تقارير وتحقيقات

تقارير وتحقيقات

1248  قصر خير الدينأعمال فنية متنوعة ومشاركات عربية من ليبيا والسعودية سلطنة عمان وغيرها..

في بانوراما من الأعمال الفنية التشكيلية وفق تلوينات وضروب الفن وبين الرسم  والنحت  و الحفر والنسيج الفني  والتنصيبات الفنية  والفيديو والفوتوغرافيا وما الى ذلك من تعابير الفن والجماليات مثل متحف قصر خير الدين المجال الطافح بعدد كبير من منجزات الفنانين التشكيليين التونسيين مع مشاركات عربية من دول هي المغرب ومصر والجزائر وليبيا والسودان والمملكة العربية السعودية وقطر وسلطنة عمان وسوريا والعراق...

هذا المجال من الأعمال الفنية المختلفة كان العنوان الكبير للدورة الثانية لبيينالي تونس للفن العربي المعاصر الذي شهدا حضورا مكثفا للفنانين عشية الجمعة 29 نوفمبر 2019 ويتواصل هذا النشاط الكبير والنوعي الذي ينظمه اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الى غاية يوم 22 ديسمبر . ويشارك في الفعاليات التشكيلية هذه  132 فنانا تشكيليا منهم 32 فنانا عربيا من البلدان المذكورة.و من هؤلاء نذكر مشاركة الفنانة المميز دنيا الصالح من المملكة العربية السعودية حيث كان عملها في سياق التجربة الذاتية التي برزت في معارضها الفنية الخاصة والجماعية بالمملكة وخارجها ومن ذلك استلهامها للبيئة الثقافية والحضارية للقرن الافريقي وخاصة في الجيبوتي من خلال اقامة فنية لفترة أشهر عديدة حيث المحصلة الجمالية من الرؤى والمشاهدات ..كذلك مشاركة الفنان العماني موسى عمر صاحب الأعمال متعددة الأفكار والرؤى وكذلك مشاركة الفنان الليبي الفاخري القذافي  صاحب التجربة الهامة في الحياة التشكيلية بليبيا والذي تبرز في لوحاته خصوصيات جمالية عرف بها..

معرض هام ينظمه اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين بدعم من وزارة الشؤون الثقافية وبتعاون مع بلدية تونس وقد عبر جزء مهم من الأعمال عن حس فني عار وغاية في الابداعية وبروح بينة من الابتكار الجمالي البصري وفق مقتضيات الفن المعاصر

وفد تنوعت تيمات وأفكار المواضيع بالنسبة للأعمال المعروضة لتبرز خلالها تنويعات شتى هي من قبيل المشترك والمختلف في الحالة الثقافية العربية المعاصرة باعتبار الفن مجال تأويل وقول جمال فضلا عن توفر حيز مهم من المهارات الفنية بالنظر للتجارب العريقة لعدد من الفنانين المشاركين .

الفنانون التونسيون برزوا عبر مختلف أجيالهم وتجاربهم وقد تركت الجهة المنظمة ونعني الاتحاد الحرية بالنسبة لاختيار مواضيع الأعمال المشاركة ..تجربة هذا البيينالي العربي تغري لجديتها الفنانين العرب للمشاركة فضلا عن تقدير الفنانين العرب للحالة التشكيلية التونسية ورموزها وأقطابها ولتنوع تجاربها وتياراتها الفنية الجمالية.

نشاط ثري يفتح مجالاته أمام طلبة الفنون وهواتها والباحثين والمواطنين بصفة عامة ضمن منح المتلقي فكرة ضافية عن اعتمالات المشهد التشكيلي التونسي المعاصر وهذا مهم بالنظر لدور الفنون في الحياة الثقافية بصفة عامة ..

نشاط هام كذلك في سياق الفعاليات الدورية لاتحاد الفنانين التشكيليين الذي شهد قبل ذلك بفترة نشاط الصالون التونسي الرابع للفن المعاصر بقصر خيرالدين حيث أنه بين الموسيقى والأغاني الصوفية وايقاعاتها كانت انطلاقة السهرة الثقافية التي أعدتها هيئة اتحاد الفنانين التشكيليين بقصر خير الدين وفق تظاهرة هي من تقاليد أنشطة الاتحاد لتجمع عددا مهما من الفنانين التشكيليين في سهرة ممتازة بقصر خير الدين بالمدينة العتيقة  ضمن فعاليات الدورة الرابعة للصالون التونسي للفن المعاصر..نعم للفن مجالات شتى للقول بالتنوع وتعدد الأفكار والرؤى والمسارات، ذلك أن الابتكار شأن مفتوح على تفاعلات ضمن سياقات الفن ومقتضياته الجمالية والوجدانية والانسانية، فالفنان يعيش الحرية لحظة ابتكاره الخصوصية التي يمنحها له الفن بما يمثله من عوالم شاسعة ومفتوحة على الزمان والمكان.وبضرب من ضروب هذا التنوع كانت أروقة قصر خير الدين متحلية بعدد كبير من الأعمال الفنية التشكيلية في سهرة بمناسبة انتظام الصالون التونسي للفن المعاصر ..كان ذلك ضمن برامج الاتحاد وأنشطته المتعددة في مجالات الفنون التشكيلية ومشاركاته في عدد من الفعاليات الوطنية التي تعنى بالفنون ومثل ذلك المعرض بانوراما فنية فيها تجارب وأجيال وتيارات جمالية مختلفة اجتهدت لتقديم أعمالها الفنية في خانة الفن المعاصر وشكلت هذه الأعمال المعروضة مجالا جماليا فيه ممكنات القراءة والتأويل حيث الفن بالنهاية عنوان بحث ودأب .

في الدورة الثانية لبيينالي تونس للفن العربي المعاصر الذي ينظمه اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين الى غاية يوم 22 ديسمبر مجال لتجاور التجارب وتحاورها نحتا للقيمة وتأصيلا للتجارب ونزوعا نحو حوار فني يعي أسئلته وقضاياه ..

 

شمس الدين العوني

 

 

 

1176  قرطاج 6jpgقرطاج وما أدراك ما قرطاج، من ينطق باسمها يتذكّر حضارة سامقة تحدث عنها التاريخ وأَلِفَتْهَا الأقلام وذكرها التاريخ في كتب ومجلدات،.. وهاهي اليوم تحتفي من جديد بشتّى أنواع الفنون والثقافة، ولكنّ احتفاءها هذه المرة يختلف فهي تحتفي بالقديم الجديد، بالفخار والخزف الذي ارتبطت به كما ارتبط بها فكيف لا يكون ذلك وقرطاج كانت تصدر الفخار للعالم.

أقول قولي هذا وأمرّ لأتهيّب للحديث عن أيام قرطاج للخزف الفني، فن غاب لسنين طويلة الحديث عنه رغم اكتساح الواجهات به، ولكنه غائب عن المشهد التشكيلي التونسي، فلا نجده يسجّل علامة بارزة في المعارض الفنية التي تقام على مدار السنة. بيد أنّه اليوم وبفضل هذه الأيام "أيام قرطاج للخزف الفني" يكتسب أهميته، لأنها أعادت الاعتبار لهذا الفن، وقد تشكلت هذه الأيام بالشراكة بين وزارة الشؤون الثقافيّة، وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافيّة، المعهد الوطني للتراث، وزارة السياحة والصناعات التقليديّة، المركز الوطني للخزف الفني سيدي قاسم الجليزي، مدينة الثقافة وديوان الصناعات التقليدية وغيره...

1176  قرطاج 1

انتظمت أيام قرطاج للخزف الفني بالعاصمة  من 31 أوت إلى 08 سبتمبر 2019، وقد شارك فيها حوالي 60 فنّانا من تونس والعالم. ولكن قبل الحديث عن الأيام وبرنامجها وجب إلقاء الضوء على صاحب هذه الفكرة، فكرة أن تكون للخزف برمجة خاصة في أيام قرطاج، على غرار أيام قرطاج للسينما، للمسرح وغيرها،...، فقد كانت بالأمس فكرة تراوده وتمخضت آليتها في ذهن فنان مبدع، عشق منذ البداية، الخزف حرفة وفنا، درسه في معهد الفنون الجميلة فتلمّس تقنياته وتشرّب أساليبه ورصد قوانين تطويعه من تراب وماء ونار ليطوّعه ويحوّله إلى فكر،... هو فنان لم يكتفي بالدراسة للخزف بل زار ورشات الحرفيين في مختلف أصقاع البلاد، جاب ورشاتهم فتشرّب أساليب الحرفي العاشق وتذوّق تراثا عبقت به الحضارة الإنسانية، هكذا هو "محمد حشيشة" درس الفن واختصّ في فنّ الخزف ودرّسه ولم يكتفي بمهنة التدريس فربما لم تكن موهبته الوحيدة كما لم تكن هاجسه، فتحوّل عنها لمدير بالمركز الوطني للخزف الفني بسيدي قاسم الجليزي، غير أنّ كرسي المسؤول لم يغريه، ذلك أنّ المناصب لا تغري من سرى الفن في دمائهم وتغلغل حب الخزف بين طيات أناملهم. لقد أغراه المركز لعبقه بحضارة سكنت بين أديم جدرانه وبرهنت أنّ من يدخله لابدّ أن ينال حب الخزف ويعشق الطين ليجعل منه منارة منفتحة على العالم، فكان له ذلك.

1176  قرطاج 2

1176  قرطاج 3إنّ عشق الخزاف "محمد حشيشة" للخزف ظل يسكنه، كيف لا يسكنه وقد صنع الرجل من ماء وطين،....إنّه العود على البدء. لقد ظلّ الفنان يبدع ويعلّم الإبداع ويفتح باب المركز لكلّ من يهوى تطويع الماء والنار والتراب، من فنانين، حرفين، مبدعين، هواة ومواطنين،... لقد جعل من سيدي قاسم الجليزي ليس مزارا لهواة الأولياء الصالحين والتبرّك به وحسب، بل جعله مزارا للفنانين والمبدعين من أصقاع العالم، جعله فعلا منارة فنيّة وثقافيّة يُصنع من خلالها الإبداع ليرتقي روعة من روائع الخزف الفني...

 يأتي حديثنا عن شخص الفنان في سياق التقديم لأيام قرطاج للخزف الفني وذلك لما للشخص والحدث من ترابط، وهنا يتحدّث "محمد حشيشة "عن الدورة الأولى لأيام قرطاج للخزف الفني فيقول: هي فكرة، كانت حلما، راودني على غرار أيام قرطاج السينمائية، وأيام قرطاج المسرحية،... واشتغلت عليها مع مجموعة مهمّة من قواعد الإبداع ببلادنا على غرار وزارة الشؤون الثقافية، وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية، وزارة الصناعات التقليدية، المعهد الوطني للتراث،...وغيره. هكذا آمن الكلّ بضرورة خلق الإبداع من التراث وتحديدا من الفخار والخزف،رؤية نابعة من ضرورة استنطاق الذاكرة والإستقاء منها لإنتاج فن يجمع بين الحرفة والفن، بين التراث والمعاصرة، بين الرؤية والتصميم،...ضرورة صناعة ثقافية إبداعية، وهي ضرورة نراها اليوم جدّ ملحة لإنقاذ موروثنا من الخزف.

1176  قرطاج 4 نعم فبالرغم من أنّ الفكرة ليست بالجديدة فقد جدّت مع مدرسة "الباوهوس" حين اجتمع الفن والحرف والتصميم، إلاّ أننا نراها اليوم جديدة حيث لم يلتحم قط ببلادنا الحرفي والمصمم والفنان معا. وبقي الحديث عن ذلك سرديا، قصصيا، يرفضه كلّ من يدعي "المعاصرة". في حين أنه لا جديد دون قديم ومن لا ماضي له لا تاريخ له. حقا شعرت إننا نخطو خطوة ايجابية وحقيقية نحو صناعة إبداعية ثقافية، وهنا لا يسعنا إلا أن نشكر الفنان المبدع وكل من ساهم وأسس وآمن بهذه الأيام التي نصبو أن تكون فعلا عرسا خزفيا يلج من خلاله الخزف التونسي جميع أصقاع العالم،... كما نشكر جزيلا الشكر وزارة الشؤون الثقافية على إيمانها بالإبداع والفن وعلى رأسها الفنان والمبدع السيد محمد زين العابدين الذي لا يبخل عن الوقوف مع كل نشاط إبداعي وثقافي. هذه هي الصناعة الثقافية الإبداعية، وهذه الثقافة التي ترسي مبادئ السياحة الثقافيّة، وهو ما يجب أن يكون فالثقافة هي القوة الناعمة للقضاء على كلّ أشكال العنف والجهل.

1176  قرطاج 5jpg

برنامج أيام قرطاج للخزف الفني: المعرض الجماعي للفنانين الخزافين بالمتحف الوطني باردو:

أيام قرطاج للخزف الفني في دورتها الأولى من 31 أوت إلى 08 سبتمبر 2019، يبدأ مدير الدورة الأولى لأيام قرطاج للخزف الفني "محمد حشيشة" بالقول: "عندما تحب الخزف وتشتغله بحب وصدق وثقة سيعطيك كل ما تحب"، هكذا كان قوله وهو فعلا ما يشعر به كل فنان عشق هذه المادة، وهكذا كان الخزف جامعا لا مفرقا، متجددا ومتطورا ليتلاقح عبر العصور ويفرض نفسه من جديد كقوة ناعمة تؤسس لثقافة التجديد والتعصير والتطوير...

1176  قرطاج 7

جاءت الدورة الأولى من أيام قرطاج للخزف الفني متنوعة ومُحْتَفْيَة بالخزف حرفة وفنا وصنعة وتصميما، دورة جمعت حوالي 60 فنانا خزافا من تونس والعالم نذكر منهم من تونس رضا بن عرب، سناء الجمالي أعماري، ليندة عبد اللطيف، عواطف منصور، بلحسن الكشو، هدى الخراط، إيمان شتوان، أروى بن سماعيل، ومن الجزائر خالد سعدي وعلي الزاهي، من مصر ابراهيم سعيد، محمد العبد، أحمد عبد الكريم، أسامة الإمام، من العراق سعد العاني وسلام أحمد، من الأردن يعقوب سالم ومن إيطاليا Umberto Bruno، Giampaolo Mameli من جرجيا Irina Salmina، من تيلاندا Woogie Boogie،  من أكرانيا  Alika Malonog، من السنغال Adjara Kane Leye، من إسبانيا Carmen Marco Dasí، من بلغاريا Velimir Vukicevic، ... كل هؤلاء جمعهم الفن والطين فتلاقحت أفكارهم وتقنياتهم وتبادلوا معارفهم وأفكارهم.

1176  قرطاج 8

جمعت أيام قرطاج كذلك عددا مهمّا من الخزافين الحرفيين المبدعين الذي عرضوا منتجاتهم الخزفية، التي بيّنت أنّ الخزف قادر على مواكبة كلّ العصور، فقد تلوّنت قطعهم الخزفية بجماليّة الشكل ونقاء اللون وتجدد التصميم ليكون لكل منهم شخصيته المبتكرة والمختلفة نذكر منهم من تونس هيفاء الهامي ووليد قنار من مدينة نابل، فارس ورؤوف جسوستي من مدينة جربة، وسام خميس من مدينة المكنين والثنائي حبيبة وصبيحة عياري من سجنان،... ومن الجزائر مقران سايس وليندة لالاوي، من تركيا Erkan Akburak،...كان اللقاء مع الخزافين الفنانين والحرفيين والمصممين متكاملا ساده التودد في تبادل التقنيات والأساليب وحتى الأفكار، كان الكلّ محبّا عاشقا للطين وتشكيلاته بين من يحوّل المادة إلى فكر وبين من يحوّلها إلى آنية أوتحفة وبين من يزوّق السطح ليتحوّل إلى لوحة مبدعة،... لقد كان اللقاء حافلا، علما وفكرا وصنعة،....هكذا كانت الأيام فعلا.

1176  قرطاج 9

انتظم خلال اليوم الأوّل معرض جماعي للخزف الفني جمع الحرفة والفن والتصميم، شارك فيه فنانون ومصممون وحرفيون، وكان المعرض في رحاب متحف باردو، المتحف الذي جمع ولازال حضارة البلاد التونسية العابقة وهاهو اليوم يحتفي بالخزف ليقول للتاريخ البعيد إن الحاضر لازال يحتفي بالطين بيد أنه تحوّل من لقى أثرية إلى إبداع متجدد لا يموت،...

1176  قرطاج 10

- ندوات علمية دولية

تخلّلت أيام قرطاج للخزف الفني ندوة دولية تناولت تاريخ الخزف بالبلاد التونسية عبر الحضارات وقد أثثها مجموعة من الباحثين الأكادميين والأساتذة المختصين في تاريخ الخزف وتاريخ الفن على غرار الأستاذ عدنان الوحيشي، حسين التليلي، شكري الطويهري، أميرة حملاوي، زينب الكبير، ايناس الفيضة...من تونس ومن خارج تونس كل من Susana Gomez Martinez ،Clara Ilhem ALVAREZ ،Julie Marchand ،Viva Sacco، تحدثت الندوة عن تاريخ الخزف بإفريقية بين القرنين السابع والتاسع، الخزف الفاطمي،  الخزف الاسلامي، خزف القلالين، الخزف البربري،...جاء النقاش محتفيا بالأساليب التزويقية والجمالية والتاريخيّة للخزف عبر الحضارات التي مرت بالبلاد التونسية كما تناول الحديث عن الحرفيين وتقنياتهم، ...فعلا جاءت الأيام شاملة ومتناغمة بين النظري والتطبيقي وهو ما نحتاجه اليوم، فليس هناك من فن دون جذور ودون تاريخ وهكذا هو الخزف لا يتجدد دون معرفة بأصوله وجذوره، ذلك أنه أساس الابتكار.

1176  قرطاج 11- ورشات مفتوحة

تأثثت خلال أيام قرطاج للخزف الفني ورشات مفتوحة شارك فيها الفنانون الخزافون والحرفيون والمصممون والمزوقون ومحبي الخزف من زوار الأيام،...اجتمع الكل خلال الورشات وتم تبادل التقنيات والأساليب بمحبة وثقة وسلاسة، فعلا تميزت الأجواء بالمحبة والصدق فهكذا هو الخزف لا يكون دون هذه الصفات،...تحول الخزف مع الفنانين فكرا، وتحول مع الحرفيين تحفا وأدوات تنوعت بين استعمالية تارة وفنية تارة اخرى وتحول مع المزوقين لوحات فنية جميلة ومع المصممين روائع جمعت الحرفة والفن والفكر، ...

إنه الخزف حقا عالم قل من يفهمه الخزاف هو الحرفي الذي يملك التقنيات وهو الفنان الذي يملك الأساليب الفنية والحنكة والفكر والعلم وهو الملاس الذي يلامس الطين فيزداد عشقا، أليس الطين أصلنا، نعم ولهذا تعود الروح لتحتفي به فيتلوى بين أناملنا ويتشكل حسب رؤانا وخيالنا وأفكارنا كما نريد ونحب،...

- زيارات إلى ورشات الحرفيين:

تخللت الدورة الأولى من أيام قرطاج للخزف الفني زيارات إلى مختلف ورشات الحرفيين الخزافين بمدينة نابل، أين تحوّل جمع الفنانين الخزافين المشاركين في هذه الدورة وكذلك في السامبزيوم التاسع للخزف وقد تمّ الإطلاع على طُرق الفخر والحرق التقليدية منها كالأفران المبنية بالطوب والآجر والتي يتم الفخر فيها بالخشب والعصرية منها على غرار الأفران الكهربائيّة. كما تمّ التعرف على أنواع من الدولاب ذي الاستخدام اليدوي وأنواع الطين الخام وطرق تحضيرها "للتمليس" كما تمت زيارة مصانع تزويق الأواني والتحف، وكذلك زيارة مصانع بيع مواد التزجيج الخزفي من أكاسيد ومينا،..إن مثل هذه الزيارات من شأنها أن ترتقي بالحرفة عن طريق تبادل الأفكار والمعارف والبحث عن أساليب تجديد جديدة وسبل تطوير الحرفة بين الفنانين والحرفيين والمصممين،...

- معرض لمنتجات الحرفيين الخزفيّة:

إلتئم معرض جماعي للحرفيين خلال الدورة الأولى من أيام قرطاج للخزف الفني جمعوا بين جمال الأسلوب والتقنية وإبداع المنتج المبتكر، منتجات خزفيّة جمعت البعد الجمالي والنفعي وأثبتت أنّ الحرفي الخزاف قادر على التجديد والإبداع والرقي. شارك في هذا المعرض مجموعة كبيرة من الخزافيين الحرفيين من جهات مختلفة من تونس، نابل، مكنين، جربة، سجنان، ومن العالم شارك حرفيون من الجزائر،  ايطاليا، تركيا، اسبانيا،... 

