تقارير وتحقيقات

تقارير وتحقيقات

- الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة مشروع كتاب يتناول فكر ماجد الغرباوي وتفكيك التراث

- (نُقَّاد يسلطون الضوء على جيل من المفكرين المُجَدِّدين

(المفكر التجديدي ماجد الغرباوي نموذجا)

يعتبر المفكر العراقي ماجد الغرباوي من المفكرين الثلاثة الذين ارتبط فكرهم بإعادة دراسة التراث وتفكيكه وهم: (حسن حنفي، محمد أركون ومحمد عابد الجابري)، إلا أن هذا الجيل كما يقول الدكتور قادة جليد وهو أستاذ بجامعة وهران لم ينل حظه من المتابعة الفكرية من قبل الباحثين والنقاد، رغم ما قدموه من جهود فكرية، بحيث لم يجد فكره انتشارا في الأوساط الأكاديمية والجامعية خاصة في المغرب العربي، لدرجة أن الكثير منهم يجهل اسم ماجد الغرباوي في الساحة الفكرية من المغاربة وهو الذي قدم دراسات عميقة حول التراث وشخّص أزماته وأعطى البدائل التاريخية للتراث.4698 ندوة الجزائر

المفكر العراقي ماجد الغرباوي من مواليد 1954 وفي ظل انتشار الفكر الشمولي والمذهبي في عهد صدام حسين هاجر إلى أستراليا ومارس البحث وأسس مؤسسة المثقف ومن خلالها ساهم في بعث النهضة الثقافية العربية نال خلالها مجموعة شهادات وأوسمة. اشتمل منجزه الفكري على مجموعة كتب تحت عناوين مختلفة: التسامح ومنابع اللاتسامح.. فرص التعايش بين الأديان والثقافات / إشكاليات التجديد / الحركات الإسلامية.. قراءة في تجليات الوعي / الضد النوعي للاستبداد.. استفهامات حول جدوى المشروع السياسي الديني / جدلية السياسة والوعي / تحديات العنف / النص وسؤال الحقيقة.. نقد مرجعيات التفكير الديني / الهوية والفعل الحضاري / مواربات النص / الفقيه والعقل التراثي / مضمرات العقل الفقهي / تحرير الوعي الديني / المرأة وآفاق النسوية / تراجيديا العقل التراثي / المقدس ورهان الأخلاق.

كتب عن منجزه الفكري والثقافي والأدبي عدد من النقّاد والباحثين، عرب وأجانب. كما صدرت عنه ثلاثة كتب للدكتور صالح الرزوق والدكتور محمود محمد علي والدكتور صالح الطائي. كما تُرجم كتابه التسامح ومنابع اللاتسامح إلى  اللغة الفارسية.

الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة

الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة كان موضوع ندوة فكرية نظمتها المكتبة الولائية للمطلعة العمومية بولاية معسكر غرب الجزائر قدمها الدكتور قادة جليد ومن تنشيط الأستاذ فؤاد النجار، سلط فيها المحاضر الضوء على الفكر العربي وأجياله. وموضوع الندوة هو عبارة عن مشروع كتاب يصدر في سنة 2024 يتناول فكر المفكر التجديدي ماجد الغرباوي ووضعه داخل إطاره التاريخي. يقول الدكتور قاد جليد: مع مطلع القرن الثامن عشر، شهدت الساحة الفكرية بروز جيلين من المفكرين، الجيل الأول ظهر مع بداية النهضة العربية ويمثله الطهطاوي، الكواكبي، الأفغاني ومحمد عبده وغيرهم، وهو جيل سمي بجيل الصدمة التاريخية فيه أدرك العرب تخلفهم وأدركوا المسافة البعيدة بينهم وبين الغرب، من هنا بدأ التساؤل حول لماذا تخلف المسلمون وتأخر غيرهم؟، ثم ظهر جيل جديد، وهو الجيل الثاني الذي طرح سؤال النهضة. وذكر المحاضر أسماء من هذا الجيل كالشبيل شملي، سلامة موسى، طه حسين، ووصل إلى المفكرين المعاصرين كمحمد أركون حسن حنفي وآخرون.

واعتبر المتحدث د. قادة جليد أن المفكر العراقي ماجد الغرباوي من المفكرين الثلاثة الذين ارتبط فكرهم بإعادة دراسة التراث وتفكيكه وهم: (حسن حنفي، محمد أركون ومحمد عابد الجابري)، إلا أن هذا الجيل كما يقول الدكتور قادة جليد وهو أستاذ بجامعة وهران لم ينل حظه من المتابعة الفكرية من قبل الباحثين والنقاد، رغم ما قدموه من جهود فكرية، بحيث لم يجد فكرهم انتشارا في الأوساط الأكاديمية والجامعية خاصة في المغرب العربي، وهو ما اعتبره جحودا في حق المشارقة الذين أعطوا مساحة خاصة للمفكرين المغاربة، لدرجة أن الكثير منهم يجهل اسم ماجد الغرباوي في الساحة الفكرية من المغاربة وهو الذي قدم دراسات عميقة حول التراث وشخّص أزماته وأعطى البدائل التاريخية لأزمات هذا التراث.

الإنسان العربي ومرجعيات التراث4701 ندوة الجزائر

من وجهة نظر الدكتور قادة جليد فإن الإنسان العربي لا يفكر إلا بمرجعيات التراث الذي أصبح يؤطر الإنسان العربي في فكره، ولذا يحاول المفكر ماجد الغرباوي أن يحدد علاقة الإنسان بتاريخه وهي رؤية ماضوية تقرأ بعقول أعدت للماضي، في الوقت الذي عرف الإنسان الغربي أو الأوروبي إن صح التعبير كيف يطور نفسه ولم يبق حبيس ماضيه، فمشروع الغرباوي إذاً يختلف عن الرؤية التغريبية والرؤية الاستشراقية التي يدعوا أصحابها إلى القطيعة مع الماضي، بل هو (أي الغرباوي) يدعو إلى القطيعة مع فهم معين للتراث وليس مع النص المقدس، فالغرباوي في نقده التراث والقداسة يفرق بين الدين والنص الديني، والمشكلة كما يضيف المحاضر هي في الفكر الديني، لدرجة أن الخطاب الديني أصبح ينافس النص المقدس. يقدم الدكتور قادة جليد مثالا عندما تحدث عن بعض الغلاة الذين جعلوا من صحيح البخاري نصا مقدسا بل جعلوه أقدس من القرآن نفسه، وهذا الذي ينتقده ماجد الغرباوي في دراساته.

 من خلال ما جاء في ندوة الدكتور قادة جليد يُفْهَمُ من كلامه أن هناك وجهات تقارب بين ماجد الغرباوي ومحمد أركون، هذا الأخير يسميها بالمدونات النصية الرسمية المغلقة، حيث أخذت طابع القداسة وأطلق عليها اسما آخر وهو السياج الدوغماتي، وهذا أخر تطور الفكر العربي، فالغرباوي يدعو إلى أرخنة التراث وعقلنته ويقول أن النص الديني شيء والفكر الديني شيء آخر، فهذا الفكر نشأ تاريخيا على فهم معين للنصوص الدينية، السؤال الذي طرحه الدكتور قادة جليد: كيف يستطيع الغرباوي بفكره أن يحول التراث إلى نسبي بعد أن كان مطلقا؟، الجواب هو أن الغرباوي من خلال دراساته بين أن المشكلة ليست في النص الديني المقدس وإنما في النصوص المتأخرة التي تشكلت على النص الأول المقدس وانتزعت منه القداسة، هذا الفكر الديني الذي أنتج العنف والإرهاب (داعش).

في هذه الندوة حاول المحاضر تبسيط الأفكار التي ماتزال موضع جدل وصراع بين الحداثيين والأصوليين وقال أن الصراع هو فكري محض، مشيرا بالحديث عن المثلث الأنثروبولوجي الذي تحدث عنه كل من محمد أركون وماجد الغرباوي ليبين مدى تقارب فكرهما، وقد سماه محمد أركون بالعقل الأرثوذكسي، أما عن المرجعيات التي وصفها المحاضر بالصامتة يحاول الغرباوي تفكيكها باستعمال منهجيات معاصريها دون أن يشير إليها مثل منهج التفكيك والتفلسف بالمطرقة التي تحدث عنه نيتشه، أو المنهج الأركيولوجي لميشال فوكو.4700 ندوة الجزائر

 يتفق الغرباوي وأركون من حيث تحليل التاريخ الاسلامي والثقافة الاسلامية حول مفهوم أساسي وهو الجهل المؤسس بالاضافة الى الجهل المقدس للفيلسوف الفرنسي أوليفي روا، لأن هذا الجهل هو الذي أنتج وينتج العقل الأرثوذكسي الذي يقوم على المثلث الأنثروبولوجي (الحقيقة، المقدس، العنف).

ويبدو من خلال رؤية الدكتور قادة جليد للفلسفة الغرباوية بأن ماجد الغرباوي مفكر تجديدي بامتياز بحيث استطاع أن يقفز على كل الاتجاهات الفكرية ليقدم صورة حقيقية للفكر العربي وأسباب تأخره، وهو ما أراد المحاضر تبسيطه بل إيصاله إلى المثقف العربي عندما تساءل عن سبب غيابه عن الساحة الفكرية عندما اختتم محاضرته بالقول أن المشكلة هي مشكلة مثقفين ونحن نفتقر إلى المثقف العضوي والمثقف الثوري، فالفكر كما قال هو ثوريٌّ في طبيعته ولابد أن تكون للمثقف الجرأة على قول الحقيقة وملامسته الجرح.

كانت هذه ندوة الدكتور قادة جليلد، بثت عبر شريط فيديو والحقيقة أن هناك باحثين ومفكرين وفلاسفة اشتغلوا في الفكر الديني وأسسوا منهجا فكريا لموضوعاتهم، إلا أنهم واجهوا مشاكل كثيرة أمام المحدثين قبلهم في حقب التاريخ الإسلامي، حيث طرحوا أسئلة تتعلق بكيفية التوفيق بين خطاب العقل وخطاب العاطفة ومدى تحكم العاطفة في هذا العقل، كما تساءلوا عن العلاقة بين الدين والعقل والعلاقة بين الدين والسياسية والتوفيق بينهم من أجل إعطاء الصفة العلمية للتفكير الديني أو الفكرة الدينية التي تحدث عنها المفكر الجزائري مالك بن نبي وآخرون، كانت هناك مقاربات بين الاتجاه الكلامي (من طبقات المتكلمين من سُنّة وشِيعَةٍ ومعتزلة وبعض الفرق الإسلامية) والاتجاه الفلسفي والاتجاه الصوفي العرفاني الذي تجاوز العقل ويقابله الاتجاه العلماني، هكذا وقعت صراعات وأزمات حول النص المقدس ولعل السبب في ذلك هو غلق باب "الاجتهاد”، حيث بقيت بعض الجماعات الإسلامية تجتر نصوصا منذ قرون دون إخضاعها للتحليل ويراد بذلك الذين يسمونهم بـ: “الغوغائيين” الذين لهم فهم تقديسي لكل ما يمس الدين حتى ظهر مُقَدَّسٌ ثالث هو “التراث” وهي النصوص التي استعملت النص المقدس.

والتراث في مفهومه العام هو كل الرؤى والأفكار والخبرات والإبداعات الخاصة بالمنتجات، فنشأت صراعات أيضا بين التراث (الأصالة) والحداثة والهوية في ظل نظام فكري حَجَبَ الواقع لصعوبة تحليل الواقع وخصوصيته، فيما أطلق عليه اسم "الإيديولوجيا"، وليس محمد أركون وحده الذي يذهب في الاتجاه التجديدي بل نقف مع المفكر الجزائري مالك بن نبي أيضا، حيث نلمس اهتمام مالك بن نبي بالفكر الديني من خلال مؤلفاته التي تركها لاسيما الظاهرة القرآنية، شروط النهضة، وجهة العالم الإسلامي، بين الرشاد والتيه وغير ذلك، كل هذه الكتب تناولها بالتحليل منذ عهد النبي إلى العصر الحديث الذي تميز بظهور الحركات المذهبية والطوائف التي أعطت للفكر الديني تفسيرات مختلفة لكيفية تشكل الوعي الإسلامي لدى الأفراد وقد قارن مالك بن نبي بين المجتمع النبوي الموحد وبين المجتمع المفكك اجتماعيا مجتمع خضع للاستعمار طيلة عقود من الزمن، حيث ارتبط عاطفيا بالدين، بحيث لم يكن له رصيدا لغويا يجعله يفهم الخطاب القرآني فهما صحيحا.

4699 ندوة الجزائر

هذا وكانت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية معسكـر، بالتنسيق مع نادي بيت الحكمة للفكر والأدب والفنون لولاية معسكر تنظم، ندوة فكرية بعنوان:

"الفكر العربي المعاصر والتفلسف بالمطرقة.. ماجد الغرباوي "أنموذجاً"

تقديم: الأستاذ الدكتور قادة جليد

تنشيط: الأستاذ فؤاد النجار

يوم الجمعة 23 ديسمبر 2022

على الساعة 16:30 مساءً

 

بمقر المكتبة الرئيسية

وقد حضر الندوة التي تحدث فيها الاستاذ الدكتور قادة جليد عن المنجز الفكري لماجد الغرباوي لفيف من المثقفين واساتذة الجامعات في مقدمته البروفسور نابي بولي استاذ الفلسفة الاسلامية في جامعة معسكر، ودار حوار بين المتحدث والحاضرين.

***

متابعة علجية عيش

 للطلاع على الفديو

 https://www.youtube.com/watch?v=6nO3SkHXCJw

 

الأديبة مروة كريدية تستضيف لقاءً ثقافيًّا

تامبا، فلوريدا

احتفاءًا باليوم العالمي للغة العربية استضافت الأديبة اللبنانية مروة كريدية بدارتها في تامبا، لقاءا ثقافيًّا حضرته سيدات من الجالية العربية في فلوريدا، تناول "واقع تعليم اللغة العربية في الولايات المتحدة الأميركية" والتحديات التي تواجه أبناء المهاجرين الناطقين بها، كما ألقت كريدية بعضًا من قصائدها الوجدانية الواردة في روايتها " على دروب الصفاء"، وشمل الحفل عرضًا فنيًّا للقدود الحلبية والموشحات الاندلسية الزاخرة بالإرث الصوفي البديع .

وحول أهميّة هذا الحفل قالت كريدية:" إيقاع الحياة المتسارع في الولايات المتحدة يجعل من اللقاءات لا سيما العربي والثقافي منها أمرًا نادرًا على الرغم من أهميتها على الصعيدين الفردي والمجتمعي. فهي تساعد المرء ان يبقى على تواصل مع لغته الأم ومفرداته الثقافية القابعة في أعماق الوجدان . واللغة هي السفير الأول للثقافة والرسالة العابرة للتواصل بين الأمم والشعوب، وبطبيعة الحال فإن كثيرًا من أبناء الجيل الثاني أو الثالث من أبناء المهاجرين ممن يعرفون بعضًا من اللغة العربية الدارجة، يجدون صعوبة في فهم اللغة العربية الفصحى، وهذه اللقاءات على بساطتها تساعد في تعزيز الذائقة اللغوية والفنيّة واستشعار جمالية العبارة وغناها من جهة، كما تفتح المجال للتواصل ومناقشة العديد من التحديات بالترفيه والفنون "

 وعن وضع المثقف العربي في المهجر أجابت بالقول:" الفرص التي تمنحها حرية التعبير والتفكير كحقٍّ أصيل للمواطن الأميركي يجعل الانسان أكثر تألقًا وإبداعًا، حيث يبدع في مجال الفنون والآداب ويعالج الموضوعات دون الخشية من مقص الرقيب. لكن الأمر يتعلق بالقارئ والمتلقي أيضًا، فالسؤال المحوري الذي ينبغي أن نطرحه هو: إلى من يتوجّه الأديب المهجري الذي يكتب باللغة العربية في كتاباته؟

فهل هو يتوجه الى القارئ في البلاد العربية أم الى المُهاجر العربي في بلاد الاغتراب؟ وفي كلتا الحالتين غالبًا ما يبقى انتاجه الأدبي في إطار الهواية والرغبة الشخصية والشغف الفني والجهد الفردي، لذلك فإن معظم الكتاب والرسامين والمثقفين العرب في أميركا، يعملون للكسب المادي في ميادين عمل متنوعة غالبًا ما تكون بعيدة عن المجال الثقافي، لا سيما وانّ معظمهم غادر بلاده في مرحلة مبكرة بمقتبل الشباب. لذلك فإن انتاجه الفكري ولو كتب بالعربية يبقى "غير معروف " في بلاده الأم، ما لم تتبناه دور نشر قوية لها امتدادها وعلاقاتها العامة عربيا ودوليًّا ."

 وحول فرصة نجاح الكاتب العربي الذي انتقل حديثًا الى وطن جديد قالت:" إن كان الاديب شغوفًا بالكتابة فليكتب باللغة الاجنبية لا العربية، لأن فرص نجاحه وسعة انتشار كتاباته، علاوة على الحقوق المادية التي تتيحها له دور النشر الأجنبية، أفضل بما لا يقارن في الدول العربية، والأمثلة على ذلك كثيرة جدًا، وكثير من الأدباء في المهجر لم يكرموا في بلادهم الأصلية الى بعد أن كتبوا بلغات اجنبية واحتفت بهم اوطانهم الجديدة، ثم تُرجمت اعمالهم فيما بعد الى العربية، او هم عاودوا الكتابة وصياغة أعمالهم باللغة العربية، وجبران خليل جبران ومعظم ادباء تلك المرحلة خير مثال على ذلك، اما الأمثلة الحديثة المعاصرة فكثيرة جدًّا أيضًا فالشاعر صلاح ستيتية خط الروائع باللغة الفرنسية، فيما كثير من اللبنانيين لا يعرفون عنه شيئًا حتى وفاته اواسط 2020، وكذلك أمين معلوف الذي غادر لبنان في السبعينيات الى فرنسا وألّف العديد من الروائع باللغة الفرنسية وتألق في أوروبا، وغيرهما الكثير من المبدعين الذين لا يعرف عنهم العالم العربي ما لم تكرمهم أوطانهم الجديدة "

وقد عبّر الحضور عن سعادتهم في هذا الحفل آملين بأن يتحول إلى لقاء دوري، وقد علقت إحدى المدعوات على أهمية ذلك بالقول: "كجاليات مهاجرة في بلاد الاغتراب نشعر بالحنين لأي شيئ يذكرنا بعاداتنا القديمة واغنياتنا التراثية، كما نشعر بالرغبة في المساعدة والحسرة البالغة لما آلت اليه الأمور في بعض الدول العربية لجهة تراجع الحريات والاوضاع المعيشية هناك . لذلك فإن دورنا مزدوج، فمن جهة نرغب في نقل تجاربنا الناجحة إلى ابناء دولنا العربية، ومن جهة أخرى نحب أن نشارك المجتمع الأميركي الذي نحن جزء منه، بثقافتنا الجميلة، وبالتأكيد فإن اللغة هي المحور الأول الذي ينبغي تعزيزها كذلك الفن والأدب لأنها كالمحبة تبقى خير رسالة في كل الأحوال."

وكانت الأمم المتحدة قد اعتمدت الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية في 18 كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، وهو اليوم الذي صدر فيه قرار الجمعية العامة سنة 1973 المعني بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة. ويهدف الى إذكاء الوعي بتاريخ اللغة وثقافتها وتطورها من خلال إعداد برنامج أنشطة وفعاليات خاصة.

الجدير ذكره أن مروة كريدية هي كاتبَة وأديبة لبنانيّة مقيمَة في الولايات المتّحدة الأميركية، حازت على عديد من شهادات التقدير لجهودها، كان آخرها إدراج إسمها على نُصب التسامح في ولاية ألاباما الأمريكية، الذي يكرم المدافعين عن القيم الإنسانية والسلام ويشرف عليه مركز الحقوق المدافع عن الحريات ومكافحة العنصرية وخطابات الكراهية. لها العديد من الإصدارات الفكرية منها: على دروب الصفاء، حوارات وآفاق، رهانات السلام، استراتيجيات الأمل في عصر العنف، عواصف النسيان، لوامع من بقايا الذاكرة .

***

 

رابطة كاتبات المغرب، فرع المحمدية

قهوة وكتاب: تقديم مجموعة "حلم امرأة مضحك" لرجاء بسبوسي

نظمت رابطة كاتبات المغرب فرع المحمدية لقاء ثقافيًا تحت عنوان "قهوة وكتاب" مع الكاتبة القاصة المغربية رجاء بسبوسي من أجل تقديم مجموعتها القصصية الجديدة "حلم امرأة مضحك"، يوم الأربعاء 19 أكتوبر 2022، ساهمت فيه كاتبات ومبدعات من حيث التسيير والقراءة، الأستاذة نجوى مصلية، والأستاذة حفيظة العناوي، والأستاذة سومية سعود (مسيرة اللقاء)، والأستاذة أمينة سبيل، كما عرف اللقاء حضور جمهور نوعي من المبدعات من داخل مدينة المحمدية ومن خارجها.

بعد الكلمة الترحيبية التي ألقتها عضو المكتب التنفيذي للرابطة الأم الأستاذة أمينة سبيل التي رحبت فيها بالحضور وبالكاتبة المحتفى بها، تحدثت عن مبادرات متعددة للرابطة وخاصة المؤتمر التأسيسي لرابطة كاتبات إفريقيا الذي سيتم تنظيمه يوم 9 مارس 2023، وعن مشاريع الرابطة المستقبلية وعن نجاحها في استقطاب الكاتبات والمبدعات على مستوى المغرب وخارجه.4419 رجاء بسبوسي

تميزت مداخلة الأستاذة الكاتبة نجوى مصلية رئيسة فرع المحمدية في الرابطة، والتي توقفت فيها على أهم ما جاء في المجموعة القصصية، حيث تطرقت إلى نصوصها بشكل مسهب تحليلي، مؤكدة على أن القارئ للمجموعة سيستشف أنها نصوص ذات حمولات قيمية ووجودية واجتماعية؛ وأن ما يشد القارئ فيها هو العنوان باعتباره نصا موازيًا. فالعنوان "حلم امرأة مضحك" والذي هو في الوقت عنوان أحد نصوص المجموعة، فيه تناص مع رواية "حلم رجل مضحك" للكاتب الروسي فيودور دوستويفسكي. فالدلالة مختلفة، تقول الأستاذة نجوى، فالمضحك في عنوان دوستويفسكي هو الرجل، لكن في المجموعة هو الحلم بحد ذاته، وجنس الحالم في العنوانين مختلف (رجل في مقابل امرأة). إن ما ميز المداخلة المذكورة هو وقوفها على جميع نصوص المجموعة كل نص على حدة بالتحليل والقراءة وسبر أغواره وأسراره الدلالية؛ إضافة إلى أهم الأفكار التي استحضرتها الكاتبة وقدمتها لقارئها؛ حيث أكدت المتدخلة في نهاية قراءتها أن رجاء بسبوسي كانت وفية لقضايا تهم المرأة سواء من خلال ما تم التطرق إليه من نصوص أم من خلال قصص تلامس جانبها الوجداني.

تساءلت الأستاذة الشاعرة حفيظة العناوي نائبة رئيسة فرع المحمدية في الرابطة، عما يتعلق بالقاطع أم اللعبة السردية واللغوية في المجموعة المحتفى بها غاية في إثارة وإيقاظ شغف البحث عما يجمع بين المجموعة القصصية وبين أقصوصة الروائي دوستويفسكي؛ فعلاقة استبدال حلم رجل بحلم امرأة تدفع القارئ إلى طرح السؤال: هل يتعلق الأمر بنرجسية نسائية تحاول محو الرجل لتتربع على عرش السرد وبالتالي لتغوص في حلمها الخاص؟ بل تساءلت عن سبب اختيار الكاتبة إسناد صفة المضحك للحلم وليس للرجل كما هو الشأن عند دوستويفسكي؟ فقراءة المجموعة، حسب الأستاذة حفيظة، تجعل القارئ(ة) يتحلق حول جميع نصوصها بشكل قوي ومثير، يدفعه إلى الوقوف على أفكار ومواقف الكاتبة من العديد من القضايا الاجتماعية وأهمها قضية المرأة بشكل خاص.

في رد الكاتبة رجاء بسبوسي على المداخلتين السابقتين، تحدثت عن تجربتها في الكتابة الأدبية، وفي القصة القصيرة وردود أفعال أصدقائها وزملائها في العمل والحياة؛ خاصة عند تحولها من كتابة الشعر إلى القصة، وكأنها اقترفت جرمًا أو ذنبًا. وبخصوص كتابة نصوص المجموعة فقد كانت على فترات متباعدة حاولت فيها أن تعبر عن هواجسها تجاه قضايا معاصرة قد تبدو في ظاهرها أنها تخص المرأة ولكنها في العمق تعكس قضايا الإنسان في بعده الكوني.

اثناء المناقشة تنوعت المداخلات حول مواقف المرأة المغربية المثقفة من قضيتها الأساسية المتعلقة بحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى استحضار المواقف والأفكار التي عالجتها نصوص المجموعة في تحديد القضايا المطروحة في الواقع المغربي والعربي عمومًا والتي تؤرق فئات متعددة فيهما على المستوى الوعي والسلوك والفهم.

***

عزيز العرباوي: كاتب

مُنحت يوم الثالث من شهر تشرين أول/ أكتوبر 2022 جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب للباحث السويدي “سفانتي بابو” لعمله وبحوثه في مجالات علوم التطور البشري.

وقالت اللجنة الخاصة بالجائزة إن العالم بابو قام بالمهمة “التي تبدو مستحيلة”، وهي العمل على الشفرة الجينية الوراثية لإنسان نياندرتال، أحد أقاربنا المنقرضين . كما قام بابو أيضًا بعمل “مثير” لأكتشاف أشباه البشر غير المعروفة سابقًا – والمسماة دينيسوفا.

وقد ساعدت أكتشافات الحائز على النوبل في الطب في أستكشاف تاريخ البشر التطوري وكيف صار عليه حال الأنسان في جميع أنحاء الكوكب.

والأهم من ذلك، حسب تقرير لجنة جائزة نوبل في الطب فقد وجد بابو Pääbo أيضًا أن نقل الجينات قد حدث من أشباه البشر المنقرضة الآن إلى الإنسان العاقل بعد الهجرة من إفريقيا منذ حوالي 70000 عام. هذا التدفق القديم للجينات إلى البشر المعاصرين له صلة فسيولوجية/وظيفية اليوم، على سبيل المثال في التأثير على كيفية تفاعل جهاز المناعة لدينا مع العدوى.

ومما لا غرابة فيه فأن الأنسان ظل مفتونا بأصوله، فلطالما تتردد الأسئلة: من أين أتينا، وما علاقتنا بمن سبقنا؟ ما الذي يجعل الإنسان العاقل مختلفا عن أشباه البشر الآخرين؟..

وقد أدى بحث  بابو الأساس إلى ظهور نظام علمي جديد تمامًا وهو علم الحفريات القديمة. فمن خلال الكشف عن الأختلافات الجينية الوراثية والتي تميز جميع البشر الأحياء عن أشباه البشر المنقرضة، توفرت الأدلة المهمة والأساس لأستكشاف ما يجعلنا بشرًا فريدًا.

ولكن…من أين أتينا؟

وفيما مسألة أصل البشر وما الذي يجعلنا متفردين، فأن علم الحفريات وعلم الآثار مهمان لدراسات التطور البشري. لقد قدمت الأبحاث دليلاً على أن الإنسان الحديث تشريحياً، Homo sapiens ، ظهر لأول مرة في إفريقيا منذ حوالي 300 ألف عام، في حين أن أقرب أقربائنا المعروفين، إنسان نياندرتال ، تطور خارج إفريقيا وسكان أوروبا وغرب آسيا من حوالي 400 ألف عام حتى 30 ألف عام مضت، حيث أنقرضوا عند هذه الفترة من التاريخ.  ومنذ حوالي 70000 عام، هاجرت مجموعات من الإنسان العاقل من إفريقيا إلى الشرق الأوسط، ومن هناك أنتشروا إلى بقية أنحاء العالم. وهكذا تعايش الإنسان العاقل والنياندرتال في أجزاء كبيرة من أوراسيا لعشرات الآلاف من السنين.

 ولكن ماذا نعرف عن علاقتنا مع البشر البدائيين المنقرضين؟ قد يتم أشتقاق القرائن من المعلومات الجينومية الوراثية. فبحلول نهاية التسعينيات، كان الجينوم البشري بأكمله تقريبًا قد تم تسلسله. كان هذا بحد ذاته إنجازًا كبيرًا، مما سمح بإجراء دراسات لاحقة للعلاقة الوراثية بين مختلف المجموعات البشرية. ومع ذلك، فإن دراسات العلاقة بين البشر الحاليين والنياندرتال المنقرضين تتطلب تسلسل الحمض النووي الجيني المستعاد من العينات القديمة.

مهمة تبدو مستحيلة

في بداية حياته المهنية، أنبهر الباحث السويدي بابو بإمكانية أستخدام الأساليب الجينية الحديثة لدراسة الحمض النووي لإنسان نياندرتال. ومع ذلك، سرعان ما أدرك التحديات التقنية الشديدة، لأنه مع مرور الوقت يصبح الحمض النووي معدلًا كيميائيًا ويتحلل إلى أجزاء قصيرة. وبعد آلاف السنين، لم يتبق سوى كميات ضئيلة من الحمض النووي، وما تبقى ملوث بشكل كبير بالحمض النووي من البكتيريا والبشر المعاصرين. كطالب ما بعد الدكتوراه مع ألان ويلسون، وهو رائد في مجال علم الأحياء التطوري ، بدأ بابو في تطوير طرق لدراسة الحمض النووي من إنسان نياندرتال، وهو مسعى أستمر عدة عقود.

في عام 1990، تم تعيين بابو في جامعة ميونيخ، حيث واصل عمله كأستاذ تم تعيينه حديثًا على الحمض النووي القديم. وقد قرر حينذاك تحليل الحمض النووي من “ميتوكوندريا” إنسان نياندرتال – عضيات في الخلايا التي تحتوي على الحمض النووي الخاص بها-.

ومن المرعوف فإن جينوم الميتوكوندريا صغير ولا يحتوي إلا على جزء بسيط من المعلومات الجينية في الخلية، ولكنه موجود بآلاف النسخ، مما يزيد من فرصة النجاح. وبفضل أساليبه المحدّثة، تمكن  بابو من ترتيب منطقة من الحمض النووي للميتوكوندريا من قطعة عظم عمرها 40000 عام. وهكذا، ولأول مرة، تمكنا من الوصول إلى تسلسل من قريب منقرض. أظهرت المقارنات مع البشر المعاصرين والشمبانزي أن إنسان نياندرتال كان متميزًا وراثيًا.

تسلسل جينوم الإنسان البدائي

نظرًا لأن تحليلات جينوم الميتوكوندريا الصغير أعطت معلومات محدودة فقط، فقد أتخذ بابو الآن التحدي الهائل المتمثل في تحديد تسلسل الجينوم النووي لإنسان نياندرتال. في ذلك الوقت، عُرضت عليه فرصة إنشاء معهد ماكس بلانك في لايبزيغ بألمانيا.

في المعهد الجديد، قام بابو وفريقه العلمي بأجتهاد واضح لتحسين طرق عزل وتحليل الحمض النووي من بقايا العظام القديمة. وقد أستغل فريق البحث التطورات التقنية الجديدة، التي جعلت تسلسل الحمض النووي عالي الكفاءة، كما أشرك بابو العديد من المتعاونين المهمين من ذوي الخبرة في علم الوراثة السكانية وتحليل التسلسل المتقدم، وقد كانت جهوده ناجحة فعلا.

لقد أنجز بابو ما يبدو مستحيلًا، حيث تمكن من نشر أول تسلسل جينوم لإنسان نياندرتال في عام 2010. وقد أظهرت التحليلات المقارنة أن أحدث سلف مشترك لإنسان نياندرتال والإنسان العاقل عاش منذ حوالي 800 ألف عام.

جائزة نوبل في الفيزياء

أما جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2022 فقد منحت يوم الرابع من شهر تشرين أول/أكتوبر لكل من آلان أسبكت (فرنسا) وجون إف كلوزر(أميركا) وأنتون زيلينجر (النمسا) وذلك “لإجراء تجارب مع الفوتونات المتشابكة، وإثبات أنتهاك مبدأ (عدم مساواة بيل) والريادة في علم المعلومات الكمية أو الكمومية “.quantum information science,وعليه يمكن القول أن نتائج بحوث فريق العلماء الثلاثة قد مهدت الطريق لتكنولوجيا جديدة تعتمد على المعلومات الكمومية.

فلقد أجرى آلان أسبكت وجون كلاوزر وأنتون زيلينجر تجارب رائدة بأستخدام حالات كمومية متشابكة، حيث يتصرف جسيمان كوحدة واحدة حتى عند فصلهما. ومن المعروف في كيمياء الكم أنها تعبر عن مجموع نظريات الفيزياء والتي يمكن عن طريقها تفسير الظواهر على مستوى الجسيمات الدقيقة الذرية وما دون الذرية.. وهي بذلك تدمج بين الخاصية الموجية والخاصية الجسيمية، ليتوضح ما نسميه علميا بأزدواجية الموجة.

لقد بدأت التأثيرات التي لا توصف لميكانيكا الكم في إيجاد تطبيقاتها الخاصة حيث يوجد اليوم مجال بحث كبير يشمل أجهزة الكمبيوتر الكمومية، والشبكات الكمية، والأتصالات الآمنة المشفرة الكم.

ومن المعروف فأن أحد العوامل الرئيسة في هذا التطور هو كيف تسمح ميكانيكا الكم لجسيمين أو أكثر بالتواجد فيما يسمى بحالة التشابك، فما يحدث لأحد الجسيمات في زوج متشابك يحدد ما يحدث للجسيم الآخر، حتى لو كانا متباعدين.

وقد كان السؤال المطروح ومنذ فترة طويلة هو ما إذا كان الأرتباط ناتجًا عن أحتواء الجسيمات في زوج متشابك entangled pair على متغيرات خفية، وتعليمات تخبرهم بالنتيجة التي ينبغي عليهم تقديمها في التجربة. ففي الستينيات من القرن الماضي، طور العالِم جون ستيوارت بيل عدم المساواة الرياضية التي سميت بأسمه. حيث ينص هذا على أنه في حالة وجود متغيرات مخفية، فإن الأرتباط بين نتائج عدد كبير من القياسات لن يتجاوز أبدًا قيمة معينة. ومع ذلك، تتنبأ ميكانيكا الكم بأن نوعًا معينًا من التجارب سوف ينتهك عدم مساواة بيل، مما يؤدي إلى أرتباط أقوى مما يمكن أن يكون ممكنًا.

وقد طور جون كلوزر (الفائز بنوبل الفيزياء اليوم) أفكار جون بيل، مما أدى إلى تجربة عملية، فعندما أجرى القياسات، كان قد عززت نتائجها تلك مبدأ ميكانيكا الكم من خلال أنتهاك واضح لعدم المساواة في بيل. وهذا يعني أنه لا يمكن أستبدال ميكانيكا الكم بنظرية تستخدم المتغيرات الخفية.

ولكن بقيت بعض الثغرات بعد تجربة جون كلوزر. وهنا طوّر ألان أسبكت الإعداد أوsetup ، مستخدمًا إياه بطريقة أغلقت ثغرة مهمة. فقد كان قادرًا على تبديل إعدادات القياس بعد أن غادر الزوج المتشابك مصدره، وبالتالي فإن الإعداد الذي كان موجودًا عند أنبعاثهما لا يمكن أن يؤثر على النتيجة.

وبأستخدام أدوات محسّنة وسلسلة طويلة من التجارب، بدأ أنطون زيلينجر في أستخدام الحالات الكمومية المتشابكة. فمن بين أشياء أخرى، أثبتت مجموعته البحثية ظاهرة تسمى النقل الآني الكمي أو quantum teleportation، والتي تجعل من الممكن نقل حالة كمومية من جسيم إلى آخر على مسافة ليست قريبة منه.

“لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن نوعًا جديدًا من التكنولوجيا الكمومية آخذ في الظهور. يقول أندرس إيرباك، رئيس لجنة نوبل للفيزياء: “يمكننا أن نرى أن عمل الحائزين على الجائزة مع الحالات المتشابكة أو entangled states  له أهمية كبيرة، حتى بعد الأسئلة الأساسية حول تفسيرات ميكانيكا الكم”...

جائزة نوبل في الكيمياء

لقد أعلنت لجنة جائزة نوبل يوم الخامس من تشرين أول/ أكتوبر 2022 عن منح الجائزة لبحوث كيمياء النقر Click Chemistry أو كيمياء التفاعل السريع والتفاعلات المتعامدة الحيوية .

تُستخدم كيمياء النقر Click Chemistry في تطوير المستحضرات الصيدلانية، ولرسم خرائط الحامض النووي وإنشاء مواد أكثر ملاءمة للأهداف البايولوجية الحياتية. ويكون ذلك  من خلال أستخدام التفاعلات المتعامدة الحيوية bioorthogonal reactions، حيث قام الباحثون بتحسين أستهداف المستحضرات الصيدلانية الكيميائية للسرطان مثلا.

وضع الفائزان بجائزة نوبل لعام 2022 في الكيمياء، باري شاربليس (أميركي) ومورتين ميلدال (دانماركي)، الأساس لشكل وظيفي من الكيمياء – كيمياء النقر- حيث تلتقي وحدات البناء الجزيئية معًا بسرعة وكفاءة.

أما كارولين بيرتوزي (أميركية)  – الحاصلة على جائزة نوبل في الكيمياء لعام 2022 – فقد أخذت كيمياء النقرات إلى بُعد جديد، وبدأت في أستخدامها في الكائنات الحية، حيث تحدث تفاعلاتها البيولوجية المتعامدة دون الإخلال بالكيمياء الطبيعية للخلية.

تهدف البحوث الفائزة بجائزة نوبل في الكيمياء 2022 إلى تسهيل العمليات الصعبة. فلقد وضع كل من الباحث باري شاربليس ومورتين ميلدال الأساس لشكل وظيفي من الكيمياء – كيمياء النقر- حيث تلتصق وحدات البناء الجزيئية معًا بسرعة وكفاءة.

ولطالما كان الكيميائيون مدفوعين بالرغبة في بناء جزيئات معقدة بشكل متزايد. ففي الأبحاث الصيدلانية، غالبًا ما ينطوي هذا على إعادة تكوين جزيئات طبيعية ذات خصائص طبية. وقد أدى ذلك إلى العديد من التركيبات الجزيئية الرائعة، ولكن إنتاجها يستغرق وقتًا طويلاً ومكلفًا للغاية.

“جائزة هذا العام في الكيمياء تتعامل مع عدم تعقيد الأمور، وبدلاً من ذلك تعمل على ما هو سهل وبسيط. يقول يوهان أكفيست، رئيس لجنة نوبل للكيمياء ، “يمكن بناء الجزيئات الوظيفية حتى من خلال أتخاذ مسار مباشر”.

وقد بدأ باري شاربلس – الذي حصل الآن على جائزة نوبل الثانية في الكيمياء – دحرجة الكرة. ففي حوالي عام 2000، صاغ مفهوم كيمياء النقر أو Click Chemsitry، وهو شكل من أشكال الكيمياء البسيطة والموثوقة، حيث تحدث التفاعلات بسرعة ويتم تجنب المنتجات الثانوية غير المرغوب فيها.

بعد ذلك بوقت قصير، قدم مورتن ميلدال وباري شاربلس – بشكل مستقل عن بعضهما البعض – ما هو الآن جوهرة التاج لكيمياء النقر: التفاعل العضوي azide-alkyne cycloaddition  وهو التفاعل الكيميائي الأنيق والفعال والذي يستخدم الآن على نطاق واسع. من بين العديد من الأستخدامات الأخرى، يتم أستخدامه في تطوير المستحضرات الصيدلانية لرسم خرائط الحمض النووي وإنشاء مواد أكثر ملاءمة للغرض.

أما كارولين بيرتوزي فقد نقلت كيمياء النقرات إلى مستوى جديد. فلرسم خريطة للجزيئات الحيوية المهمة والمراوغة على سطح الخلايا، طورت تفاعلات النقر التي تعمل داخل الكائنات الحية. وهي تحدث تفاعلاتها البيولوجية المتعامدة دون الإخلال بالكيمياء الطبيعية للخلية.

وتُستخدم هذه التفاعلات الآن عالميًا لأستكشاف الخلايا وتتبع العمليات البيولوجية. ومن خلال أستخدام التفاعلات المتعامدة الحيوية، قام الباحثون بتحسين أستهداف المستحضرات الصيدلانية للسرطان، والتي يتم اختبارها الآن في التجارب السريرية.

وخلاصة القول فأن كيمياء النقر والتفاعلات المتعامدة الحيوية أدخلت علم الكيمياء إلى عصر الوظيفية والتطبيقات العملية، وهذا بحد ذاته ما يمكن أن يحقق أكبر فائدة للبشرية.

***

د عامر هشام الصفّار

فاز الكاتب العراقي رشيد الخيون بجائزة الصحافة العربية في دورتها العشرين في فئة «أفضل عمود صحفي». ويُعد الخيون من ضمن أبرز كُتاب صفحات «وجهات نظر» في صحيفة «الاتحاد»، حيث ينشر من خلالها مقالاً أسبوعياً منذ 13 عاماً.

بعدسة التراث ويسلط رشيد الخيون عبر مقاله في صفحات «وجهات نظر» الضوء على الواقع بتفاصيله ويربطه بحقائق التاريخ. في يوم الأربعاء السادس من مايو 2009 كان موعدُ نشرِ أولى مقالاته في «الاتحاد»، التي جاءت تحت عنوان «العراق: نوري السعيد وبريطانيا!».  تنتصر مقالات الخيون  للتسامح والتواصل مع الآخر، وتناقش بجرأة المآلات والمستقبل.

ولكونه باحثاً في المذاهب الدينية، يضيء الخيون للقارئ بعض التفاصيل الخاصة بكل مذهب. وبروح الناقد والمفكر يضع رؤيته للمشهد العراقي طامحاً في مجتمع متسامح يتجاوز التعصب والشحن الطائفي.. يعود الخيون في مقالاته لفترات الحضارة الإسلامية الزاهية ويبحر في تفاصيلها، وفي عام 2017 فاز كتابه المعنون بـ«أثر السود في الحضارة الإسلامية» بجائزة الملك عبد العزيز للكتاب قسم التاريخ لعام 2017. ويحرص الخيون على سلامة لغة المقال ويكاد يضع تشكيلاً لكل مفردة من مفردات نصّه، فعلامات الإعراب رفعاً وجراً قد تغير المعنى وتربك الهدف من محتوى المقال، ومن يراجع مقاله يدرك اجتهاده في كل معلومة، ويرى دوماً في متونه روح الباحث والخبير الحريص على تحقيق التراث. على صفحات «الاتحاد» لم يدخر الخيون جهداً في مقالاته ليؤكد رفضه للطائفية وبغضه للمذهبية التي يرتكز عليها المتنطعون من غلاة التشدد ودعاة التطرف. ولطالما سجّل الخيون رفضه لدعاوى الميليشيات الطائفية، مؤكداً أهمية الدولة الوطنية كإطار ناظم للمجتمع بكل فئاته وأطيافه المذهبية والعرقية. ويستطيع قراء مقالاته كل أربعاء في «الاتحاد» التزود بشحنة معرفية رصينة ونقد جريء للواقع العراقي مع بيتين من الشعر أو أكثر يختتم بها مقاله.

صدرت للخيون المؤلفات التالية: «أبوظبي.. التصالح بين العقل والثروة.. مشاهدات وانطباعات» 2012. «مذهب المعتزلة من الكلام إلى الفلسفة 1994»، وكتاب (بغداد - دمشق) 2008. «معتزلة البصرة وبغداد» عام 1997. «السياسة تُصادر الطَّائفة» عام 2012. جدل التَّنزيل (تاريخ وقضية خلق القرآن) عام 2000. «الأديان والمذاهب بالعراق ماضيها وحاضرها» عام 2016. حروف حي (البابية والبهائية)، 2003. «المباح واللامباح» عام 2004. «المشروطة والمستبدة.. ثورة الدُّستور 1906» 2006. «طروس مِن تراث الإسلام» عام 2007. «المجتمع العراقي.. تراث التَّسامح والتَّكاره» عام 2008. «ضد الطَّائفية.. العراق جدل ما بعد 2003». «بعد إذن الفقيه.. الحرام والحلال في معاملة النِّساء والطُّفولة والكتابة والطَّعام» 2011. «تلخيص البيان في ذكر فرق أهل الأديان» (تحقيق وتقديم) عام 2011. «100 عام مِن الإسلام السِّياسي بالعراق (جزآن)، 2011. وكتاب «النزاع على الدستور بين علماء الشيعة (المشروطة والمستبدة)، 2011. «الديانة المندائية» (تحقيق)، مدارك 2012. «أثر السُّود في الحضارة الإسلامية» عام 2015.

***

طه حسيب (دبي)

كالعادة اثار فوز الروائية الفرنسية "آني إرنو" البالغة من العمر 82 عاما بجائزة نوبل للاداب الجدل كثيرا، مثلما اثير الجدل نفسه في السنوات الاخيرة بعد ان منحت الجائزة الى المغني الامريكي الشهير بوب ديلان . في كل عام ما ان يعلن اسم الفائز حتى يبدا نقاش ساخن حوله وعلى سبيل المثال فاز بجائزة العام الماضي كاتب من تانزانيا " عبد الرزاق قرنح " لم يعرفه القراء العرب إلا بعد ان اعلنت الاكاديمية السويدية فوزه، والمثير ان آني إرنو كانت على رأس قائمة المرشحين للفوز بالجائزة العام الماضي حيث وصفتها صحيفة الغارديان آنذاك بانها واحدة من اعظم الكتاب الاحياء في العالم .إلا ان القراء حول العالم لديهم رأي آخر، فبعد اعلان الفائز بالجائزة بنصف ساعة طرحت جائزة نوبل استطلاع رأى سألت من خلاله الجمهور: هل قرأت أى شىء لآنى إرنو؟، وقد كشفت نتائج استطلاع الرأى عن مفاجأة اعتاد عليها جمهور الأدب حول العالم، وهى أنه دائما ما يكون الكاتب أو الكاتبة من غير المشهورين على مستوى الجمهور الأدبى حول العالم، ولهذا كشفت نتائج الاستطلاع أن هناك أكثر من 85% من جمهور القراءة الذى انتظر معرفة اسم الفائز بجائزة نوبل للآداب هذا العام، لم يقرأ كتابا واحدا لها.

مع إرنو تعود الجائزة الى فرنسا بعد ثمانية اعوام حيث كان آخر الفائزين بها من ادباء فرنسا هو الروائي " باتريك موديانو" الذي منح الجائزة عام 2014، وكان هو ايضا قد اصابته المفاجأة: لو قال لي احد انت مرشح للجائزة ساظن حتما انه يسخر مني "، وكنت انا ايضا مثل كثيرين لم يتوقعوا ان يفوز روائي مغمور بالنسبة لنا، آنذاك ترجمت الروائية لطفية الدليمي في صحيفة المدى مقالا مطولا عن موديانو افتتحه بعبارة مهمة:" كان مُتوقّعاً أن يكون التساؤل الأوّل الّذي راود الكثيرين في شتّى أصقاع الأرض:"من عساهُ يكون باتريك مونديانو هذا؟ .

والآن ربما يتساءل الكثير من القراء من عساها تكون آني إرنو التي جلست على كرسي الجائزة متخطية اسماء مهمة مثل ميلان كونديرا وموراكامي وسلمان رشدي ودون ديليلو؟ . بالامس كتبت على صفحتي في الفيسبوك مقالا اتساءل فيه من سيكون صاحب الحظ الاوفر للفوز بالجائزة ووضعت اسم آني إرنو ضمن القائمة التي كان يتم تداولها الى جانب ماري كوندي، ومارغريت أتوود.4364 آني إرنو

في بيان لجنة جائزة نوبل وصفت كتابات إرنو بانها " تفحص باستمرار ومن زوايا مختلفة حياة تتميز بتباينات شديدة فيما يتعلق بالجنس واللغة والطبقة". ويضيف البيان ان " كتاباتها امتازت بالشجاعة والبراعة التي اكتشفت بها الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية، فاعمالها مكتوبة بلغة واضحة ونظيفة "، في مقابلة على التلفزيون السويدي بعد الإعلان عن الجائزة، قالت إرنو: "لقد فوجئت للغاية ... لم أفكر أبدا في أن ذلك سيكون ..إنها مسؤولية كبيرة ..أن أدلي بشهادتي، ليس بالضرورة من حيث كتابتي، ولكن أن أدلي بشهادتي بدقة وعدالة فيما يتعلق بالعالم".

على صفحته في تويتر أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بفوز إرنو واصفا ايها ب " صوت الحرية" لانها "على مدار الخمسين عامًا الماضية، كانت تكتب رواية الذاكرة الجماعية والحميمة لبلدنا" على حد قوله، وتجدر الإشارة إلى أن إرنو لم تكن معجبة بالرئيس الفرنسي وقد اعربت عام 2018 عن دعمها لتظاهرات اصحاب السترات الصفراء التي هزت ولاية ماكرون الأولى لتصف الرئيس الفرنسي بانه "منفصل عن الواقع". ومؤخراً، في مقابلة صحفية سخرت من حديث ماكرون عن حقوق المراة قائلة انه حشر نفسه في القضية .

لا تحب آني أرنو روايتيها الأوليتين " الخزائن الفارغة " 1974 و " ماذا يقولون " 1977 وتعتبر روايتها الثالثة " المرأة المجمدة " 1981، باكورة اعمالها الحقيقية، وفيها تتحدث عن طفولتها دون قيود، وتخبرنا انها عاشت مع والدين مختلفين تماما، أب رقيق وحنون وأم ذات شخصية قوية تبدو على ملامحها القسوة، وقد اعتبرت الرواية منشورا للدفاع عن النساء . الكاتبة التي قرأت بنهم اعمال سيمون دي بوفوار وفرجينيا وولف عاشت منذ طفولتها وسط عالم مليء بالكتب، احبت القراءة منذ الصغر، تصفها الصحافة بانها متحدثة باسم جيل كامل من النساء . تاخذ المرأة وقضاياها حيزا كبيرا في اعمالها، تقول انها عاشت وسط نساء قويات ومستقلات .

ولدت آني إرنو في الاول من ايلول عام 1940 وترعرعت في بلدة يفيتوت الصغيرة في نورماندي، كان لوالديها محل بقالة ومقهى . وصفت طفولتها بالصعبة، حاولت عائلتها ان تنتشل نفسها من الطبقة الفقيرة الى الطبقة المتوسطة تقول:" نشأت كطفلة وحيدة في محل بقالة ملحق بمقهى كان والديّ يمتلكانه، فكبرت بين الناس والزبائن الذين يأتون ويذهبون، كان هناك دائمًا أشخاص حولي أكثر من أبي وأمي، لم أشعر أبدًا بنفسي محبوسة في عائلة، ولم أكن أرى نفسي ووالديّ كعائلة منفصلة عن الآخرين، صحيح أننا كنا ثلاثة أفراد، أقارب بالدم، بالتأكيد، لكن العالم والأشخاص من حولنا كانوا على نفس القدر من الأهمية بالنسبة لي، والشيء نفسه كان ينطبق على والديّ، حيث كان عليهما توفير قدر كبير من الاهتمام والوقت لعملائهما أكثر من توفيرهما لي، لطالما كانت بيئتي هي السر الذي يمد حياتي بالقوة والإصرار". في معظم رواياتها تحاول إرنو ان تسلط الضوء على خلفيتها الريفية وعن التفاصيل الدقيقة لحياتها حتى ان بعض النقاد وصفها بـ " عالمة اجتماع " وليست كاتبة روائية. غالبا ما تشير إلى تاثرها برواية مارسيل بروست " البحث عن الزمن المفقود "، وتضيف لها كتابات عالم الاجتماع بيير بورديو وخصوصا فيما يتعلق بموضوعة الهيمنة التي غالبا ما تكون خفية وغير مرئية، والتي طالب بورديو بتعرية أسس شرعيتها وتجريح آلياﺗﻬا حتى يسقط قناعها القدسي .

انهت دراستها الجامعية لتعمل بالتدريس بعدها انتقلت الى الكتابة، تؤكد بانها حاولت ان تمزج بين التدريس والكتابة حتى انها قررت ان تُدرس للطلبة مادة تعلم الكتابة .

روايتها الرابعة الصادرة عام 1983 بعنوان " المكان " – ترجمتها الى العربية امينة رشيد - قدمت فيها صورة صادقة لوالدها وسلطت الضوء على بيئتها الاجتماعية، الرواية التي لم تتجاوز صفحاتها المئة، كانت اشبه بانوراما لحياة مجتمع في الخمسينيات، قالت إن الكتابة فعل سياسي يفتح أعيننا على عدم المساواة الاجتماعية. ولهذا الغرض تستخدم اللغة "كسكين"، كما تسميها، لتمزيق حجاب الخيال، للكشف عن الحقيقة، معتبرة نفسها وريثة شرعية لجان جاك روسو.

بعد بضع سنوات، تعطينا صورة لامها من خلال روايتها " امراة " – ترجمة سحر ستالة – وهي تكريم لامرأة قوية تمكنت أكثر من الأب من الحفاظ على كرامتها:" ليس هذا الكتاب سيرة، ولا رواية طبعاً، ربما هو شيء يقع بين الأدب وعلم الإجتماع والتاريخ، إذ كان من الضروري أن تتحول والدتي، التي ولدت في وسط مقهور لطالما تمنَّت الخروج منه، إلى تاريخ حتى أشعر بأنني أقلُّ وحدة وتكلَّفاً في عالم الكلمات والأفكار القاهر، الذي انتقلتُ إليه نزولاً عند رغبتها. لن أسمع صوتها مجدداً، إنها هي، وكلماتها ويداها وحركاتها وأسلوبها في الضحك ومشيتها، من كانت توحّد المرأة التي أنا عليها اليوم بالطفلة التي كنتها في الابق، وبموتها فقدتُ آخر رابط بيني وبين العالم الذي جئت " .

حصلت رواية " المكان " على جائزة " رونودو". تقول انها تخلت عن كتابة الرواية المتخيلة التقليدية، لتركز على تلك الرواية المستمدة أحداثها من سيرتها الذاتية، حيث تتقاطع فيها التجربة العامة مع التجربة الشخصية، ولهذا نجدها في رواية " المراة " تتحدث عن عن أمها وعلاقتها بها، وفي " شغف بسيط " تروي، علاقة حب حدثت في شبابها بينها وبين رجل اعمال، حيث تطرح ازمة علاقتنا بالآخر، وبالجنس، كما انها تكتب حول موضوع الجنس الذي تجد انه المحرك الاكبر للكثير من دوافع الانسان .جميع روايات آني إرنو حكايات من الذكريات التي ملأت في السابق دفتر ذكرياتها فتحول هذا الدفتر المليء بالأسماء والأرقام والعناوين والأحداث المهمة والغامضة والملاحظات الى روايات نابضة بالحياة .قالت إن الموضوعات الرئيسية لعملها كانت "الجسد والنشاط الجنسي، العلاقات الحميمة، عدم المساواة الاجتماعية وتجربة تغيير الطبقة من خلال التعليم، الوقت والذاكرة ؛ والسؤال الشامل حول كيفية كتابة هذه التجارب الحياتية".

في روايتها " العار" تستمر بتقديم صورة لحياة عائلتها حيث:" حاول والدي قتل والدتي ذات يوم أحد في شهر تموز، في وقت مبكر من بعد الظهر." تسعى إرنو إلى تجاوز الحد المسموح به من الصراحة: "لقد أردت دائمًا كتابة نوع الكتاب الذي أجد أنه من المستحيل التحدث عنه بعد ذلك، نوع الكتاب الذي يجعل من المستحيل بالنسبة لي أن أتحمل نظرة الآخرين." ترى ان الادب يمنحها الأدب ملاذًا لكتابة ما يستحيل التواصل معه في اتصال مباشر مع الآخرين ..

في روايتها " احتلال " – ترجمة اسكندر حبش – تاخذ موضوعة الغيرة حيزا رئيسيا وفيها ايضا تتناول حياتها الشخصية، بطلة الرواية امراة خرجت من تجربة زواج دامت 18 عاما اعتبرتها اشبه بالسجن، ترفض الحياة التقليدية بين زوجين تريد ان تتمتع بحريتها القصوى، لكنها في المقابل تخرج من قصة حب فاشلة انتهت بالخيانة من قبل رجل احبته .

 روايتها " السنوات " وصفتها بانها " سيرة ذاتية جماعية"، أشاد بها النقاد باعتبارها "ملحمة اجتماعية" رائدة في العالم الغربي المعاصر. تستبدل إرنو في السرد الذاكرة التلقائية للذات بصيغة الغائب من الذاكرة الجماعية، مما يشير إلى تاثير روح العصر على حياتها الشخصية .

عُرفت روايات إرنو بتمركزها، حول تجاربها الخاصّة والحميمة، حيث لا تغادر أعمالُها مواضيعَ مثل الأزمات العائلة، والإحساس بالعار تجاه الطبقة التي تنتمي إليها، إضافة إلى كتابتها عن علاقاتها العاطفية دون استعارات أو تورية، وهو ما تسبّب بإثارة العديد من النقاشات الحادّة عند صدور عدد من أعمالها". .روايتها الاخيرة "الشابّ"، تنتمي إلى هذه الأجواء، حيث تحكي فيها عن علاقتها العاطفية مع شباب يصغرها بثلاثين عاماً.

طورت إرنو رواية السيرة الذاتية للقرن الحادي والعشرين أكثر من أي كاتب آخر .لا تؤمن بالعقدة، وكتبها مزيج من السيرة والمواقف الاجتماعية الصادمة . هناك من ينظر إليها أحياناً بصفتها كاتبة فضائحية وأنها تقترب من فضائحية أناييس نِن. ترد بانها تحاول أن تروي جوانب حياتية غالباً ما يُحجم الآخرون عن الاكتراث بها. وهي ترى أن الكتابة نوع من ممارسة الكذب من أجل نقل أشياء تتعلق بالحقيقة.

***

علي حسين – كاتب

رئيس تحرير صحيفة المدى البغدادية

 

حَدَثٌ مُدهشٌ حقّا في لقاء الأجيال والشرائح العمرية والثقافية المتنوعة، فقد تسربلت قاعة المركز الثقافي (الفانوس) في عبلين بحُلّة تراثية وأجواء تراثية بامتياز، وغصّت بحضور حافل وكبير من أدباء وأصدقاء من المثلث والناصرة وحيفا والكرمل والجليل وعبلين، ونخبة من الجمهور المثقف الراقي المُصغي، وذلك احتفاءً بتكريم عبلين الجَليليّة بابنتها الأديبة الشاعرة آمال عواد رضوان، وتوقيع كتبها التراثية الثلاثة بتاريخ 30.9.2022، بمبادرة وتنسيق وتنظيم جمعية عبلين في القلب، بالمشاركة مع قسم المعارف في مجلس عبلين المحلي، والنادي النسائي الارثوذكسي عبلين، وجوقة الكروان، ونادي الكنعانيات للإبداع، والكشاف الأرثوذكسي وجمعية فسيلة، وأطر وجمعيات عبلينيّة عديدة  أخرى.

تولت إدارة الأمسية د. روزلاند دعيم الغالية رئيسة نادي الكنعانيات للإبداع، فقدّمت البرنامج بكل ثقة وبأسلوب وصوت وكلمات رائعة تليق بآمال، فهي فعلًا الجسر الذي يوصل بين القديم والحديث كما قيل عنها على المنصة.

ابتدأت د. روزلاند كلمتها بالترحيب بالحضور والضيوف، وقالت: يبحث الإنسان بشكل دائم عن وسيلة للتعبير عن مشاعره من فرح أو حزن، والغناء واحدة من هذه الوسائل التي تخدم الفرد والجماعة، والفنون الشعبية تعبر عن الآمال والأماني الخفية، وترافق المجتمع في مراحل دورة حياة الإنسان ودورة الحياة في الطبيعة؛ وحتى الحالات السياسية الثورية، فالفن الشعبي، إذًا، عمل فني شعبي له غرض اجتماعي ونفسي، وبالحالتين هو مخزون حضاري قيمي.

ولأن الفلاح الفلسطيني يبدأ سنته الزراعية مع موسم الخريف في عيد الصليب، ولا يكتفي بالتعبير عن تطلعاته وأمنياته الزراعية من خلال الأرض، وما تُغدق عليه فقط، بل من خلال كل المواسم الدينية والتراثية، فينتج أرشيفًا غنيًّا من المادة التراثية، وإن كنا نتحدث عن أمنا الأرض، فإننا نتقدم بجزيل الشكر للسيدات الرائعات من النادي النسائي الأرثوذكسي على الضيافة. وللتنويه، فإنّنا نتحدث عن منتجات أرضنا الصحيّة، وعن بوفيه أخضر داعم للبيئة.4345 امال رضوان

كان من المفروض أن تتحدث المربية حنين عودة عن كتاب المهاهاة والملالاة في زغاريد الأفراح، لكنها تغيبت لظروف وفاة عمّها، فباسمي وباسم الجميع نقدّم تعازينا الحارة، ونلتقيها لاحقا على خير وإبداع.

وأثنت د. روزلاند على كلّ من ساهم في تنظيم وتخطيط هذه الأمسية التراثية بامتياز، إذ ازدانت القاعة بحُلّةٍ وأوانٍ وديكوراتٍ وأمثال وأطعمةٍ تراثية، وبفقرات تراثية وشرائح عمريّة متعددة، ومداخلات ثقافية: أدبية ودبكة وتمثيل وغناء.

تلاها د. خالد شيخ أحمد مدير قسم المعارف بكلمة ترحيبية وتكريمية باسم مجلس عبلين المحلي، وقد أشاد بدور ونشاط آمال عواد رضوان الأدبي اللافت، في عبلين وداخل البلاد والعالم العربي.

قدمت جوقة الكروان بقيادة المايسترو نبيه عوّاد الأغنية التراثية (ع اليادي) بصوت أليسار حاج، بمرافقة عازفين من جوقة الكروان: صافي دعيم- قانون، سيمون أبو شحادة- كمان، موران عواودة- إيقاع/ رق، وساهر جبور- إيقاع/ رق.

أمّا د. إلياس روحي زيدان؛ المحاضر لموضوع الإدارة التربوية في جامعة حيفا، والمستشار التنظيمي صاحب الخبرة الواسعة، فقد أتحفنا بمداخلته الشيقة عن التراث في (كتاب أناشيد المواسم - آمال عواد رضوان)، وضرورة إحياء هذا الجمال في الأجيال الصاعدة، وختم كلمته قائلًا: أمسية تليق بآمالنا - آمال الخوري عواد رضوان- وتليق بالتشكيلة متنوّعة النكهات من ثمارها الادبيّة، وبقيادتها وتمكينها للعديد من نساء عبلين، ومنحهنّ دورا وحيّزا يليق بهنّ وبقدراتهن، دمتِ آمالنا ودام عطاؤك وإنجازاتك، ودامت الأخوّة بين بنات وأبناء صفّنا.

ثم دعا أبناء صفها وزملاء الدراسة الرائعين الذين نسقوا فيما بينهم مؤامرة جميلة، ليفاجئوها ويكرّموها ويقدموا لها أروع تكريم في هذا الحفل.

تلتها وصلة فولكلورية لفرقة جفرا للدبكة والفنون الشعبية، وقام المدرب محمود خطيب بتقديم درع جفرا  للأديبة آمال عواد رضوان.

أمّا الكنعانية المربية كفاية نجمي الشيخ أحمد، فقدّمت مشهدًا مسرحيًّا جميلًا بعنوان "بساط ستّي"، من تأليفها وإخراجها، وتمثيل الطالبتين :صهيل كامل عودة، وعرين أمير مواسي، للمَثل "رجعت حليمة لعادتها القديمة"، من وحي الكتاب "أمثال ترويها قصص وحكايا" لللأديبة آمال عوّاد رضوان"، ثمّ تحدثت الكنعانية كفاية عن هذا الكتاب  بإسهاب، وعن القصة التي تقف وراء كلّ مَثل.

ولأنّ الراوي اعتاد أن يحمل تاريخ القبيلة، والحكواتي يحمل هموم الناس وأحلامهم، قدّمت السّيدة نيلي سعيد - أم إيليا عضوة النادي النسائي الأرثوذكسي عبلين، حكاية المَثل "النصيحة بجَمَل"، من الكتاب "أمثال ترويها قصص وحكايا"، بسردٍ جميل مُشوّق.

أما الكنعانية د. روزلاند دعيم فقدّمت نبذة عن كتاب المهاهاة والملالاة في زغاريد الأفراح، ونوّهت إلى  أنّها قدّمت الكتاب بمقدّمة مستفيضة جميلة.4346 امال رضوان

وكان لونٌ آخر لنساء النادي النسائي الأرثوذكسي عبلين المبدعات، فقد اعتليْنَ المنصة، وغنّيْن ألوانًا من الأغاني التراثية بتدريب الأديبة آمال، وقدّمن وصلةً غنائية من أهازيج ومواويل وعتابا وميجانا بصوت ميلادة أبو شحادة (أم ونس) وابنها ونس، برفقة المايسترو نبيه عواد وعازفين من فرقة الكروان، فأضفنَ للجوّ رونقًا وجَمالًا تراثيًّا مميّزًا أصيلًا، وحلّقت في أجواء القاعة أصواتُ الزغاريد والأوف والميجنا والمهاهاة بأصواتهنّ العذبة.

وفي نهاية اللقاء تحدّثت عروس الاحتفال آمال عواد رضوان؛ مديرة نادي الكنعانيات للإبداع، ورئيسة النادي النسائي الأرثوذكسي عبلين، وشكرت كلّ الحضور والمنظمين والمتحدّثين والمشاركين، على ما بذلوه من جهود في إنجاح الأمسية الثراثية:

جمعية عبلين في القلب، مجلس عبلين المحلي، د. روزلاند دعيم ونادي الكنعانيات للإبداع، د. خالد الشيخ أحمد، د. إلياس روحي زيدان، جوقة الكروان والمايسترو نبيه عواد، جمعيّة جفرا للدّبكة بمدربها محمد خطيب، المربية كفاية نجمي الشيخ أحمد وفريقها، مصممة الديكور التراثي ياسمين غنايم سكران، نساء النادي النسائي الأرثوذكسي عبلين بكل التشكيلات والمأكولات والأهازيج التراثية، وشكرت كل المؤسسات والأطر العبلينية، وشكرت د. محمد خليل مدير منتدى الفكر والإبداع مع أعضائه، وكل الحضور من أهالي عبلين الشمّاء، وكلّ الأدباء والأصدقاء من كافة أرجاء البلاد، كما ثمّنت عاليًا الدور الإعلامي وتغطية الأمسية، متمثلا بتلفزيون هلا وكادره، والمصور الإعلامي رائف حجازي.

نعم.. كانت أمسية تراثية بامتياز بكل ما فيها، من أجواء تراثية ازدانت بها القاعة،  فالمسرح والمنصة فرشته ياسمين سكران بطراز بُسُط وألوان تراثية جميلة، الديوان، المقاعد، الشراشف، الأواني الفخارية والنحاسية القديمة، أدوات منزلية قديمة كالمهباج، وأطباق القش، الغربال، البريموس، المكوى، دلة القهوة، وكراسي القش القديمة.

أمّا موائد الضيافة الشهية والتنسيق الخلاب، فقد ضمت تشكيلة لذيذة من مأكولات وحلويات تراثية بيتية، ساهم بصنعها وتحضيرها نساء النادي النسائي الأرثوذكسي عبلين الحبيبات، بإدارة آمال عوّاد رضوان: دقّة، زعتر، زيت زيتون، مناقيش، زيتون أخضر مرصوص، وزيتون أسود، خبز مقلي، رُبّ الخرّوب، مُربّى تين وعنب وخوخ ومشمش وتفاح من صنع نساء النادي، بليلة وقمح مسلوق، قريش بأنواعه المختلفة وسمسم لتزيين القمح المسلوق (بربارة)، حبوب ترمس وفول، وحلويات: الغريبة، كعكات ستي بالقالب، مبروشة، هريسة، فستق عبيد بقشره، عنب وأكواز رمان وخيار تشريني، ومجففات قطين ومشمش وتمر وزبيب، وزينت الموائد القهوة العربية بنكهتها التي لا تقاوم.

والجدير بالذكر، أنّ جدران قاعة الفانوس ازدانت بلوحات لأمثال شعبية وحزازير وأناشيد تراثية بقلم الشاعرة آمال عواد رضوان، والمدونة بكتابها (أناشيد المواسم)، وهذه الامثال تماثلت مع المعروضات للضيافة وتزيين القاعة، وكأني بآمال تريد أن تعيدنا بهذا اللقاء الحميم الى خيرات الأرض، وعفوية الناس، وتمسك الفلاح بأضه.

ولأن الطبيعة الخلابة والسهول الخضراء تتعانق فيها الاشجار الباسقة وارفة الظلال بشموخها ورائحتها، الأمر الذي يحتم على من يرافق آمال ويقرأ لها، أن يشعر بأنها ترى بعيون خضراء كل ما حولها، فهي الطفلة العبلينية الخضراء التي درجت وتربت في بيت دافئ، تحت كنف والدين مُحبّين روحانيّين مدا لها يد العون، وغرسا في نفسها عشق الأرض ومَحبّة الآخرين.

هكذا أنا عرفت آمال بتواضعها وعنفوانها، ببساطتها وتألقها، بدعمها كل من حولها، بتسامحها ومحبتها، وبتضحيتها من أجل الغير، ولا يسعني إلّا أن أشدّ على يديها، وأوجّه شكري الخاصّ لنساء النادي النسائي الأرثوذكسي عبلين الفعّال، واللواتي حملن جرار العمر، وعملن جاهدات للتمسك بالتراث من حكايات ومفاهيم تربوية، فتركن للأجيال القادمة إرثًا لا يُعوّض، فالشكر الجزيل لكلّ من شارك وحضر.

وكتب د. محمد خليل: العزيزة آمال عواد رضوان، تستحقين ذلك وأكثر. بصراحة كان الحفل يليق بك وأنت تليقين به. كان احتفالًا رائعًا ترتيبًا وتنظيمًا ومضمونًا. شكرًا للكلمة الطيبة والنابعة من القلب. تهانينا مرة أخرى، وإلى المزيد من الإبداع والتميز وقطف الثمار.

وكتب الفنان موسى إبراهيم: حضوركم في توقيع كتب الأخت امال عواد رضوان أضفى على المشهد رونقًا وزاده ألقًا ومحبة . أدام الله عطاءكم ومحبتكم، وألف وردة للأخت الأديبة آمال عوّاد رضوان، وشكرًا على ما قدّمته في احتفالية توقيع كتبها الثلاثة، وعلى البرنامج الأكثر من رائع، فقد عدنا تملؤنا الطاقة والأمل، وغُمِرنا بكرم ضيافة عَبَلّين وأهلها الكرام.

***

بقلم: هيام مصطفى قبلان

المجلس الأعلى للُّغة العربيَّة بالجزائر يحتفي باليوم العالميّ للتّرجمة بندوة عــن:  "التّرجمة والهُويّة: أيّة علاقة؟ وأيُّ تأثير؟"

عُــقد في رحاب المجلس الأعلى للُّغة العربيَّة بالجزائر،   مؤتمر للاحتفاء باليوم العالمي للتّرجمة، والذي يصادف يوم:30سبتمبرمن كل عام، تحت عنوان: » التّرجمة والهُويّة: أيّة علاقة؟ وأيُّ تأثير؟«، وشارك في هذا المؤتمر مجموعة من الباحثين، من مختلف الجامعات الجزائرية، وألقيت في الجلسة الافتتاحية كلمة الأستاذ الدكتور صالح بلعيد؛ رئيس المجلس الأعلى للُّغة العربيَّة بالجزائر، والتي أشار فيها إلى عدة قضايا مهمة، وأكد من خلالها على أنّ التّرجمة الآلية تحتاج منّا كل الدّعم والتّطوير؛ لمزيد من حلّ المضايقات التّقنيّة التي تعيشها كلّ اللغات، وبخاصّة اللغة العربيّة التي لها من الخصوصيات مالها، وكلّ خصوصيّة تحتاج إلى برمجيات، وقد تحدث في الجلسة العلميّة الأولى العديد من الباحثين، من بينهم الدكتور هامل بن عيسى من جامعة الأغواط، والدكتور عمّار قاسمي من جامعة العلوم الإسلامية بقسنطينة، والدكتورة نصيرة شيادي من جامعة تلمسان، والدكتور يوسف بن نافلة من جامعة الشلف، والدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقة من جامعة الشهيد باجي مختار بعنابة.

ولا يختلف اثنان على أنه لا يُمكن للتّرجمة أن تنهض بمفردها بدور تطوير الفكر، وبناء الهُويّة الثّقافيّة، وإنّما تُعدّ التّرجمة من بين المُكوّنات التي تُساهم في عملية التّطوير والتقدم في المجال الفكري والمعرفي، وهي   تعني قراءة لنص بغير لغته، وإعادة بناء نص سَجَّـل نفسه على نحو مُغاير ومُختلف؛ ومن هنا تغدو الأعمال المترجمة جزءاً من الثقافة المُستقبلة، وذلك بعد انتقالها من اللُّغة المصدر(لغتها الأصلية)إلى اللُّغة الهدف، وكل من مارس عملية التّرجمة يُدرك أن المُترجم يُلفي نفسه مُوّزعاً بين هُويّات مختلفة، وهو ينهض بعملية التّرجمة؛ حيث إنه يضطر إلى إدخال ثقافة أخرى إلى نصّه، كما أنه في الآن ذاته بحاجة إلى الحفاظ على هُويّة وطنه، ومن يهتم بهذا الموضوع يجد أن مُقاربة الترجمة في صلتها بالهُويّة، وتركيز الاهتمام عليها يُمكن أن يكون بمنزلة وضع أحجار للنهوض بالبناء الفكري، والثقافي في المجتمعات التي تُركز عليها، وتمنحها قصب السبق، وتسعى إلى تنميّتها،  وقد يبدو الحديث عن الهُويّة الثّقافيّة، والتّرجمة حديثاً يحمل بعض دلائل التناقض؛ بيد أن النظرة المتأنية تكشف عن اتساق جوهري في هذه العلاقة بين الهُويَّة الثقافية، والترجمة ؛ فالترجمة في معناها البسيط نقل من ثقافة إلى ثقافة أخرى، ومن هــُوية ثقافية بعينها، إلى هـُويَّة ثقافية مختلفة، ومن جانب آخر؛ فالهُـويَّة الثقافية عبارة عن كيان معنوي متجانس، ومترابط في بنائه الداخلي، وتجلياته الخارجية، والترجمة قد تكون في بعض الأحيان مُكوِّناً من مُكوِّنات الهُويّة الثقافية لدى بعض الأمم، أو المجتمعات، كما تتراوح أهميتها بين ثقافة ، وأخرى، بحسب درجة انفتاحها على العالم، ويمكن القول إن الترجمة عن اللُّغات الأخرى تثري الهُويَّة الثقافية، وتُساهم في تقويتها، ولا تُضعفها، أو تُشوش خصائصها، كما لا تشدها إلى أغلال التبعية الثقافية كما يرى البعض، ويذهب العديد من الدارسين إلى أنها تندرج تحت لواء الغزو الثقافي؛ إذ أن الترجمة عامل فاعل في إثراء الهُويَّة الثقافية، ولكن نتائج عملية الترجمة ينبغي أن تمر بعمليات تنقية، وتصفية متعددة، وذلك انطلاقاً من مرحلة فعل الترجمة الفردي، ووصولاً إلى نتائجها التي تصب في المجرى الثقافي العام الذي يُشكل الهُويّة الثقافية، وإذا كان هناك قدر من الشك في أن الترجمة يُمكن أن تكون من عوامل التأثير السلبي على الهُويَّة الثقافية؛ فإن التجارب التاريخية المعروفة عن تاريخ الترجمة، وتأثيراتها في التراث الإنساني بشكل عام؛ تؤكد أن الهُويَّة الثقافية للحضارات التي مرت بتجارب مهمة، وواسعة النطاق في مجال الترجمة تبلورت بشكل أقوى، وأكثر وضوحاً من ذي قبل(1)، ومن بين الأمثلة التي كثيراً ما يتم استحضارها في هذا الصدد أن الحضارة العربية الإسلامية أفادت كثيراً من حركة الترجمة الهائلة التي واكبت بناء الدولة والمجتمع، وجوانب البناء الحضاري الأخرى؛ في بلورة هويتها الثقافية منذ السنوات الباكرة في التاريخ الإسلامي؛ ذلك أن هذه الحضارة أفادت كثيراً من عمليات الترجمة التي شكلت عوامل إضافة مهمة للهوية الثقافية؛ فقد ساعدت الترجمة المسلمين على الإفادة من تراث الحضارات السابقة؛ وهي الحضارات التي كانت تنتمي إليها الشعوب التي اعتنقت الإسلام ديناً، واتخذت العربية لغة (2)، ولا يُمكن لمن يتحدث عن العلاقة بين التّرجمة والهُويّة أن يصرف النظر عن التعمق في دور اللُّغة في بناء الهُويّة، وصلتها بالثّقافة، كما أن هذا الأمر يقود إلى الحديث عن العلاقة بين الثّقافة والهُويّة؛ ولا يُمكن البحث في واقع اللُّغة دون التطرق إلى صلة اللُّغة بالهُوية، وعلاقتها بها، حيث إن إدراك العلاقة القائمة بين اللُّغة والهُويّة في المجال العربي إدراك علميّاً؛ سيسمح بانبثاق سياسة لُغويّة ناجعة تؤدي إلى صون مُفردات الهُويّة وإثرائها من جهة، كما تُساهم في تحرير إرادات التنمية والنهوض من جهة أخرى، والحقيقة أن علاقة اللُّغة بالهُويّة علاقة مُعقّدة وبالغة الحساسية، ويظهر جانب من حساسية هذه العلاقة في شقها النظري؛ من حيث إن اللُّغة ليست معادلاً تاماً لجنس الهُويّة، ولا ُيمكنها الاستقلال عنها، بل هي جزء منها، ومن أبرز مُكوِّناتها الدينامية؛ فعند البحث عن العلاقة بينهما(اللُّغة والهُـويّة) ينبغي إدراك أنها علاقة الجزء المنتمي إلى الجنس(الهُـويّة)، والقصد من الإحاطة بهذه العلاقة وضع هذا الجزء بكلِّه تحت المجهر، ومن ثم تحليل طبيعة هذه العلاقة، وكشف النقاب عن التأثيرات المتبادلة بين طرفيها، واكتشاف تطوراتها؛ ويجمع الدارسون-أو يكادون- على أن اللُّغة منظوراً إليها من زاوية الهُويّة، ليست مجرد أداة تواصلية متسمة بالحياد والسلبية، بل إنها تتحول إلى كائن إيجابي وفاعل في إعادة إنتاج ذات الهُويّة، وتطويرها، أو على العكس من ذلك تحلُّلها وتدهورها(3)؛ وقد تثور إشكالية أخرى في معرض الحديث عن العلاقة بين التّرجمة والهُويّة الثقافية؛ تتصل بترجمة النصوص الدينية، وانطلاقاً من أن اللُّغات تُشكِّل وعاء تاريخيا للشرائع والرسالات السماوية؛ فقد طرحت قضية ترجمة هذه النصوص من لغة إلى أخرى مشكلات تصعب على الحل إلا بالإيمان بوجوب لزوم منهج المحافظة الترجمية، وقد أسس الباحث طه عبد الرحمن في مشروعه الفكري لافتراضين يرتبطان بعمل ترجمة النصوص الدينية انطلاقا من تجربة ترجمة الإنجيل :ممارسة الدعوة:حيث تنزل ممارسة الترجمة في هذا التصور منزلة ممارسة الدعوة، ذلك أن ترجمة النصوص الدينية اقترنت بإرادة القائمين على هذه الديانات والمنتسبين إليها في نشر تعاليم هذه الديانات بين الشعوب، وفي حمل أفرادها على اعتناق هذه التعاليم، فيكون العمل الترجمي الديني غير منفك عن مبدأ الدعوة إلى الدين.والقيام بالوساطة:ينزل المترجم في هذا التصور منزلة الوسيط، وواجب الوسيط في المجال الديني-كما هو شأن النبي- أن يبلغ ما يحمله تبليغا أمينا لا تبديل فيه ولا تحريف، حتى يعلم المبلغ إليه بحقيقة الرسالة، فينهض إلى التصديق بها والعمل بها على الوجه المطلوب، غير أن الدكتور طه عبد الرحمن لا يستحضر في هذا المقام من قاموا بعمل الترجمة لنصوص دينية لا يعتقدونها ولا يؤمنون بها، وإنما كان هدفهم من إجرائها والعمل عليها تحريفها عن مقصديتها وتشويهها، ونقد عناصرها ونقض أركانها، وهو كثير فيما يتعلق بترجمة القرآن الكريم ولا يكاد ينتهي إلى غاية بسبب ما حمله المستشرقون وغيرهم من المغرضين من كراهية في قلوبهم دعتهم لتنويع أساليب النيل من الإسلام والقرآن وحامل هذه الرسالة صلى الله عليه وسلم(4).

ومن بين الأسئلة التي تتصل بالتّرجمة والهُويّة الثقافية: هل توجد أصلاً ترجمة قادرة على القيام بوظيفة الحوار الحضاري بين الشعوب؟ ومن يبحث عن أجوبة لهذا السؤال، يلفي نفسه بالضرورة يُناقش إشكالية رئيسة معروفة في نظرية الترجمة هي إشكالية الاستحالة، حسب تعبير(جورج مونان)أو تعبير لادميرال، والإجابة على هذا السؤال تباينت تاريخياً بين ثلاثة مواقف رئيسة، هي: موقف مشكك في شرعية الترجمة ودورها الحضاري، وموقف مؤيد لها، وموقف ثالث توفيقي(5)، ومما لا يُخامره أدنى شك أن ترجمة النصوص المُقدسة، وعلاقتها بهُوية شتى المجتمعات، تظل مدار أسئلة كبرى في الثقافات المختلفة، ولاسيما منها الثقافة الإسلامية التي تُقر باستحالة ترجمة النص المُقدس، وإنما تُقرب معانيه من المتلقي بلغته، وتمثل التفاسير-على سبيل المثال-مظهراً منها، وهذه الأسئلة تُحيط بالمتن كله، وبمكوناته المختلفة(6)؛ لذلك فالترجمة والهُويّة الثقافية تمثِّل مجالاً خصباً للقراءة والتأويل، والسعي إلى استنطاق الخلفيات،  والتنقيب عن مختلف الأبعاد.

***

الدكتور محمد سيف الإسلام بوفلاقــة

كلية الآداب واللُّغات، جامعة عنابة، الجزائر

.................

الهوامش:

(1) قاسم عبده قاسم: الترجمة وسؤال الهُوية الثقافية، مجلة العربي، مجلة شهرية ثقافية تصدر عن وزارة الإعلام بدولة الكويت، العدد:620، شعبان1431 هـ، يوليو(تموز)2010م، ص:26 وما بعدها.

(2) قاسم عبده قاسم: الترجمة وسؤال الهُوية الثقافية،المرجع نفسه،ص:29.

(3)أمحمد جبرون: انشقاق الهُويّة: جدل الهُويّة ولغة التعليم في المغرب الأقصى من منظور تاريخي، دراسة منشورة في كتاب: اللُّغة والهُويّة في الوطن العربي: إشكاليات تاريخية وثقافية وسياسية، منشورات المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط:01، الدوحة، قطر،2013م،ص:51-52.

(4)  إدريس مقبول: ترجمة النص الديني وإشكال العالم التصوري: نموذج القرآن الكريم، مجلة بونة للبحوث والدراسات، مجلة دورية محكمة تعنى بالبحوث والدراسات التراثية والأدبية واللُّغويّة، العدد:18، رمضان1433هـ/يوليو-جويلية2012م، صفر1434هـ/كانون الأول-ديسمبر2012م، ص:12. وينظر:طه عبد الرحمن: فقه الفلسفة1- الفلسفة والترجمة، منشورات المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب الأقصى،ط:02، 2000م، ص:64.

(5)  أحمد جوهري: الترجمة التلقيحية وحوار الحضارات، مجلة المشكاة، مجلة الأدب الإسلامي، مجلة محكمة تصدر عن المكتب الاقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية في المغرب،وجدة، المغرب الأقصى، المجلد الثاني عشر، العدد:52،2009م، ص:24.

(6)  مليكة ناعيم: الغلاف في ترجمات الكتب المُقدسة-دراسة مقارنة-، مجلة حوليات كلية اللُّغة العربية، مجلة علمية سنوية محكمة تصدرها كلية اللغة العربية بمراكش، جامعة القاضي عياض،المغرب الأقصى،العدد:32، 1440هـ/2018م، ص:123.

 

نظم المرصد المتوسطي للتنمية والمواطنة واندماج الجاليات لقاء لقراءة الأعمال الأدبية والنقدية للدكتور أبو الخير الناصري، وذلك مساء يوم السبت 24 شتنبر 2022م بمقر المرصد بأصيلة.

شارك في هذا اللقاء الذي سيره ذ.محمد البوعناني المنسق العام للمرصد الأساتذة الباحثون الدكتور نجيب الجباري، والدكتورة نبوية العشاب، والأستاذ عبد الصمد مرون، والأستاذ محمد المودن.

المداخلة الأولى قدمها الدكتور نجيب الجباري في موضوع "الخطاب السجالي في كتابات الدكتور أبو الخير الناصري"، انطلق فيها من تحديد مفهوم الخطاب والسجال في اللسانين العربي والفرنسي، وخصائص الخطاب السجالي، وحضوره في الأدب العربي، ثم انتقل لتحليل طبيعة الخطاب السجالي، وتقنياته، وآلياته في كتابات الدكتور أبو الخير استنادا إلى عدد من مقالاته التي ضم بعضَها كتاباه "وردة في جدار" و"خارج القفص" ونُشر بعضها في أعداد من جريدة "الشمال".

وقد أشار د.نجيب الجباري إلى أهمية الموضوعات التي يُساجل فيها الناصري وتنوعها (موضوعات سياسية، وحقوقية، وتعليمية، ولغوية...)، وذكر مجموعة من سمات السجال عنده، ومنها: أنه ينظر إلى مُخاطَبه بنوع من التقدير والاحترام، وأنه ينأى عن استخدام الأساليب العدوانية والعبارات العنيفة، وأنه لا يُلغي خطاب من يساجلهم وتصوراتهم، بل يقدمها ويستحضرها ابتغاء منه للموضوعية وسعيا لإعطاء الآخر حقه في الكلام قبل الشروع في مناقشته، ممثِّلا لذلك كله بنماذج من سجالات الرجل لكل من رئيس الحكومة لسابق عبد الإله بنكيران، ونور الدين عيوش، والباحث محمد قنديل وآخرين.

وفي بيان أشكال السجال عنده وجدها تستجيب لأشكالها التي حددها الجاحظ في: محاجة الخصوم، ومناقلة الأكفاء، ومفاوضة الإخوان، ومثّل لكل شكل منها بضروب من سجالاته.

كما عرض لأساليب الاستدلال في سجالات أبي الخير، ومنها الاستدلال الاستنباطي، وأساليب بلاغية (كالاستعارة، والتشبيه، والتمثيل)، وأساليب إنشائية (كالاستفهام، والأمر، والتمني..)، وبيّن أنواع الحجج التي يعتمدها في سجالاته كالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والوقائع العلمية والاجتماعية والتاريخية، وأشاد باللغة التي يعتمدها في سجالاته، واصفا إياها بالبساطة، والعمق، والجمال، والإفهام.

وانتهى إلى خلاصات منها "احترامُ د.أبي الخير، في سجالاته، لكل الآراء المعارضة حتى ولو لم يقتنع بها؛ وذلك لإيمانه بثقافة الاختلاف، وخلوُّ أسلوبه من السب والشتم، وانطلاقُه في سجالاته من معرفة كاملة ومن مصادر موثوقة متصلة بالقضية موضوع السجال، وقدرتُه على الإقناع والمناقشة وتقبل الرأي الآخر دون أن تكون غايته الانتصار على الخصم، والتزامُه بالموضوعية والابتعاد عن الذاتية والطعن الشخصي..".

بعد ذلك تناولت الكلمة الدكتورة نبوية العشاب في مداخلة عنوانها: أبو الخير الناصري من خلال كتابيه "في صحبة سيدي محمد الناصري رحمه الله" و"في صحبة أستاذي محمد الحافظ الروسي"، جعلتها في محورين أفردت كلا منهما لأحد الكتابين.

وقد وصفت الكتاب الأول بأنه "صغير الحجم، كبير الفائدة، يضم بين ثناياه قضايا تربوية هامة، ويقدم منظومة من القيم والمبادئ الأخلاقية التي تضبط علاقة الآباء بالأبناء، وتؤسس لمنهج قويم،  من أجل تربية سليمة"، وانطلقت تمثل لذلك بما ورد في الكتاب من مناقب الأب محمد الناصري - رحمه الله - كحرصه على تنمية ملكة القراءة عند نجله وتهييئ البيئة المناسبة لذلك، وبذله الغالي والنفيس لتطوير قدرات ابنه الفكرية والإبداعية، وتعلميه إياه الانفتاح على الآخر دون فقدان للهوية أو زعزعة للمبادئ، واتخاذه ابنه صديقا  وتقديم عصارة التجارب المعيشة له دروسا وقصصا صالحة للاعتبار والاتعاظ....لتخلص من تعداد تلك المناقب إلى أنها "نموذج للعلاقة الصحيحة المتينة و المثمرة التي ينبغي أن تكون بين الآباء والأبناء".

كما أشارت المتدخلة إلى جملة أمور لفتت انتباهها في هذا الكتاب، وذلك كالحس النقدي لمؤلفه، وتحريه الصدق في الحديث، وقدراته السردية التي تشربها من مجالسة والده وإصغائه لحكيه.

ثم انتقلت للحديث عن كتاب المحتفى به عن أستاذه د.محمد الحافظ الروسي، مبدية إعجابها بطبيعة العلاقة التي جمعت الطالب بشيخه، وهي علاقة "لا تقل أهمية عن علاقة الأب بابنه".

ونوهت د.نبوية كثيرا بما ضمه الكتاب من يوميات "تحكي عن المواقف والأحداث التي جمعت أبا الخير بأستاذه، والتي من خلالها خبر معدن الأستاذ الأصيل، ونقاء سريرته، وحسن ملاطفته لطلابه، وتقديره لظروفهم، وحرصه على إفادتهم، وتشجيعه إياهم على السير في طريق العلم، واعترافه بكفاءة الأكفاء منهم، وقبوله اقتراحاتهم وأفكارهم المفيدة..."، وهي إلى ذلك يوميات كاشفة عن أدب الطالب أبي الخير مع أستاذه، ومحبته له، واقتدائه به، واستفادته منه علميا وأخلاقيا.

وختمت مداخلتها بالقول "إنه ليس من باب المبالغة، ولا المجاملة، أن أنادي من هذا المنبر، بإدراج هذين الكتابين ضمن مقررات الدراسة. فما أحوج أبناءنا للأب القدوة والأستاذ النموذج".

في المداخلة الثالثة قدم الأستاذ عبد الصمد مرون "إضاءات في كتاب غيمات الندى للدكتور أبو الخير الناصري"، نبّه فيها على جملة أمور تخص هذا الكتاب الذي أفرده صاحبه لشخصية الأديبة الدكتورة سعاد الناصر وأعمالها النقدية والفكرية.

تحدث ذ.مرون عن الصنف التأليفي لـ"غيمات الندى"، مدرجا إياه "ضمن الكتب التي تُعنى بالتعريف بالرجال والنساء من ذوي العلم والمعرفة، فتقدم سيرتهم وإسهامهم الفكري والثقافي والتربوي"، وأشاد باحتفاء د.أبو الخير بأعلام أحياء خلافا للغالب على الساحة الثقافية التي يهيمن عليها "التأبين على هامش الرحيل"، كما أشاد بتعريف المؤلف بالشخصيات من خلال مرآة الذات الكاتبة وأهمية ذلك وضرورته.

وأشار المتدخل إلى عنوان الكتاب، ووازن بينه وبين عناوين كتب أخرى للمؤلف ككتابيه عن والده وأستاذه الدكتور محمد الحافظ الروسي، ليخلص إلى أن "غيمات الندى" عنوان "مخالف لما دأب عليه كاتبنا، حيث تبدو العلاقة بين المضمون والعنوان شاحبة في سياق يفترض الوضوح، ليستدرك بعدُ قائلا إن الكاتب تفطن لذلك فوضع عنوانا ثانيا فرعيا "يخصص ما شمله عموم العنوان الأول، وهو: سعاد الناصر، ملامح من شخصيتها ونظرات في أعمالها".

ولم تخل مداخلة ذ.مرون من نقاش صريح عبّر فيه عن اختلافه مع الطرح الفكري لأبي الخير وأستاذته سعاد الناصر في بعض القضايا التي عرض لها كتاب "غيمات الندى" كقضية المرأة وإمكان الانتقال من الحديث عنها إلى الحديث عن قضية الإنسان عامة رجلا وامرأة دون فصل وتمييز.

وختم حديثه بتحية صديقه الناصري الذي وضع أمام القراء قضايا خصبة للنقاش والاختلاف،  بعيدا عن كل نزعة نحو الحسم ووهم القول الفصل.

أما المداخلة الرابعة فكان عنوانها "محورية الغرض في مؤلفات أبي الخير الناصري"، ذكر صاحبُها الأستاذ محمد المودن أن "الغرض واحد في جميع مؤلفات المحتفى به، وهو الغرض الإصلاحي الذي سخّر له آليات النقد".

