تكريمات

قراءات نقدية: الصراع الإنساني في قصة (امرأة بزي جسد) للكاتبة وفاء عبد الرزاق

وهو بؤرة لتجمع الأفكار وتصارعها تقول : (لايعجبه النوم كما لا تعجبه الراحة، ولأنه لم يتركني اهدأ لحظة في حياتي انتزعته من رقبتي وتركته يتأمل)، فهل الكاتبة بهذه الخطوة أصبحت حرة وجعلت أفكارها تتأمل دون جسدها؟، أكيد هي قادت ثورة للتخلص من عناء الجسد وعناء الأفكار، لكن هل نجحت في الفصل هذا ؟ ابدا، فالرأس أو الفكر بدون الأعضاء مجتمعة لا يستطيع تنفيذ خططه الفكرية وإيصالها للآخر، كي يتواصل  في التأثير، ثم أن باقي أجزاء الجسم تصاب بالعطب دون الرأس، والرأس يصاب بالسكون كما صرحت الكاتبة وقالت انه يتأمل وصمتت وحالة التأمل هي تفكر ساكن غير متحرك لابد من اجتماع أعضاء الجسد، لتتحول حالة التأمل الى فعل مؤثر يعاند الصراعات الأخرى ويكاشفها الحقائق وكل جزء في الرأس له وظيفة تتعطل حال انفصاله عن الجسد، العينان يبصران ألوان وألوان من الحياة وتحلقان في أجواء الكون لاتنفذ خططهما إلا باصطفاف الأجزاء الباقية، بإيقاع يشبه إيقاع الطبيعة والكون، فالماء لايستقر إلا بأخاديد الأرض بعد الشروع في عملية الجريان لجهات اخرى، وهكذا فالعينان تريا الجمال والقبح وتتحرك بقية أجزاء الجسم للرفض او القبول فهما (ينبوعان ينهضان صباحا يرضعان الصبر ليكبر) والجبين جانب جمالي قد يضيء بفعل ما ام انه يحمل مسحة جمالية قد تتوقف وحالة الفصل الذي عمدته الكاتبة، الشفتان، الحاجبان، المنخار وهكذا جسدت الكاتبة التفاصيل لتبين ثقل وأهمية الرأس وهو يحمل هذه الأشياء المتحركة من خلال آلية ميكانيكية جسدية تتفاعل فيها جميع الأجزاء، هذا من ناحية الشكل إما من الناحية الأخرى فهناك صراع الأفكار قادته اجتماعات قوى الجسد وهذا الصراع قد يهدأ في حالة خلع الرأس وانفصاله، ولكن هي أمنية داعبت الكاتبة وفاء عبد الرزاق من اجل البحث عن المهدئات، بيد إنها لم تفلح فهي (امرأة بزي جسد) كل جزء من جسدها يطالبها بحاجاته وكل عطب في أي جزء يجعلها تتألم مضطربة ولا تهدأ وحتى مطاليب الأجزاء الباقية في حالة انسجام الجسد في لحمته الطبيعية تسبب لها متاعب في الإرضاء الارتواء ..

وهناك منابع للرؤية جسدتها الكاتبة وهي الخوف من أفكارها التي قد تهز الاخر .. ولذا هي تحب ان تكون على حافات الحياد، وفي معرض دراسة ما نغويل في كتابه الصادر من دار (اكت سود) الباريسية، نجد أن معظم وظائفنا البشرية هي فردية ولسنا بحاجة الى الأخر للتنفس والمشي والأكل والنوم، لكننا بحاجة إلى الآخر للتكلم والتحاور واللغة هي شكل من حبنا للآخرين والقصص تعطيها شكلا سرديا يساعدنا على عدم نسيانها والقراءة من الجانب الثاني تساعدنا بإعادة خلق ذاكرة ويأسف مانغويل على أن المنطقة التي التقى فيها كالكامش مع انكيدو يبدو مصيرها الآن بعيدا عن الوحدة الإنسانية التي ربطت الاثنين بسبب دخول الانتماءات الاثنية والطائفية والقبلية .. فهل الكاتبة وفاء عبد الرزاق أدركت هذا من سياق السرد الفنتازي لفكرتها، أنها مصرة على المكوث مع الآخر رغم الخوف منه، ورغم انها خلعت رأسها لتكون بريئة من تهمة الشك والريبة الا أنها تركت رأسها يتأمل لوحده وجلست بقربه تحاول ارتشاف قهوتها مما يدلل ان لا وعي الكاتبة ادخلها في عالم التوحد الإنساني وكان تمسكها بالثديان وإيحاء العش والماء فجّر ينبوع المعنى المتصاعد في القصة (أف انا الآن حرة لي ثديان رجوتهما زمنا الا يخذلاني الحرف إنهما يقاسماني ذاتي) (اليوم لست وحدي) وهكذا كانت رحلتي مع قصة (امرأة بزي جسد)المنشورة في جريدة طريق الشعب العراقية بتاريخ 2/8/2010م  رحلة شاقة غير أنها ممتعة في استرداد المعنى، حيث لولا القراءة المستمرة، لكان المعنى مجهولا وأصبحت لغة القصة السردية هي ضرب من الوهم، ولكن يبدو أن أفكار الكاتبة امتازت بالثورية والجرأة تمسكا بالحوار ومحاولة جر الآخر إلى هذه المنطقة حتى تصاعد التوتر والصراع  إلى نقطة يكون فيها الصراع الإنساني هو صراع تليد ماقبل التاريخ إلى الألفية الثالثة الآن وهو مسار غير منقطع متواصل ...

 

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

في المثقف اليوم