أقلام حرة

علي حسين: من ينتصر لعلي الوردي؟

في العام الماضي احتفلت بلدان أوروبا بمرور مئة عام على صدور رواية "يوليسيس" للكاتب الأيرلندي جيمس جويس، ونقلت لنا وسائل الإعلام كيف خرج الآلاف ليحتفلون بذكرى كاتبهم المفضل، وفي بريطانيا لم تتردد الحكومة في أن تضع صورة الكاتبة جين أوستن بدلاً من تشرشل على عملاتها النقدية،

فيما تصر روسيا على أن تعامل تراث تولستوي ودستويفسكي وغوغول وبوشكين على أنه الجزء الأهم من تاريخ البلاد.. فيما يعتقد معظم ساسة كولومبيا حكومة وفصائل مسلحة، أن بلادهم لا مكان لها في خارطة العالم من دون ماركيز.

بالأمس شاهدت فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث فيه ابنة العلامة الراحل علي الوردي بأسى وهي تقدم التماساً إلى رئيس الوزراء ووزير الداخلية وللمسؤولين تتتمنى فيه أن ينصروا علي الوردي الذي أصر أحد "الشقاوات" على أن يستولي على بيته في مدينة الكاظمية. لا أريد أن أذكر اسم الشخص فقد تحدثت عنه ابنة الوردي بإسهاب، لكن الغريب أن السيدة صاحبة الشكوى بعد أن عجزت، التجأت إلى رئيس عشيرة الشخص الذي استولى على البيت، وبدلاً من أن ينصرها احتراماً لشخصية علي الوردي، إلا انه قرر وبكل شجاعة أن يستولي هو على البيت إذا خرج المؤجر منه .. بماذا يذكرك هذا المشهد العشائري؟، بالتأكيد بما يحصل في جمهورية العراق العشائرية والتي كان آخر أخبارها، إغلاق عيادة أحد الأطباء في مدينة العمارة، بسبب تهديدات من عشيرة ذوي أحد المرضى المتوفين، تحت شعار "فصل عشائري".

ابنة علي الوردي لا تريد أن تسكن في البيت وإنما تسعى مع عائلتها إلى تحويل بيت والدها إلى متحف، بعد أن تنكرت الجهات الرسمية لصاحب مهزلة العقل البشري.

كان علي الوردي يصر دائماً على أن يكون صحيحاً، وأن يقول صحيحاً، وأن يكتب صحيحاً، وأن يكون صورة لمثقف الشعب ومرآة العقل والإرادة يدافع عن المبادئ النقية ويظل نقياً يقاتل في معركة الحرية من دون أن يكترث للربح والخسارة.

ينظر علي الوردي اليوم إلى بغداد فيرى شوارع لم يألفها، ويرى نفسه غريباً ومغترباً وهو يشاهد شارعه الأثير "الرشيد" تحول إلى خرائب، لأن هناك من يريد اجتثاثه، وأن بغداد التي كانت تزهو بلوحات فائق حسن وموسيقى سلمان شكر وخطوات جواد علي وحوارات عبد الرزاق الحسني، وإطلالة جلال الحنفي، وثورة نازك الملائكة، يسيطر عليها اشباه نور زهير.

ان تحويل بيت على الوردي الى متحف اصبح ضرورة وطنية ، فيما تظل مهمة تقديم كتبه للاجيال مسؤولية المؤسسات الثقافية، لنقول للاجيال هذا هو تاريخكم الفكري والثقافي .بدلا من ان نرسخ فيهم مفاهيم العشائر التي تريد استبدال القانون بـ "نظرية الكوامة" .

***

علي حسين

في المثقف اليوم