دراسات وبحوث

فلسفة الكمال الإنساني عند الغزالي (2)

ميثم الجنابيلقد حوّل الغزلي الإنسان، باعتباره الصورة الجامعة أو صورة الرحمن، إلى الحلقة التي تربط هرم الوجود في أبسط تجلياته وأعقدها، أو الكيان الذي يحتوي في ذاته على ذرات الهرم الوجودي، أو ما أسماه أحياناً بالأنوار. فهي تنير ذرات الوجود والإنسان، ومن خلاله تعي حقيقتها. لأنه بالقدر ذاته حامل ذرات سرّها الإلهي. وهو لم يسع من وراء ذلك إلى مطابقة السرّ الإلهي في الإنسان مع الهوّة. إذ لا هوة في الوجود سوى انعدام وعي الذات. أما إدراكها الحقيقي فيجري من خلال معرفة حقيقة النفس. فهو أسلوب كشف حقيقة السر ّباعتباره ارتباطاً بالمطلق ووسيلة استعادة وحدة الذات تماماً كما سبق للحكمة القائلة "النفس مجبولة على الحركة بينما أمرت بالسكون. وهي العملية التي ينبغي أن تقلب طرفي معادلة سكون النفس الحيوانية وحركة الروح المعرفي الأخلاقي، بالصيغة المؤدية إلى بلوغ مملكة الفردانية الحرة، بوصفها الوحدة المثالية في الذات، ومثالها المطلق في الله. آنذاك تكون حركاته من "سماء الدنيا، وإحساساته من سماء فوقها، وعقله فوق ذلك. وهو يترقى من سماء العقل إلى منتهى معراج الخلائق ومملكة الفردانية"[1].

فهي الصيغة التي تتحول بها صورة الرحمن الوجودية الواقعية إلى مثال صورة الرحمن، أو الكون الجامع، الذي يتطابق فيه وجوده ووجود المتحكم بالكون. أي عندما تتحول ذاته إلى ذات العالم. تماماً كما يتحكم الله بالكون. وهو الذي عبّر عنه بما أسماه بارتقاء الموحد إلى أن "يستوي على عرش الوحدانية، ومنه يدبر الأمر إلى طبقات سماواته". آنذاك يمكن فهم معنى أن الله خلق آدم على صورة الرحمن[2]. إذ لا يعني الاستواء على عرش الوحدانية، سوى بلوغ الوحدة في الذات وتجرّدها مما وضعته الصوفية في عبارة "رقّ الأغيار". أما تدبير الأمر إلى طبقات سماواته فهو التحكم في عوالم حركته وسكونه وما فوقهما، أو عالم الحس والعقل وما فوقهما. وبالتالي غياب الاعتبارات النفسية العقلية من خلال ممارسة التخلق بأخلاق الله. فهي الذروة الممتدة صوب الفطرة أو البداية غير المتناهية، وصوب الفناء عن الفناء أو الوحدة بالمطلق، أو الاتصاف بصفات الحق باعتبارها العملية المثلى للرجوع إلى المبادئ الأولى، بوصفها إدراكاً لحقيقة الروح الرباني في الإنسان. كما أنها ذات العملية التي دعاها في (الرسالة اللدنية) "برجوع النفس إلى جوهرها، وإخراج ما في ضميرها إلى الفعل طلباً لتكميل ذاتها ونيل سعادتها"[3]. وهو نفسه التعلم الذي لا يهدف إلا لإزالة "المرض العارض عن جوهر النفس لتعود إلى ما علمت في أول الفطرة"[4]. فالنفس لا تعرف في أول الفطرة، حسب نظر الغزالي، سوى إمكانية المعرفة، وليس علمها سوى الإمكانية الكامنة في المعرفة، أو ما أسماه أحياناً بخاصة الإنسان التي لأجلها خلق، أي قوة العقل والإدراك[5]، أو العلم والحكمة ومعرفة حقائق الأشياء[6]. ولم يربط ذلك بحكم تأملي أياً كان، ولم يفرضه اعتباطاً، بقدر ما جرى اشتقاقه من حركة النفس نفسها، أي حركة الضرورة الوجودية البادئة في الحواس بوصفها أولى درجات ووسائط إدراك العالم المحيط وبوصفها أيضاً جبلة الإنسان في فطرته[7].

إن خلق الإنسان وظهوره إلى الوجود، ليس له مقدمات غير ما أسماه الغزالي بالترتيب الإلهي في الوجود، والتي تشكل أوليتها قوى النفس وارتباطاتها بالعلم. ففي هذه الضرورة توجد قوة المعرفة كإمكانية في الفطرة. مما حدد بدوره طبيعة العملية المتناقضة في ظاهرها ومجراها، والضرورية بذاتها لما يمكن دعوته بتكلس الفطرة واضمحلالها التدريجي أمام قوة الإرادة والعقل وتناميهما. فالإنسان يولد على الفطرة. ولا تعني الأخيرة سوى ما عبّر عنه في (الرسالة اللدنية) من أن "العلوم مركوزة في جميع النفوس الإنسانية، وكلها قابلة لجميع العلوم"[8]. حيث تبدأ هذه العملية بسيطرة القوى البهيمية، بفعل سيطرة وفاعلية الحواس في بداية الإدراك. مما يؤدي بدوره إلى اضمحلال الفطرة بفعل تطور المعرفة الحسية. وذلك لأن تطور المعرفة الحسية المقيدة بالإرادة والعقل تؤدي بالضرورة إلى صنع تصوراتها ومثلها. وهذا بدوره يؤدي تدريجياً إلى سحق الفطرة وتهشيم بنيتها الداخلية. فالنفس الأولية "الظاهرة" مضطرة "للتلوث" بالمادة. غير أن هذا الشر الظاهري هو خير ضروري، أو ما دعاه أحياناً بسنّة الله في الأشياء. وإذا كان الغزالي قد ردد في حالات عديدة عبارة "رضى النفس في وجودها بالدنيا"، فإنه لم يعن بذلك سوى "تلوثها" بالخضوع للعابر والماكر والرذيلة، وإلا فالدنيا ميدان إدراك حقيقة النفس والله، وهي مزرعة الآخرة، ومحل استعادة  غير المتناهي في المتناهي، والمطلق في العابر، والخالد في الزائل.بمعنى إمكانية المعرفة الكامنة بالفطرة باعتبارها حقيقة النفس الأولية.

إن وجود النفس في عالم المادة هو وجودها الضروري. وبالتالي فهي مقدمة مسارها المحتمل في منازل "أسفل سافلين" أو "أعلى عليين". أما عوائق ارتقائها أو أسباب ارتكاسها فبفعل تراكم صدأ الجهل والخبث والمعاصي على القلب، أو بفعل توجه المعرفة الخاطئ، أو بفعل التقليد العازل بين الإنسان وحقيقة الحق، أو بفعل الجهل بكيفية السمو الحقيقي. فالنفس ليست عاجزة عن إدراك الحقيقة. فالقلب "صالح بالفطرة لمعرفة الحقائق لأنه أمر رباني شريف فارق سائر جواهر العالم بهذه الخاصية"[9]. وهو السر الذي وقع على الإنسان مهمة حمله، كما وصفه القرآن في آياته (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان). وليست هذه الأمانة سوى أمانة المعرفة والتوحيد.فقلب كل آدمي، كما يقول الغزالي، مستعد لحمل الأمانة ومطيق لها في الأصل، إلا أن ما يمنعه منها هو الأسباب المذكورة أعلاه[10].

ودفعه ذلك للتشديد على مهمة إعادة حقيقة الفطرة، باعتبارها حقيقة الذات المتخلّقة بأخلاق الحق. فكل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهوّدانه وينصرّانه ويمجّسانه. وهي الفكرة التي وضعها في مقدمة انتقاده لتقليدية الوعي والممارسة، ومن ثم اكتشاف الحقيقة كما هي. ولهذا شدد في (المنقذ من الضلال) على أنه لم ير نشوء صبيان النصارى إلا على التنصر، وصبيان اليهود إلا على التهود، وصبيان المسلمين إلا على الإسلام[11]. أو الواقع الذي اضطره للبحث عن "حقيقة الفطرة الأصلية، وحقيقة العقائد العارضة بتقليدات الوالدين والأستاذين"[12]. المقدمة الضرورية لمعرفة الذات الإنسانية (النفس والروح والقلب). وبالتالي سموها الأخلاقي المستقل.

لقد حاول الغزالي البحث عن حقيقة الإنسان من خلال إدراك حقيقة الروح (الخالد) عن طريق تذليل تناقضات الوجود الاجتماعي والأخلاقي والمعرفي في ثنائياته العلمية والعملية بما يتوافق مع نتائج الحضارة الإسلامية. بمعنى تذليل تناقض وتعارض الجسماني والروحاني، والشرعي والعقلي، والظاهري والباطني، والشريعة والحقيقة بوحدة العلم والعمل الدائمة في الحال. ولم يعن ذلك في آرائه سوى السعي المعرفي والأخلاقي الدائم صوب المطلق، أو العملية غير المتناهية في إمكانياتها المتناهية. مما حدد بدوره هدفها الدائم بالاقتراب من الله بالمعنى والحقيقة والصفة لا بالمكان والمسافة[13]. ولا تعني هذه العملية في جوهرها سوى الوحدة المتحركة، أو العمل العلمي والعلم العملي، أو مبدأ وغاية ما دعته المتصوفة بالتخلق بأخلاق الله. فهي الممارسة التي تضمحل في عملية سموها الأخلاقي ثنائية الله والعالم، والإنسان والله في إدراك حقيقة النسبة وفعلها بين القيمة المطلقة وواقعيتها. وتتضمن هذه بدورها الحركة غير المتناهية والتشعب المتشابك بين الميتافيزيقي والتاريخي، والمثالي والواقعي، والفردي والجماعي في المثال والاحتجاج الروحيين اللذين لا يحيلان إمكانية رؤية المطلق، أي مصدر القلق الدائم والاستعصاء الكامل وتناقضهما الظاهري بالنسبة للوعي الذاتي. أما في الواقع فلا تناقض هنا سوى التناقض الحي، الذي يكشف بدوره عن إشكالية الظاهرة لا استحالتها. وهي الفكرة والرؤية، التي صاغها الغزالي بعبارة "العجز عن المعرفة معرفة". وهي ذاتها المعرفة المستحيلة، باعتبارها الأسلوب الحق. غير أن عجز المعرفة يقوم في مفارقة عدم تناهيها واستقصاء مطلقها.

إن إدراك استحالة المعرفة المطلقة هو العجز بعين. وبهذا المعنى ليس العجز سوى أسلوب رؤية الذات العارفة في رقيها الأخلاقي. وهو المقصود بعبارته القائلة "لا يعرف الله إلا الله". وأن الله جعل السبيل إلى معرفته بالعجز عن معرفته. ولم يسع هو بذلك لتأسيس تناقض الله والإنسان، بقدر ما أن يكشف في استحالة المعرفة المطلقة وعجزها الذاتي عن معنى خاص في إدراك حقيقة المطلق، باعتباره الطريق الحق. وفسحت هذه الفكرة المجال أمام تثليم اللاهوتية العقائدية من خلال تأسيسها لإمكانية الرقي الإنساني غير المتناهي. إذ شددت على ضرورته باعتباره الطريق الوحيد الحق دون أن تفرضه على الجميع، انطلاقاً من الفكرة القائلة، بأن كل إنسان لما هو ميسر له. ولا يعني ذلك سوى توكيد الخلود في طابعه الفردي العابر، ومن ثم تكشف حقيقة بدايته في خاتمته. وهو ذاته سر ّالقدر، أو الخاتمة الفعلية المطابقة لحقيقة مساعيه الحرة.

لقد قيّد الغزالي ذروة المعرفة بالمطلق. وبهذا يكون قد فتح أمام المرء حرية المشاركة الفعالة في بلوغ حقيقة المطلق، التي اتخذت في أحد تجلياتها وحدة أسماء الله الحسنى. واحتوت هذه الأسماء في ذاتها على أحد نماذج المطلق الأخلاقي وأحد مؤشراته، دون أن تتطابق معه كلياً. لهذا جعل من حصيلة معرفتها والتخلّق بها والسعي الدائم للاستزادة منها أسلوباً لبلوغ الإنسان سموه الذاتي وكل ما يجعله "ظل الله في أرضه" وخليفته فيها. ووجدت هذه الصيغة تعبيرها في الفكر الصوفي بمفهوم ما يسمى بالكلام والسمع والنظر والفعل بالله ومن الله وفي الله ولله. وأّسس له الغزالي في ما أسماه بحظوظ الإنسان من أسماء الله الحسنى، أو النسب التي حاول من خلالها بناء نظراته وآرائه الأخلاقية والسياسية والميتافيزيقية والوجودية في نماذج الصوفي المتأله.

غير أن هذه المستويات لم تكن عيّنات متباينة، بل وحدة متجزئة في عالم الكثرة الوجودية الموَّحدة بالمطلق الأخلاقي ونموذجه الجامع في الله. . فالاسم الإلهي (الله) هو الاسم الدال على الذات الجامعة لصفات الإلهية ونعوت الربوبية والتفرد بالوجود الحقيقي. وبهذا المعنى، فإن الاسم الإلهي الله لا يطلق إلا عليه بالمجاز وبالحقيقة. فهو المطلق الذي لا يملك الإنسان منه سوى إمكانية التأله، أي أن يكون مستغرقاً به في كل أحواله. بمعنى تحوله إلى قوة القلب الأخلاقية المتسامية، والتي ترهن أفعاله كلها بقيم المطلق، أو القوة التي تتحكم في ظاهر الإنسان وباطنه، باعتبارها القوة المثلى لتذليل عوارض العالم الاجتماعية والسياسية والأخلاقية في المرء، بحيث لا يرى غيره ولا يلتفت إلى سواه. أنها الممارسة المبنية على أساس استيعاب حقيقة الوجود الحق. وهذا بدوره ليس إلا الله وما سواه عرضة للزوال. وبالتالي فإن رؤية هلاك النفس هي بداية الفعل الأخلاقي المتعمق في مجرى سموه المرتبط بإدراك حقيقة الأسماء الأخرى في حظوظها (نسبها). فإذا كان الاسم الإلهي المتكبر هو الاسم المعبر عن العظمة المطلقة للذات، فإن ما يقابلها في الإنسان هو المتكبر من العباد، الزاهد العارف. ولم يعن الغزالي بزهد العارف سوى تنزهه عن انشغال باطنه (سره) عن الحق. مما يجعله متكبراً على كل شيء سوى الحق فيكون مستحقراً للدنيا والآخرة جميعاً[14]. أما أسماء الخالق والباري والمصور، فإنها تعكس في ترابطها عملية إبداع الوجود. وذلك لأن كل موجود يفتقر إلى تقدير وإيجاد على وفق التقدير، ثم إلى تصوير. وإذا كانت هذه الصفات على الحقيقة لله فقط، فإن حظ الإنسان منها يقوم في ضرورة تطابقه مع الصفة المجردة (المطلقة) للإبداع الوجودي. فالإنسان قادر على أن يجعل من الاسم الإلهي المصور في نفسه "صورة الوجود كله على هيئته وتركيبه، حتى يحيط بهيئة العالم وترتيبه كله كأنه ينظر إليه، ثم ينزل من الكلّ إلى التفاصيل، واكتساب الصورة العلمية المطابقة للصورة الوجودية"[15]. أما تجليه بالاسم الخالق، فهو تجليه في ما هو قادر عليه من الصفات والسياسات والعبادات والمجاهدات، التي يمكن أن يبلغ فيها مستوى الاختراع والتجديد، بفعل كونها "منبع الخيرات"[16]. وإذا كانت حقيقة الاسم الرزاق، شأن الأسماء الأخرى، لا يستحقه إلا الله، باعتباره الرزاق الوحيد، فإن الفتّاح هو المصدر المعرفي الروحي للسالك الصوفي أو مثاله المصدري. فالفتاح الحق هو الله من بيده "مفاتيح الغيب" والوجود كله. أما حظ الإنسان منه فيقوم في وجوب "تعطشه إلى أن يصير بحيث ينفتح بلسانه مغاليق المشكلات الإلهية، وأن يتيسر بمعرفته ما يتعسر على الخلق من الأمور الدينية والدنيوية"[17]، أو كل ما يستقي الصوفي منه مثال الاسم الإلهي الحكم، انطلاقاً من أنه إذا كانت حقيقة الحكم هي "معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم"[18]، فإن الحكيم هو من يعرف الله، لأن معرفته من أجلّ العلوم. وإذا استطاع الإنسان أن يعرف حقيقة الله، فإن كل ما فيه سيكون مغايراً لما في الآخرين. وهو النتاج الملازم لما في الحقيقة من استجلاء لحقيقة العلوم. وبما أن علم الله هو العلم الأزلي، فإن معرفة حقيقته هي معرفة حقيقة الحكمة. وعارفها هو الحكيم الحق. مما يجعل منه ومن كلامه ومساعيه وأفعاله، مخالفة لما عند الآخرين. فكلامه لا يتعرّض للجزئيات، بل يكون كلامه كلياً. ولا يتعرّض لمصالح العاجلة، بل يتعرّض لما ينفع في الآخرة[19].

ولم يسع الغزالي من وراء ذلك وضع هذه المكونات أحدها بالضد من الآخر، بقدر ما أنه أراد الكشف عن حقيقة النسبة ومثالها الواجب في الإنسان الحكيم، أو الإنسان المتخلق بأخلاق الله.. إذ ليس الاسم الإلهي الحكم سوى "الحاكم المحكم والقاضي المسلم"، الذي لا راد لحكمه ولا معقب لقضائه[20]. ولا يعني ذلك في حق الإنسان سوى ما يسعى إليه الإنسان نفسه. فالحكمة، كما يقول الغزالي، هي "ترتيب الأسباب وتوجيهها إلى المسببات"[21]. ولا حكم مطلق إلا الله. بمعنى أنه مسبب الأسباب كلها، جملتها وتفصيلها. وليس التخلّق بالاسم الحكم سوى إضفاء الصفة الشخصية على الجبرية المطلقة، التي ترفع المرء إلى مصاف إدراك حقيقة العلاقة بين الأسباب ومسبباتها، والقدر والاختيار. وإذا كان من السهل إدراك حقيقة هذه العلاقة ظاهرياً، فإن الخطير فيها هو ما له علاقة "بتدبير الرياضات والمجاهدات وتقدير السياسات، التي تفضي إلى مصالح الدين والدنيا. ولذلك استخلف الله عباده في الأرض"[22]. وهذا يعادل معنى السلوك العلمي والعملي، الذي يستمد مثاله من تدبير حقيقة الأسباب في ترابطها وتقدير نتائجها الفاعلة في وحدة الدين والدنيا، والأخلاق والسياسة، والحياة والموت، والآن والأزل. ومن ثم ربطها الممكن الأخلاقي في كلّ واحد. فالكلّ الأخلاقي في مستوياته الواقعية والخيالية ما هو إلا وحدة البداية والنهاية، والوجود والزوال، التي يمكن لاسميّ القابض الباسط أن يعبّرا عن تجلياتها المعرفية الوجودية بداية ونهاية كل ما هو عرضة للوجود والزوال، والأخذ والعطاء، باعتبارها الوحدة المطلقة في حركتها الكاملة، أو مثال الوحدة الدائمة للسعي المعرفي والقلق الروحي. فالقابض الباسط من الناس هو من أُلهِم ببدائع الحكم وأوتي جوامع الكلم. فهي الوحدة الدائمة لانقباض الروح الأخلاقي أمام جلال المطلق، وانبساطه أمام جماله. وهذه بدورها ليست إلا الحركة الدائمة بين كون الوجود والانعدام، أو الصيرورة الوارثة لذاتها بين الأزل والأبد، التي يقف الروح الأخلاقي أمامها متتبعاً خطاها في الأول والآخر، والظاهر والباطن، أي الوحدة الدائمة والمنفية في حالة إدراكها حقيقة وجودها كنهاية أزلية وبداية أبدية. إذ لا أول ولا آخر في حقيقة الله. فالأول هو نتاج وعي وإدراك سلسلة الموجودات في ترتيبها، بينما الآخر غايتها. وقد سعى الغزالي من خلال هذه الحركة الكشف عن مثال الأول والآخر في التخلّق بأخلاق الله. إذ لا يعني التخلّق هنا سوى الاستعادة الحقة لوحدة العلم والعمل الأخلاقية، التي تعي طابعها العابر مقارنة بالأول والأزل، وإضفاء الصفة الأخلاقية على وعيها بحقائق السلوك صوب المطلق، باعتباره الآخر والأبدي. وليست هذه العملية سوى محاولة إدراك الأول في أخلاقية الآخر. فهي وسيلة ترتيب الوجود، التي تكشف في استحالتها الواقعية طريق الممكن الأخلاقي في الحق. فليس الأول والآخر سوى الانعكاس المجرد للترتيب الزماني والمكاني، وإلا فلا أول. وليس الآخر سوى ذروة بلوغ الرقي الأخلاقي المعرفي، وإلا فلا آخر. ذلك يعني، أن الأول والآخر هما التجزئة المعرفية لظواهر الوجود. وبالتالي ليست الأسماء الإلهية سوى مثالها الأخلاقي الواجب، باعتبارها مؤشرات الفعل المتسامي في حظوظ التجلي بالاسم الظاهر – الباطن، أي الوحدة المتناقضة في ظاهريتها، والتي لا تنفيها إلا الوحدة المؤنسنة، التي تكف فيها ازدواجية الظهور والبطون عن التطابق، بحيث لا يعني البطون فيها سوى عدم إدراكه بالحس، أما الظهور فمعرفته بالعقل. وتجد هذه العملية في وحدة الظاهر -  الباطن الأخلاقي الحر من بواعث العابر والجزئي من جهة، والمقيّد بالكلّ الأخلاقي في تصوراته وأفعاله من جهة أخرى، مثالها الإنساني الرفيع في الحق والواحد الإلهيين. فإذا كان الحق نقيض الباطل، والأشياء قد تستبان بأضدادها، فإن للحق بالتالي درجات وللباطل درجات. وإذا كان الحق يطلق على الوجود في الأعيان والأذهان واللسان، فإن أعلاها درجة هو الوجود الثابت بذاته أولاً وأبداً، ومعرفته والشهادة له حقاً أزلاً وأبداً. فهو المثال الذي ينبغي للإنسان أن يستمد منه حقيقة الوحدة في الوجود والمعرفة والفعل، باعتباره وجوداً حقاً في المطلق لا بحد ذاته. وعندما شدد الغزالي على أن ذروة ذلك تقوم في رؤية الذات لذاتها باعتبارها باطلاً، فبمعنى تلاشيها أمام المطلق، أو ما دعته الصوفية بفناء النفس من حيث ذاتها وتمثلها لحقائق الاسم الإلهي الواحد. فالواحد هو الذي لا يتجزأ ولا يثنّى. والواحد المطلق هو الله، الذي هو الوجود الموجود المتفرد بخصوص وجوده تفرداً لا يتصور أن يشاركه غيره فيه أصلاً[23]. فهي الذروة التي يقابلها في الوجود الاجتماعي التاريخي ذروة المعرفة والأخلاق المؤنسنة في ما دعته المتصوفة بأقطاب وجودها الحق. وهو الإنسان الواحد، الذي ليس له من أبناء جنسه نظير في خصلة من خصال الخير[24].

إن ربط الغزالي لهذا الواحد الإنساني بخصال المطلق، يعني ربط صيرورته الفعلية بصيرورة التخلّق الفردي بالأخلاق المطلقة، والتي تشكل الأسماء الإلهية ككل مؤشراتها المجردة ووسائل بنائها. فإذا كان الملك (الاسم الإلهي) هو المستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود، ويحتاج إليه كل موجود، بل لا يستغني عنه شيء، بل كل شيء فوجوده منه، فإن حظ الإنسان منه هو الاستغناء عن كل شيء مما سوى الله[25]. فالإنسان لا يمكنه أن يكون ملكاً مطلقاً، لأنه لا يمكنه الاستغناء عن كل شيء. لكنه يستطيع الاستغناء عن بعض منها، مما يشركه مع الملك الحق في الإمكانية. فالملك في الناس هو من يستغني عن كل ما هو سوى الله. وهي النظرة التي حاول إظهارها في منظومته عن الأسماء الإلهية، من خلال النسبة الدائمة في كل ما هو إنساني. فالإنسان من حيث وجوده هو واسطة أو وسائط مرتبطة بصلات لا تحصى في مقدمات وشروط الفعل والوجود والترقي. لكن الغزالي لم يسع من وراء ذلك إظهار عجز الإنسان وضعفه، بقدر ما أراد التأسيس لطريق التنقية الأخلاقية وسمو وعيها الذاتي العملي.وهي العملية التي يمثل الاسم الإلهي الصبور أحد نماذجها العالية. فالصبور الحق هو الذي لا تحمله العجلة على المسارعة إلى الفعل قبل أوانه، بل ينزل الأمور بقدر معلوم ويجريها على سنن محدودة لا يؤخرها عن آجالها ولا يقدمها عن أوقاتها، بل يودع كل شيء في أوانه على الوجه الذي يجب أن يكون. كل ذلك من غير مقاساة داع على مضادة الإرادة[26]. فالإنسان لا يمكنه سلوك ما يزيل مقاساة الصبر ومعاناته. فالمعاناة  في ميادين الوجود والمعرفة هو طريق المقاساة والمعاناة، بسبب ملازمته حل تناقضات البواعث في الاعتبار والفعل. وبهذا المعنى تكون الأسماء الإلهية كمؤشرات للرقي الأخلاقي، أسلوب الصبر الحقيقي. فالمتخلّق بالأخلاق الإلهية لا يمكنه التخلّق بها دون تحقيقها الواعي. إذ لا يمكن للإنسان أن يتحلى بأسماء الكريم والبرّ والتواب والعلي والجليل والكبير والعظيم والقيوم والحفيظ والجامع وغيرها من الأسماء الإلهية دون أن يعي حقائقها ويسعى للتخلّق بها على قدر الاستطاعة. فالكريم المطلق هو الذي إذا قدر عفا، وإذا وعد وفى، وإذا أعطى زاد على منتهى الرجاء، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى. وإن رفعت حاجة إلى غيره لا يرضى ولا يضيع من لاذ به والتجأ. ويعمل كل ذلك بلا تكلّف. في حين أن الإنسان قد يتجّمل بهذه الخصال في مسعى اكتسابها، لكنه يستطيع بلوغ بعضها مع نوع من التكلف[27]. والبرّ هو المحسن المطلق، بينما الإنسان يكون براً بقدر ما يتعاطاه من البر، لاسيما بوالديه وأستاذه وشيوخه[28]. والتواب المطلق هو الذي ييسر أسباب التوبة إلى عباده بما يظهر لهم من آياته ويسوق إليهم من تنبيهاته. بينما التوّاب في الإنسان هو الذي قبل معاذير المجرمين من رعاياه وأصدقائه ومعارفه مرة بعد أخرى[29]. والعلي هو الذي لا رتبة فوق رتبته، وجميع المراتب منحطة عنه. والعلي المطلق هو  الله. لأن له فوقية الرتبة في كل وجود ونسبة. وعلى الرغم من أن الإنسان لا يمكنه أن يكون علياً مطلقاً، إلا أنه يمكن أن يترقى إلى درجة الأنبياء والملائكة[30]. والجليل المطلق هو الموصوف بنعوت الجلال كالعز والملك والتقديس والعلم. بصيغة أخرى، إن الجليل كأنه يرجع إلى كمال الصفات، التي ينبغي أن يقابلها في الإنسان الجليل الجميل ومن حسنت صفاته الباطنية التي تستلذها القلوب البصيرة[31]. وإذا كان الكبير المطلق هو عبارة عن كمال الذات، فإنه لا يعني سوى كمال الوجود، وأزليته وأبديته واستمرار الوجود منه[32]. في حين أن العظيم المطلق هو الذي يرجع إلى كمال الصفات والذات جميعاً[33]. لهذا أيضاً لا تحيط به العقول. أما حظه في الإنسان أو نسبته فهو كمال الذات والصفات والأفعال، أو الكمال الوجودي الممكن استدراجه وبلوغه في درجة الاسم الجامع. فالأخير هو المؤلف بين المتماثلات، مثل جمع الخلق الكثير من الأنس على الأرض، والمتباينات مثل جمع الكواكب، والمتضادات مثل الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة. ولا يعني ذلك سوى المثال المطلق لما ينبغي أن يكون عليه في القول والفعل، أو ما  اسماه الغزالي أيضاً بجمع كمال المعرفة وحسن السيرة[34].

لقد حدد ذلك في منظومة التخلّق بأخلاق الله ضرورة بلوغ النموذج الإنساني المتسامي، باعتباره قدوة حية يستمد الوجود الاجتماعي التاريخي منها أنواره وعلومه. فإذا كان الحي المطلق هو من ينطوي تحت علمه وفعله كل ما في الوجود، فإن حياة الإنسان تتحدد بقدر إدراكه وفعله[35]. من هنا محاولته تمثل الأسماء الإلهية السلام والمؤمن والعزيز والقهار والوهاب والخافض الرافع والمجيب والودود والحميد والصمد والعفو والبديع في بناء ملامح الصورة الجامعة في ذاتها مثال القدوة العملية. فإذا كان السلاّم المطلق هو من يجمع في ذاته السلامة من النقص في الذات والصفات والأفعال، فإن حظه في الإنسان الكامل هو تخلصه من الغش والحسد وإرادة الشرّ في قلبه وعن الآثام في جوارحه، ومن سلم المسلمون من لسانه ويده[36]. وإذا كان المؤمن المطلق هو الذي يعزى له الأمن والأمان بإفادته أسبابه وسدّه طرق المخاوف، فإن الإنسان الكامل هو من يأمن الخلق جانبه، بل يرجو كل خائف الاعتقاد به في دفع الهلاك عن نفسه في دينه ودنياه[37]. وإذا كان العزيز المطلق هو الذي يقلّ وجود مثله، وتشتد الحاجة إليه، ويصعب الوصول إليه، فإن العزيز الحقيقي في الإنسان هو من يحتاج إليه الناس في أهم أمورهم وهي الحياة الآخروية والسعادة الأبدية[38]. وإذا كان الجبار المطلق هو الذي تنفذ مشيئته على سبيل الإجبار في كل أحد، ولا تنفذ فيه مشيئة أحد، فإن مثاله في الإنسان هو من ارتفع عن الاتباع ونال درجة الاستتباع، وتفرّد بعلو رتبته، بحيث يجبر الخلق بهيئته وصورته على الاقتداء به[39]. وإذا كان الوهاب المطلق هو الذي يعطي عطية خالية عن الأعواض والأغراض، فإن مثاله الكامل في الإنسان هو الذي يبذل كل ما لديه لوجه الله لا لغرض[40]. وإذا كان الخافض الرافع المطلق هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء ويرفع المؤمنين بالإسعاد، فإن حظه في الإنسان الكامل من يرفع الحق ويخفض الباطل[41]. وإذا كان المجيب المطلق هو الذي يقابل مسألة السائلين بالإسعاف ودعاء الداعين بالإجابة، وضرورة المضطرين بالكفاية، بل وينصح قبل النداء ويتفضل قبل الدعاء، فإن مثاله في الإنسان الكامل هو الذي يكون مجيباً لربه أولاً ثم لعباده بإسعاف كل سائل بما يسأله إن قدر عليه وفي لطف الجواب إن عجز منه[42]. وإذا كان الودود المطلق هو الذي يحب الخير لجميع الخلق فيحسن إليهم ويثني عليهم، فإن مثاله في الإنسان الكامل هو من يريد للخلق كل ما يريده لنفسه، وأعلى من ذلك أن يؤثرهم على نفسه[43]. وإذا كان الحميد المطلق هو المحمود المثنى عليه أزلاً وأبداً، فمثاله في الإنسان الكامل هو الذي حمدت عقائده وأخلاقه وأعماله وأقواله كلها[44]. وإذا كان العفو المطلق هو الذي يمحو السيئات ويتجاوز عن المعاصي، فإن مثاله في الإنسان هو الذي يعفو عن كل من ظلمه، بل يحسن إليه كما يرى الله محسناً في الدنيا على العصاة والكفرة، بل وربما يعفو عنهم ويتوب عليهم[45]. وإذا كان الصمد المطلق هو الذي يصمد إليه في الحوائج، ويقصد إليه في الرغائب، فإن مثاله في الإنسان هو الذي يتحول إلى مقصد الناس في مهمات دينهم ودنياهم وتجري على يده ولسانه حوائجهم[46]. وإذا كان البديع المطلق هو الذي لا عهد بمثله لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا في كل أمر راجع إليه، فإن مثاله في الإنسان هو الذي يختصه بخاصية في النبوة أو الولاية أو العلم لم يعهد مثلها[47].

لقد كان بإمكان الغزالي أن يفترض في مثاله الأسمى للذات الإنسانية النموذج الواقعي للكمال الإنساني، لكنه أبقى على هذه الواقعية في مثاليتها الواجبة. وبهذا يكون قد حوّر في جدلية المثال والواقع حصيلة الثقافة الإسلامية في استدراجها لمكونات كيانها التاريخي صوب مثلها العليا في الذات الإلهية، أي اكتشاف وتحقيق الصفات المطلقة القائمة بين الإنساني والإلهي، أو التاريخي والمثالي، باعتبارها العينات المثلى، أو الأعلام المتسامية لتجربة الخلافة الروحية. (يتبع....).

 

ا. د. ميثم الجنابي

......................

[1] الغزالي: مشكاة الأنوار، ص81.

[2] الغزالي: مشكاة الأنوار، ص81.

[3] الغزالي: الرسالة اللدنية، ص109.

[4] الغزالي: الرسالة اللدنية، ص110.

[5] الغزالي: ميزان العمل، ص31.

[6] الغزالي: إحياء علوم الدين، ج3، ص9.

[7] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص48.

[8] الغزالي: الرسالة اللدنية، ص105.

[9] الغزالي: إحياء علوم الدين، ج3، ص14.

[10] الغزالي: إحياء علوم الدين، ج3، ص14.

[11] الغزالي: المنقذ من الضلال، ص81.

[12] الغزالي: المنقذ من الضلال، ص81-82.

[13] الغزالي: إحياء علوم الدين، ج3، ص8.

[14] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص75.

[15] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص78.

[16] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص79.

[17] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص86.

[18] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص120.

[19] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص120

[20] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص92.

[21] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص92.

[22] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى،ص95-96.

[23] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص133.

[24] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص133.

[25] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص66.

[26] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص149.

[27] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص117.

[28] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص128.

[29] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص129.

[30] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص109.

[31] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص17.

[32] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص109-110.

[33] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص116.

[34] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص143.

[35] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص131-132.

[36] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص70.

[37] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص71.

[38] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص74.

[39] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص74.

[40] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص83.

[41] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص88-89.

[42] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص118.

[43] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص122.

[44] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص130.

[45] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص140.

[46] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص134.

[47] الغزالي: المقصد الأسنى في شرح اسماء الله الحسنى، ص147.

 

 

في المثقف اليوم