تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

علوم

شاكر عبد موسى: الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي عام 2024

المقدمة: في عام/ 2023، انتقلت سياسات الذكاء الاصطناعي وقوانينه الناظمة من كونها مجرد موضوع ضيق النطاق ويقتصرعلى حفنة قليلة من المهتمين والمتحمسين إلى أخبار مهمة تتصدر الصفحات الرئيسية.

وهذا يُعزى جزئياً إلى نظام تشات جي بي تي (ChatGPT) من شركة أوبن أيه آي (OpenAI)، الذي ساعد على نقل الذكاء الاصطناعي إلى نطاق التداول العام، وأتاح للجمهور اختبار كيفية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي، ومشاكلها.

وبات ذلك العام حافلاً من الناحية السياسية، فقد شهدنا الموافقة على أول قانون شامل للذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي، وجلسات استماع لمجلس الشيوخ وأوامر تنفيذية في الولايات المتحدة، وفرض قوانين محددة في الصين لتنظيم أشياء مثل خوارزميات التوصية.

وإذا كان عام/  2023 هو العام الذي أجمع فيه المشرّعون على رؤية معينة، فسوف يكون عام / 2024 بداية لتحول السياسات إلى إجراءات فعلية.

لقد دخل الذكاء الاصطناعي فعلياً نطاق الحوار السياسي في الولايات المتحدة عام /2023، لكن لم يقتصر الأمر على الجدل، بل وصل إلى حد اتخاذ إجراءات فعلية بلغت ذروتها مع إصدار الرئيس الأمريكي (جو بايدن 1942) أمراً تنفيذياً حول الذكاء الاصطناعي في نهاية أكتوبر تشرين الأول/ 2023، وهو توجيه شامل يدعو إلى المزيد من الشفافية وتطبيق معايير جديدة.

أولاً: الذكاء الأصطناعي وحماية البنوك

قالت شركة "ماستركارد" العملاقة للمدفوعات إنها قامت ببناء نموذج ذكاء اصطناعي خاص بها لمساعدة آلاف البنوك في شبكتها على اكتشاف المعاملات الاحتيالية والقضاء عليها، وذكرت الشركة أن نموذج الذكاء الاصطناعي المتقدم الجديد (Decision Intelligence Pro)، سيسمح للبنوك بتقييم المعاملات المشبوهة على شبكتها بشكل أفضل في الوقت الفعلي وتحديد ما إذا كانت مشروعة أم لا، وأضافت أن النموذج الجديد عبارة عن شبكة عصبونية متكررة، تم بناؤها من الصفر بواسطة فرق الأمن السيبراني ومكافحة الاحتيال بالشركة.

هناك توليفة تبدو أقرب للخيال، وهي وجود بنوك افتراضية وتقنيات ذكاء اصطناعي ولكن حسب دراسة أجرتها مجلة McKinsey""  أكدت فيها أهمية الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تحقيق النجاح طويل الأمد للبنوك الافتراضية، ولكن ما هي تلك البنوك يا ترى؟.

"Neobanks".. مصطلح بدى يطرأ كثيرا على مسامعنا، وارتبط بالبنوك التي لا تمتلك أي فروع على أرض الواقع وإنما تقدم خدماتها فقط عبر الإنترنت.

وأشارت الدراسة إلى أن استفادة هذه المؤسسات المالية الناشئة من التكنولوجيا المتطورة تمثل الركيزة الأساسية لتحقيق نمو مستدام ونجاح متفرد في قطاع الخدمات المصرفية الرقمية، إذ تتمتع البنوك الافتراضية بقدرة هائلة على التكيُّف مع التطورات التكنولوجية الجديدة، مما يجعلها أكثر تنافساً مع البنوك التقليدية في التواصل مع عملائها وبشكل أسرع وأكثر دقة.

ثانياً: نماذج الذكاء الاصطناعي في قطاع السيارات

قالت - شركة فولكس فاغن - لصناعة السيارات إنها أسست "مختبراً جديداً للذكاء الاصطناعي" لتوليد أفكار منتجات جديدة، مضيفة في بيان لها "أنها تجري محادثات مع شركات التكنولوجيا الدولية حول التعاون لإنشاء نماذج أولية جديدة للمنتجات والميزات باستخدام الذكاء الاصطناعي".

وأوضحت الشركة أن الهدف المراد هو إنشاء نماذج أولية في مجالات مثل دورات الشحن المحسنة بالذكاء الاصطناعي، وخدمات الصيانة التنبئية، والتعرف على الصوت.

وذكرت الشركة الألمانية أن "المحادثات الاستكشافية جارية بالفعل مع شركات التكنولوجيا العالمية بشأن المشاريع الأولية"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

ثالثا: الذكاء الاصطناعي وشبح البطالة

لا يمكن للمرء أن يهرب هذه الأيام من التقارير التي تحاول استقراء كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تؤثّر في الوظائف والشركات والأنظمة الاقتصادية بشكلٍ عام.

بالطبع يظل الكثير من هذه التقارير متشائماً، لكن بعض الأخبار الإيجابية تبرز بين الحين والآخر لتذكرنا بأن ما نمر به اليوم حدث من قبل لكننا فقط لم نقرأ التاريخ جيداً.

خلال الأيام القليلة الماضية صدرت دراستان مهمتان، الأولى نشرها صندوق النقد الدولي وتتوقع أن الذكاء الاصطناعي سيؤثّر في نحو  40بالمائة من الوظائف العالمية، وأن تأثيره في الاقتصادات المتقدمة سيفوق تأثيره في الأسواق الناشئة والدول المنخفضة الدخل.

وقد حذّرت مديرة الصندوق (كريستالينا غورغييفا)، وهو المنصب الذي تشغله منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول2019.. في تعليقها على الدراسة، من أن معظم السيناريوهات ترجّح أن يفاقم الذكاء الاصطناعي عدم المساواة.

رابعاً: العام الحالي والأعوام القادمة

في عام/ 2024، ونحن نعيش في الربع الأخير من العمر، نجد أن الذكاء الاصطناعي قد استطاع تحقيق تقدما هائلا على المستوى العالمي، لقد تطور بشكل كبير ليصبح جزءًا حيويًا من حياتنا اليومية ويؤثر بشكل كبيرعلى جميع المجالات من الصناعة إلى الطب والتكنولوجيا والترفيه.

في مجال التكنولوجيا: أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من تطوير الأجهزة والبرمجيات، أذ يتم تطوير الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة تمكنها من التفاعل بشكل أكثر ذكاءً مع المستخدمين، أضف الى ذلك تستخدم الشركات التقنية الكبرى مثل - جوجل وآبل ومايكروسوفت - الذكاء الاصطناعي في تطوير منتجاتها وتحسين تجربة المستخدم.

في مجال الطب: يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حيويًا في تحسين التشخيص والعلاج، وبفضل القدرات الحسابية العالية والقدرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات، أستطاع الذكاء الاصطناعي تحليل الأشعة التشخيصية والتاريخ الطبي للمرضى بطريقة أدق وأسرع من الطرق التقليدية .

في صناعة السيارات: يعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين نظم الملاحة والسلامة، ويمكن للسيارات المزودة بالذكاء الاصطناعي التعرف على الإشارات المرورية والمشاة والمركبات الأخرى واتخاذ القرارات المناسبة بناءً على هذه المعلومات، كذلك تساهم الكواشف والمستشعرات المدمجة في تحقيق نقل آمن وذكي.

في مجال الترفيه: يواصل الذكاء الاصطناعي تطوره الدائم، أذ يتم استخدامه في تطوير الألعاب الإلكترونية التفاعلية والواقع الافتراضي، ومن خلال إنشاء عوالم وشخصيات مذهلة، كما يمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا توفير تجارب ترفيهية مخصصة لكل فرد بناءً على تفضيلاته واهتماماته الشخصية.

في الختام، يمثل الذكاء الاصطناعي التقدم العلمي والتكنولوجي الذي نتطلع إليه في عام / 2024 والأعوام القادمة، إمكانات هائلة في تحسين حياتنا ودفع التقدم العلمي في مختلف المجالات.

خامساً: السرطان مرض العصر

يعد مرض سرطان البنكرياس من الأمراض التي يصعب الكشف عنها مبكراً، كون غدة البنكرياس في جسم الأنسان تقع وراء أعضاء أخرى في نطاق البطن، ما يفسر صعوبة اكتشاف الأورام فيها أثناء الفحوص الطبية التقليدية .

بالعادةً، لا تبدو على السقماء أي أثار ومظاهر في المراحل المبكرة للمرض، ما يشير إلى تشخيص أغلب الحالات في مدة طويلة الأمد، أي عقب انتشار الداء إلى أعضاء أخرى من الجسد، وهكذا يصبح إعطاء الدواء أصعب بشكل أكثر، فمن اللازم تجربة الكشف المبكرعن هكذا مرض خبيث.

لذا عمل فريق من الباحثين في مختبر علوم الحاسوب والذكاء الاصطناعي (CSAIL) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتعاون مع العالمة في قسم العلاج الإشعاعي للأورام في - مركز بيث ديكونيس الطبي - في مدينة بوسطن الأمريكية، ليمور أبيلبوم (Limor Appelbaum)، على تطوير نظام ذكاء اصطناعي يمكنه التنبؤ باحتمالية الإصابة بسرطان البنكرياس القنوي الغدّي (PDAC)، وهو النوع الأكثر انتشاراً للسرطان.

سادساً: الاستثمار عبر الذكاء الاصطناعي

أصبح الاستثمار باستخدام الذكاء الاصطناعي موضوعًا يشغل بال الكثيرين في الفترة الأخيرة، أذ تفيض المواقع على الإنترنت بالعروض اللانهائية التي تدعوك إلى استغلال الذكاء الاصطناعي في استثماراتك المالية.

تدعي هذه الروبوتات القدرة على تحقيق أرباح مربحة، رغم ذلك تحذر كبرى المؤسسات المالية من أن رأس المال قد يكون في خطر... ببساطة، يمكن أن تخسر أموالك في حالة وجود شخص أو نظام حاسوبي يتخذ قرارات السوق نيابةً عنك.

لقد أثارت قدرة الذكاء الاصطناعي هذه جدلًا كبيرًا في السنوات القليلة الماضية، حتى أن دراسة استقصائية أجريت في الولايات المتحدة عام / 2023 أظهرت أن ثلث المستثمرين يشعرون بالارتياح تجاه فكرة الاعتماد على بوت التداول لتنفيذ الصفقات نيابةً عنهم، هذا يعني أنهم سيكونون سعداء للاستمتاع بإجازة طويلة أو قصيرة لأن الروبوت سيتولى كل المسؤوليات التجارية.

في النهاية، يجب على المستثمرين أن يأخذوا في الاعتبار أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الاستثمار له مخاطرة بالمال والودائع، و يجب التذكير بأن قرارات السوق يمكن أن تؤدي إلى خسارة أموالك إذا كنت تتوكأ على شخص أو نظام حاسوبي بعيد عنك، لذلك، يجب أن يكون لك المقدرة على اتخاذ القرارات وفهم التوجهات المالية بشكل مستقل، حتى وأن كانت الروبوتات قادرة على تحقيق أرباح عالية، فالحذر والتوازن في التعامل مع تكنولوجيا الاستثمار المتقدمة هما المفتاحان لتحقيق النجاح في السوق المالية اليوم.

وقد تضخمت التدفقات المالية إلى أكبر خمسة صناديق تداول في العالم تركز على الذكاء الاصطناعي في البورصة بمعدل 35 في المئة منذ بداية العام الحالي .

وانعكس الذكاء الاصطناعي على الأسهم في مؤشر ناسداك، أذ زاد بمعدل 42 في المئة إلى حد ماً، ليجتاز مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الذي زاد بقدر أدنى من 19 في المئة.

في أيار مايو / 2023، أصبحت مؤسسة «نفيديا» الأميركية الصانعة للرقائق الدقيقة المتطورة الضرورية لتشغيل الذكاء الاصطناعي، المنشأة التجارية السادسة في العالم التي تبلغ تكلفتها السوقية إلى تريليون دولار، وازداد سهمها بمقدار 207 في المئة منذ أول العام.

وقال رئيس قسم الابتكار والعمليات في جمعية الاستثمار في المملكة المتحدة (جون آلان) : "على المستثمرين أن يكونوا أكثر حذراً بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي، الاستثمار أمر خطير للغاية، فهو يؤثر على الناس وأهداف حياتهم على المدى الطويل، لذا فإنَّ التأثر بالطفرة الأخيرة قد لا يكون منطقياً".

سابعاً: إبداعات جديدة

أطلقت شركة جوجل مجموعة من المزايا الجديدة التي تثري تجربة المستخدم عند البحث على محركها "جوجل سيرش"، من خلال برنامجها لمزايا البحث التجريبية بالذكاء الاصطناعي Search Generative Experience أو اختصاراً SGE، ومن أهمها:

* الردود النصية الذكية:

وبحسب بيان رسمي من الشركة، فإنه من بين المزايا الجديدة التي تقدمها جوجل لمستخدمي "سيرش"، ستكون الكلمات والمصطلحات المذكورة في الردود النصية الذكية التي يقدمها محرك البحث، قابلة لتقديم المزيد من التعريف والتفسير لها.

وتظهر الميزة الجديدة للمستخدم في صورة بالون صغير بجوار المصطلح بمجرد تمرير مؤشر الماوس عليها، إلى جانب إمكانية الضغط على زر "معرفة المزيد" للتعمق في تفاصيل المصطلح.

وتشير جوجل إلى أن هذه الميزة ستسهل على المستخدم التعرف على معلومات أكثر دقة بشأن المفاهيم والمصطلحات المذكورة في الموضوعات المتعلقة بالعلوم، والاقتصاد، والتاريخ، وغيرها من الموضوعات المتخصصة.

* فهم الأكواد البرمجية:

كذلك أضافت جوجل مزايا ذكية جديدة لمحركها البحثي تسهل على المبرمجين، بمختلف مستويات خبرتهم، طرح أسئلة عن الأكواد البرمجية، والحصول على ردود تحتوي على توضيحات تتضمن أكواداً برمجية، وستكون معروضة بشكل ملون ليمكن ملاحظتها داخل الردود النصية، لذا سيكون يسيراً التعرف على العناصر المختلفة مثل الكلمات المفتاحية، والتعليقات، وسلسلة التغييرات والتحديثات في الأكواد البرمجية، ما يساعد المستخدم على فهم الشيفرة التي يراها بسهولة.

يُذكر أن برنامج مزايا SGE للبحث يقدم حالياً إجابات عامة يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي للمساعدة في المهام المختلفة مع دعم عدد من لغات البرمجة والأدوات، فعلى سبيل المثال، يمكن العثور على إجابات لأسئلة عن كيفية كتابة أكواد خاصة بمهام معينة، ورؤية شيفرات مقترحة للمهام الشائعة.

* تلخيص المقالات:

كذلك أتاحت جوجل ميزة جديدة تسمى (SGE while Browsing)، والتي تتيح إنشاء ملخص سريع للمقالات في صورة نقاط رئيسية تلخص الموضوع، ويمكن الضغط على أي منها للانتقال للجزء الخاص بها مباشرة داخل المقال.

إلى جانب ذلك، فإن الميزة الجديدة تحول المعلومات التي يعرضها المقال إلى هيئة أسئلة متنوعة، بحيث يمكن للمستخدم الوصول إلى جزء محدد من المقال يجيب عن التساؤل الذي يبحث عن إجاباته بشكل مباشر، دون الحاجة للمرور بمختلف أجزاء المقال.

وأوضحت الشركة المذكورة أن الميزة تدعم تلخيص المقالات المتاحة مجاناً لعموم المستخدمين، بينما غير متاحة للمواقع التي تتيح محتوى مقالاتها باشتراك دوري مدفوع الثمن .

كما أن الميزة الجديدة متوفرة حالياً على الويب بشكل منفصل تحت ميزة (SearchLabs )على متصفح كروم، ويمكن الاشتراك فيها بشكل منفصل.

ثامناً: عام/ 2024 والتطورات المخيفة

رغم أن عام/ 2023 شهد تغييرًا في قواعد اللعبة للذكاء الاصطناعي، إلا أن عام / 2024 شهد وسيشهد تطورات أكثر رعبًا بما في ذلك في مجالات الذكاء العام الاصطناعي، فقد تم تطوير ((ChatGPT من OpenAI وهو نموذج ذكاء اصطناعي يسهل الوصول إليه للجمهور،على الرغم من ذلك، تحمل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سجلاً تاريخيًا متقلبًا وتجارب فاشلة.

وتركز الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي عادة على تحسين مجالات متنوعة مثل التشخيص الطبي والاكتشاف العلمي، على سبيل المثال، ويمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي اكتشاف ما إذا كنت معرضًا لمخاطر سرطان الرئة من تحليل الأشعة السينية، وقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتصميم تجارب فيزياء الكم.

ومع ذلك، توجد اختراقات في مجال الذكاء الاصطناعي تشكل تهديدًا للبشرية، مثل الطائرات بدون طيار القاتلة، وتقارير تشير إلى أن (OpenAI ) تطور نظامًا يمكن أن يكون هو - الذكاء العام الاصطناعي - وهو ما سيمثل تحولًا كبيرًا في قدرات الذكاء الاصطناعي.

عام/ 2024 قد يشهد تطورات مرعبًا في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن لا يمكن التنبؤ بالتأثير الفعلي لهذه التطورات على المستقبل.

وإليك بعض من أكثر اختراقات الذكاء الاصطناعي رعبًا والتي من المحتمل أن تحدث هذا العام والأعوام القادمة، وذلك وفق تقرير جديد نشره موقع «لايف ساينس» العلمي.

لا نعرف بالضبط سبب إقالة سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، وإعادته إلى منصبه أواخر عام/2023، ولكن وسط الفوضى المؤسسية في OpenAI، انتشرت شائعات حول تقنية متقدمة يمكن أن تهدد مستقبل البشرية.. منها:

* التفرد المفرط:

فكرة - الذكاء الاصطناعي العام - كانت محصورة فقط في الخيال العلمي لفترة طويلة، وعلى الرغم من ذلك، قد يصل OpenAI إلى نقطة تحول تعرف بـ "التفرد"، أذ يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر.

والعلماء يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي العام يمكنه أداء بعض المهام بشكل أفضل من البشر، وأيضاً يمكن استخدامه في تصميم مسببات الأمراض المحسنة أو لشن هجمات إلكترونية ضخمة، من الممكن أن يكون عام/ 2024 هو عام اختراق الذكاء الاصطناعي العام.

فقد ذكرت وكالة «رويترز» أن نظام OpenAI هذا، المسمى Q* (يلفظ Q-star)، قد يجسد الإدراك الرائد المحتمل للذكاء العام الاصطناعي (AGI).

حيث لا يُعرف سوى القليل عن هذا النظام الغامض، ولكن إذا كانت التقارير صحيحة، فقد يؤدي ذلك إلى رفع قدرات الذكاء الاصطناعي عدة مرات، وهو نقطة تحول افتراضية، تُعرف أيضًا باسم «التفرد»، حيث يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً من البشر.

فهل يمكن أن يكون عام/ 2024 عام الاختراق للذكاء الاصطناعي العام؟ فقط الوقت كفيل بإثبات ذلك.

* التزييف العميق:

تطرح هذه النصوص التهديد الذي يشكله - التزييف العميق - في السياق السيبراني، أذ يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء صور وفيديوهات مزيفة تستخدم للتجريم أو التنمر على الأشخاص.

في الماضي، لم تكن تقنية التزييف العميق بمستوى يشكل تهديدًا كبيرًا، ولكن الآن أصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على إنشاء وجوه بشرية مزيفة بشكل واقعي للغاية.

ويعتبر تأثير التزييف العميق على الانتخابات أمرًا مخيفًا، أذ يمكن أن يؤثر على نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة .. على سبيل المثال، تقوم جامعة كاليفورنيا في بيركلي بمراقبة استخدام الذكاء الاصطناعي في الحملات الانتخابية.

ومع نضوج الذكاء الاصطناعي، فإن أحد الاحتمالات المخيفة هو أن يتمكن الناس من نشر التزييف العميق لمحاولة التأثير على الانتخابات.

وبينما تستعد أمريكا لإجراء انتخابات رئاسية في تشرين الثاني، نوفمبر/ 2024، هناك احتمال أن يؤدي الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق إلى تغيير نتيجة هذا التصويت الحاسم.

* الروبوتات القاتلة:

تعمل الحكومات في جميع أنحاء العالم على دمج الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في أدوات الحرب، فقد أعلنت الحكومة الأميركية في 22 تشرين الثاني، نوفمبر/ 2023 أن 47 ولاية قد أيدت إعلانًا بشأن الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي في الجيش، والذي تم إطلاقه لأول مرة في مدينة لاهاي بفبرايرشباط/ 2024. وان الاستخدام «غير المسؤول» لهذه التقنيات هو احتمال حقيقي ومرعب.

إذ يستطيع الذكاء الاصطناعي التعرف على الأنماط، والتعلم الذاتي، والتنبؤ أو إصدار توصيات في السياقات العسكرية، وقد بدأ بالفعل سباق تسلح للذكاء الاصطناعي.

ففي عام /2022، على سبيل المثال، أنتج الذكاء الاصطناعي 40 ألف سلاح كيميائي افتراضي جديد، وطلبت فروع مختلفة من الجيش الأميركي طائرات بدون طيار يمكنها التعرف على الأهداف وتتبع المعارك بشكل أفضل من البشر.

وفي عام/ 2024، من المحتمل أننا لن نرى استخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة الأسلحة فحسب، بل أيضًا في الأنظمة اللوجستية وأنظمة دعم القرار، فضلاً عن البحث والتطوير.

لقد ابتكر العلماء ذكاءً اصطناعيًا يمكنه اكتشاف الحياة الفضائية، لكنهم ليسوا متأكدين تمامًا من كيفية عمله،إلّا ان أحد مجالات التطوير الأكثر إثارة للخوف هو مجال أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة (LAWS) - أو ما يسمى بالروبوتات القاتلة.

تاسعاً: الاستنتاجات والتوقعات

* التوقعات:

من المتوقع أن تشهد المجالات التالية منافسة حامية بين البشر والذكاء الاصطناعي في عام/ 2024، طبقاً لما يحدده  الخبراء في هذا المجال:

الوظائف: من المرجح أن يؤدي التطور المستمر للذكاء الاصطناعي إلى إزاحة بعض الوظائف التي يقوم بها البشر حاليًا، على سبيل المثال، قد يؤدي تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها إجراء المحادثات وكتابة النصوص إلى إزاحة بعض وظائف خدمة العملاء والكتابة.

الألعاب: أثبت الذكاء الاصطناعي قدرته بالتفوق على البشر في مجموعة متباينة من الألعاب، ومن المتوقع أن يتواصل الذكاء الاصطناعي في التقدم في ذلك الميدان، وقد يصبح قادراً على الفوز على البشر في كافة الألعاب.

الطب: يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من التطبيقات الطبية، بما في ذلك التشخيص والعلاج وتطوير الأدوية، ومن المتوقع أن يؤدي التطوير المستمر للذكاء الاصطناعي إلى زيادة استخدامه في المجال الطبي التقني، مما قد يؤدي إلى تحسين جودة الرعاية الصحية.

الصناعة: يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي في مجموعة مختلفة من التطبيقات الصناعية، بما في ذلك السيطرة على الماكينة وتحسين الإنتاجية وتطوير البضائع المنتجة نوعياً، ومن المتوقع أن يؤدي التحديث المطرد للذكاء الاصطناعي إلى مبالغة استعماله في الميدان الصناعي، الأمر الذي قد يسفر عن تزايد الكفاءة وخفض الأثمان.

* الأستنتاجات:

في عام/ 2024،  سوف تتصاعد المنافسة بين البشر والذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، وسيعتمد مستقبل هذه المنافسة على العديد من العوامل، بما في ذلك تطور الذكاء الاصطناعي نفسه واستجابة البشر له... يمكن تصور عدة سيناريوهات لهذه المنافسة في عام/2024:-

السيناريو الأول:  يستمر الذكاء الاصطناعي في التفوق على الأنسان في العديد من المجالات، و هذا قد يؤدي إلى تهديد بعض وظائف كثيرة وزيادة حالات البطالة والاضطراب الاجتماعي، من ناحية أخرى، قد يتمكن الأنسان من إيجاد طرق مناسبة للتكيف معه.

السيناريو الثاني: يمكن أن يفتح ذلك الأبواب أمام فرص عمل جديدة وتحقيق النمو والأزدهار الاقتصادي.

السيناريو الثالث: قد يتمكن البشر من تطوير ذكاء اصطناعي يفوق قدراتهم الذهنية، وهذا يعني أنه سيحدث ما يسمى "عصر الذكاء الاصطناعي".

من الصعب أن نحدد السيناريو الأكثر ترجيحًا في عام /2024. ومع ذلك، من المهم على الناس أن يكونوا مدركين للتحديات والفرص التي تنطوي عليها هذه المنافسة بين البشر والذكاء الاصطناعي. ستكون هناك حاجة للتكيف والابتكار للتعامل مع هذه التغيرات المتوقعة.

***

شاكر عبد موسى / العراق

......................

المصادر

* الشرق للأخبار / "نوتس" ميزة جديدة من تويتر لمحبي كتابة المقالات/ 23 يونيو، حزيران 2022. https://asharq.com/technology/3.

* الشرق الأوسط/ تقرير 3 إنجازات مخيفة سيحققها الذكاء الاصطناعي عام/ 2024/ في 1 فبراير شباط 2024. https://aawsat.com.

Sky news *عربية/ الذكاء البشري والاصطناعي.. منافسة متجددة في عام/ 2-24/ 26 ديسمبر كانون الأول 2023. https://www.skynewsarabia.com/business.

* نشرة الخوارزمية من أم أي تي تكنولوجي ريفيو https://mail.google.com.

في المثقف اليوم