تكريمات

قراءات نقدية: وفاء عبد الرزاق .. بين جمالية صور الواقع وصور الكلام

 الحدود الجغرافية باشارات البث الاعلامي والثقافي والتكنلوجي دون الادوات التقليدية في الزحف ورغم ان الشاعرة قد ركبت هذه الموجة واستثمرتها خير استثمار وظلت تتنقل بين المساحات الشعرية والمساحات السردية ، غير انها تحمل الكثير من ارهاصاتها الانسانية في البحث عن الجمال ، فاتخذت طريقة تجريبية اخرى وعلى ما اعتقد لخلق مناطق واجواء اكثر حيوية ، فعمدت الى تعليق صورة حية نابضة من الواقع واخذت تسود بياض الورقة بصور من الكلام .. احيانا توازي الصورة اعلاه واحيانا تسترخي لتماهي في المعاني التي تتلون بزهو الاكتشاف خالقة بذلك اشكالية شعرية متناغمة مع حالة الصعود والنزول من والى الصورة المعلقة .

يقول الشاعر الاميركي الخالد عزرا باوند: (ان العمل الفني المثمر حقا هو ذلك الذي يحتاج تفسيره الى مائة عمل من جنس ادبي اخر والعمل الذي يضم مجموعة مختارة من الصور والرسوم هو نواة مائة قصيدة ..)

من هنا تحركت الشاعرة في تأملاتها وخرجت الى الفضاء الواسع تستقي منه ابعادا افقية مفتوحة خالقة مجالات وكوى كي تطوف بالعوالم الشعرية لتغور بجرح الذات والاغتراب وبالتالي جعلت المتلقي المتأمل يكتشف صراعا يحمله انسانها الشاعر ويحلم ان يطأ الوادي المقدس ، ليكون احد الملائكة المنزهين عن دنايا الحياة تقول :

             (جرحي ارض والدواء فلاة

                        اطوف بشرنقتي

                     اختبر

                       ارمي علّي حجري

                   انت شيطاني ومسبحتي ...)

اصبحت هناك لوحة دخول وخروج ، ذات متطلعة وباحثة ومحيط موضوعي ، هناك كيفية معينة للتعامل معه أي هذا انفعال وتوتر جعل الشاعرة تطوف بشرنقتها التي هي هي ، لان الشيطان سبب للتسبيح وهذه مقابلة بين القبح والجمال ، حالة التوتر التي تخلقها شيطنة الذات تقابلها حالة الاطمئنان في التنزيه والترفع وما بين منظر الحياة الظاهر اعلى القصيدة ومنظرها الداخلي المحتوى من قبل النص الشعري علاقة جدلية تدفع بالانسان الشاعر للبحث في مظان الكلمات التي تغاير المعنى القاموسي لها كاسلوب يرتقيه الشاعر محاولة منه للوصول الى غاية الوجود وكنه الحياة ، تقول الشاعرة :

                     (شريفة كل الخطايا

                       لو اغتسلت بالنهر

                           ستصبح الكوثر والنبأ ...)

وهذا نفي ضمني لوجود الخطايا بشرط وجود السرائر النقية والنيات الجميلة وهو يحدث اثناء الطوافان بافاق صورة الواقع ، لذا فهي تخاطب بصرها حالما تستغرق في تفاصيل لوحة الحياة ..

                  (يابصرُ

                         نارك جنتي

                     ابنة الضدين انا)

فاكدت حالة التناقض والتوتر لتبرر النزوع باتجاه الخلاص وهنا تؤسس لفلسفة خاصة تتجلى من خلالها نحو السمو بمركبة الصدق والنقاء وهي طريقة وفاء عبدالرزاق في التصوف والتجلي بحيث ماانفكت تكثر من السياحة والتجوال بين مناظر الواقع كما هو لتعيد رسمه وفق رؤاها الجمالية بالكلمات واغلب الظن وكأني بها تقول اني افترض الوجود ...

               (لعلني اجيئها ، تجيئني ، نجيئك

                     بدء نهر مخالف طبيعته ..)

أي هي لا ترضى ان يكون وجودها عادي انما كجريان النهر المخالف وليس على منوال خالف تعرف انما سبب الوجود هو مواجهة العواصف ، مواجهة القبح بالجمال ، الجوع بالخبز ، ورغم القضبان والاسوار لابد من التطلع الى السمو والفضاءات المفتوحة من اجل عب هواء حرية الخلق والابداع استنادا لقولها :

              (خطر خطر خطر

                ارى شواطيء تلعب

                 فهيا انزلي

                   الماء يتعذب

                      عودته

                    ان ينساب

                   يرجّع صوتك

                    ويرد العناق لاصله

                   فالاغنية ما.. ت.. ء..

                                      راب)

هذا اصل الخلق هو ماء وتراب ولكن افتراقهما والتقائهما كفيل بخلق مناطق خطر ان يقع الكائن الانساني في مطبات القبح ، فعليه ان يسمو رغم  (عاصفة النقيض هو) .

الحقيقة التي لامفر منها ان الشاعرة مثلت الانسان الباحث عن الحقيقة خير تمثيل وذلك بتعدد افتراضات كسلسلة لا تقف الا عند الخروج من مأزق النقائض بافتراض خلق عالم مصغر لصورة الفردوس المفقود في سعي الانسان نحو الوصول ومن ثم الخلود ..

ونصوص وفاء عبدالرزاق التي تعكزت على مناظر الحياة المجردة اعتمدت الغوص في اعماق الانسان وتقريب الهوة بينه وبين الطبيعة ومعمار التعامل معها ضمن سياقات الحياة أي ضجيج الحركة ومن ثم سياقات الصمت وهو الموت واظهار المسافة بين البكاء والضحك بانها مسافة وهمية لا توجد الا بوجود السبب واشياء اخرى اختفت مني كمتلقي بين السطور أي مساحات الشاعرة المفترضة في مناطقها الشعرية ...

 

.................

قصائد : بيت الطين، خانها السَّحر، هل أنت الصافي شيطنة ، ناي زهر محتشد للشاعرة وفاء عبدالرزاق

                    

...........................

خاص بالمثقف

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (عدد خاص: ملف: تكريم الأديبة وفاء عبد الرزاق، من: 05 / 11 / 2010)

 

 

في المثقف اليوم