1176  قرطاج 12

- مسابقات على الدولاب، في التزويق وفي القولبة:

انتظمت خلال أيام قرطاج للخزف الفني عدّة مسابقات من قبيل المسابقة على آلة الدولاب التي كانت بين أكثر من 15 متسابقا من حرفيين جاؤوا من مدن مختلفة، من نابل والمكنين وجربة ليتسابقوا حول إنجاز أسرع وأدق صحن وشكل اسطواني وتم إخضاع هذه الأشكال إلى لجنة تحكيم تكونت من السيد محمد حشيشة مدير التظاهرة والسيدة إيمان بسرور من تونس وكل من إبراهيم سعيد وأسامة إمام من مصر و Erkan Akburak من تركيا ويعود انضمام فنانين أجانب للجنة التحكيم من قبيل ضمان الحياد وقد أضفت هذه المسابقة التي انتظمت في الساعة الثامنة والنصف ليلا حيوية لمدينة الثقافة كما خلقت أجواء تنافسيّة وإبداعية يسعى كلّ واحد انجاز الأسرع والأحسن ضمن مقاييس مضبوطة. انتظمت أيضا مسابقة في فن التزويق على الخزف حيث استلهم الحرفيون أشكالهم وزخارفهم من المربع الخزفي التونسي وإنجاز زخارف مبتكرة ومعاصرة، إضافة إلى مسابقة أخرى في فن القولبة وذلك بإنجاز قوالب لمنحوتات تبدأ بالطين ليقع صبها في قوالب الجبس.

- عروض أزياء مبتكرة من الخزف:

تخلل أيام قرطاج للخزف الفني عرض للأزياء لمصمّم تونسي استقى زخارف القطع المعتمدة في اللباس من ثراء التراث الخزفي عللى غرار المربع الخزفي فكانت للقطع  جمالية سلبت أفئدة الحاضرين وتملكت نفوسهم. عرض أزياء لاول مرة يكون فيه الخزف هو الأساس، فعلا جاءة الأيام لتعلن وتكرّر أنّ الخزف قادر على التطوّر، المواكبة، التجديد، الإبتكار،... إنّه الطين تطوّعه كيف ما شئت....

- زيارة المواقع الأثرية:

لم تهمل أيام قرطاج للخزف الفني زيارة المواقع الأثرية وذلك لما لهذه الزيارات من إثراء وانتعاش للذاكرة الثقافيّة لاسيما والملتقى يعجّ بفنانين من العالم منهم من لا يدري عن مكنونا الأثري الضخم والثري ولعلّها فرصة لتبليغ هذا الهدف. كانت الزيارة الأولى للمتحف الوطني بباردو أين عاين الفنانون والحرفيون حضارتنا السامقة من الفسيفساء واللقى الأثرية والمنحوتات، وتتالت الزيارة إلى الموقع الأثري بقرطاج إضافة إلى زيارات إلى مدينة سيدي بوسعيد.

ان مثل هذه الزيارات من شأنها أن تؤثث إلى صناعة ثقافية إبداعية وسياحية ولهذا قلنا منذ العنوان إن الخزف بإمكانه أن يكون قوتنا الناعمة نحو تشجيع السياحة وتنمية الاقتصاد.

1176  قرطاج 13

- الإختتام:

كان حفل الإختتام مقرّرا بالمسرح الأثري بقرطاج ولكن حالت أحوال الطقس دون ذلك، وكان الغيث النافع سباقا ولكن قد يكون إعلانا عن لانهاية الأيام لتبقى مفتوحة ولا تنسى سريعا. فعلا، جاءت  الدورة الأولىمن أيم قرطاج للخزف الفني مُحتفية بالخزف فنا وحرفة، صنعة وتزويقا، علما وتاريخا، أثرا وتأثيرا،... وكل ذلك من أجل إثبات أنّ الفن الذي عاش وعايش الحضارات لم ولن ينسى وسيبقى يتجدّد ويواكب العصر وإن هبت عليه رياح التعصير على اختلاف تلوناتها، هكذا هو الخزف يراهن على كلّ عصر ليتماشى معه وهكذا هو الخزاف باحث دائم فنانا كان أو حرفيا أو مصمما، فما بالك لو اتحد الجميع معا، فعلا سيكون للخزف مصير جديد...

ولكن حتى لا نكون ممجدين شاكرين ونحن نألف بطبعنا روح النقد، النقد البناء نقول أنّ أيام قرطاج للخزف الفني بالرغم من التنوع والثراء الذي جادت به على المشاركين فيها والمتلقين إلا أنّها بإخضاعها لنفس التوقيت مع السامبزيوم التاسع للخزف بسيدي قاسم الجليزي لم تتوفق في بعض البرامج حيث كان الإهتمام  الأكبر بالسامبزيوم على حساب الأيام، واندثر المسئولون بين هذا وذاك، ولهذا نتوجه إلى المسيرين أن يختاروا توقيتا تكون فيه الملتقيات على حدا، كذلك لاحظنا غياب وجوه الخزف الفني البارزين لاسيما وهذه الدورة الأولى للإحتفاء بالخزف فقد كان من الأجدر تكريم الفنانين الطلائع في فن الخزف من قبيل محمد اليانقي، خالد بن سليمان، الهاشمي الجمل،... وحتى تكريم الفنانين الخزافين المتوفين أيضا وذلك لإيقاظ الذاكرة الفنية الخزفيّة والتعرف على طلائع الخزف الفني في تونس، ولكن تبقى الدورات القادمة خير كفيل لبعض النواقص. لا يسعنا في الأخير إلا أن نشدّ على أيدي من يلاحق الفن والإبداع والتجديد ويشجع على جعله مفتاح الرقي والصناعة الإبداعية، فالفن والثقافة والتراث هو سلاح الأمم وقوته الناعمة لصناعة السياحة، الاقتصاد.

 

بقلم: عواطف منصور، فنانة تشكيلية وجامعيّة. جامعة منوبة

 

1170 may 1ثانية ومع حلول الربيع في أستراليا، كانت الجالية العربية والعراقية على موعد مع المعرض الثاني للفنانة التشكيلية مي زهير جميل، تحت عنوان: (Time Capsule1)، الذي أقامته في قاعة معرض: m2 gallery))، في منطقة:  (Surry  Hills) بمدينة سيدني – أستراليا. وذلك يوم 18 – 9 – 2019م، ولمدة أسبوع.

 1170 may 17jpg

حيث عرضت الفنانة التشكيلية مي زهير جميل اعمالا فنية يدوية مدهشة، وجهدا امتزجت فيه الفكرة مع الابداع. تجلت من خلالها قدراتها الفنية في هذا التخصص.

1170 may 22pg

اشتمل المعرض على (30) عملا حضاريا عميقا باسلوب معاصر، يمزج الماضي بالحاضر والمستقبل، بأفكاره وتشكيله واستخدام مواد مزجت عددا من الحضارات، إحداها معطيات الحضارة الأستراليه بأسلوب معاصر... 

1170 may 2

إن الأعمال التي عرضتها الفنانة مي زهير جميل في معرضها الثاني تعد فنا جديدا، وأفكارا مبتكرة تعرض لأول مرة، من خلال استخدام الخشب والمعادن والطلاء والمواد العضوية المتوفرة. 

1170 may 6jpg

وقد اختارت الفنانة مي زهير جميل لأعمالها أسماء غريبة، تركت للمتلقي مساحه من التفكير والاندهاش الفني والجمالي. 

1170 may 7

وأعمال الفنانة مي زهير جميل، أعمالا نحتية تتحدث عن الطبيعة المركزة للوقت والدورات التي تتطور داخل كل حياة. 

1170 may 25

ويشير مشهد القطع المتجاورة من الأعمال المعروضة مع الطبيعة العوالم القبلية التي لها تأثرت بالفنون الأصيلة والتصوف الشرقي. 

1170 may 13

 إن الرمزية القديمة المشفرة هي جزء لا يتجزأ من التأمل الحالي للفنانين في الحياة، الخسارة والسعادة والتوق الحتمي للهروب من جهة الى أخرى ولديهم اتحاد مختلف مع شيء أعلى. 

1170 may 10

وبهذا كتب للمعرض نجاحا مميزا، تفوق على نجاح معرضها السابق، من خلال أعمال ذات أفكار جديدة، ونحت يرسم في ذهن المتلقي عوالم، تتداخل فيها القيم والفنون. 

1170 may 11

يذكر أن طاقة الخشب كان أول معرض للفنانة مي جميل في سدني – استراليا، وقد لاقى في حينه نجاحا باهرا، وقد حضره شخصيات سياسية واجتماعية كثيرة.

1170 may 12

معارض فنية

وكانت الفنانة مي جميل قد شاركت في عدد من المعارض، هي على التوالي:

- في بغداد: 1988، 1993،  1994، 1999

- المعارض المشتركه في سدني: 2009  و2011

- المعرض المنفرد الاول في سدني 2013 بعنوان طاقه الخشب.

- معرض" Time Capsule 1، 2019م.

1170 may 12

وهي حاصلة على:

- الدبلوم العالي في تصميم المباني المعماريه المستديمه – سدني

- الدبلوم في علوم المباني المعماريه - سدني

- الدبلوم العالي في التصميم الدخلي – سدني

- معادله درجة البكالريوس بالتصميم الدخلي وفق المقياس الاسترالي

- بكالوريوس في التصميم الدخلي – بغداد

- وهي مسؤولة لجنه المرأه في منتدى الجامعيين العراقي – الاسترالي، وهو منظمة طوعية لخدمة الجالية العراقية بسدني.

- حاصت على عدد من شهادات التكريم لاعمالها الطوعيهة

- حاصلة على شهاده oam من البرلمان كفنانه محليه

- حصلت في 2017 على الجائزة الأولى للميكس ميديا في مسابقه للفنانين في كاسولا باور هاوس.

 1170may 14

أخيرا لقد كان للحضور الكريم دوره في تجلي ابداعات الفنانة التشكيلية مي زهير جميل، من خلال معروضاتها، التي أدهشت الحضور.

 

 

مكي كشكولمما لا شك فيه ولا ريب أن الدول والمجتمعات لا تقاس بوفرة عديد نفوسها ولا بكثافتها السكانية، فقد تكون كثرة عدد السكان عبئاً يستنزف الموارد، لأنها كثرة إستهلاكية أكثر منها إنتاجية، وإنما تقاس الدول والمجتمعات بقوتها السكانية النوعية، المتمثلة في كفاءات أبنائها، وقدراتهم المتميزة علمياً وعملياً. حيث كان العرب يقولون عن المتفوق في شجاعته وعلمه وأدبه: "رجل كألف". فالكفاءة والإبداع هي مصدر قوة الدول والشعوب. والمجتمع الأقوى هو الذي تكثر فيه الكفاءات وقدرات الإبداع بين أفراده.

ولعل من أهم أسباب إرتفاع مستوى حركة الإبداع والتفوق في أي مجتمع هو التشجيع وإحترام الطاقات وتقدير الكفاءة والإبداع، والذي يعتبر أحد مظاهر الرقي وطرق التقدم. فالمجتمعات المتقدمة عادة ما تحرص على توفير أكبر قدر من الإحترام والتشجيع للطاقات والقدرات المتميزة من أبنائها، بينما تنعدم أو تتضاءل مثل هذه الحالة في المجتمعات المتخلفة.

لذلك فإن تكريم المبدعين أمر جميل، ولكن الأجمل أن يكرموا في حياتهم، وخلال رحلة عطائهم، حتى يشعروا بحلاوة هذا التكريم، بين أحبتهم وأهلهم ومعارفهم. وعليه يجب أن يكون التكريم لائقاً ومميزاً، حيث إن الإبداع موهبة، وإن تكريم المبدع في حياته يرفع من معنوياته أكثر فأكثر، فيزداد إبداعاً، حيث يمثل التكريم بالنسبة للمبدعين في جميع المجالات، إعترافاً من المجتمع بإبداعاتهم. فالكفاءة يجب أن تحترم لذاتها وعطائها، بغض النظر عن إتجاهها الأيديولوجي والسياسي والمذهبي أو خلفيتها العرقية والدينية.

1162  سمير قاسم 1

وفقاً لذلك، يجب ألا يهضم حق المبدعين والمتميزين في التكريم والإشادة بجهدهم وإنجازاتهم، وعلى وجه الخصوص أولئك الذين لم يألوا جهداً في تقديم أفكاراً جديدةً ويبذلوا ما في وسعهم من أجل الوصول إلى آليات تسهم في تطوير المجتمع وتقدمه، والتي أخذت من حياتهم الجهد والعرق والوقت، وقضوا سنوات في الكفاح ومواجهة الصعوبات. فلم يكن ما توصلوا إليه من مجد وعلياء وما قدموه من إنجازات بالأمر السهل، فكل مبدع يواجه العديد من الصعوبات في عمله وفي نهاية هذه الرحلة المريرة والسنوات الطويلة والعناء على كل من يقدر الجهود ويثمن الكفاءة والإبداع والموهبة والنبوغ أن يقدر ويشيد، وفي النهاية يكرم هذه الطاقات وهذه الكفاءات.

1162  سمير قاسم 2

وبما أن كادر الفضائية العراقية ممثلةً بالسيد سمير قاسم والسيدة هديل صباح شخصيتين سويتين وراقيتين ومتحضرتين، ومحترمين لذاتيهما ومقدرين لعملهما، ولديهما القدرة على التعبير عما يختلج في أعماقهما وعما يختزناه من إنطباعات ومشاعر، من خلال مبادرتهما لإبرازها بتسليط عدسة الكاميرا عليها وتقديمها بشفافية وحيادية وموضوعية ومهنية. وبما أنهما أفنيا سنوات من الجهد والعمل المتواصل، وتقديراً لما قدماه من عطاء وما بذلاه من جهود في تواصل الجالية العراقية بوطنها الأم من خلال تغطيتهما لمختلف الفعاليات الدينية والسياسية والإجتماعية والثقافية والأدبية والرياضية التي تقيمها الجاليات العراقية والعربية وغيرها من الجاليات وتوثيقهما للعديد من جوانب الحياة المعاشة للعراقيين والعرب في أستراليا وتفردهما بتصوير جمال وسحر البيئة الطبيعية لأستراليا عبر التقارير والبرامج ونقلها لبلدنا الأم وإلى مختلف أرجاء العالم، فقد حضيا، من ضمن أربعة شخصيات، بالتكريم في الحفل الذي أقامته منظمة السلام العالمي، والتي مقرها كوريا الجنوبية، والذي تقيمه كل عام في دولةٍ مختلفةٍ. وقد أقيمت مراسيم إحتفال هذه السنة في مدينة سيدني الأسترالية، حيث كان حفلاً مميزاً من ناحية عدد ونوعية الحضور والشخصيات التي تم تكريمها. ولا تفوتني الإشارة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تكرم منظمة السلام العالمي قناة عربية على هذا المستوى، والذي كان من حصة الفضائية العراقية.

1162  سمير قاسم 3

وبالرغم من كل ما حظيا به من شهادات تقديرٍ وتكريمٍ، فلم تتراكم على نفسيهما حجب قاتمة من نوازع الأنانية والحسد لتمنعهما من تقديرٍ للمستحقين وتكريمٍ للمبدعين من خلال تغطيتهما للعديد من حفلات التكريم لمختلف الشخصيات ومن مختلف الأعراق والأديان، والتي تقيمها مختلف الجاليات في أستراليا إحتفاءاً بأبنائها المتميزين والمبدعين. فلم تمتليء نفسيهما بحب الذات، ويسيطر عليهما الغرور، وتتضخم لديهما الأنا بحيث لا يران أحداً غيرهما مستحقاً للمدح والتقدير، وينزعجا ويتذمرا حينما يشاد بآخرين، وقد يكون ذلك ناتجاً من شعور عميق بالنقص والضعف، يستثيرهما ذكر كمال الآخرين وتفوقهم. بالإضافة إلى ذلك فهما صاحبا مسيرةٍ إعلاميةٍ حافلةٍ بالتميز والأداء المهني، وما زالا مستمرين في مسيرة العطاء، لذلك فليس بالأمر المستغرب أن يكونا من ضمن من وقع عليه الإختيار للتكريم هذا العام.

1162  سمير قاسم 4

وفي إعتقادي الشخصي، أن هذا التكريم يمثل لمسة وفاء من هذه المنظمة تجاه المبدعين وأصحاب الإنجازات، وهذه رسالة مباشرة منها لأولئك المكرمين، عنوانها التقدير والإحترام والفخر بعطائهم وإبداعاتهم وإنجازاتهم الرائعة. بالإضافة إلى ما تقدم، فإن التكريم كثقافة وقيمة وسلوك بحاجةٍ ماسةٍ لأن يتجذر في فكرنا ومزاجنا وقناعاتنا، لأنه المحرض على البذل والعطاء والإخلاص، والمحفز على ديمومة التميز والإبداع والإنجاز.

ولعل مسألة الإحتفاء بالمكرمين والكفوئين بهم إعلامياً، وتكريمهم إجتماعياً سيكون عاملاً في تشجيعهم وتقديرهم، وفي رفع معنوياتهم، وإمتصاصه لآثار الكد والعناء الذي واجهوه وسيواجهونه في طريقهم، مما يجعلهم أكثر عزماً وتصميماً على الإنجاز والتقدم. فتقدير الكفاءة يساعد على تنميتها وتطويرها، ويدفع أصحابها إلى المزيد من العطاء والإنجاز، ويكرس في نفوسهم حب مجتمعهم، والإخلاص إليه، والتفاني في خدمته، وسيرفع درجة الطموح والتطلع نحو التقدم والإبداع لديهم، مما سيحفزهم ليجتهدوا في وضع البرامج، وإبتكار الأساليب. بينما قد يثبط تجاهل الكفاءات نشاطها، ويصيبها بالإحباط، وفي أحسن الفروض، تسلك طريق النزوح والإغتراب، أو ما يصطلح عليه في وقتنا الحاضر بهجرة الكفاءات والعقول.

وفي الختام فقد أثلج تكريم المبدعين سمير قاسم وهديل صباح  صدور جميع المغتربين العراقيين والعرب وملأ قلوبهم الغبطة والفرح والسرور، لأن تقدير أي كفاءة في المجتمع، يعتبر تكريساً لمنهجية صحيحة، إذا تأكد وجودها، عندها ستشملهم بركاتها وآثارها كغيرهم من المؤهلين. فالتفوق والإبداع لا يتأتى إلا ببذل جهدٍ، وتحمل عناءٍ، لذلك يكون المتفوقون قلة، لأن أكثر الناس يتقاعسون ولا يرغبون في إتعاب أنفسهم وإجهادها.

 

الدكتور مكي كشكول

سيدني - أستراليا

 

1147 سعد 2رئيس الاتحاد عليان العدوان: يشيد بتجربة الشاعر وعمقها وأصالتها.

احتفى اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بالمنجز الإبداعي للشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف في جلسة أقامها له في قاعة الاتحاد الرئيسة قاعة روكس العزيزي.

وقدمت الدكتورة أمل بو رشك التي أدارت الجلسة كلمة أشادت فيها بالمنجز الإبداعي الشعري للشاعر سعد ياسين يوسف معبرةً عن اعتزاز اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين بقامته الأدبية الرصينة مستعرضةً بعضاً من آراء أساتذة النقد الحديث وإشادتهم بالشاعر سعد ياسين يوسف وهم الأستاذ الدكتور عبد الرضا علي والناقد الكبير فاضل ثامر والأستاذ الدكتور علي د. علي حداد وأ.د خضير درويش.

1147 سعد 1

وقدم أ. د. أيسر الهاشمي أستاذ النقد الأدبي الحديث رؤية نقدية تناولت المجموعة الشعرية الأخيرة للشاعر د. سعد ياسين يوسف (أشجار لاهثة في العراء) أستهلها بمقولة ابن عربي: (الشجرة هي الإنسان الكامل) . وقال: من هنا كانت الشجرة عند شاعرنا تعني الإنسان كلّه، تعني وجوده ونهر مرجعيته الذي ينهل منه ما يمنحه سعةً في اعتماد هذا الرمز المتجذر في مجاميعه الشعرية.

استعرض بعدها عدداً من نصوص المجموعة مسلطاً الضوء على رموزها وتدفق صورها وانثيالاتها والمعاني العميقة التي تضمنتها.

وأضاف قائلا : إنَّ الشاعر سعد ياسين يوسف شخصية فعالة ومؤثرة في المشهد الثقافي العربي كونه يدرك أن الثقافة هي الطريق إلى الحياة الأجمل.

قدم بعدها الشاعر سعد ياسين يوسف عدداً من قصائده التي استقبلها الجمهور بجميل تلقيه .

وكان الأستاذ عليان العدوان قد ألقى كلمة أعرب فيها عن سعادته لاستضافة الشاعر العراقي سعد ياسين يوسف في اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين كونه قامة أدبية سامقة ،مشيدا بعمق تجربته وأصالتها .

وقّع بعدها الشاعر نسخاً من مجموعته (أشجار لاهثة في العراء) لتقديمها للحضور.

 

المثقف -عمان / خاص

 

ندخل القاعة الأرضية الصغيرة القائمة في الدور الأول من مبنى بيت الكرمة، في مدينة حيفا. بعد أن قطعنا الطريق الواصل بين مدينتي الحبيبة الناصرة ومدينة حيفا، جميلة البحر، نحن مجموعة من الكتاب والمهتمين المعنيين، الدكتور أسامة مصاروة من مدينة الطيبة الواقعة في منطقة المثلث، خالد عوض الباحث في الفلكلور والادب الشعبي، كاتبة ادب الأطفال السيدة زينة الفاهوم وانا كاتب هذه السطور، ترافقنا السيدة ياسمين مخلوف من المعهد الثقافي الفرنسي- فرع الناصرة، أما المناسبة فهي صدور الترجمة الفرنسية لكتاب "ظلمات واشعة" للكاتبة مي زيادة ابنة مدينة الناصرة التي عاشت فترة قصيرة في لبنان وقضت بقية عمرها في القاهرة مديرة صالونًا ادبي ملأ الدنيا وشغل الناس. صدرت هذه الترجمة عن دار النشر الفرنسية "لارنتا" وقام بها السيد سمير بالحمرة، وها نحن نستعد للبدء في الأمسية الأولى للاحتفاء بصدور هذه الترجمة في مدينة حيفا، على أن نشارك في أمسية أخرى مماثلة في اليوم التالي في مدينتنا الناصرة مسقط راس مي زيادة الأول.  ندخل القاعة فيستقبلنا القنصل الفرنسي في البلاد السيد ستيفان توليه، إضافة إلى اليسا لافو مسؤولة المهمة الثقافية في المعهد الثقافي الفرنسي - فرع حيفا. نحن نعرف أن الاحتفال بصدور تلك الترجمة الفرنسية لكتاب مي زيادة، تمّت بالتعاون فيما بين معهدي الناصرة وحيفا الفرنسيين.4487 امسية حيفا

عندما دخلنا القاعة كان في استقبالنا أيضًا عدد من الضيوف بينهم الكاتب يوسف أبو خيط من الطيرة، عرفنا فيما بعد انه جاء برفقة الأخ أسامة مصاروة لحضور الأمسية. قدمتنا مرافقتنا ياسمين مخلوف معرّفة بكل منّا إلى الاخوة المستقبلين، وكان همّي الأول هو أن اتعرّف على الأخ مترجم الكتاب إلى الفرنسية، وها أنا أسال إحدى الحاضرات عمّن يكن المترجم.. وها أنذا، أتلقى الإجابة الفورية، يمد شخص بهيّ الطلعة شاب النظرات يده نحوي، فأمد يدي إلى يده الممدودة، نتصافح. أعرف منه أنه هو مترجم الكتاب، يقول: أنا من الجزائر. أعيش في فرنسا، ويشير إلى مَن سألتها عنه قائلًا وهذه زوجتي نور اليقين، هي أيضا ساعدتني في ترجمة الكتاب، وقّدمت لي كل ما احتجت له لإنجاز مَهمة الترجمة. تبتسم زوجته ضمن إشارة رضا وتقدير. في السابعة والنصف يفتتح راعو الأمسية شبابيكها وأبوابها بكلمات دافئة مشجّعة ومشيرة إلى أهمية التواصل بين الشعوب عبر الترجمة والتعارف المباشر. ويتتالى المتحدّثون، القنصل الفرنسي، اليسا من معهد حيفا الفرنسي، فيما تقدّم ياسمين مخلوف المتحدثين بكلمة مقتضبة، طالبة من كل منهم أن يتخذ موضعه على منصة الاحتفال. تُفتتح الأمسية بمداخلة يقدّمها مترجم الكتاب، فيما تقوم زوجته المرافقة بترجمتها إلى العربية. يستفيض المترجم في استعراضه قصة محبته واهتمامه بكتابات مي، خاصة كتاب ظلمات واشعة ذي العنوان المعبر عما تضمنه من أفكار.. معاني واشارات، متوقفًا عند العديد من فصول الكتاب، ويلخص دافعه إلى ترجمة الكتاب قائلًا انه جاء إضافة الى معزة خاصة لمي وابداعها الادبي من أجل اطلاع الفرنسيين على كتاب يستحق الاطلاع والاهتمام، لما اتسم به من رؤية ثورية تدعو إلى تحرر المرأة العربية والتعامل معها إنسانا ذا وجود وحقوق، مستحق للحرية والاخاء والمساواة (شعار الثورة الفرنسية). يقول: أردت بهذه الترجمة أن أعيد الاعتبار إلى كاتبة مثقفة قرأت بعضًا من كتاباتها في يفاعتي وأعجبت بها، وبما أحاط بها وبما دفعها لإقامة صالون ادبي نشط حوالي العشرين عاما. وأمّه معظم كتاب مصر، أدبائها وشعرائها، وعدد من مثقفيها السياسيين. ينهي مترجم الكتاب مداخلته هذه لتبدأ مداخلة الكاتبة زينة الفاهوم، لقد اقترحنا أن تكون مداخلتها الأولى بعد مداخلة مُترجم الكتاب مدفوعين بالترتيب المنطقي، فاذا كان المترجم تحدّث عن ترجمته للكتاب، فان المنطق يقول إن استعراض حياة مي يفترض أن يكون التالي، بعدها تأتي مداخلة أسامة مصاروة عن صالون مي، وبعدها مداخلة ناجي ظاهر عن أدب مي زيادة وفي النهاية مداخلة خالد عوض عن فضاء الحب الذي عاشته مي ومحيطه المتخيل ممثلًا بأسطورة عشتار وتموز. الحب وانبعاث الربيع. تتتالى المداخلات، تقول زينة إن مي من مواليد مدينة الناصرة عام 1886.4488 امسية حيفا

عام 1900، غادرت مع ذويها، أبيها اللبناني الياس زخور ووالدتها نزهة معمر، هناك تلقت مي تعلمها الثانوي في عينطورة. بعد أربعة أعوام انتقلت العائلة للإقامة في مصر. الوالد عمل في الصحافة، بعدها عمل رئيسًا لتحرير صحيفة المحروسة. وهو ما شجع ميًا على الكتابة والنشر. نشرت مي بأسماء عديدة مستعارة، منها شجية وعائدة والسندبادة البحرية الأولى. عام 1912 افتتحت صالونها الادبي المشهور حتى هذه الأيام. وتردّد عليه كبار كتاب العصر وشعرائه. معظم هؤلاء أحبوا ميًا وتقرّبوا منها، إلا انها كانت قد اقامت علاقة تراسلية مع الكاتب اللبناني المهجري المشهور جبران خليل جبران، تواصلت خلال ما ناهز العقدين من الزمان، حتى وفاة جبران، علمًا أن والدي مي كانا قد فارقا ورحلا قبل جبران، وهو ما أدخلها في حالة من الحزن. في تلك الفترة طلب أقرباء لمي أن تعود إلى لبنان ففعلت وكانت تلك العودة القاسية في حياتها فقد ادخلها ابن عمها جوزيف زخور مصح الامراض العقلية (العصفورية)، في محاولة منه للاستيلاء على ميراثها. في العصفورية قضت ميّ أحلك نهاراتها ولياليها. ولم يزرها إلا القليلون من اصدقائها في مقدمتهم الكاتب امين الريحاني، وهو ايضًا مؤلف كتاب عن مي وعلاقته بها. وعندما تمكّنت من العودة إلى القاهرة، قضت هناك ولم يسر في تشييعها الى مرقدها الأخير سوى ثلاثة اشخاص من اصدقائها. وكان رحيلها عام 1941، أي بعد رحيل جبران بعقد من الزمان. عاشت مي 55 عامًا، فيما عاش جبران 48 عامًا. بعد انهاء زينة مداخلتها شرع أسامة مصاروة في تقديم مداخلته، مستعرضًا إقامة مي صالونها كل يوم ثلاثاء، وذاكرًا العديد ممن تردّدوا على صالونها، متوقفًا عند أشعار ذات دلالة وعلاقة منها للإمام الشافعي وإسماعيل صبري. بعدها أشار كاتب هذه السطور إلى تأثر مي بالأدب الرومانسي الفرنسي، لا سيما لدى اعلامه أمثال شاتوبريان والفريد دي موسييه ومدام سفنييه. وأضاف ان الادب الرومانسي، جاء تاريخيًا للثورة على التقاليد الأدبية التقليدية التي سادت الادب وابتدأ بالتشكل ضمن رؤيته الثورية، في القرنين الثامن والتاسع عشر. ونوّه إلى أن هذا الادب أثّر أيما تأثير على العديد من الكتّاب المصريين إبان القرن العشرين مشيرًا إلى مصطفى لطفي المنفلوطي صاحب "النظرات" و "العبرات" ومترجم كتابي "ماجدولين أو في ظلال الزيزفون" للفونس كار و"الشاعر" لادمون روستان، وأوضحت أن المنفلوطي لم يكن يتقن الفرنسية وأنه كان يطلب من آخرين ترجمة ما يود ترجمته عنها ليعيد فيما بعد صياغتاها بحلة عربية قشيبة ولائقة. ولخصت رأيي بالقول إن ميًّا تأثرت بالأدب الفرنسي موضحًا أن عملها الادبي الأول وهو ديوان" ازهار حلم"، كان باللغة الفرنسية. وأنها تأثرت بإقامتها صالونها بظاهرة الصالونات الفرنسية في القرنين المذكورين. كما أنها حذت حذو الكاتبة أورو دوتان في نشرها انتاجها الادبي موقّعّا باسم رجل هو "جورج صاند". واختارت اسم خالد رأفت لتوقع بها كتابات لها. وورد في كلمتي أن ميًا كانت كاتبة اجتماعية طالبت بحرية المرأة ، غير انها لم تكن كاتبة نقدية كما تبدى في الابداع الادبي لدى جبران خليل جبران وحتى عندما وضعت كتابها عن ملك حفني ناصف- باحثة البادية، تمحورت في الإشارة والتحبيذ ولم تتجاوزهما إلى النقد كما فعل جبران عندما شنّ غاراته النقدية المعروفة على رجال الدين وموبقاتهم مثلّا. ولخّصت رأيي بالقول إن كتابات مي نحت منحى الكتابة الذاتية الخفرة، ولم تتجاوز الخاطرة والسانحة، الامر الذي حدّ من الاهتمام بها كاتبة واستدعى تسليط الضوء عليها ناشطة اجتماعية ثقافية. مداخلة خالد عوض تضمّنت مقارنة بين واقع مي مع المحبة وبين العالم البعيد القريب.. عالم عشتار وتموز.. ذلك العالم الرائع، المولّي والباقي.4489 امسية حيفا

الجمعة 4- 11-2022

ساعات المساء. ها نحن نلتئم، كل من سبق ذكرهم، في قاعة استقبال المعهد الفرنسي- فرع الناصرة، لننطلق في الساعة الخامسة لزيارة البيت الذي أقامت فيه مي زيادة برفقة أسرتها في سوق البلدة القديمة من مدينتنا الناصرة، وها نحن ننطلق إلى هناك بحماس كبير لا سيّما لدى مرافقينا الفرنسيين ومترجم الكتاب وزوجته الجزائريين. كلٌّ منّا يغذ السير ويحث الخطى في رغبة عارمة لزيارة ذلك البيت وللتنقل فيه من ردهة إلى ردهة ومن غرفة إلى أخرى. ها نحن جميعّا نتوقف قُبالة بيت يقوم في الشارع المحاذي للجامع الأبيض القائم في البلدة القديمة من ناصرتنا. أفاجأ. في الماضي أشار أكثر من شخص من أبناء مدينتي وبينهم مثقفون إلى هذا البيت أو ذاك، على اعتبار أنه البيت الذي أقامت فيه مي إبّان طفولتها ويفاعتها، حتى ان مرافقي أنفسهم سبق وأشاروا إلى أن ذلك البيت يقوم في منطقة عين العذراء. أما ما يحصل في الواقع هو.. ها نحن نقف قُبالة بيت سبق وعرفته حق المعرفة، وكان آخر مَن أقام فيه هو المرحوم محمد علي عبد المعطي، برفقة أبنائه الثلاثة الأصغر أمين محمد علي رئيس لجنة المهجرين القطرية، الذي توفي قبل فترة، وشقيقه فيصل صاحب محل لبيع التذكاريات السياحية.. ربطتني به علاقة صداقة حتى أيامه الأخيرة وكان هاويًا مُحبًا للفن التشكيلي غير أنه رفض أن يعرف آخرون بمحبته تلك فولّت معه، وأكبر هؤلاء الأبناء الشاعر المشهور طه محمد علي، صاحب "القصيدة الرابعة" وقصيدة "الباشق"، أحد أصدقاء العمر الرائعين، عمل في حانوته لبيع التذكاريات في شارع الكازنوفا حتى أيامه الأخيرة. عائلة عبد المعطي قَدِمت إلى عام النكبة من قريتها صفورية واقامت في هذا البيت، لقد زرت طه عندما أقام برفقة أسرته الصغيرة في ذلك البيت. كان هذا في سنوات غابرة. أما البيت، أقول لمرافقي الفرنسيين والجزائريين، فإنه وقفٌ ذري يعود لعائلة الفاهوم النصراوية العريقة، وقد كان ناظرو هذا الوقف يفتحون الامكانية واسعة فيما أعلم أمام العديد من الاسر والعائلات المهجّرة من قراها المحيطة ليقيموا فيها. ريثما تستتب لهم الإقامة في مدينة الناصرة، فينتقلون إلى بيوت أخرى او خاصة بهم وفق إمكانياتهم. وينطلق كل من المرافقين متجولًا في ذلك البيت، أشعر أن كلًا منهم يحاول أن يشمّ رائحة مي هناك. أما أنا فأدعي أنني شممت تلك الرائحة العطرة. الآن في هذا البيت، الوقفي الذري لعائلة الفاهوم، بإدارة الصديق عاطف الفاهوم وهو الناظر العاشر للجامع الأبيض في الناصرة ومتولى الأوقاف الذرية فيها. الآن جاء الوقت لأن تتحدث مرافقتنا زينة الفاهوم، تتوجّه إلى مرافقينا قائلة: أتذكر هذا البيت جيدًا فقد زرته أكثر من مرة. هذا السقف، وتشير إلى سقف مغطى بشوادر أو ما شابهها، كان مفتوحًا... وكان سكان البيت يرون عبره القمر في ليالي الصيف الصافية. وتصطحب زينة مُرافقنا الجزائري، تقول له: هذا السقف ذو الجسور الخشبية المطعمة بمفصلات حديدية.. ما زال كما هو، انه أحد السقوف التقليدية في البلدة. العيون تتساءل والافواه تحاول الإجابة. قبل أن نخرج ونغادر ذلك البيت ذا الرائحة والنكهة الميّية، نسبة إلى مي، نرى حمامة تختبئ لصق إحدى زوايا سقف البيت شبه الخفيّة. تتدافع الصور إلى مخيّلتي، وأفاجأ بسؤال يوجهه أحد المرافقين الفرنسيين..  مَن هذه الحمامة فأرد من فوري هذه مي زيادة. تبتسم احدى المرافقات وأين جبران.. تسأل فنرد عليها إنه مختبئ في الناحية الأخرى. نقول هذا ونحن نفكر في ذلك الحب العظيم بين مي وجبران، عبر كم ليس قليلًا من الرسائل نُشر فيما بعد في كتاب خاص، أما عُمق الإشارة فقد تمثّل في أن ذلك الحب بقي رهين الرسائل ولم يخرج إلى النور، وقد بقي طرفاه وحيدين.. ولم يلتقيا. بعد حوالي الساعتين، نعود إلى مبنى المعهد الفرنسي للمشاركة في الأمسية الثانية المرتبة مسبقا. لنفاجا بأكثر من مفاجأة من هذه المفاجآت، حضور طلاب ومدرّسين من مدرسة مي زيادة وآخرين من مدرسة جبران خليل جبران في المدينة وتقديم طلاب مدرسة مي الابتدائية معزوفات موسيقية تفخر بهم وبها مديرة المدرسة السيدة ديما عفيفي. كما يفخر آخرون. فكل من الحاضرين يعتزّ بأن أجواء مي وصالونها الخالد تحلّق في الفضاء الواسع الممتد. بعد انتهاء الكلمات البروتوكولية من مسؤولي معهدي حيفا والناصرة الفرنسيين، تعود أمسية الليلة الماضية، ويعود كل من المتحدثين والمشاركين لدلي بدلوه مستفيدًا من تجربة الأمسية السابقة ومضيفًا إلى دفئها. الحضور الجماهيري في الناصرة إكثر منه في حيفا. السبب هو الدعوات المكثفة، الملحة والمكررة من إدارة معهد الناصرة. هذا الحضور وبينه مثقفون ومحاضرون جامعيون مشهود لهم، يستدعي فتح باب النقاش في نهاية الأمسية، وها أحدهم يوافق على ما ذهبت إليه من أن مي كانت كاتبة اجتماعية لم تتجاوز كتاباتها الخاطرة والسانحة غير أنه يتقاطع معي مدعيًا أن ميًّا شكلت ظاهرة فريدة وغير مسبوقة في الثقافة المصرية، عندها لا يكون أمامي إلا أن أذكره بالثائرة هدى شعراوي التي التقت بها مي وتعلّمت منها درسًا في التحرر، وبباحثة البادية التي أحبتها مي وسارت في طريقاها. أستاذ جامعي آخر يدعي أن الكتابة العربية المصرية في فترة مي لم تعرف القصة والرواية، وتوقفت على المقالة الأدبية الخاطرة والسانحة، فاذكره بالكاتبين محمد ومحمود تيمور ومحمود طاهر لاشين وغيرهما من رواد كتابة القصة الذين سبقوا ميًّا وعاشوا قبلها. بهذه الكلمات تنتهي الأمسية وتنتهي امسيتان تعيدان ذكرى إحدى بنات الناصرة العظيمات وتحفران عميقًا في أرض الذاكرة وسماء الانتماء.

***

ناجي ظاهر

الخميس 3-11-2022

عاد المناضل الفلسطيني الكاتب غسان كنفاني، يوم الجمعة الماضي 11/11/ 2022، إلى مدينته الاثيرة حيفا العزيزة على قلبه وأدبه، وحلّ ضيفًا غاليًا مكرمًا على مؤسسة تنوير الثقافية الناشطة في المدينة، وكان في استقباله مديرة المؤسسة الناشطة الاجتماعية الثقافية سهاد كبها، ابنة قرية عين السهلة، وزير الثقافة الفلسطينية الكاتب عاطف أبو سيف، إضافة الى اثني عشر فنانا تشكيليًا وسبعة كتاب وباحثين، والى جانبهم عدد من محبي الثقافة وشداتها.

جاءت هذه العودة في ذكرى مضي نصف قرن على قضاء غسان كنفاني وابنة اخته لميس، بعد تفخيخ يد الغدر سيارته وانفجارها خلال فتحه بابها، في مدينة بيروت التي عاش، عمل وكتب فيها. في البداية رحّبت رئيسة المؤسسة المستضيفة بالحضور مشيرة إلى أن فعالية مؤسستها الثقافية هذه تأتي في ذكرى حزينة مؤسية، ما زالت اصداؤها تتردّد رغم مضي الوفير من السنين عليها، موضحة أن غسان كان رجلًا ذا موقف ومبدأ وأنه عمل طوال حياته القصيرة (36 عامًا)، من أجل تحقيق حلم العودة إلى أرض الوطن، وورد في كلمتها ان غسان عُرف كاتبًا أديبًا مبدعًا توزّعت كتاباته على مختلف الأنواع الأدبية. الرواية، القصة القصيرة، أدب الأطفال والفن التشكيلي، كما عرف كاتبًا صحفيًا شهد له القاصي والداني. الكاتب الوزير عاطف أبو سيف أشار إلى أن غسان بات منذ سنوات بعيدة واحدًا من أبرز الرموز النضالية الفلسطينية، وانه بالكاد تجد من لا يعرفه أو يقرأ له من أبناء شعبنا الفلسطيني، وأشار أبو سيف إلى ان وزارة الثقافة الفلسطينية قامت ضمن واجبها التثقيفي بطباعة المئات من الكتب وانه يوجد في برنامجها المئات من الكتب التي ستقوم بطباعتها لكتاب فلسطينيين وآخرين أبدعوا وقدّموا الكثير من المشهود له للقضية الفلسطينية والعربية عامة. واكد ان الوزارة ستواصل احتفالاتها بغسان كنفاني مشيرًا الى تكريسها جائز حملت اسمه وحصلت عليها في دورتها الاولى الكاتبة السورية المغيرة هويدي.4546 غسان كنفاني

يوم دراسي في جلستين تحت عنوان غسان كنفاني مفكرًا

عُقدت الجلسة الأولى تحت عنوان غسان كنفاني روائيا وقاصا، وتحدّث فيها كل من الدكتورين محمد هيبي، جهينة خطيب، والكاتبة صباح بشير. تولى كاتب هذه السطور إدارتها، ورد في بداية الجلسة ان هذا اليوم الدراسي يأتي ضمن برامج إحياء ذكرى الكاتب غسان كنفاني بعد مضي خمسين عامًا على استشهاده، كما ورد فيها ان كنفاني من مواليد مدينة عكا عام 1936، وانه ولد في عزّ اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى، ووضع عنها بالمناسبة كتابًا خاصًا. كما كتب في مختلف الأنواع والضروب الأدبية، وألمحت في كلمتي الى أمرين أراهما غاية في الاهمية أحدهما أن الاهتمام الكبير بكنفاني انصب على البعد السياسي من شخصيته وانه كان الاجدر أن يحظى الجانب الإنساني من شخصيته باهتمام أكبر، فقد كتب غسان عن المنكوبين والمعذبين في الأرض، وتجلّى هذا في معظم ما كتبه وخلّفه من إنتاج أدبي غزير رغم أنه لم يعش طويلًا، الامر الثاني أن ما كتب عن أدب كنفاني تعامل معه بنوع من التقديس، وباستثناء ما كتبه وأشار إليه من نقدات جديرة بالالتفات الكاتب الناقد الفلسطيني الراحل يوسف سامي اليوسف في كتابه عن غسان كنفاني- رعشة المأساة، فإننا لا نكاد نقرأ أي نقد جديّ عمّا تركه غسان من اعمال أدبية، روائية خاصة، وتطرقت إلى ما ارتآه اليوسف رغم تقديره الكبير لغسان وهو أن رواية "عائد الى حيفا" مثلًا لا تعدو كونها قصة قصيرة تمّ مطُها. بعد ذلك تحدثت الكاتبة صباح بشير ابنة مدينة القدس المقيمة في حيفا، عن رواية رجال في الشمس مستعرضة أحدثها المؤسية المحزنة التي قضى فيها ثلاثة من أبناء فلسطين المعذّبين داخل خزان شاحنة التهريب، الامر الذي دفع مهربهم إلى المقولة التي أضحت من الخوالد الفلسطينية: لماذا لم يقرعوا جدار الخزان. الكاتب محمد هيبي تحدّث عن غسان كنفاني روائيًا، وركز حديثه أيضا على رواية رجال في الشمس، موضحًا أن صاحبها أسسها وابتناها على حدث واقعي حقيقي حكى عن ثلاثة فلسطينيين أرادوا التسلّل عبر الحدود العراقية الكويتية للعمل في الكويت بحثا عن لقمة العيش والحياة بكرامة. واستعرض هيبي روايات كنفاني متوقفًا عند عائد إلى حيفا، ام سعد وما تبقى لكم. وأوضح هيبي أن ابداعات غسان الروائية شهدت تحولات في الرأي والرؤية، وأنها تطورت بتطور النضال الفلسطيني. الدكتورة جهينة خطيب تحدّثت عن غسان قاصًا وألمحت إلى أهمية الإنتاج القصصي الوفير الذي تركه غسان لنا منوهة إلى مجموعاته موت سرير 12 وارض البرتقال الحزين ومتوقفة عند قصته اللافتة للأطفال القنديل الصغير، واستعرضت المضامين الغنية التي تمحورت حولها قصص غسان القصيرة متوقفة عند جمالياتها ودلالتها النضالية الانسانية.

الجلسة الثانية والأخيرة عقدت تحت عنوان غسان كنفاني ناقدًا صحفيًا وفنانًا، شارك فيها كل من الكاتب سهيل كيوان، والمخرج السينمائي ناظم شريدي. تحدث في الجلسة وتولى إدارتها الدكتور صالح عبود، وجاء في كلمته إن غسان كان فنانًا متعدّد المواهب، فقد مارس النقد الادبي متابعًا ادب المقاومة في بلادنا والادب الصهيوني، كما كان واحدًا ممن أسسوا مجلة الهدف الفلسطينية (مجلة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة الدكتور المرحوم جورج حبش)، إضافة الى هذا كان كنفاني فنانًا رسامًا قدم ابداعًا لا يستهان به في مجاله. الكاتب سهيل كيوان، أشار إلى أهمية الجانب الصحفي المناضل في شخصية غسان كنفاني، متوقفًا عند كتاب كنفاني فارس فارس وموضحًا أن كتاباته الصحفية اتصفت بنبرة ساخرة، وأنه كتب في مختلف الأنواع الكتابية الصحفية، واورد كيوان ضمن إجابة عن سؤال ان شخصية غسان اختلفت بين كتابة الخبر والتقرير الصحفي وبينها حينما كتبت المقالة والخاطرة الصحفية، ففي حين برز في الأولى جادًا تبدى في الثانية ساخرًا هازلًا، وهو ما احتاج إلى قدرة إبداعية خاصة. وطرح كيوان سؤالًا لافًتا وهو لو جاء كنفاني الآن بعد كل هذا الوقت على قضائه ماذا كان سيقول؟.. المخرج السينمائي ناظم شريدي، تحدّث عن الاعمال التي تم تحويلها إلى أفلام سينمائية من الإنتاج الروائي لكنفاني، منوهًا إلى أن هذا التحويل لم يلتزم بالنص الروائي، وأجرى عليه تعديلات جدية ملمحًا إلى بعضها فرجال في الشمس أضحت حين تحويلها إلى فيلم سينمائي عنوانه "المخدوعون"، وطرح ناظم سؤالًا طالما أثار الكتّاب الروائيين من ناحية والمخرجين السينمائيين من ناحية أخرى وهو إلى أي مدى يحق للمخرج السينمائي أن يغيّر ويبدّل في العمل الروائي الذي يؤسس عليه عمله الفني السينمائي، وجاءت الإجابة اننا في مثل هكذا حالة إنما نتحدث عن فنين مختلفين، لكل منهما حالته الخاصة به ورؤيته القائمة بذاتها.. ويبقى السؤال المطروح مفتوحًا.

أقيم على هاش اليوم الدراسي معرض فني تشكيلي تمحور في شخصية غسان كنفاني والقضية التي عاش وقضى خادمًا محبًا لها، القضية الفلسطينية بكل ما حفلت به من أبعاد إنسانية ونضالية. وشارك في المعرض كل من الفنانين: مصباح طاطور، رامي جبارين، حكيم خليفة، أنور سابا، تحرير محمد، ملك عاصلة، نيفين زبلح، علاء عرمون، مبدا ياسين، عبير زبيدات، علا زعبي وعبد الله كنعان.

***

تقرير: ناجي ظاهر

ضمن فعاليات الاحتفالية السنوية لجمعية العاديات بالتعاون مع اتحاد الفنانين في اللاذقية وإشراف مكتب المعارض المركزي أقيم معرض تشكيلي لفنانين من سوريا في صالة الباسل باللاذقية في 3-1-2022

لكل فنان طريق وطريقة وهو في مضمار التشكيل يسعى لمقاربة الحقيقة أما أنا فكنت قد عاهدت نفسي ووعدت على أحداث تغيير ايجابي في تراتبية العرض والمعارض بحيث تحقق النتائج المرجوة منها تدريجيا وكانت إحدى أهدافي هي زيادة أعداد النخبة من المهتمين بالشأن الثقافي والتشكيلي وعبر إيجاد طريقة للتلاحم والتعاون بين أشكال الفن المختلفة وأعتقد أن هذا المعرض حقق غايته عبر ذاك الحضور الجميل لجمهور أخر يعيش في خضم الحالة الإبداعية وينتجها عبر أشكال مختلفة فازدانت القاعة بزوار لهم وزنهم وحضورهم الثقافي و الأدبي والفني من شعراء وباحثين وموسيقيين و أدباء هذا من ناحية ومن ناحية أخرى كنت أسعى لتوسيع دائرة العرض لتشمل فنانين من مختلف المحافظات السورية لتكون الفرصة متاحة لتبادل الخبرات من جهة و ل إغناء ذائقة المتلقي من الجهة الأخرى على هذا الأساس كان التعاون مثمرا مع جمعية العاديات ضمن فعاليات الاحتفالية السنوية التي تقيمها الجمعية أحياءا لذكرى العلامة خير الدين الأسدي . هو التعاون الأول مابين الاتحاد ومكتب المعارض من جهة ومابين جمعية أهلية وثقافية من الجهة الأخرى ولكنه لن يكون الأخير إذ سيكون الفاتحة لسلسلة من النشاطات التي ترسم أهدافها بدقة لتحصد النتائج المرجوة منها و أهدافنا اللاحقة هو التسويق للعمل الإبداعي الحقيقي عبر توسيع شريحة المهتمين ورفع الذائقة البصرية لمستوى المتابعة القادرة على تمييز الحالة الإبداعية والفصل مابين الرث والثمين وسوف أمر هنا على بعض الثمين

د .نجوى احمد: تهوى نجوى أحمد رتابة اللمسة وانتظامها المحدد بشكل وطول وعرض الفرشاة و التجاورات اللونية المتكاملة والمتوازنة عبر الدرجات العاشقة للألوان القزحية الواضحة والصريحة والتي من خلالها تتلمس خصوصيتها عبر موضوعات تستحضر مفردات البيئة الساحلية والقرية -التعبيرية التجريدية عبر تقنيات مختلفة –

سوسن الحاج تعلم جيداً أن اللوحة ليست مكاناً للتفريغ فحسب كونها تقتنص اللحظات الأكثر صدقاً والأكثر تعبيراً و جمالاً ضمن عوالم الذات ليتشكل في بعض أعمالها الموحية ومن خلال ملامح الوجوه مفهوم أخر للجمال ينبض بتعابير لها إسقاطاتها (جمال البشاعة) أما أعمالها بالمجمل فهي تحمل ذاك النفس التعبيري التجريدي وبحس انفلاتي يوزع الألوان وفق ايقاع داخلي يرفض أي حصار

... عصام المامون يبدو في لوحاته ذلك التأكيد على التكوينات المتساندة لأشكالٍ فقدت هويتها فبدت أليفةً متحولة إنسانية وحيوانية في آن أما أعمال البورتريه والوجوه فتجد فيها أيضا ذاك الضجيج المتناغم والمتماسك عبر وحدة التكوين رغم التضادات اللونية في بعضها إلا أن شفافية الطرح هي المعيار وهي المرتبطة بخصوصية الفنان و فرادته

بسام الحجلي .. ما بينه وبين لوحته فرشاة تستقصي عوالم الذات لتتحرك بعبثية معجونة بألوان الفرح والحزن و الكآبة والحياة وهي طريقه وطريقته لمحاكاة مشاعره اللحظية وترجمتها بمنتهى المصداقية والحرية وهو لا يؤطر لوحته بشكل يمكن ان يكرره أو يعيده فأشكاله تولد تلقائيا لإقرار مسبق ولا منطق يحكمها ويحكمه اللوحة متنفس ومكان لقول مالا يمكن ان تترج مه كلمات هي صرخته وشفرتها أسرار مكبوتة في التجربة الحياتية الغنية لبسام الحجلي بالذات

ربي قاروط: يبدو البورتريه ركيزتها الأساسية وهو يعكس ملاحة السحنة الإفريقية المشتقة من الأسود المخمر بحمرة خجوله هي تلخص خياراتها اللونية بلونين يتكاملان في إطار عملها حين تتعامل مع لون أساسي ومشتقاته وتضيء عبر الآخر في الخلفية وهذا يجعل رؤاها أكثر وضوحا و نقاءا

محيي الدين الحمصي يميل  محيي الحمصي في أعماله للشفافية الغنية بتراكيب معقدة في أجزاء من لوحته وللبساطة الطفولية عبر المشهد الكلي … يوزع أشكاله ورموزه على السطح مستعينا بالأبيض الجامع لمفرداته والكاشف والحاذف الحيادي والأكثر قدرة على الاحتواء

اسماعيل توتنجي: للتجريد خصوصيته في أعمال توتنجي التي تعكس جرأته في الطرح المرهون بسرعة الانجاز والمفتوح على تقنيات تسمح له بصب سيل الألوان بعدة طرق لتشق وتحفر طريقها على مساحة العمل أما في عمله المشارك في المعرض الحالي فيؤكد قدرته على تقديم أجواء ضبابية ولحظات ساحرة توقظ الفجر عبر لونين متغايريين الأزرق والأصفر يتعانقان بوشاحات شفافة وتتوالد أشكاله الموحية والغنية عبر الحف بالسكين

نضال شعبان: تنقل نضال شعبان مابين تجربتين عكست الأولى مفهوما حداثيا للعمل التشكيلي عبر ما تمتعت به من تلخيص وتخليص العمل من شوائب الفكرة والموضوع ليصير التركيز على لمسات الفرشاة العريضة عبر غنائية غنية بإيقاعها التواصلي الذي يمنح القيمة لذاك الأثر الذي تحدثه الشعيرات لتغطي كامل السطح بقيمة أحادية للون الوحيد بينما يضيء اللون المتمم والمكمل في مكان ما في إحدى زوايا العمل ليعطي لعمله تلك القيمة الاستثنائية التي تعكس شجاعة وجرأة فنية عودتي لتجربته الأولى هذه لأبرر له نقلته الثانية و أكشف عن الخيط الذي يربط بين أثرين أثر شعيرات الفرشاة في الأولى وأثر الحف والسكين في تجربته التالية

البورتريه  محمد ديوب: بحس مائي شفاف وبدرجات البني المحروق تتراىء ملامح الشخوص والوجوه المتماهية مع الأثر الباقي والمتبقي من فجر يوم تتطاير أوراق الخريف فيه وتتشابه مع طيور مهاجرة وعيون حائرة لم تعد تبصر الطريق وصار الحدس رفيقا وصديق هي لوحة محمد ديوب بحس أحادية ونكهة تعبيرية لا تشوشها كذبة الألوان وتؤكد عبر ذاك الحس العفوي والتلقائي أن مبدعها شاعر وفنان

نوار مورلي .. وضمن دائرة التشخيص قدم نوار مورلي عملا ً يفوح بأسلوبيته السابقة ولكنه يبتعد عن الفكر السريالي ليؤكد على حس أكثر شاعرية مختبراً الإيقاع الغنائي للريشة والخطوط الحبرية على سطح تغنيه القيم الأرجوانية الشفافة والإضاءات السماوية على حدود الشكل بينما اشتغل نوار مورلي على حالة الخداع البصري عبر منظوره السريالي للبورتريه ،

فن ملتزم يفوح بمفردات التراث محمد الركوعي تقودنا خطوط الفنان محمد الركوعي لرموز وأشكال لها دلالاتها الواضحة والأكثر فهما وشعبية وتلك سمة مطلوبة وأساسية في فن ملتزم يسعى لإيصال رسالته السياسية الهادفة للجميع ويخشى على فكرته أن تضيع فبيت المقدس حاضر دوما في الذاكرة والحمائم تحلم بفرش جناحيها وعيون أنثاه الشاخصة مكحلة بالأمل وشعرها المسافر يمهد الطريق ويستنجد بالنخوة العربية وبألف صديق وصديق

معتز العمري لوحة معتز العمري ترقى بقدر ما تظهره من تمكن ورؤيا أكثر توازنا ونضجاً وقدرة على استحضار الرموز وإغناء العمل بكليته وبكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى وتتجلى قدرته على الاشتقاقات اللونية حين يصير للظلال الملونة ظلال حرة وحين تتوالد الأشكال بكثرة عبر تقنية تغطية الفراغ .. وإن بدا ذاك الأثر الزخرفي في لوحاته فتلك ميزة وليست اتهام كونه استطاع عبر تقنيته المتبعة من تحرير الزخرفة من مفهومها العقلاني وإدخالها في عوالمه الحسية والأكثر حرية

خالد الحجار: لخالد الحجار نمط خاص يسعى من خلاله للتعبير عن أفكاره وعلاقاته المجتمعية وتكمن الجرأة في القدرة على فرض أشكال لها طابع كرتوني ولكنها امتلكت قيمتها بقدرتها على نقل عوالم فنان فريد ومخالف استطاع أن يعكس تطلعاته وعلاقاته المجتمعية عبر تلك التقنية فعرف بها وعرفت به إذ كانت نتاج كينونته ومحبته

… الفينيق حسين صقور: مابين عشتار الماضي والحاضر وعشتار الزمن  الحائر حكايا ترصدها ثلاثية لانثى أتركها لتحكي عن ذاتها بذاتها وتغتني القراءات من خلال تعدد الاهتمامات وفي النهاية الشكر لجميع القائمين والمسؤولين والأعضاء في عاديات اللاذقية وضمن اتحاد الفنانين التشكيليين لجميع القائمين والمتعاونين فيه للفنانين جميعا ولمن حضر وشارك منهم ومن لم يشارك.

عشتار النبض الحائر

استكمالا للمقالة التي نشرت في جزئها الاول عن معرض عشتار في صالة الباسل لاتحاد الفنانين ضمن احتفالية العاديات وبالتعاون مع الاتحاد ومكتب المعارض في 3-1-2022 أكمل ما بدأته في المقدمة لأقول: إن ما أرسمه يحتاج لتعاون وثقة ما بين الفنانين بحيث تتاح الفرصة لمشاركات أكثر اتساعا وعبر معارض تراتبية وفق الأساليب التي ينتمي لها كل فنان لأني كنت ولازلت مؤمنا بان المشهد الكلي هو لوحة بحد ذاتها وأنا أشير هنا إلى عمليات التنظيم والتنسيق للمعارض واللوحات ابتداءا من الدعوات إلى الإخراج الكلي للمعرض وتلك مسؤولية حساسة لأن العرض سلاح ذو حدين حد يولد النشاذ في داخل النفوس حين لا يرتقي المعرض والعرض للمستوى المطلوب وآخر ينمي الحس الجمالي وطاقة المحبة البناءة في ذات المتلقي حين تحقق الأعمال سوية معينة ومستوى مطلوب أولا وحين يتحقق في العرض ذاك الإيقاع الغنائي المترابط عبر التنسيق ثانيا حينها وحينها فقط يمكن للوحة والمعرض آن يكون خطوة إضافية لتاريخ المعارض الجادة والحقيقية تلك مقدمتي العابرة للخوض في مشاركات فنانين حقيقين لبو الدعوة بكثير من الثقة وكان حقهم علي أن أكون على قدر تلك الثقة وقد علمتني تجارب الأعوام السابقة ألا افشي بكل ما يتعلق بعملي طالما كان ولا يزال هناك بعض الدخلاء وناكري الجميل الذين يتحركون ضمن تكتلات لا يعنيهم من خلالها سوى محاولات الإفشال لكل جهد يسعى لإحقاق الحق و الإضاءة على العمل الذي يستحق وهنا سأبدا باستعراض تتمة بعض الثمين ليكتمل المشهد التشكيلي ضمن المعرض بدءا من:

فريد رسلان رئيس اتحاد الفنانين باللاذقية: يتجلى في لوحاته سحر البيئة والحياة المنشغلة نهارا (الرحية ... خبز التنور .. البقرة .. الدجاجة .. وكل ما يقوم به الفلاح من أعمال) بكل ما تتضمنه من مفردات تعكس جمال الحياة الريفية وبساطتها أما في عمله المقدم  بأسلوب واقعي مبسط بألوان ترابية تغلب عليها الأهرة فهو يعكس قيم تراثية عبر الموضوع المطروح كما تعكس الجمال والبساطة في روح الفنان

أمير حمدان: هناك عودة بين حين وآخر عند أمير حمدان إلى البورترية بحس أكاديمي مبسط تلك كانت مشاركته وهو المعروف بأجواءه الحالمة التي يرصد من خلالها المدينة تحت الظلال الليلكية والأقمار.

بولص سركو: مابين الحس الشاعري والتصوير الواقعي لأفكاره السريالية تتراوح أعماله لتاخذه في لوحته المشاركة إلى التأكيد على الفكرة وانبثاقها من حلكة الليل الأسود في الخلفية وهو القادر على سرد قصة لوحته وفكرته المخمورة بكأس المحبة والشاعرية

راميا حامد: أثبتت راميا حامد حضورها على الساحة التشكيلية منذ أول لوحات شاركت بها إذ عكست قدرتها عبر البناء والتكوين ونسج خلية ساحرة من مزيج قوس قزح وفي مشاركتها أجدها تميل للخلفيات السوداء ولرصد ذاك السطوع لشخوصها الواقعية التي تحولت إلى دمى عبر أياديها البيضاء.

فريد شنكان: يبقى ذاك الأثر الزحرفي حاضرا في أعمال فريد شانكان الذي اشتغل لفترة طويلة بتزيين الأسقف والجدران عبر تصاميم زخرفية خاصة وعبر العجمي والنافر أحيانا وقد قدم عملان عبر خطوط على خلفيات زرقاء يستحضر من خلالهما الأشكال والرموز التراثية.

يعرب أحمد: تتجلى انطباعية يعرب احمد عبر عجينة اللون والسكين اذ يغني عبرها سطح اللوحة بتشكيل صخري يرصد جزءا ساحرا من ذاك الترتيب الفوضوي الأخاذ للطبيعة في مكان ما على سطح أرض جرداء ضمن قرية من قرى جبلة عرفت ببساطة وطيبة أهلها.

رمضان النزهان: لازالت الطبيعة تناديه ليعالجها بسحر اللمسات الانطباعية والانعكاسات الآخاذة للون على سطح الماء وكأنها لم تشبع من معالجات من سبقوه وربما وجدت في لمساته اختلافا عمن جاوروه فألوانه النظيقة والنضرة لا توهجها في عيون الفجر سوى أياد متمكنة ومقتدرة هكذا هو رمضان النزهان يلخص لوحته ببريق الألوان ويختصرها إلى لونين لا أكثر لون الخريف الأرجواني الخامد والمشتعل ولون السماء والبحر الأزرق يعانق ضياء الفجر ليكتمل الواقعية الانطباعية.

ليلى طه: تنسدل الورود عن الجدران وتتوزع على الأدراج وفوق الحيطان على خلفية بيوت تراثية لها حكايتها مع ليلى طه التي ترتبها لتسلسل كما الأبجدية على سطح يرفض البعد الثالث ويستند على المباشرة والعفوية انطباعية تعبيرية.

سامر الصعيدي: يعالج سامر الصعيدي الطبيعة والورود بحس انطباعي يعطي لعجينة اللون قيمتها سواء عبر السكين أو الفرشاة وعبر ألوان خام صريحة وواضحة إذ يزرع الأرض المتحدة بالأفق الأزرق والسماء بالأمل وبورود وألوان متممة تشع ضياء

اختم بالشكر لكل من ساهم في إنجاح تلك الاحتفالية الجميلة على أمل اللقاء في معارض واحتفاليات أخرى.

***

الفنان والباحث حسين صقور (الفينيق)

رئيس مكتب المعارض والصالات المركزي

الصفحة 4 من 4

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم