تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام ثقافية

علجية عيش: رسالة إلى الله

الله قريب منك فلتعانق روحك روحه

رسالة إلى الله...، كانت عنوان فيلم "إيراني" مدبلج إلى اللغة العربية يعالج قضايا اجتماعية، القصة تدور حول عائلة فقيرة جدا، يكاد رب الأسرة أن يضمن قوت يوم زوجته وولديه (بنت وشقيقها)، وفجأة تسقط الأم أسيرة المرض ويقول الطبيب انه لابد من إخضاعها لعملية جراحية في اسرع وقت، وهي مكلفة جدا، و لا تجرى سوى عند الخواص لتوفر العتاد الطبي اللازم، لم يجد الأب من وسيلة لتوفير تكلفة العملية الجراحية فيضطر الى مغادرة البيت والبحث عن وسيلة يجمع بها ثمن العملية من عند الأقارب والأصدقاء، يترك الأب البيت ويوصي ابنه وابنته برعاية أمهما في غيابه ويحصلا على الحليب والخبز من عند البقال المقابل لهما إلى حين عودته إلى المنزل وأثناء غيابه تحدث للأم المريضة مضاعفات، فيتم نقلها من جديد إلى المستشفى

لابد من إجراء العملية، ما الحل؟

لم يجد الولد من وسيلة، ومن فرط إيمانه بالله، أخبر الولد شقيقته: بأنه سنكتب رسالة، سالته أخته لمن نكتبها؟، قال الإبن بعفوية الطفل البريئ: ساكتبها إلى الله ربّ العباد، أخرج الولد ورقة وقلم وقام بكتابة رسالة إلى الله يستنجد به فيها بعبارة تحرك المشاعر والوجدان والضمير، ووضع الرسالة في غلاف وملأه بزهور تعبر عن ريح الحسن والحسين ابنا سيدنا علي وفاطمة الزهراء رضي الله عنهما، واصفا في الرسالة وضع الأسرة البائس، وأن الله يرعى الفقراء والمساكين وكتب اسمه واسم شقيقته والقرية التي يقيمان فيها دون تحديد العنوان ورقم الباب.

يا للبراءة في كل تجلياتها

وضع الطفل وشقيقته الرسالة في صندوق البريد، وعادا مسرعين الى البيت، ولما جاء أعوان البريد لفرز الرسائل سقطت تلك الزهور وأطلقت رائحة طيبة عمّت مكتب البريد، فإذا بالرسالة تقع في يد سيدة ملتزمة، ولما كانت الرسالة بلا عنوان وكان غلاف الرسالة مفتوحا أخرجت تلك السيدة الرسالة وقرأتها، فإذا دموعها تنهمر، وصارت تبكي بصوت عالٍ جدا: يا للقلوب القاسية يا للقلوب المتحجرة.

التف حولها زملاؤها وسلمتهم الرسالة ليقراوها، أخذوا الرسالة الى رئيس مكتب البريد ولما قرأها ذرفت عيناه، والتف إلى الموظفين ليتفق معهم على مساعدة هذه الأسرة، على أن يجمعوا ثمن العملية ويقتطع كل واحد من راتبه الشهري مبلغا معينا، وراحوا يبحثوا عن مكان إقامة الطفل وشقيقته وانتقلوا إلى عين المكان بسيارة إسعاف ونقلوا الأم الى المستشفى وأجريت عليها العملية، كان فضل الله أن امتثلت تلك الأم إلى الشفاء قبل عودة الزوج إلى البيت، في اليوم الذي عادت فيه الأم من المستشفى إلى بيتها عاد الزوج فإذا بسكان القرية يجتمعون حول بيته يهنئون الأم على نجاح العملية وخروجها من المستشفى بسلام.

الفيلم طبعا يبين أن الله قريب منّا، يكفي أن نثق به ونعتصم بحبله وأن نوجه إليه دعواتنا بأن يفرج عنا همومنا ويحل مشاكلنا وحتى في حالة مرضنا وضعفنا (وإن سألك عبادي فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني)، هي براءة طفلين استنجدا بالله تعالى فاستجاب لدعائهما والحمد لله على كل شيئ .

الخلاصة/ بعيدا عن المسائل الفقهية والمذهبية، السينما الإيرانية استطاعت أن تحتل مكانة في الفن السابع من خلال معالجة القضايا الإجتماعية وباحترافية تجعلك تتفاعل وتتجاوب مع أحداث القصة وكأنك عشتها في حياتك ولو أنها من الواقع.

***

علجية عيش

 

في المثقف اليوم