رصد ذ.المودن تجليات النقد الإصلاحي وخصائصه عند د. أبو الخير الناصري انطلاقا من خلال كتابيه "لا أعبد ما تعبدون" و"في صحبة سيدي محمد الناصري رحمه الله"، فنوه بحسن اختيار النصوص المقدمة لقراء الكتاب الأول، وقسم ما فيه من نقود قسمين هما "نقد الموضوعات أدبيا واستكناز ما لها وما عليها، ونقد الأفكار التي قد يكون الموضوع المدروس قدمها ظاهرة أو مضمرة"، مرتكزا لبيان ذلك على جملة من مقالات الكتاب، ليستخلص أن الرجل "عندما يدرس ظاهرة اجتماعية من خلال أحد النصوص، أو يكشف اللبس الذي قد يراود القارئ في بعض الأفكار أو المصطلحات، أو يكشف الأخطاء المنهجية لنص ما أو السرقات الأدبية فيه، فهو لا يقوم بهذا العمل من أجل مصلحة خاصة، بل يقوم بكل هذا النقد لتقديم أفكار تساعد على تنوير العقول التي تتعامل مع الأفكار والنصوص الأدبية دون تفكير دقيق"، منتهيا إلى أن "لا أعبد ما تعبدون" "لا يكتفي بنقل المشهد الثقافي وتقديمه للقارئ، بل يقدم المشهد، ويقدم رأي المؤلف الذي يحمل من التوجيه والمحاولات الإصلاحية الشيء الكثير".4326 ابو الخير الناصري

وعدّ ذ.المودن الكتاب الثاني (في صحبة سيدي محمد الناصري) "منهجا يجب على كل أب أن يقرأه ليُحسّن علاقته بولده"، كما عدّه "ترياقا لبعض المشاكل" التي تنشب داخل مؤسسة الأسرة، لا سيما بين الأبناء والآباء، مستدلا على ذلك بأهمية الموضوعات والإشكالات التي طرحها الكتاب، ممثلا لها بنماذج وأمثلة مختارة بعناية من بينها الإشكال "هل نعيش حياتنا أم حياة أخرى اختارها لنا آباؤنا؟"، فبيّن خطورة إقدام بعض الآباء على إهمال رغبات الأبناء وطموحاتهم، وتوجيههم توجيها سلطويا، مشيدا بطريقة توجيه الراحل محمد الناصري لابنه أبي الخير.

كما أشاد المتحدث بجوانب أخرى عرض لها الكتاب من أبرزها: الصداقة بين الوالد والولد، والحوار بينهما، وحرص الأب على تكوين أبنائه تكوينا علميا وأخلاقيا، وتدريبه إياهم على تحمل المسؤولية، ممثلا لذلك بأحداث ووقائع مما ذكره الكاتب في كتابه، مؤكدا من خلال ذلك كله أن هذا العمل "يقدم منهجا للحياة العائلية السليمة"، وتلك رسالة إصلاحية واضحة.

بعد هذه المداخلات تحدث الدكتور أبو الخير الناصري، فعَدَّ نفسَه ومنجزه ثمرةً لجهود الذين أسهموا في تعليمه وتكوينه ابتداء بوالديه، ومرورا بكل الشيوخ والأساتيذ الذي درسوه، منذ مرحلة المسيد حتى الدراسات العليا، دون إغفال أشخاص خارج قطاع التعليم شاركوا في تشكيل وعيه وإغنائه، قائلا إن الاحتفاء به وبأعماله إنما هو احتفاء بكل المذكورين واحتفاء بالمدينة (أصيلا) من خلال عطاء واحد من أبنائها.

وعرج المحتفى به على تصوره للكتابة، فقال إنها ليست ترفا فكريا، وليست بحثا عن وجاهة اجتماعية، ولكنها مسؤولية ينهض بها الكاتب من خلال التعبير عن الرأي الصادق تقويما للاعوجاج واقتراحا للبدائل.

وأضاف أن مؤلفاته كلها تؤطرها الرؤية الإصلاحية، سواء منها ما تعلق بالتصويبات اللغوية، أو ما كان مقالات رأي، أو دراسات نقدية، أو كتبا احتفائية بالشيوخ والأساتيذ.

ولم يغفل أن يشيد، في كلمته، بما قدمه الأساتذة المشاركون من مداخلات علمية، وأن يناقش بعض ما ورد فيها نقاشا أبان فيه عن الاختلاف في الرأي مع الحفاظ على أواصر الصداقة والمودة.

 

فاز الشاعر العراقي د. مصطفى علي بالجائزة الأولى لمهرجان الجواهري – الدورة التاسعة 2022م. عن قصيدته:

إكْليلٌ من الدمع على ضريح المَعَرّي

وكان الشاعر مصطفى علي قد شارك شخصيا هذا العام في مهرجان الجواهري، الذي شهدته مدينة فيرفيلد في سيدني يوم الأحد الموافق 14-8-2022 من الساعة الرابعة مساءً حتى الثامنة، وعلى قاعة المدينة، حيث انطلاق فعاليات مهرجان الجواهري التاسع.

وبعد نشاط أدبي تناوب فيه عدد من الشاعرات والشعراء منصة الخطاب، اعتلى الشاعر فؤاد نعمان الخوري ليعلن نتائج المسابقة الشعرية في حقل العمود، إذ اشار الى عدد النصوص العمودية المستلمة هي " 53 نصاً" ثم أعلن اسم الفائز الأول:

الشاعر الدكتور مصطفى علي

الذي حصل على أعلى الدرجات وبمنافسة جمالية مثيرة، كما جاء في تقريره. وقد استقبل جمهور الحاضرين الخبر بتصفيق حار، سيما أن إعلان النتائج جاء بعد إلقاء قصديته القيمة.41116 مصطفى علي

لقد كان حضور الشاعر القدير مصطفى علي القادم من مدينة ملبورن الاسترالية مميزا، وكان اضافة نوعية هذا العام. ومهرجان الجواهري كرنفال سنوي بإدارة وإشراف الصالون الثقافي في منتدى الجامعيين العراقي الاسترالي، وبإشراف الشاعر القدير وديع  شامخ.41112 مصطفى علي

صحيفة المثقف كانت حاضرة بشخص رئيس التحرير، الذي تلقى الخبر بفرح عامر، وشارك الشاعر وجمهور الحاضرين أفاراحهم، وهو جمهور نوعي متنوع وكبير.41113 مصطفى علي

يذكر أن الجائزة الأولى العام الماضي قد فاز بها الشاعر أحمد راضي من شعراء صحيفة المثقف أيضا. بهذا تفتخر المثقف بكتابها وشعرائها من السيدات والسادة، وتتمنى للجميع دوام التفوق والناجح.41114 مصطفى علي

وبهذا المناسبة العطرة نتقدم للشاعر مصطفى علي بأحر التهاني والتبريكات بالهذا الفوز الكبير، ونتمنىى له الصحة والسلامة.

41115 مصطفى علي

4117 مصطفى علي

4119 مصطفى علي

صحيفة المثقف

15 – 8 – 2022م

 

عرس إبداعي جمالي شهدته سيدني اليوم

إعلان نتائج مسابقة الجواهري الرابعة في حقول الشعر العربي

العمودي، التفعيلة، النثر

تصوير: جليل دومان

4128 مهرجان الجواهري

شهدت مدينة فيرفيلد في سيدني اليوم الأحد الموافق 14-8-2022 وفي الساعة الرابعة مساءً وحتى الثامنة، وعلى قاعة بلدية مدينة فيرفيلد،

Community Hall Fairfield 25 Barbara Street Fairfield NSW، انطلاق فعاليات مهرجان الجواهري التاسع –دورة الشاعر سعدي يوسف.4116 مصطفى علي

أفتتح المهرجان بكلمة ترحيبية لعريف الحفل الدكتور عماد برو مع الحضور الذي غصّت به قاعة المهرجان، وكان المتحدث الأول الدكتور ناطق جاسم رئيس المنتدى، ثم كلمة مدير الصالون الثقافي الشاعر والإعلامي وديع شامخ، بعدها تمتع الحضور بمشاهدة فلم وثائقي عن الشاعر سعدي يوسف بعنوان " الاخضر بن يوسف، الشيوعي الأخير "، سيناريو وحوار وديع شامخ، إلقاء سو بدر الدين، وديع شامخ، تسجيل الصوت في استوديو الفنان صلاح بغدادي، مونتاج واخراج رافق العقابي.

وكان للشعر حصة الأسد في المنهج، إذ افتتح الشاعر أحمد راضي الحائز على قلادة الجواهري للشعر العمودي في الدورة السابقة، ثم كان دور الشاعرالمبدع عبد الخالق كيطان، والشاعر المبدع عماد حسن الاديبة وبعدها كان دور الاديبة، والشاعرةأمان السيد ثم جاء دور الشاعر الدكتور باسم الأنصاري لقراءة ا لنص في اللغة الانكليزية. لينتقل البرنامج الى عرض شهادة حيّة متلفزة للسيدة بان الجواهري وهي تتحدث عن ذكريات وخصوصيات حميمية للشاعر الجواهري، وللمبدعة بثينة الناصري كلمة متلفزة، وبعدها جاء دور الشاعرة كيلدا عطيه، وكان للشاعر وديع شامخ مساهمة شعرية اخيرة.4129 مهرجان الجواهري

ثم اعتلى الشاعر فؤاد نعمان الخوري ليعلن نتائج المسابقة الشعرية في حقل العمود، إذ اشار الى عدد النصوص العمودية المستلمة هي " 53 نصاً" و كانت لجنة التحكيم تتالف من " الشاعر والاعلامي محمد صالح عبد الرضا، الشاعر المبدع كاظم اللايذ، الشاعر المبدع فؤاد نعمان الخوري "

وقد اعلن أسم الفائز وهو الشاعر الدكتور مصطفى علي من العراق الذي حصل على اعلى الدرجات وبمنافسة جمالية مثيرة.

وفي حقل النثر والتفعلية فقد أعلن مدير الصالون الثقافي في كلمة نيابة عن الشاعر المبدع وديع سعادة لغيابه لأسباب قاهرة، بأن عدد النصوص المستلمة هو " 100" نصاً ومن مختلف الجنسيات والبلدان والأعراق والأجناس، وقد تكونت لجنة التحكيم من " الشاعر المبدع وديع سعادة، الشاعر والناقد المبدع ريسان الخزعلي، الدكتورة هند كامل ".. وقد اسفرت نتائج الفرز عن فوز:

الشاعر العراقي عبد الحميد الصائح عن قصيدة النثر

الشاعر السعودي حسين علي آل عمار عن نص التفعيلة

بعد تنافس مثير وتقارب غير مسبوق في الدرجات الممنوحة لكل الشعراء الذين دخلوا مرحلة التنافس الأخيرة، وهذا يدل على عافية الشعر العربي وحيويته.. وقدرة المسابقة على نيل ثقة الشعراء والشاعرات على المشاركة وبأسماء معروفة ولها باع مهم في التجربة الشعرية.. في مقابل لجان تحكيم نزيهة وموضوعية ورصينة.

كان مسك ختام الشعر، دعوة الشاعر مصطفى علي الذي تقلّد قلادة الجواهري وانشد نصه الشعري الفائز في المسابقة لهذا العام.4111 مصطفى علي

ولأن الصالون الثقافي يؤمن بتكريم المشاركين فقد كان اقتراح هذا العام تكريم نخبة من المبدعين التشكيليين وهم جسّام خضر، علي عباس حمادي، أغنار نيازي، عدنان برزنجي، عاطف العبودي، هند القيسي، بسّام جبار، هناء علي"، الذين ساهموا في اقامة معرض تشكيلي ضمن فعاليات المهرجان. وكان هناك تكريم خاص للفنان صلاح بغدادي لجهده السخي في توفير المستلزمات التقنية الصوتية، وتوفير استوديو لتسجيل الصوت لفلم سعدي يوسف بجهود تطوعية.

واخيرا قدمت السيدة نادية البدري مديرة المركز الثقافي الإعلامي العراقي هدية للصالون الثقافي نيابة عن الاستاذ ماجد السعيد رئيس المركز في بغداد، تسلمها الشاعر وديع شامخ.4130 مهرجان الجواهري

علما ان المهرجان اشتمل ايضا على

- معرض كتب للكتبي صباح ميخائيل مع نخبة من الكتّاب في سيدني.

شكرا ومحبة لكل الجهود التي بذلت بسخاء لانجاح المهرجان من قبل اعضاء اللجنة التحضيرية:

البروفيسور أحمد الربيعي

ليث أمغيزل

سلام خدادي

أغنار نيازي

سو بدر الدين

حسان قصّقص

زيا يوخنا

الإشراف التقني

كاكا دانا كركوكي

سيف العوادي4133 مهرجان الجواهري

وتثمين بشكل خاص لجهود الزميلة سو بدر الدين في تزيينها لقاعة المهرجان بلمسات جميلة، مع جهود راقية للزميلة سميرة مسؤولة اللجنة الاجتماعية في المنتدى في اشرافها على الضيافة السخية ووضع لمساتها الجمالية التي ابهرت الجميع، والزميل الرائع حسن الناصري عضو الهيئة الإدارية للمنتدى على دوره في توفير المستلزمات المهمة التي تخص المهرجان إداريا وماديا.

شكر ومحبة لوسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وهم:

الإعلامية هديل صباح.. عن تلفزيون اس بي اس العربية

الإعلامي سمير قاسم... مدير قناة العراقية الفضائية

الدكتور علاء العوادي.. مدير مجموعة سواقي

الأعلاميين "جمانة، نادية العوادي، سيف العوادي" من مجموعة سواقي واذاعة

FM 2000

المخرج رافق العقابي

الصحفي خليل الحلي.. رئيس تحرير جريدة العهد

الشكر الأكيد لعدسة المبدع جليل دومان الذي أرّخ جماليا لكل لحظة في المهرجان.

شكرا للجمهور الكبير نوعا وكما، الذي لم يغادر القاعة حتى اللحظة الاخيرة لختام فعاليات المهرجان.. لقد كان ملح المهرجان حقا..

***

وديع شامخ

مدير الصالون الثقافي في منتدى الجامعيين العراقي الأسترالي

 

فريال فياضنظم منتدى "رؤى وإبداع"، برئاسة الفنان غازي شاذبك، سمبوزيوم ومعرض في بلدة بعذران بالتعاون مع بلديتها وبرعاية إدارة محمية الشوف، الممثلة بمديرها نزار الهاني.

وذلك، بمشاركة نخبة من الفنانين تخطت أعمالهم حدود الإبداع لتشعل فتيل الدهشة في قناديل الفن وتسكب الضوء على قماشة البوح باعثة الجمال في فضاءات المكان.

 هم صنّاع الجمال الذين نثروا ألوانهم على وجه الشمس واستحضروا مرايا الماضي في صور نوافذ لا تشيخ وأماكن تنبض بالأصالة وتعبق بالتاريخ.

في نهاية السمبوزيوم، مع بدء التحضير للمعرض، تُرك المنبر للشعر والموسيقى لتزدان المشهدية بلوحات من حروف بتوقيع الشاعر حكمت بشنق ولتهفو الأسماع لطرب الفنان ديفيد لطيف.

بالحديث مع رئيس منتدى "رؤى وإبداع" الفنان غازي شاذبك عن المنتدى وأنشطته، قال: "عندما ترتبط الرؤى بالوعي يولد الإبداع فكيف اذا تجسد هذا الإبداع بالفن التشكيلي من هنا ولد اسم منتدى "رؤى وإبداع". منذ خمس سنوات، ولد هذا المنتدى في أحلك الظروف، في وطن المعاناة لبنان، وبدأنا نقاوم المخرز بالحب والجمال، جمال الفكرة وتقنية اللوحة، فكان لنا عدة محطات منيرة في حياة الفن، كان آخرها وليس الأخير سمبوزيوم ومعرض بعذران السبت في 30 تموز 2022، حيث تفجر بركان الإبداع من سراي بعذران وفاح عطر الجمال في أرجاء الجبل ولبنان".

وقد صرح الفنان المبدع برنار رنو قائلا: "شارك حوالي ٥٦ فنان من كل المناطق اللبنانية، بدعوة من زميلنا الفنان غازي شاذبك الذي أحب أن تكون هذه السنة الدعوة على أوسع نطاق. بدأنا بجولة في المنطقة، انتقلنا بعدها للرسم في منطقة أثرية رائعة، رسمت فيها لوحتي المباشرة رقم ٢٣٠ التي أنجزتها خلال ٤٠ دقيقة أمام المشاهدين، وهي منظر من الطبيعة الخلابة بأسلوبي الخاص. كل فنان شارك بلوحتين إحداهما من رسوماته السابقة والثانية يرسمها مباشرة. عند الساعة الخامسة، عُلّقت اللوحات على جدران القلعة وكان معرضا جميلا بحضور حشد كبير من فعاليات المنطقة وأناسها وعند الختام كُرّم المشاركين بشهادات تقدير".

بدورها الفنانة سهام بشنق، أعربت: "كان يوما رائعا في ربوع بعذران، البلدة الشوفية الجميلة عريقة البناء، ذات الإطلالة الساحرة.4065 فريال فياض

بعد جولة في القرية، توزع الفنانون في باحة سرايا آل جنبلاط وهي قلعة بناها الشيخ بشير جنبلاط فوق آثار رومانية منذ ٦٠٠ عام. خلال السيمبوزيوم، عرضت لوحة واقعية معبرة بعنوان "جنان البوح"، ورسمت لوحة انطباعية في رسم مباشر، كانت عبارة عن مشهد من محمية أرز الشوف، لكونها كانت راعية للحدث إلى جانب منتدى "رؤى وإبداع". أتوجه بجزيل الشكر لكل من ساهم بإنجاح هذا اليوم من بلدية وأهالي وبالأخص رئيس المنتدى الأستاذ غازي شاذبك على المجهود الكبير وحفاوة الإستقبال وكرم الضيافة..".

كما كان هذا رأي الكاتبة والفنانة جومانا أبو مطر صلاح الدين عند سؤالها عن المعرض والسمبوزيوم: "إنه ارخبيل فن تصدح في فضائه الطيور بغبطة وسناء.. شلال جمال يتدفق ألواناً ساحرة من أفكار مبدعة وقلوب محبة للفن والثقافة والجمال. تجولت في فناء سرايا بعذران التاريخية وجلست في ساحة بيت الضيعة ووضعت أمامي لوحتي البيضاء وتأملت المكان والضيعة الوادعة الجميلة بأهلها وموقعها المرتفع على تلال الشوف العريق.. والوارف الظلال بأشجاره الباسقة الغنية بالوقار والجلال والتاريخ العريق بعاداته وأصالته الذي يتحدث عنه أهله بإسهاب..

كنا مجموعة فنانين من عدة مناطق لبنانية نحمل في قلوبنا نبضاً خفياً يقول للفن أهلاً وسهلاً.. وللصداقة ينثر عطراً شذياً فواحاً بالمحبة والإخلاص.. شكراً من القلب لبلدية بعذران ولجمعية محمية أرز الشوف وللمنظم الفنان المبدع الأستاذ غازي شذبك على الدعوة الكريمة والأجواء الفنية..".

و ذكرت الفنانة مهی ابو شقرا: "مشاركتي في المعارض هي رسالتي كفنانة وهدف أعمل علی تحقيقه. بعد الإنقطاع بسبب جائحة كورونا، العودة إلى الرسم هو تأكيد علی الحضور وتعبير عن الذات هو الشغف الذي أعيشه مع الفنانين، لذلك لبيت دعوة الأستاذ غازي ومنتدی "رؤی وإبداع" وأسعدتني هذه الدعوة فهي كباكورة لمشاركات لاحقة تتيح تعميق الثقافة الفنية ونشر هذا الشغف، الرسم هو لغتي التي جذبتني منذ كنت طفلة أشاهد أمي وهي ترسم، أعبر من خلالها عن طاقتي الإيجابية الكامنة في داخلي. كان يوما جميلا، ثقافيا وفنيا بامتياز".

ومن الفنانين المشاركين في هذا النشاط الفنانة ريما عوام التي عبرت: "كان سمبوزيوم ناجح بإدارة الفنان غازي شاذبك رئيس "رؤى وإبداع" في بعذران حيث استُقبلنا بالترحيب والكرم. حضره الفنانين من كل المناطق اللبنانية وكذلك من العراق وسوريا ولفت نظري تواجد سواح من تونس بين المدعوين. رسمت، خلال السمبوزيوم، منظر لمنزل في بعذران بالسكين شاركت فيه بالمعرض بالإضافة إلى لوحة بورتري لشي غيفارا".

وقد اختتم المعرض بتكريم المشاركين وتوزيع الشهادات التقديرية.

***

فريال فياض

 

 

إحتضن البيت الثقافي الروسي فردان _لبنان معرض بعنوان "أمارجي٢" من تنظيم مجموعة ريشة ولون العالمية، وذلك برئاسة الفنان العراقي حيدر اللامي. شارك في المعرض نخبة من الفنانين اللبنانيين، العراقيين، السوريين، والسعوديين الذين تنوعت لوحاتهم ما بين انطباعية، تعبيرية، وتجريدية بتقنيات وأساليب متميزة حملت بصمة كل مبدع نثر ألوانه على قماشة البوح ورسم بريشة الضوء مشاهد حيوية كسرت مرايا المسافات، كما حاكت قصائد تشكيلية للبوح والتلاقي بعشاق الألوان ومتذوقي الفنون. هذه الثقافة الفنية البصرية وماتحمله من قيم جمالية إبداعية تحاكي القلب والعين وتغني المشهد التشكيلي، هي من تعطي للفن مذاقه الخاص الذي يأسر المتلقي ويدعوه للإبحار في عوالم فنية ساحرة مليئة بالدهشة والفرادة.

وبعد جولة في المعرض، كانت لنا مع الفنانين هذه اللقاءات...

رئيس المجموعة الفنان حيدر اللامي:

"مجموعة ريشة ولون العالمية هي طائر حر يحلق في سماء الإبداع، يحمل على أجنحته رسائل ملونة، وينثر السحر والجمال في كل محطة يقف عندها، كذلك يستمد قوته من حضارته،" امارجي" تعني الحرية باللغة السومرية، ونحن بصدد ترك بصمتنا في كل مكان نحط فيه رحالنا".

المديرة التنفيذية هيفاء جواد:

"إنّ "امارجي" عبر عن مدى حرية الفنانين باختيار أعمالهم التي تترجم أفكارهم.. فتارة نجد أنفسنا بعبق حضارة عراقية، وتارة بعبق حضارة لبنانية، وتارة بعبق حضارة سورية،.. فالمعرض إذا ما دل على شيء فإنما يدل على مزيج لوني مشرف وجميل".

الفنانة منى العلي:

"وصلتني دعوة من الصديق الفنان حيدر اللامي، رئيس مجموعة ريشة ولون العالمية، للمشاركة بالمعرض كضيفة شرف، وقد تشرفت بكوني جزءا من هذا التجمع الفني الراقي الذي ضم نخبة من الفنانيين، أسعدني وشرفني أنني كنت من الفائزين بجائزة الإبداع إلى جانب الفنان محمد عباس والفنانة سهام بشنق".

الفنانة سهام بشنق:

"كان لي شرف المشاركة بمعرض "امارجي" بلوحة ناطقة بجمال لبنان، وأنا العاشقة لطبيعة بلادي، وأجد في رسمها متعة لا توصف.. هي منظر من بحيرات فالوغا، رسمتها بالأسلوب الواقعي، تهيبا من التدخل في لمسات الفنان الأكبر، الإله المبدع لهذا الجمال.. ولكم أسعدني أن تنال جائزة الأفضلية في المعرض، مع شكري لمجموعة ريشة ولون العالمية ورئيسها الفنان القدير حيدر علي اللامي على جهودهم البناءة في إذكاء شعلة الفن رغم كل الظروف.. وشكرا لكم على هذه الإضاءة".

الفنانة زينة الخطيب مكارم:

"هدف المعرض تعزيز التعاون الثقافي والتقاء الثقافات، وكان لي شرف المشاركة بلوحة عنوانها" النور والظلمة" هي مزيج بين الألوان الحارة والباردة مما خلق لها التناغم، فالإحساس بالألوان مرتبط بثقافة المشهد والبيئة حيث أعيش، فإذا أمعنّا النظر نرى بيوت القرميد وانعكاس حبات المطر والضباب والوادي العميق فهي بتجريدها اعتمدت على تأثير الأشكال والألوان فقط لأن التجريد هو التعبير عن الأفكار والخيال والمشاعر وليس تقليد للطبيعة وهذا المزيج الحاد بين الظل والنور أعطى انطباعا مفعما بالحيوية والطاقة الإيجابية فبعد الظلمة يأتي النور ليعطي الفرح والبهجة".

هنيئا للفائزين وللفنانين هذا الفيض من الجمال والإبداع وإلی المزيد من التألق.

***

فريال فياض

بيروت – خاص

نحاول أن نتشبث بالمخيلة حتى لو كانت بسعة الظل، حينما نراقب الأمكنة وهي على لائحة الموت، في إنتظار الدفن، ولعل أياً منا سيكون واحداً من إثنين، أحدهما الإحساس بعمق اللوعة حين يفقد المرء وطناً، والآخر سيستمع إلى هذه الحشرجة، كما يستمع إلى مقطع من مسرحية مأساوية لا يلبث أن ينساها بعد لحظات.

تلك المخيلة لم تعد قابلة للحضور كي يستعيد شارع الرشيد وجوده الماضي الجميل، الواقع خلاف الحلم، الشارع يرثي مجده المضاع! لم تعد الأماني وحدها قادرة ان تحيل الشارع الى ممشى للمشاهير في بغداد.

وهي فكرة قائمة جميلة وبسيطة، وعميقة في معناها، نفذتها دول عديدة في العالم، في مالمو من كبريات مدن السويد، أحالوا جسراً للمشاة إلى متحف لأحذية المشاهير من فنانين وأدباء وعلماء، وفي إحدى شوارع هوليود في ولاية لوس أنجلس الأمريكية، بدأت فكرة الممشى (walk of fam) عام 1959لمشاهير النجوم في السينما والموسيقي والادب والعلوم، بتثبيت نجمة خماسية على الارض تحمل إسم الشهير، منها على سبيل المثال الممثل شارلي شابلن، ورواد الفضاء الذين وطأت أقدامهم أرض القمر، ومحمد علي كلاي، الذي رفض أن توضع نجمته على الأرض، لئلا يطىء المارة اسم (محمد)، واحتراماً لرغبته وضعت نجمته على حائط مسرح كوداك، وهناك نجوم خصصت لشخصيات متخيلة، على غرار(ميكي ماوس)، وفرقة الروك.

الممشى تحول الى معلم سياحي مهم في هوليود، ووفر موارد مالية كبيرة لإدارة المدينة، ولا سبيل للمقارنة حقاً بين مدننا ومدن أخرى تأخذك الى دنيا تمر بها كالحلم... توحي لك بالمعاني كما يوحي لك الشعر.

يبدو لي للأسف الشديد ان مدننا تجهر عن نفسها انها مدن بلا ماضٍ، تريد أن تأخذ معها أعمارنا، فكلما أمعنّا في المراجعة إستطعنا أن  نتلمس قدرة الإنسان العراقي على تحويل الأماكن إلى رموز، ما الذي جرى إذاً.؟4019 ممشى المشاهير

شارع الرشيد كان طقساً من الطقوس المقدسة يمارسه البغداديون في خمسينات وستينات القرن الماضي، بتوازٍ تام مع طبيعة الحياة، وتجاسد صاف وتواصل روحي حميم، كان الشارع شرياناً من الشرايين المتدفقة النابضة بالجمال، في مرحلة شهدت التجديد وبدايات التنوير في العراق.

أحسب أن دهشة هذا الجيل وما بعده ستتضاعف لو علموا ان (أم كلثوم) غنت في مقهى (البلدية) الكائنة في الميدان، في ثلاثينيات القرن الماضي (المكان الآن خرابة للنفايات)، وكان الشعراء الزهاوي والرصافي والجواهري، يعبرون عن اللحظات الباهرة التي ولدت في الشارع، من الصعب ان نتصور على وجه الدقة لماذا إختار الملوك والباشوات والزعماء في العهدين الملكي والجمهوري، الحلاق الشهير في الرشيد حكمت الحلي الأنيق المهذب، غير تلك الصحبة الأنيسة الحانية في قص الشعر وتزيين الوجوه، التي دعت نوري السعيد وعبد الكريم قاسم ان يكونا من اصدقاء الحلي، لا يخفون عطشهم لشربت (حجي زبالة)، مع كعك السيد، ما الذي دعا الشاعر الغنائي  أحمد رامي القادم من وادي النيل، ليغرم بغناء محمد الگبنجي والمقام العراقي، وحين أراد أن يعلن عن هذا الحب، لم يستطع تحرير العاطفة، إلا بذاك الحوار من الصدق والعفوية مع الموسيقى والغناء دون خيلاء أو إدعاء، في حفل أقيم لضيوف مؤتمر الأدباء العرب في بغداد عام ١٩٦٤.

شارع الرشيد يؤرقه ماضيه حين يصحو، كلما داهم الحزن هاجسه، فيستفيق تطوف به الخيالات، مخضلة بإرتعاش الجراح، وحده يسكنه القلق كلما مرّ من أمام مقهى البرازيلية، أو مقهى البرلمان، أو عارف أغا، تتهادى مشيته أمام ستوديوهات التصوير، لعبد الرحمن محمد عارف وآرشاك، وانتران، يتراخى يبحث عن مقعد فارغ في مطعم عمو الياس، بعد إحتساء نبيذ الحياة في مطعم شريف وحداد، تختلج مدامعه خائفة حين لايرى أثراً للغائب طعمة فرمان وأبطال روايته (خمسة أصوات)، هناك في الزوايا اشباح لحسين مردان، والبياتي والسياب، وجواد سليم ومحمود صبري، ونزار عباس والونداوي.....

وحده. ينفق الليل، تؤنسه صالات السينما (الرويال، الحمراء، الوطني، ريكس، روكسي، الخيام، علاء الدين) يطوف به الحنين لثغور الصبايا في واجهات السينما، قيل انك يا سعاد حسني -زمزم - تسقين العطاشى، سأبحث عن حلمي وهواي في صورة الشحرورة المغنية صباح وهي تصهل من أعالي آثار بعلبك في لبنان.

أبارك فيك يا شارع الرشيد، هل فكرت في موعد لنا باللقاء؟ سأتحدث لك عن الطابوق الذي إنهال على رؤوسنا من أعالي مبانيك في عهد الزعيم، واعود إلى ذاك الزمن المنتفض مع متظاهري تشرين وكانون، لي حقوق عليك وانت تقاوم تاريخاً، كان الزمن المرّ يعاكسك، لكنك تبقى نقيض الموت، ونقيض اليأس، قد يطول المدى ويجيء الردى، والذي كنت تحذره قد حصل، أن تتحول إلى مدائن موحشة!! فإختر الآن أي المقادير شئت، أسوأها ان تكون جثة مهملة.

هب لي قبل ذلك ضوءاً من قناديل (اورزدي باك)، وحكمةً من مكتبة(مكنزي)، وكِسرةً من خبز باب الآغا، وموعد اللقاء قرب جامع مرجان، أو بيت الخضيري، وإن شئت عند أطلال (خان النبگة)، الذي إستباحوه وأحالوه إلى ركام، وهو المصنف ضمن الآثار المحمية في بغداد.

أما زلت تحلم ان ترصّع  ممراتك وزواياك بنجوم لمشاهيرك؟ كلهم مرّوا بشناشيلك وظلاك، حتى حسون الامريكي كان يرى فيك سبيلاً لمجد الحياة.

لم يعد ذلك بالإمكان يا شارع الرشيد، بعد أن صرت ما يشبه سراب صيف قائظ، ها أنت نحسٌ في الغروب، تلبس جلابيب الشحوب، أراك دامع العين تبكي مثل طفل، ليتها وفت لنا الأيام ما كنا إنتظرناه طويلاً، ضيعونا مثل قبضة رمل في التراب، سرقونا!! ماالذي تكتبه الآن ياشارع الرشيد الحزين؟؟ كل الذين عرفت مضوا، كن كما شئت وإختصر المسألة.

***

جمال العتّابي

 

في برلمان ولاية  نيو ساوث ويلز برعاية وزارة الثقافة - لبنان

نهار الجمعة الواقع فيه ١٥ تموز لعام ٢٠٢٢، أقامت جمعية إنماء الشعر والتراث حفل في برلمان الولاية في نيو ساوث ويلز لتكريم الشاعرين شربل كاملة وسهيل صقر برعاية وزارة الثقافة لبنان، والسيناتور شوكت مسلماني عضو المجلس التشريعي الأعلى.

ابتداء الحفل بالنشيدين الاسترالي واللبناني، وتزين بحضور وزيرة الظل للرياضة والشباب النائب جوليا فين، وسعادة سفير المملكة الاردنية الهاشمية في استراليا الدكتور علي كريشان ممثلاً بالسيد ماهر ماكابلا والسيد محمد نويران، وسعادة سفير دولة فلسطين السيد عزت عبد الهادي ممثلاً بالسيد عيس الشاويش، وسيادة المطران مار ملاطيوس ملكي راعي أبرشية أستراليا ونيوزيلندا للسريان الأرثوذكس السامي الاحترام ممثلاً بالأب نبيل كابلو، ونيافة الأنبا دانيال مطران الأقباط الأرثوذكس في سيدني وتوابعها ممثلاً بالأب يوسف فانوس، وسيادة المطران أنطوان شربل طربيه راعي الأبرشيّة المارونيّة في أستراليا ونيوزيلاندا وتوابعهما السامي الاحترام ممثلاً بالأب حنا البطي، وسيادة المطران باسيليوس قدسية راعي أبرشية استراليا ونيوزيلندا والفليبين وتوابعهم للروم الأرثوذكس السامي الاحترام ممثلاً بالارشمندريت المحامي افرام عباسي، ورئيس دير مار شربل الدكتور شربل عبود السامي الاحترام ممثلاً بالأب حنا البطي، والشيخ بايام جيزان من الطائفة المندائية، واعضاء الاتحاد العائلي للسلام العالمي في أستراليا، وجمعية هيميانا المندائية الممثلة برئيستها السيدة شهلا خميس وبعض الاعضاء، وجمعية الاسرة الاردنية الممثلة برئيسها السيد جرمان المعيت وبعض الاعضاء، والصالون الثقافي في منتدى الجامعيين العراقي والاسترالي الممثل برئيسه الشاعر والصحافي السيد وديع شامخ وبعض الاعضاء، والجمعية الدرزية الاسترالية الممثلة برئيسها السيد زاهي علامه وبعض الاعضاء، واعضاء من جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، والمنتدى الاسترالي المصري، والبروفيسور رفعت عبيد، والشعراء الاجلاء الشاعر المحامي الدكتور مروان كساب، والشاعر والاديب شربل بعيني، والشاعر طوني رزق، والشاعر  عباس مراد، والشاعر غسان المنجد، والشاعر فوزي جبارات، ورؤساء جمعيات ثقافية، واجتماعية، وأحزاب سياسية، وكبار الشخصيات الأسترالية واللبنانية والعراقية والمصرية والفلسطينية. هذا وحضر المناسبة ممثلو الإعلام المسموع، والمقروء والمرئي وجمع من مثقفي الجاليات العربية من لبنانيين، وعراقيين، ومصريين، وفلسطينيين، وأردنيين، وسودانيين، وسوريين.3984 بهية بوحمد

 قدم الاحتفال السيدة فرح عصافيري التي رحبت بالحضور وشكرت السيناتور والنائب شوكت مسلماني، ووزارة الثقافة في لبنان على هذا الحدث المهم، وشكرت ايضاً المحامية الدكتورة بهية أبو حمد، سفيرة السلام العالمي، على الجهود التي تبذلها لتكريم أصحاب المواهب والعطاءات المميزة كالأكاديميين، والشعراء، والمؤلفين، والفنانين، والصحفيين، وغيرهم ممن تركوا أثراً خالداً في التراث، والعلم والثقافة.

رحب السيناتور شوكت مسلماني بالحضور  وبالشعراء المكرمين، وشكر وزارة الثقافة في لبنان، والدكتورة أبو حمد، واثنى على جهودها وعملها الدؤوب في تكريم الشعراء والمثقفين، وأشاد بالنشاط المستمر الذي تقوم به لإقامة مثل هذه المناسبات الأدبية لأصحاب المواهب الخلاقة. وتحدث عن أهمية المناسبة ثم كرم الشاعرين كامله وصقر بهدية تذكارية تحمل رسم البرلمان الاسترالي.

وتوجه معالي وزير الثقافة في لبنان القاضي محمد وسام عدنان المرتضى بكلمة مسجلة على الفيديو الى الحضور والشعراء المكرمين واثنى على جهود الحكومة الاسترالية والدكتورة ابو حمد في تكريم المثقفين وتحدث عن تاريخ الزجل الذي ترك بصمة في تراث لبنان، واهميته، ومسيرة الشعراء على مدى السنين، ومبايعتهم للزجل بين لبنان استراليا، وهناء الشاعرين كامله وصقر على التكريم.3985 بهية بوحمد

ثم قرأ ت السيدة فرح عصافيري رسائل تهنئة وتقدير من اعضاء البرلمان الاسترالي الواردة اسماؤهم ادناه:

1) معالي وزير التعددية الثقافية، ومعالي وزير المسنين السيد مارك جوزيف كور.

2) نائب منطقة كاسل هيلز، والوزير السابق للتعددية التعددية الثقافية وخدمات للمعاقين السيد راي ويليامز.

3) سيادة المطران مار ملاطيوس ملكي راعي أبرشية أستراليا ونيوزيلندا للسريان الأرثوذكس السامي الاحترام

تحدثت ابو حمد بثلاث لغات بالانكليزية والفرنسية والعربية عن اهمية المناسبة، وشكرت الحكومة الاسترالية والبرلمان الاسترالي على افساح المجال لها ولوزارة الثقافة لبنان ولجمعية انماء الشعر والتراث لتكريم الشعراء والمبدعين. وشكرت معالي وزير الثقافة القاضي محمد المرتضى ومساعده سعادة القاضي نجيب براك على رعاية الحفل وعلى تعاونهما واهتمامهما بتكريم الشعراء. كما وشكرت ابو حمد نقابة شعراء الزجل في لبنان والممثلة بالنقبب الشاعر جورج ابو انطون على جهودهما الجبارة لدعم الشعراء والزجل.

واشاد نقيب شعراء الزجل في لبنان النقيب جورج ابو انطون بشعر مؤثر ومسجل عل الفيديو الى الحضور والشعراء المكرمين والدكتورة ابو حمد نال اعجاب الجميع، كما وارسل الشاعر ابو انطون رسالة تهنئة وتقدير باللغة الانكليزية للحكومة الاسترالية، ووزارة الثقافة لبنان، والشاعرين كامله وصقر، وجمعية انماء الشعر والتراث، والدكتورة ابو حمد واثنى على جهودهم البناءة لدعم الشعراء والزجل والمبدعين وأصحاب المواهب.3986 بهية بوحمد

والقى البروفسور رفعت عبيد بكلمة مؤثرة اثنى بها على جهود جمعية انماء الشعر والتراث والدكتورة

ابو حمد في تكريم الشعراء والمبدعين، واعطى ملخصاً عن الاحتفالات التي اقيمت لهذا الهدف، والجهود والعطاء على مدى السنين كٌرِّمَ خلالها العديد منهم. 

واشاد كل من الشعراء الاجلاء: الشاعر المحامي الدكتور مروان كساب بقصيدة زجلية رائعة وغزيرة الصور شنفت الاذان. الشاعر والاديب شربل بعيني بشعر فصيح نقلنا الى ربوع لبنان الجميلة. الشاعر طوني رزق الهب بشعره الرقيق قلوب المستمعين. الشاعر فوزي جبارات بشعر فصيح اشاد بالمكرمين ونقلنا الى ربوع الاردن. الشاعر السيد وديع شامخ بشعر فصيح وشعبي عراقي نال إعجاب الحاضرين.

جرى تقليد الشاعرين شربل كاملة وسهيل صقر بدروع تقليدية من قبل الحكومة الاسترالية، ونائب منطقة مانت درويت السيد ادمون عطالله، وسفير دولة فلسطين، ونيافة الأنبا دانيال، وسيادة المطران مار ملاطيوس ملكي، ورئيس دير مار شربل الدكتور شربل عبود السامي، وراعي الكنيسة الارمنية في استراليا المونسينور باسيل سوسانيان، ورئيس الاتحاد العائلي للسلام العالمي في أستراليا، وجمعية هيميانا المندائية، ونقابة شعراء الزجل في لبنان، ووزارة الثقافة في لبنان، وجمعية إنماء الشعر والتراث.

واعتبرت المحامية ابو حمد، في بيان، ان "هذه المناسبة أضافت رونقاً تراثياً زجلياً في أستراليا والعالم العربي، خصوصا انها تهدف لتكريم ارزتين شامختين من لبنان، وهامتين زجليتين، تقديراً لإنجازاتهم المميزة في الشعر، وسيتم تقديم مذكرة برلمانية بهذه المناسبة النبيلة" وبدورها شكرت الجميع.

***

"الرصاصة (العيار) اللي ما تصيب تدوش".. مثل عربي

اشهر نصب لمسدس في العالم المكنى بنصب (لا للعنف). رفض نصبه في البلد الاصلي الذي ينتمي اليه النحات كارل فريدريك رويترسفيرت  (1934 - 2016)،  فغزى هذا النصب اليوم ساحات مدن جميع انحاء العالم وطبعا وطنه الاصلي كذلك.

الكل يعرف مقولة: رب رمية دون رام.

التاريخ الانساني مليئ بحوادث لا نجد دوما سببا معقولا لحدوثها. كان هناك قوى غير مرئية من ما وراء الطبيعة تتحكم بها. الحوادث ليست مطلقة ولا نسبية وهي ليست مبهمة كذلك لكنها قد تغير مجرى التاريخ. قد يكون هناك علاقة بين الحادثة ولقاء شخصين في زمن معين ومكان محدد دون اي سابق معرفة او تخطيط.

الروليت الروسي لعب بالنار قد يؤدي الى انتخار الاعب اثناء اللعبة. تعتمد على الرصاصة الطائشة. مفهوم اللعبة تاتي من وضع رصاصة واحدة في مخزن السلاح (الشاجور الدوار) اليدوي اي المسدس (ذو الست رصاصات) من نوع (مالكوم) الشهير. هذا المسدس نراه على الاكثر في افلام الكابوي (رعاة البقر) وما يسمى افلام الغرب المتوحش. عرفت اخيرا ان العديد من تلك الافلام صورت في مدينة الميرة الاسبانية والتي فيها مناطق شبه صحراوية (يعتقد الناس بانه لا يوجد صحراء في القارة الاوربية) وقد تم بناء قرى باكملها على طريقة العمارة الامريكية البيوت الخشبية في الافلام الكابوي (رعاة البقر) وتحولت المنطقة الى مزار للسواح. لا يزال يصور هناك الافلام الى يومنا هذا. خاصة ما كان يسمى ب(افلام اسباكيتي كابوي) وكان معظم الممثلين من الطليان والاسبان.

3950 توفيق

صورة جدارية من متحف المرية، الاندلس

اما في مملكة السويد فهناك قرية سياحية (هاي شبرال) بني على نفس النمط (النمط الريفي الامريكي القديم) يزورها السياح مع اطفالهم كي يعيشوا في اجواء الغرب الامريكي. يؤدي الممثلين المحلين الادوار الشخصيات المشهورة والتي شاهدناهم في بعض افلام الكابوي

3951 توفيق

ملصق دعائي للقرية هاي شبرال السويد

الهدف من اللعبة اي الروليت الروسي هي ان يظهر الاعب اعلى درجات الجسارة والشجاعة اي لا يخاف حتى من الموت. استخدمت اللعبة في العديد من افلام هوليود الامريكية. السياسة الدولية اليوم يشبه كثيرا هذه اللعبة (القذرة) التي يرهب الاعب والمتفرج معا في نفس الوقت. العديد من الدول استخدمت هذه الرصاصة في لعبة الحرب والسياسة وكانت النتيجة دوما الخسارة كتلك الطلقة الطائشة تحيد من مسارها الطبيعي وتستقر في قلب احد الضحايا. كمن يقول (رب رمية من دون رام) هذه الطلقة الطائشة في العلوم العسكرية اجريت كتجربة على  100 اطلاقة مدفع اطلقت تحت نفس الضروف والاسلوب والمدفع نفسه. الا ان دوما احدى طلقاتها تحيد عن مسارها. وتلك الرصاصة الطائشة  كانت سببا لاشعال الحرب العالمية الاولى حين اطلق صربيا قوميا الرصاص على ولي عهد النمسا فرانس فرندينارد.

مخلص الكلام، هذه اللعبة تشبه مبدا الاحتلال في نتائجه السلبية على الظالم المعتدي، على الضحية البريئ وعلى المتفرج الذي ليس له (لا ناقة ولا جمل).

كنت قد كتبت كلمة (الإمبريالية الروسية) كمصطلح جديد في القاموس السياسي المعاصر في احدى مداخلاتي وطبعا استهزء بها البعض فيما قدم اخرون تعريفا لكلمة (الإمبريالية) لتوضيح الامر على انها اعلى درجات الرسمالية. اعادة امجاد الماضي حلم القوميين في كل زمان ومكان.

كنت مع زوجتي في زيارة قصيرة الى مدينة (مالمو) نهاية العام الماضي. المدينة تقع في جنوب مملكة السويد وتربطها عبر بحر البلطيق جسر جميل مع عاصمة الدنمارك، كوبنهاجن .إحدى صديقات زوجتي مشكورة، حجزت لنا في فندق وسط المدينة غرفة جميلة تطل على المحطة المركزية في المدينة. مدينة احببتها ودرست في جامعتها كباحث قبل أن أحال على التقاعد.

وكنت قد حللت في هذه المحطة لاجئ  قبل ٣٥ عاما. ولا زلت أتذكر شكل البناية القديمة، رغم التغيرات الكبيرة التي أجريت عليها من تكبير البناية وتحديثها.

نزلنا في هذا الفندق وفجأة وانا ادقق في اللوحة النحاسية في بهو الفندق والتي خط عليها أسماء المشاهير  والشخصيات من نزلاء الفندق عبر التاريخ ومنذ تأسيسها قبل الحرب العالمية الاولى. إذ بي ارى بين اسماء تلك الشخصيات من أمراء وفنانين وسياسيين والذي جلب انتباهي هذا الاسم بالذات لينين (فلادمير اتش لينين) الذي كان يوما ما أحد نزلاء هذا الفندق الجميل مع ثلاثين من رفاقة في طريقهم من  منفاهم زيورخ في سويسرا وعبر المانيا النازية والسويد وفلندا وصولا الى سانت بطرسبورغ

3952 توفيق

الصورة من المتحف الروسي في ملقا، الأندلس

هذا  الاسم بالذات غير تاريخ العالم باسره منذ ثورة 1917 وانهيار روسيا القيصرية ومن ثم تاسيس الإتحاد السوفيتي  عام 1922 و"الايام العشرة التي هزت العالم" وكاد لينين أن يموت غرقا في الحدود وفي إحدى بحيرات شمال السويد أو فنلندا وربما كانت تلك الحادثة حافزا له بعد سنوات حين آثر عدم إحتلال فنلندا حتى بعد حربه معها ويمكننا ان نشاهد آثار الحرب قائمة لحد يومنا هذا في الحدود مع روسيا وبذلك أصبحت جمهورية فنلندا دولة مستقلة. اليوم تغيرت الصورة ف (لو) ها هنا حرف شرط غير جازم يفيد التعليق في الماضي أو المستقبل ، فرضنا انه غرق في تلك الحادثة  وكانت البحيرة كالرصاصة الطائشة لكنا راينا عالما اخر غير هذا ما نحن عليه اليوم. الغريب ان التاريخ مليئ بتلك الحوادث التي كان من الممكن ان تغير مجراها. العراق شهد عملية اغتيال زعيمها عبد الكريم قاسم عام 1959 وكان بين المجرمين القتلة اسماء غيرت لاحقا تاريخ العراق المعاصر واتوا بالماسي على الشعب العراقي وجيرانهم. لكن سياسة الزعيم وتطبيقه مبدا " عفا الله عما سلف" كان السبب المباشر لعدم تنفيذ القصاص بحق هؤلاء المجرمين. اللذين وصلوا الى الحكم لاحقا وعاثوا فسادا في الارض.  الشيئ نفسه يمكن قوله بالنسبة للدكتاتور ادولف هتلر الذي اصابه رصاصة في الحرب العالمية الاولى ولم تستقر في قلبه ليخلص الانسانية من شروره. والقائمة طويلة بين اشخاص نجوا من الموت ولكنهم تحولوا لاحقا الى اشرار وطغاة نشروا الموت والعنف.

3953 توفيق

اللوحة التي تزين مدخل احد الفنادق وعليها اسماء شخصيات غيرت التاريخ.

العالم في تغير مستمر ومن يعتقد اليوم ان هناك ولو ظل من أفكار لينين في القيادة الروسية الحالية فهم في وهم كبير ويعيشون في الماضي. روسيا اليوم دولة رأسمالية ، امبريالية بكل المقايس  كما عليه القوميين الحالمين بمجد ماضيهم التليد حين كانوا امبراطوريات تسعبد الشعوب.

اعود الى الوقت الحاضر لاذكر للقارئ الكريم ان بعض ما جرى في الماضي نرى آثاره في المستقبل وتلك دورة زمنية ومكانية تنطلق ثم تعود الى نفس النقطة والاي بدات كنها (اعادة وتدوير).

الحرب إحدى تلك الدورات حتى لو عاد ك"  كوميديا ".

التاريخ مليئ بالامثلة فيما يخص احتلال جيش لاراضي دولة ثم تاتي الخسارة بعد نشوة النصر القصيرة. لو عدنا الى صفحات التاريخ نرى حتى شعوبا هاجمت واحتلت دولا ثم ذابت الشعوب الغازية  وانصهرت بين ظهراني تلك الشعوب واختفت تماما من الوجود. صفحات التاريخ مليئة بتلك الحوادث.  الاندلس والحكم الاموي فيها لم يكن ليتم لولا نجاة عبد الرحمن ابن معاوية من بطش العباسيين اللذين قتلوا

جميع الأمراء من الامويين. صقر القريش الذي يكنى به هذا الانير مثل (الطلقة الطائشة) الذي حكم في الثكقرة الاوربية. انظر الى بلاد الرافدين وكم من مرة احتلت ولم يبقى من المعتدي اليوم اي اثر. لا بل انظر الى مصر وتاريخ الاحتلال للمصرين. ربما الاهرمات التي تعتبر احد العجائب السبع للعالم القديم الشاهد الوحيد  الذي لا يزيلة الزمن والحروب وتبقى شاخصا ودليل على فناء الاحياء جميعا وبقاء التراب والحجر وشعب وثقافة الشعب المصري العريق

3954 توفيق

الاستثناء الوحيد (الطلقة الطائشة) بين جمع يؤدي التحية النازية

المشكلة كما اسلفت ان بعض القذائف الطائشة تؤدي لحدوث امور غير متوقعة في مكان ما. كما هي في ظاهرة حركة الفراشات في غابات الامازون الاستوائية التي تؤدي طيرانها الدائري الى حدوث فراغات هوائية في الجو تؤدي لاحقا الى عواصف واضطرابات في الغلاف الجوي نتيجتها قتل الالاف وخراب مدن باكملها في الولايات المتحدة مثلا. هذا حال العالم اليوم فالجسد واحد حيث يحدث مجاعة في مصر اذا جرى الحرب في اوربا مثلا. نعيش اليوم  في عالم العولمة التي يسميها البعض (القرية الكونية) عالم تحول فية الدنيا الى (اسنان المشط) اي ناكل ونلبس نفس الماكل والملبس ونفس الماركات (العلامات التجارية) ونستخدم نفس الاجهزة بل نغني نفس اللحن وقريبا سنتحدث بلغة مشتركة ونتواصل عبر الانترنت حيث المسافات والوقت تساوي صفرا حيث نرى مجرى الحوادث حال حدوثها اينما كنا حتى على القمر.

اما تلك الرصاصة الطائشة ك(الطفرة الوراثية عند البشر) التي تطلق من مكان ما وعن طريق اوامر غبي جاهل بالتاريخ ومساراتها المتعرجة وهو بنفسه وبالتاكيد منتوج سيئ لمجتمعات الجاهلة صانعة الغباء التي تنتج الطغاة.

اطلاقة المدفع الطائشة لها قصة طريفة كان استاذي للغة الالمانية (شبرينغر) قبل اكثر من اربعين عاما في النمسا يرددها على اسماع الطلبة الاجانب اللذين ينوون الدراسة في الجامعة ولكنهم في السنة التحضيرية. تلك القصة الطريفة ذو المغزى الاستهزائي عن تلك القذيفة الطائشة التي اطلقها النمساوين على مقر الحامية العثمانية في المدينة واستقرت طعبعا حسب روايتهم على الطاولة التي كان قائد الحامية يتناول غذاءه. كنت امر من امام البناية كلما ذهبت الى اعدادية كيبلر في الجهة الاخرى من نهر مور . هذا الزقاق يقع في المدينة القديمة والمسماة سبور كاسه. في هذه البناية يشاهد جنديا عثمانيا وقد خرج بنصف جسده من الشباك ليرى من اين جاءت تلك القذيفة.

3955 توفيق

هذا ما سوف تشاهده وانت تمر من امام مقر الحامية العثمانية في مدينة كراتس النمساوية

نعم تلك القذيفة (الفاشوش اي حكم الغبي)  الطائشة تاتي بنتائج سلبية على الجميع ويحرق الاخضر واليابس كما فعل الدكتاتور النازي ادولف هتلر وامثاله وما اكثرهم في كل الازمان . اينما تولوا وجهوكم واينما كنتم حتى على سطح القمر سيكونون هناك امثالهم.

***

د. توفيق آلتونجي

2022

ضيف اتحاد ادباء كربلاء يوم السبت 25-6-2022 وعند الساعة السادسة مساء الشاعر العراقي المغترب سامي العامري الذي استوطن بلاد الجرمان منذ عام 1986 وقد افتتحها الشاعر سلام البناي رئيس الاتحاد مرحبا بالشاعر العامري وبالحضور جميعا من ثم طلب مني ان ادير الجلسة وأنادي على الشاعر أن يجلس بجابني واقدمه للحاضرين من الشعراء والكتاب وجمع غفير من المثقفين والشعراء الذين لبوا الدعوة لحضور الامسية حتى امتلأت القاعة بالحاضرين وانا هنا اوجه الشكر الجزيل لكل من حضر من اعضاء اتحاد ادباء كربلاء والاخوة الذين جاءوا من بابل، الشاعر كامل الدليمي والشاعر علي حميد الحمداني، ومن الاسكندرية الشاعر ابراهيم الجنابي والشاعر عمران العبيدي والشاعر سالم سالم حميد ومن الناصرية الباحث والمؤرخ صباح محسن كاظم كما تلقيت عدة رسائل من اصدقاء من الجزائر والمغرب وفلسطين والمانيا وكندا وروسيا ولبنان يباركون هذه المبادرة والاحتفاء بالعامري، وبعد ترحيبي الحار بالشاعر العامري ومرافقيه (ابن عمه كاظم العامري والشاعر علي الزاغيني).3890 سامي العامري

قلت: احبتي واعزائي شعراءنا وكتببنا المحترمين، يسرني ويسعدني ان ادير هذه الامسية التي نحتفي بها بواحد من شعراء العراق المهاجرين المهمين والذي لم يُسلط عليه الاعلام ولم يتناول تجربته الابداعية من النقاد الا ما ندر، سامي العامري هو شاعر عراقي مقيم في ألمانيا، تولُّد بغداد في 27 – 4 - 1960 في قرية أبو غريب غربي بغداد. درس في معهد الإدارة والاقتصاد ولم يتمَّ دراستهُ بسبب ظروف الحرب، سنحت له فرصة عبور الحدود الى إيران عام 1984 واقام في هذا البلد لمدة عامين ثم غادر الى دمشق وبعد ذلك رحل الى المانيا عام 1986 واستقر في هذا البلد منذ ذلك الحين ولحد الان.

من اصداراته:

السكسفون المجنح مجموعة شعرية دار سنابل القاهرة 2004

كما صدرت الطبعة الثانية لنفس المجموعة عام 2010.

في العام نفسه، عام ٢٠١٠ صدرت له ثلاث مجموعات شعرية أخرى كُتبت على مراحل متفرقة وهي كالتالي:

- أعراض حفاوتي بالزنبق - مجموعة شعرية - دار سندباد - القاهرة

- العالَم يحتفل بافتتاح جروحي - مجموعة شعرية - مؤسسة شمس للطباعة والنشر - القاهرة 2010

- أستميحك وردا3895 سامي العامري

وأيضا مجموعة قصصية بعنوان النهر الاول قبل الميلاد. وكذلك رواية مكتوبة بلغة حديثة تحت عنوان : حديث ربة الشفاء صدرت عن دار الحضارة العربية – القاهرة كما أن له مجموعتين شعريتين قادمتين تحملان

1- اوقات من يواقيت

2- آناء الليلك وأطراف الجلنار .......

وكتاب شعري آخر باللغة الالمانية يحمل عنوان:

(قلادة من جزر) Halsketteaus Insln

لم يسبق لي ان التقيت بالعامري من قبل ولكننا كنا نلتقي في كل مساء عبر النت سواء في المواقع الالكترونية المختلفة كالمثقف وغيره او عبر الماسنجر وابدأ كالعادة اسمطه بماء مغلي اهلط به جلده هلطا حتى يصرخ من فوره: كنانويه سأنتف ريشك صدقني، لكنه سرعان ما يتراجع ويقول كنانويه امهلني اصعد الى السطح لأرى النجوم كيف تغمز لي فعندها أعلم أنه حلّق في جنونه واعتلى صهوة القصيدة، فالعامري شاعر سهل العبارة ومفرداته مختارة بعناية حتى لتظن انك تقدر تكتب مثل ما يكتب او تقول مثل ما يقول لكنك لا تستطيع وهذا هو السهل الممتنع، وبينما كنت اتحدث عنه كان هو ينظر الي مبتسما ويتصبب عرقا، فقلتُ ما بك؟ قال شدة سمطك آلمتني ومن جراء ذلك تهرأ جلدي وضحكنا، بعد ذلك طلبت منه ان يسمعنا ما احضر لنا من شعر فاختار ما طاب له من قصائده التي القاها على مسامع الحاضرين بطريقته النعناعية وبحركاته التي كانت تماثل تماما صور القصيدة . فقرأ عدة قصائد نالت اعجاب الحاضرين.3894 سامي العامري

وقد قدم الدكتور عمار الياسري شهادة بحق كتاب العامري الموسوم (النهر الاول قبل الميلاد).

وكذلك قال فيه الشاعر عبد الحسين خلف الدعمي قولا جميلا في مداخلته (سامي العامري شاعر تأملي).

 بينما الشاعر علي حسين الخباز قال عنه: لقد كتبت دراسة مستفيضة عن الشاعر سامي العامري عام 2011 ونشرتها في مركز النور وختم حديثه بالترحيب بالعامري بين اصدقائه في اتحاد ادباء كربلاء.

كما شارك من الناصرية المؤرخ والناقد صباح محسن كاظم بقراءة نقدية عن شاعرية العامري بالقول: مساء الورد لجميع الحضور ونحن نحتفي بصاحب أستميحك وردا ..الشاعر الذي يعبر بنصوصه عن عبق وضوع وأريج الورد رغم الإغتراب، والتشظي بين مكانين (الوطن -الغربة) لكن بقي شاعرنا الذي أسميته الحكيم الصوفي الشفيف وهو يمتح من الألم الرافديني بسبب الهجرة من الدكتاتورية التي جعلت الذاكرة مسكونه بالأمكنة والإرتباط المشيمي، عرفته للوهلة الأولى من مركز النور و موقع المثقف في ٢٠٠٧ حيث كنا نتبارى لرؤية نصوصه ..الحدسية ..العرفانية3891 العامري وصباج كاظم

الصوفية بشفافية قلب ينبض بحبه رغم ألمه وفراقه ..شكل مع حبيبنا يحيى السماوي ونخبة من شعراء الداخل حزمة ثقافية تربطهم أواصر الوعي والحكمة ..شاعر منحاز للمعنى، شاعر منحاز لجدوى الشعر، كتبت عنه بموسوعة فنارات في الثقافة العراقية والعربية -دراسات نقدية صدر في ٢ ٢٠١ نشرت قبلها بسنوات بالنور، وأتيت من الناصرية مدينة الشعر لأهديه نسخته التي إحتفظت بها لسنوات بوعده زيارة العراق ..قراءة وصفية لشعر سامي العامري في إغترابه، بالطبع خلال العشرة أعوام ظهرت عدة مدارس نقدية مابعد الكولونيالية تتمثل بالمنهج التكاملي الإجرائي،أو النظرية الذرائعية بالنقد لعبد الرزاق الغالبي، في ١٢ صفحة إستطعت تلمس شعرية المغترب سامي العامري ولا يمكن قراءة ذلك بالأمسية لفسح المجالات للأوراق النقدية الأخرى.....

اما علي لفته سعيد الذي اطلع على مجموعته الشعرية (استميحكِ وردا) قد قال في مداخلته: يتمتع سامي العامري بخصوبة عالية في كتابة قصيدة التفعيلة.. نعم هو ينبته الى القافية والوزن لكن كمية الشعر فيها كبيرة لأنه يبحث عن فكرة لا يبحث عن مفردات مموسقة.. وهو ايضا يحاول ان يكون فاعلا في غربته من خلال الشعر.. خاصة وان المعرفة الشخصية به كشاعر مغترب تجعل المتلقي يذهب مباشرة الى موضوعة الحنين.. ولهذا فان القصيدة لديه ما بين العرفانية والفلسفة مثلما ما بين اليومي والمباشر.. ولهذا فان الشعر لديه رسالة داخلية بالعامري .3892 علي لفته وسامي العامري

أما الشاعر علي حميد الحمداني فقد كتب قائلا (العامري كان تلقائيا جدا وطفلا مدهشا ومندهشا يجلس ازاء جمهور مثقف بثقافة مشوشة زرعتها ظروفنا الداخلية في قناعاتنا فأصبحنا نعتقد ان الظاهرة الصوتية لا بد أن تكون احدى ادوات الشاعر.. لكن سامي العامري عكس الصورة واعادنا ٤٠ عاما في عمق ذاكرتنا حيث كانت الكلمة هي الاساس..

لقد ابكاني العامري في قصيدته الاخيرة (اوصيك يا جرحي) ولمس عصبا حيويا مؤلما في ذواتنا واعاد الينا بعض انسانيتنا التي اختبأت خائفةً منا ومن جبروت لا مبالاتنا.. سامي العامري فيلسوف يقف بنصوصه على طرف نقيض من فلسفة (تفاهة الشر) التي استشرت فينا كمجتمع لذلك احسسنا به غريبا بيننا رغم ان سامي العامري هو نسختنا البريئة قبل نصف قرن.

شكرا لك لأنك احضرته وحين احضرته أحضرت معك ذواتنا المفقودة منذ عقود).

وفي الختام قدم الشاعر علي حسين الخباز شهادة تقديرية للشاعر العامري.

3893 سامي العامري

حمودي الكناني – قاص وشاعر

 

في حفل مميّز وبحضور شخصيات ثقافية، سياسية وإجتماعية، عشاق الشعر والصحافة العربية في سدني وقع الكاتب عباس علي مراد كتابه الثالث "حين تتعرى الجهات" وذلك مساء الأحد في 3/7/2022 في قاعة بلدية باي صايد في روكديل.

عرف الحفل الدكتور عماد برو وقال: سوف أعبر من البوابة الأكثر إشراقاً وهي بوابة الصداقة التي تنمو وتكبر بالمحبة.

3930 حين تتعرى الجهات

تحدث في الحفل كل من الشاعر فؤاد نعمان الخوري الذي قال: "تفكّر في العنوان وتتساءل: الى أية جهات يأخذنا عباس، وماذا كانت ترتدي، قبل أن يعلن عريها؟ وما هو الآن فاعل، بعد أن أضاعت ثيابها في غابة الغياب؟" وختم بقصيدة نالت إعجاب الحضور قال فيها:"وغداً جيلُ المنافي/ في صفائك يتمرّى،/ وتغنّي "عيترونٌ":/ من هنا عبّاس مَرّ"!

الإعلامية سوزان حوراني التي أشادت بمزايا الشاعر وعرضت لمواضيع الكتاب وقالت ان هذا الكتاب يختلف كلياً عما كتبه عباس سابقاً. وقالت:" ان الثقافة بألف خير، والشعربألف خير"، واسترجعت الجوانب التراثية في حياتنا التي يتشارك فيها أبناء القرى اللبنانية، واضافت:" ان الأرض لنا، والحب لنا، والفرح لنا وبيلبق لنا الفرح".

3928 سوزان حوراني 

المهندس الشاعر بدوي الحاج قال:" في تَعَرّيه بَقِيَ عبّاس مُحتَشِماً، حالِماً أكثَر منه فاعِلاً، ولَوْ كنتُ أتَمنّاه، وفي كَثير من عُروضِه، أنْ يَخدُشَ بَكارة القصيدة ويُداعِبَ حَياءَ عُذرِيَتِها!".

وتساءل: "ماذا لَوْ مَزّقَ عَبّاس الرِّداء وهَبَّت العاصفة؟!"

أما الشاعر وفي كلمته قال:" إن الكتابة والقراءة والفنون والإعلام من أهم نماذج التواصل الإنساني وارقاها، لأنها النبض الذي يدفع الدم الثقافي في شرايين الحياة، ويساهم في ارتقائها، ورفع مستواها، ويساهم في طرح الاسئلة عن وضعنا الإنساني وأخلاقياتنا وإسهاماتنا ودور الفن والأدب في التنمية الروحية التي تجعل المرء هو/هي يملك القدرة على فهم المشاعر الخفية التي تكمن في الجوهر الإنساني وتفاعله مع محيطه سواء كان سلباً او إيجاباً.

3929 عباس علي مراد 

شاكراً الحضور قال مراد:

"انتم رسل الصداقة، أنتم الصديقات والأصدقاء رفاق الغربة، اللواتي والذين يخففون من مواجع البعد، فكنتم الأهل والعون والفرح... هذا الحفل المميز ما كان ليكون لولا انتم. فوجودكم رغم سوء الأحوال الجوية ميّز هذا الحفل

مرة أخرى تثبتون انكم الأوفياء الذين واللواتي أكبر بكم ومعكم لأنكم أنتم وسام الصداقة التي أعتز بها والتي ولدت ونمت في تيه الهجرة والغربة، وإن قلت أشكركم فهذا بقليل.3931 بهية ابو حمد وعباس علي مراد

وبالختام قدمت الدكتورة بهية ابو حمد درعاً تقديرياً لعباس مراد

- الناقد علي الفواز: الشجرة تلعب دور الموجه في قراءة تجربة الشاعر

- الشاعر عمر السراي: سعد ياسين يمثل أمة من المحبة !!!

- أ. د. جاسم محمد جسام: نص سعد ياسين يوسف تأملي بامتياز.

- أ. د. علي حداد: سعد ياسين يوسف من بين شعراء المشاريع.

- الشاعرة سلّامة الصالحي: سعد ياسين يوسف مؤرخ للوعة الأشجار.

***

3847 سعد ياسينأحتفى أدباء العراق بالمنجز الشعري للشاعر د. سعد ياسين يوسف في جلسة أقيمت فيها بحضور كوكبة من أدباء العراق من النقاد وأساتذة الأدب العربي والشعراء والفنانين لمناسبة صدور مجموعته السابعة (الأشجار تحلّق عميقا ً) أدارها الشاعر جاسم العلي.

وخلال الجلسة قدم الشاعر عمر السراي الأمين العام لاتحاد الأدباء العراقيين باقة ورد باسم أدباء العراق وقال في كلمة له:

إن اتساع مساحات الجمال في الأدب تشكل نقصاناً في مساحات الخراب لذلك مازلنا نحتفي ببعضنا نقرأ قصائدنا لتصل إلى الآخرين نتفاعل في ظل كل الموجات العاتية من التخلف، فشكراً دكتور سعد وأنت تمثل أمةً من المحبة لتحملنا في رحاب قلبك الأجدى أن نتصفحه قبل أن نتصفح دواوينك وقصائدك وأن باقة الورد هذه تمثل الأدب العراقي داعيا الحاضرين جميعاً للمشاركة بتقديمها.

وأعرب الشاعر المحتفى به عن سعادته بهذه الحفاوة والحضور الكبير من الأدباء والمبدعين وقدم عدداً من قصائدة خلال الجلسة.

وقدم أ.د. جاسم محمد جسام أستاذ النقد الأدبي الحديث في الجامعة المستنصرية قراءة نقدية بعنوان سيكولوجية النص – علاقات التوازي (مجموعة الأشجار تحلّق عميقاً) جاء فيها:

إنَّ النصّ الشعري عند الشاعر سعد ياسين يوسف تأملي بامتياز أي أنه يستثمر الهوامش التي يتحرك عبر مساحاتها، ليجعل نصه واقعاً بين الواقع المادي المرير والواقع الحلمي المشتهى وكأنه يلعب دور المحرض والمعوض معا ً جاعلاً من نصه نوعاً من البديل الذي يعوض جفاف الواقع وبؤسه وبهذا يترك لنصه حرية واسعة ووظيفة مضافة ومزدوجة للتأملي والفلسفي مما يخلق دائماً ما يسمى بالضد الذي يزيد توتر وطراوة الحالة الشعرية فينتج مزيداً من الإيحاء والإيصال والتشويق للمتلقي.

-وقدم الأستاذ علي الفواز رئيس الأتحاد العام للأدباء والكتاب مداخلة ًجاء فيها:

أصدر الشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف سبع مجاميع شعرية في ست ٍ منها أعتمد رمز الأشجار حيث تلعب الشجرة دور الموجه في قراءة تجربة الشاعر وتضعنا أمام تجربة تقترب من سمات الشاعر الرعوي الذي يحاول أن يجعل الطريقة مجالاً للأشتغال والحفر داخل هذه اليافطة العالية، فهل كان سعد ياسين يوسف شاعراً رعوياً وهل أقترب من تجربة الشاعر عيسى حسن الياسري، سيما وأن تجربة القصيدة الرعوية أرتبطت بالأساطير القديمة وإن الكثيرين من الشعراء الاغريق والرومان وجدوا فيها مجالا ً لكتابة القصيدة الحسيّة وأسطرة هذه القصيدة.

3849 سعد ياسينإن سعد ياسين يوسف حاول أن يجد في هذه الفضاءات مرجعاً له وهو لم يقلد أحداً، لكنه يبدو وكأنه الشاعر الذي يستفيد من جنوبيته من خلال القصيدة ولذا وجد في القصيدة الرعوية مجالا مخادعاً للدخول إلى فضاءات أخرى يعبر من خلالها عن احتجاجه وأسئلته عن العالم، فالقصائد عنده أقنعة تتعدد مستوياتها لتكون أقنعة العاشق والثوري والاجتماعي، وهكذا مقاربة تضعنا عند تجربة تقودنا إلى الجذر الإبداعي الذي ينطلق منه الشاعر عبر رمز الشجرة بما يضع القاريء أمام مسؤولية الكشف عن جوهر القصيدة ومعناها العميق.

فالاشجار هي عنوان للعُليّ للكبرياء لكنها بالمقابل قد تكون أشجار حرب وهي الأشجار المحروقة أو التي يختتطفها اللصوص مثلما هي حكاية زرقاء اليمامة حينما دخل الأعداء وهم يحملون الأشجار على رؤوسهم هذه اللعبة المخادعة هي التي تجعلنا ندرك أنَّ توظيف الثيمة وتوظيف العنوان والفكرة والرؤية في قراءة القصيدة هي التي تستفز القاريء الناقد لكي يدرك أن ما بعدية هذه القصيدة تكمن العوامل المؤلفة التي يمكن من خلالها أنْ ندرك ما الذي يريده سعد ياسين يوسف حينما يحلّق عميقاً بأشجاره وحينما يوظف الأشجار أو يجعل الأشجار هي المحرض الأسطوري على الذهاب نحو الجحيم العراقي ونحو الحلم العراقي ونحو الشهوة العراقية لأن هذه القصائد تستبطن العاشق والثوري وتستبطن الرجل الذي يبحث عن شيء ما أكان هذا الشيء امرأة أو صديق غائب أو وطن غائب أظن أن هذه هي اللعبة الشعرية التي ينبغي أن تقرا بعمق وتمعّن في شعر سعد ياسين يوسف.

- أما الشاعرة سلامة الصالحي فقد أكدت في ورقتها الموسومة "ثيمة الأشجار التي ظللت أشعار سعد ياسين يوسف" أنَّ الشجرة رمزٌ لتجلّي لله والقداسة والحياة والمكان حيث تُظهر لنا ماجادت به أغصانها وتخفي تحت الأرض تفاصيلها وعوالم صبرها..تعطي الظلال وتحتفظ لنفسها بأسرارها ولغتها التي اخترقها سعد ياسين يوسف ليخرج منها بحرير القصائد..

الشهيد شجرة تنبت في الأرض وتخترق السماء...يترك ظله خالداً في حكاياتها وصمتها..تقدس جداتنا وأمهاتنا الأشجار وتشد شالها بجذعها وتطلب منها أن تعيد لها أولادها الذين ساقوهم إلى الحروب..فنحن أبناء النخل الذي رضعنا ثماره حتى كبرت أغصاننا.

الأشجار تعطي ولا تأخذ سوى ما يغتال الحياة فتمضغه بصبر لتمنحنا رئات تتنفس الحياة..سعد ياسين يوسف ينظر لها أمهات تتجلى في الغياب الذي طال الحنان والرغبات ونشوة الحياة..يخترق جذعها ويجلس كالأطفال ينصت إلى حكاياتها فيخرج ظافراً بالقصائد وأسئلة الوجود التي أحتفظت الأشجار بأجوبتها في جذورها وهي تطعم وتسقي بعضها في الخفاء.

لايرى العابرون إلا ماظهر من الأشجار.. ولكن الشاعر يرى أسرارها ويخترق قبائلها لينتمي إليها في العطاء والنقاء الذي ترتديه دائما روح الشاعر الفائضة بالندى... يستمد نداها ويعقد أذان الصباح القران بين الورد والندى... يعثر على ثنائيات الوجود ويتعثر بالضوء الذي يمتد منه ليخترق العاصفة لامبالياً... فهو الشاعر الذي قبض على سر الخليقة بعد أن تأبط حقيبة الأسئلة الكبرى ولم يعد خائبا..فقد عاد بأسئلةٍ تحرج الوجود وتطلب من الأشجار أن تبوح له...

هذا الطفل الذي لايشيخ...يظهر راكضا في الشوارع يحمل رايته البيضاء فتخضبها الأيام برحيق الشهداء فلم تعد الراية بيضاء وصار بريق الشهادة عنوانا للحياة تحت نصب الحرية وهو يحصي شهداءه بشهادة شاعر...سعد ياسين يوسف مؤرخ للوعة الأشجار وهي تُنحر ليسرق أرضها الطارئون...فيردد اسمائها ويبكي وينظر لموتها الواقف...لكنها الثورة القادمة والراية لم تعد بيضاء.

3850 سعد ياسينوأستهل أ. د. علي حداد أستاذ الأدب الحديث جامعة بغداد مداخلته في الجلسة باستذكار محطات مهمة من علاقته بالشاعر سعد ياسين يوسف والمشاريع الثقافية التي جمعتهما معاً والمحافل الأدبية التي شاركا فيها والقراءات النقدية التي كتبها في منجزه الشعري وحينها كنت عائدً تواً من اليمن وتصادف أن إلتقيت الشاعر سعد ياسين يوسف وقد شدني ما يقدمه من إبداع شعري عبر منصة الجواهري وما يكتنزه من محبة وصفات وسجايا إنسانية.

وقال: لكل شاعر خصوصيات في التجربة تتحرك بين بعدي الشاعرية والشعرية فالشاعرية هي التجربة والشعرية هي خصوصية النتاج لدى الشاعر والذي يشتغل عليه ليصنع وجوداً وتجربة تبحث عنها فتجدها لدى هذا الشاعر دون غيره.

إنَّ الشعرية مساحة وجدان وتفاعل وعمق شعوري والمثاقفة تصنع للشاعر هذه الخصوصية في نصه، وإن كثير من الشعراء يخضعون للآني وللعاطفة المباشرة في الإشتغال على الهم في قصائدهم فيكتبه، لكن هناك شعراء يتركون مشروعاً شعرياً بمعنى أنّه وهو يكتب نصا ً هناك خلفية معرفية وجمالية تشده إلى ما أنتج وإلى ما سينتج ليصبح ذلك مشروعاً ومن بين شعراء المشاريع هو الدكتور سعد ياسين يوسف.

إنّنا أزاء هذه التجربة الشعرية في ديوانها السابع (الأشجار تحلّق عميقاً) وهو امتداد لدواوينه السابقة في اعتماد ثيمة الأشجار مما يثير تساؤلا ما الذي يجعل شاعراً يلح على هذه الثيمة التي قد يتصور البعض ممن لم يطّلع على تجربة الشاعر بوجود نوع من القصدية والتكرار لكن هذا غير موجود عند الدكتور الشاعر سعد ياسين فهو يشتغل على ماهو أعمق.

إن الشاعر سعد ياسين يوسف في هذا الديوان يلخص إشتغالاته في المقدمة في نصّ لأبن عربي، (إنّي نظرت إلى الكون وتكوينه وإلى المكنون وتكوينه فرأيت الكون شجرة) وهذا ما يلخص فلسفة مشروع الشجرة عند الشاعر سعد ياسين يوسف في دواوينه المتلاحقة ليصنع بهذا الشجر هذا الوجود المتلاحق المتدفق المنهمر الذي يتلون بألوان الوجود الإنساني.

فالأشجار لدى الشاعر سعد ياسين يوسف، ترسم لمعادل موضوعي يستدرجه الشاعر من معجميته وباذخ مدلولاته، ليؤشر دعوى التمسك بالمكان، والانتماء القيمي المتعالي إليه، إذ يتلاعب الشاعر بمواضعات الدلالة القارة في المفردات المنتمية إلى قاموسه (الشجري)، ويؤطرها في فضاء من التشكل المفارق. فالأشجار وهي تترسخ حضوراً في المكان لا تغادر امتدادها الصاعد في الفضاء، كما امتدادها الذاهب عميقاً في الأرض  لقد تبدت (الأشجار) أفقاً ترميزياً لا حد لها لإمساك الشاعر بمداليل كشوفاته تلك التي جعلها متسعة كل شيء ـ دلالة وتمثلاً.

وقدم الكاتب رجب الشيخ رؤيتة النقدية خلال الجلسة بعنوان:

الرؤية العميقة والشعورية لرهافة المعنى والصورة الشعرية للشاعر د. سعد ياسين .. في مجموعة (الأشجار تحلق عميقا) جاء فيها:

الامتداد الطبيعي للشعر هو امتداد لحضارة سومر وبقية الحضارات لوادي الرافدين، فالشاعر سعد ياسين يوسف هو الشاعر الطموح الأسمى في مجرات الإبداع والتميز الراقي وبعناوين الجمال والروعة التي تليق به من إنجازات كبيرة ورائعة جدا في مجال كتابة النص النثري الممتلئ والحداثوي، إضافة إلى كيفية التعامل مع أسلوبية فذة ترتقي لمستوى قياسي جديد من خلال الطرح المميز لشاعر الأشجار وإمكانياته في بناء الجملة الشعرية التي ترتقي لمستوى الاهتمام الضروري في عملية التأسيس وإبراز الجوانب الفكرية البارزة في عملية الطرح الجميل والمهم إضافة إلى كيفية استخدام الدلالات التفاعلية والاستعارات الصورية الوصفية البنائية في هيكلة القصيدة النثرية الجديدة المقرونة بتماسك قوي ورصين.

اعتمد الشاعر على بناء الفكرة داخل النص..والإمساك بها ضمن وحدة الموضوع، والفكرة هي إحدى عناصر القصيدة النثرية إضافة إلى الخيال والاسلوب التعبيري لصناعة النص بطريقة تقنية جديدة.

أما الكاتب يوسف عبود جويعد فقد قال في ورقته:

في المجموعة الشعرية (الأشجار تحلّق عميقاً) للشاعر سعد ياسين يوسف، نكتشف الرؤية الفنية التي أراد الشاعر تثبيتها وترسيخها وضمها ضمن بنية النص الشعري، لتكون حاضرة في عملية التشكيل والتكوين في القصيدة الشعرية النثرية، كما أشار لها في بنية العنونة سالفة الذكر، فعملية التحليق بالمتلقي وسحبه والهيمنة على حواسه وشحذ ذهنه وزجه وسط النص الشعري، ليحلق عميقاً مع القصيدة، ليس بالأمر الهين، ولا هو محظ صدفة جاءت ضمن صناعة القصيدة، بل أنه يتطلب حرفية ووعياً، وعملية اتحاد أدوات وعناصر ومكونات النصّ الشعري وتطويعه وجعله عجينة طرية يتحكم الشاعر في صناعتها حيث يشاء، تحتاج الى تخطيط مسبق، وسياق فني فطن وحاذق، وقدرة على إظهار عملية التحليق في النص الشعري.

إنَّ عملية صياغة القصيدة على هذا المنحى تتطلب من الشاعر، إعادة بناء جديدة وحديثة ومبتكرة، لكي يستطيع إيصال ما يبغي منها إلى المتلقي، بصورته الموحدة المحلقة فعلاً وصناعة، وعندما نقوم بتفكيك النص للوصول الى هذه الصورة الفنية داخل النص، نجد أنَّ الشاعر عمل على جعل قصيدته، متصلة متوحدة بكتلة متماسكة، باختياره لمفردات عميقة ودالة وقادرة على جعل المتلقي يحلق مع القصيدة ويتوحد معها، كونها خالية من التقطيع، متواصلة مع بعضها، ترتبط بوحدة موضوع وثيمة وإيقاع مدروس ينساب كالسحر الى ذهن المتلقي، فيبحر وسط بحر عميق، ويحلق في هذا العالم الشعري، وفق تراكيب فنية متقنة.

إنَّ الشاعر سعد ياسين يوسف، الذي أطلق عليه النقاد لقب شاعر الأشجار، ينتمي الى الشجرة بكل تفاصيلها، جذورها، أغصانها، أوراقها، ثمارها، نحيبها، غنائها، فرحها، شهيقها وزفيرها، وأنه منذ أن كتب الشعر وحتى هذه المجموعة، كانت الشجرة زاده وزواده في عملية البناء حتى أضحت صفة وسمة يتسم بها، حيث ينقل لنا في مستهل هذه المجموعة الشعرية مقولة لابن العربي يقول فيها:

"إنّي نظرتُ إلى الكونِ وتكوينهِ، وإلى المكنون وتكوينه، فرأيت الكونَ شجرةٌ".

وهي رؤية فنية للشاعر للتأكيد على أن الشجرة جزء من الحياة، بل أنها الحياة بكاملها، لما تحمل من عطاء ثر، وتلك الرؤية سياق فني مهم في قصائد الشاعر، والتي حملت كل مجاميعه الشعرية رمز الشجرة بأشكال ومعان مختلفة في بنية العنونة قبل أن تكون أداة رئيسة في عملية صناعة القصيدة الشعرية، ومتنها النصي.3851 سعد ياسين

وهكذا يمنحنا الشاعر هذا السحر الذي نسميه التحليق، لنطوف طوافاً متصلاً غير متقطع ولا متوقف مع النصوص الشعرية، وفي أولى قصائد تلك المجموعة التي تحمل عنوان (عطر اور) سنكتشف كل ما ذهبنا إليه

" من طينهِ الفراتِ

قُدَّ قلبُهُ، قارورةً من أور...

هذا الّذي هفا للضَّفّةِ الأخرى

بصدرهِ المسكونِ بالنُّورِ

أجنحةً ما صَدَّها

انهمارُ نيرانِكَ

الّتي أضحى بها مسلةً،

زقورةً.....

ترفعُ للسَّماءِ ما تبقى...

وكل ما ذكرناه سالفاً، وهو يطوف بنا مع الحضارة العريقة لهذا البلد، وهو يقدم لنا صورة شعرية رائقة عن الباحثين عن الوطن:

وفي قصيدة (مقِصُّ أبي) نكتشف هذا التحليق الشعري أكثر وضوحاً، حيث يضع لنا الشاعر صورة شعرية رائقة للأب وجوده ومكانته ودوره الكبير في الأسرة، لنحلق بهذه القصيدة عميقاً إلى الجذور:

" مُذْ أمسكَ بمِقَصِّ حياتهِ

الّذي كادَ أنْ يُطبقَ على غُصنه ِ

وهو يقصُّ لنا قَصَصَ التَّكوينِ

لنغفوَ قبلَ الموقدِ

نَحلُم بالبحرِ المنشقِّ،

بالرُّطبِ المتساقطِ.

يتفقدُ عَنَّا الجمرَ، الأغطية َ

سقفَ الغرفةِ لو أثقلهُ مزاحُ المطرِ....

يقايضُ بردَنا بسِترتهِ...

حينَ يشحُّ غطاءُ الدفءِ.."

وهكذا يتضح لنا أنَّ هذا التحليق هو الطواف المتصل والبناء المتراص المتماسك، والنفس الطويل الذي لا ينقطع حتى تنتهي القصيدة، ويجد الناقد صعوبة عندما يحاول نقل نصّ من القصيدة في أي موطن يتوقف لأنها متصلة، حتى يجد له منفذاً بالكاد يتوقف من خلاله، وعن وحشة البلاد، وعن الجمر المتقد بداخل الروح حباً بها يقدم لنا الشاعر قصيدته الشعرية (ما زَرَعتهُ البلادُ) التي تحلق بنا بعمق اكبر وأشد ضراوة:

"موحشٌ هو البحرُ

لا أشجارَ تصطفُّ على شاطئه ِ

تشيرُ بأغصانِها لموج ٍ

لن يعودَ...

إلا بحبّاتِ رملِ التَّوجّسِ"

وبالرغم من أنني اخترت نماذج من هذه المجموعة، إلا أن كل القصائد التي ضمتها، هي بمثابة تحليق عميق نحو العالم الساحر، والفضاء الرحب، والمفردة المنتقاة المعبرة، والخط المتواصل المتصل غير المنقطع والسياق الفني المحكم، لعملية بناء القصائد، التي تحمل معنى التحليق في رؤية فنية ضمن متن النصّ، لتظهر القصيدة وكأنها تدعونا لهذا التحليق الجميل.

الأستاذ رضا المحمداوي وفي ورقته قال:

منذ سنوات عديدة إجترحَ الشاعر سعد ياسين يوسف منطقة إشتغال شعري خاصة به، وظلَّ خلال إنجازاته الشعرية المتتالية طوال السنوات الماضية يحفرُ في تلك المنطقة الشعرية وينثرُ فيها بذورَ أشجارِهِ التي غدتْ الآن شديدة الخضرة،دانية القطاف، وارفة الظلال،لتصبحَ في المحصلة الأخيرة من العلامات الدالة على تجددهِ ومثابرتِهِ وحرصهِ على خصوصيتهِ ودأبهِ من أجل المحافظة على هذا العطاء الشعري المتميز وخصوبة تجربته.

لقد استعار الشاعر سعد.. هنا روح ذلك الفلاح السومري المثابر الدؤوب الذي يزرع حتى صفحة الماء الجاري حيث علَّمَ القصب والبردي أنْ يمدَّ جذورَهُ في تلك الممالك المائية الطافية.

يعالجُ الشاعر سعد ياسين يوسف موضوعاته وأفكاره الطافحة بالتأمل والخيال معالجةً قائمةً أساساً على صور النمو والإخضرار والحياة ومفرداتها ومترادفاتها الأخرى،وبإيقاع شعري ينسابُ متدفقاً في جذور القصيدة.

وهو يناغي أشجارَ قصائدهِ مثلما يناغي الطفلُ أبجدية اللغة التي أخذ يتعلمها للتو، ويُسمّي قصائدَهُ باسماء الأشجار، فهذه (شجرة العروج) وتلك (شجرة المفاتيح) وهذه (شجرة الانتظار) وتلك (شجرة كربلاء) أمَّا هذه فهي (أشجار لاهثة في العراء) فقد أخذ اسمها وجعلَ منها عنواناً جامعاً لقصائد مجموعته السابقة.. وبعد كل ذلك تحوَّلتْ القصيدة لدى الشاعر إلى شجرة.. شجرة ملتصقة بطين جذورها.

وكنموذج للتعامل أو التعاطي مع مفردات الشاعر وأفكاره وموضوعاته أُوردُ هنا،هذا المقطع القصير للتعبير عن إرادة الحياة وقوتها والانتماء الى الطبيعة والكشف عن سرّ ديمومتها.

" الشجرة التي غادرها الحطابون شتاء

بعد أنْ أسالوا دمها الأخضر

وقطعوا جذعها مقاعد لجلوسهم

واحرقوا غصونها لدفء ملذاتهم

في حفل شواء

لم تشهده الغابة من قبل

لوَّحتْ للربيع

بغصن صغير يرفعُ سبّابتهُ نحو الأعلى

هو الأقرب إلى الأرض."

وفي ختام الجلسة قدم الأكاديمي أ. الدكتور والفنان التشكيلي ماجد البيضاني باقة ورد للشاعر بالمناسبة.

***

3779 سعد ياسين- الشاعر المحتفى به يعانق أشجار طفولته وقصائده الأولى...

احتفت جامعة ميسان بالمنجز الإبداعي للشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف لمناسبة صدور مجموعته الشعرية السابعة الأشجار تحلق عميقاً في جلسة أقامتها كلية التربية الأساسية في قاعة المعرفة في الحرم الجامعي وذلك بالتعاون مع اتحاد أدباء ميسان وحضرها جمهور من الشعراء والمثقفين وأساتذة النقد الأدبي وطلبة الدراسات العليا في قسم اللغة العربية في الجامعة .

 وأفتتحت الجلسة بكلمة لرئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية الأساسية الدكتور قاسم القرشي قال فيها:

 انه لمن دواعي فخري واعتزازي وسروري أن يلتئم شملنا اليوم مع نخبة من حملة الفكر والهم الإنساني والإبداع للاحتفاء بقامة ميسانية كبيرة ليس لي أن أشير إليها أو أن أدلَّ عليها فليس لمثلي أن يشير للشمس في وضح النهار، تاركاً المنصة للأساتذة النقاد ولأوراقهم النقدية للأضاءة عما خفي عنا من جوانب هذا الكوكب الميساني الكبير سعد ياسين يوسف فمرحبا بك سيدي الكريم في رحاب قسمك وكليتك وجامعتك شرفتنا بمقدمك الكريم .

 قدم بعدها الشاعر والناقد نصير الشيخ الذي أدار الجلسة السيرة الإبداعية للشاعر المحتفى به وأبرز منجزاته واحتفاء الأوساط العراقية والعربية بمنجزه وقال:

نلتقيكم اليوم بنشاط مميز هو ثمرة يانعة من جهد متميز بين جامعة ميسان واتحاد أدبائها هذه الأصبوحة التي يحضر فيها الشعر متدفقا من نهر شاعر الأشجار ويزخر فيها نبضه كشفا جماليا للقصيدة ، هذه الاصبوحة تأتي لتأكيد أن الشعر حقل أخضر والنشاط الأجمل الذي يعيد لنا بهجة الحياة وعنفوانها ويسكت أبداً أصوات الاستلاب ومحو الهوية ،ولذا سيكون الشعر حاضراً متدفقا ، كيف لا وقائله ابن مدينة العمارة وأزقنها ومقاهيها ومكتباتها ، ففي كل ركن من محلة القادرية كان قد زرع رسالة حب مؤجلة وعند كل زقاق أليف كانت له أبتسامة موزعة على أبواب البيوت ومابين كنيسة أم الأحزان حيث المحبة وخطاه في شارع التربية ومحلة التوراة والحروف الأولى في قاعات المكتبة المركزية والصحف الأولى عند المكتبة العصرية كان شاعرنا يجد ذاته برفقة أصحابه رفقاء الدرب الحاملين لمشعل القصيدة والأمنيات .

قدم بعدها الشاعر كلمة شكر لمدينته ولجامعة ميسان واتحاد الأدباء والكتاب فيها وللحضور وقال:

العمارة تجري في دمي نبضاً ونوراً أحمله معي حيثما كنت في العراق أو في خارجه وتولد في كل قصيدة ٍ أكتبها .

ثم قرأ الشاعر المحتفى به عدداً من قصائدهِ التي تفاعل معها الجمهور لتبدأ القراءات النقدية .3780 سعد ياسين

- أ. د . سمير الشيخ أستهل القراءات النقدية بقراءة نقدية بعنوان (نظرة سيميائية في أشجار سعد ياسين يوسف) جاء فيها:

 (السيميائيات) الدراسة الفاحصة لطبيعة العلامات وأشكالها ووظائفها، بمعنى وصف وتحليل وتأويل بل ومقارنة علامات الحياة، وفي مقدمة علامات الوجود (الشجرة) التي تمحورت حول رمزيتها الفلسفات والأديان والآداب،فيما تغدو االعلامة محور الدرس السيميائي. العلامة الشيء الذي يوميء إلى شيء في العالم المادي الخارجي. والعلامة تغدو رمزاً إن هي أرتبطت يثقافة إنسانية متاحة. بهذا التصور، كانت (الشجرة) وماتزال مصدراً للمعنى الرمزي عبر الثقافات الإنسانية، هذا الجذر المتجذر عميقاً في الأرض وتلك الغصون الطليفة التي تكاد أن تعانق ثغر السماء يعطي الشجرة ذلك التناظر الذي يسبغ على وجودها معنى في الأساطير.والسيميائيات في أحد أشكالها المعرفية (فلسفة المعنى). ففي الأساطير الكونية تُعد الشجرة تمثيلاً أو ترميزاُ للحياة والقوة والرخاء. ولعل من أقدم الرموز للشجرة هو أنها تمثيل للنماء الجسدي والروحي بل الحرية والخصب. والشجرة قد توميء إلى الأنوثة في إحدى صورها الرمزية نظراً لإغصانها الطوال وأورقها الدالية، فيما يظل الجذع ترميزاً للفحولة.

لقد كان ظهور الأديان التوحدية التحول العظيم في رمزية الشجرة. ففي (الإنجيل) برز مفهوم (شجرة الحياة) Tree of Knowledgeفي (جنة عدن) والتي يظل مكانها (ميسوݒوتيميا) أو (بلاد ما بين النهرين)، وهي ترميز للحكمة مثلما هي ترميز للإغواء الشهوي والخظيئة. أما في خطاب (الكتاب المنير) حيث (جنة عدن) مسكنها السماء فإن علامات المشهد المقدس (الشجرة / الأفعى / التفاحة) والخصف على السوءة من لدن (آدم) و (حواء) لا تبتعد بعيداً عن فعل الإغواء الجسدي. والمساءلة الآن: ما رمزية الأشجار في (الأشجار تحلق عميقاً) ؟

هذه النظرة السيميايئة العجلى لا تروم البحث عن المعنى الرمزي لشجرة الشاعر (سعد ياسين يوسف) قدر ما تبغي الربط الخاطف لمعنى الشجرة بمسالك الوجود. فالشعر في معتقدي ثقافة تجري مجرى الصور، والعلامة شكل ثقافة قدر ما هي شكل معنى. في البدء، يرتبط الكون – الشجرة بمبدأ (الحب)، الجوهر الفلسفي الذي نادت به الإفلاطونية منذ أقدم الأزمنة:

(تتمايل في حضرتك ملايين الأشجار

رافعة كل غصون الورد

الأعشاش ، عصافير البهجة،

أطراف كفوف أرز الرب)

(محاولة ليست أخيرة، ص 22-23)

**

إن روح الحب يبعث في علامات الطبيعة سرانيتها وقوتها في الوريق الأبدي، وتقنة (التشخيص)، أي إضفاء السمات البشرية على الكائنات الطبيعىة من قبيل (أطراف كفوف أرز الرب) تسبغ على تلك الكائنات ذياك التوهج الذي لا يهدأ. لكن شجرة الشاعر لا ترتبط بماهو تجريدي حسب، بل أيضاَ هو ثقافي ما ثل في الذهن وفي السمع: أنها الموسيقى:

(حين أرتقيتِ

سلم شجرتي

شددنا معا وتر الغصن السادس

فتبسم "زرياب"

لتهبط علي الملائكة

وأنا في محراب التوهج

أنتظر نجمك المتلإليء

يمطرني بفراشات الضوء

بغيوم الأغاني الهاربة

عمداً إلى التيه

مع صوت تنفس الصبح

إذ نتوضأ بالدهشة.)

(شجرة العود، ص 26)

**

 لا يحتاج العقل الناقد إلى مزيد من المعرفة لإدراك العلامات الموحية بالفضاء الموسيقي (سلم / الوتر / زرياب)، غير أن المقطع الشعري بكليته يشكل (إستعارة ممتدة)، فثمة صور شعرية دافقة تتجاوز البيت الواحد لكأنها تيار مائي موار لا ينتهي إلا حين يبلغ مبتغاه. هذه البنبة الخطية تشهد تحولاً في المعنى تحيد عن لغة الإحالة لتدخل مدن المجاز الغرائبية التكوين. لنقرأ ثانية (يمطرني بفراشات الضوء / غيوم الأغاني الهاربة / صوت تنفس الصبح). هذه الدفق الصوري ليس بالمتاهة اللسانية أو الرطانة المتهافتة، بل ثمة دفق شعوري خبيء يقود قياد العلامات صوب الخلق الشعري السادر.

يرتبط الكون – الشجرة بالإنسان، صورةٍ الإله في الأرض، الإنسانِ الباحث عن وطن ليغدو بعد حين أبتسامة من دم أو أغنية للرصاص:

(كم من الدم يلزم هذه الأرض

لتغسل عتمة الحزن

عن وجهها،

ظلام ألف عام

وعام ؟

ألا تكفي ابتسامات الدم

في صدورهم

حين تعروا للرصاص

الباحث عن وطن فيهم

في رحلتهم الأزلية

للبحث عن وطن !)

(عطر أور، ص 8-9)

**

 قد يغني المغني غربته أو النفي عن وطنه، ولكن كيف تغني دماء الوردة اليانعه في أرضها وهي تُسفك على مقربة من (مجسر الزيتون) صادحة بنشيدها البكائي الرثائي الحزين (أريــد وطن) ؟!3781 سعد ياسين

- الشاعر ماجد الحسن فقد قدم قراءة نقدية بعنوان (تداولية الحدث اليومي الأشجارُ تحلّقُ عميقاً أنموذجاً)

جاء فيها:

لابد من الإشارة إلى أن تداولية الحدث اليومي هي مفارقة رؤيوية فتحت أفقاً مهماً في مسار التشكيل الشعري الذي تغير في ضوئه المعنى الشعري الذي اقترب إلى هموم الناس وتطلعاتها، فما عادت الرؤيا المتعالية لوحدها تعمق النص بل اليومي صار الأكثر حضوراً فيه، بالشكل الذي صار فيه عنصراً من عناصر الشعرية، ومن مميزات النص الحداثي، هي الابتعاد قدر الإمكان عن التراكيب اللغوية الموغلة بالإبهام والاقتراب من الهامش والمهمل، يعني الاقتراب إلى اليومي بتبسيط لا يخل بالعمق، حتى ظهرت الى العيان ما يسمى بـ (القصيدة اليومية) التي لم يدرج عليها الشعر العربي القديم إلا بشكل مختصر ونماذج قليلة فرضتها طبيعة اللحظة الحياتية (الآنية) التي يعيشها الشاعر، وإن مثل هذا الوعي بكل ما هو يومي يمكن تلمسه وبشكل عميق وانسيابي في نصوص الشاعر سعد ياسين يوسف، وحصراً في مجموعته الشعرية الموسومة (الأشجارُ تحلّقُ عميقاً) التي تسعى إلى تجسيد مهيمنات مضمونية وتراكيب لغوية ذات نسق خاص ترصد من خلاله عمق اللحظة.

 إن انفتاح (الأشجار تحلق عميقاً) ينطوي على وعي كبير يكشف عن إشكالية حياتية وفي بعدها المغيب، وأن هذا الوعي أسهم بإنتاجية المعنى وتعميقه، واتساع فضاء الدلالات، فنصوص المجموعة برمتها تكشف عن المضمر في الحياة اليومية، فالشاعر جسّد هموم الناس وجعلها كامنة في النص، فالمجموعة عكست حقيقة هذه المقاربة وهي المطابقة الحية بين النص والواقع أي بين التجسيد اللغوي ومراحل الوعي بهذا الواقع،

 الواضح من استقطاب اليومي هو للكشف عن جواهر الأشياء، الجواهر الحية التي تحكم الحياة اليومية، التي لم تكن كشفاً عن (الأنا) المتعالية، بل الكشف عن (الآخر) المهمش، ومن هنا يتبين لنا علاقة الذات بالعالم وما طبيعة هذه العلاقة، فاليومي يعطي دوراً مهماً للوعي النصي، وما الأشجار إلا تخليق لهذا الوعي.

 إن الوعي باليومي الذي جسدته المجموعة الآنفة، يظهر لنا أن هناك حياة مهملة، فاستقطابها مطلب ضروري وأساسي في النص، فلم تعد العلاقة بين تشكيل النص وبين السياق اليومي علاقة عابرة، فهذه المقاربة تمكننا من تسليط الضوء على كل ما هو إنساني، مع إدراك المعاناة وتمفصلاتها الوجودية كبنيات نصية لها فعلها وحراكها، ومهما يكن من أمر فان النص إذا ما أراد اكتساب صفة الحداثة فعليه أن يفعّل تلك البنيات بوصفها جزءاً مهماً من الاستراتيجيات النصية.

 إن معطيات اليومي بوصفها وحدات تشي بتنوع مضموني لها أهميتها في تعميق رؤى النص، وهذا ما يمكن تلمسه في مجموعة (الأشجار تحلق عميقاً)، لكون هذه الوحدات لا تنتمي إلى نسق ثقافي أو اجتماعي واحد أو محدد فالمعاني تتعدد فيه وكذلك الدلالات، وعلى هذا النحو فان النص الشعري عند الشاعر سعد ياسين يوسف يكشف عن عالم الواقع من مكونات تتسق داخل شبكة مضمونية متجانسة، على الرغم من أنها تتسم بطابع الاختلاف والتحول،

 إذن مقاربة اليومي وتشكيلاته تعكس رؤيا النص وبنائه، وبهذا تصبح النصوص في مجموعة الشاعر سعد ياسين يوسف هو البحث الدائم عن تفاصيل هذه التشكلات مع إعادة اكتشاف كل ما هو مهمل فيها، فالتفاصيل اليومية التي يستقطبها النص وفقاً لخصائصه السياقية تمكنه من الكشف عن الحياة الإنسانية، ليجعل النص ليس تشكيلاً متعلياً فحسب، بل يجعل القدرة على الحفر في المناطق المغيبة وتحولاتها الوجودية، فهذه المقاربة هي رهان شعري ينفتح على عوالم كثيرة تعد أهم جزء في معطياته، لغرض تجسيد رؤية الذات عن العالم، وإن هذه الرؤيا تخضع لتحولات تنطوي على دينامية نصية .

- و قدم الشاعر حامد عبدالحسين حميدي قراءة نقدية بعنوان:

)يابس وأخضر وشجرتها)

قال فيه وحدة النصّ الفاعل حضورياً مدخل / عنونة المجموعة (الأشجار تحلق عميقاً) الجملة الاسمية التي فيها مدلول انشطاري متضمن احتمالية التعاكس مرة والترابط ثانية ، فالتعاكس بين صفة التحليق والتسامي الى الأعلى وبين النزول في العمق السفلي العكسي المتمركز ضمن بعدية محددة .. واحتمالية الترابط في صفة التحليق لكن ضمن مدياته العميقة والتوغل فيه ضمن مستويات علوية مترابطة . فــمفردة (عميقاً) يمثل الجذر القاعدي الثابت وقبولية المعقول ، بينما (التحليق) هو الجذر الحرّ المتفرّع الرافض ... وحدة النص الفاعل / ثمة ترابطية بين قصيدتين: الأولى (يابس وأخضر) والثانية (شجرتها) ، حيث تضمنتا كينونة الأم وما تمثله من بعد حياتي وارتباطي كبير ، حاول الشاعر سعد ياسين يوسف ، أن يجعلها مرتكزا ومنطلقاً للبعد الدال المتحرّك ضمن منحيين متقاربين مرة ومختلفين ثانية . (في يابس وأخضر) الأمّ صورة ذات معنى عام وشمولي ، إنها الأشجار / الأغاني / البلاد / بوابات أوروك / الحاضنة الحقيقية لولادة الفرح والحزن . لنجد أن الشاعر في عنونته هذه جمع بين نقيضين (اليابس) ضده (الأخضر) وبما يحملانه من دلالات بعيدة ... ثم نجد قدرة الشاعر وبراعته في تطويع الأفعال ضمن متدرجات متتالية ، (أنجبن / ثُكلن / أنكرنَ/ رحنَ/ يركضن) والتي منحت النصّ حالتين تصاعدية وتنازلية لتنتهي بنقطة وقوف ثابتة .. أمّا في قصيدة (شجرتها) المهداة الى (الأم) خاصة ، والتخصيص أحياناً يهدف الى التعميم والشمولية ، فالشاعر خاصّ بما يحمله ، عام فيما يبثه من جزئية ضمن المجتمع العام . هنا صورة (الأم) اختلفت عما في النص الأول ببعض المؤثرات الداخلية واتفقت معها في المؤثرات الخارجية ، حيث انطلق الشاعر معبّراً عن نص مفتوح ضمن مدارات (النور / الخضرة / قناديل البهجة / شط العمارة / سحابة / السماء / الأفق / الضياء / التمتمات المقدسة / الهلاهل) لنجد أن ادراكية الشاعر كانت ضمن مؤثرات باعثة للأمل والتفاؤل في بداية البؤرة الدلالية ، لكنها سرعان ما توحدت مع النص الأول (يابس وأخضر) في تقاربية الضياع والبحث والفقدان والدخول في متاهات يومية ضاغطة ، الضياع في النص الأول / استرجاعي لموروث قديم ، بينما في النص الثاني / ضياع حدثي يومي ، حينما صوّر لنا عن تعرضه للخطف من قبل امرأة غجرية خبأته تحت عباءتها السوداء ليدخل في ظلامية قطع الأنفاس وتلاشيها ، وبين لهفة (الأم) وحرقة قلبها وهي تركض هنا وهناك بحثاً عنه ، لتبرز قدرة الشاعر وبراعته في تطويع النص القرآني في وصفه لــ هاجر ع ، وهي تركض بحثاً عن الماء بين الصفا والمروة ، ليستقر الأمر بعودته سالماً ... إذاً / النصّان حملا اقترابية واحدة في البحث والضياع ، وباختلافية نصية العموم والتخصيص ، فالشاعر مدركٌ وموفق في توظيف الصورة الموحدة ذات التشظي المتفرع الموروث والحدث اليومي.3782 سعد ياسين

وتوج الشاعر رعد زامل جلسة الاحتفاء بقراءة نقدية بعنوان (للأشجارأيضا ... قداستها الخضراء في قصائد د . سعد ياسين يوسف)

جاء فيها:

 لم يشهد مشهدنا الشعري الراهن ترسيخا وتكريسا وإخلاصا لصورة الشجرة ورمزيتها وتحولاتها ودلالاتها في تجربة شعرية واحدة كتجربة الشاعر العراقي د . سعد ياسين يوسف . وسيجد الدارس والفاحص لنصوص شاعرنا أن هناك علاقة حميمية تربط روح الشاعر بالطبيعة هذه العلاقة التي تذكرنا بشعراء الحركة الرومانسية في الأدب الانكليزي خاصة في نصوص وليم وردزورث الأب الروحي للشعراء الرومانسيين .

في كل الكتب الشعرية التي أصدرها الشاعر د . سعد ياسين يوسف سترى أن مفردة الأشجار أو الشجرة هي قطب الرحى أو مركز العنوان .. بحيث شكلت هذه المفردة لازمة جمالية في معظم أسماء الكتب الشعري مثلا (شجر بعمر الارض \ الأشجار تحلق عميقا \ شجر الأنبياء \ الأشجار لا تغادر أعشاشها \ أشجار لاهثة في العراء\ أشجار خريف موحش) فالشاعر هنا يوزع اخضرار روحه على كل أغلفة الكتب مثلما يوزع الأب ملامحه ليورثها عنه الأبناء والبنات تلك هي سنة الحياة بين الناس وتلك هي سنة الشعراء والكتب . من هنا ندرك أن خضرة الشاعر سعد ياسين يوسف ليست خضرة عابرة إنما هي خضرة الوارثين ثياب الأمل وخضرة المانحين ظلالهم الوارفة للمتعبين على قارعة القراءة . وهي خضرة من يصنع من دموعه بلسما للمجروحين في دوامة الحب في حدائق القصيدة .

في واحدة من أجمل نصوصه يمنح الشاعر أمه لقبا جميلا إلا وهو (شجرة الأشجار)

(معَ أوّلِ صرخةٍ

وأوّلِ إبصارٍ للنورِ

كانتْ خضرتُك تُربّت على صدري

- أنْ لا تخفْ ....

وكلَّما أدلهمَّ ليلٌ

أضاءتْ أغصانُ شجرتِكِ قناديلَ

البهجةِ

فتنطلق الكركراتُ ....

ناعمةً بيضاءَ

مثل رفيفِ نوارسِ شطِّ العمارةِ    ....)

**

لقد ذبلت في عين الشاعر صور المدن التي سرقت عمره إلا أن مدينة الشاعر (العمارة) ظلت روحا تسكن ذاكرته الخضراء فراح يرسم أنهارها وأشجارها وسوقها العتيق وهو يمضي في حوارية مع الأم بصور شعرية لا تتكرر أبدا إذ يقول:

(ومازالتْ لهفتُكِ محفورةً

على جدارِ ذاكرتي الغضَّةِ

يوم غرقتُ في زحمةِ السُّوقِ العتيقِ

لتسرقَني عباءةُ الغجرِ*

كانَ الأسودُ يسرقُ صوتَي

وكنتِ كمثلِ "هاجرَ" تبحثينَ عن بريقِ وجهي

وأنتِ تركضينَ بينَ "مروةِ" مدخلِ السوقِ

"وصفا "نهايتهِ

حتى أشارَ لي الواقفونَ وأخرجوني

لينهمرَ نهرُ ضياعِك

يقيناً وعناقا ....)

**

هنا يستذكر الشاعر طفولته الخضراء ففي الثالثة من عمره حاولت غجرية ما أن تخطفه تحتَ عباءتِها... نعم لقد كانت سرقة الأطفال من عادات الغجر إذا مروا في المدن لكي يعلموه الغناء إذا اشتد عوده لكنَّ القصيدة قبل الغجر سرقت روح الشاعر سعد ياسين يوسف وعلمته الغناء على ضفاف الحنين عند أنهار العماره ... لتسرقه بعد ذلك الجميلات من النساء غير أن الشاعر ظل مسكونا دائما بطهر الولادة وقد استوقفته صورة الأم المتداخلة مع صورة مدينته الأم ليعلن أن كل صلاة لا ترسم بريق عيون أمهاتنا إنما هي صلاة باطلة قائلا:

(وحينَ كبرتُ

كتبتُ القصائدَ لنساءٍ كثيراتٍ

ويا لجحودي !!!!

لم اكتبْ لك ِ

إلا السَّاعةَ بعدَ أنْ أدركتُ

أنَّ القصيدةَ التي

لا ترسمُ بريقَ عينيكِ

يا أُمّي ....

صلاةٌ باطلةٌ

لن تبلغَ السَّماواتِ)

في مثل هذا النص وفي نصوص اخرى يطرز الشاعر مشهدنا الشعري بصورة الشجرة الراسخة في وجدانه الانساني العميق ولسان حاله يقول ان كل شجرة في حقل الوطن انما هي صلاة خضراء في محراب القصيدة .

جرت بعدها مراسم تكريم الشاعر سعد ياسين يوسف بشهادات تقديرية وبباقات ورد ودرع الابداع من اتحاد ادباء ميسان وجامعة ميسان كليىة التربية الاساسية .

قام الشاعر بعد ذلك بتوقيع مجموعته الشعرية السابعة وتوزيعها بيت الحاضرين ... شاكراً اتحاد ادباء ميسان ورئاسة جامعة ميسان وكل الأدباء من نقاد وشعراء أسهموا في إغناء الجلسة .

***

المثقف / ميسان

الفن .. هذا الذهاب عميقا بحثا وتمحيصا وتأملا بما يستجيب للممكن الجمالي نهجا وتخيرا حيث المجال للقول بالحواس تبتكر ألوانها الملائمة وأساليبها في كثير من الشعرية.. شعرية الحال والأحوال ..

ثمة ما يشبه القلق حيث القلق ذاك العناد البعيد الموصل الى دهشة في الأقاصي.. ثمة نظر تجاه العميق والكامن في الذات من جليل الأسئلة حتى تبرأ النفس من أدرانها وهي تعارك الريح بفخار نادر.. ثمة هيام وبهاء.. و امرأة بابتسامتها تضيء كل الجهات.. الفن نور يسعى في الأمكنة والأرجاء يعلي من شؤون المتعة في الحواس وهي تتقصد فكرة تجميل العناصر والتفاصيل والأشياء ..

هكذا هي لغة الفن ونحن نمضي في دروبه الشتى نشدانا لما به تسعد الذات وهي تثيم في أكوانها بروح طفل وشموخ فراشة وبهاء نسيم عابر ذات مساءات صيف.. ها اننا نصل الى متاهات الفن التشكيلي الجميلة والصعبة وهي تعيدنا الى الكينونة حيث العبارة يانعة والفكرة جمال واللعبة باذخة .. كل ذلك في حيز من ألق التشكيل ومغامراته الرحبة..

هي فنانة تشكيلية تخيرت نهجها الجمالي في عوالم الفسيفساء الشاسعة بأسلةبها وفكرتها وطفولتها المتحدثة فيها لتأخذنا الى معرضها المميز الحاضن أعمالها الفنية وفق منحاها الجمالي المخصوص.

هو معرض الفنانة التشكيلية هناء كريشان في الفسيفساء بالمعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس بادارة الدكتور الفنان فاتح بن عامر والذي كان افتتاحه يوم الجمعة المنقضي وذلك وفق عنوان متخير هو " Contexture/Contextile".

ان جولة متأنية بين الأعمال الفنية المعروضة للفنانة هناء كريشان تأخذنا الى عوالم من الجمال حيث الدقة واللعب بتقنيات الموزاييك وفق جماليات النسيج في ضروب من التناسق والتلاؤم فكأننا في سفر بابعاد متعددة في ما يشبه مناخات الرقمنة والزخرف المرقمن .. وهنا عملت هناء الفنانة بحساسية خاصة للخروج عن التعاطي الفسيفسائي المألوف شكلا ومضمونا..

فسحة مختلفة مع الفسيفساء في شغف فني وجمالي محبذ للنفس وللنظر وللتأمل والتأويل.. وهذا ما يفسح المجال شاسعا للغوص في اكوان الأعمال نظرا ومساءلة وتقبلا .. وفق لعبة الفن العميقة وعيا ووجدانا وتقصدا للآفاق الرحبة..

هذا المعرض يشهده رواق المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس وبتعاون مع المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بصفاقس وقد حضر حفل افتتاحه عدد من الفنانين وأساتذة المعهد وأحباء الفنون الجميلة وقام بتقديمه كل من مدير المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس الدكتور فاتح بن عامر والأستاذ محمد الهادي دحمان والأستاذة ألفة معلى والفنان والمؤرخ ومحافظ موقع تابسوس الأثري: ابراهيم الدقي والفنان والناقد الدكتور خليل قويعة وبحضور ضيوف منهم نجيب بوثلجة ممثلا عن جامعة صفاقس وليلى بوطبة ممثلة عن المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية.و نسقت هذا المعرض الأنيق الفنانة الممتازة

الأستاذة المعرض فاطمة دمق وبمصاحبة مميزة لهذا المعرض من قبل الفنان والمبدع حلمي الجريبي مع حضور الأساتذة والفنانين سميرة عروس ومحمد الرقيق وخليفة البرادعي وهندة بوحامد وفاطمة الزهراء حاجي واسلام بلحاج رحومة وهالة هذيلي بن حمودة ..

و في هذه الاحتفالية وفي خانة التقديم ورد ما يلي ".. الفسيفساء من البوني الى الروماني الى البيزنطي الى الاسلامي الى الصفاقسي .. .. بدعوة كريمة من ابنتي الدكتورة هناء كريشان توليت تدشين معرضها الثاني صحبة الدكتور فاتح بن عامر مدير المعهد العالي للفنون والحرف بصفاقس والاستادة الفة معلى وجمع من الاستادة وممثلة مندوبية الثقافة وجمع غفير من الضيوف ورجال الثقافة .. . وبهده المناسبة الكريمة أثني على السيد رشيد الفخفاخ الدي كان له شرف بعث مادة الفسيفساء بالمعهد وانتدبني صحبة السيد محمد الشريف ونجوى عياد في البداية لتعليم مادة الفسيفساء خاصة وان ألمدينة تزخر بالتاريخ واليوم امام عملاقتين هناء كريشان ونسرين الغربي طورا فن الفسيفساء الى الأحسن .. الف مبروك لنجاح هذا المعرض .. ".

معرض وتجربة أخرى ونشاط في انفتاح هذا المعهد عى الساحة الفنية من حيث تقديم أعمال لتجارب مختلفة أمام جمهور الفنون وأحباء الابداع التشكيلي عامة.

***

شمس الدين العوني

نظم قسم علم النفس في كلية الاداب –جامعة بغداد مسابقة طلابية لعرض افضل فلم قصير باللغة الانكليزية وباشراف مدرس اللغة الانكليزية م. فوزية موسى غانم ود. ياسمين جرجيس يونس استاذة في اختصاص علم النفس. وتعد التجربة الاولى في هذا المجال وتمهد الطريق للاهتمام بهذا الجانب الفني والعملي والعلمي والابداعي.

 تم عرض الافلام الفائزة على قاعة الادريسي 25- 5- 2022. شارك في المسابقة اكثر من 150 طالب من قسم علم النفس. وكان لهذه المسابقة دور كبير في بث روح الثقة والتفاؤل والعمل بجدية ونشاط .3737 افلام

وتميزت الاعمال بتنوع المواضيع والتقنيات وافصحت عن روح الابداع والجدية والشعور بالمسوؤلية .وقد اظهرت اهمية مثل هكذا فعاليات ونشاطات ودورها في تشجيع وتحفيز الطلبة على التقدم وتطوير مهارات اللغة الانكليزية واهمية استعمالها اليومي لغرض تعلمها.

تميز العرض بشغف وتشجيع وحب الطلبة لمثل هذه الفعاليات لانها سبب في تجمعهم وتعارفهم وتفاعلهم ومن مختلف الاطياف والمجتمعات العراقية. وانتهى العرض وابتسامات الفرح والبهجة والمحبة والامل تعلو محياهم وايامهم القادمة.3738 افلام

الافلام القصيرة الفائزة

طلبة المرحلة الاولى

- محمد هيوا (الامراض العقلية والنفسية)

2- جنه محمد حسن(رجل الثلج)

3- زينب هيثم ابراهيم (الرجل الحكيم)

4- نبأ رياض عبد الرضا (الكاتب محمد خضير)

5- ايلاف صلاح عبد الحي (انا هي انا)

6- ضحى امجد حميد (كن انت )

7- رقية هشام طالب (الفرق بين الطبيب النفسي والمعالج)

8- رحمة عامر شفيق(الحياة الجامعية)

9- عطاء عامر حسن (اللجوء الى الله)

المرحلة الثانية : قسمت الى مجموعتين

المجموعة الاولى

3741 افلام1- حوراء عصام (مظاهرات تشرين)

2- سيف عبد الله –(ميسي)

3- نرجس ناصر حلو (ولهم وند)

4- سارة حيدر ضياء(المقارنة)

5- بنين صلاح سعيد (الثلوث البيئي)

6- احمد نزار علي –(بغداد)

7- شهد علي فرعون(فرقة كورية غنائية)

8- كوثر حسن (نازك الملائكة)

9- نبأ عدي نوري (التوتر العصبي)

10- هدى احمد اسماعيل (يوم سيء)

المجموعة الثانية

1- دانية محمد منير(صديقي المفضل) مناصفة مع كرار شاكرحميد (يوم جامعي)

2- زهراء عبد الكريم عبد الصاحب(فانتازيا)

3- تقى مرتضى (كيف ترتب اهدافك)

4- نوران حسن هادي( تلف المواد البلاستيكية)

5- مريم محمد ثجيل (ابي الحبيب)

6- زينة عبد اللطيف عبد المناف (رمضان)

7- نور علي حسوني (التنمر)

8- اسماعيل فهمي (الحرب)

9- طيبة اياد (ابدا يومك )

10- كاظم قتيبة كاظم (وليم شكسبير)

المرحلة الثالثة

1- حيدر رشيد مجيد (الجانب السلبي للاثار النفسية للموسيقى) مناصفة مع سارة محمد عباس (ستوكهوام سايندروم)

2- نور جبار شهاب (التواصل )

3- زينب محسن مشالي( العاطفة)

4- فاطمة معتز غالب (السعادة)

5- علياء جلال (لغة الجسد)

***

بقلم: فوزية موسى غانم

 

انتهت فعاليات الدورة الرابعة عشر لمهرجان سوس الدولي للفيلم القصير من10 إلى 14 ماي 2022، الذي نظمه محترف كوميديا للإبداع السينمائي بالاشتراك مع المجلس الجماعي لأيت ملول التابعة لولاية أغادير في المغرب، وكلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول، وترتبط هذه الدورة بمحور” السينما والفضاء العمومي” بوصفه مجالا للتفكير في راهنية الفضاء العمومي وطرائق تشكله في الأعمال السينمائية.

وأوضح الدكتور نور الدين العلوي مدير المهرجان أن الدورة الرابعة عشر تشكل تحديا كبيرا، لأنها تنعقد في ظروف استثنائية ترتبط بتداعيات (COVID-19)، وبتعطيل للحياة العامة ناهز سنتين، واستعادة فن العيش خاصة في الفضاء العمومي رهان الفن السينمائي والفنون التعبيرية.3715 لبنى ياسين

و قد شاركت 18 دولة في هذا المهرجان، و توزّعت المشاركات بين الفيلم الروائي القصير، والفيلم الوثائقي القصير، حيث عينت لجنة تحكيم الفيلم الروائي القصير للدورة 14 للمهرجان ضمت المخرج السينمائي والأكاديمي المغربي الدكتور عز العرب العلوي رئيسا، وعضوية الفنانة أمينة أشاوي، والفنان العراقي فائق العبودي سويسرا. أما لجنة تحكيم الفيلم الوثائقي القصير للمهرجان فهي برئاسة الكاتبة السورية لبنى ياسين من هولندا، وعضوية الكاتب الدكتور محمد زيطان من المغرب، والمخرج والناقد السينمائي الدكتور نجيب الأسد من المغرب. حيث تم تقديم العرض الأول للفيلم الروائي القصير” علاش”للمخرج نور الدين، تلاه عرض للافلام الروائية القصيرة،والوثائقية القصيرة التي تتنافس على جوائز المهرجان.

وقد كرمت أسرة المهرجان الممثل المغربي ياسين أحجام، والفنانة أمينة اشاوي، والمتخصص في جماليات السينما، الدكتور محمد شويكة، والتقني بالمركز السينمائي المغربي الحاج ادريس التركي. وكان من ضمن فعاليات الدورة ندوتين علميتين بفضاء كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول، تحمل الأولى عنوان”السينما والفضاء العمومي" ( تجارب المهرجانات السينمائية)، "المهرجان الدولي لسينما المقهى" تازة، د. عزيز زروقي. "مهرجان مراكش الدولي للفيلم القصير جدا"، أ. عبد المجيد ادهابي. مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير آيت ملول، أ. نور الدين العلوي. إدارة الندوة: ذ.عماد كاحمو. أما الندوة العلمية الثانية فهي موسومة ب:” المرأة والفضاء السينمائي” بمشاركة: دة. نزهة حيكون، د. عبد الكريم العلوي زكي، أ . أسماء كريم، أ. ياسمين بوشفر، أ. محمد زيطان، وكانت إدارة الندوة: للأستاذ محمد أكرم الغرباوي. ومن الندوات أيضا ندوة بعنوان” السينما والفضاء العمومي، قدمه الدكتور محمد شويكة، و أداره الدكتور عبد السلام دخان. كما اقيمت ورشات تكوينية في مجال الصناعة السينمائية: ورشة المونتاج السينمائي أعدها الأستاذ محمد حتيجي، وورشة صناعة الفيلم الروائي القصير، اعدها الأستاذ نسيب عبدو، وورشة تحليل الفيلم السينمائي، اعدها الدكتور نجيب الأسد.3716 لبنى ياسين

وقد استضافت كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية ابن زهر أيت ملول فعاليات ” تجارب سينمائية” بحضور نخبة من الأسماء الفنية في مجال الصناعة السينمائية، والكتابة الإبداعية، وتم توقيع بعض الإصدارات الجديدة.

في صنف الفيلم الروائي القصير: جائزة سوس الدولية لأحسن فيلم روائي قصير نالتها مصر عن فيلم " البطاطا" للمخرج محمد البدري. اما جائزة سوس الدولية لأفضل إخراج سينمائي فهي للمغرب عن فيلم " خيط" للمخرج شرف علي. و جائزة سوس الدولية لأحسن سيناريو فقد نالها فيلم " رماد" للمخرج مصطفى فرماتي من المغرب بينما تم التنويه لفيلم عنها للمخرجة رباب مرهج من سوريا، والتنويه الثاني لفيلم " نصف روح" للمخرج مروان طرابلسي من تونس.3717 لبنى ياسين

أما جوائز المهرجان في صنف الفيلم الوثائقي القصير فهي: جائزة سوس الدولية لأحسن فيلم وثائقي قصير نالتها استراليا عن فيلم " روح السماوة" للمخرج " هادي ماهود". وجائزة سوس الدولية لأفضل إخراج سينمائي لفيلم " الحلم يقترب" للمخرج أحمد عبد العليم قاسم من مصر. أما جائزة سوس الدولية لأحسن تصوير سينمائي فقد ذهبت إلى فيلم " المتحف" للمهرج جمال باشا من الجزائر، بينما تم التنويه عن فيلمي" البارديات.. قصة أنثى المخرك" للمخرج اقليعي عادل من المغرب.، وفيلم " قرارات حمقاء" للمخرج د. صائب غازي من كندا.

***

لبنى ياسين

 

وأخيرا حط رحاله، شاعر الثورة والفقراء والمحرومين، وشاعر الغزل والحب. إنه مظفر النواب.

توفي اليوم الجمعة الشاعر العراقي الكبير مظفر النّواب في مستشفى الشارقة التعليمي بالإمارات العربية المتحدة عن عمر ناهز 88 عاما.

يعتبر النواب أحد أبرز شعراء العراق الذين بدأوا مسيرتهم الشعرية في خمسينيات وستينيات القرن المالضي، وبرحيله تطوى صفحات تلك المرحلة في تاريخ الشعر العراقي والتي تميزت بالغنى والتجريت والخروج على القوالب المألوفة وروح التمرد.

ورغم شهرة القصائد السياسية للنوابداخل العراق وخارجه إلا أن شعره العاطفي والغزلي وخاصة باللهجمة العامية العراقية لا يقل جمالاً ورونقاً وسحراً.

كان النواب صاحب موهبة شعرية برزت في مرحلة مبكرة من حياته. وتميز بأسلوب فريد في إلقاء الشعر وأقرب ما يكون إلى الغناء أحياناً، خاصة عندما كان في مواجهة الجمهور.

أما سياسياً فقد انحاز النواب لقضايا الفقراء والبسطاء والعدل ومناهضة الاستغلال والاستعمار وأنظمة الحكم السائدة، فتعرض للسجن والملاحقة لفترة طويلة داخل وطنه واضطر لاحقاً للعيش منفيا في غربته التي ناهزت نصف قرن تقريباً.

 

أصول ارستقراطية

وُلد مظفر النواب في العاصمة العراقية بغداد عام 1934 وهو سليل عائلة "النواب" التي كانت تحكم إحدى الولايات الهندية الشمالية قبل احتلال بريطانيا للهند.

 

قاومت العائلة الاحتلال البريطاني فاستاء الحاكم الإنجليزي من موقف العائلة المعارض والمعادي للاحتلال، فعرض الحاكم على العائلة النفي السياسي، فاختارت العراق.

كانت أسرة النواب ثرية أرستقراطية تتذوق الفنون والموسيقى وكان قصر العائلة المطل على نهر دجلة مقصد الشعراء والفنانين والساسة.

وفي أثناء دراسة مظفر في الصف الثالث الابتدائي اكتشف أستاذه موهبته الفطرية في نظم الشعر، وفي المرحلة الإعدادية أصبح ينشر قصائده في المجلات الحائطية التي تحرر في المدرسة من قبل الطلاب.

تابع دراسته في كلية الآداب ببغداد في ظروف اقتصادية صعبة، بعد أن تعرض والده الثري إلى هزة مالية عنيفة أفقدته ثروته بما في ذلك قصره الجميل.

بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد، فأتاحت له تلك الوظيفة فرصة تشجيع ودعم الموهوبين من موسيقيين وفنانين تشكيليين.

في اعقاب الإنقلاب الذي اطاح بحكم عبد الكريم قاسم عام 963 تعرض الشيوعيون واليساريون لحلمة اعتقال واسعة فاضطر مظفر لمغادرة العراق، فهرب الى إيران في طريقه إلى الاتحاد السوفييتي السابق. ألقت المخابرات الإيرانية القبض عليه فتعرض للتعذيب قبل أن يتم تسليمه الى السلطات العراقية.

حكمت عليه محكمة عسكرية عراقية بالإعدام إلا انه تم تخفيفه إلى السجن المؤبد.

وتم وضعه مع غيره من اليساريين في السجن الصحراوي المعروف باسم "نقرة السلمان" القريب من الحدود السعودية-العراقية، حيثأمضى عدة سنوات ونقل بعدها الى سجن الحلة الواقع جنوب بغداد.

قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء السياسيين بحفر نفق من الزنزانة يؤدي الى خارج أسوار السجن، فأحدث هروبه مع رفاقه ضجة مدوية في أرجاء العراق والدول العربية المجاورة.

وبعد هروبه من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ستة أشهر، ثم توجه الى منطقة "الأهوار" في جنوب العراق وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة. وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع الى سلك التعليم مرة ثانية.

ثم شهد العراق موجة اعتقالات جديدة وكان من بين تعرض للاعتقال مظفر النواب وأطلق سراحه بعد فترة قصيرة.

غادر بعدها إلى بيروت في البداية، ومنها إلى دمشق. وتنقل بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام في دمشق.

وعاد النواب إلى العراق لأول مرة عام 2011 لكنه ظل ينتقل بين بغداد ودمشق وبيروت.

ومن أشهر قصائد النواب:

القدس عروس عروبتكم، وتريات ليلية، الرحلات القصية، المسلخ الدولي وباب الأبجدية، بحار البحارين، قراءة في دفتر المطر، الاتهام، بيان سياسي، رسالة حربية عاشقة، اللون الرمادي، في الحانة القديمة، جسر المباهج القديمة، ندامى، اللون الرمادي، الريل وحمد، أفضحهم، زرازير البراري.

***

وكالات الأنباء، بي بي سي، وغيرها

ها هي لعبة الفن المحفوفة بالأسئلة تجترح من الواقع شؤونها وشجونها حيث لا مجال لغير القول بالترحال نظرا وتشوفا وتأملا تجاه ما به يعلي التلوين من شأن الذات وهي تعانق حيرتها في عوالم من التحولات يوقع فيها الجسد نشيده وينحت مساراته في ضروب من غرائبية الحال والأحوال بالنظر لواقع حالم ومحلوم به وفيه..

ثمة كون من طفولة عالية تبين عن تعاطيها مع الذات والآخر ..ثمة أمنيات شتى تقول بالتلوين عنوان جهات وأفكار وأمنيات ..انه الفن يخط دروبه مثل نهر يرسم مجاريه في الأمكنة..في الصخر وفي الكلمات..

هاهي الكلمات الضاجة بما يعتمل في دواخل فنانة على امتداد عقدين من سفر مع اللون واشتقاقاته المحفوفة بالسؤال تلو السؤال ..بين تشكيل متنوع الرؤى وتلوين ينهل من طفولات يانعة أملا في الوقوف على حالات بين عنواني الواقعي والغرائبي وفق اقتراحات جمالية بين الرسّم، المنحوتة والتنصيبة    في مسارات مدهشة ويلونها الخيال في عناقه الحميمي لما نسميه الواقع  والمعيش ...

يفضي بنا كل هذا وغيره الى عوالم فنانة تشكيلية وباحثة تخيرت الذهاب الى مناطق أخرى في أرض الفن التشكيلي وقد عملت على ذلك منذ سنوات حيث المعارض التي أشارت الى رؤيتها المخصوصة فنا وجمالا ضمن قول بليغ بما يثير الأسئلة تجاه الجسد في تلوينات أحواله الغريبة في سياقات واقع متحول كل ذلك عبر تركيبات غرائبية وعجائبية..هي فسحة من التشكيل تجاه هذا الجسد العجيب الذي في عدوله عن الواقع يبتكر حيزا متعددا من المواقف والتعبيرات والحالات ..

حالات كثيرة في تعاطيها الشاعري مع ممكنات هذا الجسد في مفردات تعبيرية أنشأتها فنانتنا هذه رغبة وسؤالا وبحثا منذ سنوات والفن هنا وعندها مثل هذا السفر الباذخ في تطلعه الى صياغة عالم يبين عن جانب مشهود من الوجداني والانساني والفلسفي الجمالي..سفر يقدم هذا الحيز من مخرجاته في مرحلة بدت فيها محصلة هذا الغرام الفني الملون في صيغه وأشكاله هذه...

نعني هنا والآن فنانة صاحبة هذه التجربة ..الدكتورة ربيعة الرينشي التي تقدم لجمهورها واحباء فنها ورواد الفنون التشكيلية المعرض الشخصي الحاضن لتجربتها التي ذكرنا خصائصها واشتغالاتها وذلك بدار الثقافة بنابل وضمن بدعم من صندوق التشجيع على الابداع الفني والأدبي بوزارة الشؤون الثقافية وقد تم افتتاح المعرض يوم السبت 14 ماي الجاري ليتواصل الى غاية يوم 31 من ذات الشهر وضمن    رحلة  "..voyageعنوان "

انها رحلة الفن والنظر الجمالي بأشكال متعددة بين الرسم والنحت والتنصيب وما يعزز من الاطلاع المتعدد للجمهور حيث سفر الأعمال بين دروب وجهات متعددة بالبلاد وهي نابل، تونس، القيروان والمنستير.. هي فكرة السفر والرحلة التي سكنت دواخل الفنانة الطفلة الحالمة ربيعة الرينشي في سياق ولع فني وحلم بالتعدد في العمل الفني وفي المكان..3692 ربيعة الرنيشي

لوحات متعددة من عناوينها  "حديث ممتع "  و"لا تعبسي " و" حدثيني عنك " و"أحاديث ضاحكة " و" عالم الأنثى.. ثرثرة مفرطة "...في حساسية تامة تدعو الفنانة ربيعة نساءها المتخيلات في تعدد لوني وتلقائي في عفوية باذخة لتقول بالمرأة الساكنة بداخلها منذ طفولة يانعة ..حيز من الاستدعاء المضموني والشكلي في مساحاتالأعمال بهذا المعرض لأجل  ابراز حميمية تجاه المرأة بعنفوان سؤال ماهو دارج بين الواقعي والعجائبي من حيث الفكرة والشكل..

أعمال متعددة ومعرض متجول وتجربة حالمة تحمل أسئلة الوجدان والحنين والواقع وما هو متخيل بين كل هذا وذاك..انها رحلة الفن الصعب يدعو حيرة دواخله القديمة المتجددة..و الفن هنا وبالنهاية سؤال كينونة ...و حياة.

و المعلوم أن ربيعة الرينشي فنانة تشكيلية، دكتورة وباحثة تونسية في علوم وتقنيات الفنون، اختصاص فنون تشكيلية. درست كمتعاقدة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بنابل، مولودة في  بمدينة منزل بوزلفة من ولاية نابل. كتبت العديد من البحوث العلمية ونشرت في مجلة دولية محكمة ولها مساهمات في كتب جماعية وأخرى ثقافية ورقية ورقمية...شاركت في ملتقيات ومعارض دولية ومحلية من بينها ملتقى البرلّس الدولي للرسم على الحوائط والمراكب بجمهورية مصر العربية في أكتوبر 2018، أيام قرطاج للفن المعاصر في سبتمبر 2018 بتونس، كذلك بينالي تونس للفن العربي المعاصر في ديسمبر 2013 ونوفمبر 2019. كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية المحلية منذ سنة 2010 إلى غاية الآن، في مختلف الولايات التونسية. أيضا في رصيدها معرض شخصي يحمل عنوان" الخيال والزهرة" والمقام من 2 أفريل إلى غاية 30 أفريل سنة 2019 بدار الثقافة نابل. تتراوح تجربتها الفنية بين الرسم الخطي ، التصوير  وفن التنصيبة Installation ..و عن معرضها هذا تقول الفنانة ربيعة الرينشي "... يحمل معرضي الفني الشخصي عنوان "رحلة" وهو معرض في الفنون التشكيلية سيكون مترحلا ومتنقلا يجوب أماكن مختلفة من الجمهورية التونسية ، يجمع بين اختصاصات فنيّة مختلفة وهي الرسّم، المنحوتة والتنصيبة، بحيث  يكون منطلقه ومداره الخيال في تواشج مع الواقع المعيش من خلال تركيبات غرائبية وعجائبية. يقوم هذا المعرض على تشكيل الجسد الغريب أو العجيب الذي لا يشبه الواقع لكنه يعيش مواقف وتعبيرات ووضعيات وجدانية وجودية تشبه ما يعيشه الإنسان في الواقع. فهو بمثابة صياغة فريدة للواقع ، من خلال جملة من الأعمال التشكيلية التي سيتقاطع فيها التشكيلي بالاجتماعي، عبر رحلة في المفهوم والمادة والتقنية، يتمّ فيها مهادنة الجسد الخيالي وسبر أغواره وارتساماته  فيكون في التشكيل دعوة صريحة نحو مهادنة الغرائبي  والعجائبي .إنّ معرض "رحلة" هو رحلة في الخيال لخوض غمار الإنشاء والتكوين ، وهو رحلة ثنائية يتواشج فيها الخيالي والعجائبي بالواقعي في تكوينات مختلفة، وأنماط تشكيلية تبدأ من الرسم إلى النحت فالتنصيبة، وهو بحث في توالديّة العناصر التشكيّلية من بعضها البعض، عبر تطويع المواد المختلفة التي تساعد في تحول الجسد العجائبي من الفضاء الثنائي الأبعاد نحو الفضاء الثلاثي الأبعاد. حيث يخوض المتلقي في فضاء العرض رحلة حقيقية  تبدأ من التنقل أمام اللوحات المعلقة على الجدران وتنتهي الى فضاء التنصيبة التي يلجها المتلقي ويمشي داخلها ، حيث يتمكن من معايشة تجربة حسية معها، وذلك بلمس المنحوتات الخشبية  الملونة والتي يكون بعضها ثابت على الأرض والبعض الآخر معلق في السقف.  فهي  كذلك رحلة بين الجسد الثابت والجسد المتحرك. أقدّم من خلال هذا المعرض الفني المترحل صيغا للتعبير التّشكيلي الذي يعتمد على التحوّل بين اللوحة  والمنحوتة. ليكون مفهوم الرحلة عميقا ومتشعبا، يعبر بالضرورة  عن الرحلة في الخيال، في الذاكرة، في البيئة التي نعيش فيها، في المادة والتقنية والنمط الفني ( الرسم ، النحت ، التنصيبة). أيضا الرحلة عي ذلك المسار أو الطريق الذي سينتهجه هذا المشروع ليجوب العديد من الولايات التونسية في إطار اللامركزية الثقافية.  سيتمّ عرض العمل لاحقا في عدد من دور الثّقافة والمركّبات الثّقافية الرّاجعة بالنّظر إلى وزارة الشؤون الثقافية ضمن ولايات نابل، تونس، القيروان والمنستير وفق جدول زمني هو ( من 14 ماي الى 31 ماي 2022: بدار الثقافة نابل ومن 04 الى 14 جوان 2022: المركب الثقافي بالمنستير ومن 16 الى 26 حوان 2022: المركب الثقافي أسد بن الفرات بالقيروان وفي شهر نوفمبر 2022 بولاية تونس ...".

معرض مفتوح على مراحل وأمكنة..و ذهاب آخر للطرك الوعرة في دروب التشكيل وأعمال تقول بالنهاية ما يعتمل في عوالم هذه الفنانة التي هي ربيعة في هذا الربيع التونسي الملون كعادته بين الفصول...

***

شمس الدين العوني

 

ميسون البازأعلن رئيس منتدى الجياد للثقافة والتنمية نتائج مسابقة الجياد الدولية الثانية لعام 2022 حيث صرح المعاني انه كان إقبال عربي كبير على المسابقة لثقة المشاركين في مهنية ومصداقية المنتج الثقافي في منتدى الجياد معتبرا نجاح المسابقة هو نجاح لكل كاتب وكل هيئة ثقافية أردنية وعربية حريصة على العمل الثقافي العربي المشترك .

 وقد صرح المعاني ان الأعمال المقدمة تجاوزت 751 عمل من 17 دولة عربية كما استقبلت المسابقة مشاركات لكتاب عرب في دول الإغتراب في الأجناس الأدبية العشرة القصيدة العمودية والتفعيلة والنثر والقصة القصيرة والقصيرة جدا والخاطرة والمقالة والبورتريه والشذرة وأدب الطفل وقد فاز 86 مشاركا حيث تم تحديد ثلاثة مراكز لكل جنس أدبي حيث كانت المنافسة قوية جدا بناء على تصريحات لجنة التحكيم التي تمثلت في خمسة عشرة مبدعا واكاديميا من عدة دول عربية .

لقد استطاعت الدول الأكثر مشاركة على حصد اكثر الجوائز منها الأردن وسوريا والجزائر والمغرب والعراق ومصر علما ان خمسة عشرة دولة كانت حاضرة في الفوز .

كما بين المعاني ان هذا الجهد الذي استمر اكثر من شهرين خلفه فريق متكامل ومتجانس تنظيميا واعلاميا والكترونيا ابتدأ من الاعلانات حتى مرحلة تسليم النتائج .

وأشار رئيس الجياد المشرف على المسابقة انه سيكون حفل تكريمي عام في نهاية حزيران يتم من خلاله تكريم المشاركين وتوزيع الكتاب المخصص للأعمال الفائزة في عمان.

وعليه فقد كانت النتائج على النحو التالي:

أسماء كان لها نصيب الفوز في أكثر من جنس أدبي تم اعتماد المركز المتقدم أو اعتماد أعلى علامة اذا كان في ذات المركز .

سليم المسجد / اليمن

ياسر الأقرع / سوريا

لؤي شديفات / الأردن

اسامة حواتمة / الأردن

احمد الحمد الواجد / سوريا

مسعدة اليامي / السعودية

كريمة أحمد / ليبيا

طالب غلوم طالب / الإمارات

**

النتائج

1- القصيدة النثرية

المركز الأول

اميرة نويلاتي / سوريا

جاد عبدالله / الأردن

سهى بن بشير الجربي / تونس

المركز الثاني

توفيق بوشري / المغرب

خالد صالح علي /مصر

سامر حجيجي / فلسطين

ريمان هاني / الأردن

المركز الثالث

محمد محسن / العراق

عما محمد اغضيب / العراق

سناء انور العمري / الأردن

2- أدب الأطفال

المركز الأول

د حفصة زاهي / الجزائر

ميسرة جبر / الأردن

المركز الثاني

فادية عريج / سوريا

مسعدة اليامي /السعودية

أيمن دراوشة / الأردن

عيدة الزعبي / الأردن

المركز الثالث

عائشة بناني / المغرب

ريا الدباس / الأردن

وائل مكاحلة / الأردن

3- القصة القصيرة

المركز الأول

شاهيناز الفقي / مصر

ياسين خيرالله الزبيدي / العراق

المركز الثاني

عماد كوسا / سوريا

خديجة عقيل الحمروني / ليبيا

زياد السعودي / الأردن

المركز الثالث

محمد مقصدي / المغرب

يحيى اليعقوبي / فلسطين

محمد فولا / المغرب

4- الخاطرة

المركز الأول

عبدالملك بن مختار حسنوي / المغرب

فاتن شيمي / لبنان

بشار رشاد اسماعيل / الأردن

المركز الثاني

حنان سلامة / الجزائر

عزة أحمد / مصر

بغداد بني ياسين / الأردن

هبة الزيني / الأردن

المركز الثالث

أشرف محمد شرف / مصر

رنا غازي حلمي / الأردن

علي ابو الهيل سعودي / العراق

خالد دومة / مصر

5- شعر عمودي

المركز الأول

عبدالعظيم الحيداوي / المغرب

فؤاد نضال دالي / سوريا

محمد فاضل ابن المختار / موريتانيا

المركز الثاني

وردة ايوب عزيزي / الجزائر

جمال ربيع عبدالحفيظ / مصر 

حسن الكوفحي / الأردن

المركز الثالث

محمود يحيى الظللي / سوريا

حسام هرشة / فلسطين

حسن احمد خطاب / سوريا

 6- شعر التفعيلة

المركز الأول

ياسر الأقرع / سوريا

يمان الزعبي / الأردن

المركز الثاني

لؤي شديفات / الأردن

سليم مسجد / اليمن

فواز هايل خيو / سوريا

المركز الثالث

رمضان عبد الحميد زيدان / مصر

تومي عياد / الجزائر

7- المقال

المركز الأول

د منتصر نبيه / مصر

عامر قاسم اسماعيل / العراق

المركز الثاني

احمد محمود عبد الحميد / السودان

د سلطان الخضور / الأردن

عبد العزيز مبروك / مصر

المركز الثالث

كريمة أحمد / ليبيا

ياسمين فرحان جامع / الجزائر

محم الود طيب / موريتانيا

8 -القصة القصيرة جدا

المركز الأول

اسامة حواتمة / الأردن

محمد العلوي / العراق

المركز الثاني

ايمن عبدالحق / السعودية

هاني حواشين / الأردن

ايمان احمد المزيجي/ اليمن

اميمة الشعراني / سوريا

المركز الثالث

حسن ديدوش / المغرب

احمد الحمد الواجد / سوريا

طالب غلوم طالب / الإمارات

عزمي وزوز / الأردن

9- الشذرة

المركز الأول

عبدالسلام سنان / ليبيا

اياد الربيع / الأردن

المركز الثاني

اسامة محمود يوسف /سوريا

أحمد جمعة /مصر

رنيم ابو خضير /الأردن

المركز الثالث

ندى المنصوري /المغرب

سمر امطير البستنجي /الأردن

عشتار الدمشقي / سوريا

10- أدب الأطفال

المركز الأول

د حفصة زاهي / الجزائر

ميسرة جبر / الأردن

المركز الثاني

فادية عريج / سوريا

مسعدة اليامي /السعودية

عيدة الزعبي / الأردن

المركز الثالث

عائشة بناني / المغرب

ريا الدباس / الأردن

وائل مكاحلة / الأردن

11 - البورتريه

المركز الأول

أحمد هناندة / الأردن

باسل الزعبي / الأردن

المركز الثاني

دأحمد بني عيسى / الأردن

ندى حجازي / الأردن

المركز الثالث

الاء مشعل / الأردن

رزان الحواري / الأردن

***

تقرير: ميسون الباز

تم تتويج كتاب "السارد وتوأم الروح.. من التمثيل إلى الاصطناع" لمؤلفه الباحث والناقد والأكاديمي المغربي الدكتور محمد الداهي، بجائزة الشيخ زايد للكتاب بدورتها السادسة عشرة، في فرع الفنون والدراسات النقدية لعام 2022.

الكتاب سبق واعتبره عدد من النقاد والمثقفون العرب، من أفضل الكتب التي صدرت في العام الماضي.

في كتابه “السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع” ـ منشورات المركز الثقافي للكتاب 2021ـ يقدم الناقد المغربي محمد الداهي جديداً ومختلفاً لأنماط الكتابات الذاتية من منظور السيميائيات الذاتية.

عمل كبير، يمكن اعتباره استمراراً إبداعياً على المستوى المعرفي، لما راكمه الكاتب من أبحاث ودراسات سابقة حول السيرة الذاتية، على سبيل المثال كتاب “شعرية السيرة الذهنية: محاولة تأصيل” الصادر عام 2000. الكتاب الذي قال عنه الناقد المغربي د. سعيد يقطين:

“إن محاولة “تأصيل” جنس أو نوع ما، أو البحث في تشكله، هي من الأعمال التي لا يمكن أن يُقدِم عليها إلا من يروم النظر في الظاهرة بعيدا عن تجلياتها العادية أو الملموسة، وهو بذلك يرمي إلى النفاذ إلى أعماقها التي تصلها بغيرها، وتنظمها جميعا في نسق شامل وجامع.

1. 2. يدخل عمل الباحث والناقد محمد الداهي في هذا النطاق، فهو يسعى إلى اقتحام مجال “نظرية الأجناس” بوعي الباحث، وحس الناقد، يركز على نوع محدد هو “السيرة الذهنية”.

ينقسم كتاب “السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع” إلى ثلاثة أقسام. القسم الأول يُعنى بالعلاقة بين السيرة الذاتية والتاريخي، والقسم الثاني يتناول محكي الطفولة، والقسم الثالث يشتغل على استقصاء ما أسماه الكاتب “المنطقة البينيَّة” وهي المنطقة الملتبسة التي تفصل بين ملفوظات الواقع وملفوظات التخييل، لمقاربة ظاهرة التهجين.

الكتاب هو ثمرة جهد للكاتب استمر لما يربو عن ست سنوات متواصلة، لذلك فالكتاب يُعتبر من النوع “كامل الدسم” يعتبر من عيون الكتب، لمؤلف ثاقب النظر، وعميق الفكر.

يعتبر الكاتب محمد الداهي أن ما يميز كاتب السيرة الذاتية عن الكاتب الروائي هو أن “الأول يتعهد بقول الحقيقة وباستعمال ملفوظات جدية، ويخلق مسبقًا انطباعًا في ذهن القارئ أن ما يتلقاه مطابق للواقع، في حين يعمد الثاني إلى وضع ميثاق تخييلي حتى لا بأخذ كلامه على محمل الجد”.

عمد الكاتب محمد الداهي على تحليل متنوع في الكتاب الذي تضمن نحو ثلاثين مؤلفا من السرد الشخصي، اشتملت مراحل مختلفة من تاريخ السرد الأدبي العربي، لمؤلفين مثل: “التعريف” لابن خلدون، و”أوراق” لعبد الله العروي، و”الضريح” لعبد الغني أبو العزم، و”ثمن الحرية” لعبد الهادي الشرايبي، و”ثورة المريدين” لسعيد بنسعيد العلوي، و”أنشودة الصحراء الدامية” لماء العينين ماء العينين، و”الرحلة الأصعب” لفدوى طوقان، و”فيي الطفولة” لعبد المجيد بنجلون، و”البئر الأولى” لجبرا إبراهيم جبرا، و”دليل العنفوان” و”دليل المدى” و”من قال أنا” لعبد القادر الشاوي، و”ممر الصفصاف” و”رجال ظهر المهراز” لأحمد المديني.

كتاب “السارد وتوأم الروح: من التمثيل إلى الاصطناع” رائع البيان وشاسع المعنى، بأسلوب شيّق، ولغته راقية جداً. قال عنه الناقد المغربي أحمد المديني “هي أمتن دراسة مدققة وموثقة في المحكيات الذاتية العربية الحديثة، بمنهجية تتراوح بين محمول النصوص ومنظورات الدرس النقدي الجديد، وتستجلي تمثيلات الواقع بين حقيقته وتخييل الذات، مستعملة المصطلح العالم بالرأي المركب لا الحاكم”.

***

حسن العاصي

باحث وكاتب فلسطيني مقيم في الدنمارك

 

التحقت شيرين أبوعاقلة بقناة الجزيرة في عام 1997، أي بعد عام من انطلاق المحطة. وقبل الالتحاق بالجزيرة عملت أبوعاقلة في إذاعة فلسطين وقناة عمان الفضائية.

وطيلة ربع قرن تابعت أبوعاقلة كل الأحداث الخطيرة التي شهدتها وتشهدها الأراضي الفلسطينينة المحتلة.

ولدت شيرين أبوعاقلة في عام 1971 في مدينة القدس. وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك في الأردن.

عادت بعد التخرج إلى الأراضي الفلسطينية وعملت في عدة مواقع مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو.

درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة المكتوبة. وفي حديث سابق للجزيرة تقول أبوعاقلة إن إسرائيل اتهمتها دائما بتصوير مناطق أمنية، وتوضح أنها كانت دائما تشعر بأنها مستهدفة وأنها بحسب قولها في مواجهة مع "جيش الاحتلال والمستوطنين المسلحين".

وتروي أبوعاقلة أن "من أكثر اللحظات التي أثرت فيها هي زيارة سجن عسقلان والاطلاع على أوضاع أسرى فلسطينيين بعضهم قضى أكثر من 20 عاما خلف القضبان"، حيث نقلت عبر الجزيرة معاناتهم لذويهم وللعالم.

وتعود أصول الإعلامية الراحلة شيرين أبو عاقلة، إلي مدينة بيت لحم ولكنها ولدت وعاشت في القدس، وأنهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا.

وكانت الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية اليوم ومخيم جنين تحديدا، قد شيعت جثمان الصحفية شيرين أبوعاقلة، ومن المتوقع أن تدفن في القدس بعد الصلاة عليها في كنيسة دير اللاتين في جنين .

وشاركت جماهير كبيرة في موكب تشييع الإعلامية الفلسطينية، وجاب موكب التشييع أحياء جنين، إذ قتلت شيرين على أبوابها برصاص القوات الإسرائيلية بحسب شهود عيان.

واتهمت الجزيرة إسرائيل بقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة برصاص قناص أثناء تغطية اقتحام القوات الإسرائيلية مدينة جنين في الضفة الغربية المحتلة.

كما أصيب الصحفي على السمودي برصاصة بالكتف، هذا ما ذكرته وكالات الأنباء اليوم 11 – 5 – 2022م.

وقال شهود عيان إن الجيش أطلق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين والطواقم الصحفية. وأطلق الرصاص على الصحفية شيرين التي كانت ترتدي سترة الصحافة التي تميزها عن غيرها أثناء التغطية.

الجريمة واضحة، والأيادي الأثيمة طالما قتلت الفلسطينين والاحرار. تغمد الله الشهيدة البطلة شيرين ابو عاقلة برحمته الواسعة وألهم ذويها ومحبيها الصبر .

بعملٍ ثقافي أدبي فني متقن رائع، أمضينا أمسية ثقافية مبهرة ممتعة، تحت عنوان (تحولات) مضى فيها الوقت سريعاً  تشارك فيها (الشعر والموسيقى والغناء والتمثيل).

الشاعر القدير (عدنان الصائغ ) القادم من مدينة الضباب ،بصوته الشفيف أنشد للحضور نصوص دافئة تنبض بالحنين واللوعة والآهات والوجع، من ديوانه (هذيان الذاكرة المرة) ومقاطع أخرى من ديوانه (نشيد أوروك) وديوان (تأبطَ مَنفى). رافق قراءة (الصائغ) لقصائده، صوت (ناي) حديث (فلوت) لفانة سويدية جميلة أحد أعضاء الفرقة المسرحية، كانت بزفير مقنن من فمها وأناملها الرقيقة تداعب نايها الفضي لتٍسحر الحضور الذي غصت بهم قاعة المسرح الصغيرة.

فيما كان الحضور ينصت مبهوراً مشدوداً لصوت المبدع الفنان (علاء رشيد) وهو يطوف بنا بعوالم الغناء والشعر الصوفي الساحر عالم (مولانا جلال الدين الرومي والحسين بن منصور الحلاج ورابعة العدوية) والحان الموسيقار الملا عثمان الموصلي، وعلى نغم (نقرات الدف / الرق) وجلجلة صنوجه المعدنيّة، وهو يطرق نوافذ العشق والفراق، يرافقهم صوت سحر (الناي/ الفلوت) الذي يخرج من أعماق الروح فيبث الحنين وأوجاع الشجن.3656 مسرح السويد

الفنان (علاء رشيد) شد الجمهور إليه، وهو ينشد قصيدة (ياعذولي لا تلمني):

يا عذولي لا تلمني ما على العاشق ملام

ادنُ مِنّي وأروي عنّي أنا في العشق إِمام

خمرةُ الأحباب تجلى هيَ حلٌّ لا حرام

من دموع العين تملى مائها البر السلام

وقد تألقت الفنانة (ريام الجزائري) وهي (تمسرح) قصائد (عدنان الصائغ) قراءة وتمثيلاً باللغة العربية، ترافقها قراءة لنفس النص فنانة أخرى تقرأ النص (باللغة السويدية وتارة أخرى باللغة الإنكليزية).

في مشهد (مشترك) تشارك فيه (الموسيقى والغناء والشعر) لمقطع من ديوان الشاعر عدنان الصائغ الموسوم (تأبطَ مَنفى):

صوت (الناي المشحون بالشجن) لعازفة سويدية، وصوت  غنائي شجيّ يبث شكواه إلى (الرب) من هول المحن، صوت الفنان (علاء رشيد) وهو يغني مقطع من القصيدة؛  وبقراءة موجعة كحزن روح (النص) قرأ الشاعر (عدنان الصائغ) مقاطع من قصيده؛  تلك القصيدة التي أقصت وحرمت الشاعر (عدنان الصائغ) من المشاركة في مهرجان (للشعر) كانت قد تمت دعوته إليه في (عمان / الأردن) أدناه مقطع من القصيدة:

(سأقذفُ جواربي إلى السماءِ

تضامناً مع من لا يملكون الأحذيةَ

وأمشي حافياً

أُلامسُ وحولَ الشوارعِ

بباطنِ قدميَّ

محدقاً في وجُوهِ المتخمين وراءَ زجاجِ مكاتبهم

آه ...

لو كانت الأمعاءُ البشريةُ من زجاجٍ

لرأينا  كمْ سرقوا من رغيفنا

أيّها الربُّ.)3657 مسرح السويد

وقبل ختام الأمسية، أدارت الفنانة (ريام الجزائري) بروح مرحة حواراً صريحاً ممتعاً  مع الشاعر المحتفى به (عدنان الصائغ) والذي تحدث فيه عن أبرز محطات حياته (الكوفة مكان الولادة (1955) والنجف ونهر الفرات وبغداد والحروب العبثية)، وأبرز محطات تنقلاته في هجرته (الأردن وسوريا ولبنان والسويد وأخيراً استقراره في لندن) وتحدث عن ظروف كتابته لديوانه (نشيد أوروك) الذي عجل بهجرته من العراق عام(1993) وكذلك حدثنا عن ديوانه الشعري الأخير (الضخم ) الموسوم (نردُ النصِّ)  والتي تعد أطول قصيدة بالشعر العربي أذ تبلغ عدد صفحات الديوان (1380) صفحة.

بشفافيته العذبة أجاب الشاعر (عدنان الصائغ) على أسئلة واستفسارات الحضور.

تخلل الأمسية استراحة قصيرة لمدة ربع ساعة كانت فسحة جميلة للتحدث مع الاصدقاء وتناول كوب من القهوة والتقاط بعض الصور التذكارية.

تحية كبيرة لفرقة مسرح (يالادا) لنشاطاتها المتميزة الجادة.

***

بقلم: يحيى غازي الأميري

كتبت في مالمو الجمعة 06 /أيار ــــ مايس 2022

 

أقام مخبر الدراسات اللغوية والأدبية التابع لقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة سوق أهراس/ الجزائر ندوة علمية صبيحة يوم الثلاثاء،ناقشت موضوع "اللغة والهوية "،حيث حاضر فيها كل من: أ. د. محمد صاري،أ.د.سليمة لوكام،أ.د.عبد الوهاب شعلان، د. مالك عوادي،وقد افتتح أشغال الندوة مدير المخبر د.عبد الرحمن مشنتل،ثم سلم الكلمة لرئيسة الجلسة د.غزلان هاشمي التي قالت:

"بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،بداية أرحب بأساتذتي الأفاضل المحاضرين منهم والحضور بكل الزملاء والطلبة والمهتمين،نلتقي اليوم وفي هذه الندوة المباركة التي ارتأى مخبر الدراسات اللغوية والأدبية أن تحتفي بموضوع "اللغة والهوية" بناء على توصيات الندوة السابقة أو المقترح الذي قدمته د.لوكام، لذلك أسعد وأتشرف اليوم بأن أكون بين أساتذتي الأفاضل منصتة ومستمتعة ومتعلمة: ..... ".

قدم أ.د.محمد صاري مداخلة موسومة بـ"أمن اللغة العربية وحالتها الصحية بين التهويل والتهوين "

بين فيها أن الهدف من هذه الورقة البحثية الكشف عن الذات والموضوع في قضية اللغة العربية،ووضح أن المداخلة تأسست على ستة عناصر: أولها: المقدمة التي تحدث فيها عن مستقبل الأمن اللغوي خاصة في زمن الهيمنة والعولمة،فالأمن اللغوي قضية هامة جدا إذ تعد ـ حسب قوله ـ جزءا من الأمن القومي،هذا وذكر جملة مؤلفات عربية وأجنبية تحدثت عن هذه المسألة ناهيك عن ذكر عن مشاريع لغوية متعددة...

العنصر الثاني: اللغة أخطر النعم: ذكر فيها أهمية اللغة .... العنصر الثالث: أسئلة لابد منها: طرح أسئلة كلاسيكية وحديثة منها: ماالتحديات التي تهدد اللغة العربية في وجودها ؟لماذا الخطاب المتشائم عن مستقبل اللغة العربية وتراجعها ؟ هل يستقيل الخيار اللغوي بمعزل عن الخيار السياسي؟... هل يمكن أن نراهن على المقدس من جديد؟ وهل من السهل ذلك في زمن هيمنة الإسلاموفوبيا؟..

العنصر الرابع: اللغة العربية في المجتمع الرقمي: تحدث عن تعويض اللغة بالأرقام،هذا النوع في نظره من غير المعقول أن يكون عفويا ومن صنع أناس عاديين،والسؤال هنا: ما مستقبل اللغات خاصة العربية أمام هذا النوع من التواصل؟ أليست أدوات لاغتيال اللغة العربية ؟.

العنصر الخامس: اللغة العربية وخطاب التهويل والتهوين: اختار  ثلاثة نماذج لكل منهما:  فمع التهوين هناك من يشك في اللغة العربية وقدرتها،من ملامحها: هشاشة الوعي بأهمية اللغة العربية؟ من ذلك حضورها الشكلي وغيابها الوظيفي،ومن الملامح أيضا التلوث اللغوي خاصة في وسائل الإعلام والواجهات..،الملمح الثالث: انتقال الطالب انتقالا مفاجئا من تلقي العلوم بالعربية إلى تلقيها بالأجنبية .

أما عن خطاب التهويل: مثل بدراسة عبد السلام المسدي مع كتابه الساخر:  العربي والانتحار اللغوي، وقد ألف كتابا آخر بلغة هادئة بنفس المحتوى مع تغيير طفيف في الفصول فيمابعد على سبيل الاستدراك عنوانه"الهوية العربية والأمن اللغوي".

وكذا بدراسة نبيل علي ونادية حجازي"الفجوة الرقمية: رؤية عربية لمجتمع المعرفة"،الثالث"جمعي بولعراس"معايير الحالة الصحية للغات وموقع اللغة العربية منها".

العنصر الأخير: خاتمة: فيها تثمين للمكاسب،من أجل الكشف عن مدى تمدد العربية أو تقلصها في المشهد الراهن،وكأنها نقطة تقويم،وقد وضح أن العربية لم تكن بأحسن حالا مماهي عليه اليوم،وكخلاصة: بين أن العصر الرقمي قدم للعربية خدمة من خلال تسهيل انتشارها واستخدامها ...

أما أ.د.سليمة لوكام قدمت مداخلة بعنوان"بين قداسة اللغة وتقديسها: آسيا جبار،إدريس الشرايبي"

اعتبرت مداخلتها عبارة عن جملة إشكاليات تثير النقاش أكثر من كونها محاضرة أكاديمية، أثارت مسألة الكتابة بلغة الآخر،لغة المنافي ولغة المثاقفة والحوار،لغة المزدوج،بينت من خلال قراءتها لمتون روائية كتبت بلغة الآخر أنه لايكاد يخلو نص من الإشارة إلى علاقة ما باللغة،علاقة حميمة تصل إلى حد التقديس،لطف اللغة،اللغة الثانية،الحنين للغة...أو الكتابة عن التراث الذي يشير إلى هذه اللغة،وهذا لا نجده في متون روائية كتبت بالعربية حسب قولها .

الأمر الثاني الذي بينته أن "هذا المعطى ينشئ نصوصا جديدة بمعطى جديد وبمهوية جديدة،تتجاوز اللغتين إلى أرض ثالثة لا هي عربية صميمة ولا فرنسية خالصة"،اختارت: آسيا جبار وإدريس الشرايبي اللذان تحدثا عن اللغة والمقدس وكذا عن الراهن وارتباطه بالهوية والدين والذاكرة،عن الإيقاع،وما كتباه ـ وحتى روائيين آخرين ـ عن ثقافة الآخر غائب إذ لا يحيل هؤلاء على تاريخها، مثلا نص الطاهر بن جلون فيه إشارة إلى ثقافة الآخر التي تخدم الأنا ...عبد الكريم الخطيبي عبد الفتاح كيليطو آسيا حداد ..كانوا أكثر تعاطيا مع مسألة اللغة أكثر ممن كانت بداياتهم قرآنية،اختارت د.لوكام أن تحاور في مداخلتها أغلب أعمال آسيا جبار: بياض الجزائر،المرأة التي لا قدر لها،الحب والفانتازيا،رحيل اللغة الفرنسية... والتي فيها حديث عن اللغة العربية،ففي إحدى تصريحاتها قالت: "اللغة العربية هي الأم واللغة الفرنسية هي زوجة الأب".

من خلال قراءتها لرواياتها تساءلت: لم هذا الحنين كله للغة؟ ولم ربط اللغة بشكل تقديسي؟.

إدريس الشرايبي في سيرته الذاتية يقول بأنه دخل المدرسة القرآنية وتعلم فيها العربية وقال عنها:   لغة تشبه بشكل غامض لغتنا،ولا ندري ما الذي يقصده بلغتنا؟.له رواية "رجل الكتاب"عبارة عن سيرة للرسول وفيها تحدث عن جمال اللغة العربية وعن المعلقات .....،خلصت إلى أن باختيارهم لغة الآخر يلوذون بالتراث واللغة القديمة ويظهرون تعاطفهم مع شعرية عربية ما ...

أما د.مالك عوادي فقدم مداخلة بعنوان"اللغة والهوية في فكر الشيخ عبد الحميد بن باديس"

وضح فيها أن تناوله لهذا الموضوع هو من باب الإخلاص للتاريخ،لكنه لا يدعي أنه محاميا لابن باديس ولجمعية العلماء،تتناول في مداخلته: مفهوم الهوية واللغة،والهوية في فكر ابن باديس،جهاد ابن باديس في دفاعه عن مرتكزات الهوية في مقدمتها اللغة ...،

بين أن في فكر ابن باديس ثلاث مرتكزات للهوية: الإسلام والعروبة والوطن،ففي القضية الأولى يذكر أن الغاية من الحياة هو الإسلام،في مسألة الوطن: هناك من يتحدث عن الحركة الإصلاحية في الجزائر ويقول أنها كانت بعيدة عن المنحى الوطني وأنها لم تسهم في الثورة بشكل جيد وهذه كلها حسب رأيه مغالطات،بينما صك ابن باديس شعارا يعزز قيمة الوطن،المرتكز الثالث من مرتكزات الهوية: اللغة العربية،فأعضاء جمعية العلماء يشتركون في الحديث عن هذه الأقانيم والمقدسات الثلاث،ابن باديس في الدفاع عن الإسلام تصدى للمستعمر من خلال أعلامه ومثقفيه كذلك،بمقالات نشرت في جريدة الشهاب .التركيز على العربية والعروبة في كتاب العرب في القرآن،والاعتزاز بالشخصية العربية،كما تحدث عن مسألة ارتباط اللغة بالقرآن الكريم...

قدم أ.د.عبد الوهاب شعلان مداخلة موسومة بـ"مسألة اللغة في كتابات فلسفية: نظرات في بعض الأطروحات"

وضح فيها أنه سيتحدث عن مسألة الهوية منفصلة عن مسألة اللغة،قال: "في كتابه مسألة الهوية الإسلام والغرب" يبدأ الجابري بسؤال فيهه الكثير من الالتباس على الرغم من أنه يبدو واضحا لدينا: ماالعربي؟، ويعلق بأنه ستختلف الأجوبة عن هذا السؤال بحسب الأطراف الموجهة إليهم هذا السؤال،مما يعني أن سؤال الهوية غامض وماكر وملتبس،فالأجوبة متعددة،لو طرحنا هذا السؤال على الأوربي كذلك ستتعدد الإجابات،فالملاحظ أن مفهوم الهوية ينطوي على مايضاده وهو مفهوم الغيرية،فالهوية غيرية بالنسبة للآخر والغيرية هي هوية بالنسبة للذات،ومبدأ الهوية مبدأ منطقي،ففي المعنى الحديث والمعاصر صار مفهوما إيديولوجيا،حتى في ثقافتنا العربية وتراثنا ليس هناك شيء موجود اسمه الآخر،فالآخر مفهوم حديث ومترجم ومنخرط في التفاعل الثقافي الموجود الآن،والغيرية شرط أساسي وميتافيزيقي لوجودنا،من دون الآخر ليس هناك وجود أو عالم،فالغير هو الامتلاء والاكتمال،نتذكر مقولة رامبو: الأنا هو الآخر،والإنسانية تطمح إلى ماسماه بول ريكور البحث عن حياة سعيدة مع ومن أجل الآخر في كنف المؤسسات العادلة،وهو طموح مثالي قلما يتحقق في الواقع نظرا لاكراهاته وتناقضاته".

هذا وذكر عبد الكريم الخطيبي في مسألة الهوية وحسب قوله:  "يطرح جملة مفاهيم أساسية منها: مفهوم الاختلاف الوحشي ويقصد به ذلك الانفصال الزائف الذي يلقي بالآخر مطلقا، فهو يؤدي بظلال الهويات المجنونة أو الهويات القاتلة بحسب تعبير أمين معلوف، الثاقفوية والقوموية النزعة العربية ...،ويطرح مفهوم الهوية العمياء التي تركن للتراث وترفض فكرة الاختلاف،ولتجاوزهما معا يطرح الخطيبي مفهوم النقد المزدوج الذي يطال الذات والآخر معا،في مقابل الهوية العمياء تطمح الإنسانية إلى هوية تتبنى فكرة الإنسان وهو الانتماء الطبيعي..،في كتابه"الهجرة إلى الإنسانية" يقدم فتحي المسكيني طرحا يربط بين الهوية والكراهية،هل تحتاج الشعوب إلى الانفعالات الحزينة؟.فالكره هنا هو كره جمعي لاواعي وليس كرها فرديا، هو نوع من الكره الثقافي ينمو حسب حاجات المجتمع..."بين الأستاذ شعلان كذلك أن الهوية ترتبط أيضا بمفهوم الهيمنة وعلى رأس من طرحها إدوارد سعيد...

تقتضي الهوية أيضا حسب رأيه مفهوما متداولا بكثرة وهو "التسامح" يقول عنه أنه: " يبدو مفهوما إنسانيا متعاليا لكنه ينطوي على الالتباس والغموض،فقد تداوله فلاسفة فرنسا خاصة في سياق الحروب التي دارت بين البروتستانت والكاثوليك،الجابري يقول نحن ندعو للتسامح لكن نتسامح مع من؟"،بين أن الذين يروجون لهذه الفكرة هم الضعفاء من وجهة نظر الجابري،"حتى من طرحها من الغرب كانو الرافضين لأسسها كادغار موران..،ومع التأمل في مصطلحي التسامح واللاتسامح كلاهما ينطوي على ضرب من الاستبداد والسلطة،دائما مايرتبط التسامح بالاستثناء،ويقتضي هذا المفهوم أيضا مفهوم حوار الحضارات،هو مفهوم جميل لكن كما يقول الجابري قد يكون غير برئ وملتبسا،فحوار الحضارات كما ذكر الجابري هي ممارسة تلقائية لا تحتاج إلى دعوة،وحتى وإن قبلنا الحوار مع الغرب فأهل الحضارة ليسوا سواء،إذ الغرب متداخل ومتعدد وحرب أوكرانيا خير مثال على ذلك...".

وضح في خاتمة حديثه أن الهوية تطرح ضمن مسألة معينة وهي مسألة الاختلاف: التفكيك والتعارض والتداخل...،وتساءل: "كيف نتعامل مع هذا الطرح؟"....

فتحت رئيسة الجلسة باب النقاش حيث قدمت"بلفاسي مريم" تعقيبا عن محاضرة د.صاري،وهو كالآتي: "قال في خاتمته وسائل التواصل ساهمت بالمضي باللغة العربية قدما فعلى أي أساس تصدر هذا الحكم خاصة أن المسدي عد ذلك تفريطا لغويا ؟فكلما كثر الرفاه التكنولوجي كثر التلوث اللغوي ؟"

وأما بدر الدين درارجة تساءل: هل الهوية هي اللغة أم اللغة هي الهوية؟.

هذا ووجه د.ياسين سرايعية تساؤلا للدكتور عوادي: "ألا تعتقد أننا يجب أن نتجاوز هذه الخطابات التبجيلية التي يقولها رواد النهضة؟نحن نحتاج هذا الفكر من خلال إنزاله في قضايا معاصرة"،ثم وجه كلامه للأستاذة لوكام: "الشرايبي لا يمكن أن ننزله منزلة الخطيبي،فهو كتب عن الثقافة العربية ولم يكتب بهدف إظهار تعلقهما بثقافة اللغة العربية،فمثلا كتابه الماضي البسيط أثنى عليه الطاهر بن جلون ليس من باب الإثناء على العربية،فقد أراد أن يبين أهمية المستعمر بالنسبة لهذه الثقافة،كذلك آسيا جبار جاءت لتكتب عن تحرير المراة العربية المسلمة وتحررها بلغة الآخر.."،هذا ووجه تساؤلات للدكتور صاري: "ماهي البدائل التي يمكن أن نراهن عليها؟ هل نحن في حاجة للمقدس؟،وفي ختام تدخله قدم تساؤلات للدكتور شعلان: "التسامح موجود عند دريدا وهو من رواد الاختلاف، فالتسامح لا يعيش إلا في كنف الاختلاف ؟،ألا تعتقد أن هؤلاء حينما تحدثوا عن الحوار والتسامح سموا بالإنسان إلى المستوى الذي يجب أن يكون عليه؟".

أما علاء الدين فداوي فوجه تساؤله للأستاذ شعلان: "على ذكر نقطة التسامح اللغوي،مثلا في الجزائر مع التعدد والانفتاح على هذه اللغات،هل يعد ضرورة في الوقت الراهن أم مع رفضك لهذه الفكرة نعود لحرب اللغات ؟ ألا تعد البديل عن فكرة الصراع اللغوي خاصة في الجزائر مع وجود الفرنسية والأمازيغية ..،ألا يعد الانفتاح على الامازيغية خطرا على العربية أم أنه ضرورة ؟"

هذا وقدمت الأستاذة سعيدة جلايلية تعقيبا على كلام د.سرايعية،قالت: "علق على محاضرة عوادي وقال أنه يجب أن نكتفي من هذه التمجيديات وأن ندرس التراث بأسئلة معاصرة،في التراث هناك الكثير من التاريخ المسكوت عنه،خاصة تراث جمعية العلماء المسلمين، يحتاج تاريخنا إلى إعادة كتابة والنبش عن المسكوت عنه"،ثم وجهت سؤالا للأستاذ شعلان: من خلال تعليق المسيري على دريدا،كيف نحدد هويتنا إذن؟

أما فاطمة الزهراء كامل تساءلت: "أستذكر كتاب قلق المعرفة للبازعي الذي تحدث فيه عن قلق الانتماء وقلق المعاصر،تناول فيه الحديث عن ادوارد سعيد،أتساءل إن كان تفكيك إدوارد للاستشراق أنه كان بغاية إرجاع المكانة العربية أم أنه لرؤية غربية فقط؟"

وفي ختام الأسئلة قدمت لمياء عميرش تساؤلات قالت: "في مسألة اللغة والهوية كيف يمكن للجماعة أن تحافظ على هويتها في ظل هذا الانفتاح ؟فالجماعات المتطورة لا تجد حرجا بينما الجماعات المتأخرة تجد حرجا في الانفتاح؟هل تشكلت الهوية العربية أم هي في قيد التشكل؟".

وبعد رد الأساتذة المحاضرين على جملة الأسئلة الموجهة إليهم ختمت الجلسة.

***

بقلم د.غزلان هاشمي 

3371 زاهد امينحاز الباحث الهندي "زاهد أمين" شهادة الدكتوراه في الفلسفة ـ في جامعة دلهي الهندية / قسم اللغة العربية وآدابها عن  بحثه الموسوم (رؤية المنفى والإغتراب في الشعر العراقي، بالإشارة الخاصة الى شعر يحيى عباس عبود السماوي) بإشراف أ. د. مجيب أختر .

تناول الباحث في أطروحته موضوع المنفى والإغتراب بمعنييهما الجغرافي والنفسي وانعكاسهما في التجربة الشعرية للشاعر العراقي يحيى السماوي .

 وقد أجمعت لجنة المناقشة في جلستها المنعقدة  يوم السبت الموافق ٢٢/٢/ ٢٠٢٢ على منح الباحث شهادة الدكتوراه بدرجة جيد جدا.

 يُذكر أن المنجز الشعري ليحيى السماوي قد حظي بالعديد من رسائل وأطاريح الماجستير والدكتوراه وبحوث الأستاذية في كبريات الجامعات الإيرانية والتركية والهندية وفي العديد من الجامعات العراقية والعربية .  

3372 زاهد امين

 

من الفتح الإسلامي حتى سقوط دولة المرابطين

في عرس جديد للدراسات المغربية والأندلسية، نوقشت مؤخراً في كلية دار العلوم بجامعة المنيا رسالة دكتوراه بعنوان "الآثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية للكوارث الطبيعية في بلاد المغرب والأندلس من الفتح الإسلامي حتى سقوط المرابطين" للباحث وليد محمد توفيق أحمد، بإشراف الدكتور أشرف سمير توفيق، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية المساعد بكلية دار العلوم جامعة المنيا، وناقشها الأستاذ الدكتور صلاح سليم طايع، أستاذ التاريخ الإسلامي وعميد كلية الآداب بجامعة جنوب الوادي بقنا، والأستاذ الدكتور نصاري غزالي أستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية في كلية دار العلوم بالمنيا، وقد أثنى أعضاء لجنة المناقشة على المجهود الذي بذله الباحث في الرسالة، حيث امتلك الباحث أدواته في البحث التاريخي من الوثائق والمراجع والمصادر العربية والمعربة واستعان أيضاً بالمصادر الأجنبية التي تخص الموضوع ووظفها بدقة، واستعرض الباحث الدراسات التي سبقته في موضوعه هذا، وهي مقالات وأبحاث صغيرة لم توف الموضوع حقه، فشمر عن ساعد الجد وواصل الجهود حتى توصل في النهاية إلى نتائج جديدة.

وفي السنوات الأخيرة ركز الباحثون في مجال تاريخ المغرب والأندلس على الجوانب الحضارية المشرقة ودراسة الظواهر الاجتماعية، في حين ظلت بعض القضايا الأخرى بعيدة عن مناطق الضوء ودراسات الباحثين.

ويقول الباحث في مقدمة الدراسة: "ومن المعلوم أن بلاد المغرب والأندلس قد شهدت العديد من التحولات والأزمات والانعطافـات الحاسمة التي كان لها تأثيرها الواسع والملموس على الأوضاع السياسية والحضارية ً معا في بلاد المغرب، ومـن هـذا القبيـل كانـت ظـاهرة الكـوارث الطبيعيـة في بلاد المغرب وتتمثل هذه الكوارث في موجات الجفاف والمجاعات والأوبئة والزلازل والسيول والفيضانات والآفات الزراعية وما إلى ذلك. ولقد تعرضت بلاد المغرب والأندلس − كغيرها من البلاد الإسلامية − للعديد من الكـوارث والجـوائح التـي كانـت تلـم بهـا مـن فـترة لأخـرى; ً فأحيانـا كانـت الـبلاد تتعـرض للقحط الذي يحدث إما لانحباس الأمطار أو لتأخر سقوطها عن موسم البـذر فينـتج عـن ذلك شح الغذاء وندرته مما يسبب المجاعات التي يصاحبها في الغالـب الأوبئـة والأمـراض الفتاكة، وفي أحيان أخرى نجد ً وضعا ً مغايرا لذلك حيث تشهد البلاد سلسلة مـن الأمطـار الشديدة المتصلة والعواصف الصاعقة والرياح مما يسبب السيول والفيـضانات التـي تجتـاح البلاد مسببة الغرق والـدمار لمختلـف المنـشآت العمرانيـة، كـما تـؤدي إلى إتـلاف المحاصـيل وجرف التربة وبوار الأراضي الزراعية.

ثم يذكر أن هذه الكوارث قد شكلت خطراً حقيقياً هدد حياة السكان في المغرب والأندلس، وكذلك أثرت أشد التأثير على مجريات الأحداث، وكان لها انعكاساتها وتداعياتها الوخيمة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والعمرانية، بل إن تأثيراتها السلبية امتدت لتشمل الحياة العلمية والثقافية في المغرب والأندلس.

والجدير بالذكر هنا أن الكوارث الطبيعية على الرغم من الدمار التي تخلفه بعد حدوثها، ولكن نجد هناك جانب إيجابي وهو الوعى لدى الإنسان إذ يعمل على كيفية معالجة هذه الكوارث بالحلول العلمية، وكيفية أخذ الحيطة والحذر عند تكرار هذه الكوارث، لذلك فهي تعمل على تنمية القدرات والوعي في المجتمع.

وقد عزى الباحث إلى أن حدوث المجاعات راجع إلى عاملين أساسين هما: عامل بشري من صنع الإنسان، يتمثل في فرض الضرائب على الرعية، وكذلك الحروب والفتن التي تقضى على الزرع، وتثير حالة من الزعر بين الناس، مما ينتج عنهما عزوف الناس عن الفلاحة، مسبباً أزمات اقتصادية، وحدوث غلاء في الأسعار، وقد يصل الأمر لحدوث مجاعات، أما العامل الثاني فهو العامل الطبيعي الناتج عن تذبذب في المناخ، لأن كثرة الأمطار أو قلتها ينتج عنها حدوث مجاعات، وغلاء في الأسعار، وكذلك السيول، والأوبئة، وانتشار الجراد، وكافة الكوارث الطبيعية التي غالباً ما كان ينتج عنها مجاعات.

ثم أكد الباحث أن الكوارث الطبيعية قد أثرت في حدوث حالة من عدم الاستقرار السياسي، بحدوث الفتن والثورات التي صادفت وقت حدوث المجاعات وبعض الكوارث الطبيعية، فقد استغل بعض المتمردين على الحكومات حدوث الكوارث الطبيعية، وقاموا بالثورات، وإثارة الفتن والقلاقل. كما أن بعض الكوارث الطبيعية قد أثرت على الجيوش، وخاصة السيول والأوبئة، وعملت على إيقاف الحروب، أو الانسحاب من المعركة، أو انقلاب مجرى أحداث الحروب من النصر إلى الهزيمة. كما تؤدي إلى إضعاف الدولة مما يجعلها فريسة سهلة للعدو، كما حدث في نهاية حكم الولاة العباسيين في الأندلس بحدوث المجاعة التي أضعفت من قوة الجيش، وهجم النصارى على الثغور الشرقية للأندلس، وحدث مرة أخرى في المجاعات والكوارث التي وقعت في عهد ملوك الطوائف بالأندلس.

وأكد الباحث أن الحكومات في المغرب والأندلس قد تصدت لبعض الكوارث الطبيعية أما بتقديم يد العون للناس، أو ببعض التقنيات الأخرى مثل إقامة السدود، وتنظيم مشاريع الري، وتخزين مياه الأمطار، كما تم استحداث نظام الخطارة وهو نقلة جيدة في نظام جلب المياه، كما أن الحكومات عملت على فرض الأمن في زمن الكوارث.

وتوصل الباحث لنتيجة مفادها أنه في وقت الكوارث تحتفى الآفات الاجتماعية مثل السرقات والقتل، والغش، والاحتكار، وقطع الطرق ويظهر الجانب المضيء في حياة الناس من التكافل والتعاون والرجوع إلى الله والخوف من عقابه، كما أنها تُظهر الجانب الاجتماعي المتمثل في التضامن المجتمعي، وكذلك تعمل على تشجيع البحث العلمي، وتطوير منظومة الطب، واستحداث أساليب جديدة للتصدي للكوارث الطبيعية، وظهور الفقهاء والأولياء في زمن الكوارث للتخفيف من حدتها على نفوس الناس، أما بصلاة الاستسقاء، أو بإصدار الفتاوي، أو بالتصدق على الفقراء والمساكين.

وأكد أن الكوارث الطبيعية أدت إلى حدوث تغيرات ديمغرافية في بعض البلدان المغربية والأندلسية، بسبب موت الكثير من السكان، أو هجرة السكان إلى مناطق أخرى بحثاً عن الطعام، مما يؤدى إلى حدوث خلل في المناطق المهجورة، وكذلك المناطق المهاجرين إليها، فتؤدى إلى خراب الأولى، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في الثانية، يزداد الطلب على المواد الغذائية، فتزداد الأسعار لكن بدرجة متفاوتة على حسب أهميتها، ويتصدر ذلك القمح والشعير نظراً لأهميتهما، مما دفع بعض الحكومات إلى التدخل في تحديد الأسعار في وقت الأزمات . كما تؤثر على التجارة بشكل عام من تهدم الاسواق، وقطع الطرق التجارية أو تخريبها من جراء السيول وقطاع الطرق، وهدم الفنادق والحمامات.

وبعد هذا بعض من كل ما ذكره الباحث في هذه الرسالة، ونتمنى أن نراها مطبوعة في كتاب عما قريب حتى يتسنى للباحثين الاطلاع عليها والاستفادة منها.

 

عرض/ أبو الحسن الجمال- كاتب ومؤرخ مصري

 

3350 صباح راهيصدر مطلع هذا العام 2022 عن نادي الأدب الحديث في الكوفة كتاب الأستاذ صباح راهي الموسوم: (من جسر الكوفة إلى أصقاعِ العالمِ، محطات في تجربة الشاعر عدنان الصائغ). ويقع في 377 صفحة. صمم غلافه الفنان رضا طلال. التصميم الداخلي: الفنان أحمد الحداد.

ضم الكتاب: اهداءً، ومقدمةً، ومحطات الحياة والتجربة الشعرية للشاعر تخللتها حوارات معه، وقصائد مختارة منها "مطرٌ بلندن"، و"نرد النص"، وفصلاً عن سالم يووي في قصيدة "نشيد أوروك، وبطاقات الشاعر: الإصدارات، الترجمات، الدراسات، توظيف الأعمال الشعرية في آداب أخرى وفنون، ثم حديث الألبوم الذي احتوى على صور ووثائق عديدة ترسم ملامح تجربته، وبعضها يُنشر لأول مرة.

جاء في الغلاف الأخير من مقدمة المؤلف:

[بعد كتابي "الحنين لأول منزل" وجدتُ لزاماً عليَّ أن أتوقفَ عند جسر الكوفة، ومن ثمَّ أتوقفَ عند الشاعر الذي كتبَ أغنياته فوق ذلك الجسر، فعُرفَ أحدُهما بالآخر. فالقاصدون الكوفةَ لا بدَّ أنْ يتذكّروا شاعرها القديم: المتنبي، والعابرون جسر الكوفة لا بدَّ أنْ يتذكّروا شاعرها المعاصر: عدنان الصائغ.

نصفُ قرن مرَّ من صورته أمامي طالباً خجولاً واقفاً أمامَ السبّورة، إلى صورته الآن شاعراً جريئاً واثقاً خلفَ منصّةِ قصيدته المبهرة التي أوصلته ووصلَ بها إلى عواصم العالم.

عاش الحبَّ والحربَ، الوطنَ والمنفى، الحصارَ والحريةَ، الشعرَ والجمرَ، لينتج لنا كلّ هذا الفيضَ الإنساني الإبداعي الموّار الذي ظلَّ عصيّاً على مقصّات كلّ السلطات: السياسية والدينية والاجتماعية، وغيرها].3348 صباح راهي

والمؤلف الأستاذ صباح راهي في سطور:

- ولد في الكوفة 1945، ويقيم الآن في سدني باستراليا.

- مدرّس مادة الفيزياء في ثانويات ومتوسطات الكوفة وبغداد (1966-1999).

- عُرف بأفكاره الوطنية وكتاباته التنويرية.

- كاتب صحفي، ومحرر صفحة دراسات (2012-2014) في صحيفة البانوراما (سدني).

- عضو لجنة تطوير المناهج وتنقيح كتب الفيزياء في العراق (1987).

- عضو لجنة تأليف كتب الفيزياء المنهجية بوزارة التربية العراقية (2009).

- محاضر على قناة التلفزيون التربوي بمواضيع الفيزياء (2000-2010).

- محاضر في معهد تدريب وتطوير المدرسين والقادة التربويين/ وزارة التربية (1999-2000).

- مشرف تربوي ومدرّب في مديرية المختبرات المدرسية/ وزارة التربية (1981-1985).

- خريج المعهد العالي للمدرسين – جامعة بغداد (1966).

- حاصل على شهادة في هندسة الراديو والتلفزيون من معهد جليل الهندسي ببغداد عام (1973).

- صدر له:

1- "الحنين لأول منزل" عن 4D للطباعة والنشر والتوزيع – النجف الأشرف 2019.

- له تحت الطبع:

1- مشاهير علّموني - من أنشتاين وماركس إلى سارتر وسلامة موسى

2- وقفة على ضفاف الطرب المنسي

3- محاولات في السايكولوجيا

4- كتابات في العلوم

هذا وقد أقيمت في مقهى (گهوة وكتاب) في بغداد/ كرادة داخل، يوم الاربعاء 2022/2/9، حفل إطلاق الكتاب الصادر عن في جلسة حاشدة حضرها عدد من الأدباء والشخصيات والجمهور قدمها شقيق المؤلف وهو الشاعر كريم راهي، مستعرضاً فصولاً من الكتاب وذكرياته مع الشاعر(صديقه) والمؤلف (أخيه).

وقد كتبت الأستاذة سعدية العبود، تغطية لهذه الاحتفالية:

(في احتفالية توقيع كتاب "من جسر الكوفة إلى أصقاع العالم":

"يا جسرَ الكوفةِ..

لو تدري..

يا جسرَ الأشواقْ

كمْ أشتاقْ

قسماً لو أبصرها

سأعانقُ.. كلَّ عمودٍ

وأبوسُ.. نخيلَ الكوفةِ

جذعاً... جذعاً

وأذوبُ عناقْ"3349 صباح راهي

من أقصى شمال الكرة الأرضية ومن القطب الشمالي حيث يقيم شاعرنا عدنان الصائغ إلى قطب الكرة الجنوبية حيث يعيش الكاتب صباح راهي جمعهم حب الوطن والكوفة بالذات، الأول كان طالباً والآخر مدرساً لمادة الفيزياء لكنه تابع نبوغ طالبه وشهد محاولات الكتابة. الأول لا يخلو ديوان له من ذكر الكوفة وشخوصها، والثاني كتب "الحنين لأول منزل" في اصداره الأول. جمعهم حبهم إلى تلك المدينة الغافية على شط الفرات ذلك الشاطئ الذي تميز بأشجار اليوكالبتوس والتي بحفيفها تعزف لحن تاريخ مدينة قيل عنها أنها جمجمة التاريخ ومسجدها الذي يعد أقدم مسجد في تاريخ الأرض ونهرها الذي وحده حب أهلها ليصبح منسابا بين بساتين نخيلها ، ذلك الشاطئ الذي ينقل لساكنيه جوا عذبا خليط من الصحراء والماء حيث سبب التسمية. يقال إن سعد بن أبي وقاص كتب إلى الخليفة عمر بن الخطاب بعدما انتصر في معركة القادسية عن المدينة التي يتخذها سكنا لجنده، قال له ما يصلح لا بل العرب يصلح للعرب فكانت الكوفة والتي كنيت بخد العذراء وقيل دلق البر لسانه فكانت الكوفة، وبعضهم يوعز التسمية إلى كوفان الجند او خليط الرمل بالحصى، تلك هي الكوفة التي عشقها الشاعر والكاتب.

كتب الاستاذ صباح راهي في اصداره الثاني (من جسر الكوفة إلى أصقاع العالم، محطات في تجربة الشاعر عدنان الصائغ) حيث ينتقي بعض نصوصه ما يوثق تاريخ وأحداث وحب المدينة كما وصفه الشاعر ويضيف الآخر هوامش لما يذكر من مسميات اختزنتها ذاكرته الحيّة عن المدينة، هذا التزاوج بالكتابة أنجب الكتاب المذكور، فقد قال عن الشباب الذين غيبوا:

"لي بظلِّ النحيلِ بلادٌ مسورةٌ بالبنادقِ

كيف الوصولُ إليها

وقد بعد الدروبُ ما بيننا والعتابْ

وكيف أرى الصحبَ

مَنْ غُيّبوا في الزنازين

أو كرّشوا في الموازين

أو سُلّموا للترابْ

إنها محنةٌ – بعد عشرين

أنْ تبصرَ الجسرَ غيرَ الذي قد عبرتَ

السماواتِ غيرَ السماواتِ

والناسَ مسكونةً بالغيابْ"

وقال عن شباب الانتفاضة الذين سُحقوا:

"هؤلاء الذين

تساقطوا أكداساً

أمامَ دباباتِ الحرسِ

هؤلاء الذين حلموا كثيراً بالأرض

قبل أن يحلّقوا بأجنحتهم البيضاء

هؤلاء الذين نما على شواهدِ قبورهم صبّير النسيان

هؤلاء الذين تآكلت أخبارُهم

شيئا فشيئاً

في زحمة المدينة

إنهم يتطلعون بعيونٍ مشدوهةٍ

إلى قدرتنا على نسيانهم بهذهِ السرعة"

وقد عزز هذا الحب حب أهل المدينة لمدينتهم ولكل من كتب عنها فقد شهدت مقهى قهوة وكتاب أمسية احتفالية توقيع الكتاب وبحضور مثقفي وأدباء وشيوخ الكوفة وقد قدم عرضاً موجزاً عنهما القاسم المشترك بينهم صديق الشاعر وربيبه في المنفى وشقيق الكاتب وصديقه الشاعر كريم راهي، وكانت أمسية رائعة تحكي حب المدينة. – التاسع من شباط ٢٠٢٢).

 

(ثقافات – بغداد/سدني/ لندن):

 

 

مصطفى شقيبصدرت مؤخرا عن دار النشر لارماتان L’Harmattan  - سلسلة  Les Impliqués الترجمة الفرنسية لرواية “مرافئ الحب السبعة” من تأليف الكاتب العراقي الدكتور علي القاسمي وترجمة مصطفى شقيب  ومراجعة أستاذة الأدب المقارن بجامعة غرناطة الدكتورة ماري ايفلين لوبودير.

صورة الغلاف من اقتراح الدكتورة ماري ايفلين، وهي صورة لتمثال المهاجر بمدينة فيغو باسبانيا تكريما للمهاجرين.

وقد صدرت الرواية العام 2012م، في طبعتها الأولى عن المركز الثقافي العربي بالدار البيضاء وبيروت، لتتوالى الطبعات بعد ذلك بعدد من دور النشر العربية.

ومنذ صدورها، أثارت هذه الرواية اهتمام النقاد وحظيت بنشر كتابين عنها وعشرات المقالات، وألهمت عدداً من الشعراء والرسامين ونالت إعجاب القراء عبر ربوع الوطن العربي.

وفي تقديم الرواية، كتبت الأديبة الفرنسية، مراجعة هذه الرواية، الدكتورة ماري ايفلين "وهي سيرة ذاتيّة روائية ؛ مزيج من الأحداث الواقعية والخيالية، مهداة إلى المغتربين والمغتربات عبرالعالم ؛ إلى هؤلاء الأشخاص الذين تركوا بلدانهم طوعا أو فروا اضطرارا بغرض اللجوء إلى بلدان أخرى.

سليم، البطل، اغترب على إثر انقلاب عسكري حدث في بغداد.

القلب، مقرالأحاسيس والعواطف، شكّل روح اغترابه القسري الذي سيمكّنه من البقاء ومواصلة دراسته. غير أنّ ما وراء هذا الرهان المزدوج، سيضحى هذا النفي سريعا هروبا من الحياة من أجل الالتجاء داخل الموت ؛ الحياة والموت، هذان الجاران المتنازعان. سفر طويل من النور إلى الظلام، تطبعه المشاعر والعواطف.

النور، إنه أحاسيس الحب، والود، والبهجة، والسعادة، والمتعة، المرتبطة ارتباطا وثيقا بالعراق، وطنه، وبالبيت الأسري، وبمحبة طاغية وبإعجاب لا متناه بأمه التي كانت تأخذه بين ذراعيها، تضمه إلى صدرها، وتمطره بالقبل.

الظلام، إنه أحاسيس الحنين، والحزن، والغم،والأسى، والألم،والمعاناة، والوحدة، والخوف أيضا، المرتبطة بشدة بالاغتراب.

عند عبورالحدود، ينطفئ النورعلى الطرق الرملية...تظل الوجوه، والمعالم والروائح، عالقة في شغاف القلب، يستحيل محوها.  غير أنّ سليم، أثناء هذا السفر الطويل، سيصادف ثلاث نساء سيطبعن حياته بشدة؛

امرأة أرادته وأرادها، لكنّ القدر لم يردهما معاً؛

وامرأة ارادته ولم يردها، فكسر قلبها؛

وامرأة لفظته، لكنه سيعشقها إلى حد الجنون ولن يقوى على نسيانها... حاضرة في كل النواحي، والاتجاهات، والأماكن. بل سيكتب قصتها على أمل التحرر منها. الكتابة المحررة ! سيكتب على أمل إعادة بناء عالم مفقود من خلال كلماته، وإنشاءعالم جديد سيكون ملجئه.

رواية رائعة ومؤثرة أسالت الكثيرمن دموعي.شكراأستاذي وصديقي العزيز جدّا علي القاسمي".3138 النسخة الفرنسية

وسيتوالى مشروع ترجمة الأعمال القصصية الكاملة للعلامة القاسمي عبر إصدارها من طرف الناشر الفرنسي نفسه، حيث تخضع للمراجعة من الأستاذة لوبودير بعد أن أتم المترجم مصطفى شقيب ترجمة المجموعات القصصية السبعة التي صدرت منها خمسَ مجموعاتٍ قصصية تشتمل على سبعٍ وسبعين قصةً عن مكتبة لبنان ناشرون في بيروت، وصدرت مجموعة قصصية سادسة عن الدار العربية للموسوعات في بيروت، بعنوان" الحب في أوسلو" فيما المجموعة القصصية السابعة، ذات المنحى المتفرد، قيد الصدور بلبنان.

3139 النسخة العربيةوهي قصص كُتبت، كما جاء في تقديم دار نشر مكتبة لبنان ناشرون، من أجل مكاشفة الذات ومساءلة الكينونة، بأسلوبٍ ممتعٍ سهلٍ ممتنعٍ ؛ وهي نابضةٌ بالإثارة والتشويق؛ ومزدانةٌ بالمعرفة والثقافة ؛ ومضمَّخةٌ بلغةٍ راقية ؛ ومشرعةٌ على رياح التأويل؛ ونابعةٌ من تجربةٍ حقيقية، ومعاناةٍ وجدانيةٍ عميقة، وموهبةٍ فذة، وخيالٍ مُجنَّحٍ جامحٍ أخّاذ. لقد كتبها القاسمي بدم القلب ودمع العين.

وقد تم نشر أغلب هذه المجموعات القصصية في عدّة طبعات في القاهرة والدار البيضاء وحظيت بعنايةٍ خاصةٍ من لدن النقّاد في المغرب العربي وفي المشرق العربي على السواء، وكُتبت عنها عدّةُ كتب وكثيرٌ من الدراسات والمقالات النقدية.

وهذه المجموعات هي: 1. " رسالة إلى حبيبتي"، حول ذكريات الطفولة والصبا، و2. " صمت البحر" حول قصص الحبِّ الخائب، و3. "دوائر الأحزان"، حول ما يثير الحزن في وجدان العربي، و4. " أوان الرحيل"، حول الموت، و5."حياة سابقة" حول قضايا علم النفس الموازي. و6. "الحب في اوسلو" و7. "القبض على عصفور السعادة".

يقول القاسمي في إحدى مقدِّمات قصصه: " إن مَن يقرأ هذه القصص لكي يستخلص منها جوانبَ من سيرتي، سيصابُ بخيبة أمل، ومَن يقرأها بوصفها من نسج الخيال، سيفوته الشيء الكثير من الحقيقة ؛ لأن الفنّ عموماً، والأدب على وجه الخصوص، ينطلق من أرض الواقع ليحلّق في فضاء الخيال الواسع."

والقاسمي كاتبٌ متعدِّد الاهتمامات له أكثر من خمسين كتاباً في القصة والرواية والترجمة والنقد، وباحث في اللسانيات وعلم المصطلح وصناعة المعجم والتربية والتنمية البشرية وحقوق الإنسان.

 

 

لطيف عبد سالمالتأم نادي الشِّعر في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق بأصبوحةٍ شِّعريَّة مائزة، غرست بجمال قصائِدها، ومَا قيل في ثناياها مِن نصوصٍ صورًا مليئة بالتفاؤلِ والأمل، فضلًا عمَا بوسعه أن يبعثَ البهجة والسرور في القلب. وقد جاءت الاحتفالية التي زينت مسارها أنغام الفنان علي حافظ وصوته الشجي، وحضرها مجموعة مِن الزملاء الأدباء أعضاء المجلس المركزي للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، بالإضافةِ إلى جمعٍ غفير من الشُعراءِ والأدباء والفنانين والمُثقفين والمهتمين بالشأنِ الثقافيّ الذين غصت بهم قاعة الجواهري في اتحادنا المناضل؛ ابتهالًا بالعامِ الجديد 2022م، وإعلانًا عن جاهزيةِ نادي الشِّعر لاستقبالِ العام الجديد بالفعاليات والنشاطات التي من شأنها ترجمة توجهات اتحادنا العريق في تأصيلِ الثقافة العراقيَّة، والذي أنهى العام المنصرم بمجموعةٍ مِن الفعاليات التي تركت أثرًا إيجابيًا في نُفوسِ الأدباء والفنانين والمُثقفين، والتي مِن بينها طبع المؤلفات الأدبيَّة والاشتراك بمعارضِ الكِتاب المحليَّة والعربيَّة، وإقامة مهرجان الجواهري، فضلًا عن الاشتراكِ في المهرجاناتِ الادبيَّة والثقافيَّة وغيرها الكثير مِن الفعالياتِ التي لا يسع المجال هُنا لذكرِها.

أدارَ الجلسة باقتدارٍ رئيس نادي الشِّعر الشَاعِر رافد عزيز القريشي بالاشتراكِ مع الشاعِر حسين المخزومي. وقد استهل القريشي الأصبوحة بكلمةٍ ترحيبيَّة بجمهور الحاضرين، ومبتهلًا إلى العلي القدير أنْ يحفظ العراق وشعبه، وأنْ يمن على الإنسانية بالمودة والسلام، ثم أعقبها برجاءٍ إلى الشُعراء أنْ يعرضوا بضاعتهم الأدبيَّة التي تترجم الجمال والحُب، فكان أنْ توالتْ القصائِد الشِّعريَّة تمطر رقة ودهشة وجمالاً، وأبياتها تفيض بعذوبةِ الحرف ورهافة الإحساس.

وربما على هدى الطقوس المُعتمدة في المناخِ الديمقراطي، كان أوّل مَن اعتلى مِن الشُعراء المنصّة هو الشاعِر كاظم العبودي الذي يُعَدُّ الشُعراء المُشاركين سنًا، والذي جاء نصه الموسوم بـ (ومضات)، مليئًا برائحةِ الشوق وكلمات الحنين والحُبّ الرومانسيّ، و مِنه اقتطعنا الآتي:

على خديكِ

وردةً ظمأى

عساها ترتوي

مما يفيض عليهما..

سحرا

***

على شفتيكِ

يفتح برعمٌ شفتيه

مرتعشًا

فأنوي..

انما ينثال شيءٌ

في الجوانح.. هاتفًا"

صبرا

3225 صورة جماعية

ومِن الأنبارِ الحبيبة، حضرَ رئيس اتحاد الأدباء والكتاب فيها الشَاعِر محمود فرحان حمادي الذي مثلت مشاركته في الأصبوحةِ دفقًا شِّعريًا أضفى عليها مودة وجمالا، ومِن قصيِدتهِ التي شدا بها في احتفاليَّة نادي الشِّعر، نجتزئ الأبيات الآتية:

أميرةٌ تحرسُها أعينٌ

في كل حين نحوها تنظرُ

 

يُطأطئُ الرأس لها عسكرٌ

ويُسبل الطرف لها عسكرُ

 

أترابُها من معدن طاهرٍ

لكنّها من معدن أطهر

 

أشتاق ريّاها ولولا العدا

كنت بحبي ثغرها أجهرُ 

لم يكن يدور في ذهنِي أنْ الشَاعِرَ الشفيف ماجد الربيعي سيمنح نفسه فرصة لتغيير نبرة صوته المألوفة، فهو لا يَبْخَلْ على الوطنِ، ولا على الأحبةِ بالدَمْعَةِ كما عهدناه، فقد كانت قصيدته محملة بعباراتِ الحب، وأرق المشاعر الرومانسيَّة، ومِنها اخترنا الأبيات الآتية:

ما كُنتُ أعرفُ ما الصَبابةَ والهَوى

من قبلِ أن تأتي وتسكنَ في دَمـي

 

أنا مُذْ عَرَفتُكَ والشُرودُ يتيهُ بـي

من قبلِ أن تأتي وتسكنَ في دَمـي

 

أنا زَهرَةُ بَرّيةٌ ما أَينَعَـــــــــــــت

ورِضابُكَ المَعسولِ يوقِظُ مَيسَمي

 

شَهْدٌ وِصالُكَ فيهِ أحيا طفلَــــةً

مُرٌّ فراقُكَ مثلُ طَعمِ العَلْقَـــــمِ

***

الشَاعِرُ عبد الأمير محسن الذي صدرت لهُ حديثًا مجموعة شِّعريَّة جديدة عن اتحاد الأدباء والكتاب في العراق، أطل على الحاضرين بنصٍ وسمه بـ (رِحْلة)، ومِنه نقتطع الآتي:

لأنه

ينزف آخرَ أمنيةٍ محظورة،

تغادرهُ مطمئنةً

بقايا الروح..

أيها الثمل برائحة الماء،

يكفيك أنْ تحتسي حياتكَ

معتقة،

بكاس نبي لا يبالي..

***

الشاعِرُ رجب الشيخ، لم يمنعه الشيب من الإحساس الصوفي بنواحي الجمال، كما في النص التالي الذي ألقاهُ في هذه الاصبوحة:

أعشقُها وفقَ هندسةِ

التجلي

وفقَ كلِ إحداثياتِ

العشقِ

أنثرُ كؤوسَ معينِها

عَلى شفةِ محرابِ

المواويلْ ..

وبعدها أطل علينا الشَاعِر المُبدع ناظم الصرخي الذي شارك مؤخرًا في مهرجان الجواهري بقصِيدته التي جاءت تحت عنوان (قِــــرَان)، ومنها ما يأتي:

تَقولُ ليْ

أكثرُ مَنْ تُحِبّـهـا؟

أَنا أَمْ الْقَصيـدةُ العتيدةْ

أقولُ يا فاتنتي

لا فرقَ ما بينَكما لإنّكِ الْقصيــدةْ

وإنّكِ الإلهامُ للقافيةِ البعيدةْ

ولَحْنُها الثاملُ في أَشْطرِهَا الفريدةْ

وإنّكِ الألوانُ في صورتِها الوليـدةْ

وومضةُ الإشْراقِ

في مكامنِ الخـريدةْ

***

وقرأ الشَاعِرُ كفاح عباس نصهُ الموسوم بـ (من أنت؟)، ومنه ما يأتي:

كثيراتٌ

واكثرهنّ أنتِ

قليلاتٌ

واندرهنَّ انتِ

واتبعُ طيف كل جميلةٍ

ألفيتها أنت

وفي كل النساءِ أراك يا انتِ

وفي بعض النساءِ أراك يا أنتِ

ومن دون النساءِ أراك يا انتِ

فمن انتِ ؟،

***

الشَاعِر الجميل حازم الشمري الذي أبدع في اختصاصه العلمي مثلما أجاد في مُنجزه الشِّعرِي، اعتلى المنصة مُبتسمًا تعبيرًا عن تحيته للجمهور قبل أنْ يقرأ علينا قصيدته التي نجتزئ منها ما يأتي:

لا تلُمني اذا سكنتُ هواها

وتطايرتُ نسمةً في مداها

 

وتمايلتُ حاملاً نبضَ قلبي

 

وتتبعتُ في خشوعٍ خُطاها

 

فتفاصيلُ حسنها أذهلتني

وبها طارَ  كلُّ عقلي وتاها

 

ليسَ عيني لوحدها تفتديها

بل وروحي وما ملكتُ فداها

الشَاعِرُ المُبدع حماد الشايع، كان بهيًا في حضوره وهو يتلمس الأمل بالقادمِ مِن الأيام مِن وحي إرهاصات العام الماضي في ثنايا قصِيدته التي حملت عُنوان  (في آخر العام). وقد اخترنا مِنها الأبيات الآتية:

عامٌ مَضى مِن عُمْرِنا وَكَغَيْرِهِ

يَتَكَسَّرُ المَوْجُ الدَّفينُ بِبَحْرِهِ

 

وَيَداهُ نافِذَتانِ تَحْتَ نَسيجِنا

تَتَلَمَّسانِ اللّا مُباحَ بِصَدْرِهِ

 

وَصَباحُهُ الآتي بِلَوْنِ شُحوبِنا

يَرْوي احْتِضاراتِ الغُروبِ لِعَصْرِهِ

 

يُنْبي انْكِساراتِ الضِّياءِ بِمَوْتِها

وَيُعيدُ جُثْمانَ النَّهارِ لِقَبْرِهِ

الشَاعِرُ الجميل روحُا وشِّعرًا عمر السراي، اعتلى المنصة مُحلقًا بفضاءاتِ الجمال وهو يشدوا بنصه الموسوم بـ (نحن الشُعراء):

نحن الشعراء.. لا تاريخ لنا غير ما تمنحه النساء..

امرأةٌ تحبك جدا.. فتعلّمكَ الهروب منها..

امرأة تزدريكَ.. فتعلمكَ اللهاث وراءها..

امرأة تكون لكَ.. فتعلمكَ الانشغال عنها بقصيدة وطنية..

امرأة لا تكون لك.. فتعلمكَ الرحيل..

نحن الشعراء صنيعة النساء..

كُتب أسفل صدورنا.. صُنع في قلب أنثى

وفي قصِيدةِ (ولكنك البحر)، يعبر صاحب مجموعة (سادن الرفيف) الشَاعِر ذر الشاوي عن لهفةِ المحبين وأشواقهم، ومِنها:

أحدق فيك

أرى كلَّ تلك النجوم

لأنك رغم اقترابك مني

فأنت سمائي

فيا أفق الامنيات

تقدم

إليَّ

تقدم

ولا يعتريك الوجوم

أرى فيك ما خبأته

الشظايا

وما خبأته

التخوم

ويا  شاطئاً

رسمته المرايا

وراحت عليه

تعوم

الشَاعِر والروائي حسن الموسوي شارك في هذه الأصبوحة بقصِيدةٍ وسمها بـ (رحيل)، ومِنها اخترنا ما يأتي:

اراك في وجوه المتعبين

الذين اكلت خطواتهم

أرصفة العناء

اراك في شفتيك

وهي تتلذذ

بشراب لا أعرف اسمه

و انت تتحدثين معي بغنج

وداعك كان مؤلما

احتجت عليه الطرقات

وهي تنفض عن كاهليها

هموم الغرباء

الذين مروا بصمت

دون أن يدركوا

معنى الرحيل

الشَاعِر الجميل نبيل الشرع الذي صدح ذات مساء قائلًا: "أطالب رد شوق مستدام *** لعل الصوت يأتيني هديلا"، قرأ قصيدته التي حملت عنوان (ناي  في بيت المساكين)، ومِنها:

هنُا يدارُ نبياً جرحهُ وطنٌ

 

يشاركُ البيتَ وصفِ السعيِ والقبلِ

به يعود وشاحُ الأرضِ مشتعلا

من عزّةِ الجرحِ جرحُ الطفّ لم يَملِ

 

سبحانهُ وطنٌ، موالُ آلهةٍ

ربت بهِ السيفَ، حتى شهقةَ  العدلِ

 

لا رافدانِ، ولا لونٌ، ولا مرحٌ

بيتُ المساكينِ نايٌ  في أسى الدُولِ

صاحبُ مجموعة (مطر صاعد إلى السماء) الشَاعِر والروائي منذر عبد الحر الذي نسج صورة سيزيف العراقي، كان له حضورًا في هذه الجلسةِ الشِّعرية بقصيدةٍ جاءت بعنوان (سأكذب عليك!)، والتي نجتزئ مِنها ما يأتي:

خذيني...

نعم خذيني

فجراً اول أو غرساً خارج الكلام

تعبت من لغة

تسير معك

ولا تؤدي إليك

خذيني...

أقل من فأس

وأكثر من موسيقى

افتحي ذراعيك لقمري

ولتكن شمسي وداعاً

يخجل منك

أدمني وهمكِ فيَّ

كما أدمنتُ وهمي فيك

ولنتعانق...

فحاذري وهمينا

انتِ على مشارف قلبي

وأنا على لسان روحك

جملة....

أو قصيدة

الشَاعِرُ حسين المخزومي الذي جهد في اختيار مقاطع مِن قصائِدِ شُعراء العربيَّة وهو يشارك في إدارة الجلسة، نادى على زميله الشَاعِر الجميل رافد القريشي لإلقاء قصيدته الموسومة بـ (فتمثل لها عناقا سويا،،)، والتي كانت مسك الختام، ومنها اخترنا الأبيات الآتية:

الفَيتُها عندَ المسا

تبغي الهروبَ  لكلِّ محفلْ

 

راودتها عن قُبلةٍ

قالت فداكَ الروح فافعلْ

 

فأنا التي خُلقت لكي

تغفو هنا وَ هنا تُقبلْ

 

أنا بالعناقِ شغوفةٌ

فتعالَ يا خلّي تَدللْ

***

لطيف عبد سالم

 

 

 

3065 دليلة حياويدليلة حياوي: أساتذة أكاديميون ونقاد عراقيون وعرب يحلّقون عميقاً في أشجار سعد ياسين يوسف..

توّج صالون جنان أركانة متعدد اللغات جلسته المئة بالاحتفاء بالمنجز الشعري الجديد للشاعر العراقي سعد ياسين يوسف (الأشجار تحلّق عميقا) بمشاركة نخبة من النقاد الأكاديميين والمثقفين من العراق، فلسطين، المغرب، الجزائر، أمريكا، ألمانيا، كندا، نيوزلندا، بريطانيا والسويد .

وأفتتح الصالون جلسته التي أدارتها الشاعرة المغربية ورئيسة الصالون الأستاذة دليلة حياوي بالتعبير عن سعادتها لتضييف (شاعر الأشجار) هذا اللقب المستحق الذي سبقها في إطلاقة العديد من النقاد وقالت: إن رمز الشجرة عند الشاعر سعد ياسين يوسف وفي قاموسه هي الحياة ورديفة للوطن وللقيم النبيلة والحبيبة والأسرة وهي الأم الرؤوم التي تزدهي بألوانها شعراً وتتمايل لسعد حروفه انتشاءً، وتئن الأشجار إذا ما خالط صفاء روحه حزن أو ألم لتغدق عليه من أوراقها فيكتب الشعر ويحلّي العالم بحلي موشاة يجتبي منها كلّ مهتم ومتأملٍ لمأساة الوجود المعاني العميقة.

استعرضت بعدها مديرة الصالون محطات مضيئة من السيرة الإبداعية للشاعر وما حققه على الصعيد العراقي والعربي من خلال احتفاء المدن والعواصم العربية بمنجزة مشيرة إلى إدراج سيرته ومنجزه في الموسوعات العراقية والعربية والتي كانت آخرها في الصيف الماضي حيث أدرجت سيرته مرفقة بنماذج من أشعاره بين دفتي الموسوعة الرقمية الثالثة خلال 2021 لصالون جنان أركانة، وهي الموسوعة التي يصدرها الناشرون الإيطاليون وتهتم بالمنجز الإبداعي للشعراء من البوسنة والهرسك، مقدونيا، إسبانيا، فرنسا، ألمانيا، شيلي، كندا، استراليا، سويسرا، المغرب وإيطاليا .

قدمت بعد ذلك أ. د. فطنة بن ضالي أستاذة الأدب العربي والبلاغة في جامعة القاضي عياض في مراكش قراءتها النقدية والتي قالت فيها : إن أول ما يسترعي انتباه القارئ لمجموعة "الأشجار تحلق عميقا" للشاعر العراقي الدكتور سعد ياسين يوسف هو هذا العنوان، ويليه النصّ المفتتح المقتبس من كتاب " شجرة الكون" لمحيي الدين بن عربي والذي جاء فيه " إني نظرت إلى الكون وتكوينه، وإلى المكنون وتكوينه، فرأيت الكون شجرة"، فهو عتبة أخرى مؤطرة للديوان بعد العنوان، ففيه - على حد تعبير د. صبري محمد خليل : " تشبيه يُرجع أصل الكون إلى شجرة كبرى أصلها حبة "كن الإلهية "، والتي نشأ عنها التعدد والاختلاف في الأغصان وفي الثمار ...فكذلك البشر متباينون في مراتبهم ودرجاتهم مختلفون، وأصل نورها من حبة كن قد لقحت كاف الكونية بلقاح حبة ( نحن خلقناكم )، فانعقد من ذلك البزر ثمرة (إنا كل شئ خلقناه بقدر) .

فالشجرة مبجلة وموقرة في جلّ الشرائع السماوية والمعتقدات حيث ترمز إلى التبرعم والاتحاد بين الإنسان والطبيعة، وما دام الرمز كما يُعرّفه النقاد : " يعني كل ما يمكن أن يحل محل شئ آخر للدلالة عليه، سواء تم ذلك عن طريق المطابقة التامة أو عن طريق الإيحاء، وذلك لوجود علاقة عرضية أو علاقة متعارف عليها بين الشيئين، فإن الشاعر استعمل "الأشجار" بكلّ حمولاتها التشبيهية و الإيحائية والرمزية للدلالة على الإنسان، ولذلك كانت "الأشجار الإنسان" بؤرة تعبير انتظام ديوان "الأشجار تحلق عميقا" ومن ثم فلكلِّ شاعر أسلوبه ولغته ينتقي ألفاظها وجملها ومعانيها وأدواتها، وهي رهينة في هذا الانتقاء بمعارفه ولغته الطبيعية وبتجربته الإبداعية ورحلته العاطفية، بين الحزن والفرح، أو غيرها. مما يعطي لشعره حرارة صدق التجربة التي تجعل المتلقي يحس نفس الإحساس . ذلك أن حرارة صدق التجربة الشعرية لا تنبع فقط من معالجتها لقضية يؤمن بها الشاعر ولكن تأتي أيضا من اختيار أدوات التعبير الملائمة، وصياغتها صياغة متميزة، تحقق للشاعر الرؤية الفنية والرؤيا الشعرية، التي يقول عنها غالي شكري:

" فرؤيا الشاعر ليست هي المحتوى السياسي أو المضمون الاجتماعي أو الدلالة الفكرية، إنها تنحت خصائصها من جماع التجربة الإنسانية التي يعيشها الشاعر في عالمنا المعاصر بتكوينه الثقافي والسيكولوجي والاجتماعي، وخبراته الجمالية في الخلق والتذوق، ومعدل تجاوبه ورفضه للمجتمع، وطبيعة العلاقة مع أسرار الكون ".

وشاعرنا الدكتور سعد ياسين يوسف شاعر حداثي بما تنم عنه تجربته الإبداعية؛ إذ جاءت قصائده متميزة بأسلوبها ومقوماتها الشعرية .2719 الاشجار تحلق عميقا سعيد ياسين

قدم بعد أ .د . محمد عبد الرضا شياع أستاذ الأدب المقارن وتحليل النصّ والمقيم في سان دييغو في كاليفورنيا رؤيته النقدية عن المجموعة مؤكداً أن الشاعر سعد ياسين يوسف ينشدهُ بلغة التراب الذي يبلهُ الماء، فيغدو لوحاً لا يغادر صمته إلا بعود استلَّ من قلب شجرة به يرسم الإنسان تشوفاته ورؤاه، وهو يبتعد عن الصور الساكنة في ابتناء دوال القصيدة المتحركة نحو أعماق الروح والأرض في آن، فالحلم شجرة أيضا بها يكتمل الإنسان وهو يؤدي طقوسه الساحرة .

وقال إنَّ عنوان ديوان الأشجار تحلق عميقا ً هو هوية الشاعر الشعرية والإنسانية .. بها نحقب عميقا فنعيد معاينة الإدراك ونحن نبحث عن قبس نوقد به نار إدراكنا لتراب الأرض الذي بذر فيه الشاعر سعد ياسين يوسف حبات أشجاره الشعرية لتنمو بين أيدينا دلالات لعلَّ الروح تركن إليها شعوراً بالسكينة التي تمنحه إيقاعات الكلام متنسمين في عطر أور عنوان القصيدة الأولى:

"من طينهِ الفراتِ

قُدَّ قلبُهُ، قارورةً من أور

... هذا الّذي هفا للضفّةِ الأخرى

بصدرهِ المسكونِ بالنُّورِ

أجنحةً ما صَدَّها انهمارُ نيرانِكَ

الّتي أضحى بها مسلةً،

زقورةً....."

نجدنا هنا في التربة التي غرس فيها أشجاره الأولى الشاعر أو العراق سيان ولا أخالها إلا شجرة الحروف التي خبأها ابن عربي في جلباب أشجار الله لينثرها العراقيون الأوائل كلمات مسمارية في ألواح الطين يلملم فيها الشاعر خيالنا المبعثر مرسوماً بضوء الدم وعيا بمأساة الوطن."

" كم من الدَّمِ

يلزمُ هذهِ الأرضَ

لتَغسِلَ عَتَمةَ الحزن ِ

عن وجهِها،

ظلامَ ألفِ عامٍ وعام...؟!!"

إنَّنا بإشجار سعد ياسين يوسف نحلّق عميقا ممسوسين بوجع الأرض واحتراقاتها، أليس في العمق تكمن الروح وصلواتنا التي كتبها الربّ المتعالي حيث في كلّ سجود نرتقي صوب سدرة المنتهى مؤكداً أنَّ الشجرة رافقت الأنسان منذ النطفة الأولى فكانت ظلاً له ثم معنى حياة .

وقدم الأستاذ الدكتور عبد العزيز أبايا (المغرب) قراءة نقدية جاء فيها: يعد الشاعر سعد ياسين يوسف قامة شعرية وفكرية غنية عن التعريف وأنَّ القراءة النقدية لهذا الشاعر المبدع تحتاج إلى وقت أطول وتأمل أعمق لفلسفته الإبداعية التي لا يمكن أن تكتمل إلا باكتمال نظرتي إلى مشروعه الإبداعي . وقال : بما أن ابن عربي منح الشجرة بعدها الكوني والوجودي فإن الشاعر سعد ياسين جعل الشجرة هي الوطن والحبيبة والعائلة والأرض وقيم الكرامة والحرية والحبّ مشدداً على أن العنوان يشكل الرؤية العميقة والتي من خلالها تتحدد الدلالات العميقة لأي نصّ مما يشكل عنصراً بنيوياً يمنح النصوص كينونتها التي تسهل الولوج إلى حضرة القصائد وليكون مفتاح المجموعة وبابها وهذا ما كان في الأشجار تحلّق عميقاً ..مشدداً على أن عنوان المجموعة يتمتع بطاقة توجيهية هائلة فهو يهيمن على النصّ ويوجهه فلسفياً وفكرياً لذالك فقد أنتجت العنونة معنى خاصاً بها حيث ظلت تنسج داخل المجموعة كماً كبيراً من المعاني والدلالات التي تتناسل اعتمادا على التوليد والتأويل سيّما وأن علاقة الشاعر مع الأشجار هي علاقة وجودية فبها يحيى وبها يكون وقد أحالها إلى كائنات أنسية مقدسة، وإذا نظرنا إلى فلسفة الشاعر إزاء الشجرة - باعتبارها أصل الحياة- وأنسنته لها كما في دواوينه السابقة نجده قد جعل منها صوراً ناطقة لمحكياتنا بآلامنا اليومية التي نحملها بين صدورنا، بانتكاساتنا، وبأفراحنا .

وقال مايميز لغة الشاعر نَفَسهُ العالي وثقافته الواسعه ويتجلى هذا في مجموعته الشعرية هذه مثلما يتميز بعمق شعره بمجمله الذي يتغلغل في عمق المتلقي ليخلق دهشة وصدمة ينتج عنها تحريك ذهن القاريء وتفاعله معه ليجد القارئ نفسه في مواجهة عصارة أفكار وفلسلفات ليترك كلّ ذلك طعماً خاصاً لدى المتلقي سيما وأن الشاعر سعد ياسين يوسف يجمع بين الشعر والفن والبحث الأكاديمي والنقد وكم هو جميل أن يجتمع كلّ ذلك في المبدع بنفس الوقت .

وأستطرد قائلا ً: تتنوع المفارقات وتتعدد في المجموعة من المفارقة اللفظية وإلى أعلاها وهي مفارقة المواقف ليشكل هذا المعطى الجمالي جمالية المفارقة وهي من أحلى لحظات استمتاع المتلقي حيث الدهشة والصدمة التي تستولي على القارئ أو المستمع من أول وهله، ولذلك أمكن القول:

سعد ياسين يوسفإنَّ الشاعر سعد ياسين يوسف شاعر مجرب وخبير بحبك المصائد التي تُفقد المتلقي توازنه ليصرعه من أول قصيدة .

وقال أ. د. فرحان الحربي أستاذ الأدب الحديث في جامعة بابل في مداخلته لقد شدتني نصوص المجموعة ودخلتُ في عوالمها لتدفعني لقراءة وتقصي موضوعة التشيؤو من معطى القراءة التكوينية . وأضاف في مداخلته لقد ربطت العنونة بعمق النصوص فوجدت لها ارتباطا بنص اعتبرته بؤرة المجموعة إلا وهو نصّ (أوراق من شجرة التحرير) التي أعتبرُها بؤرة المجموعة التي جرت فيما بعدها بمتوالية شعرية في عوالم استدعائية للنصوص .

إن قضية التحليق عميقاً لا ترتبط بالمفارقة اللغوية فحسب إنما تمثل رؤية تتعلق بقضية الشهادة التي تنتمي إلى عمق الأرض وهنا يأتي التداعي بعد الاستبدال ليعطي المعنى قيمتين في الوقت ذاته . فالموت الذي يعني تحليق الروح سماويا في عالم الملكوت وفي الوقت ذاته الموت المادي الأرضي للجسد وهذا ليس تحييداً للجسد وإنما تجسيد لانتماء الجسد إلى الأرض في ركنه المادي , ومن هنا نقرأ التحليق عميقا على أنه فعل الشهادة والارتباط بالأرض .

أما في قضية التشيؤ التي من الممكن أن تكون محوراً في دراسة المجموعة مستقبلا فالتشيؤ في نظري يشكل نمطاً خارجياً للأفعال يسمح بتغيير انتقالي للحوادث الإنسانية والاجتماعية ففكرة التشيؤ تهييء لفكرة الاضمحلال للطابع الشخصي بمقابل التعميم .

لقد وجدت مواطن عدة يتمثل بها هذا التشيؤ، فحينما (يُقدُّ القلب من قارورة) فهذا تشيؤ، وبعد ذلك (يضحي مسلة وزقورة) أذن هذا تشيؤ لكنه عند سعد ياسين ليس اضمحلالا بل هو انتماء . وثمة مقطع آخر في قصيدة أوراق من شجرة التحرير التي عددتها البؤرة يقول سعد ياسين يوسف : " لكلٍّ جنَّتُهُ قالها ذلكَ اللّصُّ "المسلفن" وهو يضعُ حباتِ العنبِ بفمِ خليلتهِ العاريةِ في حديقةِ بيتهِ ""

"المسلفن" كلمة تشير إلى التغليف وإخفاء ما لا يظهر من الخارج وتصدر بشكل مجاني فهذا اللص مسلفن أذن هو متشيء ...وهناك شاهد آخر من شعره في (شجرة التحليق) حينما قال: "

"رفيفُ الأجنحةِ الَّتي حملتْنا ما زالَ.....

يحملُ طيفَ الأغاني الَّتي توقفتْ

غداةَ أشعلَ الغزاةُ الحرائقَ

في حقولِ الرِّيشِ الممتدّةِ

فوقَ ذراعينا لتُنبتَ فوقَها

مرايا الدُّخَانِ ."

" هنا يصبح الإنسان والأحلام وخصوصا المواطن العراقي مجرد ريش يحرقه الغزاة وهذا تشيؤ يعكس قدرة ومكنة الشاعر المبدع سعد ياسين يوسف في بناء وإعادة تكوين صوره الشعرية وفق مفهوم التشيؤ.

وقال الأستاذ الدكتور أحمد حسون حمادي (ألمانيا): إنَّ مجموعة سعد ياسين يوسف تحلّق عميقا وعاليا في فضاءات الإبداع وهنا أقول ما قاله مالارميه : إنَّ الشعر لا يكتب بالأفكار بل بالكلمات وقبله قال الجاحظ المعاني مطروحة على الطريق يعرفها العربي والأعجمي والبدوي والقروي وإنما الشعر في إقامة الوزن وتخيير اللفظ وسهولة المخرج وصحة الطبع وكثرة الماء وجودة السبك وإنما الشعر صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير ..

اليوم وجدت في هذا الشعر كثرة من الماء بل خضرة تحلق في الماء وأشير إلى قضية مهمة فأنا أعتقد أن د . سعد ياسين يوسف في هذا الديوان الذي اعتبرهُ عملاً متكاملاً، ليس بقصائد محدده بل بكليته، لأن الديوان عبارة عن قصيدة واحدة كبيرة تعبّر عن شجرة العراق سيّما وأنَّ الشجن سمة بارزة في الشعر العراقي وهو الأساس في الشعرية العراقية بل هو الماء وهنا يتجسد هذا الشجن كما يتجسد كذلك حينما نقرأ للسياب، ويكفي أن تطلعوا على شجرة الأغاني في مجموعة سعد ياسين يوسف هذه لتعرفوا كيف أنَّ الشجن العراقي ممثلا بكامله في شجرة الأغاني وبالتالي نحن أمام عمل يزخر بكمية هائلة من الأبهار معرفيا وجماليا .

القضية الأخرى التي أشار لها د . أحمد حمادي، هي قضية الوطن حينما قال إن َّ العراق منذ سقوط بغداد على يد هولاكو تم مسح هويته حتى في زمن الهيمنة العثمانية كنا بلد المدن الثلاث، لم نكن عراقاً ..ولذا كانت مشكلة العراقيين استعادة الاسم مع نشوء الدولة العراقية ولذلك ظلت هذه القضية طاغية تجد الوطن نسغاً في جسد القصيدة. وحول تمركز قصائد الشاعر سعد ياسين يوسف حول رمز الشجرة قال:

إنَّ كلّ شاعر لابد أن يجد له في ظل تعدد الشعريات معادلاً موضوعياً أو ثيمة خاصة وحتى أهل الأنساق الخاصة يقولون إن َّ النسق هو المؤلف الأول ولكنَّ النسق لا يختار إلا المبدعين لذلك وجدنا سعد ياسين يوسف مبدعاً في هذه المنطقة وله بصمته الخاصة وحسه ونسقه فعندما نقرأ مجاميعه نجد هذه الشجرة تشتغل بطريقة ذكية ومختلفة وأن مجموعته فيها من عمق المعاني ما يتيح قراءات كثيرة تنفتح فيها على معان ودلالات عميقة بدءاً من العنوان الذي من الممكن أن يحيلنا إلى معاني كثيرة (الأشجار تحلّق عميقا) ذلك أن الذات العراقية مهجوسة بالماضي تبحث عنه لتكشف عن نفسها في ذلك الجذر ولذلك فهي تحلق في الأعماق .

وأختتم الدكتور أحمد حمادي مداخلته بالقول: لقد شهدنا اليوم إعجازاً ابداعياً في هذه المجموعة ,مباركاً للصالون والشاعر سعد ياسين يوسف هذا الإنجاز .

وهنأ أ. د. سعد التميمي أستاذ النقد الحديث في الجامعة المستنصرية الصالون والأساتذة الذين قدموا قراءاتهم النقدية الرائعة للمجموعة وقال: إنَّ النصّ الجميل يولّد نقداً جميلاً وقراءات مختلفة مؤكداً أنَّ أي شاعر إذا أوقف نفسه على ثيمة معينة فإنه سيحتاج إلى جهد مضاعف حتى لا يكرر نفسه ويشكل له ذلك تحدياً لكنَّ الدكتور الشاعر سعد ياسين يوسف الذي اختار في ستِ من مجاميعه الشعرية ثيمة الأشجار قد نجح في هذا التحدي الكبير لأنه خلق لنا معجما ً من هذه المجاميع بدلالات متعددة وكبيرة وهذا هو الشعر فالمفارقة والانزياحات تعطي الشاعر قوة تفجير المفردة بدلالات كبيرة .

وقدم الشاعر د . سعد ياسين يوسف قراءات لعدد من قصائد المجموعة تخللت القراءات النقدية فيما قدم الصالون قصيدة متلفزة بعنوان (سحر أحمر) وهي للشاعر المحتفى به كتبها عام 2011 عند زيارته لمراكش التي فجعت آنذاك بتفجير مقهى أرگانة من قبل قوى الإرهاب تغنى بها الشاعر بأصالة هذه المدينة وساحتها وطيبة أهلها معرباً عن تضامنه معهم .

 

كتبت دليلة حياوي (روما)

 

 

في لقاء فكريّ ضمّ نخبةً من الأدباء والمهتمين بالشؤون الثقافية في دبيّ، أهدت الكاتبة مروة كريدية أحدث إصداراتها الأدبية لروّاد الأعمال الإنسانية وللشباب العاملين من أجل غدٍ أفضل، حيث ألقت الضوء على قطوفٍ مختارة لمضامين القضايا التي تدور حولها تلك الأعمال. لا سيما  كتاب "حوارات وآفاق" ورواية " على دروب الصفاء" .

مروة كريديةوحول كتابها "حوارات وآفاق: سيرة فكرية بين محاور السياسة ومعابر الفن والأدب" أشارت إلى أنّه مجموعة نقاشات ومقالات تناولت فيها موضوعات شتّى، وتعكس تأملاتها حول الوجود والوطن والانسان والثورة، كما وقفت فيه مع أعلام العمل اللاعنفي في العصر الحديث كالمهاتما غاندي وبعض أعلام التصوف كإبن عربي والنفّري وجلال الدين الرومي. حيث قالت:"على الرغم من تنوع الموضوعات التي تتراوح بين المحاور الفكرية العامة والخبرة الروحية الخاصة، فإنّها تشترك في رسالة الحرية التي توقظ الوعي،  في مسعى لحضور انساني أكثر ايجابية في هذا الوجود "

كما تداول الحضور رواية  "على دروب الصفاء" الصادرة مؤخرًا، حيث تناولت فيها الكاتبة خفايا النفس البشرية والعلاقات الحميمة، بهدف مواجهة كافة المفاهيم الرسميّة السائدة التي اعتاد الناس عليها وتناقلوها عبر الأجيال على شكل يقينيات، وذلك من خلال الحبكة القصصية التي تكتنز حوارات فلسفية بين شخوصها كما تترك القارئ امام نهايات لأسئلة مفتوحة تعكس الرؤية الوجودية والمرامي الصوفية للكاتبة.

وردًّا عن سؤال حول الفرق بين كتبها الفكرية وعملها الروائي قالت: "مضمون رسالتي الانسانية واحد وإن اختلفت سبل التعبير، وبغض النظر عن نوع الكتابة سواء كانت شعرًا أم روايةً أو حتى مقالاً سياسيًّا، فإنّ الأهم هو البُعد الإنساني الذي ينبغي أن يرقى بالقارئ إلى تخوم معرفة قوامها المحبة، وانّنا كبشر نتشارك مصير هذا الكوكب الذي نحيا عليه وانه علينا ألا نغفل عمل الروح في ضوضاء الأحداث المتسارعة والمنفلتة في آن معًا في هذا العصر "  

3220 مروة كريديةكما أعربت الكاتبة عن عميق امتنانها لأصدقائها في الامارات وحبها لمدينة دبي حيث قالت:" ان كانت بيروت هي مهد طفولتي فإن دبي بالنسبة لي هي  مرابع شبابي، لقد عشت فيها قرابة 20 سنة حيث أمضيت اجمل أيام عمري وعملت في مؤسساتها الثقافية، وكامل عائلتي تقيم فيها منذ عقود، ولي فيها أوفى الأصدقاء، لقد واكبتُ تطور تلك المدينة  قبل مطلع الألفية، تلك الأعجوبة الحضارية الرائعة التي احتضنت ثقافات الأرض وكانت جوهرة عالمنا العربي وعلّمتنا ان لا مستحيل ان وجدت الإرادة الصادقة، واني أحرص دوما على ان امضي جزءًا من إجازتي هنا حيث التقي أهلي وقدامى الأصدقاء ."

وفي نهاية اللقاء الذي اقيم في دبي داون تاون، وقعت الكاتبة اصداراتها وأهدتها للحضور والمشاركين .

الجدير ذكره ان مروة كريدية هي كاتبَة لبنانيّة مقيمَة في الولايات المتّحدة الأميركية. تفرغت لدراسة  ظواهر العنف في المجتمعات وقد حازت على عديد من شهادات التقدير لجهودها، منها إدراج إسمها على نُصب التسامح في ولاية ألاباما الأمريكية، الذي يكرم المدافعين عن القيم الإنسانية والسلام ويشرف عليه مركز الحقوق المدافع عن الحريات ومكافحة العنصرية وخطابات الكراهية.  لها العديد من الإصدارات الفكرية منها: حوارات وآفاق، رهانات السلام، استراتيجيات الأمل في عصر العنف، عواصف النسيان،  لوامع من بقايا الذاكرة .

 

 

أقام قسم التربية الاسلامية في كلية التربية الأساسية بجامعة واسط يوم الأحد الموافق 12/12/2021 حلقة نقاشية عن (ألفاظ السماء والارض في شعر يحيى السماوي).3096 حلقة نقاشية حول السماوي

تضمنت الحلقة النقاشية التي قدمها المدرس المساعد فراس خضير الطابو عمل إحصاء عن ألفاظ السماء والأرض في دواوين الشاعر يحيى السماوي (قليلك لا كثيرهن، أطفئيني بنارك، نهر بثلاث ضفاف) وتحليل بعض النماذج الشعرية التي تحتوي على ألفاظ السماء والأرض في شعر السماوي التي تعدُّ مظهراً من مظاهر الطبيعة وتوضيح دلالة الألفاظ في كل نص بحيث أنّ الشاعر وظف الكثير من ألفاظ السماء توظيفا يتماشى مع الغرض وطبيعة الموضوع الذي يريد الشاعر الحديث عنه، وقد اعتمد عليها السماوي في شعره .3098 حلقة نقاشية حول السماوي

واستطاعت مفردات ألفاظ السماء المتنوعة أن تتحول إلى رموز سواء كلية على مستوى القصيدة أو جزئية على مستوى السياقات التركيبية، معبرة عن تجارب شعرية مختلفة. وكان لألفاظ السماء والارض الأثر الكبير والفاعل في دواوين الشاعر يحيى السماوي مما يدل على اهتمام الشاعر بالطبيعة ورسم لوحات فنية جميلة ملؤها الحياة والجمال. وتدخل الجانب النفسي في تصوير الطبيعة وذلك من خلال توظيف الفاظ السماء للتعبير عن خلجات النفس وإعطائها ثوباً آخر غير الذي عرفت عليه قاموسيا .3097 حلقة نقاشية حول السماوي

 أدار حلقة المناقشة أ. م. د. فالح عبد الله الشلاهي، وبحضور عدد من الأساتذة وطلبة الدراسات العليا .

يُذكر أن الباحث المدرس المساعد أ. فراس خضير الطابو على وشك مناقشة أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه والموسومة (الحقول الدلالية في شعر يحيى السماوي) في جامعة رازي كرمانشاه الإيرانية .

 

 

علي القاسميكلمة علي القاسمي في الندوة العلمية حول الترجمة وتعليم اللغات والتعدد اللغوي، التي أقامتها جامعة القاضي عياض بمراكش لتكريمه يومي 24و25 نوفمبر 2021. وهي الجامعة الخامسة التي بادرت لتكريمه.


 أصحاب المعالي والسعادة والفضيلة،

أبنائي وبناتي الطلبة الأعزاء.

شكراً جزيلاً لتشريفي وإسعادي بمشاركتكم وحضوركم الكريم في هذه الندوة العلمية الرائعة، في هذه المدينة العريقة الجميلة، أجمل مدن إفريقيا، بحسب دراسة سويسرية. والذي قد لا يعرفه بعض السويسريين أن أهل المغرب من أكثر الناس ثقافة، وكرماً، وحفاوة بالغريب. لقد درستُ في أعرق الجامعات العربية والغربية، وزرتُ معظم مدن العالم الكبرى، ووجدتُ سعادتي في المغرب العزيز.

إن موضوع السعادة هو أهمُّ موضوع في الدراسات الإنسانية في الوقت الحاضر، حتى أخذت دول العالم تؤسِّس وزارات خاصة بالسعادة، لأن السعادة منتهى الفكر الإنساني وغاية الأفعال البشرية.

والسعادة، لغةً، مشتقة من الفعل (سعدَ) ويمكن تعريفها بأنها حالة من الرضا يشعر بها الإنسان في أعماقه نتيجة الاستقرار النفسي والعاطفي الذي يحس به. والسعادة نقيض البؤس والحزن والشقاء، وذات علاقة بالحظ. فمن مشتقات الجذر (س ع د) كلمة (السعد) التي تدل على الحظ. فالإنسان السعيد هو إنسان محظوظ حقاً.

أما اصطلاحاً، فإن أحد فروع الفلسفة الكبرى يُطلق عليه اسم (فلسفة السعادة). ويضم هذا الفرع تلك الدراسات التي تتناول صورة الدولة أو المدينة المثالية التي تحقق سعادة مواطنيها. فتتناول ضرورة السلطة فيها، وغايتها، وطرائق عملها، وعلاقتها بالناس. ولعل افلاطون (427ـ347 ق.م.) وهو واسطة العقد في الفلسفة اليونانية القديمة، فهو تلميذ سقراط وأستاذ ارسطو، من أوائل الفلاسفة الذين تناولوا هذا الموضوع في كتابه الشهير " الجمهورية". فقد افلاطون (العدالة) وإعطاءَ كلِّ ذي حق حقه، أساس السعادة. بيدَ أن فصله الصارم بين طبقات المجتمع في كتابه: طبقة الفلاسفة أو القادة، وطبقة الجند، وطبقة الصنّاع، هو مما دعا الفيلسوف الإسلامي أبو نصر محمد الفارابي (ت 339هـ/حوالي 950م ) إلى تأليف كتابه " آراء أهل المدينة الفاضلة". فالفارابي يقرّر "احتياج الإنسان إلى الاجتماع والتعاون"، ويرى أن اجتماع الناس في مدينة يعود إلى إرادتهم واختيارهم. والمدينة في حاجة إلى سلطةٍ تنظم شؤون المجتمع وتحرص على توفير ما يلزم أفراده من أمن ومأكل وملبس وغيره. ورئيس السلطة في المدينة الفاضلة هو بمثابة القلب من البدن. ونبغي أن يتوفر على العِلم والمعرفة وجميع الصفات الخلقية المثلى، أو معظمها. وفي أوربا ألّف كثير من الفلاسفة كتباً من هذا النوع أُطلق عليها " يوتيبيا" أي مثالية لا يمكن تحقيقها في الواقع، مثل الفيلسوف الإنكليزي فرانسيس بيكون (1561 ــ 1626م) في كتابه " مدينة الأطلنطس الجديدة"، والفيلسوف الإيطالي توماسو كامبانيلا (1568ـ 1639م) في كتابه " مدينة الشمس" وغيرهم كثير.

ويختلف الفلاسفة في العصور المتعاقبة في مفهوم السعادة تعريفها وأنواعها، بسبب تباين منطلقاتهم الفكرية واختلاف منهجياتهم العلمية، فثمة سعادة شخصية وسعادة جماعية، ولكل جنس أنواع فهنالك سعادة فكرية وأخرى روحية وثالثة جسدية، وجميعها ترتبط بالخير والحق والجمال.

وقد حدَّد نبينا سيدنا محمد (ص) شروط السعادة بثلاثة: الأمن، والصحة، والكفاية المادية. فقال:

(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا). وفي هذا الحديث الشريف تذكير بالآية الكريمة:

﴿فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هذا البيت الذي أَطْعَمَهُم مّن جوع وآمنهم من خوف﴾

هذه هي شروط السعادة. ولكن تحقيقها عملياً يتطلّب أن تتوافر في الفرد صفات يعمل هو على اكتسابها، كما يخبرنا علماء التحليل النفسي الحديث، فقد يعيش الفرد في بلد آمن وفي صحة جيدة وفي معيشة ميسرة، ومع ذلك لا يشعر بالرضا والسعادة. وفي طليعة الصفات الواجب توافرها في الفرد لتحقيق السعادة عملياً، التفكير الإيجابي الذي يتأتى في نظري من محبة المكان الذي يقيم فيه الإنسان، ومحبة الناس الذين يعيش بينهم، ومحبة العمل الذي يزاوله. فبالحب ينفعل الوجود. وهذا ما وفّره لي المغربُ العزيز بكل سخاء. فالبلدان على نوعين كما يخبرنا العلامة ابن خلدون في مقدمته الخالدة: بلدان جاذبة وبلدان طاردة. وأعتقد أن المغرب العزيز في مقدمة البلدان الجاذبة.

أما الحظُّ، فأنا أؤمن بالقضاء والقدر، وأعدّ قدري قدراً رحيماً رئيفاً بي، وأُحس في أعماقي بأنني ذو حظ كبير، وأنَّ قدري هو الذي أتى بي إلى المغرب العزيز. فعندما حصلتُ على الدكتوراه بتخصُّص في المعجمية والمصطلحية من جامعة تكساس في أوستن سنة 1972، عرض عليَّ استاذي المُشرِف الدكتور أرتشبولد أي هيل، رئيس الجمعية اللسانية الأمريكية ورأس المدرسة البنيوية في أمريكا آنذاك ترشيحي للعمل في جامعة كنساس في آركنسول. بيد أني كنتُ قد أُصبتُ بمرض نسمّيه " الحنين إلى الوطن" ويسمّيه الفرنسيون Mal du pays, ويسمّيه الإنكليز  Homesickness. وتسميته لديهما أدقّ لأنه عندما يشتد هذا المرض على الفرد، تصيبه الحمّى ويعاوده الغثيان والدوخة. ولهذا كتبتُ إلى الدكتورة سعاد خليل إسماعيل البستاني، وزيرة التعليم العالي (وهي خالة ابني حيدر وبينا مودة) عن رغبتي في العودة إلى وظيفتي السابقة في جامعة بغداد. فكتبت إليّ راجية ألّا أعود إلى بغداد، زلأن الحكم كان انقلابياً عسكرياً شمولياً، وهي تعرف بعض كتاباتي عنه. وعلم بوضعي زميلي وصديقي المغربي الدكتور عزيز عباسي، فاقترح عليّ أن أتقدم بطلبٍ للعمل في جامعة محمد الخامس التي كانت تعرّب الدراسات الإنسانية. ففعلت ومن حسني حظي قبلتني. ومنذ سنة 1972 ومنذ ذلك الحين إلى اليوم، أعيش قصة حب مع المغرب العزيز، مع احتفاظي بجنسيتي العراقية وحدها واعتزازي بها.

وقعتُ في حب المغرب من النظرة الأولى. فطبيعته جميلةٌ خلابة، سهلاً وصحراءَ، تطرزها سلاسل الجبال الشامخة الأبية من سلسلة جبال الريف شمالاً وسلسلة جبال الأطلس: الصغير، فالمتوسط، فالكبير الذي يطلّ على مدينتكم الفاتنة، مراكش، ولا تملُّ أعلى قمة فيه " توبقال" من التحديق في جمال هذه المدينة الآسر. والمغرب غني بالهضاب، والتلال، والوديان التي تسحرني أسماؤها: وادي أم الربيع، وادي أبي رقراق، وادي البهجة. والمدهش في وديان المغرب وأنهاره، أنها جميعاً تنبع من الأراضي المغربية، فلا خوف على المغرب العزيز من ندرة المياه وحروبها التي يتنبأُ بوقوعها قريباً علماء المستقبليات.

أما الشعب المغربي العظيم فيتوفر على صفات الكرم الأصيل، والطبع النبيل، ودماثة الخلق الجميل. وأود أن أضرب مثلاً واحداً على كرم المغاربة ذلكم هو إنشاؤهم دار البلارج (أي اللقالق) في مراكش. وكانت هذه الدار في الأصل مشفى لعلاج اللقالق، وتقع في مدينة مراكش العتيقة بين مسجد علي بن يوسف بن تاشفين ومدرسته.  ويقدّر المؤرخون أنها أُنشِئت في العهد المرابطي أو في العهد الموحّدي (أي خلال القرنين الحادي عشر والثالث عشر الميلاديين) أو في القرن الثامن عشر الميلادي.  وأرجح أن هذا المشفى أُنشئ في العهد المرابطي، لسببين: الأول أن الحي الذي يقع فيه كان قد أُنشئ برمّته في العهد المرابطي، كما أخبرتني الشاعرة الرائدة الأستاذة مليكة العاصمي المتخصّصة في التقاليد الاجتماعية لمدينة مراكش وتاريخها، والثاني أنه يوجد دار للبلارج في مدينة فاس بالقرب من ضريح مولاي إدريس الثاني، منذ ذلك العهد، كما يُرجَّح. وتعرَّضتْ دار البلارج في مراكش للإهمال في فترات متعددة. ثم اعتنى بها الأمير مولاي عبد السلام بن السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الله (1710ـــ 1790) الذي يوصف بأنه عالم السلاطين وسلطان العلماء، وتسمى جامعة فاس اليوم باسمه الكريم " جامعة سيدي محمد بن عبد الله، وهو أول حاكم في العالم يعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1767. فاقتنى ابنه الأمير مولاي عبد السلام دار البلارج المهملة ورمّمها وجهزها وأوقفها (حبّسها) بوصفها مشفى للقالق.  وبعد مدة من الزمن، تسربت يد الإهمال والخراب إلى هذه المعلمة المعمارية.3022 علي القاسمي

وفي سنة 1998، أُعجبت المهندسة المعمارية السويسرية سوزان بيدرمان إليوت، بمعمار هذه الدار القديمة المهملة. وعندما عرفت أنها كانت مستشفى للقالق قبل قرون عديدة، أصابها العجب الشديد؛ لأن أوربا في ذلك الوقت البعيد لم تكن لديها مستشفى واحد للبشر، وكان المرضى يُعالجون بالسحر والشعوذة والضرب المبرّح لإخراج الأرواح الشريرة من أجسادهم طبقاً لزعم الكنيسة آنذاك، فما بالك باللقالق؟! فأنفقت هذه المهندسة المعمارية ملايين الدولارات على شراء الدار وتجديد رونقها، واستعادة شيئاً من جمالها الأصلي، وتحويلها إلى مركز ثقافي رائع. (وأحث ابنائي وبناتي الطلبة على زيارتها).

عندما أطلعتُ على موضوع مستشفى اللقالق، طرأ على ذهني سؤال أرقني عدّة ليالٍ، وهو لماذا اختار المغاربة إنشاء مستشفى للقالق، وليس للأبقار أو الأغنام أو الدجاج وهي كثيرة في بلادهم الجميلة؟؟؟!!!

طبعاً هنالك أجوبة محتملة كثيرة تنبع من الأساطير الشعبية المغربية عن اللقالق. (وهذه الأساطير تستحق أن تكون موضوعاً لرسالة جامعية). ولكن تلك الأجوبة لم تشفِ غليلي. وفي ذات ليلة، والليل يأتي بالفكِر والنصائح، كما يقول المثل الفرنسي La nuit porte conseil) )، اهتديتُ إلى الجواب الذي اطمأنت إليه نفسي، وهو أن الكرم في المفهوم العربي الإسلامي هو إكرام الغريب، وليس إكرامَ الأهل والقريب فهّذا الأخير واجبٌ وليس كرماً. وقد ورد ذلك في سورة الروم في القرآن الكريم:

﴿وآتِ ذا القربى حقَّهُ والمسكين وابن السبيل، ذلك خير للذين يريدون وجهَ الله وأولئكَ هم المفلحون﴾

واللقلق ليس من أهل البلاد بل يعيش عادة في أوربا، وفي فصل الشتاء عندما يشتد عليه البرد والثلوج والأعاصير فتشكّل خطراً على صحّته وحياته، يفرُّ لاجئاً إلى المغرب الدافئ، فينزل على المغاربة الكرام جاراً لشهور معدودة، وهذا يسمى بالهجرة الموسمية للطيور. فينظر المغاربة الكرام إليه بوصفه غريباً استجار بهم. فإذا وقع له حادثٌ وانكسرت إحدى ساقيه الطويلتين الرقيقتين، مثلاً، وجاء إلى المغاربة كسير الساق، هبوا إلى نجدته ومعالجته وتجبير ساقه في دار البلارج،، ليعود سالماً إلى بلاده. وهذه من شيم العصر الجاهلي التي أقرها الإسلام. يقول الشاعر الجاهلي السموأل مفتخراً:

تــُعـيّرُنا أنّــا قـــليــــــلٌ عديـدُنا ... فقلتُ لها: إنَّ الكرامَ قليلُ

وما ضرَّنَا أنّا قليلٌ، وجارُنا ... عزيزٌ، وجارُ الأكثرينَ ذليلُ

وقد ورد في القرآن الكريم: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَه ...﴾

إضافة إلى ذلك أن الحيوانات الأخرى التي ذكرنا من أبقار وأغنام ودجاج لها أهلها من الفلاحين الذي يمتلكون ثقافة بيطرية عريقة مورثة تمكّنهم من العناية بهذه الحيوانات ومعالجتها.

وبعد أن اطمأنت اللقالق إلى كرم المغاربة ودماثة أخلاقهم وحسن معاملتهم للغريب واعتيادت على طعامهم وطقسهم، أخذ بعضها يستقرُّ طوال حياته في مراكش وفاس والقنيطرة، ، وتخلى عن عادته وديدنه في الهجرة الموسمية منذ آلاف مؤلّفة من السنين، كما تدلّنا البحوث العلمية الأخيرة.

وأنا، يا تُرى، هل كنتُ واحداً من هذه اللقالق، جاء إلى المغرب كسير القلب، فاراً من حكم شمولي عسكري وما تلاه من حكم محاصصة طائفية فاسد، لاجئا إلى بلد الكرام. فأخذ المغاربة يكثرون من إغداق كرمهم الكبير علي، مثل هذه الندوة التي أعتز بها وأتشرف؟؟؟

وعلاوة على أخلاقهم الحميدة الرفيعة وكرمهم الحاتمي، يتصف المغاربة بعلوّ الهمة، وعزة النفس، وشدّة البأس؛ فهم لا يصبرون على ضيم، ولا يسكتون عن ظلم، ولا يقبلون بالذل. فللمغاربة شموخُ جبالهم، وجموحُ خيولهم، وشجاعةُ أسلافهم. شجاعةٌ لا تدانيها شجاعة عنتر بن شداد، وعزةُ نفسٍ لا تضاهيها عزّة نفسه، وهو القائل:

حكِّم سُيوفَكَ في رِقابِ العُذَّلِ ... وَإِذا نَزَلتَ بِدارِ ذُلٍّ فَاِرحَلِ

وَإِذا بُليتَ بِظالِمٍ كُن ظالِماً ... وَإِذا لَقيتَ ذَوي الجَهالَةِ فَاِجهَلي

وَإِذا الجَبانُ نَهاكَ يَومَ كَريهَةٍ ... خَوفاً عَلَيكَ مِنَ اِزدِحامِ الجَحفَلِ

فَاِعصِ مَقالَتَهُ وَلا تَحفِل بِه ... وَاِقدِم إِذا حَقَّ اللِقا في الأَوَّلِ

وَاِختَر لِنَفسِكَ مَنزِلاً تَعلو بِهِ... أَو مُت كَريماً تَحتَ ظِلِّ القَسطَلِ

(والقسطل، هو الغبار الكثيف الذي يُثار في ساحة المعركة من الخيول وغيرها)

 وأكتفي بضرب مثل واحد على شجاعة المغاربة النادرة، بمعركة " وادي اللبن" التي وقعت بين الجيش الإنكشاري للإمبراطورية العثمانية والجيش المغربي سنة 1558.

ولكي ندرك دلالات هذه المعركة يجب أن نطّلع على سياقها التاريخي والعسكري. فنقول إنها جرت في عهد السلطان العثماني العاشر سليمان القانوني الذي يُعدُّ من أعظم السلاطين العثمانيين، فقد بلغت الإمبراطورية العثمانية في عهده أوج عظمتها. تولّى الحكم في الخامسة والعشرين من عمره وحكم 46 عاماً (من سنة 1520 إلى سنة 1566 م) وتمكّن بدهائه وحزمه وإقدامه من توسيع حدود الإمبراطورية العثمانية في أوربا وآسيا وإفريقيا. ففي أوربا ضم إلى إمبراطوريته جزيرة رودس اليونانية، وفتح بلغراد، ودحر مملكة المجر بعد أن أباد جيشها المجري الأوربي المؤلف من مقاتلين وفرسان اوربيين يفوق عددهم مئتي ألف مقاتل بمباركة البابا نفسه، واصطدم مع النمسا وحاصر فينا، وحارب البرتغاليين في المحيط الهندي والخليج العربي. فهو قائد عسكري متمرس، وجيشه الإنكشاري هو نخبة الجيش العثماني أو حرس السلطان، الذي يُدرَّب أفراده منذ طفولتهم وأغلبُهم من الإيتام أو الأطفال الذين فُصلوا عن عوائلهم ويتعلمون، فنون القتال والحرب منذ نعومة أظفارهم، وأبوهم الروحي هو السلطان نفسه. وفي زمانه كانت الأساطيل العثمانية ومدفعيتها واسلحتها النارية هي الأقوى في العالم.

كان أبوه السلطان سليم الأول (حكم من 1512ــــ1520) هو الذي ضم الجزائر إلى الإمبراطورية العثمانية سنة 1515، وفي سنتي 1516 و1517 دخل الشام ومصر الموحَّدتين تحت حكم  السلطان المملوكي قانصوه الغوري. أما السلطان سليمان القانوني فقد استكمل ضم ليبيا وتونس، واكتفى بقيام الوطاسيين في فاس بالدعاء له في خطبة الجمعة وضرب النقود باسمه. ولكن عندما تولّى السلطان السعدي الثالث محمد الشيخ الحكم (من 1540ــــ1557م)، حقق انتصارات باهرة على البرتغاليين وأخرجهم من ّالثغور، وقضى  على حكم الوطاسيين في شمال المغرب لتوحيد البلاد. فأرسل إليه السلطان العثماني سليمان القانوني رسولاً يحمل خطاباً فيه أجمل التهاني له لانتصاره على الوطاسيين، ويدعوه بلطف إلى الدعاء للسلطان العثماني على منابر المغرب، وضربِ النقود باسمه. ولما طلب الرسول الجواب من السلطان المغربي، كان جوابه للرسول: " لا جواب لك عندي حتى أكون بمصر إن شاء الله وحينئذ أكتب لسلطان القوارب" كما يخبرنا المؤرِّخ أحمد الناصري في المجلد الخامس من كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصا".

وفي جواب السلطان المغربي تلميحان: الأول إلى نيته في تحرير البلدان العربية في شمال إفريقيا من الحكم العثماني، والثاني السخرية من السلطان العثماني الذي وصفه بسلطان القوارب أو سلطان الحوّاته (أي صائدي السمك) لكثرة اساطيله البحرية. وعندي أن السلطان المغربي على حق، فمن المؤسف أنّ العثمانيّين لم يعاملوا الشعوب العربية التي حكموها بروح الإخوَّة الإسلامية الإنسانية، بل باستعلاء المستعمرين واستغلال المستثمرين. كما يخبرنا المؤرّخ الجزائري سعد الله بلقاسم في كتابه " تاريخ الجزائر الثقافي من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر " بقوله:

" كان المفروض أن يطبِّق الحكام العثمانيون تعاليم الإسلام في الحكم، وأن يؤاخوا بينهم وبين السكان، وأن يشاوروهم في الأمر، وأن يفسحوا المجال أمامهم، وأن يختلطوا بهم ويخالطوهم، ولكنهم في الواقع أساءوا التصرف، كمعظم الحكّام عندئذ، فحكموا كفئة متميزة واحتكروا الحكم في أيديهم طيلةَ الفترة العثمانية، واستبدوا بالسلطة، واستذلوا السكان واستعلوا عليهم، وعاملوهم معاملة المنتصر للمهزوم".

ومن خبرتي الشخصية ومطالعاتي، وقفت على شيء كثير من هذا.  فعندما كنتُ أبحث، في دار الكتب المصرية بالقاهرة، عن مخطوطةٍ في علم المصطلح لتحقيقها، عنوانها " توالي المنح في أسماء ثمار النخل ورتبة البلح" لقاضي القضاة إمام المالكية في زمانه بدر الدين القرافي (1533ـ1601م)، لم أعثر عليها، على الرغم من مساعدة صديقي العالِم الدكتور محمود فهمي حجازي رئيس دار الكتب نفسها آنذاك ، الذي شرح لي أن السلطان العثماني سليم الاول أمرَ بعد دخوله مصر سنة 1517م ، بنقل جميع المخطوطات المصرية إلى الآستانة ما عدا كتب المذهب الحنفي، وهو المذهب الرسمي للإمبراطورية العثمانية، كما نقل جميع الحرفيين والمهنيين والعلماء المصريين إلى تركيا، ما أدى إلى انخفاض المستوى الثقافي في مصر وتدهورها وتقهقرها اقتصادياً واجتماعياً، فالثقافة أساس التقدم. وعندما عدتُ إلى المغرب العزيز، ساعدني الأخ العالِم الدكتور أحمد التوفيق الذي كان آنذاك محافظا للخزانة الوطنية بالرباط، على العثور على المخطوطة المذكورة، فحققتُها ونشرتُها في كتابي " التراث العربي الإسلامي : تساؤلات وتأملات".

وبعد أن تأكَّد السلطان العثماني سليمان القانوني من إباء السلطان المغربي محمد الشيخ ورفضه لأية سلطة أجنبية على المغرب العزيز، لجأ إلى أسلوب لا يليق بالشجعان الكرام، ذلكم هو التحايل لاغتيال السلطان المغربي. وعندما حصل ذلك، استلم الحكم السلطان السعدي الرابع عبد الله الغالب (حكم من 1557 ـ1574)، وهو ابن السلطان محمد الشيخ، وأثبت صحة مقولة " هذا الشبل من ذاك الأسد". إذ ظن السلطان العثماني سليمان القانوني أنه إذا عاجل السلطان الجديد في بداية حكمه، بحملة عسكرية كبيرة سيحقّق النصر عليه. وهكذا وجه أكبر حملة بحرية من الإنكشارية المشاة والفرسان، فنزلت بالجزائر والتحق بها الجيش العثماني هناك، وقادها العسكري المحنّك حسن بن خير الدين باشا حاكم تلمسان العثماني، ثم دخلت المغرب. فتصدى لها السلطان السعدي عبد الله الغالب، وقاد بنفسه جيشه الصغير، وسرعان ما التحقت به القبائل المغربية المعروفة بنخوتها وشهامتها، ووقعت المعركة خلال شهري مارس وأبريل من سنة 1558م بالقرب من وادي اللبن (في ولاية تاونات حاليا) شمال فاس، وعلى الرغم من أن المعركة غير متكافئة من حيث العدد والعُدّة، بل تميل كثيراً لصالح العثمانيين، فإن المغاربة حققوا نصرا مؤزَّرا باهراً مُبِينا، بفضل ثباتهم ونخوتهم وشدّة بأسهم وشجاعتهم التي لا تضاهى.  وتمكَّن السلطان الشاب عبد الله الغالب من إذلال أعظم سلاطين العثمانيين، السلطان سليمان القانوني الذي لاذ جيشه الجرّار بالفرار ووُصِم بهزيمة نكراء. ومنذ ذلك التاريخ لم يجرؤ السلاطين العثمانيون على محاولة فرض سيطرتهم، ولو الرمزية، على المغرب العزيز، خشيةً من هزيمة أخرى تنال من هيبة الإمبراطورية العثمانية. وهكذا شاعت مقولة " المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي لم تحكمه الإمبراطورية العثمانية".

ولكون المغرب الدولة العربية الوحيدة التي لم تخضع للحكم العثماني، إلا خضوعاً جزئياً رمزياً لفترة قصيرة، مزايا كثيرة، أضرب منها واحدة تتعلق باللغة العربية. فالمغرب في مجال المصطلحات الإدارية، مثلاً، لا يعاني مشكلة الازدواجية المصطلحية، لا الازدواجية التاريخية ولا الآنية، فحافظَ على منظومة المصطلحات الإدارية العربية المستعملة منذ صدر الإسلام: الوالي، العامل، القايد، المقدم، المحتسب، ديوان المظالم، إلخ. ، على حين نجد أن مفاهيم هذه المصطلحات في بقية الدول العربية تعاني الازدواجيتين التاريخية والآنية. ففي الإدارتين العراقية والأردنية، مثلاً، نجد: المتصرف، والقائمقام، ومدير الناحية،والمختار ، إلخ.

وقد يتساءل السامع عن كيفية اتصاف المغاربة بشدة البأس والشجاعة الفائقة على الرغم من لطفهم ورقتهم ودماثة أخلاقهم، وهي صفات تكاد تكون متناقضة، و"النقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان"، كما يقول الدرس المنطقي. نجد الجواب والتعليل في (فلسفة الأخلاق)، فثمة بابٌ يُسمّى بـ " تكامل الأخلاق". فالإنسان الشجاع، يتحلّى في الوقت نفسه بالكرم، والصدق، وعدم النفاق؛ لأن الإنسان الذي يجود بروحه الزكية من أجل كرامته ووطنه ـــ والجود بالنفس أقصى غاية الجود ـــ يهون عليه أن يجود بماله لمساعدة الفقراء والمحتاجين؛ ولا يكذب، ولا ينافق، فهو لا يخشى في الحق لومة لائم؛ وهو متواضعٌ في الوقت نفسه، لأن التواضع نتيجةُ الثقة بالنفس، وهكذا.

ومن دواعي سروري وبوعث بهجتي وسعادتي أن المغرب العزيز ذو ثقافةٍ عريقة، وحضارة تليدة، وتراث لامادّي كبير. ويتجلى ذلك في جميع ما تسمعه الأذن، وتراه العين، ويذوقه اللسان، ويشمه الأنف، وتحس به أصابع اليد؛ في الموسيقى وبقية الفنون الجميلة، وفي المهرجانات المتنوعة، وفي الهندسة المعمارية التي شاعت في الأندلس  وأوروبا ، وفي الأكل والشرب إذ يعد المطبخ المغربي من أرقى المطابخ العالمية المعدودة، وفي العطور، فكثير من دور العطور الفرنسية الشهيرة تعتمد مزارع الورود والأزهار المغربية مصدراً لها.

أما المعرفة فهي مبثوثة في جامعات المغرب العزيز التي تضمّ جامعة القرويين أقدم جامعة في العالم لا تزال مفتوحة، وفي خزائن كتبه، وزواياه، وبيوتاته العلمية، وصدور رجالاته الكرام. ولأن قدري رحيم بي حتى أني أشعر في أعماقي بأني محظوظٌ حقاً، فقد أُتيحت لي الفرصة الذهبية للتتلمذ على اثنين من علمائه الفطاحل؛ إذ لازمتُ العلامةَ الفقيه المحدّث المؤرّخ اللساني المعجمي المترجم الإعلامي الصحفي الأديب الروائي المتصوّف المرحوم عبد العزيز بنعبد الله، أربع سنوات، عندما كان مديراً لمكتب تنسيق التعريب بالرباط وكنتُ خبيراً فيه (1978 ــ 1982). ثم أخذت الكثير الكثير من العلامة المفكّر الأديب السياسي الدبلوماسي القانوني الإعلامي أحد قادة استقلال المغرب الوزير السفير المرحوم الدكتور عبد الهادي بوطالب الذي لازمته ما يقرب من عشر سنوات (1982ــــ 1991) في حِله وترحاله عندما كان مديراً عاما للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، وكنتُ مديراً فيها، ثم واصلتُ الجلوس بين يديه أسبوعياً بعد أن ترك العمل. وتعلّمتُ من هذين العلمين، رحمهما الله، ما لم أتعلَّمه في الجامعات التي ارتدتُها في الشرق والغرب.

لو كنتُ شاعراً لنظمتُ دُرر القصائد في المغرب العزيز، ولكني لستُ شاعراً مع الأسف. ولهذا أستعير بيتين من ديوان أبي الطيب المتنبي أشكر بهما المغرب:

مطرْتْ سَحابُ يديكَ رِيَّ جوانحي ... وحملتُ شكرَكَ، واصطناعُك حاملي

فمتى أقــومُ بشكرِ ما أوليتني! ... والقـــولُ فــيكَ عُـــلُـــوُ قَـــــــدْرِ القائلِ

***

فيما تبقّى لي من وقت، يطيب لي أن أعرِّج على الترجمة موضوع هذه الندوة، فأُنهى إلى كريم علمكم معلومةً عن آخر كتاب صدر في الموضوع، وهو بعنوان " الترجمة القانونية والدينية وتكنولوجيا الترجمة" لصديقي وأخي الدكتور عبد الرحمان السليمان، أستاذ الترجمة والتأثيل واللغات السامية في جامعة لوفان ببلجيكا. وقد اضطلع بنشر الكتاب مركز النشر العلمي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.  وكتب أ.د. عبد الرحمن السلمي مدير المركز تصديراً للكتاب قال فيه إن من الأولويات البحثية التي يحرص عليها المركز ما يتعلق منها بالترجمة ومجالاتها، وشكر فيه أ.د. صالح بن عياد الحجوري نائب المدير على عنايته بنشر هذا الكتاب بالذات.

كما كتب عالِم اللغة الدكتور أحمد الليثي تقديماً تناول فيه علاقة الترجمة باللغة والفكر والثقافة.

وتدلنا قائمة المحتويات على أن الكتاب في الأصل دراساتٌ متفرّقة تدور حول ثلاثة مواضيع متصلة ذاتياً ووظيفياً، هي: الترجمة والمصطلح والتأثيل. وفروعُ المعرفةِ كلُّها مترابطةٌ مثل أغصان شجرةٍ معمرةٍ، جذورها راسخة في التربة تبحث عن الحقيقة. ومن خبرتي الشخصية، أرى أنَّ الكتاب المكوّن من فصول، أُعِدّ كلُّ فصل منها بمثابة دراسة مستقلة في مناسبة من المناسبات، هو أمتن علمياً من الكتاب الذي تُعدّ فصوله مرّة واحدة. وقد لا تنطبق خبرتي الشخصية على جميع الكتب.

وتكمن أهمية هذا الكتاب في أهمّية مؤلِّفه السوري البلجيكي الجنسية، الدكتور عبد الرحمان السليمان، فهو أستاذ الترجمة المشارك في جامعة لوفان في بلجيكا، وأستاذ الترجمة الزائر في جامعتكم الموقرة، جامعة القاضي عياض، وأستاذ زائر في مدرسة فهد العليا بطنجة،  لكونه متمكّناً من الموضوعات التي يتناولها. ولا يقتصر إلمامه بنظريات الترجمة وتقنياتها فقط، فهو مترجم محترف مارس الترجمة عقوداً عديدة من السنين، إضافة إلى إلمامه بتكنولوجيا الترجمة. وفوق ذلك كله، هو عالِمُ تأثيلٍ للغة العربية يجيدُ عدداً من اللغات ذات الصلة يفوق عدد تلك اللغات التي يلمّ بها معاصره عالِم التأثيل الهندي ف. عبد الرحيم الذي حقق كتاب " المعرَّب من الكلام الأعجمي" لموهوب الجواليقي (المتوفي سنة 540 ه)، وصحَّح بعض أوهامه. فالدكتور السليمان درس اللغة الإغريقية القديمة والحديثة في جامعة أثينا، ثم درس اللغات الجزيرية (السامية) في جامعة الدولة في غاند في بلجيكا، وأنجز دكتوراه في الأدب العبري القديم في موضع " إشكاليات ترجمة غريب التوراة"، ودكتوراه أخرى في الترجمة في موضوع "وثائق الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية: قانون الأسرة المغربي أنموذجاً".

ويجيد الدكتور السليمان مجموعةً من اللغات الميتة أو القديمة (جميع اللغات السامية والحامية، والإغريقية واللاتينية، وطائفةً من اللغات الحية (الهولندية والإنكليزية واليونانية الحديثة والعبرية الحديثة)، ويلم إلماماً متوسطاً بالألمانية والفرنسية. وهذا يذكّرنا بالعدد الهائل من اللغات الذي كان يدرسه كبار المستشرقين الأوربيين، الذين انقرض نوعهم أو يكاد، فلم يعد في الغرب سوى مستعربين وليس مستشرقين، مع  الأسف.

وبفضل هذه المؤهّلات العلمية الرفيعة التي يزدان بها الدكتور السليمان، اختارته مؤسسة الموسوعة العالمية " دليل المصطلح"  Handbook of Terminolog  ليكون منسقاً ومديراً لعملية إصدار المجلد الثاني من مجلداتها الخمسة، المتعلّق بعلم المصطلح في العالم العربي، وهي عملية في غاية الصعوبة والتعقيد، أنجزها الدكتور السليمان بكفاءة عالية وساعده فيها  صديقه الدكتور الليثي. كما أن الدكتور السليمان كتب فصَلاً من فصول هذا الكتاب. ويسعدني أن أذكر أن اثنين من أساتذة هذه الجامعة الموقرة أسهما في تأليف هذا المجلد. فقد شارك الأخ الدكتور حسن درير مدير مختبر الترجمة وتكامل المعارف منسق هذه الندوة في إعداد فصلين من فصول هذا المجلد، أحدهما عن علم المصطلح في العالم العربي والأخر عن المصطلح الصوفي، وشارك الدكتور عبد الحميد زاهد في إعداد الفصل الأول من هذين الفصلين.  واضطلع الدكاترة السليمان وزاهد ودرير بترجمة المجلد كله إلى اللغة العربية. وهو عمل في منتهى الصعوبة بسبب كثرة المصطلحات التقنية، قديمها وحديثها، فيه.

ويتألف كتاب الدكتور السليمان، " الترجمة القانونية والدينية وتكنولوجيا الترجمة"، من سبع دراسات هي:

1) النظرية الغائية وتكافؤ السياق، وإشكاليات التكافؤ الوظيفي في الترجمة.

2) الترجمة الشفهية: تاريخها وأنواعها.

3) تكنولوجيا الترجمة: المترجمون والتحديات العصرية.

4) إشكاليات السطرجة العربية، الفيلم ( The Hangover) أنموذجاً.

5) أهمية التأثيل وعلم اللغة المقارن ودورهما في ضبط المفاهيم الاصطلاحية. مصطلح العلمانية عند طه عبد الرحمان.

6) رسالة بطليموس الغنوصي إلى فلورة المسيحية.

7) الدعاوى الحديثة حول العربية، دعوى كريستوف لوكسميوس أنموذجاً.

كنتُ أعتزم تقديم خلاصة لمحتويات هذه الفصول، ولكني عدلت عن ذلك لا لضيق الوقت فحسب، بل لأنني كذلك شعرتُ بأني أبخسكم حقكم وأشياءكم وأسيء إلى الكتاب نفسه. وأفضل شيء أن يطلع المهتم في الموضوع على الكتاب مباشرة. ومما ييسر ذلك أن الدكتور السليمان مؤلّف الكتاب، بوصفه أستاذاً زائرا في جامعتكم الموقرة سيأتي للتدريس فيها في الشهر القادم، وهو لا يتردد في تزويد من يحتاج إلى الكتاب بنسخة رقمية منه.

وختاماً يشرفني أن أتوجه بالشكر مرة أخرى لكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة القاضي عياض، عميداً وأساتذة وإداريين وطلاباً، على تكرمهم بتنظيم هذه الندوة العلمية الرائعة التي تعلمتُ منها الكثير. وأود أن أشكر شخصياً صديقي وأخي الدكتور حسن درير، منسق هذا الندوة، وجميع الذين تفضلوا بالحضور، والمشاركين ببحوثهم وأخص بالذكر منهم أولئك الذين تكرموا بكتابة بحوثهم ودراساتهم عن بعض أعمالي وهم: الأستاذة إيمان بنعربية، والأستاذ مصطفى شقيب، والدكتور يوسف مساهل، والدكتورة فتيحة غلام، والأستاذ عبد الكبير العلواني، والأستاذة أسماء سهيل، والدكتور طلال قطبي، والدكتورة ماري إيفيلين لوبودر، والدكتور عبد الرحمان السليمان، والدكتور حسن ضرير.

والسلام عليكم.

 

علي القاسمي

 

 

 

في بلاد السواد الشهيرة ببساتينها الخضراء استأثر على مدى عقود حفنة من الحكام الجائرين، استباحوا ارض الرافدين وإرثها الحضاري، العلمي والفكري والأدبي والثقافي ، وأساءوا للمجتمعات العراقية وثقافاتها الملتصقة بارض بلادهم المعروفة بإسم بلاد الفصول الأربعة المزدهرة. لكن طيفا واسعا من بنات وابناء هذه المجتمعات، لازال تواقا لرفع شأن وطنه وسمعته رغم تعرضه لمعاناة عدة عرضت حياته للخطر والهجرة الى عوالم اخرى في أقاصي المعمورة.. من هؤلاء الشباب المواطنة الالمانية من أصول عراقية ريم العبلي. الذي كان جدها مناضلا وطنيا اعدمه قادة انقلاب 8 شباط 1963، وعنده بدأ مسلسل " دراما السياسات الدموية" للاسئثار بالسلطة وانتاج الحروب والقتل والدمار ومازال الى يومنا هذا.

بعد ان نكثت الانتخابات عن كاهلها بهرجة الاحتفالات بعد صدور النتائج، ومن ثم توقيع اتفاق تشكيل حكومة الوحدة الجديدة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب اللبراليين الاحرار وحزب الخضر، وإناطة رئاسة الوزراء بالحزب الاشتراكي. أعلن "المستشار" الالماني الجديد Olaf Scholz "أولاف شولتس" عن تعيين الألمانية من اصول عراقية ريم العبلي في منصب وزيرة الدولة لشؤون الهجرة واللاجئين في ألمانيا. 

3183 وزيرة عراقيةولدت ريم العبلي في موسكو لأبوين عراقيين. في عام 1996 جاءت مع عائلتها وهي طفلة صغيرة إلى ولاية مكلنبورغ فوربومرن  Mecklenburg-Vorpommernكلاجئين. درست العلوم السياسية في جامعة برلين الحرة وبعد التخرج عملت، في معهد الشرق الألماني وسلطات الهجرة في مكلنبورغ. منذ كانون الثاني 2020، شغلت منصب مسؤول التكامل الحكومي للاندماج في وزارة الشؤون الاجتماعية في مقاطعة مكلنبورغ فوربومرن. 

في الانتخابات الفيدرالية في سبتمبر، فازت ريم البالغة من العمر 31 عاما بالانتخابات المباشرة لدائرتها الانتخابية في شفيرين وستجلس في البوندستاغ عن شفيرين وويست مكلنبورغ، وتنتقل الى مكتب المستشارية الاتحادية كوزير دولة للاندماج عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الالماني.. تقول العبلي: بصفتي امرأة شابة لها تاريخ في الهجرة، أن اكافح لاختراق المحظورات بثلاث طرق ـ وتقصد، القانونية والانسانية والمجتمعية. في الوقت نفسه، تعد هذه علامة جيدة على أنها تستطيع الآن أن تمثل جيلا جديدا من السياسيين في البوندستاغ.

لقد فازت ريم العبلي بنحو تسع نقاط مئوية على خصمها من الاتحاد الديمقراطي المسيحي ديتريش مونشتات، الذي سبق له الفوز بالدائرة ثلاث مرات متتالية. "لقد كنت مرتبكة تماما" ـ ولم أكن لأظن "أن الأمر سيكون بهذه الوضوح" قالت بعد فترة وجيزة من الانتخابات في مقابلة مع احدى الصحف.. لم تنتمي العبلي للحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ فترة طويلة.بعد أن تم ترشيحها لانتخابات البوندستاغ، انضمت إلى الحزب في بداية العام 2021، لكنها كانت دائما قريبة جدا من الديمقراطية ـ الاجتماعية.. 

تقول: "بالنظر إلى الماضي، كنت أرغب في أن أكون مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي لفترة أطول من الوقت، لكن ببساطة لم يكن لدي إمكانية الوصول إليه. هذا ما أريد أن يآخذ بعين الاعتبار. وقالت "علينا أن نصبح أكثر جاذبية للشباب والأشخاص الذين لديهم تاريخ مهاجر". ويجب على الحزب الاشتراكي الديمقراطي تبسيط القضية وتجنيد الأعضاء بنشاط للوصول الى هذا الهدف. 

والجدير بالذكر أن المهندس المدني الالماني من اصول عراقية من مواليد مدينة زاخو، قاسم طاهر صالح، هو الآخر فاز بمقعد في البرلمان الألماني عن قائمة حزب الخضر. ومن القضايا التي تشكل محور اهتماماته السياسية هي الهجرة واللجوء والاندماج، كذلك مشاكل العنصرية واليمين المتطرف ومكافحة الفاشية.. 

في معرض حديثه للاجابة على سؤال: ما الأشياء التي يرغب تحقيقها في البوندستاغ؟ يقول قاسم طاهر: (سأعمل من أجل إجراءات لجوء سريعة وعادلة. هذا لا يتطلب تغييرا قانونيا فحسب، بل يتطلب أيضا رقمنة الإدارة العامة. من أجل حق لجوء فعال في البقاء، يحتاج اللاجئون إلى اليقين القانوني وفهم الهياكل اللازمة من أجل تعلم اللغة. اللغة هي الوصول إلى كل شيء. ويجب البدء بدورات الاندماج في اليوم الأول، بغض النظر عن احتمال الحصول على الإقامة أم لا.. أنا أكافح أيضا من أجل عدالة مناخية متعددة الأبعاد. لا يمكن أن تكون هناك عدالة مناخية إلا إذا فكرنا فيها بطريقة مناهضة للعنصرية ومن زاويا اجتماعية وسياسية. أولئك الذين تضرروا بشدة من أزمة المناخ هم الأقل مساهمة. لذا يجب أن إبعاد العدالة المناخية عن الصراعات الدولية والسياسية. هذا ما سأعمل من أجله في البوندستاغ).

لا وزيرة الدولة ريم العبلي هي الوحيدة التي لها تاريخ في الهجرة، ولا قاسم طاهر صالح. انما الجديد في هذه الانتخابات وصول مجموعة من الشباب الأكثر تنوعا في تاريخ المانيا الى المنظومة البرلمانية الجديدة. أعتقد أن هذا رائع حقا، وانها لحظة ساخنة في حياة المجتمع الالماني عندما يقدم لدقائق جميع الوافدين الجدد انفسهم في البرلمان الاتحادي "البوندستاغ".

 

عصام الياسري

 

الصفحة 2 من 4

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم