين: الأصالة الجغرافية واللغة الآرية، وترك الأمر هملاً بلا رابط مبرر.

ويبدو أن أرشاك في زحمة البحث عن نظرية جديدة - وهو همّ المستشرقين- أعلن:" أن هجرة شعوب كاملة من قارة إلى قارة، تلك التي يتخذها المؤرخون التقليديون عقيدة أساسية، يبدو أنه ليس لها أساس واقعي، على الأقل فيما يتعلق بالمجموعات العرقية الحقيقية للشرق القديم. إن الكرد والعرب والأرمن والآشوريين وغيرهم سلالات عريقة تعيش في مواطنها الأصلية كما كانت منذ عصور ما قبل التاريخ"(9)، ويبدو اضطرابه واضحاً حين يعترف بالتقارب العرقي بين الكاشيين (الآريين) والگوتيين الذين هم برأيه أصل الكرد(10).

بينما يرى نولد?ـه وهارتمان وآخرون أن الكرد آريون ومن الشعوب الهندو- أوربية(11)، ويمثلون الدفعة الأولى لهجرة هذه الأقوام في القرن التاسع عشر قبل الميلاد، وهو رأي منطقي استناداً إلى اللغة.

وكان على الباحثين أن يبنوا الهوية الكردية للدول التي ظهرت في المنطقة التي يشغلها الكرد إلى اليوم، ويكاد يتفقون على أن الميديين الذين ظهروا في نحو الألف الأول (ق.م) هم أجداد الكرد. وكان الميديون يمثلون إمارات صغيرة حتى وحَّدهم (خشاترينا) وبعدها تفرقوا اثر سيطرة الاسكثيين، ثم أعاد توحيدهم الملك القوي (كي خسرو) واتخذ (أكباتانا/ همدان حالياً) عاصمة له، وقد استولى الميديون بالتعاون مع الكلدانيين على الأقاليم الأشورية شرقي دجلة واسقطوا عاصمتهم (نينوى) عام (612 ق.م). ثم توسع الميديون في شرقي إيران وأرمينيا وغربي إيران فاستولوا على اللر و(?شتكو) ليحلوا محل العيلاميين(12). وامتدوا غرباً في آسيا الصغرى إلى نهر (قزل ايرمق) نحو (50 كم) شرقي أنقرة(13) فضلا عن شغلهم ما عرف بالعراق العجمي. وفي عام (550 ق.م) أسقط الفرس الاخمينيون دولتهم(14) فصاروا تابعين للفرس بعدما كان الفرس تابعين لهم.

وقد اختلفوا في مدى علاقة الميديين بالكرد؛ فمنهم من يرى أن جميع الكرد يرجعون إليهم(15)، ومنهم يرى أن الميديين يمكن أن يكونوا أجداد الكرد جزئياً ولا يمكن أن يكونوا أجداد الكرد كلياً(16). وفي رأي آخر أن مزيج الشعبين الميدي والگوتي يكوِّن الشعب الكردي الحالي(17). ويقول ايغلتون: إن الكرد المعاصرين مزيج شعوب قديمة تضم بعضَ أو كلَّ الشعوب الاثنية: الكاشيين، الميتانيين، الميديين، والكردوخيين(18)، فيذكر الكردوخيين فرعاً كردياً ويتجاهل العيلاميين الذين أقاموا دولتهم في نحو (4000 ق.م) وهم في نظر آخرين كرد يمثلون أصل الفيليين (سكان اللر الصغرى)(19).

والكردوخي أول اسم صريح للكرد ويعود إلى (401 ق.م) إذ ذكره (زينفون) في كتابه (الحملة الفارسية) اثر انسحاب الجيش الإغريقي المتكون من عشرة آلاف محارب(20). وبناء على ذلك ذهب صلاح سعد الله إلى أن الكردوخيين هم أجداد الكرد وليس الميديون، وحدد منطقة الكردوخيين استناداً إلى الخارطة التي رسمها (زينفون) بأنها في حدود منطقة زاخو(21)، بينما حددها توما بوا بـ(بدليس) في أرمينيا(22). ويقول، نيكتين نقلاً عن العلامة ليهمان أشهر الباحثين المختصين بشأن الكرد: إن الكردوخيين هم أجداد الجيورجيين – الكارتليين سكان القوقاز اليوم، فالشعب الكردي بهذا لا يمتُّ بصلة لشعب الكردوخ. ويقول أيضاً استناداً إلى آراء علماء: إن الكرد ينحدرون من (الرستيين) الذين سكنوا ميديا الصغرى وبلاد برسيس(23)، وبهذا فهو يرى أن الميديين فقط يمثلون أصل الكرد. ويرى مصطفى جواد أن الميديين غير الكردوخيين وهما معاً يؤسسان اصل الكرد، وقد جاءا معاً في الهجرة الهندوأوروبية الثانية(24). ويذكر مينورسكي الاعتقاد بأن الكورتيين (?وتيوم) هم أصل الكرد(25) بينما لا يقطع مار بذلك(26). ونظرية مينورسكي تصرّ على أن الكرد مزيج من قبائل عديدة متنقلة وليسوا من دمٍ واحد وأرض واحدة(27).

وبالمحصلة فان أجداد الكرد او الجنس الكردي يتجلى حسب آراء المستشرقين وغيرهم في الميديين والكوتيين والعيلاميين والكاشيين والميتانيين والخالديين واللولويين السوباريين والنايريين والحيثيين والكردوخيين. بل عدَّ حسن كاكي وصلاح سعد الله السومريين من الكرد، لشبه بين اسم السومريين واسم عشيرة السوره ميري(28) عند كاكي(29)، أو لشبه بين (كليمات) كردية وسومرية عند سعد الله توصل بها إلى أن السومريين كرد أو أن الكرد أسلاف للسومريين(30). بل هناك نفس يردُّ كل الدول والعشائر التي ظهرت في العراق إلى الأصل الكردي، وذلك بإيجاد شبه في كلمات كردية أو في أسماء الملوك كردِّ البابليين إلى الكرد لأن اسم (گلگامش) كما يذهب صديقنا الأستاذ طه الزرباطي آتٍ من (كل گاميش = قرن الجاموس) وكان گلگامش يلبس في رأسه قرنين. وكان المكان أهم دليل عندهم على كردية هذه الاقوام والدول. وإذا قبل المكان بوصفه دليلا أقرب إلى الواقع، فانه يبقى غير حاسم ولاسيما في القديم لكثرة الهجرات واختلاط الأقوام بسبب كون المنطقة متحركة وطريقاً وسطاً إلى العالم المترامي.

وثمة أراء في أصل الكرد لا تستحق عناء البحث العلمي، ولكننا نذكرها لبيان كثرة الاراء وازدحامها في ذلك، كالقول: إن الكرد جاؤوا بعد أن أسكن ملوك الأرمن قسماً من الميديين في منطقة اسمها (كورد) أو (كورديك)، أو رأي (كارزوني) أن الكرد أحفاد الرومان الذين سكنوا العمادية، أو أن الكرد أحفاد الكلدانيين القدماء الذين اقتحموا في عهد سحيق حوض نهر دجلة واخضعوا القبائل السامية الضعيفة(31)، أو أن الكرد أصلهم من العرب(32)، أو الرأي القائل: إنَّ الكرد أصلهم من الذئب لقرب لفظة كرد من لفظة (گورگ)(33)، او حسب التعليل الشعبي إن الذئب عندما يصيح في الليل يطلق صوتاً يشبه كلمة (ئاو = ماء بالكردية). ومثل هذا تشابه اسم كرد مع (گورد) الفارسية التي تعني البطل(34)، وغير ذلك.

كما لا نقبل الآراء المختلفة في أصل الكرد التي أوردها شرف خان البدليسي مثل: الكرد طائفة من الجن كشف الله عنهم الغطاء، وإن الجن والعفاريت تزاوجوا مع نوع من بني الإنسان فنشأ منهم الشعب الكردي(35). وكذلك ما رواه وأيدته المصادر القديمة العربية والكردية من أسطورة (الضحاك) الظالم الذي قتل الملك جم وحلّ محله، ثم أخذ يجمع السحرة من آفاق مملكته، ويتعلم السحر حتى صار فيه اماماً، وبنى مدينة بابل وجعلها أربعة فراسخ في أربعة، وشحنها بجنود من الجبابرة وسماها (خوب)، وسامَ أولاد أرفخشد الخسف. ونبتت في منكبيه سلعتان كهيئة الحيتين، تؤذيانه ولا تسكنان حتى يطعمهما أدمغة الناس. قالوا: فكان يؤتى كلَّ يوم بأربعة رجال جسام فيُذبحون وتؤخذ أدمغتهم فيغذى بها تانك الحيَّتان. وكان له وزير من قومه، فولى وزارته رجلاً من ولد أرفخشد يسمى (إرمياييل)، فكان اذا أتي بالرجال ليذبحوا استحيا منهم اثنين، وجعل مكانهما كبشين من الغنم، وأمر الرجلين أن يذهبا حيث لا يوجد أثرهما، فكانوا يصيرون إلى الجبال، فيكونوا فيها، ولا يقربون القرى والأمصار، فيقال إنهم أصل الأكراد(36).

ومثلما يدافع الكردستانيون عن أصالتهم الجغرافية ونفي الهندوأوروبية عنهم، يدافع الفيليون عن ذلك، ويزعمون أنهم زاگروسيون ويرجعون إلى: العيلاميين، واللولويين والكاشيين(37)؛ وهم يُرجعون أحد فروع قبيلة (ملكشاه) إلى الأصل العيلامي القديم(38)، مستندين في ذلك كإخوانهم إلى نظريات المستشرقين أو استنتاجات علمائهم، ولا يوجد قطع بذلك. وأرى لو كانت ثمة فروع للكرد لا تعود إلى الميديين، فالفيليون لا يعودون إلى غير الميديين؛ لأنهم اخذوا اسم (فهلي) ثم (فيلي) من الفهلوية (لغة الميديين). 

 

اللغة الكردية

 واختلف الباحثون أيضاً في اللغة الكردية الأولى، وعلاقة الكردية بالفارسية، وفي صحة لهجاتها. فقسم يرى أن جذور اللغة الكردية لها أصل فارسي، إذ ينسجم النظام الداخلي للغة الكردية مع النظام الداخلي للغة الفارسية، كما أن قواعد الاشتقاق في اللغة الفارسية موجودة كلها ودون استثناء تقريباً في اللغة الكردية(39). ويقول (خودزكو) إن ثلث ذخيرة الكلمات الكردية مستعارة أما من التركية أو الفارسية أو العربية، أما الثلثان الباقيان فيعودان إلى لغة غير معروفة موغلة في القدم تسبق الإسلام والفارسية الحديثة والتركية حتماً(40). ويرجع بعض الدارسين الكردية والفارسية إلى لغةٍ أمٍّ واحدة ولكن يعترفون باستقلالية اللغتين الكردية والفارسية.

واختُلف في الأثر الباقي من اللغة الكردية القديمة وهي الفهلوية لغة (الأ?ستا) كتاب زرادشت النبي الإيراني الميدي الذي هذَّب المجوسية(41)؛ وهي لغة الگاتها(42)، فيراها الفرس فارسية بحتة، كما يراها كذلك مينورسكي(43) والمستشرق ب. ليرخ(44)، ويذهب مسعود محمد إلى أنها مزيج من الفارسية والكردية(45) مستنداً إلى كلمات وصيغ في الأ?ستا موجودة في الكردية لا نظير لها في الفارسية. وينفي الأ?ستا عن الاثنين صلاح سعد الله بقوله " هي لغة إيرانية قديمة تنتمي إلى الأرومة الشمالية الشرقية"(46)، ولكنه يرجع اللغتين إلى مصدر واحد هو مجموعة اللغات الهندوأوروبية دون تحديد(47). ورأي رولاند الذي درس اللغات الإيرانية هو إن (الا?ستية) تتفق مع الميدية أكثر من اتفاقها مع الفارسية القديمة(48).

وذهب ياقوت الحموي(49) وسليم مطر(50) ومحمد علي عوني(51) إلى أنها أصل اللغة الفيلية (سكان فهلة). وأكد مسعود محمد - الذي خالف هذا الرأي- وجود كلمات وصيغ كردية في الفهلوية لا توجد في الفارسية فضلا عن متشابهات صميمية أخرى(52). وذهب (زبير بلال) إلى أن الفهلوية تمثل اللغة الوسيطة بين الكردية الأولى الميدية (لغة الگاتها) والكردية الحديثة(53).

كما اختلفوا في اللهجات الكردية فذهب (سي.جي.أدموندز) إلى أن اللرية ليست من اللهجات الكردية(54)، وقال مسعود محمد: هي مقاربة للكردية فقط(55)، ورأى (ايغلتون) أن الزازائية ليست كردية تماماً(56)، وقال مينورسكي: يُعتقد أن اللهجة الـ?ورانية غير كردية(57).

  

مناقشة الآراء

لابدَّ من الإشارة إلى أن المستشرقين الذين درسوا الكرد أولاً لم يحسموا أهم قضاياهم كأصلهم ولغتهم، ربما لأن السبب السياسي الذي حداهم إلى الدراسة حال دون التعمق والتوصل إلى نتيجة قاطعة، أو أنهم عيوا عن القول الفصل فتركوا ظنوناً وآراء قابلة للنقض والزيادة، ففتحوا الأبواب على مصاريعها للمزيد من الآراء والنظريات غير الحاسمة.

فيما يتصل بأصل الكرد نرى أن آرية الكرد التي يؤكدها اشتراك لغتهم مع اللغات الهندوأوروبية بمشتركات جذرية وليست طارئة، تجعلهم من الشعوب المهاجرة إلى منطقتهم. وقد جاؤوا إليها على شكل موجات متلاحقة وفي أحقاب متطاولة. ولا أعتقد أن التواريخ التي اقترحها المستشرقون والباحثون الآخرون عن الهجرات الآرية دقيقة جداً، لان الهجرات موغلة في القدم أو أقدم بكثير مما اقترحوا، فهذه الشعوب قضت وقتاً طويلا لتتميز عن بعضها، فيكون منطقياً أن نقول: هؤلاء كرد وهؤلاء فرس. وان التميز داخل الامة الواحدة لغوياً وقومياً يحتاج إلى استقلال مكاني وزمن متطاول. وممكن مراقبة ذلك في الشعوب اللاتينية: الفرنسيين، الطليان، الأسبان، الرومان؛ فإنها احتاجت إلى استقلال مكاني والى وقت كافٍ ليكون لها سمات لغوية وقومية مستقلة.

ونحن اليوم نجد تركيا تستحوذ على النسبة الأكبر من الكرد فهـي: ?? %  في تركيا، ?? % في إيران، ?? % في العراق،  ?%  في أرمينيا وسوريا(58)، إلا أن الأحداث والدول التاريخية (الآرية) تقع في المنطقة المحصورة بين العراق وإيران وقليل من تركيا! ولا يفسر هذا إلا بأن أجداد الكرد كانوا كلهم أو جلهم في منطقة الحدث حيث قامت الدول أو العشائر الحاكمة وهم اللولويون والكوتيون والكاشيون والعيلاميون والميديون... ثم أخذوا بالانفتاح أو الانسياح الى مناطق آمنة وهي الجبال، فاخذوا هذا الانتشار الأخير الذي تم في أزمان متطاولة.

      وفي حين انتشرت موجات الهندوأوروبيين في هذه المنطقة، أكمل قسم منهم طريقه إلى أور?ا ليكوِّنوا شعوباً آرية أخرى هناك، وليست مصادفة أن نجد كلمات كردية وفارسية وانكليزية متطابقة تماماً كما في الجدول الآتي:

بين الكردية والانكليزية

كردي

انكليزي

عربي

بيبه‌ر

pepper

فلفل

بوس

pause

توقفْ قليلا، مؤقتاً

نه‌ء

no

لا، كلا

بين الفارسية والانكليزية

فارسي

انكليزي

عربي

?دَر

father

أب

مدَر

mother

أم

دختر

daughter

ابنة

ويكون التشابه أعظم وأوسع بين الكردية والفارسية فالكرد والفرس رفقاء وأشقاء في الآرية؛ فقد يكون الاختلاف فقط في (ب) للفارسية/ (و) للكردية، و(ز) للفارسية/ (ژ) للكردية، كما في الجدول أدناه:

   
كردي     

فارسي

عربي

شه‌و

شَب

ليل

دوشاو

دوشاب

دبس

سيو

سيب

تفاح

ر?ژ

روز

يوم

ژن

زن

امرأة

أو يتغير صوت حرف أو أكثر دون الابتعاد كثيراً كما في الامثلة:

 

 

سپي

سفيد

أبيض

?وار

جهار

أربعة

زان

دان

عالم

فضلا عن الأرقام وكلمات وصيغ كثيرة.

وكانت الكردية والفارسية على طول تاريخهما المشترك في صراع مزمن وعنيف من اجل التطور والتفوق، وقد تطورت اللغتان بتفاوت حسب تحضر كل شعب وجهده الثقافي، فكان أن اختلفت الفارسية والكردية بسبب آخر هو التطور الأسرع للغة عن لغة. وكانت اللغة الفارسية أكثر وأسرع تطوراً بسبب ممارستها الحضارة وامتداد إمبراطوريات الفرس واشتهارهم بفنون الثقافة كالحكمة والخطابة(59) وغير ذلك. إلا أن تمييز الفارسية عن الكردية سهل جداً يقدر عليه الغريب عن اللغتين، فكل منهما يختلف في جرس الحروف ونبر الكلمات حتى المتشابهة وفي أسلوب النطق ودلالة الجمل وطرق التعبير.

ومع إقرار آرية الكرد وكونهم من الأقوام المهاجرة لابد من تأكيد قدمهم ورسوخهم في مناطقهم الجبلية منذ حلوا، بدليل احتفاظهم بوجودهم ومكانهم حين خسرهما أقوام معاصرة لهم عاشوا في السهول والهضاب كالبابليين والآشوريين والسومريين(60)؛ فقد صان الكرد احتفاظهم بمعاقلهم الجبلية من غزوات العالم ومن مؤثراته(61)، فلم تسمح لأعدائهم باختراقها في أكثر المناطق ولاسيما الأشد وعورة. وقد شاهدتُ بأمّ عينيَّ مناطق جبلية كردية لا تصلها إلا الطائرات لضيق ممراتها ووعورتها. وقد أكسبتهم مناطقهم القوة على القتال في المناطق الجبلية حين لم يقدر عليها سكان المناطق الأخرى القادمون من الشرق والغرب كحملة الرومان عام 401 ق.م، وبالتالي فقد حافظت الجبال على وجودهم فاستمر بهم الزمن.

وصعوبة الجبال التي حفظت الكرد هي التي منعتهم من الوحدة والاتحاد وجعلت قيام امة كردية موحدة شاملة قديماً وإلى اليوم مجرد حلم في ليلة صيف " فخارطة كردستان تبين سطحاً ممزقاً تحجزه بعضه عن بعض سلاسل جبلية وانهار عديدة تتألف من ينابيع مياهها التي لا يحصى لها عدد، ولا ترتبط بخطوط مواصلات حديثة تسهل اتصال الكرد بعضهم ببعض وحجزتها عن بعضها البعض حدود الدول التي اقتسمتها فيما بينها"(62). وقد أكد عدم اتحاد الكرد في طول حياتهم قديماً وحديثاً شرف خان البدليسي بقوله:" الأكراد ذوو آراء استبدادية يرفع كل منهم لواء التفرد، وقد احتموا بقلل الجبال، رغبة فيما جبلوا عليه من الحرية والأنفة والاستقلال، ولا يجتمعون على أمر واحد غير كلمة التوحيد"(63).

وفي ضوء ذلك يكون عدّ الميديين أجداداً للكرد جميعاً أي: كرد إيران والعراق وتركيا وروسيا وسوريا فيه خيال كبير، ويجعل فكرة الموجات الكردية المتلاحقة معقولة فلا يعدو أن يكون الميديون موجة من هذه الموجات الكردية. وفي ذلك تفسير للاختلاف الكبير بين لهجات الكرد في جغرافية كردستان المتقطعة؛ فالاختلاف بين البادنانية والسورانية يصل بهما إلى درجة لغتين منفصلتين بحيث اذا التقى سوراني وباديناني فإنهما يتفاهمان بالعربية! ومثله الاختلاف بين لهجة پشتكو والالوار.

وليس تحديد أصل الكرد بأسهل من تحديد أصول شعوب الأرض كلها؛ فالعرب مثلاً يقوم أصلهم على أسطورة لا تقل غرابة عن أسطورة الضحاك التي اختلقت لتحديد أصل الكرد، وهي أسطورة العرب العاربة والمستعربة، فحسب الأسطورة أن العاربة: جديس وطسم وعاد وثمود أهلكهم الله (سبحانه) بعد أن تزوج النبي إسماعيل (ع) وهو غير عربي من امرأة عربية منهم فكانت ذريته (العرب المستعربة) الذين ورثوا لغتهم واستمروا بها إلى الآن(64). فهذه الرواية اختلقت لتجعل إسماعيل أب العرب(65) ليستقيم أنه جد الرسول محمد (ص)(66). ولكن نقرأ في روايات أخرى آباء أخر للعرب؛ فعن الرسول محمد (ص): " سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم"(67) وجاء في صحاح الجوهري " معد أبو العرب"(68)، ويرجع النسابون العربَ إلى ثلاثة: عدنان وقحطان وقضاعة(69).

ونحن نرى أن قبائل طسم وجديس وإرم وعاد وثمود هي حلقة مقحمة في أصل العرب؛ إذ ليس هناك آثار تدلل على امتداد العرب إليهم بسبب انقراضهم، وإنما بني افتراض الأصل الامتدادي المشترك على أساس المكان فقط، وهذه الأرض متحركة يتركها ويطرد منها أقوام ويفدها ويستحوذ عليها أقوام آخرون، بدليل وجود آثار فرعونية في الجزيرة العربية، وهناك من يرى أن قبيلة قريش هاجرت من قرب نينوى إلى الجزيرة العربية.

والكوتيون وغيرهم قد يكونون أصولا للكرد وقد يكونون أصولا لأقوام آرية أخرى انقرضت أو تلاشت في الكرد. وان البحث العلمي المحايد اليوم لا يرى غير بداية مؤكدة للكرد في الميديين وحدهم، وقد يكشف الغد عن غيرهم بحيث لا نقرأ أمام تلك الحقائق عبارات المستشرقين المملة (من المحتمل، أعتقد، ربما).

وأنا أرفض رفضاً باتاً، كما يرفض أي كردي يعتز بأصله، نظرية (ولادمير مينورسكي) التي تقول: إن الكرد اختلطوا مع أقوام أقدم منهم سكنوا المنطقة فكوَّنوا من هذا الخليط الشعب الكردي الحالي(70)، واني بذلك أرفض الغسيل العرقي بهذه الطريقة الذي لا يقل سفاحاً عن غسيل الأموال غير الشرعي، بل أرى أن الكرد حلوا بالتدريج محل هذه الأقوام، وبعد ان امتلكوا الصبغة الكردية استمروا بها إلى الآن. أما التحاق أقوام بهم فهو أمر نعيشه الى اليوم فهناك أعراب وأتراك تزيوا بزي الكرد وحسبوا عليهم كجماعات طي التي ذكرها راضي الطباطبائي(71). وهؤلاء الملتحقون بالكرد لا يشوهون نقاء الكرد.

والحقيقة هي إن القبائل الكبيرة تعود إلى أرومة واحدة قريبة جداً، فهذه القبائل الكثيرة المنتشرة في العالم تعود إلى أخوة ثلاثة (حام وسام ويافث) وهم بدورهم يعودون إلى أسرة واحدة، ومثله أن النبي ابراهيم (ع) يعدّ أباً مشتركاً للعرب واليهود، أي انه غير متمحض لأي منها، ثم يكون النبي اسماعيل (ع) الاب البعيد للعرب، ويأتي معد بن عدنان ليكون الاب المباشر للعرب لدى الاغلبية. وهذه النظرية يجسدها أيضاً قول الرسول الأعظم: "كلكم لآدم وآدم من تراب"(72).

وإذا أردنا أن نطبق هذه النظرية على الكرد نخلص إلى أن الدول والأسر التي حكمت في المناطق الكردية ولم يكن بينها زمان سرابي وان تباعد أحياناً، كالكوتيين (?وتيام) والعيلاميين وبعدهما الكاشيون والميتانيون وغيرها، هندوأوروبية مشتركة أكثر منها كردية خالصة كالميديين الذين خلصت صبغتهم الكردية وحلوا بالتدريج محل العيلاميين. فهذه الاقوام تضمحل صبغتها الكردية باقترابها من أصولها المشتركة صعوداً وتتركز وتتوضح بابتعادها عن الأصول المشتركة وتحولها إلى فروع جديدة.

والدول التي ظهرت على مسرح الحدث عبارة عن عشيرة عظيمة تحكم القبائل الأخرى كلما سنحت الفرصة وتفرض سيادتها على الشعب(73)، أو عشائر مؤتلفة(74) تكوِّن أصل الدولة ثم تنصهر فيها أعراق أخرى. وهي تحتاج إلى وقت طويل لتشكل دولة بعدما تهيئ مستلزمات الدولة كالرجال والأموال والخبرة وغيرها، فوجودها يسبق بكثير وقت تدويلها. ونحن نؤكد أن الكرد عاشوا وقتاً طويلا بأصل عام مشتركين مع أقوام هندوأوربية أخرى ووقت طويل تخصصوا فيه قبل أن يؤسسوا دولة، ومؤكد أن هذه العشائر الكردية غير بعيدة عن المنطقة فهي غير دخيلة أو محتلة بل مألوفة مساكنة، وهذا هو مذهب طه باقر في تحديد أصل السومريين(75).

وكانت الدولة الواضحة الكردية (ميديا) ذات صبغة عسكرية أكثر منها علمية وأدبية كالسومريين والبابليين والفراعنة الذين تركوا لنا ملحمة كلكامش ومسلة حمورابي وأهرامات الجيزة. ولعلَّ واقع الكرد اللغوي المشتت يدلل على أنهم عاشوا أغلب أطوارهم بين ظهراني دول وأمم آخرين أكثر تحضراً منهم، بصورة أتباع أو محكومين فيما بعد، لذا تأثرت لغتهم أو لهجاتهم بلغات تلك الشعوب المتسيدة، ولكنهم تركوا آثاراً ثقافية وبطولية شفاهية استحوذ عليها الفرس لاحقاً كقصة شيرين وفرهاد وأسطورة رستم زا?.

وليس من الحقيقة في شيء قول (ن.ج. مارا): إن القبائل الهندوأوروبية فرضت لغتها الآرية على الشعب الزاكروسي، أو أن الميديين اختلطوا بالكرد وفرضوا لغتهم ليكوِّنوا بهذا الخليط الشعب الكردي الحالي. فهذه الآراء القصد منها تأكيد أصالة الكرد الجغرافية وإسكات الحقيقة اللغوية الصارخة بكونهم آريي اللغة. فمن المستحيل أو النادر أن تتخلى أمة تعتز بنفسها عن لغتها بشكل نهائي. نعم تؤثر لغة في لغة أخرى فتغير فيها ولكن من غير الممكن أن يرث شعب لغة شعب آخر فتصبح لغته وهو من عرق مختلف؛ فاللغة الحبشية أثرت في لغة اليمن بعد احتلال الأحباش لليمن دون أن تلغيها. وفرضت اللغة السومرية نفسها على البابليين ردحاً من الزمن ثم انحسرت امام البابلية بعدها. وأثرت اللغة الفرنسية في اللغة الانجليزية بمقدار 60% بعد احتلال فرنسا لبريطانيا واجبار البريطانيين على التحدث بالفرنسية، فاغتنت ولم تفقد سماتها وخصائصها. وصارت اللغة الانجليزية اللغة السائدة في أمريكا والرسمية في الهند فلم تقضِ على لغات الشعب الأمريكي الخاصة ولا محت الهندية. واليوم في أفريقيا توجد دول ناطقة بالانجليزية والفرنسية والاسبانية بعد تراجع لغاتها المحلية أمام هذه اللغات العالمية، ولكنها لم تلغَ من حياة الأفارقة. وتفرنسَ الشعب الجزائري بعد الاحتلال الفرنسي الطويل، ثم استعاد عربيته، ذلك أن لغة أي شعب تعني الشكل اللغوي الطبيعي المتجانس مع جنسه وعرقه.

وهذا الأمر يصدق على اللغة الكردية قديماً وحديثاً، فهي متأثرة متفاعلة باللغات المجاورة أو المتسيدة في بحر تاريخها الطويل، مما جعلها متشتتة عجيبة التباعد والاختلاف بين لهجاتها. وما نراه اليوم يوضح ما كان بالأمس؛ كتأثير اللغة التركية في عشائر الكرد في تركيا، والفارسية في لغة كرد إيران، واللغة العربية في كرد العراق وسوريا، بل أثرت أيضاً في الأدب الكردي(76). ولكن ليس هناك من يجرؤ على القول: إن الكرد اخذوا لغة قوم آخرين وتركوا لغتهم برمتها، واني لأعجب كيف يرضى هؤلاء بفرية تكلم أمة عظيمة كالكرد بلغة غيرهم ولاسيما باحثو الكرد!

ويدَّعي بعضهم عدم وجود لغة كردية واحدة بل لغات، ونحن نقول: إن الاختلاف بين اللهجات الكردية يصل إلى الفرق الفاحش، وهو أقسى من الاختلاف بين اللهجات العربية التي تتيح التفاهم بين العرب. ومثال بسيط في الاختلافات أن بعض الكرد الفيليين يسمون الملح (خه) وبعضهم (خوا) وبعضهم (نمك) وهي لفظة يستعملها الفرس أيضاً للمعنى نفسه. ومن المفارقات أن لفظة (خوا) في السورانية تعني الله (جل جلاله) والملح يسمونه(خى) بإمالة الألف. إلا إن دراسة هذه اللهجات بدقة تؤكد وحدتها اللغوية، والسبب الذي أوقع في كل هذا الاختلاف هو إن اللغة الكردية إسفنجية تمتص ما في محيطها وتأخذ منه ربما بسبب دخول أقوام غريبة إلى الكرد وإضافة لغاتهم إلى الكردية، أو بسبب أن الكرد عاشوا ضمن ممالك ودول متتابعة كانت لغاتها متسيدة ففرضت نفسها على الكردية فصارت بهذه الصورة من الاختلاف.

       واسم الكرد يمثل أصلاً لفروع الكرد كلها، وانه اشتق من اللغة الكلية لهذا الشعب، وأراه من (كلمة كرد) فهي أشهر كلمة في اللغة الكردية، فهي تأتي فعلاً مستقلاً (كرد = فعل ومشتقاته) ولازمة ضرورية لكثير من الأفعال، ونشبِّه لذلك بالكردية المعاصرة مثل (شام كرد = تعشى/ بانگ كرد = نادى/ ?او?ى كرد = انتظر/ در?ز كرد= مدد) الخ.

وإذا كان للكلمة دلالة سلمية اليوم فهي في زمن البطولة والقوة ستعني (البطل المقدام الجسور) ترجمة لـ(كرد) التي تعني فعَلََ والفعْل، وليست من (كردو) التي تعني قوياً كالبطل(77)، فلو كان الأمر كذلك لسميت شعوب كثيرة كرداً. وعليه لا يكون تسمية الكرد بهذا الاسم الا لتميزهم باستعمال لفظة (كرد) متعددة الدلالة والتركيب.

ولسنا مع ما اقترحه المستشرقون وهم الأبعد عن تصور حقيقة لا يمتون إليها بصلة، كجعل الكرد اسماً لمكان سكنه الكرد فسموا به، أو أن اسم (كرد) اشتق من أرض ومملكة ?وتيوم Gutium ومن شعب ?وتي (الكوتيين)، وذلك بحذف حرف الراء R بعد حرف العلة u (Gurt = Guti) بوصفها قاعدة تطبق على عامة اللغات الهندوأوروبية ولاسيما الشرقية(78)، أو أنه من (گورد) الفارسية التي تعني البطل وغير ذلك.

ونسبة الكرد إلى الكوتيين (?وتيوم) ليس صحيحاً ذلك أن الكوتيين قديمون جداً ولم تتوضح كرديتهم فهم والعيلاميون شعوب هندوأوروبية عامة، وحتى الميديون - أجداد الكرد على رأي أغلب الباحثين- لو نظرنا إلى لغتهم في الا?ستا وجدناها غير متمحضة تماماً للكردية ففيها ما أشكل بأنها فارسية أيضاً، فبالكاد يتميز الميديون أصلا كردياً ولا يكون الكوتيون والعيلاميون إلا شعوباً آرية لم تتمحض كرديتها.

وليس صحيحاً أن الميديين هم أصل الكرد واليهم يرجع الكرد جميعاً، وسواء كان الكردوخيون كرداً أم جورجيين، فلابدَّ من وجود قبائل وعشائر كردية كثيرة، فالكرد افترشوا مساحات واسعة أغلبها جبال عاصمة لا تتيح الاتصال والتواصل. بل الميديون على الأصح أجداد (الفيليين) وفروع أخرى قريبة منهم في شمالي إيران والعراق، وباقي الكرد يعودون إلى فروع قديمة أخرى. ولذا سيكون هناك كرد أنقياء غير منتمين إلى الدولة الميدية أو أنها لم تستطع السيطرة على أراضيهم لتضمهم إليها.

وحتماً توجد لغة كردية قديمة جامعة للكرد(79) كاللغة اللاتينية الجامعة للشعوب اللاتينية والسنسكريتية الجامعة لشعوب شرق آسيوية, إلا أننا لن نعثر عليها لأنها لم تدوَّن(80). وهكذا سجل الفرس لغتهم دون الكرد، وسنجد أن الدول الفارسية في العصر الإسلامي تهتم بالثقافة والأدب يقابله إهمال أو اهتمام متواضع من الدول الكردية المناظرة.

ولست مع (سليم مطر) بوجود شعوب كردية متعددة بناءً على التشتت اللغوي الحالي(81). ودليلي على وجود لغة كردية أمّ جامعة الاشتراك الغوي بين الفيلية والبهدنانية فضلا عن الفلكلور على تباعد مكانيهما. كما يوجد تشابه بين الفيلية والسورانية، وقد وجدتُ جنودنا من الفيليين يتفاهمون بلا مشقة مع أهالي كلار وكفري والسليمانية. وكردية خانقين مشتركة بين الفيلية والسورانية. ويرجع الاختلاف بين اللهجات إلى أسباب كثيرة أهمها انقطاع الأمة الكردية بعضها عن بعض بسبب جغرافيتها الجبلية، وكانت تبعية الكرد إلى دول وأمم أخرى من الأسباب القوية الأخرى؛ ففي تركيا وإيران كان تأثير اللغتين التركية والفارسية كبيرا في الكردية، ومثلها في الأثر سياسة الدولتين تجاه الكرد، فالكرد لا تعترف بهم الجمهورية التركية الحديثة وتطلق عليهم اسم (أتراك الجبال) وتفرض عليهم التتريك(82)، وتعدّ إيران الكرد قبائل فارسية، وإذا كانت ثمة صلة بينهم وبين السكان الجبليين (الكرد) في العراق وتركيا فهي صلة جوار وليست صلة دم(83)، وان الحديث عن المسألة القومية بدعة وضلال لان المسلمين متساوون (كأسنان المشط)(84). وتشيع اللغة الفارسية في المناطق الكردية كلها بوصفها لغة للتفاهم مع الكردية، وتتفرد بوصفها لغة للكتابة فمؤلفات الكرد عدا الشعر إلى الآن تكتب باللغة الفارسية. ومن الأدلة القوية على وحدة الشعب الكردي ووحدته اللغوية (اعتقاده بكرديته) وهي حتماً حقيقة توارثها جَداً عن جَد.

والفهلوية شديدة الصلة بلهجة پشتكو واللرية والهورامية كما توجد منها كلمات وصيغ معروفة في السورانية القديمة مثل (كرتن، مرتن)(85)، إلا أن الفهلوية لا تمثل اللغة الكردية الصافية ففيها كلمات وصيغ فارسية من الكثرة ما جعلها متنازعاً عليها بين الفرس والكرد، كما لا تخلو من مشتركات آرية قاسية فالرقم ثلاثة يرد في الا?ستا بصيغة (ثري thri) كما في الانكليزية الآرية الأوربية، بينما في اللهجات الكردية كلها ينطق (سى) بإمالة حرف الألف. وهي في ذلك كاللغة العربية فما ورد من كلمات في نقش النمَّارة لا يشبه كثيرا لغة عرب الحجاز فهو يعود إلى لغة قديمة مشتركة، وحتى لغة الحجاز تحتفظ بمظاهر لغوية قديمة ترجع إلى أجداد العرب البابليين والآشوريين في مفردات كحرف الإشارة (تي) وصيغ كـ(ميم المبالغة) في (ابنم) بدل ابن ومنه قول أبي نواس:

اِسقِني يا اِبنَ أَدهَما            وَاِتَّخِذني لَكَ اِبنَما(86)

 

والفهلوية الميدية أقدم الفهلويات؛ فقد تلتها الفهلوية التي ذاعت في العهد الاشكاني وفهلوية الساسانيين حيث أضاف لها الفرس الكثير من المفردات والصيغ. ويؤكد أن الفهلوية أصل اللهجة الفيلية أن دراسة الفيلية بدقة تقود إلى جعلها تتصل بالفهلوية الاشكانية(87)، فهي اللغة الحديثة للفهلوية الساسانية فالاشكانية فالميدية.

والغالب في الكرد أنهم عاشوا يمنحون جهودهم لغيرهم ويقاتلون دونهم ويستخدمون مهاراتهم العجيبة لغير أنفسهم، فقد قاتل فرسان الكرد في الصفوف الأولى للجيش الاخميني، كما تطوعوا لحماية التخوم الشمالية والشرقية والجنوبية الشرقية لبلاد فارس للساسانيين(88) واحتل بهم الصفويون العراق مراراً، وكان خَلَفهم رضا شاه يجند الكرد في معاركه ضد العثمانيين حتى شاعت أغنية في ذلك(89)، كما استعملتهم الدول الإسلامية المختلفة، فهم في أغلب تاريخهم يعملون للآخر وهي الحالة المثلى التي كانوا ويكونون عليها.

 

الكرد والشعور القومي

 لم يعرف الكرد (القومية) في العصور الإسلامية إلا بمقدار الاعتزاز بعرقهم وتداول لغتهم، إيماناً بأن الإسلام درجة أعلى وفوق كل جنس وكل عصبية قومية(90). وكان الإسلام الجامع وراء تقبل الآخر بلا حدود، وهذا جعل القومية لا يعوَّل عليها عند العباسيين ومن تلاهم ؛ فديوان جند (شيعة بني العباس) كان مسجلا حسب القرى والمدن والأقاليم لا حسب القبائل والعشائر(91)، وبالتالي اكتظ بالأقوام والقوميات المختلفة فهو يتكون من: العرب، الموالي (الفرس والكرد بشكل عام)، الخرسانية، الأبناء، الزنوج والعبيد (الرقيق)، الكرمينية، المشارقة والأتراك، الشاكرية، الصعاليك، الزواقيل، الأفارقة والسودان، وعناصر أخرى(92). ولهذا السبب أيضاً صار أهالي أربيل في القرن السابع الهجري يرفعون راية الثقافة العربية لا راية الثقافة القومية (الكردية) لأنها وجه للثقافة الإسلامية، حتى وصفهم ياقوت الحموي بأن أكثرهم أكراد قد استعربوا(93). ولا يعني استعرابهم تنكرهم لأصولهم أو إهمالهم اللغة الكردية، بل لتبنيهم العبء الثقافي العربي وطرائقهم المختلفة.

ولم يجد الكرد ضيراً في الاختلاط مع الأقوام المجاورة مع احتفاظهم بعرقهم ولغتهم، وان انضواء أقوام وجماعات إلى المجتمع الكردي لا يعني تهجن الكرد فقد امتزجت قبائل عربية صريحة بهم وصارت كردية، وهذا ينطبق على العرب أيضاً؛ فكثرة المستعربين منذ بدء الإسلام والى اليوم لا يهجنون العرب بل يضيفون إلى أصلائهم عرباً غير أصلاء. وبالمقابل تحول كرد أقحاح إلى أدعياء عرب كأسلاف الفيليين الذين دخلوا المجتمع العراقي بعد الفتح الإسلامي، وكثير من فيليي العهود الحديثة. ونجد اليوم عشائر كردية شمالية تصرح بانتسابها إلى العرب مثل (بريفكان) في دهوك، و(الزراري) (ينتسبون الى ضرار بن الازور) و(السورجية) (يرجعون الى الخليفة عمر بن الخطاب (رض) ورؤساؤهم من عائلة العمري)، و(السليفاني) في أربيل.  والتصريح بالقومية أو طلب قومية أخرى مشروط كطلب الحصول على جنسية أجنبية، وشرطها إجادة اللغة، لأن اللغة حاسمة في الانتماء، كما أشر ذلك الرسول (ص) مبكراً بقوله الكريم: "يا أيها الناس! إن الربَّ ربٌّ واحدٌ، وان الأبَ أبٌ واحدٌ، وان الدينَ دينٌ واحدٌ، وليست العربية بأحدكم من أبٍ ولا أمٍّ فإنما هي اللسان، فمن تكلم العربية فهو عربي"(94). واعتماد اللغة للهوية الشرط الأول للانتماء عالمياً؛ فأي شخص يريد الانتماء إلى أي دولة أجنبية عليه أن يتعلم لغتها أولاً ثم يمنح الجنسية بإكماله بقية الشروط. وتمثل اللغة الكردية للكرد الفيلية في العراق مشكلة كبيرة لأن أغلبهم لا يجيدها، وهذا أوجد مفارقة داخل أزمتهم؛ فقد عوملوا وعوقبوا كرداً وهم يفتقرون الى أبسط شروط الكردية.

ولابدَّ قبل الدخول في موضوع القومية في العصر الحديث أن نميِّز بين الإمارات والدول الفارسية ونظيراتها الكردية في العصور الإسلامية؛ فالفرس قبل الإسلام وبعده انطلقوا من أساس تاريخي حضاري لا يبتعد كثيراً عن مفهوم القومية الحديث، ولا أرى فرقاً بين الدول الفارسية قبل الاسلام: الاخمينية والاشكانية والساسانية(95) والدول الفارسية في الإسلام: السامانية والصفارية والغزنوية والديلمية الختلية، فقد حرصت كلتاهما على الاستقلاق السياسي والثقافي والادبي، بينما لم تحرص الإمارات الكردية على أي استقلال لا سياسي ولا ثقافي ولا أدبي إلى وقت متأخر.

أما الفكر القومي السياسي، فلم يُعرف عموماً قبل العصر الحديث، وكان الأتراك وراء استيراده من الغرب وظهوره عام (1908) بانقلاب جماعة الاتحاد والترقي الذين فضلوا العرق التركي على أعراق الإمبراطورية في سابقة خطرة وبلاحقة هي سياسة التتريك، فدفعوا إلى (التقَيْوِم). وعلى الرغم من الشعور القومي القديم للكرد، الا ان الفكر القومي للكرد بدأ في أعقاب الحرب العالمية الأولى حين تأكد سقوط الدولة العثمانية، ففي عام 1917 اصدر ولسون ما عرف بـ(مبادئ ويلسون) لحل مشكلة الأقليات في الدولة العثمانية ومنهم الكرد(96). وفي عام 1920 نصت معاهدة سيفر المادة (6) على حكم ذاتي للكرد، ونوهت المادة (64) بإمكانية تأسيس دولة كردية مستقلة تضم كردستان الشمالية والجنوبية(97). كما إن الكرد بعد انهيار آخر دولة إسلامية (العثمانية) التي كانت جامعة للشعوب المسلمة المختلفة الأعراق، لم يعد لهم مع غياب نظام ديمقراطي يضمن حقوقهم إلا المطالبة بحقوقهم المستقلة مثل بقية الشعوب، وهكذا تبلور الحس القومي وهو (انفراز طبيعي)، إلا انه لم يُترك لينمو تلقائياً بل تدخلت القوى الكبرى لاستغلاله أقبح استغلال، وكان ارتباط القضية الكردية بالدول المهيمنة السبب الحاسم في تعثرها. ولكن اذا كانت وعود تلك الدول حبراً على ورق فهذا الورق أصبح وقوداً لنضال الحركة القومية الكردية فيما بعد(98).

وسبق كردُ تركيا في العمل القومي الكردَ الآخرين، فبهم بدأ لكونهم في تركيا التي شهدت الولادة القومية القيصرية. وقد أخذ النشاط القومي الكردي صوراً شتى كالطلب من الدول الكبرى تحقيق اتفاقية (سيفر 1920) وعمل جمعيات كردية مثل (هي?ي= الأمل) و(كردستان تعالي جمعيتي = جمعية تعالي كردستان)(99)، وإنشاء الصحف والمجلات لغرض نشر المعرفة مثل مجلة (روژي كرد = يوم الكرد) التي جاء في عددها الأول لسنة 1913 " لابدَّ من الاعتراف بأن الأكراد مقطوعون منذ زمن الحضارة، إنهم حتى الآن بعيدون عن العلم والثقافة، إنهم محرومون من العلم والمعرفة"(100). وقام كرد تركيا بثورات مهمة: ثورة سعيد بيران عام 1925، وثورة أجري داغ 1930، وآخرها ثورة درسيم 3/3/1937 ليخمد أو يكاد أي عمل قومي، وينتهي الكرد الى منعهم من التكلم بلغتهم وعدم الاعتراف بهم كرداً.

وكان كرد إيران (عدا اللر وپشت?و) وكرد العراق (عدا الفيليين) يطمحون إلى دولة كردية شاملة (كردستان الكبرى) أو في الأقل (دولة كردية مستقلة عن الدولة) أو (حكم ذاتي) وهو أضعف الطموح. وفي الوقت الذي راوغ فيه الغرب في شأن هذه المطالب، لم يرد خسارة حكومات الدول التي تضم الكرد، وهكذا سارت القافلة في وهاد وجبال وطرق ملتوية وقاسية. وزاد طين الحَل بلة أن الفكر القومي الكردي (?وردايه‌ت?) كان له الإطار العام فقط، بينما التفاصيل يتناولها كل حزب أو حركة سياسية أو تجمّع قومي حسب رؤيته الخاصة، ولم يظهر مفكِّر قومي يبلور الإطار الفلسفي للحركة القومية الكردية، فبقيت بيد قادة سياسيين يقودون أحزاباً سياسية أو حركات ثورية أو انتفاضات شعبية(101).

وتعود بدايات الفكر القومي في شمالي العراق الى جهود شخصيات فذة كمصطفى عزيز باشا ياملكي الذي عاش في تركيا وأكمل الكلية العسكرية في استانبول، وبعدها نال مناصب عالية هناك. وبعد اختلافه مع أتاتورك عاد إلى مدينته السليمانية ليقوم بنشاط قومي مماثل لما في تركيا فأسس (جمعية كوردستان) وجريدة (بانگي كورد = نداء الكرد)، وكثرت اثر ذلك الاحزاب والجمعيات الكردية، إلا أن اكثرها انهار، ويُفسَّر هذا بأن جهدهم كان نخبوياً وليس شعبياً.

وفي شمالي ايران برز سمكو الشكاك زعيماً كردياً قومياً يحارب تركيا وإيران والعراق لتحقيق حلم (كردستان)، فتمكن عام 1921 من تشكيل حكومة مستقلة في إيران في المنطقة الممتدة من جنوب بحيرة أورمية إلى نهر جاكاتو، وأصدر في مهاباد جريدة باسم (كردستان المستقلة). وفي رسالة مؤرخة في 31/ 5/ 1922 إلى ظافر الدولة احد قواد فرق القوزاق الإيراني كتب سمكو :" إن الشعوب الصغيرة التي يبلغ حجمها ربع حجم شعب كردستان حصلت على الحكم الذاتي من الحكومات العظمى كألمانيا، وإذا لم يحصل هذا الشعب العظيم على حقوقه من إيران فانه سيفضل الموت على الحياة، وسواء منحتْ أم لم تمنح حكومة إيران الكردَ حقوقهم فإنَّ الكرد سيجعلون كردستان تتمتع بالحكم الذاتي المستقل"(102).  إلا انه انهزم أمام الجيش الفارسي في عام 1922 فقصد أنقرة، وفي عام 1924 انضم إلى انتفاضة الشيخ محمود الحفيد ليدير الحرب ضد القوات الإيرانية والتركية والعراقية، إلى أن دعي يوم 21/ 6/ 1930 للتفاوض مع ممثل القوات الإيرانية في مدينة شنو، الذي دبر له مكيدة قتله فيها(103).

وخلَّف سمكو مجاهدون في القضية ابتداءً من أبنائه، إلا أن مصالح الاتحاد السوفيتي اقتضت دعم القضية بشكل غير متوقع أنتج عنه ظهور دولة مهاباد برئاسة القاضي محمد في 22/ 1/ 1946، وهذه لم يتعدَّ طموحها (الحكم الذاتي). وكان القاضي محمد (رئيسها) يدرك أهمية التجربة القومية العراقية للكرد السابقة لتجربته، لذا أرسل بطلب الملا مصطفى البارزاني ليصبح وزير دفاعه. فجاء الملا مصطفى ومعه عشيرته ومقاتلوه(104). وفي كانون أول 1946 سقطت جمهورية مهاباد، وفي 31/ 3/ 1947 اعدم قاضي محمد وشقيقه صدر قاضي وابن عمه سيف قاضي(105).

وكان الكرد يسعون إلى إقامة دولة كردية مسبقاً، وبناءً على ذلك اقترح المندوب السامي ببغداد في 12/ 12/ 1918 تأسيس دولة كردية(106). وبموجب عريضة موقعة من (40) قبيلة كردية قدمت إلى المندوب السامي السير آرنولد ولسون، تمت الموافقة بتعيين الشيخ محمود البرزنجي (الحفيد) حاكماً لها في السليمانية عام 1919(107). وتعد حركة الحفيد أولى الحركات القومية التي سعت إلى إنشاء دولة كردية في العراق، وقد شهدت تحركاته انتصارات ونكسات مختلفة ونفاه البريطانيون مرتين إلى الهند وإيران، ثم نفوه مرة ثالثة الى جنوبي العراق. ولم يكن الحفيد الا عدوا كبيراً للانكليز؛ ويؤثر عنه أن الحاكم الانكليزي عندما مدَّ يده ليصافحه، قام الحفيد بلفّ خرفة على يده ثم مدَّها لمصافحة الانكليزي ليبلغة بأنه نجس. وحدَّثني أحد أصدقائي في السليمانية أن الانكليز كانوا يدسّون في رجال الحفيد جواسيس انكليز يتكلمون الكردية على انهم كرد. وفي احدى المرات استفسر الحفيد من أحدهم عن شيء فأراد هذا أن يجيب بالنفي، فبدلا من أن يقول (نا = كلا) اضطرب فقال (نو = no ) فأمسك به الحفيد واكتشف العمل الجاسوسي.

وبعد الحفيد بزغ نجم القائد الكردي الخالد الملا مصطفى البرزاني الذي قاتل من اجل القضية الكردية في جبهات مختلفة بدول: إيران وتركيا والعراق، واستطاع أن يحقق الحكم الذاتي مع البعثيين في 11 آذار 1970. الا انه كان دون طموح الكرد، مما دفع الى الانتفاضة المسلحة الكبيرة التي أرعبت حكومة البكر وصدام ودفعتها إلى التنازل عن أي شيء يوقف الانتفاضة فحدثت مأساة عام 1975 بتخلي الشاه عن دعم الكرد وانتهاء الانتفاضة. وفي ذلك الوقت برز نجم قائد كردي آخر هو السيد مام جلال الطالباني الذي وعد باستمرار النضال الكردي.

وتحقق الحكم الذاتي والاعتراف باللغة الكردية لغة ثانية بعد سقوط المجرم صدام، وتم إعلان حكومة كردستان العراق بائتلاف الحزبين: الديمقراطي الكردستاني (البارتي) بزعامة رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني (اليكيتي) بزعامة رئيس الجمهورية السيد مام جلال طالباني.

ولم يذكر الفيليون في إيران والعراق ضمن أبطال أو ضحايا الفكر القومي وإقامة دولة كردية أو حكم ذاتي بالمفهوم القومي الحديث، وان كانت الإمارات الفيلية الخورشيدية وحكم الولاة تتمتع بنوع من الاستقلال. ولعل السبب بُعد فيليي إيران عن روسيا التي أنشأت دولة مهاباد الكردية، وكانت بريطانيا التي احتلت جنوبي إيران تتخوف من اقتطاع ارض اللر من إيران خشية فقد السيطرة عليها وانفلاتها منهم. كما أن الحكم الإقطاعي سبب حجب الفيليين عن المد القومي، وكانت الدولة العثمانية تساند هذه الاقطاعات لإبقاء الوضع الفيلي بعيداً عن العالم الذي صار يعي معنى الذات والحرية، ولأن هذه الاقطاعات لا تفكر بتشكيل دولة كردية قومية(108).

ولكن بعيداً عن الإمارات المتحالفة، فإن الشعب الفيلي منذ تقسيمه أو تقسيم مناطقه أو تبادلها بين الدولتين العثمانية والصفوية بعد معركة جالديران(1514) قابل ذلك بالانتفاضات والثورات المتلاحقة(109). وممكن عدّ تلك الانتفاضات والثورات ردّ فعل على تصرفات الشاه الذي بدأ منذ آذار 1922 سياسة قاسية مع زعمائهم تقتضي مصادرة أموالهم وانتزاعهم من أرضهم وتجريد فلاحيهم منهم ليصبحوا عرضة للفساد والرشوة والسياسة الوحشية التي دأب عليها موظفو الدولة الفرس(110). وثورة قدم خير في لرستان، وشامحمد ياري المعروف بـ(شامگه) في پشتكو (ايلام) عام 1929على رضا كانتا لدرء ظلم الشاه بحكم الكرد أنفسهم ضمنياً، وليس وفق رؤية وفكرة قومية.

أما في العراق فقد عملت بريطانيا على إلغاء قومية الفيليين وعدتهم فرساً لأنهم كانوا خارج أي تخطيط أو برنامج لها، ربما لأنهم لا يمتلكون مكاناً مستقلا كإخوانهم الكردستانيين، ولتخوفهم منهم لكونهم شيعة لهم امتداد في إيران، مما يفقد وجودهم التوازن العرقي والمذهبي في العراق. وكان فيليو العراق أكثر بعداً من إخوانهم فيليي إيران عن القومية، لأنهم بكل بساطة استعربوا. وكان شعورهم الداخلي بالكردية أو لدى أكثرهم قد دفعهم إلى مساندة أخوانهم كرد الشمال ففي المجال السياسي برز (الدكتور جعفر محمد كريم) الذي صار قيادياً في حزب (رز?اري كورد = حزب التحرر الكردي)، وكان من مؤسسي الحزب الديمقراطي  الكردستاني، وحبيب محمد كريم سكرتير الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعادل مراد وعبد الرزاق عزيز من أربعة مؤسسين للاتحاد الوطني الكردستاني. وانخرط الكثير من الشباب الفيلي في صفوف الپيشمرگه فكانوا كما وصفهم الملا مصطفى البرزاني (درعاً لكردستان)(111)، ولم يقوموا بنشاط لهم يماثل هذا النشاط سوى إقامة جمعيات فيلية أولها عام 1946، وفتح مدارس فيلية قبولها عام، وكتابة الشعر الحماسي باللغة العربية. 

  

ديانات الكرد

 في مجال الديانة ينقسم الكرد اليوم على خمس شعب: شعبة على المذهب الشيعي، وشعبة على المذاهب السنية والغالب المذهب الشافعي، وشعبة التزمت طرق الصوفية السنة، والشعبتان الأخيرتان انحرفتا عن خط الإسلام وهما: العلي اللهية واليزيدية. وكان توزيع الفيليين دينياً كالآتي: أكثر من 75% على المذهب الشيعي، و17% على المذاهب السنية، و5% على مذهب أهل الحق والعلي اللهية(112)، والنسبة المتبقية تشمل الأديان الزرادشتية واليزيدية واليهودية والمسيحية(113).

 

التشيع

بدأ التشيع كوفياً ثم عراقياً، وكان الفيليون العراقيون أو أغلبهم من أوائل المتشيعين مع العرب لانصاف الامام اياهم في روايات كثيرة مشهورة. وكان حب الإمام علي وأهل بيته في قلوب الكوفيين يفوق وفاءهم ومنحهم، لذلك خذلوهم بدءاً بالإمام علي فالحسن فالحسين فزيد فيحيى فالنفس الزكية.. وكل الثوار. على أن التشيع منحى وفكراً، أخذ بعده هذا بعد خلافة الإمام علي وبعد معاناة الكوفيين من الأمويين باعتبارهم جيش الإمام وجماعته، وشعورهم بالندم والتقصير إزاء الإمام علي الذي لم يروا مثل حكمه(114).

وفي الوقت الذي عاشت فيه الكوفة الحب والخذلان المزمن، كانت إيران سنية. وإذا فارقت الهوى الأموي في مناطق منها فإنها اعتنقت (التشيع العباسي) وكان الإمام جعفر الصادق (ع) يائساً مع هذا التشيع أن يحظى بنصرتهم، لذا أخبر عبد الله بن الحسن المحض أن شيعة إيران (ليست بشيعتنا)(115).

وعلى يد الإمام جعفر الصادق ثم ابنه الإمام موسى الكاظم (عليهما السلام) تبلور التشيع مذهباً فقهياً، الا انه عُلِّق مع مذاهب أخرى منذ زمن أبي جعفر المنصور حين أصدر مرسوماً يقضي بعدم جواز العمل بغير المذاهب السنية، وهذا الأمر يفسر أن رجالات شيعية بعضهم من السادة ذرية أهل البيت على مذاهب سنية، فالمذهب الشيعي لم يكن معمولا به في الظاهر. وقد طرح الصفويون المذهب الجعفري مذهبا خامساً طرحاً سياسياً على يد عباس الصفوي في القرن السادس عشر الميلادي(116).

وإذا أبدى الفرس تشيعاً صادقاً لوجود مهاد حقيقي لحب أهل البيت في دواخلهم، فان نوايا الشاه لم تكن صادقة؛ فانه أراد مذهباً موافقاً لمذهب أكثر العراقيين بهدف إغرائهم بالعثمانيين للوصول إلى المياه الدافئة (حلم إيران التاريخي). والشاه عباس الصفوي يشبه في عمله هذا فردناند وإيزابيلا الاسبانيين في فرضهما المذهب الكاثوليكي على اسبانيا لتوحيدها تحت لون مذهبي ديني واحد بعدما قضوا على الإسلام في اسبانيا، فهما: الشاه والملكان الاسبانيان أصحاب برنامج سياسي ذي مدى طويل، وكان لهما ما أرادا ونجحا في صنع بلاد متماسكة إلى اليوم، في حين لم يحقق هذا أو يلتفت إليه العرب في اسبانيا وفي المشرق، فكانت الحكومات عبارة عن أسر تحكم ثم تنتهي ودواليك دون إعارة موضوع وحدة الأمة عرقياً ودينيا أهمية.

واذ كان الفيليون العراقيون من اوائل المتأثرين بالامام علي والمتشيعين له، فقد انتقل التشيع عبرهم الى فيليي الجبل فتشيع اغلبهم. وفي وقت متقارب انتقل الغلو بالامام إلى أرض الجبل ليصبح قسم منهم مغالين في الإمام علي (أهل الحق) أو (علي اللهية) وهم عشائر (?وران)(117).

 

مذاهب أهل السنة

وكان الكرد السنة اغلبهم على المذهب الشافعي بدليل قول البدليسي "والأمة الكردية جميعها تتمذهب بمذهب الإمام الشافعي"(118)، ثم كان للعثمانيين أثر في انتشار مذهب أبي حنيفة النعمان ولاسيما بعد إعلان سلاطين العثمانيين الخلافة الإسلامية. والسبب في ذلك أن الإمام أبا حنيفة النعمان أجاز خلافة غير العربي وهو ما لم تجزه المذاهب الاخرى؛ فالمتفق عليه أن الخلافة في فهر قريش حصراً، بل يرون من الفرض في علم النسب أن يعلمَ المرء أن الخلافة لا تجوز إلا في ولد فِهر بن مالك بن نضر بن كنانة(119). وربما كان اتخاذ العثمانيين المذهب الحنفي مذهباً رسمياً بعد السلاجقة لكون المذهب الحنفي يصلح أن يكون دين دولة(120).

ولم تفلح جهود الصفويين في فرض التشيع على الكرد السنة مثلما نجحوا في فرضه على الفرس؛ يذكر البدليسي أن السلطان (ادريس) سلطان بدليس حين وصله مرسوم الشاه القاضي بفرض التشيع قال جملة بشأن المذهب الشيعي طارت في الآفاق حتى وصلت الشاه نفسه وهي (مذهب نا حق = مذهب باطل). وحين وصلت العبارة الشاه استشاط غضباً غيرة على برنامجه الكبير وليس على المذهب الشيعي، فأعماله لا تمتُّ إلى الإسلام بصلة. وقد أدرك السلطان الكردي خطر عبارته فأجاب الشاه بحذلقة لغوية ناسخاً جملته الكردية (مذهب نا حق) وزاعماً انه سبكها سبكاً عربياً هو (مذهبنا حق) فانفرجت أسارير الشاه وأمن السلطان الكردي العقاب(121)! وفي الحالتين هو أصر على المذهب الشافعي وبقي عليه.

 

الطرق الصوفية

على الرغم من الاختلاف في مصدر التصوف هل هو عربي أم ايراني، لكن المؤكد أنه من الميادين التي تجلت فيها إسهامات الإيرانيين في أروع صورها، وتصوفهم عرفاني أكثر منه سلوكياً(122)، لذا عرف التصوف الشيعي بـ(العرفان الشيعي) مقابل (التصوف السني), وفي كتاب (أوصاف الأشراف)  لنصير الدين الطوسي (ت 672هـ) امتزجت أفكار المدرسة الأفلاطونية بالمذهب الشيعي لأول مرة(123)، وقد انتشرت الطرق الصوفية منذ القرن الرابع الهجري(124). والتصوف عموماً منتقى من كثير من الاتجاهات الفلسفية والدينية، وفي هذا سواء (العرفان الشيعي) و(التصوف السني)(125)، وهذا يفسر وجود مصطلحات هي أقرب إلى الفلسفة منها إلى الدين. وقد شاعت طرق تصوف كثيرة أهمها: النقشبندية والقادرية والسهروردية والكبروية والجشتية والطاووسية والمهنية والطريقة المغربية. إلا أن الطريقتين الأوليين (القادرية) و(النقشبندية) كانتا أكثر شيوعاً بين الكرد.

وتعود الطريقة القادرية إلى العابد عبد القادر الگيلاني (ت 561هـ)، وأول من نشر الطريقة في كردستان العلامة محمد معروف النودهي (ت 1838م) من قرية (نودي) في السليمانية(126)، وهو الجد الأعلى للشيخ محمود الحفيد. وظل مستمراً في أحفاد هذه الأسرة منصباً شيخُ الطريقة وسادن الحضرة (قبر الگيلاني)، وكانت الدولة العثمانية تخلع عليه لقب (نقيب الأشراف) ومنهم عبد الرحمن النقيب الذي أصبح رئيس الوزراء في العهد الملكي. ويعدّ شيوخ البرزنچة والطالبانية من شيوخ الطريقة القادرية(127).

أما الطريقة النقشبندية فقد أوجدها العارف خواجة محمد النقشبند بهاء الدين البخاري (ت 790هـ)(128). وقد حظيت طريقته بقبول السنة، وأول من أدخلها إلى كردستان مولانا خالد ابن أحمد بن حسين من عشيرة الجاف. وكانوا يطلقون على مريدي هذه الطريقة (الصوفية)، بينما يطلقون على مريدي الطريقة القادرية (الدراويش)(129).

وشاعت في السليمانية أيضاً (الطريقة الكسنزانية)، وكنتُ قد تعرفتُ إلى هذه الطريقة عن طريق بعض مريديها، وكانوا من مناطق مختلفة سنية وشيعية، إلا أنهم ينكرون التشيع والتسنن معاً ويجعلون التصوف بديلا من المذهبية على حد قولهم.

والملاحظ أن القيادات الكردية كانت تجمع الرئاسة السياسية الى الرئاسة الدينية لغرض جمع الكلمة عن طريق التأثير الروحي للقائد في الرعية؛ فولاة پشت?و كانوا يدَّعون (العلوية) لما يكنه الشيعة لأهل البيت، وذكر نجم سلمان ان بحوزتهم وثيقة تثبت كونهم من نسل العباس بن علي(ع) ولكنه فندها(130). ويقابل ذلك الزعامة الصوفية لدى القادة الكردستانيين فقد " أصبحت بارزان المقر الرئيس للطريقة النقشبندية التي رأسها شيخ بارزان فأصبحت لديهم السلطة الروحية والزعامة القبيلية"(131).

 

العلي الهية

وهم يعدّون من الغلاة لأنهم يرون الإمام علي بن أبي طالب إلهاً أو ليس أقل من اله(132)، وحسب الدراسات أنهم يعتقدون بأن الإلوهية ظهرت سبع مرات في العالم، وفي إحدى هذه المرات ظهرت في (الإمام علي)، وانه يظهر مع كل إله أربعة ملائكة لهم الصفات العامة للإله، وان كشف الأسرار لم يتم في زمن علي بل بعده. ويعتقدون بتناسخ الأرواح؛ فالموت كالوزة تختفي في الماء وتظهر في مكان آخر(133).

وممكن إرجاع هذا المذهب إلى زمن الإمام علي (ع)؛ ذكر ابن أبي الحديد أن أول من جاهر بالغلو في أيامه (عبد الله بن سبأ) قام إليه وهو يخطب، فقال له: أنتَ أنتَ! وجعل يكررها، فقال له: ويلك! من أنا؟ فقال: أنت الله، فأمر بأخذه وأخذ قوم كانوا معه على رأيه(134). وذكر ابن أبي الحديد أيضا أن الإمام مر بقوم وهم يأكلون في شهر رمضان نهاراً، فقال: أسَفْر أم مرضى؟ قالوا: ولا واحدة منهما قال: أفمن أهل الكتاب أنتم؟ قالوا: لا، قال: فما بال الأكل في شهر رمضان نهاراً! قالوا: أنتَ أنتَ! لم يزيدوه على ذلك، ففهم مرادهم فنزل عن فرسه، فألصق خده بالتراب، ثم قال ويلكم إنما أنا عبد من عبيد الله، فاتقوا الله، وارجعوا إلى الإسلام، فأبوا فأحرقهم بالنار(135). وهذه الرواية تتفق مع كون معتقدهم خالياً من العبادات. ويدلل على انتشار مذهب الغلو بين الفيليين ما رواه غير واحد من أن ابن عباس أو غيره تشفعوا لابن سبأ (مع تحفظنا في أمر شخصيته) وقالوا انه تاب، فأطلقه واشترط أن لا يقيم في الكوفة فنفاه إلى المدائن(136)، وكان الفيليون يمثلون غالبية سكان المدائن (طيسفون)(137)..

ويطلق على قديسيهم لقب (باوه) ولاسيما قديسي الكاكائية التي هي في الأصل طريقة صوفية من ناحية التنظيم والمنشأ التاريخي انبثقت عن الگوران، ومؤسسها (سلطان إسحاق) الابن الأصغر للشيخ عيسى البرزنجي المسمى (القطب الأعظم)(138)، فهي ألصق بالفيليين.

وللعلي اللهية أماكن مقدسة مثل (قبلة قرية ?ير ديور)، وعين مقدسة يسمونها (كسلان)، ومزار (بابا يادگار) (رجل الأسرار وصاحب الطلسم) غربي زهاو (سربيل زهاب)(139). ويقول ليرخ: " إن العلي اللهية يصومون ثلاثة أيام في الشهر ولديهم معابد يؤمونها للعبادة من أشهرها: يادينو، ودوهاني، وداود(140). وينفي السيد الخامنئي عنهم أي عبادات في قوله :" وهم يؤمنون بالدعاء وطلب الحاجة بديلا من الصلاة والصيام فليست عندهم عبادات"(141) وأنا سألتُ أحدهم في (بمو) عن عباداتهم فأخبرني أن دينهم خالٍ من العبادات. وإذا كانت عندهم عبادات فهي ليست كالعبادات في الإسلام، لأنهم قدموا الإمام علي على الله (جلّ وعزّ). وربما تعويضاً عن العبادة أكثروا من الشعر الوجداني العبادي، ويعيش العلي اللهيون في غربي إيران، وشمالي وشرقي العراق، وفي سوريا، وفي منطقة (قارس) من روسيا(142).

 

اليزيدية

ويسميهم البعض (ايزدية)، ولكن الاول أشهر تداولاً وشعبية ولدى اغلب الباحثين قدماء ومعاصرين. وقد ذكرهم صاحب شرفنامه بقوله: هناك طوائف وجماعات وألوسات (قبائل) تابعة لولايتي الموصل والشام، أمثال (الطاسنية – داسني) و(الخالدية) و(البسيانية – البهسينية)، وقسم من عشائر: (بختي) و(محمودي) و(دنبلي) ينتحلون النحلة اليزيدية، وهم من جملة مريدي (الشيخ عدي بن مسافر) من أشياع الخلفاء المروانية الذين حكموا ديار بكر والجزيرة منذ أواسط القرن الخامس الهجري وحتى نهايته. غير أن لهم فيه اعتقادا زائغا هو إن الشيخ عديا الذي دفن في جبل (لالش) من أعمال الموصل قد تحمل صومنا وصلاتنا وسيذهب بنا يوم القيامة إلى الجنة دون أن  يعرض علينا عتاب أو عقاب"(143).

وكانوا يُسمَّون بالعدوية نسبة إلى عدي بن مسافر، وحتماً كانوا مسلمين معه فهو من العِباد الصالحين، إذ يقول فيه الشيخ عبد القادر الـ?يلاني " لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة لنالها عدي بن مسافر"(144). وذكر السمعاني انه شاهدهم يصلون في جوامع خاصة بهم(145). وإنما اخذوا يبتعدون عن الإسلام ويغالون بعديِّ بن مسافر بعد وفاته(146). وهم يقيمون مراسيم حجهم عند ضريح الشيخ عدي فيغنون أغاني حزينة ومهيبة، بموسيقى عذبة وحماسية، حيث تندغم أصوات الناي بانسجام مع أصوات الرجال والنساء وهي تنقطع في فواصل زمنية متساوية بضربات الدفوف والأجراس(147).

ولا يمكن اليوم عدَّهم مسلمين، وأذكر أن أحد اليزيدية قالوا له أنت مسلم، فانزعج انزعاجاً كبيراً لا ينزعج مثله مسلم قيل له أنت يهودي!! وهم يتكلمون الكردية والعربية معاً، ويسكنون في سنجار وجزيرة ابن عمر وحكاري وعين سفني والشيخان والقوش وغيرها من توابع الموصل، ويشكلون خمس كرد روسيا(148).

ويوجد فيليون منهم حسب رواية الأستاذ عبد الواحد فيلي الذي عاش في مناطقهم، ويضيف الأستاذ عبد الواحد أنهم لا يجاهرون بيزيديتهم فيقولون نحن شيعة للشيعة، ونحن سنة للسنة. وهذه الرواية تتطابق مع رواية السمعاني انه لقي في جبال حلوان ونواحيها جماعة من اليزيدية، وذكر أنهم يعتقدون في يزيد بن معاوية الإمامة وكونه على الحق، ورأى جماعة منهم في جامع المرج وقد حضروا للصلاة، ونقل عن الحسن بن بدار البروجردي (نسبة الى بروجرد مدينة فيلية) أن احد اليزيدية سأله رأيه في يزيد، فقال له البروجردي: أيش أقول لمن ذكره الله في كتابه في عدة مواضع حيث قال (يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء) وقال (وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) فأكرموه وقدموا له الطعام الكثير(149).

وأرى وجود جامع بين العلي اللهية واليزيدية، وهو أن النِّحلتين تغذتا من الإسلام وخلطته بديانتيهما الكردية القديمة. فالعلي اللهية خلطوا ديانتهم الكردية القديمة - كما يبدو من اتباعهم مراسيم عقيدة قديمة جداً -(150) بمذهب غلاة الشيعة فأنتجوا مذهب (علي الله). واليزيدية خلطوا ديانتهم الكردية القديمة التي كان اغلب الكرد عليها قبل اعتناقهم الدين الإسلامي(151) وهي من مذاهب قديمة في بلاد ما بين النهرين(152)، بالتصوف السني تأثرا بالشيخ عدي بن مسافر الأموي (ت555هـ) وغالت به فأنتجت (اليزيدية).

 

المسيحيون

ويوجد من الكرد مسيحيون إلا أنهم فئة قليلة، وكان هؤلاء الكرد قد اعتنقوا الديانة المسيحية في القرن الثالث الميلادي وبخاصة مدينة (شاهكرد) بين أربيل وداقوق، وقرية (الثمانين) قرب جزيرة ابن عمر(153)، إذ كانت المسيحية ديانة من ديانات كثيرة منتشرة في هذه المنطقة. كما غيَّر كرد في الثغور ديانتهم الإسلام واعتنقوا المسيحية استجابة لرغبة الإقطاعيين لإقامة علاقات مع المسيحيين بغية الحفاظ على مصالحهم وممتلكاتهم(154). ويوجد في الفيليين مسيحيون ايضاً كما يؤكد ذلك فيليون عاشوا في تلك المناطق، وهذا يؤكد رواية صاعد الأندلسي الذي يقول: إن المسيحية واليهودية استمرت في العصر العباسي في بقاع منها إقليم الجبال(155) (موطن الفيليين).

 

.....................

الهوامش

(1) لفظة (كرد) جمعٌ كرديّ، والجمع العربي (كرد) و(أكراد). وقد آثرنا في كتابنا استعمال (كرد) لأنها أكثر خصوصية كردية، إلا اذا نقلنا من مصدر أو مرجع يذكرها بالجمع العربي الثاني. كما ملنا إلى  استعمال الصيغة الإملائية (كرد) بدل (كورد) التي يستعملها أخواننا في كردستان، إذ أنهم يجعلون في كتابتهم الحروف بدل الحركات التي في العربية، فالهاء بدل الفتحة والواو بدل الضمة مثل: (عه‌لي)(عومه‌ر). وما دمنا نكتب بالعربية ونستعمل الحركات فلا موجب لكتابة (كورد)، بل سيكون ذلك خطأ واضحاً، ولست مع د. برهان الشاوي في بحثه (الكورد وليس الكرد) كما بينا، وهو ما تؤكده المؤلفات العربية التاريخية والأدبية.

(2) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص15.

(3) ينظر: كردستان والأكراد – دراسة سياسية واقتصادية، د. عبد الرحمن قاسملو ص12.

(4) هاجرت هذه القبائل بسبب الجفاف من مناطقها الأصلية، وكانت هجرتها على شكل موجات، وتقسم إلى:

أولا- المجموعة الشرقية وتسمى (الهندوآرية)، وتتضمن: الميتانية والسنسكريتية والميدية والأخمينية.

ثانياً- المجموعة الغربية وتسمى (الكانتوم)، وتتضمن:

1-       اللغات الجرمانية: الألمانية، الانـ?ليزية، الدنمركية، البلجيكية، الهولندية، واللغات الاسكندينافية.

2-       اللغات السلافية: الروسية، البولندية، الـ?يكية، السلوفاكية، واليوغسلافية.

3-       اللغات اللاتينية (الرومانية): الايطالية، الفرنسية، الاسبانية، والبرتغالية.

4-       اللغة اليونانية: وهي لهجة مستقلة من اللغات الهندوأوروبية ومثلها الأرمينية والألبانية.

5-       اللغات الكلتية: وأهمها الايرلندية.

(نقلا من كتاب: تاريخ اللغة الكردية، ص6- 7).

(5) ينظر: كوردستان والأمة الكردية، ص208.

(6) الكرد والدولة العثمانية، ص52.

(7) الكرد والدولة العثمانية- موقف علماء كردستان من الخلافة العثمانية، ص49- 51.

(8) شرفنامه، ص83 (هامش).

(9) الكرد وكردستان، ص26.

(10) الكرد وكردستان، ص30.

(11) الكرد والدولة العثمانية، ص52.

(12) تاريخ سياسي اجتماعي كردهاي فيلي، ص35.

(13) تاريخ اللغة الكردية، زبير بلال إسماعيل، ص12.

(14) تاريخ اللغة الكردية، ص12.

(15) كرد وترك وعرب، سي. جي أدمونز، ص12؛ مع الأكراد، ص18.

(16) عن لغة الكرد وتاريخهم – نقد في الثقافة الكردية، ص15.

(17) كوردستان والأمة الكردية، حسن كاكي، ص209.

(18) القبائل الكردية، ص15.

(19) كوردستان والامة الكردية، ص101.

(20) حول مسألة الإقطاع، ص33- 34.

(21) عن لغة الكرد وتاريخهم – نقد في الثقافة الكردية، صلاح سعد الله ص18- 19.

(22) مع الأكراد، توما بوا، ص7.

(23) الكرد، باسيل نيكتين، ص21.

(24) المرشد إلى مواطن الآثار – المرحلة الرابعة، طه باقر، ص20- 21.

(25) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص21.

(26) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص21 (المتن والهامش).

(27) الكرد، باسيل نيكتين، ص24.

(28) السوره ميري: عشيرة كردية فيلية تسكن القرى المحيطة بخانقين، وأصلها من كلهور.

(29) كوردستان والامة الكردية، ص106.

(30) المسألة الكردية في العراق، ص35.

(31) حول مسألة الإقطاع بين الكرد، ص31- 32.

(32) وفيات الأعيان، ج5، ص358.

(33) مع الأكراد، ص12.

(34) مع الأكراد، ص12.

(35) شرفنامه، ص40.

(36) الأخبار الطوال، الدينوري ص4- 5؛ شرفنامه، ص39- 40.

(37) ينظر: الكورد الفيليون بين الماضي والحاضر، ص9- 14؛ كوردستان والأمة الكوردية، ص113.

(38) الفيليون، 153.

(39) دراسات حول الأكراد وأسلافهم الخالديين الشماليين، ب. ليرخ، ص31.

(40) مخطوطات فريدة ومطبوعات نادرة، د. معروف خزنه دار ج1، ص65.

(41) اختلف في زرادشت، فبعضهم يراه نبياً صحيحاً بشّر بالمسيح (ع)، ومنهم من يراه نبياً كاذباً؛ فقد روي أن عمر بن الخطاب (رض) قال: ما أصنع بالمجوس وليسوا أهل كتاب؟.. وروى عبد الرحمن بن عوف عن النبي (ص) أنه قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، فلو كانوا أهل الكتاب لما قال "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" ولقال: هم أهل الكتاب. (أحكام القرآن، الجصاص ج2، ص412. ويرى (مطهري) أن زرادشت لم يكن موحداً بل كان اثنياً يؤمن بوجود الهين: اله للخير (مزدا) واله للشر (اهريمن) (الإسلام وإيران، آية الله مرتضى المطهري ص201. وقد يكون زرداشت موحداً ثم حرّفت تعاليمه، ومهما يكن من أمر فان الرسول (ص) أحلَّ الزواج من المجوس ولم يحلّه من المانويين لانحرافم، كما للامام علي (ع) في خطبه ردّ على افكار المانويين، وهذا يجعل زرادشت اقرب الى الصدق منه الى الكذب.

(42) الأ?ستا ومعربها (الابستاق) تتكون من جزءين: الأول (الگاتها= الـ?اتات) وهي منظومات وعظية كتبها زرادشت بنفسه باللغة الميدية الرئيسة، والثاني كتبه علماء الدين بعده بلهجات محلية. فلغة الگاتها هي أقدم شكل معروف للغة الكردية. وذكر المسعودي أن زرادشت كتب الأ?ستا بـ(60) حرفاً، ولما عجزوا عن فهم كتابه كتب تفسيراً له أسماه (بازند)، ثم عمل علماؤهم بعد وفاته تفسيراً لتفسير التفسير وشرحاً لسائر تلك الكتب أسموه (بارده). (مروج الذهب ومعادن الجوهر، المسعودي، ص252.

(43) الأكراد ملاحظات وانطباعات، ص37.

(44) دراسات حول الأكراد وأسلافهم الخالديين الشماليينص9.

(45) لسان الكرد، ص19وما بعدها.

(46) عن لغة الكرد وتاريخهم ص11.

(47) عن لغة الكرد وتاريخهم ، ص12.

(48) تاريخ اللغة الكردية، زبير بلال اسماعيل ص30.

(49) معجم البلدان، ياقوت الحموي، ج4، ص281.

(50) جدل الهويات، ص269.

(51) شرفنامه، الأمير شرف خان البدليسي، ص78 (هامش).

(52) لسان الكرد ، ص62.

(53) تاريخ اللغة الكردية، ص38.

(54) كرد وترك وعرب- سياسة ورحلات وبحوث عن الشمال الشرقي، ص7

(55) لسان الكرد، ص6.

(56) القبائل الكردية، ص17.

(57) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص43.

(58) الكرد.. دروب التاريخ الوعرة (الجزيرة نت- الملفات الخاصة -، 2006) ص2.

(59) قال الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين):" وقد علمْنا أنّ أخطبَ النَّاسِ الفرس وأخطبَ الفرس أهل فارس، وأعذبَهم كلاماً وأسهلهم مخرجاً وأَحسنهم دَلاّ وأشدَّهم فيه تحكماً، أهلُ مرو، وأفصحَهم بالفارسية الدَّرِيَّةِ، وباللغة الفَهْلَويّة، أهلُ قصبة الأهواز... قالوا: ومَن أحبَّ أن يبلُغ في صناعة البلاغة، ويعرفَ الغريب، ويتبحَّرَ في اللغة، فليقرأ كتاب كارْوَنْد، ومَن احتاج إلى العقل والأدب، والعلم بالمراتب والعِبَر والمَثُلات، والألفاظ الكريمة، والمعاني الشريفة، فلينظُرْ في سِيَر الملوك" (البيان والتبيين، ج3، ص13- 14).

(60) كردستان والأكراد، ص13.

(61) الصراع العثماني الفارسي وأثره على العراق في القرن الثامن عشر، علاء موسى كاظم، رسالة دكتوراه، ص256.

(62) المشكلة الكردية في الشرق الأوسط منذ بدايتها حتى سنة 1991، ص12.

(63) شرفنامه، ص44.

(64) ينظر: العمدة في محاسن الشعر آدابه، ، الحسن بن رشيق القيرواني ج2، ص137.

(65) فقه القرآن، القطب الراوندي ج1، ص291.

(66) فتح الباري، ابن حجر، ج7، ص157.

(67) سبل الهدى والرشاد، الصالحي الشامي، ج1، ص 314 نقلا عن الترمذي وأحمد والطبراني وابن كثير وغيرهم.

(68) الصحاح، ج2، ص506.

(69) جمهرة أنساب العرب، ابن حزم الأندلسي ص7.

(70) الكرد، باسيل نيكتين، ص24.

(71) الكوت في التاريخ، راضي الطباطبائي، ص53- 54 (مخطوط).

(72) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد ج1، ص128.

(73) الكرد وكردستان، ص31.

(74) مع الأكراد، ص16.

(75) مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، طه باقر، ص82.

(76) دراسات حول الكرد وأسلافهم الخالديين الشماليين، ص32.

(77) الكرد، باسيل نيكتين، ص20.

(78) الكرد وكردستان، ص22.

(79) عشائر العراق، ص243.

(80) الكرد والأكراد، ص60.

(81) جدل الهويات، ص54.

(82) الكرد، باسيل نيكتين، ص30- 31.

(83) ضوء على شمال العراق، نعمان ماهر الكنعاني ص16.

(84) الكرد..دروب التاريخ الوعرة، ص49.

(85) لسان الكرد، ص62.

(86) ديوان أبي نواس، ص491.

(87) تاريخ اللغة الكردية، ص38.

(88) الكرد وكردستان، ص25، 41.

(89) قافلة من شهداء كردستان ايران، كريم حسامي، ص13.

(90) الكرد والدولة العثمانية، ص73.

(91) الثورة العباسية، فاروق عمر، ص248- 249.

(92) الجيش في العصر العباسي الأول، 132- 232، د. محمد عبد الحفيظ المناصير، ص94- 95.

(93) معجم البلدان، ج1، ص138.

(94) كنز العمال، المتقي الهندي ج12، ص47.

(95) اتخذ الساسانيون (كرمنشاه الفيلية) عاصمة لهم، لذا يردد المثقفون الفيليون في إيران والعراق أن الساسانيين كرد فيليون وليسوا فرساً. ونحن لا نقطع بفارسيتهم ولكن نجاري ما عليه الغالبية.

(96) الكرد.. دروب التاريخ الوعرة، ص81.         

(97) الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية، ص24.

(98) الكرد.. دروب التاريخ الوعرة، ص36- 37.

(99) الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية، ص13، 19.

(100) نهضة الأكراد الثقافية والقومية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، جليلي جليل، ص109.

(101) ينظر: الكرد.. دروب التاريخ الوعرة، ص45.

(102) الكرد وكردستان، ص393.

(103) الكرد.. دروب التاريخ الوعرة، ص78.

(104) الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية، 268.

(105) الكرد وكردستان، ص419.

(106) الكرد وكردستان، ص390.

(107) الكورد والأحداث الوطنية في العراق خلال العهد الملكي (1921- 1958) ص17.

(108) الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية، ص44.

(109) الجمعيات والمنظمات والأحزاب الكردية، ص83.

(110) تاريخ الأكراد، ص202.

(111) جواهر الكلام، آراس جواد كاظم (بغداد، 2012) ص70.

(112) يطلق على العلي اللهية (كاكائية) وعلى أهل الحق (يارسانية)، ومعنى كاكائي: الأخ والأخوة، ومعنى يارساني: المخلص والحبيب، والأسماء الأربعة (علي اللهي، كاكائي، أهل الحق، يارساني) مستعملة. واليوم اذا تسأل أحدهم: هل أنت علي اللهي؟ يقول: نعم، وان قلت له هل أنت (كاكائي)؟ يقول نعم أيضاً، وان قلت للشخص نفسه هل أنت من (اهل الحق)؟  يقول نعم. وهم يعرفون في سوريا ولبنان بالدروز، وفي تركيا وأذربيجان بالقزلباش.

(113) من منشورات حزب الوحدة الديمقراطي الكردي الفيلي.

(114) اختلفت الآراء في تاريخ التشيع وما اخترناه هو المرجح عندنا والأقرب إلى المنطق في تقديرنا.

(115) ينظر: عمدة الطالب، ابن عنبة، ص102.

(116) تاريخ الكرد الحديث، ص46.

(117) تاريخ الكرد الحديث، ص140.

(118) شرفنامه، ص41.

(119) جمهرة أنساب العرب، ابن حزم الأندلسي، ص2.

(120) حقوق أهل الذمة في الفقه الإسلامي، تامر باجن أوغلو ، ص53.

(121) شرفنامه، ص549.

(122) التصوف عند الفرس، د. إبراهيم الدسوقي شتا، مجلة كتابك، العدد 62، ص3.

(123) التصوف عند الفرس، الدكتور إبراهيم الدسوقي، مجلة (كتابك العدد 62، دار المعارف، ص10.

(124) ثمار القلوب، الثعالبي، ص238.

(125) لقد شيعني الحسين، إدريس الحسيني المغربي، ص88.

(126) الأعلام، خير الدين الزر?لي، ج7، ص105.

(127) العشائر العراقية، ص132- 133.   

(128) شرح إحقاق الحق، السيد المرعشي، ج1، ص191.

(129) العشائر العراقية، ص132- 133.   

(130) ينظر: الفيليون، نجم سلمان مهدي، ص27- 28. وملخص الاخطاء الفادحة في شجرة النسب هذه ان (عبد الله) الذي تصل به شجرة الولاة بالامام العباس (ع) هو أخ  للعباس وليس ابناً له، وبينه وبين (حسين خان) رأس الولاة الفيليين (982 سنة) موزعة على (11) ظهراً فقط! أي سيكون بين كل شخص وابنه نحو (89) سنة وهو خارج عن المعقول!!

(131) البارزاني والحركة التحررية الكردية – انتفاضة بارزان الاولى، مسعود البارزاني، ج1، ص18.

(132) أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص98.

(133) الأكراد- ملاحظات وانطباعات، ص58.

(134) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد ج5، ص6.

(135) شرح نهج البلاغة، ج5، ص6.

(136) شرح نهج البلاغة، ج5، ص6؛ اللباب في تهذيب الأنساب، ابن الأثير ج2، ص98؛ الملل والنحل، الشهرستاني، ج1، ص174.

(137) جدل الهويات، سليم مطر، ص269.

(138) العشائر الكردية، الاستخبارات البريطانية، ص89 (الهامش).

(139) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص58- 59.

(140) دراسات حول الأكراد واسلافهم الخالديين الجنوبيين، ص45.

(141) أجوبة الاستفتاءات، السيد علي الخامنئي، ج1، ص98.

(142) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص56.

(143) شرفنامه، 41- 42.

(144) دفاع من وحي الشريعة ضمن دائرة السنة والشيعة، السيد حسين الرجا ص257.

(145) الأنساب، السمعاني، ج5، ص693.

(146) دفاع من وحي الشريعة ضمن دائرة السنة والشيعة، ص257.

(147) ينظر: دراسات حول الأكراد وأسلافهم الخالديين الجنوبيين، ص37.

(148) الأكراد ملاحظات وانطباعات، ص15.

(149) الأنساب، للسمعاني، ج5، ص693.

(150) الأكراد- ملاحظات وانطباعات، ص52.

(151) الكرد، باسيل نيكتين، ص208.

(152) الأكراد- ملاحظات وانطباعات، ص56.

(153) الأكراد في عهد عماد الدين زنكي، الدكتور محمد فتحي الشاعر، ص19.

(154) الأكراد، ص137.

(155) طبقات الأمم، صاعد الأندلسي، ص17.

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2285 الاحد 25 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم