دراسات وبحوث

جدلية الهوّية والمواطنة في مجتمع متعدّد الثقافات (3-3)

abdulhusan shaaban4- المواطنة تاريخياً!: يعود جذر كلمة المواطنة إلى الوطن، وهذا الأخير يكاد يكون ملتبساً أو متماهياً مع مفهوم الدولة، فالدولة هي الإطار التنفيذي والمؤسساتي للوطن، وبالطبع فهي تختلف عن نظام الحكم أو الحكومة بمعنى السلطة.

الوطن هو " المتّحد" الجغرافي الذي تعيش فيه مجموعات بشرية، قومية ودينية وسلالية ولغوية متنوعة أحياناً ومختلفة، أي (شعباً) يسكن في أرض (الإقليم) ولديه سلطة أي (حكومة) ويتمتع بالسيادة أي بحقه في تقرير مصيره دون تسلّط، وهذا المفهوم أقرب إلى فكرة الدولة العصرية. والوطن ليس علاقة عابرة أو ظرفية أو مؤقتة، بل هو مجموعة العلاقات الإنسانية والعاطفية والثقافية والمادية المتحددة في إطار هوّية معينة عمودياً وأفقياً وكل إنسان يوجد في وطن أو يكون منتمياً إلى وطن، ولكن لا يولد المرء مواطناً، بل يكتسب هذه الصفة داخل مجتمعه، لاسيّما من خلال مشاركته واعتماداً على مبادئ الحرية والمساواة والعدالة، والمواطنة في نهاية المطاف هي مجموع المعايير الحقوقية والقانونية المدنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، التي تمكّن الفرد من الانخراط في مجتمع والتفاعل معه إيجاباً والمشاركة في إدارة شؤونه، وهو ما نطلق عليه مصطلح المواطنة العضويّة!

لم يظهر مفهوم الجنسية بوصفها رابطة قانونية وسياسية وأداة للتمييز بين الوطني والأجنبي إلا في وقت متأخر ويرجعه البعض إلى بداية القرن التاسع عشر[32] وقد تعاظم الاهتمام بذلك بتوفير الحماية الفعالة للأفراد.

وإذا كانت الرابطة بين الفرد والجماعة سابقاً تقوم على اعتبارات دينية أو تاريخية "انحدار من أصول معينة" أو الإقامة في رقعة جغرافية بصورة استقرار دائم، فإن العلاقة اتخذت شكلاً آخر في الدولة الحديثة، لاسيّما في إطار فكرة المواطنة.

ففي العهود القديمة كانت الأسرة هي التي تمثل الخلية أو الوحدة التي يجتمع في نطاقها الأفراد، وعن طريق تجمع الأسر تنشأ العشيرة أو القبيلة التي تجمع الأصول العائلية والديانة والاستقرار.

أما مفهوم الأجنبي سابقاً فهو يختلف عن مفهوم الأجنبي حالياً، ففي تلك العهود كان مفهوم الاجنبي هو كل من لا يرتبط مع أفراد القبيلة أو العشيرة بالعوامل المذكورة، مما كان يمكن اعتباره عدواً يستحق القتل أو خصماً يستوجب ابعاده، وظلّت العوامل والأسس العرقية سائدة حتى بعد اجتماع العشائر أو القبائل في مدينة واحدة يحكمها شخص او مجموعة أشخاص كما هو شأن أثينا وسبارطة.

في كتاب " القوانين" يخضع أفلاطون القانون لصالح المجتمع أكثر مما يخضع للأخلاق السامية المجردة. أما أرسطو ففي كتابه " السياسة" يؤكد على ضرورة أن تكون القوانين رشيدة وتلائم "مجتمع الدولة" [33] .

كان المواطنون في بعض المدن اليونانية يتمتعون بحقوق المساواة أمام القانون Isnomia واحترام متعادل للجميع Isotimia وحقوق متساوية في التغيير Isogoria، وتلكم هي الحقوق الاساسية التي أصبحت معروفة في عالمنا المعاصر [34] .

لكن ذلك لم يمنع التمييز بين السادة (النبلاء) وهم المواطنون والعبيد وفئة ثالثة هي المحاربون أو الجند. إعتقد اليونانيون بتفوقهم على سائر الشعوب لذلك كانت الحروب والفتوحات هي أساس العلاقة مع الغير، الآخر، الاجنبي.

حاول الرواقيون الذين اهتموا بالكون والأخوة العالمية أن يربطوا هذه "الحقوق" بالعقل للكائن البشري، في محاولة لتحجيم التمييز.

أما في العهد الروماني فقد كان التمييز بين ثلاثة طوائف:

1-المواطنون، وهم الرومان من سكان عاصمة الامبراطورية.

2-الرومان خارج مدينة روما، ويطلق عليهم اللاتينيون، وإن كان لهم حق التمتع بالحقوق المدنية والسياسية، الآّ أن الأمر يتوقف على تجنيسهم.

3- البرابرة أو طائفة الأجانب، وهم سكان المناطق المحتلة الذين يخضعون للامبراطورية الرومانية، فهؤلاء يتبعون لقانون خاص بهم يسمى قانون الشعوب Jus Gentium وهو يعتبر استمراراً لفكرة القانون الطبيعي اليونانية التي اقتبسها شيشرون من الفلسفة الرواقية، بالتأكيد على مبدأ العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه[35]وفي الواقع فلم يكن رعايا الشعوب يتمتعون بأية حماية قانونية.

أما في القرون الوسطى وتفتّت المجتمع اليوناني- الروماني فقد لعبت الكنيسة بامكانياتها وتنظيمها دوراً كبيراً في تنظيم المجتمع، فقد قال القديس أوغسطين الذي عاش في القرن الخامس، وأنتج أعمالاً متميزة أن "العدالة الحقة" لا توجد في دولة ملحدة، مميزاً بين Concordia و Justicia أي بين " العدالة والحق".

خلال فترة هيمنة الاقطاع ازداد ارتباط الفرد بالارض بحيث أصبح الشخص تابعاً للاقطاعية التي يحكمها أمير أو سيد اقطاعي يملك الارض ومن عليها. ففي هذه الحالة اختفى التمييز الذي كان سائداً بين المواطن أو الوطني والاجنبي، حيث كانت سلطة الاقطاعي تنسحب على سكان المقاطعة بكاملها، وكان حكم كل أجنبي أن يغادرها خلال فترة محددة بموجب أمر من الاقطاعي، لكن الأمر اتخذ منحىً آخر بصعود الأنظمة الملكية التي ألغت النظام الاقطاعي وأصبح الأشخاص يرتبطون بالملك الذي يعتبر حاميهم والمدافع عنهم، في حين كانوا يدفعون له الضرائب ويؤدون الفروض العامة، مرتبطين بشخصه على نحو دائم وأبدي لا انفصام فيه. وقد اتسم عصر النهضة وبخاصة القرنين السادس عشر والسابع عشر باتساع ساحة الفكر السياسي والقانوني لمفكرين كبار مثل جان بودان في فرنسا وهوغو غروشيوس في هولندا وهوبز ولوك في انكلترا وغيرهم.

فقد اهتم بودان بفكرة السيادة في حين أعار غروشيوس اهتمامه للقانون الدولي ولفكرة الدولة والقانون، مؤكداً أن القانون الوضعي يخضع للقانون الطبيعي، أما هوبز فقد أكد على تلازم الحرية والضرورة وعلى الحاكم أن يسد احتياجات الرعية.

أما جان جاك روسو الذي هيأت أفكاره للثورة الفرنسية وبخاصة كتابه " العقد الاجتماعي" ومونتسكيو وكتابه " روح القوانين" فقد اتخذ اتجاهاً آخر، فحسب روسو في نظرية العقد الاجتماعي، أن للأفراد حقوق قبل أن يكونوا في مجتمع منظم، وأن بعض هذه الحقوق غير قابلة للتصرف وعلى الدولة مراعاتها ليس بسبب شروط العقد حسب، بل بسبب طبيعة الإنسان.

أما مونتيسكيو فقد دعا إلى فصل السلطات باعتباره حجر الزاوية في توفير الحرية مؤكداً على الرقابة على السلطات، في حين أكد روسو على مفهوم سيادة الشعب، وإذا كان الناس يولدون غير متساوين، فإنه بموجب العقد الاجتماعي يصبحون متساوين. وقد ذهب الفيلسوف الألماني كانت إلى تأكيد مفهوم الحرية الأخلاقية للإنسان ودور العقل مشيراً إلى إلزام الفرد ببعض التقييدات على حريته تامينا لحرية الغير[36] .

 

5- المواطنة في الإسلام

إذا كانت هذه المقدّمات ضرورية للتفريق بين حقوق المواطن وحقوق الأجنبي في موضوع الجنسية والمواطنة، فلا بدّ من وقفة سريعة عند تطور مفهوم المواطنة في الإسلام، خصوصاً في إطار الدولة العربية - الإسلامية، فالدولة في عهد النبي محمد (ص) بلورت وبخاصة عبر القرآن الكريم قواعد جنينية سياسية ودينية وقضائية لتنظيم المجتمع في عهد وساهمت السنّة أي أحاديث الرسول (ص) في الإجابة على الكثير من الأسئلة التي كان يطرحها المجتمع الإسلامي.

وتطوّر الأمر في عهد الخلافة الراشدية وبخاصة في عهد الخليفة أبو بكر(رض) التي دامت نحو سنتين. وترسّخت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض)، سواءً ما يتعلق بقضية العطاء في الغنائم وامتيازات المواطنة، وبخاصة المحاربين حيث اعتمد الخليفة الاول مبدأ المساواة دون اعتبار للقدم إلى الدخول في الإسلام أو القرابة من النبي (ص) أو البلاء في الحرب من أجل الإسلام، الأمر الذي خلق إحساساً اسمياً بالمساواة، شجع العديد من العرب على الالتحاق بالجيش الإسلامي [37].

أما أمور القضاء فقد جرى تقاسمها مع الخليفة عمر بن الخطاب (رض) واستحدث منصب مسؤول بيت المال، وسن عمر (رض) في عهده عدة قرارات منها مراتبية إعطيات وإيجاد ديوان للجند مشدّداً على مبدأ القدم في الإسلام والبلاء في خدمته والإنتماء العربي كمعيار للمواطنة أو لمفهوم الجنسية المعاصر.

واتّخذ الخليفة الثالث عثمان بن عفان (رض) التصنيف الذي اتبعه عمر بن الخطاب (رض) دليلاً للانتماء والمواطنة، بل زاد في تضييقه خصوصاً بشأن دور قريش التي نالت حصة الأسد في إعادة التعيينات السياسية والعسكرية، وهو النهج الذي حاول الإمام علي (رض) التوقف عنده، إلاّ أن اندلاع الحرب الأهلية بينه وبين معاوية قد أثر في عناصر الاستقطاب والولاء، وقد شعر بعض الموالين بالغبن الشديد بالرغم مما قدّموه للإسلام فقد جرى " التمييز" في حقهم، في حين دعا الإسلام ويدعو إلى المساواة وفقاً لقول الرسول (ص) " لا فرق بين عربي وأعجمي إلاّ بالتقوى" و" الناس سواسيه كأسنان المشط"، فرغم " إسلامهم وإسهامهم في دفع الديات والمشاركة في القتال وفي الأمور العامة فقد أغلقت دونهم في القرن الأول للإسلام على الأقل الوظائف، التي تعني الولاية على الغير كالامارة والقيادة والقضاء، وأن تولّى بعضهم القضاء، فقد ندر من تولّى مناصب إدارية وعسكرية هامة" [38].

وإذا كان الإسلام ديناً عالمياً يسعى لبسط نفوذه على العالم أجمع، الآّ أنه رغم نزعته الإنسانية فقد كان ينظر إلى العالم في علاقاته الدولية إنه منقسم إلى قسمين، الأول دار الإسلام والثاني دار الحرب، فالدار الأولى تعني الأقاليم التي يبسط المسلمون عليها ولايتهم، وتضم إلى جانب المسلمين أشخاصاً من غير المسلمين، وهم الذميون والمستأمنون. الذميون هم أهل الكتاب، فضلوا الاحتفاظ بديانتهم الأصلية مقابل دفع الجزية، ولذلك فهم مواطنون يتمتعون بالحماية والعيش بأمان، ولكن بشروط في كنف الدولة الإسلامية.

أما المستأمنون، فهم القادمون من دار الحرب إلى دار الإسلام أي انهم "أجانب" دخلوا إلى دار الإسلام بإذن من الدولة الإسلامية سواءً كان لغرض التجارة أو غيرها [39]. أي ان هناك فرقاً بين الذمي والمستأمن، فالذمي من رعايا الدولة الإسلامية، احتفظ بدينه مقابل الجزية والأمان، أما المستأمن فهو الذي جاء من دار الحرب لظرف خاص أو طارئ او مؤقت، والمستأمنون ليسوا مواطنين أو من رعايا الدولة الإسلامية.

أما دار الحرب فهي التي لا تمتد إليها الولاية الإسلامية، ولا تُطبق فيها الشريعة الإسلامية، بل لها نظامها الخاص وقد انعقدت بين دار الإسلام ودار الحرب معاهدات سلام أو هدنات وأطلق عليها (متعاهدة) أو تكون في حالة حرب مع الدولة الإسلامية.

وإذا كانت هذه المقاربة لمفهوم وتطور الجنسية كوجهة نظر معاصرة لفكرة المواطنة أو الرعوية أو غيرها، فإن المفهوم الحديث للجنسية في العالم العربي، لم يظهر الاّ في سنوات متأخرة بفعل الاحتكاك مع اوروبا وبقصد التمييز بين مواطني الدولة الإسلامية وغيرهم من الاجانب. وإذا كان مصطلح " المواطنة" و" المواطن" citizen ( أي الفرد المشارك في الشؤون المدنية والسياسية بحرية) غريباً تماماً في الإسلام على حد تعبير برنارد لويس فلم تعرفه اللغات العربية والفارسية والتركية، حيث يرجع ذلك إلى غياب فكرة المشاركة للمواطنة، وفكرة المشارك للمواطن، فإن الباحث السوداني عبد الوهاب الأفندي يعتبر وجود المسلم رديفاً لكلمة المواطن الحديث، وهو المصطلح الإسلامي الذي يعني انتماء الفرد في بدايات المجتمع الإسلامي والتمتّع بعضوية كاملة وفورية في المجتمع السياسي بالمعنى الايجابي للمواطنة النشطة على كونه مسلماً [40]. وكان الإسلام الأول وبخاصة في عهد النبي (ص) يولي اهتماماً كبيراً لرأي المسلمين، الذين كانوا يعبّرون في لقاءاتهم اليومية لخمس مرّات (أوقات الصلاة) في مقر الحكومة أو البرلمان في الجامع (بمشاركة نسوية ملحوظة) عن تبادل الرأي والاستماع إلى رأي المسلمين والرد على تساؤلاتهم.

وكان بمقدور أي فرد إثارة أية قضية يرغب فيها، لكن توسع وانتشار الدولة الإسلامية وامتداد سلطانها إلى أقاليم بعيدة وبخاصة العراق ومصر، اضطر هؤلاء إلى تصريف أمورهم بأيديهم بعيداً عن الرأي اليومي والحوار المستمر بين مركز الدولة وقيادتها العليا وبين المواطن، وتدريجياً بدأت البيروقراطية والمؤامرات السياسية تبعد المواطن (المسلم) عن المشاركة في تصريف أمور الدولة [41].

وظلت فكرة التمييز بين حقوق " المسلم" و" الغريب" أو " المقيم" من غير المسلمين مستمرة حتى العصر الحديث حيث تداخلت ايجابيا لصالح الاخير بفعل ضغوط غربية للحصول على ما يسمى بنظام الامتيازات Capitulation من الدولة العثمانية للاجانب وبخاصة للمسيحيين، الذين كان الغرب يعلن الرغبة في توفير حماية خاصة لهم ورعاية مصالحهم الدينية والسياسية، وهو ما أعطى انطباعاً أحياناً بأن غير المسلمين الذين حظوا بدعم الغرب تجاوزوا خط الدفاع عن مبدأ المواطنة الكاملة أو المتساوية مع غير المسلمين، إلى الحصول على امتيازات تحت حماية القوى الأجنبية.

ربما يعود جزء من ذلك إلى أن بعض المواقف الإسلامية لم تكن " توافق" أو تؤيد فكرة إقرار مبدأ المواطنة الكاملة صراحة لغير المسلمين، وهو الموقف الذي انعكس لدى البعض من موضوع القوميات و"الأقليات" الدينية والإثنية واللغوية والمذهبية أحياناً، ولعلّ موقف بعض القوى التقليدية المتشدّدة كان الأقرب إلى هذه المواقف، ونعني بها الموقف الملتبس والذي لا يقر مبدأ المساواة التامة والاعتراف بحقوق الغير وحقهم في المواطنة الكاملة ضمن القواعد المعترف بها في القانون الدولي ولوائح ومواثيق حقوق الإنسان[42].

حدث تطور بطيء باتجاه إقرار حق المواطنة الكاملة لدى بعض المفكرين الإسلاميين، رغم أن المسألة لا ترتقي إلى الحق الدولي المنصوص عليه في لوائح حقوق الإنسان، يمكن على هذا لصعيد الإشارة إلى المفكرين الإسلاميين مثل فهمي هويدي وطارق البشري وسليم العوّا وأحمد كمال أبو المجد وراشد الغنوشيومحمد مهدي شمس الدين ومحمد حسين فضل الله [43] وغيرهم.

ورغم محاولات التجديد فإن الاتجاه الإسلامي السائد ما زال ينتقص من مبدأ المواطنة الكاملة،التي يقصرها على الانتساب الديني والإقامة، فالمسلمون غير المقيمين في الدولة الإسلامية وغير المسلمين المقيمين فيها لا يحق لهم التمتع بحقوق المواطنة الكاملة، وربما يصبحون مواطنين في حالة قبولهم بشرعية الدولة الإسلامية، لكنهم لا يصبحون مواطنين بالكامل ولا يحق لهم تسلم مناصب رئيسية في الدولة مثل رئاسة الدولة ورئاسة القضاء ورئاسة البرلمان وقيادة الجيش وغيرها [44].

أما التجربة الإسلامية، فقد حققت الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 انعطافاً جديداً في الفكر الإسلامي، وأنشأت مؤسسات تساوقاً مع الموجة "الديمقراطية": برلمان وانتخابات رئاسة ومنذ انتهاء الحرب العراقية- الإيرانية خرجت من مرحلة الثورة، لتدخل مرحلة الدولة، ولم يكن ذلك بمعزل عن صراع سياسي وفكري حاد داخل أوساط التيار الديني، وقوفاً ضد التيار الإصلاحي الذي قاده السيد محمد خاتمي، في ظل تصاعد موجة شديدة للتيار المحافظ الذي يحاول إحباط خطط التغيير والإصلاح...الخ، لكن شرط الدستور على التحدّر الفارسي واجه انتقاداً شديداً لاستثنائه المسلمين غير الفرس في الترشّح لرئاسة الجمهورية، ناهيكم عن الشروط الخاصة بولاية الفقيه أو حكم العلماء، وهو ما ينتقص من مبدأ المواطنة والمساواة.

أما التجربة الثانية فهي التجربة السودانية التي جاءت إلى الحكم عام 1989 وقد سارت نحو تقليص التعدّدية السياسية والفكرية والدينية واللغوية عملياً، لكن الدستور الجديد نظر للمشاركة من زاوية أخرى، منذ العام 1998 في محاولة انفتاحية باتجاه اقرار مبدأ المواطنة، بغض النظر عن الدين، لكنه ظل محافظاً من حيث الجوهر على الخصائص العامة لتوجهات الحكم الإسلامي، وهو على غرار دستور إيران يحتوي على بعض الشروط الإسلامية التي تقر بصيغة للمساواة النظرية دون أن ترتقي إليها فعلياً أو تقاربها [45](18).

ويمكن القول: إن المحاولات الإسلامية في إعادة تعريف المواطنة ما زالت لم تبلغ حتى الآن المدى المقبول، فهي في بداية الطريق ويلزم مبدأ المشاركة منح المواطنين غير المسلمين الحقوق نفسها التي يتوقع منحها من قبل المواطنين في الجانب الآخر، وهذا يعني عدم أخذ الانتساب الديني كلياً عند التفكير بهذه القضية.

 

1- المواطنة والتربية

يعتبر موضوع التربية على المواطنة موضوعاً جديداً في الفكر العربي المعاصر، خصوصاً بضعف أو شحّ وجود حركة مواطنة في العالم العربي وإنْ وجدت فما تزال جنينية أو هي أقرب إلى الارهاص منه إلى تأسيس " كيانية حقوقية" ذات أهداف محددة وواضحة في إطار آليات معلومة، بحيث تتحوّل المفاهيم إلى حقوق، وهذه الأخيرة إلى تشريعات وقوانين في إطار مؤسسات وبرلمانات، مثلما يتطلّب الأمر وجود قضاء عادل ومستقل يحميها من التجاوز والانتهاك، في ظل تطبيقات وممارسات بحاجة إلى نقد وتطوير مستمرين، لاسيّما في ظل دور متميز للمجتمع المدني!!

إن فكرة التربية على المواطنة، هي جزء من فلسفة تربوية سسيو ثقافية حقوقية عقلانية مدنية عابرة للأديان والطوائف والتكوينات القومية والإثنية واللغوية والسلالية وغيرها، وهي مسألة حديثة في عالمنا العربي، حداثة فكرة المواطنة، وحداثة فكرة الدولة.

ولذلك فإن التربية على المواطنة له دلالات كثيرة:

فالدلالة الاولى أن عالمنا العربي ما زال في أول السلّم على الصعيد العالمي إزاء المفهوم السليم للمواطنة وحقوقها، حيث تزداد الحاجة لإثارة حوار وجدل حول الفكرة وأبعادها وغاياتها وسياقاتها، وحشد قوى وطاقات حكومية وغير حكومية، سياسية وفكرية وثقافية ودينية واجتماعية، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني لمقاربة للمفهوم الذي ارتبط بفكرة الدول العصرية الحديثة، وبالتقدّم الذي حصل في هذا الميدان، لاسيّما في الدول الغربية المتقدمة، حيث هناك تصالحاً بين الدولة والمواطن، سواءً في نظرة الدولة إلى المواطن أو في نظرة الأخير إلى الدولة، فمسؤولية الدولة لم تعد الحماية حسب، بل أصبحت الدولة "دولة رعاية" واجبها ووظيفتها الأساسية خدمة المواطن وتحسين ظروف عيشه وتوفير مستلزمات حريته ورفاهه، وبالمقابل فإن نظرة المواطن للدولة أصبحت إيجابية هي الأخرى، من حيث احترامه للقوانين والأنظمة وعلاقته بالمرافق العامة وحفاظه على البيئة وواجبه في دفع الضرائب وغير ذلك.

أما في البلدان العربية فإن نظرة السلطات إلى المواطن ظلّت نظرة تشكيكية ارتيابية في الغالب، إنْ لم تكن عدائية، وبالمقابل فإن نظرة الفرد للدولة استمرت نظرة سلبية، متربصة، تعارضية، بما فيها إزاء الخدمات والمرافق العامة، خصوصاً في ظل ضعف الحرية والتمييز وعدم المساواة وعدم تكافؤ الفرص وعدم احترام الحق في المشاركة.

الدلالة الثانية تكمن بانشغال بعض المهتمين على صعيد الفكر وحقوقيين وناشطين بفكرة حركة للمواطنة، باعتبارها فكرة راهنية ومطروحة على صعيد البحث من جهة، وعلى صعيد الواقع العملي من جهة أخرى، خصوصاً الأسئلة الشائكة التي تواجهها والتطبيقات المختلفة التي تقف أمامها في مفترق طرق عديدة وخيارات بين مرحلتين:

المرحلة الاولى ونموذجها الأنظمة الشمولية التي تكاد تكون انتهت أو تلاشت على الصعيد العالمي، خصوصاً التشبث باحتكار الحقيقة والدين والسلطة والمال والاعلام، لكنها ما تزال قوية ومؤثرة في مجتمعاتنا العربية بأنظمته المختلفة.

أما المرحلة الثانية، فنحن ما زلنا عند بواباتها وكثيراً ما تحدثنا عنها وبصوت عال أحياناً، لكننا ما زلنا متردّدين من الدخول في صومعتها، خصوصاً إن حركة الإصلاح والدمقرطة في العالم العربي ما تزال تتقدم خطوة وتتأخر خطوتين، ناهيك عمّا تركته حركة الاحتجاج والتغيير التي ابتدأت في العالم العربي منذ العام 2011، من بعض المخاوف إزاء انفلات العنف واستشراء الفوضى وزعزعة أركان الدولة الوطنية لتيار الإسلام السياسي، لاسيّما وأن الكثير من الكوابح تعترض طريقها، سواءً كانت سياسية أو دينية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية، فضلاً عن ذلك تواجه تحديات مختلفة خارجية وداخلية، مثل الاحتلال والحصار والعدوان، إضافة الموروث الاجتماعي والاستخدام والتوظيف السلبي للتعاليم الدينية على نحو متعصّب ومتزمّت ومغالي، ناهيكم عن الفقر والجهل والمرض والتوزيع غير العادل للثروة.

وما تزال فكرة المواطنة في عالمنا العربي تتعرض إلى تجاذبات داخلية وخارجية، خصوصاً ارتباطها على نحو وثيق بمسألة الهوّية ومستقبلها، لذلك فإن الحوار والجدل بقدر إجلائهما بعض التشوش والغموض إزاء مستقبل بلداننا، فهما يساعدان في الوقت نفسه في نشر ثقافة المواطنة ويعمقان الوعي الحقوقي بأهميتها وضرورتها وفداحة نكرانها أو الانتقاص منها أو تعطيلها أو تعليقها تحت أية حجة أو ذريعة، وهو بالقدر نفسه يطرح أسئلة ساخنة حول سبل التربية على المواطنة، بما يثير من اختلاف وصراع.

الدلالة الثالثة تتعلق بالالتباس النظري والعملي بشأن فكرة المواطنة، ولاسيّما في مواقف الجماعات والتيارات الفكرية والسياسية والقومية المختلفة، الأمر الذي يضع تكوين تصوّرِ مشترك حولها من جهة وحول الطريق التربوية القويمة والأساليب التعليمية الصحيحة لتعميق فكرة المواطنة، في إطار المبادئ الدستورية للدولة العصرية التي تستند على سيادة القانون ومبدأ المساواة، مسألة ملّحة وضرورة حيوية، لا يمكن اليوم احراز التقدم والتنمية المنشودتان بدونها، وهو الأمر الذي يغتني بمساحة الحرية والمشاركة والعدالة، باعتبارها متلازمات ضرورية للمواطنة.

الدلالة الرابعة ترتبط باشكالات المواطنة والهوّية، والتحدّيات التي تواجههما، فقد بدأت تحفر في أساسات الدولة والهوّية، بحيث يجعل من الواجب إدارة حوار فكري ومعرفي حولها، طالما أنها تدخل في صلب المشكلات التي تواجه المصير العربي، ومعها يصبح جدل الهوّيات أساساً للتعايش والتكامل والتطور السلمي للمكوّنات المختلفة، بدلاً من أن يكون مادة للتناحر والانغلاق والتعصب، وهذه المسألة تتطلّب الإقرار بالتنوّع والتعددية والمشترك الإنساني كشرط لا غنى عنه للهوّية الجامعة، مع تأكيد الحق في الاحتفاظ بالهوّيات الفرعية الجزئية، الدينية أو القومية أو الثقافية أو غيرها!

الدلالة الخامسة تتعلق بالعلاقة الجدلية بين فكرة المواطنة وحقوق الإنسان، خصوصاً بمبدأ المساواة في الحقوق، وبالأخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة وحق تقلّد الوظائف العليا دون تمييز لأي سبب كان سواءً التمييز الديني أو القومي أو المذهبي أو الاجتماعي أو اللغوي أو الجنسي أو بسبب اللون أو غير ذلك. ويأتي حق المشاركة، في إطار الحقوق الأساسية ونعني بها حق التعبير وحق الاعتقاد وحق التنظيم، ولعلّ هذه الإشكالية هي التي تشكل جوهر فكرة المواطنة، خصوصاً إذا ما اقترنت بالعدل، إذ أن غيابه سيؤول إلى الانتقاص من حقوق المواطنة، ولا تستقيم مواطنة كاملة مع الفقر ومع الأمية والتخلف وعدم التمتع بمنجزات الثقافة والعلم والتكنولوجيا وغيرها.

ليس تجنّياً إذا قلنا أن الفكر العربي ما يزال يعاني من نقص فادح فيما يتعلق بثقافة المواطنة، وتستمر النظرة الخاطئة أو القاصرة إلى مبدأ المساواة قائمة، إضافة إلى الموقف السلبي من حقوق "الأقليات" على الرغم من أنني أفضل استخدام مصطلح التنوّع الثقافي والتعددية الدينية والقومية والسلالية واللغوية والفكرية والاجتماعية وغيرها كما تمت الإشارة إليه، فهي عندي أكثر تعبيراً عن حقوق ما قصدته الأمم المتحدة في اعلانها العام 1992 الخاص بحقوق "الاقليات"، وأجد في تعبير " الأقليات "إحراجاً" أو "انتقاصاً " من حقوق أديان أو قوميات، يفترض أن يكون لها القدر نفسه من الحقوق استناداً إلى مبادئ المساواة، وكذا الحال يشمل حقوق المرأة التي ما تزال الثقافة السائدة، إضافة إلى منظومة القوانين النافذة بما فيها قوانين الأحوال الشخصية في الغالبية الساحقة من البلدان العربية، تنتقص منها.

وما يزال الكثير من التيارات والاتجاهات السائدة في السلطة والمجتمع تتمسك بالنظرة التسلّطية لعلاقة الدولة بالمواطن، الفرد، الإنسان، الذي هو شخص وكيان له أهلية قانونية، ففي الكثير من الأحيان يُنظر إلى حقوق المواطنة، أما باعتبارها هبة أو منّة أو مكرمة من الحاكم، يكون الأفراد عنده هم رعايا لا مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات. ومثل هذه المسألة ترتبط بأفكار ماضوية لعلاقة الحاكم بالمحكوم، تلك التي تم تبريرها تارة على أساس نظرية التفويض الإلهي وأخرى على أساس وراثي كما هي الأنظمة الملكية لاسيّما المطلقة وثالثة باسم الشرعية الثورية المستندة إلى الدين أو الطبقة أو القومية والدفاع عن مصالح الثورة والأمة بوجه أعدائهما، على حساب الشرعية الدستورية وسيادة القانون ومبدأ المساواة.

الدلالة السادسة إرتباط فكرة المواطنة ارتباطاً عضوياً بالمفهوم الحديث للتنمية، ولعل أحد الأركان الأساسية للتنمية يقوم على نشر التعليم وثقافة المساواة وعدم التمييز والقضاء على الفقر وغيرها من الحقوق، ولذلك تصبح التربية جزءًا لا غنى للمواطنة من جهة مثلما هي عنصر حيوي للتنمية من جهة أخرى، الأمر الذي يحتاج إلى مفاهيم تربوية جديدة وأساليب حديثة، لاسيّما في ظل قيم المواطنة.

إن الحوار والجدل حول فكرة التربية على المواطنة لا ينبغي أن يقتصر على محافل فكرية محدودة، ولهذا ينبغي أن ينتقل إلى منابر متنوعة لاسيّما الجامعات ومراكز الأبحاث وإقامة منتديات فكرية وثقافية وإشراك أوساط من النخب والمختصين، إضافة إلى مؤسسات المجتمع المدني والبرلمانات والحكومات في الآن ذاته، ناهيكم عن قطاعات شعبية وخصوصاً من النساء ومن التكوينات الثقافية، وبمساهمة حيوية من جانب الإعلام، لاسيّما الفضائيات في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات وبفضل الانترنت والكومبيوتر، يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في زيادة الاهتمام بفكرة المواطنة أولاً، ومن ثم كيف يمكن تنمية قدرات الأفراد والمجتمع عبر التربية وقيمها الجديدة وتعزيز أركانها وصولاً إلى ما نطلق عليه مفهوم المواطنة العضوية الذي يقوم على أربعة أركان أساسية هي: الحرية والمساواة والعدالة والمشاركة كما تمت الإشارة إليه، في إطار تفاعل ديناميكي لا انفكاك بين عناصره ومكوناته أو انتقاص من أحدها لهوّيات متعدّدة ومتعايشة فرعية وعامة.

______________

(*) بحث قدّمه د. شعبان في مؤتمر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) والمركز الدولي لعلوم الإنسان – بيبلوس، جبيل – 3-5/9/2015، وهو المؤتمر العلمي الذي انعقد تحت عنوان: "المجتمعات المتعدّدة اللّغة والديمقراطية من خلال تاريخ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا". وقد نُشر هذا البحث في كتاب أصدرته منظمة اليونيسكو بالتعاون مع المركز الدولي لعلوم الإنسان تحت عنوان: "حضارات في طور الانتقال"، بيروت، 2016.

(**) أكاديمي ومفكّر عراقي، له أكثر من 50 كتاباً في قضايا الفكر والقانون والاجتماع السياسي والأديان والعلاقات الدولية، إضافة إلى مساهمات متميّزة في الثقافة الحقوقية، ولا سيّما في تطوير الفهم المتجدد لثقافة حقوق الإنسان والمجتمع المدني والحداثة، واللاّعنف والتسامح .

عضو المكتب الدائم لاتحاد الحقوقيين العرب.

المدير العام للمركز الوثائقي للقانون الدولي الإنساني (عمان – بيروت).

مستشار في مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية (بغداد).

عضو المجلس العلمي الاستشاري لدار الخبرة (بغداد).

عضو مجلس أمناء المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة (بيروت).

نائب رئيس جامعة اللاّعنف وحقوق الإنسان "أونور" (بيروت).

رئيس المعهد العربي للديمقراطية (تونس).

 ................

 هوامش 

[1]- بخصوص الهوّية والثقافة والعولمة، راجع نصوصاً ومقارنةً: بلقزيز، عبدالإله- عولمة الثقافة أم ثقافة العولمة؟ الجابري، محمد عابد- عشر اطروحات (بشأن الثقافة والعولمة) . انظر كتاب: العرب والعولمة، مركز دراسات الوحدة العربية، 1998 (وقائع ندوة وأوراق عمل). كذلك انظر: سليم، جيهان- عولمة الثقافة واستراتيجيات التعامل معها في ظل العولمة، مجلة المستقبل العربي، العدد 293، (7) تموز (يوليو) 2003، حنفي، حسن- الثقافات : صراع أم حوار؟ نموذجان بديلان: صراع الحضارات أو حوار الثقافات؟ القاهرة، منشورات التضامن، 1997.العالم، محمود أمين- حضارة واحدة أم حضارات متعددة (مقاربة نظرية عامة) كتاب: صراع الحضارات أم حوار الثقافات، المصدر السابق. العالم ، محمود أمين – المشهد الفكري والثقافي العربي، القاهرة، 2000. العالم، محمود أمين – مفهوم الهوية، مجلة العربي، العدد 437، نيسان (ابريل) 1995. البيطار، نديم- حدود الهوّية القومية، دار الوحدة، بيروت، 1982. حرب، علي- حديث النهايات، فتوحات العولمة ومأزق الهوية، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، 2000. الحمد، تركي- هوّية بلا هوّية- نحن والعولمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 1998. ادونيس- موسيقى الحوت الأزرق (الهوّية، الكتابة، العنف) دار الاداب، ط1، بيروت، 2002. ياسين ، السيد- العولمة: رؤية استمولوجية، القاهرة، جامعة القاهرة، قسم العلوم السياسية،2000. غليون، برهان وأمين ، سمير- ثقافة العولمة وعولمة الثقافة ، دمشق، دار الفكر، 1999. طرابيشي، جورج- عولمة الثقافة، مجلة أبواب، العدد 25، صيف 2000. سعيد، ادوارد- الثقافة الامبريالية، دار الاداب، بيروت، 1997. بركات، حليم- المجتمع العربي في القرن العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، 2000. البرغثي، محمد حسن – الثقافة العربية والعولمة ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، بيروت، 2007. 

[2]- انظر : شعبان، عبد الحسين- من هو العراقي: اشكاليات الجنسية واللاجنسية في القانونين العراقي والدولي، دار الكنوز الادبية، بيروت، 2002، وشعبان، عبد الحسين- جدل الهوّيات في العراق: الهوّية والمواطنة، الدار العربية للعلوم، بيروت، 2009. وبحثنا الموسوم " الفكر العربي وكيانية حركة المواطنة" المقدّم إلى مركز الكواكبي والمؤسسة العربية للديمقراطية والمعهد العربي لحقوق الإنسان، الرباط (المغرب) 24-25 شباط (فبراير)، 2009. وبحثنا المعنون "أية علاقة جدلية بين التربية والمواطنة" المقدّم إلى منتدى الفكر العربي ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي (الجزائر) وجامعة البترا (عمان) والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الرباط في الجزائر، 25-28 تشرين الأول/اكتوبر 2010). وبحثنا الموسوم " الطائفية السياسية كأداة للتدخّلات الإقليمية: تخوم الطائفية وأدلجة الهوية – انعكاسات الجيوبوليتيك، المقدم إلى المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة ، 10-11 نيسان/إبريل 2013. 

[3]- انظر: شعبان، عبد الحسين- جدل الهوّيات في العراق، مصدر سابق.

[4]- يتوصّل صموئيل هنتنغتون إلى استنتاج مثير يشكل جوهر نظريته" صدام الحضارات وصراع الثقافات" حيث يطرح الإشكالية الأساسية باعتبارها ثقافية- حضارية لأنه يدرك أن الثقافة هي سياج الهوّية، وبالتالي تشكل احدى الاسس المهمة " للمقاومة"، أي لمواجهة محاولات الاقتلاع أو التذويب، وبما أن الإسلام يعتبر وعاءً ثقافياً للعرب والمسلمين بشكل عام وأساس حضارتهم، فإنه يشكل تهديداً للغرب، ويقف حجر عثرة بوجه انتصار الليبرالية على المستوى السياسي والاقتصادي، مثله مثل البوذية والكونفوشيوسية، وهذه كلّها تواجه الحضارة المسيحية – اليهودية الغربية.

 Huntington- Samuel- Aclash Of Civilization, Foreign Affaires, Summer 1993

Huntington, Samuel- The Clash Of Civilization And Remarking of world order, London

Simon and Schuster,1997

 قارن: شعبان، عبد الحسين- جذور التيار الديمقراطي في العراق، هل انقطع نسل الليبرالية العراقية (قراءة في أفكار حسين جميل) دار بيسان، بيروت، 2007، ، ص 29-30.

قارن كذلك: شعبان، عبد الحسين – " الإسلام والإرهاب الدولي" دار الحكمة، ط1، لندن، 2002. 

[5]- قارن: حنفي، حسن – الثقافات : صراع أم حوار؟ نموذجان بديلان، دراسة منشورة في كتاب " صراع الحضارات أم حوار الثقافات؟ "، القاهرة،مطبوعات التضامن، 1997، ص 54 وما بعدها.

[6]- انظر: بركات، حليم- المجتمع العربي في القرن العشرين، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2000، ص 109.

[7]- انظر: شعبان، عبد الحسين- جذور التيار الديمقراطي في العراق، مصدر سابق، ص 33- 34 وما بعدهما.

[8]- الجابري، محمد عابد- العولمة و الهوّية الثقافية، دراسة ضمن كتاب" العرب والعولمة"، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1998، ص 297 .

[9]- أنظر: بركات، حليم- المجتمع العربي في القرن العشرين، مصدر سابق، ص 62.

[10]- قارن: الجابري، محمد عابد- العولمة و الهوّية الثقافية، مصدر سابق، ص 298.

[11]- انظر: أدونيس- موسيقى الحوت الأزرق، مصدر سابق ، ص 8.

[12]- انظر: البرغثي، محمد حسن- الثقافة العربية والعولمة، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2007، ص 121.

[13]- ستيوارت، هول- هوّيات قديمة وجديدة، إثنيات قديمة وجديدة ، المجلس الأعلى للثقافة ، القاهرة، 2001، ص 79.

[14]- انظر: ادونيس- موسيقى الحوت الأزرق، مصدر سابق، ص 202.

[15]- انظر: ادونيس- المصدر السابق، ص277.

[16]- انظر: شعبان، عبد الحسين- هذه النجف التي توشوشني، جريدة النهار (اللبنانية) العدد 23789 في 19 آب (أغسطس) 2009.

[17]- تقرير اللجنة العالمية للثقافة والتنمية، منشورات اليونسكو، بعنوان " تعدّدنا الخلاّق، باريس، 1996. وردت الإشارة إليه في كتاب أدونيس- موسيقى الحوت الأزرق، ص 291.

[18]- انظر: ادونيس- موسيقى الحوت الأزرق، المصدر السابق، ص294-295. 

[19]- أنظر: شعبان، عبد الحسين – الصوت والصدى، حوارات ومقابلات في السياسة والثقافة، اعداد الدكتور كاظم الموسوي، 2009 (كتاب قيد الطبع).

[20]- إن القسم الأساسي في هذه الفقرة والفقرة التي تليها مستلٌ من كتاب " جدل الهوّيات في العراق" مع بعض التعديلات والتنقيحات. لذلك اقتضى التنويه.

[21]- انظر: أدونيس – موسيقى الحوت الأزرق (الهوية، الكتابة، العنف)، مصدر سابق، ص 5-8 (الاستهلال).

[22]- قارن: تقارير التنمية الإنسانية العربية، منذ صدور التقرير الأول، العام 2002 وحتى تقرير العام 2009 وهو بعنوان : تحديات الأمن الإنساني في البلدان العربية، البرنامج الانمائي للأمم المتحدة (المكتب الاقليمي للدول العربية)، بيروت، 2009، وقد شارك الباحث بأوراق خلفية في عدد من التقارير السنوية، إضافة إلى مساهمات مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي لغرب آسيا والباسفيك (الأسكوا).

[23]- انظر: شعبان، عبد الحسين – استحقاقات المواطنة العضوية الحق والمشاركة والهوّية،(ورقة عمل قدّمها إلى) منتدى الفكر العربي، الرباط ، 21-23 نيسان (ابريل) 2008. لقد تعرّض المسيحيون في السنوات القليلة لماضية إلى حملة شرسة لدفعهم إلى الهجرة، سواء في فلسطين أو في العراق أو لبنان أو سوريا أو مصر ، مثلما تعرّضت مكوّنات أخرى مثل الإيزيديين والصابئة والدروز وغيرهم، كما عانى الكرد والتركمان والأمازيغيين وغيرهم في البلدان العربية من التمييز وعدم الاعتراف بخصوصيتهم وهوّياتهم.

[24]- راجع مشروع قانون تحريم الطائفية وتعزيز المواطنة في العراق، نص مقترح في كتابنا جدل الهوّيات في العراق- الدولة والمواطنة، مصدر سابق.( قسم الملاحق)

انظر كذلك بحثنا الموسوم : الطائفية السياسية كأداة للتدخّلات الإقليمية / تخوم الطائفية وأدلجة الهوّية – انعكاسات الجيوبوليتيك، مصدر سابق.

[25]- انظر: ادونيس- موسيقى الحوت الازرق، مصدر سابق، ص 212.

[26]- يعتبر الباحث أن مصطلح "الأقليات" هو مصطلح ملتبس، حتى وإن استخدم من جانب الأمم المتحدة في "إعلان حقوق الأقليات" الصادر عن الجمعية العامة في العام 1992 أو في " إعلان حقوق الشعوب الأصلية" الصادر في العام 2007، وهو يميل إلى مصطلح " التنوّع الثقافي" أو المجاميع أو المجموعات الثقافية، عند حديثه على ما جرت العادة على تسميته بالأقليات، ويقصد بذلك التنوّع الديني والقومي والمذهبي والإثني واللغوي والسلالي وغير ذلك، لأنه يرى أن الأمر يتعلق بمبادئ المساواة والتكافؤ بغض النظر عن كون هذه المجموعة " أقلية" أو أكثرية" لأن مفهوم الأكثرية والأقلية، يحمل في ثناياه معنى التسيّد من جهة والخضوع أو الاستتباع من جهة أخرى، وهو لا ينبغي أن يشمل القوميات أو الأديان، التي ينبغي أن تكون على قدر واحد من المساواة، لأن الأمر يتعلق بالحقوق التي تشمل البشر جميعاً على نحوٍ متساوٍ بغض النظر عن عددهم أقلية أم أكثرية، لأن الحقوق شاملة وعامة وتخصّ الإنسان بغض النظر عن عرقه ودينه وقوميته ولغته ولونه وأصله الاجتماعي، وهي حقوق لا يمكن تجزئتها أو الانتقاص منها أو المفاضلة بينها لأي سبب كان.

انظر: شعبان، عبد الحسين- المسيحيون والربيع العربي، دار آراس، اربيل، 2012، ص 14-15.

قارنا: شعبان ، عبد الحسين – أغصان الكرمة، المسيحيون العرب، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بيروت، بغداد، 2015. 

[27]- انظر: شعبان، عبد الحسين- استحقاقات المواطنة العضوية، صحيفة العرب القطرية، العدد 7239، 7 نيسان(ابريل) 2008.

[28]- انظر: السيد حسين، عدنان – المواطنة في الوطن العربي، منتدى الفكر العربي،الرباط، 21-23 نيسان (ابريل) 2008 . (ورقة عمل – محاضرة مقدمة إلى منتدى الفكر العربي). 

[29]- انظر: شعبان، عبد الحسين ، الدولة والمواطنة المنقوصة، صحيفة العرب القطرية، العدد 7246، 14 نيسان (ابريل) 2008.

[30]- قارن: شعبان، عبد الحسين- من هو العراقي؟ مصدر سابق، ص 37 وما بعدها. 

[31]- انظر: شعبان، عبد الحسين – المواطنة الافتراضية، جريدة اليوم (السعودية) 28 شباط (فبراير) 2014.[32] - زوكاغي، أحمد،(الدكتور) الجنسية، دار توبقال للنشر،ط2، الرباط، 1996، حيث يعتبر بداية تحديد المفهوم الحديث للجنسية هو العام 1804، حين تم تنظيم ذلك بموجب نص تشريعي في القانون المدني الفرنسي. 

[33]- 111.112 Morris C- Western Political Thought, Vol(1), Place to Augestine, Newyork 1967 (Basic Books) PP29.

[34]- دايس، ايركا- إيرين. أ- حقوق الإنسان، سلسلة رقم (3)، جنيف 1996 الامم المتحدة ، ص 235. 

[35]- دايس، ايركا- إيرين. أ- حقوق الإنسان، مصدر سابق ص 236.

 انظر: كذلك روكاغي، أحمد- الجنسية، مصدر سابق، ص 31. 

[36]- انظر: شعبان، عبد الحسين- من هو العراقي، ص 39 وما بعدها. 

[37]- انظر مناع، هيثم (الدكتور) المواطنة في التاريخ العربي - الإسلامي، سلسلة مبادرات فكرية (10)، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، 1997، ص 30. 

[38]- ظل كتّاب الدواوين وكتّاب الخراج من الموالي حتى تم تعريبها، الأمر الذي يشير إلى انصراف هؤلاء إلى المهن والتخصص بدلاً من أمور الادارة والقيادة وهو ما يشابه انصراف بعض النخب من التبعية (غير العثمانية) وهو الاصطلاح الذي أخذ به قانون الجنسية العراقية لعام 1924 إلى التجارة والاعمال الحرة بعد أن سُدّت بوجههم الدوائر الرسمية، وبخاصة الوظائف العليا لعدم منحهم شهادة الجنسية العراقية. وهم المجموعة الاولى الذين شملتهم حملات التهجير في الثمانينات.

قارن: مناع، هيثم (الدكتور)- المواطنة، مصدر سابق، ص 36، قارن كذلك: الدوري، عبد العزيز ( الدكتور)- مقدمة في التاريخ الاقتصادي العربي، دار الطليعة، بيروت، ط2، 1978، ص 41 و42 نقلا عن المصدر السابق. قارن كذلك: شعبان، عبد الحسين- عاصفة على بلاد الشمس، مصدر سابق، ص 223-235. أنظر كذلك- الحاج، عزيز- بغداد ذلك الزمان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،ط1، بيروت، 1999، ص 111 وما بعدها. 

[39]- قارن : شكري، محمد عزيز (الدكتور) المدخل إلى القانون الدولي العام وقت السلم، دار الفكر، ط4، دمشق 1973، ص 22-23 . انظر: كذلك، شعبان، عبد الحسين- محاضرات في القانون الدولي الانساني وحقوق الانسان، إربيل، جامعة صلاح الدين، 2000.

انظر كذلك: السيد حسين، عدنان- العلاقات الدولية في الاسلام، دار مجد، بيروت، 2006، ص 133. 

[40]- Lewis, Bernard, Islam and liberal, Democracy: A Historical Overview, Journal of Democracy, Vol. 7, No:2, 1996.

ويذهب البروفسور سمير أمين إلى القول " أن المساواة القانونية لم تكن سمة من سمات الانظمة التقليدية العربية أو الشرقية". قارن: أمين، سمير- ملاحظات حول منهج تحليل أزمة الديمقراطية في الوطن العربي، ورقة عمل مقدمة إلى ندوة " أزمة الديمقراطية في الوطن العربي" مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1984، ص 310-311. قارن – إضافة إلى ما تقدم المناقشات القيّمة التي نقلها الدكتور عبد الوهاب الافندي في بحثه القيم الموسوم " إعادة النظر في المفهوم التقليدي للجماعة السياسية في الاسلام: مسلم أم مواطن" مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت العدد 264-2/2001 

[41]- قارن: هويدي ، فهمي- مواطنون لا ذميّون، موقع غير المسلمين في مجتمع المسلمين، دار الشروق، القاهرة، 1990. 

[42]- يقول د. خالد الحروب في دراسته القيّمة الموسومة بـ " مبدأ المواطنة في الفكر القومي العربي" من " الفرد القومي" إلى " الفرد المواطن": إن مبدأ المواطنة لم يحظ بمعناه الحديث القانوني والديمقراطي بتأصيل عميق في الفكر القومي العربي التقليدي في القرن العشرين. ويذهب إلى مناقشة بعض المؤسسين الاوائل في الفكر القومي ليؤكد أنه لم يجد معالجة مباشرة لمبدأ لمواطنة تعريفاً وتأصيلاً واقراراً، ويعود ذلك إلى انصراف المفكرين الاوائل ببعث يقظة عربية مشتركة دفاعاً عن الهوّية وصياغة العلاقة بين العروبة والإسلام وفصلها عن العلاقة بين العرب والعثمانيين، ويعرض أفكار ساطع الحصري " حول القومية العربية" وتركيزه على الهوّية: من أنا ومن أنت؟ ومن نحن؟ تلك التي ركّزت على الهوية، للتمايز عن غيرها. ولم تنشغل أفكار ميشيل عفلق انشغالاً جدياً بفكرة المواطنة أو الديمقراطية أو أهمية حقوق الفرد.

 قارن : الكواري، علي خليفة (الدكتور)- الحركات الاسلامية والديمقراطية، المواقف والمخاوف المتبادلة، مشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية، دار قرطاس للنشر، الكويت، 2000.

كذلك: الحصري، ساطع- حول القومية العربية- سلسلة التراث القومي 14، مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، بيروت، 1987. أنظر: الحروب، خالد- ملف المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، مصدر سابق. 

[43]- أنظر: الأفندي، عبد الوهاب- ملف المواطنة والديمقراطية في الوطن العربي، المصدر السابق.

[44]- أنظر: الغنوشي، راشد- الحرّيات العامة في الدولة الإسلامية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1993، ص 290-291. كذلك- حقوق المواطنة، حقوق غير المسلم في المجتمع الإسلامي، قضايا الفكر الإسلامي 9، ط2، هيرندن، فيرجينيا، 1993 ص 77-88، نقلاً عن عبد الوهاب الأفندي،المصدر السابق.

[45]- أنظر: الأفندي، عبد الوهاب، المصدر السابق.

 

في المثقف اليوم