أقلام حرة

أقلام حرة

حدّث أيوب بن أيّوب الغزّاوي، قال:

قررت أن أكتب للمجانين، لعلني أجد لديهم بعضا من التعقّل أو قبسا من الحكمة. ألم يقل أسلافنا: إنّ من الجنون لحكمة. لقد يئست من مخاطبة العقلاء ومناشدتهم في هذا العالم المنزوع الإنسانيّة. لم أجد فيهم من يفقه قولي، ويحلل عقدة العقلاء في هذا العالم. يا سادتي، هذه كلماتي المغموسة بدم الأطفال والشرفاء. أكتب إليكم بريشة مداد محبرتها دم ودموع ينزفان من قلب غزّة. أسألك أيّها العالم الغربيّ – بربّ السموات والأرض والخلق جميعهم - هل تروننا بشرا مثلكم؟ أم أنّنّا في نظركم ويقينكم لسنا من سلالة آدم؟ أم أنّنا بكل صراحة وحوش كما وصفنا أحد صهاينة حكومتهم الحربيّة؟

هل مازال في العالم الديمقراطيّ عقلاء، لهم قلوب تتألّم وجعا ، وعيون تدمع أسى، وآذانا تسمع صرخات الضحايا وأنين المكلومين والجرحى؟ هل مازال على هذا الكوكب الترابيّ الذي أكرم الله به آدم من له بصر وبصيرة؟ لا أظنّ أنّ العالم الديمقراطي يفقه ويأبه لمأساة الغزّاويّة.

لم تعد غزّة الجميلة آمنة. إنّ أعداءنا ماضون في إبادتنا، ومصرّون على إفنائنا. بينا أبناء عمومتنا وعقيدتنا صامتون، مشلولون، فاقدون للأسماع والأبصار والأفئدة. إنّ وابل القصف الجوّي والمدفعي على رؤوسنا لا يكاد يتوقف لحظة. إنّ أعداءنا وأبناء جلدتنا يحاصروننا منذ سبعة عشر سنة خلت، ومنذ سبعة عقود ونحن- الشعب الفلسطيني – نتجرّع سموم الصهيونيّة، ونرتحل من نكبة إلى نكبة، ومن نكسة إلى أخرى. إنّهم ماضون في تشييد المقابر الجماعيّة لنا، كما لو أنّهم مجدّون في قضاء شهواتهم ورغباتهم الجنسيّة. ماضون في إرسال أطنان من الأكفان، كي لا تزكم روائح أجسادنا وأشلائنا أنوفهم المعطّرة بالروائح المخمليّة، الباريسيّة.

نحن يا سادتي، بشر مثلكم، حقيق لنا أن نعيش أحرارا مثل بقيّة أحرار العالم. نحن لسنا وحوشا، كما وصفنا أعداؤنا. نحن بشر، لنا ما لكم ؛ لنا الحقّ - كلّ الحقّ - في الحياة والحريّة والكرامة. خلقنا الله لنعيش في كنف الأمن. لم يخلقنا لكي تقتلوننا. من خوّل لكم قتلنا؟ نحن لسنا متاعا لأحد. نحن عبيد الله وملكه. فلماذا تعتدون على نعم الله؟

أكتب لكم من فوق الركام ومن تحتي ومن حولي ركام، ركام بيتنا وبيوت الجيران المقصوفة بقنابل الحقد والوحشية والهمجية المطلقة، المرسلة من بلاد العم سام، حيث ينتصب تمثال الحريّة شامخا. لم يبق منه جدار ولا باب ولا نافذة ولا سقف الا اصابها الدمار. كانت القنابل ضخمة. حارقة. شديدة. (ما فش أكل ولا مياه وأي شيء من مقومات الحياة). لقد نفد الماء والغذاء والدواء. لم تبق أمامنا سوى أوراق الشجر وحبّات التراب.

أيّها الأعراب والعجم ، يا من تديرون العالم من فوهة مدفع، كأنّه تلسكوب فضائيّ. يا من تجلسون خلف الشاشات المرئيّة، وتعدّون ضحايانا من الأطفال والرضّع والنساء، وكأنّكم تعدّون أرباح أسهمكم في البورصات. نحن، هنا باقون ، فوق الثرى أو تحته، باقون لحما وعظما وروحا. لن نرحل عن مرابعنا إلاّ إلى السماء. لا معبر لنا سوى معبر السماء. أمّا معابركم في رفح وأبي كرم وغيرهما، فهي متروكة لكم أيّها الجبناء، وللغرباء عن غزّة كي يعودوا من حيث أتوا. أمّا نحن، فإنّنا هنا واقفون كأشجار بيّارات الزيتون والليمون، باقون هنا كبحر غزّة وأصدافه ورماله وأمواجه وزرقته السماويّة وشمس الشروق وآصائله. وإنّه لجهاد، نصر أو استشهاد.

لو قيل لي، سيأتي زمن من أزمان أمتي العربيّة والإسلاميّة، يقدم فيه الصهاينة وأعوانهم على إبادة أهل غزّة وفلسطين، تحت ظلّ الصمت الرهيب، لما صدّقت، بل لانتفضت غيظا واستنكارا، ولقلت هذا لن يكون أبدا، حتى يبيّض ريش الغراب. هذ افتراء وبهتان على خير أمّة أُخرجت للناس ـ تؤمن بالله، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. أمّا وقد حدث، ويحدث اليوم في غزّة، وأمّة العرب والمسلمين ترى المأساة، ولا تحرّك ساكنا. وقد شُلّ عقلها، واعتُقل لسانها، وانكشفت سوآتها، ولم تجد ورقا أخضر أو يابسا تستر به عورتها. فقد صدق من قال فيها (يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم).

و ختم أيّوب بن أيّوب الغزّاوي، الكلام المباح في انتظار انبلاج الفجر، وطلوع الصباح قائلا:

طاب نومك يا أمّة المليار والنفط والغاز واللغو والصمت.

***

علي فضيل العربي – الجزئر

جاء في البروتوكول الأول لعام ١٩٧٧ تعبيرا يلزم بما يسمى "مبدأ التمييز" وهو صالح كقانون عرفي بالرغم من أن عددا من الدول لم يصادق على البروتوكول الأول. ويعني هذا المبدأ "حماية الأشخاص المدنيين والأعيان المدنية". وطبقا لهذا البروتوكول فإن السكان المدنيين "يتمتعون بالحصانة ضد الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية" كما يحضر هذا البروتوكول أفعالا الغرض منها نشر الرعب بين المدنيين. كما يحظر الهجمات العشوائية ويلزم التمييز بين الأفراد المحاربين والأهداف العسكرية وبين المدنيين والأعيان المدنية.

وفي الحرب على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ وتحديدا عندما وجهت شعوب العالم اصبع الاتهام نحو دولة الاحتلال عندما اتضح أن من أهداف حربها الإبادة الجماعية لسكان القطاع ، تذرعت بأن ما يحصل مع المدنيين هو "ضرر جانبي" حيث علق رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو في بداية الحرب بعد ارتقاء ما يزيد عن ١١ ألف شهيدا في غزة بأن "الخسائر في صفوف المدنيين أضرار جانبية وأن الأهداف "الإسرائيلية " على حد قوله كانت الإرهابيين". غير أن الضرر الجانبي يحدث عندما توقع هجمات تستهدف أهدافا عسكرية خسائر بين المدنيين وضررا بالأعيان المدنية ،وكثيرا ما يحدث هذا الضرر حين تكون الأهداف العسكرية مثل المعدات أو الجنود موجودة في مدن أو قرى قريبة من المدنيين. غير أن دولة الاحتلال في حربها على غزة لا تحارب جيشا يمتلك ثكنات عسكرية أو معسكرات تحوي جنودا نظاميين أو مستودعات أسلحة. بل هي تقاتل أشباحا يخرجون لهم من أنفاق من تحت الأرض وغير معلومة المكان وفي زمن أيضا غير معروف.

وجيش الاحتلال يقصف كل مكان في غزة فأين هي الثكنات وأين هم الجنود والمعدات التي يتذرع هذا الجيش بقصفها العشوائي من أحزمة نارية أزالت مربعات سكنية بالكامل بسكانها؟ هذا القصف الذي يمارسه هذا الجيش اللاأخلاقي لمنطقة مكتظة بالسكان ما هو إلا جريمة حرب وفقا للقانون الإنساني الدولي. والسؤال، أين هذا القانون الذي غدا حبرا على ورق عندما تكون الضحية الفلسطيني ؟

وهل استشهاد ما يزيد عن ٢٨ ألف وما يزيد عن ٦٧ ألف جريح وآلاف المفقودين تحت الركام ونحن على أبواب الشهر الخامس أضرار جانبية تتذرع بها هذه الدولة التي تسِمُ غيرها بالإرهاب وهي أخطبوط الإرهاب؟

وها هو الرئيس الأمريكي جو بايدن الشريك الأول لدولة الاحتلال والداعم الرئيسي لها يعترف بأن القصف "الإسرائيلي" كان عشوائيا. ومع ذلك فقد قدم دفاعا صريحا عن رفضه الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة متذرعا بأن حركة حماس تمثل تهديدا مستمرا لدولة الاحتلال. فأي ازدواجية تلك؟ فالاعتراف بأن قصف دولة الاحتلال عشوائي لا يعني إلا أمر واحد أن هذه حرب إبادة وجريمة صريحة تحدث أمام العالم العاجز والأنظمة العربية التي تساهم في استمرار هذه الإبادة ولا تمت بما يهذر به بنيامين نتنياهو من أضرار جانبية.

***

بديعة النعيمي

 

سئم الكتابة بالقلم وبالكيبورد، فقرر أن يغمس يراعه في دواة السراب، عله يأتي بما ينفع الناس، فما عاد يقرأ كلاما طيبا، فالخبيث يهيمن على المواقع والسطور.

فالخوف سلطان، والتجاهل أمان، والإبتعاد عن المواجهة وإظهار الحقيقة عدوان، فكن خنوعا تابعا، تتوشح بالسمع والطاعة والخذلان.

"ومَن هاب أسباب المنايا ينلنه.. وإن يرقَ أسباب السماء بسلّم"

راح يكتب في موضوعات هامشية إلهائية، لا تطعم من جوع ولا تأمن من خوف، مجرد هذربات على قرطاس الويلات، ورمال التداعيات المصنوعة من أشلاء ودماء الأبرياء، بعد أن مزقتهم قذائف المحق والعدوان المقدس على أبناء أمة أضاعت صراطها وأحرقت العنوان.

كما أنها أنكرت أبجديتها، وأتت بالغوابر لتستشهد بها على أنها من أصدع الأدلة والبراهين المكتوبة منذ آلاف السنين، وبأقلام العديد من المغرضين والموالين لأطماع ونوازع المتحاملين.

فلكي يتحقق التسويق وتنتشر كلماتك في الصحف والمواقع، عليك أن تتعلم صناعة الكتابات الفارغة، الخالية من الموضوع الجاد، الذي فيه بعض الإيجابية والنقد البناء المطالب بالخطو إلى الأمام.

قال القلم جف مدادي وتعطلت الأفهام، وتحولت الكتب إلى أكوام، تنتظر السجير في تنور الخيبات والتداعيات، لصناعة خبز الإلغاء المروع للهوية والذات والجوهر الأصيل.

فكل مَن يراها مات، وعاش الفراغيون وأصحاب النوايا السيئة، اللازمة لتطهير الواقع من الفضيلة، وضخه بمسوغات الرذائل وفتاوى الصلال والبهتان، فما عاد للقانون معنى ولا للدستور حضور، بعد أن تقدّست الأشخاص وصارت كلماتهم الضابط الفتان.

فهل بقي للأقلام دور في زمن الهذيان، وقوة التكنولوجيا ومطلق العدوان؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

قبل الحديث عن رد حماس على اتفاق "الإطار" حول تبادل الأسرى والهدنة المصرية القطرية، الذي تمت بلورة نقاطه في باريس، دعونا نتساءل بانتباه: هل يستقيم المنطق والعدالة في أي اتفاق يكون فيه الضامن للطرف الجاني، هو نفسه الشريك بالجريمة ومشعل فتيلها والذي ينفخ في جمرها كلما أوشكت النار على الانخماد؟.

وعليه فلا بدّ من التطرق إلى نوايا ضامني اتفاق "الإطار " لتفسير المواقف إزاءه، وفي محاولة لفهم رد حماس الذي وصف بالمبهم، وقد صيغ بحذر ودهاء.

ولنبدأ بأمريكا التي أثبتت منذ 7 أكتوبر، بأنها شريك فعليّ في الحرب على غزة من خلال الدعم الأمريكي المتنوع والسخي ل"إسرائيل" ودفاعها المستميت عن حرب الإبادة التي تشنها على غزة بأسلحة أمريكية مدمرة.

ناهيك عن محاولة عرقلتها لتنفيذ قرار محكمة الجنايات الدولية في مجلس الأمن الذي تقدمت به الجزائر.

ولا ننسى تحريض واشنطن ل 14 دولة مانحة، على إيقاف دعمها المادي لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأنوروا).

إلى جانب محاولتها شيطنة حماس وتفريغ الحرب الإسرائيلية على غزة من محتواها، وتصويرها على أنها حرب أمريكية ضد إيران وأذرعها في المنطقة، ونفي حقيقة أن الفتيل الذي أشعل "وحدة الساحات" سواء كان ذلك في البحر الأحمر عند باب المندب، أو في العراق وجنوب لبنان، مرده العدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة، والمستمرة منذ 122 يوماً، تكبدت خلالها "إسرائيل" خسائر غير محتملة، إزاء مقاومة أثبتت عبقريتها في الميدان، إلى جانب حنكتها في التفاوض من منطلق القوة.

وهذا يعني أن مِفتاح الحل هو في يد حماس حيث ناقشت ردها مع الفصائل الفلسطينية التي تجمعهم غرفة عمليات مشتركة.

أما فرنسا فكونها الطرف المستضيف للاجتماع؛ فإن ذلك لا يمنحها كامل الثقة من قبل الطرف الفلسطيني، كونها تعتبر حماس منظمة إرهابية.

ناهيك عن موقفها المشين في إيقاف الدعم للأنوروا، ما يشكل تهديداً للحياة المعيشية في أدنى مستوياتها داخل القطاع الذي يتعرض للإبادة والتطهير العرقي، إذن فضمانات الطرفين الأمريكي والفرنسي منقوصة.

فيما سنجد الأمر مختلفاً لدى الراعييْن المصري والقطري، من حيث ما يجمعهما مع القطاع من روابط بحكم العروبة والجوار؛ سوى أن المصالح تأخذ مصر باتجاه الحياد بحكم اتفاقية كامب ديفيد -المشؤومة- التي ما لبثت مصر تهدد بإيقافها لو أقدمت "إسرائيل" على احتلال محور فليدلفيا، ونقل معبر رفح إلى كرم أبي سالم، في هجوم عسكري تتوعد به الفلسطينيين؛ لضمان السيطرة الإسرائيلية عليه.

مع أن مصر تُتَّهَمُ بالتقصير فيما يتعلق بإدخال المساعدات إلى غزة، إلا أنها تمثل صمام الأمان لقطاع غزة، كونها تقف بشدة ضد تهجير الفلسطينيين إلى سيناء لضروريات أمنية، وهذا موقف يسجل لها.

وبذلك تكون قطر هي الضامن الأنسب بالنسبة للطرف الفلسطيني ممثلاً بحماس، لعدة أسباب:

-  كونها الداعم المالي -إلى جانب إيران- لحماس أثناء الحصار.

-  أيضاً تمثل الرئة الإعلامية التي تتنفس من خلالها المقاومة، وأقصد هنا قناة الجزيرة.

-  وكون الدوحة تستقبل القيادة السياسية لحماس، وتعتبر الداعم اللوجستي لتحركاتها الإقليمية ومركزاً لاجتماعاتها.

-  كذلك تتمتع قطر بخبرة دبلوماسية تؤهلها لخوض تجربة الوساطة، قياساً إلى تجربتها الاستثنائية في الوساطة بين أمريكا وأفغانستان.

- فيما تحظى قطر بثقة الأمريكيين الذين منحوها مساحة واسعة للمناورة، رغم محاولات نتنياهو الحثيثة في النيل منها من خلال اتهامها بدعم حماس في تنفيذ عملية طوفان الأقصى.

لذلك استلمت قيادة حماس في قطاع غزة ممثلة برئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار اتفاق "الإطار" حول تبادل الأسرى والهدنة المصرية القطرية.. فيما سلمت الرد يوم أمس لمناقشة بنوده مع الأمريكيين.

وحول اتفاق الإطار (هيئة البث الإسرائيلية) قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان مقتضب:

" انتهت القمة الاستخباراتية في أوروبا، بمشاركة رئيس الموساد دافيد برنيع ورئيس الشاباك رونان بار، والعقيد الاحتياط نيتسان ألون، ورئيس وزراء قطر ووزير المخابرات المصرية، وكان الاجتماع بناء"

وقد مثل "إسرائيل" في قمة باريس رئيسا جهازي الموساد "دافيد برنيع" والشاباك "رونان بار".

وأضاف أنه "لا تزال هناك فجوات كبيرة سيواصل الطرفان مناقشتها هذا الأسبوع في اجتماعات متبادلة إضافية".

أي أن المقتضيات الأمنية كانت محور تلك المناقشات فيما كانت حماس -غير الإرهابية- حاضرة بقوة من خلال وسيطها القطري الذي ظل على تواصل مع قادتها السياسيين في الدوحة، فيما التُقِطَتْ أنفاسُ المشاركين إلى حين استلام رد قيادة حماس في غزة، التي أكدت مراراً وتكراراً في أنه لا حديث عن صفقة تبادل أسرى قبل وقف شامل لإطلاق النار، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي توغل فيها، وإعادة إعمار غزة على نفقة "إسرائيل".

هذا ما يمكن استنتاجه من رد حماس الذي حاول رئيس الوزراء القطري مواراته من باب الحرص على استكمال المشاورات بين الوسيطين المصري والقطري بشأن بنوده، توطئة لطرحه على طاولة المفاوضات مع الطرفين الأمريكي، والإسرائيلي، وبخاصة أن الأخير يسعى للخروج من مستنقع غزة بأقل الخسائر.

حيث قال رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الثلاثاء الماضي، إن بلاده تلقت ردا "إيجابيا" من حركة حماس بشأن اتفاق إطار ترعاه الولايات المتحدة-رعاية منقوصة- يقضي بالإفراج عن الرهائن مقابل وقف لإطلاق النار في غزة.

من جهته، ذكر وزير خارجية أمريكا، أنتوني بلينكن:

نحن نركز على الوضع في قطاع غزة بعد الحرب وإحلال سلام وأمن دائمين في المنطقة. وأن أميركا ملتزمة باستخدام أي هدنة لمواصلة البناء على المسار الدبلوماسي للمضي قدما نحو "سلام عادل ودائم"..!!.

ولكن ما يثير الريبة وعدم الثقة في تصريحات بلينكن المتعاقبة، أن وعوده جاءت خالية من أي ذكر لحقوق الشعب الفلسطيني التي تمثل القاعدة لأي حل جذري، بحيث لا يمكن إسقاطها، أو فك الحصار المحكم على غزة كأحد الأسباب المباشرة للحرب المشتعلة في القطاع، إلى جانب الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع ووقف الحرب.

بينما يتطرق بلينكن فقط إلى الوعود بالسلام في القطاع المدمر، من خلال ترتيبات ما بعد الحرب على غزة وهي إسطوانة مشروخة لا يستسيغها إلا المتربصين بالمقاومة في غزة، وكأن المقاومة التي فرضت الواقع الجديد الذي يسعى الخصوم للمشاركة في تشكيله، مجرد مفردة عابرة في سياق الحلول المستحيلة، بينما هي صاحبة المبادرة والكلمة الفصل فيها.

وبغية تخفيف الحمل على نتنياهو لاتخاذ تنازلات صعبة إزاء أتفاقية "الإطار" والتجاوب مع بنودها، فقد وعده بلينكين بمكافأتين:

-  السعي نحو إنجاح التطبيع السعودي مع "إسرائيل".

- الشروع في تدمير الأنوروا من خلال إيقاف الدعم عنها.

من جهتها، قالت "حماس" إن "الحركة تعاملت مع المقترح بروح إيجابية بما يضمن وقف إطلاق النار الشامل والتام، وإنهاء العدوان على شعبنا، وبما يضمن الإغاثة والإيواء والإعمار ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإنجاز عملية تبادل للأسرى".

وتقدّر تل أبيب وجود نحو 136 أسيراً إسرائيلياً في غزة، فيما تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني.

الرهانات ما زالت مفتوحة على المجهول في مفاوضات يشارك فيها خصوم وضامنون للطرفين مشكوك في نواياهم.. والخلاصة أن طوفان الأقصى خلطت كل الأوراق ووضعت ملف القضية الفلسطينية في المقدمة وقدمت الفلسطينيين كأصحاب حق أقوياء وليسوا إرهابيين.

***

بقلم: بكر السباتين

7 فبراير 2024

 

لا بأس من التذكير بمواقف الانظمة العربية تجاه بعضها وهل هي موحدة اقلّه سياسيا او اقتصاديا لتكون نواة لوحدة شعوبها ومساندة لقضية فلسطين؟.

في عاصفة الصحراء على الجيش العراقي بقيادة أمريكية، شاركت كل من مصر وسوريا والمغرب والكويت وسلطنة عمان والامارات وقطر بحوالي سبعين الف جندي، وقامت ادارة عمليات العاصفة بوضع الجيوش العربية في المقدمة ليكونوا اول االمضحّى بهم.

في فجر الأوديسا ضد ليبيا بقيادة حلف الناتو، شاركت كل من قطر والامارات والاردن بطائراتها الحربية المختلفة في محاربة الجيش الليبي، ودك حصونه وتدمير مقدراته، وارسلت نخبة قواتها لمساعدة (الثوار)، وتحملت بعض الدول العربية تكلفة الحرب على امل ان تستقطع هذه الاموال لاحقا من القيادات السياسية الجديدة، ضمن اتفاقيات ثنائية للتدريب العسكري او شراء اسلحة او مشاريع استثمارية من غاز ونفط للاستحواذ على سوقها، وأدى ذلك الى تدخلها السافر في الشأن المحلي الليبي بمؤازرة هذا الطرف او ذاك لتستمر الازمة .

في عاصفة الحزم ضد اليمن الذي قام الخليجيون بإزاحة رئيسه بناء على الطلب الامريكي، شاركت السعودية بما لا يقل عن 150 الف جندي وهم يمثلون غالبية القوة البرية المشاركة في الهجوم على اليمن، في حين شاركت كل من الامارات قطر والبحرين والكويت والاردن والمغرب والسودان اضافة الى السعودية في الهجمات الجوية عبر طائراتها الحربية حيث بلغ تعدادها المائتي طائرة استخدمت خلالها القنابل المحرمة دوليا في ابادة الشعب اليمني وتدمير مقدراته، بينما كانت مصر ضمن غرفة العمليات المشتركة، استمرت الحرب لأكثر من سبع سنوات لكن اليمنيين رغم ذلك خرجوا منتصرين حيث افلحوا في تطوير الاسلحة المختلفة من صواريخ عابرة للقارات وطيران مسير، أثبت اليمانيون جدارتهم بوقوفهم مع الغزاويين وتحكمهم في ممر باب المندب البحري .

اما في الشأن السوري فان غالبية الانظمة العربية اشتركت وبناء على اوامر امريكية في الحرب على الشعب السوري ودعمت ما تسمى (المعارضة السورية) ماليا وسياسيا في المحافل الدولية ولكن مع مرور الوقت اثبتت المعارضة انها مصطنعة ولم يعد لها اثر.

 وأمام مجازر الكيان الصهيوني المرتكبة في حق سكان غزة وقفت غالبية الانظمة العربية تتفرج عاجزة حتى على فتح معبر وإدخال الدواء والغذاء للمحاصرين في غزة، لأن أمريكا لم تعطِ الضوء الأخضر.

لقد انكشف لنا من يدير الحروب في المنطقة؟ ولمصلحة من؟ وبأمر من تتحرك الجيوش (العربية/ المحميات)؟ ويتكفل الإعلام الممول المأجور بغسيل العقول لشرعنة حروب الخراب بأنها في: العراق (تحرير). وفي ليبيا (حماية المدنيين).وفي اليمن (الشرعية).وفي سوريا (الديمقراطية) بينما في فلسطين وقفوا يتفرجون كالحمقى على أكثر من27000 شهيد أكثر من ثلثيهم من الأطفال والنساء!! .

حتما ستتوقف الحرب على غزة ورغم الالام سينهض الفلسطينيون من بين الركام، ويبنون مستقبلهم، التضحيات جسام في البشر والممتلكات، ولكنها كانت ضرورية لإعادة قضية فلسطين الى الواجهة بعد محاولة طمسها، واعتبارهم مجرد لاجئين يمكن ايجاد وطن بديل لهم، لكن الفلسطينيون اثبتوا تشبثهم بالأرض، الحياة لمن يصنعها، الخزي والعار لعباد الكراسي المتطأطئين رؤوسهم، الصاغرين، الذين لديهم اكثر من قبلة يحجون اليها .

***

ميلاد عمر المزوغي

 

إنها كرة القدم، هذه اللعبة الجميلة والممتعة التي دوخت شعوب العالم، ليست مجرد رياضة شعبية فحسب، بل أصبحت ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

إذا أصبحت كرة القدم بمثابة مصدر إثارة لمشاعر الفرح والترفيه والصداقات الحميمية بين الملايين من شعوب العالم ، فإنها قد تجد نفسها أيضًا منخرطة إن لم نقل متورطة في شبكة معقدة من المصالح التجارية للعديد من جماعات الضغط ومن الديناصورات الاقتصادية.

فماهي إذن الطبيعة المتعددة الأوجه لكرة القدم، وما دورها كمصدر للمتعة، وتأثيرها على المجتمعات، التي غالبًا ما يطلق عليها السياسيون اليساريون والمتطرفون الأصوليون اسم "أفيون الشعوب".

تتمتع كرة القدم بقدرة هائلة لا مثيل لها على حشد الجماهير ، وخلق شعور بالوحدة الوطنية والإثارة المشتركة. من الملاعب المحلية حتى الملاعب العالمية الكبرى التي تستضيف الدوريات والبطولات الدولية، تعزز هذه الرياضة إحساسًا فريدًا بالانتماء للوطن.

إن المتعة المستمدة من مشاهدة اللاعب المفضل يسجل هدف الفوز، تتخطى الخطوط الاجتماعية والاقتصادية والسيكولوجية.

وبعيدًا عن إثارة اللعبة نفسها، غالبًا ما تلعب كرة القدم دورًا حاسمًا في تعضيد لحمة المجتمع حيث تساهم الأندية المحلية، ودوريات المحترفين والهواة، والمبادرات الشعبية في تطوير الروابط الاجتماعية داخل القرى والأحياء الفقيرة منها والغنية حيث يصبح الشغف المشترك لهذه الرياضة حافزًا للتفاعل الاجتماعي، مما يخلق شعورًا بالانتماء والافتخار بالهوية القومية.

ومع ذلك، فإن حب كرة القدم قد يعمينا أحيانًا عن رؤية الجانب المظلم لهذه الرياضة الشعبية. لقد شابت ممارسات الانتهازية، وقضايا حقوق الإنسان، وعدم المساواة الاجتماعية هذه الصناعة الجديدة. بدءًا من معاملة الرياضيين وحتى تأثير الأحداث الرياضية الكبرى على المجتمعات المحلية ولعل أبرزها على سبيل المثال لا الحصر وصول المنتخب المغربي إلى دور النصف النهائي في بطولة كأس العالم في قطر 2022 أو إقصاؤه بشكل مفجع ومفاجئ في دورة كأس أمم إفريقيا بالكوت ديفوار 2024.

لقد أدى تسويق كرة القدم إلى تحويلها إلى صناعة ربحية ذات امتداد عالمي ومتعدد الجنسيات. وأدت صفقات البث الضخمة واتفاقيات الرعاية ومبيعات البضائع المرتبطة باللعبة والإعلانات إلى تحويل الأندية إلى قوى ضغط مالية واقتصادية هامة للغاية.

إن التأكيد على أن كرة القدم هي "أفيون الشعوب" يعكس فكرة مفادها أن الرياضة بشكل عام هي بمثابة إلهاء أو هروب لأولئك القادة الذين يواجهون صعوبات اقتصادية واجتماعية وسياسية.

تكشف الطبيعة المتعددة الأوجه لكرة القدم عن تفاعل معقد بين الفرح بالانتصار والحزن بعد الهزيمة والمجتمع والاستغلال والمصالح التجارية. وإذا كانت كرة القدم بلا شك تحشد الجماهير وتوفر لحظات من الفرح والبهجة الخالصة، فإن تسويق هذه الرياضة قد يثير مخاوف أخلاقية مختلفة.

يتطلب إذن فهم ديناميكيات كرة القدم الاعتراف بتأثيراتها الإيجابية والسلبية، فضلاً عن إمكانية التغيير داخل الصناعة الرياضية. ومع استمرار المشجعين في الاستمتاع بإثارة هذه اللعبة الجميلة والممتعة، يصبح من الضروري التدقيق في التوازن بين المتعة التي تجلبها والتحديات التي تفرضها على الأفراد والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.

***

عبده حقي

 

لغة العيون تفضحها النظرات، وكثير ما كانت النظرات أبلغ حديثا من الكلمات، العيون هي المنفذ الصادق لنقل الترجمة الحرفية والدقيقة للمشاعر بنظرات تكشف على الملأ حقيقتها ولا تبالي مهما كانت طبيعتها.

توصف العين بأنها نافذة العقل والكاشفة الصادقة عن حقيقة ما يدور بداخله، وإذا استطاع الإنسان فك رموز النظرات يستطيع معرفة ما يدور بداخل الرأس، وتعتبر منطقة العين هي مصدر التعرف على الآخر من خلال الصور، حيث لا يمكن معرفة الشخص من خلال أي منطقة أخرى في الجسد، لكن يمكن التعرف عليه، حتى ولو كان ملثما من خلال عينه.في كثير من المواقف ذات الحساسية الخاصة يشق على البعض التعبيرعن ما يجيش بصدره من مشاعر وما يثقل على قلبه من أحاسيس، إذ منها ما لا تفي بمعانيها العبارة ولا تغني عن مفاهيمها الإشارة.

لسنا بصدد الحديث عن مغامرات عاطفية في مسلسل تلفزيوني أوعن مواقف درامية لفيلم رومانسي، أو لتقديم نصائح ليتعرف كل عاشق ومعشوق على مشاعر الآخر، فتلك أمور قد تجاوزتها الأقلام، ولكن الغرابة هي فيما يلي:

قامت  كاميرات القنوات التلفزيونية وهواتف الفضوليين بتغطية مراحل عمليات تبادل أسرى الحرب في قطاع غزة من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، أظهرت المشاهد المصورة عدة مواقف تحمل معاني كثيرة ومختلفة من خلال نظرات عيون الأسرى المسرحين،عيون فلسطينية بريئة ولكن منكسرة، حانقة، محاطة بهالة سوداء من التعب وقلة النوم رغم التظاهر بالسعادة خلال لقاء الأهل بعد غياب سنوات طويلة، تقابلها عيون إسرائيليات تشع منها الحيوية والفرح، يزيدها إشراقا نضارة بشرة الوجه، ولا تبدو عليهن علامات التعنيف أو التعب، بل كن في غاية السرور والحبور، ابتساماتهم العريضة والتلويحات اللطيفة بالوداع رصدتها الكاميرات كما رصدت نظرات من جانب واحد لا يفقهها سوى من يفهم لغة العيون في الحب،لقد رصدت نظرات بعض الفتيات الإسرائيليات الأسيرات لحظة الاستعداد لإطلاق سراحهن يتمعن بشيء من الإعجاب وبكثير من الود والحب في عدد من أفراد كتائب القسّام ولم يلتفتن لأي شيء آخر، هي إشارة قوية في لغة الجسد تكشف عن اهتمام خاص من هذا الشخص بالطرف الآخر، لقد أثبتت إحداهن محبتها بابتسامة عذبة أثناء النظر إلى أحدهم  ثم أكدت بالتجاوب الفوري إعجابها بما يقوله المحبوب، لا يوجد شيءبعد ذلك يمكن التحجج به لنفي حقيقة هذه الإشارة ونكرانها بعدما بلغت قوتها حد حدوث بعض الارتخاء النسبي في الجفن وهو علامة تدل على احساس السجينة براحة نفسية مبعثها الشعور العميق بالأمن والثقة في السجّان .

ـ  ماذا فعل الأسر بقلوب الأسيرات في الجانبين؟ قلوب فلسطينية مثقلة بالحزن الشديد وبالغضب من الذل وسوء معاملة الصهاينة لهن،وقلوب أخرى للأعداء منتشية بالحب، إنها المفارقة التي قلما نجد لها مثيل في تاريخ الصراعات الدموية بين الأمم والشعوب المتحاربة،لقد وجدت تلك المفارقة طريقها بغير تلميح في ثبوت العين والتحديق في عنصر المقاومة الشاب بشكل مبالغ فيه كدلالة على الإعجاب به، ولاشك أن سبب الإعجاب هو حسن المعاملة والرحمة والرأفة بهن وتقديم كل أشكال الرعاية والاهتمام بشؤونهن من طرف تنظيم كتائب القسّام، والانتباه إلى شدة احتياجهن للمتطلبات الخاصة لكل أنثى بعد مرور أكثر من50 يوما في الأسر، هذا الاحتياج  الإنساني الحساس لم يفت على قيادة كتائب القسّام ولم تغفل عنه، وهذا بالضبط ما خلق التقديروبعث الاحترام في النفوس.. ثم يبدو أنه أشعل كذلك الحب في القلوب حتى بين الأعداء وفي وقت الشدة والظروف القاسية خلال الحرب، هي مشاعر لا سبيل لنكرنها وستكون حاضرة دوما في ذاكرة الأسيرات الإسرائيليات وماثلة أمامهن في يقظتهن ونومهن، كما ستكون ذكريات جميلة ومحل إشادة وشهادة منهن أمام الآخرين عساها تكون مفتاحا لبداية جديدة ولمرحلة أخرى بديلة عن السلاح لتصحيح المفاهيم وتغيير السياسات وتبديل المواقف من أجل تحقيق الأمن ونشر السلام والاستقرار.

***

صبحة بغورة

الحرب الهمجية التي تقودها إسرائيل على غزة منذ اكثر من 115 يوم بدأت تلقي بظلالها على المشهد في الشرق الاوسط وتنذر باندلاع صراع أقليمي، فمنذ تشرين الاول من العام الماضي شنت الطائرات الامريكية عدداً من الغارات على اهداف في لبنان والعراق وسوريا واليمن وعلى الرغم من رغبتها بعدم اتساع الحرب، حيث تسعى الادارة الامريكية الى مساعدة الكيان الاسرائيلي على الفوز بحرب غزة وفي نفس القوت يسعى الى منع انتقال الصراع الى حرب أقليمية، ويبدو أن تحقيق الانتصار أصبح أكثر صعوبة، خصوصاً مع قيام محور المقاومة في الشرق الاوسط بالقيام بعمليات نوعية مهمة سواءً على الجبهة اليمنية أو العراقية او السورية أو غيرها من جبهات باتت مفتوحة للمواجهة مع إسرائيل .

أصبح من الواضح جداً أن واشنطن وتل أبيب تسعيان الى توسيع الصراع الى حرب إقليمية في محاولة لكسب المزيد من التعاطف الدولي، وجر الانتباه عما عملته دولة مثل جنوب أفريقيا والتي اعتبرت الحرب التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني وتحديداً في غزة على انها إبادة جماعية، وهي تكشف للعالم بشاعة السياسية الامريكية وفقدانها لركائز الاخلاق ومبادئ الحرية والاحترام التي تطلقها وتنادي بها دائماً، وما يؤكد ذلك إرسالها أسلحة ومساعدات عسكرية بمليارات الدولارات الى إسرائيل والآن أصبحت واشنطن شريكة في حرب الابادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في غزة.

الادارة الامريكية وعبر وزارة خارجيتها تجاوزت الكونغرس أكثر من مرة واستخدمت قانون الطوارئ الذي يجيز لها إرسال الاسلحة والمساعدات العسكرية الى إسرائيل، بل اكثر من ذلك فهي تمتلك أكثر من 57 الف جندي امريكي منتشرين في الشرق الاوسط وبالتحديد في منطقة غرب آسيا، بالاضافة الى وجود قوات العمليات الخاصة والتي لم يعلن عنها، وتقوم هذه القوات بضربات متنوعة وهذا ما جرى في استهداف قطعات من الحشد الشعبي والتي تعد جزء من القوت الامنية العراقية، ما يعني ان هناك استهداف لقوات الامن العراقية من قبل واشنطن، بالمقابل هناك دعوات من قبل القوى السياسية العراقية ومن قبله البرلمان العراقي في ضرورة تحديد جدول وآلية شفافة لخروج القوت القتالية من العراق، وجاء رد البنتاغون على هذه المطالب بان "من غير المرجح أن تغادر القوات الامريكية العراق في أي وقت قريب".

الهجمات الأمريكية والإسرائيلية على دول المنطقة تثير شبح حرب إقليمية أوسع، الى جانب أن الواقع يتحدث أن واشنطن وتل أبيب في حالة حرب بالفعل مع اليمن والعراق وسوريا ولبنان، كما بات من الواضح أن الهدف الرئيسي للحروب الاستعمارية الجديدة الأمريكية والإسرائيلية في غرب آسيا هو الهيمنة على المنطقة، إذ وبعد هجمات 11 ايلول 2001 وضعت واشنطن خططًا للإطاحة بحكومات سبع دول في المنطقة في خمس سنوات.

العراق مارس دوراً ايجابياً كبيراً في التهدئة في المنطقة، ولكن يبقى العامل الدولي وتأثيراته على الصراع الدائر فيها، وإيقاف العدوان الاسرائيلي على غزة وفتح المعابر وتقديم المساعدات وغيرها من ظروف تخفف عن كاهل الفلسطينيين ووضح ملامح العلاقة بين واشنطن الشرق والتي تبدأ من العراق.

***

محمد حسن الساعدي

المقال يبحث في موضوع محيّر، فتأليف الكتب أصبح وكأنه موضة عاصفة، فالكل تؤلف كتبا وليس كتابا، فهذا لديه عشرات الكتب، وذاك تجاوزت كتبه المئة وهلم جرا!!

وتقترب من الكتب وإذا بها لا تستحق قضاء بضعة دقائق معها، ومعظمها تتميز بمقدمات مكتوبة من قبل أشخاص ما تصفحوها، وذلك واضح من اللغة التي تشترك فيها مقدمات الكتب، وهي أشبه بتعليقات المجاملة المنتشرة في المواقع الإفتراضية، التي لا تشير إلى أن المعلق قرأ النص الذي علّق عليه.

فلان لديه عشرات الكتب، وعندما تستمع لكلامه لا يوحي  بأنه يجيد كتابة صفحة واحدة بلغة عربية تامة، فكيف تفسر تأليف الكتب الكثيرة التي تحمل إسمه؟

إنها كتب لتسويقه، فهو كبضاعة والكتب لترويجه، وما هو الذي كتبها بل هناك أقلام كتبتها بأجر.

فالعديد من الكتب المطبوعة باللغة العربية، خالية من بذل الجهد والجد والإجتهاد، والإتقان المعرفي والرصانة البحثية، وفاقدة للغة السليمة والتعبير الجميل عن الفكرة، فتكتشف أنها أكداس كلمات وأكوام عبارات، لا تجذب القارئ ولا تضيف إليه من المعرفة شيئا، وكأنها وجدت لتنفيره من القراءة ونأيه عن الكتاب.

ترى ما قيمة الكتاب إن لم يُقرأ؟

ولماذا نقرأ لكُتاب النصف الأول من القرن العشرين أكثر مما نقرأ للمعاصرين؟

الكتاب الذي يُبذل به الجهد الأصيل وتُستحضَر به المعلومة الساطعة المدروسة، له دوره في بناء العقل وترتيب آليات السلوك الحضاري في المجتمع، أما الكتاب الذي يشبه الأكلات السريعة، فهو من المطبعة إلى سلال المهملات أو الموت في رف أو مخزن مظلم.

فما أكثر الكتب وأقل الكتاب الصادقين المتوثبين الجادين الذين يتقنون ما يكتبون، ويحترمون الكلمة ويؤمنون بدورها في صناعة الحياة الطيبة.

وما يميز كتاب النصف الأول من القرن العشرين، أنهم يجدّون ويجتهدون ويجددون، ولا يقتربون من الغثيث،  ويمعنون بالوصول إلى أقصى درجات الإتقان والرصانة فيما يكتبون، فهم يبحثون ويتساءلون ويراجعون ويتحاورون، ويزنون ما ينشرون بميزان العقل والجمال والذوق واللغة، ويقرأون عشرات الكتب القيمة ليكتبوا بضعة صفحات، وهم يتوجسون، وأكثر كتبهم ذات مقدمات شيقة بُذل جهد كبير في كتابتها، لأن كاتبها قد قرأ الكتاب أكثر من مرة وقيمه بميزان المعرفة الأمين المعاصر.

فهل من كِتاب للأحياء ؟!!

***

د. صادق السامرائي

يبدو بأن الفلسطيني يشكل رعبا لدولة الاحتلال أينما حلّ. فهو مطارد داخل فلسطين وخارجها. فهذا العدو مستعد لخرق جميع القوانين الدولية والإنسانية. ومن المعروف بأنه ومنذ قيام دولة الاحتلال لم يطبق عليها أي من هذه القوانين بالرغم من كل ما ارتكبته بحق الشعب الفلسطيني من مجازر وتطهير عرقي منذ قيامها وحتى يومنا هذا.

والفلسطيني الذي اقلق راحة حدودها الشمالية ،اصبح ملاحقا على مستوى القادة والأفراد. فكم قياديا كان هدف لعصاباتها ،وكم مخيما تم محوه وسوي مع الأرض بتغطية وتخطيط وتحريض وإدارة منها؟ وأكبر شاهد على ذلك مخيم تل الزعتر في بيروت وغيره من المخيمات التي لم يعد لها أثر. وفيما يتعلق بالفلسطيني حتى المستشفيات وكوادرها ووحداتها الطبية أصبحت ملاحقة وينظر إليها على أنها ثكنة عسكرية تشكل خطر على أمنها. وهذا طبيعي لدولة قامت على أنقاض شعب آخر. ففي عام ١٩٨٢ أثناء الغزو "الإسرائيلي" للبنان ، هاجمت قوات الاحتلال المستشفيات ومن ضمنها مستشفى غزة في مخيمي صبرا وشاتيلا. حتى أن الكوادر الطبية اضطرت وقتها لوضع أكياس من الرمل على نوافذ الغرف لحماية المرضى.

وفي حربها على غزة ٢٠٢٣- ٢٠٢٤ هاجم جيش الاحتلال المستشفيات وسيارات الإسعاف والعاملين في القطاع الصحي. وقد أخرج عدد من المستشفيات عن الخدمة وتحويل بعضها إلى ثكنات عسكرية. واستهدفت هذه الهجمات مستشفيات القطاع وقامت باحتجاز كوادرها والنازحين الذين لجأوا إليها، وعرضوا حياة المرضى للموت. ومنها ما حصل على سبيل المثال في مستشفى العودة شمال القطاع حيث احتجزت قوات الجيش داخل هذا المستشفى كوادر طبية ومرضى ونازحين بلا ماء ولا طعام ولا دواء ومنعت الحركة بين الأقسام. كما مارست قوات الجيش اعتقال أعضاء من الكوادر الطبية على رأسهم مدير المستشفى ومريض ومرافق.

كما أخرجت قوات الاحتلال أيضا مستشفى المعمداني عن الخدمة نتيجة حصاره واعتقال كوادره الطبية والجرحى والنازحين أيضا. وهذا غيض من فيض فقد استهدفت مع استمرار هذه الحرب معظم مستشفيات القطاع فلم يسلم مستشفى من القصف. وقد وصل أن اعتدت على سيارات الإسعاف التي تحمل المرضى بقصفها ،ومثال ذلك ما حصل عندما استهدفت في بداية الحرب سيارة إسعاف أمام مجمع الشفاء الطبي أسفر عن استشهاد عدد من الجرحى كانوا بصدد التوجه إلى معبر رفح أملا في تلقي العلاج.

ومن المعروف بأن المستشفيات تتمتع بحماية خاصة وفقا للقانون الإنساني الدولي. ويعتبر الهجوم عليها أو على أية وحدة طبية أخرى سواء كانت مدنية أو عسكرية جريمة حرب. كما أنه لا يجوز الهجوم على أفراد الخدمات الطبية. ولا يجوز مهاجمة سيارات الإسعاف تحت أي ظرف ويجب احترامها وحمايتها وفقا للمادتين ٣٥ و١٩ من اتفاقية جنيف الأولى لعام ١٩٤٠.

وتنص المادة ٢٠ من اتفاقية جنيف الرابعة على" أنه يجب احترام وحماية الموظفين المخصصين كليا بصورة منتظمة لتشغيل وإدارة المستشفيات المدنية" وتمنع مواد أخرى تدمير المستشفيات والعيادات المدنية أو إغلاقها مؤقتا أو بشكل دائم أو تعمد إعاقة تزويدها بالطعام أو الماء. أو الأدوية أو الكهرباء.

فأين العالم من هذه القوانين ودولة الاحتلال ترتكب حرب إبادة وتنتهك جميع القوانين. أين ما تسمى محكمة العدل الدولية من كل هذا؟؟ دولة الاحتلال لا قانون يقف في وجهها فجميع القوانين انهارت أمام جبروتها التي تقف خلفه الولايات الأمريكية المتحدة وبقية دول الشيطان ،أما الأنظمة العربية فهي توابع وأضعف من أن تنبس بكلمة ما دامت الكراسي تقف حواجز بينها وبين صحوة الضمير.

***

بديعة النعيمي

 

1 - متى ستُرمي ايران، دولة اسرائيل في البحر؟ كما أوعدت عبر تاريخها الأسلامي، ورغم الوعود القاطعة، لم يحصل شيء ولن، لكننا نشهد لها، انها وبجدارة استطاعت، ان ترمي لبنان دولة ومجتمع، في النهاية الخلفية للبحر، وربما بلا عودة، كما انها وبجدارة ايضاً، رمت اليمن كاملاً في البحر، والعراق في صحراء الربع الخالي، وسوريا لا تعرف ما الذي تريده منها ايران، ولا زالت (إيران) تبحث، عن نقاط ضعف طائفية، في الكيانات الخليجية الأخرى، سخر البعض منا، عندما قلنا، ان يران تشكل الضلع الأستراتيجي، الأشد ثباتاً في مثلث الحلف الأمريكي الأيراني الأسرائيلي، منذ قيام اسرائيل، على ارض فلسطين والى يومنا هذا، وأطلق علينا بعض رموز الأستثقاف الولائي، ذخيرة الشتيمة والتسقيط والتكفير الحي، وما توفر في قاموسهم الأخلاقي الخليع، من مفردات البذاءة.

2 - ايران الشاه ثم الخميني، استخرجت لنا من عمق التاريخ، مذهب مصاب بكل اعراض الكراهية والأحقاد واسباب اخرى لأشعال الفتن الطائفية، بذات الوقت وعبر التاريخ، كان مذهبها، الذي اجتاحت به دول وشعوب الأخرين، مشبعاً بأحزاب وتيارات للأرتزاق، منسوجاً من عقائد وشرايع خيانة الوطن والأنسان، من تلك الأحزاب والتيارات المتمذهبة، شكلت لها كيانات دموية شرسة، وضعت تحت تصرفها الأسلحة التي تفوق اسلحة الدولة، معززة بأسماء الله والأنبياء والأولياء، فهي وبأسم الأرض والسماء والدنيا والآخرة، ابتكرت عقائد تكفير الآخر والغاءه وشرعنة ابادته واجتثاثه، وعبر الأستيلاء التام على السلطات والثروات، ونظام التغبية المجتمعية، استطاعت التمدد في مفاصل المكونات، والأستيلاء على كامل الدولة ومؤسساتها، ثم اخضاعها وشل وجودها تماماً، ومن داخل خيمة الفساد والأرهاب، تم تقطيع نسيج الهوية الوطنية، واكمال تدمير حياة الأمة، ومنها العراقية بشكل خاص وكامل.

3 - شاهدت حلمي، اليتيم بالرب والوطن،، يودع العراق ويبكيه، لا أتذكر ان كان الأمر، قد حدث في ساحة التحرير او شارع الرشيد، او ربما في ظل جسر الحديد، لكلاهما (الله والوطن)، غير مسموح لهما بمغادرة مؤبد اقفاصهما الأسلامية، تعددت الأقفاص وملكيتها، للمذاهب والمراجع والأحزاب والتيارات اقفاصها وسجانيها، وللأضرحة المقدسة ايضاً اقفاصها، ولا زلت غير متأكد، ان  الذي في الأقفاص، كانا أسماء الله والعراق ام نعشيهما؟؟، ام كل منهما محاصر في نعشه، توزعت الأقفاص على جغرافية الله والوطن، في المحافظات الشمالية اقفاص وسياف، وفي الجنوب والوسط اقفاص وسياف، والمحافظات الغربية لها اقفاص وسياف، واقفاص للأقامة الدائمة في مؤبدي النجف وكربلاء، وهناك مليشيات حشدية للقتل بلا هوية، اكتسبت أنيابها ومخالبها وشراستها وذخيرتها، من مراضع الحرس الثوري الأيراني، رفضت يقظتي، الأشتراك في مسيرة مليونية، يلف فيها المغيبون حول ذاتهم بلا هدف، يشتمون ويكفرون الأخر وينسون أنفسهم، فحالهم هو الاكثر حاجة للشتيمة والتكفير.

4 - كفّر ما شئت ايها المغيب، فأنت الضحية والمغلوب، الف مرة في الدنيا والأخرة، تتسول حقك المشروع، في اروقة الحسينيات والأضرحة، لا تعرف دينك وتجهل الطريق الى الله، كفر ما شئت واشتم، فأسرائيل سوف لم تغرق في البحر، ستنتشلها ايران في اللحظات الأخيرة، ستنقذها بجهادك المثقوب بالأستغباء والأذلال، وطنك العراق، وحده الذي سيغرق في مستنقعات النفط المهرب، هل تذكر انك عراقي، وكان لك وطن؟؟ بالتأكيد لا، لأنك شاركت في قتله، يحكمك ويذلك الأغراب، ويدعوك مجاهد، مع من وضد من؟ ايها الولائي، الملوث بخيانة الوطن، لا تقترب من ساحات وشوارع محافظاتنا، بجسدك المعفن برائحة الموت المؤجل، ايها العفش الأيراني بيننا، خذك وخذها معك، قبل ان تلتف، قبضة الأجيال القادمة، حول اعناقكم، فملخص إسلامكم السياسي، ليس إلا مؤبداً للرب والأنسان، إنه العذاب الذي ولد على الأرض ليحرقها، خذ عقائدك وشرائعك وحوزاتك وحشد ألقناصين معك، ولا تنسى احزاب وتيارات الأكاذيب وانصرف، فالعراق ليس مزرعة، لتكاثر  فيروسات الولائيين الضارة.

***

حسن حاتم المذكور

06 / 02 / 2024

 

ما أكثر الشعراء في بلادنا!!

فالكل شعراء!!

نسمع ذلك ويتكرر كثيرا على الالسن،  وربما تساءلنا لماذا يكثر الشعراء في بلادنا؟

إنّ الشعر إبداع وخلق وتصنيع للأفكار وصبها في قوالب الشعر ولوحاته المرسومة بالكلمات.

فالإبداع رفيق الشعر، وكثرة الشعراء تعني كثرة المبدعين، ولكن لماذا ينحصر الإبداع في الشعر أكثر من غيره؟

يبدو أن  الإنسان الذي يعيش على مر العقود في حالة حصارٍ وإنضغاطٍ داخلي وتكبيل لقدراته وطاقاته، وتجميد لأفكاره وتطلعاته، لا يجد منفذا أفضل من الشعر لسكب ما عنده من الأفكار والإبتكار.

فالواقع خانق مانع، وتتوفر فيه عوامل إنحباس كبيرة، تنامت في عقود النصف الثاني من القرن العشرين، لذا رأينا تنامي عدد الشعراء، بالقياس إلى عددهم في النصف الأول منه، حيث كانت تتوفر مساحة من حرية التعبير عن الطاقات الإبداعية والإبتكارية.

إن إقامة الموانع والمصدات أسهمت في إنحراف الطاقات وإنحسارها في زاوية الشعر، لأنه صار الفضاء السليم لإستيعابها، للذي لا يجد المجال للتعبير عن أفكاره الصناعية والإقتصادية والزراعية والعمرانية وغيرها من أفكار العصر ومتطلباته، لأنه موضوع في صندوق الوطن، الذي تحول إلى مستنقع خانق طغت فيه الدماء على الماء.

فزيادة عدد الشعراء يتناسب عكسيا مع حرية التعبير عن القدرات والطاقات والظروف المواتية لتنميتها،  ويعكس حالة التأخر السائدة في المجتمع.

وعندما تتوفر الفضاءات الإجتماعية اللازمة للنماء الإقتصادي بجميع إتجاهاته، فعدد الشعراء سيقل وسيتحرك المجتمع بإتجاه المواكبة والتفاعل المعاصر مع الآخرين.

فظاهرة كثرة الشعراء تعني أن الطاقات البشرية تسير في غير إتجاهها الصحيح، وأن البلد في حالة إنحسار وتمزق وإندثار وتراكم مقاساة وتنامي معاناة وهموم.

ولا يعني هذا تقليلا من شأن الشعراء ودورهم الثقافي، لكنه يشير إلى ظاهرة إنحراف إتجاه الطاقات الحضارية المعاصرة.

فأيهما أفضل للمجتمع أن يوظف الإنسان طاقاته في إنتاج مادي نافع، فيه جدوى إقتصادية وإختراعية مؤثرة أم أن يوظفها في كتابة الشعر؟

إن المجتمع مطالب في هذا الوقت أن يتنبه إلى توفير الآفاق اللازمة لإستثمار الطاقات الفوارة، لتحقيق الربح الإقتصادي والعمراني والبناء الشامل للوجود الوطني في كل مكان.

ومن غير رفع الضغط وتحطيم جدران الحرمان وأسبابه، ومفرداته السيئة وما يترتب عليها من حاجات يومية قاهرة، لن نصنع التقدم والحياة الأفضل، وسنبقى ندور في دائرة مفرغة  تنتج كلاما لا يمنع من برد ولا يطعم من جوع.

فهل سنخرج من خنادق الكلام إلى ميادين العمل والجد والإجتهاد، وإحترام الأفكار وإستثمارها للتعبير الأمثل عن القدرات الخلاقة الكامنة في بلادنا.

وهل سيكون كلامنا مخبرا عن عمل أنجزناه لا مجرد مداد على لوح الفراغ!!

***

د. صادق السامرائي

24\10\2018

 

كانت العصابات الصهيونية قد بدأت عمليات التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني بتاريخ ٣٠/نوفمبر/١٩٤٧ وامتدت إلى تاريخ ١٤/ مايو/١٩٤٨ أي تاريخ الإعلان عن قيام دولة الاحتلال. وكان قد رافق عمليات التطهير تدمير كامل او جزئي لمئات القرى الفلسطينية وكان الهدف في ذلك الوقت هو إفراغ هذه القرى وإقامة مستوطنات على أنقاض معظمها. واستمر فعل التدمير والهدم لما بعد ذلك وإلى يومنا هذا مع اختلاف الذرائع والمبررات مثل الهدم كسياسة عقاب جماعي في حال تنفيذ عمليات تؤدي لمقتل االيهود. ففي هذه الحالة تعاقب سلطات الاحتلال عائلة المقاوم بأكملها بهدف ردعه وكذلك في محاولة منها للقضاء على المقاومة الفلسطينية، بينما هدفها المضمر من عمليات الهدم هو تهجير الفلسطينيين تمهيدا لبناء المستوطنات عليها. وقد أعلنت منظمة العفو الدولية أن الجيش "الإسرائيلي" قام بين شهر أيلول لعام ٢٠٠٠ وشهر كانون الثاني لعام ٢٠٠٣ بتدمير أكثر من ثلاثة آلاف منزل وأوقعت أضرارا بآلاف أخرى.

وفي كافة حروبها على غزة كانت تتبع نفس الأسلوب من العقوبات الجماعية ،حيث تقوم في كل حرب بتدمير العمارات والبيوت السكنية التي من المفترض أن تكون آمنة ومحمية بناءً على القوانين الدولية ومنظمات حقوق الإنسان. غير أنها في كل مرة تتذرع بأنها تقصف مواقع تحمي أفرادا من المقاومة التي تطلق عليها مصطلح "إرهابي".

وفي ٧/ اكتوبر/. ٢٠٢٣ حمّل قطاع غزة بأكملة مسؤولية العملية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات الغلاف. واعتمدت دولة الاحتلال في حربها على تدمير ممنهج طال أحياء ومربعات سكنية بالإضافة إلى المدارس والمستشفيات وغيرها. وبهذا فقد فقد عشرات الآلاف من سكان غزة منازلهم كليا بعد تسويتها بالأرض إما بقصفها عن طريق الجو أو تفجيرها أو كما كشفت صحيفة هآرتس العبرية "أن الجنود يدمرون بعض المباني في غزة بإضرام النيران فيها بناء على أوامر مباشرة من قادتهم".

ووفق البنك الدولي فإن ٣٤ ألف منزل دمرت بالكامل من بين ٥٥ ألفا بنسبة تدمير تصل لنحو ٦٠% تقريبا.

وطبقا لاتفاقيات جنيف ١٩٤٩ تعتبر العقوبات الجماعية جريمة حرب. فالمادة ٣٣ من اتفاقية جنيف الرابعة تنص على أنه " لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصيا" و " تحضر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب".

***

بديعة النعيمي

 

الذي دفعني أن أعيد نشر هذه المقالة المنشورة في 30\ديسمبر 2017  - وربما في الأعادة فائدة وتأسي- ومنظر الفجيعة الدموية البريئة والغير مبررة والتي حدثت في بغداد أثتاء فوز المنتخب العراقي على اليابان ونحن في بغداد بزيارة أهلنا وبالذات في شارع فلسطين وأستشهاد شاب عشريني وهو واقف أمام داره بأطلاقة طائشة تاركا وراءه أم مفجوعة وزوجة وأطفال !!!؟؟؟ بسبب هذه الظاهرة الممجوجة والهابطة أخلاقيا وأجتماعيا وحتى سماوياً وبالتأكيد أنها ظاهرة سلبية غير حضارية ومقلقة بل بربرية متوحشة  لا يسلكها ألاّ الشعب الملوّث عقلياً ونفسياً يعاني من أمراضٍ سايكولوجية مزمنة مركبة، وقد يبررها البعض كونها تأريخية متأصلة في عشائرية وقبلية الفرد العراقي حين كان الفرد يعلن بأطلاقاته النارية لكي يسمع أفراد العشيرية بالنبأ المفرح والمحزن لعدم وجود وسائل التواصل ولكن اليوم توافر وسائل التواصل الأجتماعي بأنواعها المتعددة يرفض هذا التبرير الغير مبرر الباطل، والعجيب أن هذه الممارسات الباطلة في أطلاق الرصاص الحي في المناسبات المفرحة والحزينة والعجيب أن تكون في مولد الأنسان يطلق لهُ النار وعندما يختن يطلق لهُ النار وعندما يموت يطلق وراء جنازته النار  وعندما ينجح في البكلوريا  يطلق له النار، وتتعقد الأمورأكثر عندما تتزامن  مع أستعمال مفرقعات الألعاب النارية  الصوتية حينها يمطرون السماء بوابل من رشاشاتهم الأوتماتيكية وربما تكون بأسلحة متوسطة في جنوب العراق وقراه وأهواره، لشعبٍ يرفض أن يحكم أصلاً وهو من يعشق الفلتان الأمني وصاحب ممارسة الحواسم اللصوصية الأستلابية، وأليس هو صاحب هوسة ( حلو الفرهود كون يصير يومية )!!!؟؟؟ فنزعة التخريب واللصوصية والعدوانية هي متجذرة في أعماق اللاوعي للفرد العراقي، وعفوا أنها ليست من (عندياتي) ذُكرتْ في بحوث نخبة من أرقى باحثي علم ألأجتماع والتأريخ أمثال الدكتور الأكاديمي والباحث علي الوردي والمؤرخ المغربي أبن خلدون والدكتور الأكاديمي عبد الرزاق الحسني (راجع كتاب وعاظ السلاطين / د- علي الوردي، وكتاب تأريخ الوزارات العراقية 1908 – 1958، وكتاب المقدمة لأبن خلدون).

وتداعياتها السلبية كثيرة منها وأهمها سلب أرواح أبرياء من الناس أوحصول أعاقة دائمة  في جسده، وحين تعود، ألى رؤوس المواطنين الأبرياء والأطفال وتعريض حياتهم للخطر، وأنها ممارسات باطلة وخاطئة، وأنا مع المسلمات الدينية وثوابتنا حيث وردت عقوبتها في سورة المائدة الآية 32 ( أن من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) وحديث نبوي  (لا يحلُ لمسلمٍ أن يروّع مسلماً)، وكذلك هي تكرس الرعب والخوف في نفوس الأطفال والنساء والمواطنين، وأنها أهانة للقضاء والقانون السماوي والوضعي البشري وأستخفاف بهيبة الدولة والأمن الوطني، وأنها حربٌ على سلامة الأنسان البريء، ويزداد الطين بلّة حين تتزامن مع أطلاقات الألعاب النارية حينها يتولد (التلوث الضوضائي) الذي يزيد من أرهاق ومعاناة الأنسان في التأثير على قدراته السمعية، وتزيد كذلك في زيادة تأثير (المطر الحمضي) الذي يؤدي ألى تلف الممتلكات، كل هذا والسلطات الأمنية متراخية عنها، وللعلم أن رجال القانون والقضاء في الأردن أعتبروها أدانة جريمة قتل، وسنوا لها قوانين رادعة في الحبس والغرامة، وأما في اليمن يحبسون العريس عند أطق النار في عرسه .

الحل / التراخي مرفوض من أجل أرضاء غرور البعض من المستهترين والمتهورين، فحانت ساعة الخلاص والحل بأصدار وثيقة شرف قانونية أجتماعية رادعة في الحبس أو الغرامة  أو بكليهما، والتشديد في حالات وقوع ضحايا بأصدار جرم الأدانة، والتدرج في تطبيقه لكي يعكس الوجه التربوي لا الوجه البوليسي الناقم، وأن القانون وتدخل الأمن لا يكفي ألا في تشابك الأيدي بشكلٍ جمعي في تثقيف الشعب وتوعيته بمخاطر هذه الممارسة الخاطئة وأشراك وزارة التربية في تدريسها في المناهج الدراسية، وكُتاب الأعمدة في الصحف المحلية وخطباء الجوامع والأعلأم بكافة أشكاله.

***

كاتب عراقي مقيم في السويد

كُتب في 29 ديسمبر 2017

أعيد النشرفي شباط 2024

وقائع الحرب على غزة تتمازج أحداثها في طوفان استحق اسم الأقصى وصنعته المقاومة وارتداداتها في دول محور المقاومة.

دعونا نحلق عالياً كي نراقب بعين الصقر دوائر نصر المقاومة وهي تنداح عبر إقليم الشرق الأوسط، في حرب طاحنة يريدها نتنياهو؛ كي يغطي على هزائم جيش بلاده في قطاع غزة، كون إنجازاته لا تتجاوز تدمير القطاع وإبادة أهله الممنهج الذي أدانه قرار محكمة الجنايات الدولية، ومحاولة تهجيرهم.

من هنا سننطلق ولنبدأ بعنوان:

"وحدة الساحات ومؤازرة المقاومة في غزة"

فما زالت المقاومة في غزة (وبخاصة حماس والجهاد الإسلامي) توقع في صفوف الاحتلال خسائر كبيرة بالمعدات والأرواح، فيما الشعب الفلسطيني تحت القصف والحصار، وهو القابض على الجمر، يلتف حول مقاومته المقدسة، في تلاحم أسطوري، ليخرج من تحت الأنقاض كطائر الفينيق الكنعاني الذي قالت عنه الأساطير بأنه يخرج من تحت الرماد أشد قوة وعنفوان.. فيحوِّلَ بصموده غزَّةّ -رغم ما قدم من ضحايا- إلى فكرة عالمية مؤثرة بسبب عبقرية المقاومة ورفض الغزّيّين مغادرتها بسبب القصف الإسرائيلي المجنون الذي حول المدينة إلى أنقاض في حرب إبادة لا مثيل لها.

وقد بنيت السردية الفلسطينية على ذلك منذ النكبة الأولى عام 1948 وصولاً إلى النكبة الثانية في السابع من أكتوبر الماضي، رغم محاولات الذباب الإلكتروني الإسرائيلي وحلفائه من المطبعين، شيطنة المقاومة مجتمعةً في إطار وحدة الساحات (محور المقاومة)، بغية تنفير الشعوب العربية المغبونة منها وتفكيكها، من خلال استراتيجية إعلامية قذرة تقوم على إثارة الفتن الطائفية والجهوية وبث الأخبار التي قد تغطي ولو جزئياً على جرائم الاحتلال في غزة.

أيضاً.. فما دام الشيء بالشيء يذكر فإن العمليات المساندة للمقاومة في غزة والتي تطالب بفك الحصار عنها مستمرة، إذْ استهدفت جماعة الحوثي اليمنية قبل يومين سفينة بريطانية كانت تبحر جنوب عدن بعد ساعات من إعلانها استهداف سفينة تجارية أميركية كانت متجهة إلى "إسرائيل".

في المقابل قال الجيش الأميركي إنه قصف عشر طائرات مسيرة كانت معدة للإطلاق غربي اليمن فجر يوم الخميس الماضي.

ووفق المتحدث باسم أنصار الله الحوثي فقد تم قصف "إسرائيل" بالصواريخ البالستية".

وفي سياق متصل، تَواصَلَ تَبَادُلُ القصفِ بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، في الوقت الذي هدَّدَ فيه وزير الخارجية الإسرائيل لبنان إذا لم تتوقف عمليات حزب الله.

فيما أكد بعض قادة الاحتلال العسكريين بأن الحرب مع حزب الله لن تتوقف حتى يعود الإسرائيليون إلى مستعمرات الشمال التي غادروها مرغمين.

من جهتها أعلنت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن أطراف بلدتي "علما الشعب" و"طير حرفا" تعرضت لـ"قصفٍ مدفعي معاد"، وأضافت أن قوات الاحتلال استهدفت بلدة "كفر كلا" بالقذائف الفسفورية.

أما في العراق فالجيش الأمريكي الذي دمر العراق في عاصفة الصحراء نهاية القرن الماضي، قصف العراق يوم الجمعة الماضي من الجو ما أدّى إلى استشهاد أكثر من عشرين عراقياً رداً على استهداف مسيرة مجهولة لقاعدة أمريكية على ملتقى الحدود السورية الأردنية العراقية قاعدة "التنف" وقد طال القصف الهمجي الأمريكي الأراضي السورية.

وفي بيان لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قال فيه" نعلن الحداد العام لثلاثة أيام في دوائر الدولة ومؤسساتها كافة، ترحما على أرواح شهداء قواتنا المسلحة والمدنيين الذين ارتقوا نتيجة القصف الامريكي على مناطق عكاشات والقائم غرب محافظة الأنبار".

وفجر يوم أمس السبت، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم"، شَنَّ ضرباتٍ انتقاميةٍ في العراق وسوريا ضد 85 هدفاً لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني -المؤيد للمقاومة في غزة- ومليشيات إسلامية موالية له.

من جهتها المقاومة الإسلامية في العراق وفي إطار وحدة الساحات ويغية تخفيف الضغط عن غزة، قامت بقصف قاعدة حرير الأمريكية في إقليم كردستان.

وسنأخذكم بعد كل ذلك إلى المواجهات المشتعلة في مجلس الأمن بشأن وقف حرب الإبادة على غزة، وعنوان:

"أمريكا ومقترح الجزائر في مجلس الأمن وقرار المحكمة الدولية"

حيث عَقَدَ مجلسُ الأمن الدولي جِلسة طارئة الأربعاء، دعت إليها الجزائر، من أجل إعطاء قوة دفعٍ إلزامية للحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة والدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

جاء ذلك استناداً إلى قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 26 يناير الماضي في القضية التي رفعت من قبل جنوب أفريقيا ضد جرائم الإبادة التي يقترفها الإسرائيلييون ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، والذي من شأنه أن يجبر "إسرائيل" على الالتزام بتدابير الاتفاقية الدولية لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية، وضمان حق الفلسطينيين في الحماية.

وسبق أن أطلقَ مسؤولون إسرائيليون بينهم: وزيرا المالية بتسئليل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، والنائب في الكنيست عن حزب "الليكود" داني دانون، مراتٍ عدةٍ، دعواتٍ لتهجير سكان غزة بعد الحرب على القطاع.

وقوبلت هذه الدعوات حينها باستنكار دولي ومن الأمم المتحدة، حيث وصفها مراقبون بأنها بمثابة دعوة إلى "جريمة تطهير عرقي".

من جهتها اعترضت مندوبة الولايات المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد في مجلس الأمن على المقترح كونه-في نظرها- يُعَرِّضُ المفاوضاتِ بشأن الهدنة للخطر.

وما دمنا نتحدث عن الهدنة التي لم توافق عليها المقاومة بعد، فإن قادة الاحتلال يحاولون الضغط على حماس من خلال إصدار بيانات يجدها كثيرٌ من الإسرائيليين خرقاء كون أصحابها لا يمتلكوا مقومات تنفيذها بسبب خسائر "إسرائيل" المتلاحقة ميدانياً واقتصادياً وأخلاقيا.

لقد عاد الكابينيت إلى المطالب الإسرائيلية المستحيلة.. فما هي يا ترى؟

فانطلاقاً من ذلك سنأخذكم إلى عنوان: "الغرور لا يحجب الأنظار عن الهزيمة"

ولعل من أهم مظاهر الانهزام الإسرائيلي الداخلي هو مناورة حكومة الحرب الإسرائيلية "كابينيت" والمنقسمة على نفسها بشأن الهدنة التي اقترحتها قطر مؤخراً، من خلال إعلان ثباتها على الأهداف الإسرائيلية المستحيلة التي فشلت في تحقيقها رغم مرور أكثر من 120 يوماً من القتال المستعر الذي حقق للمقاومة مكاسب مذهلة على حساب الإسرائيليين الذين اعترف بعض قادتهم بانتصار حماس.

وتتجلى هذه المطالب اليائسة بسحق حماس وتحرير الأسرى.

يأتي ذلك كما يبدو لممارسة الضغط على حماس بغية كسب الكثير من النقاط في المفاوضات الجارية في الدوحة بشأن مقترح الهدنة المعروض على قيادة حماس دون أن تبدي الأخيرة بَعْدْ موافقتها على بنودها.

وهذا يذكرنا بما قاله ضابط الاستخبارات العسكرية الأميركي السابق سكوت رايتر -عبر الجزيرة نت- إن "حركة حماس قد انتصرت بالفعل بعمليتها المعقدة والمتقدمة في السابع من أكتوبر، وأنه لا يمكن القضاء على حركة حماس كما أعلنت الحكومة الإسرائيلية، وذلك لأن حماس أصبحت رمزا عملياً ومعنوياً لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي.

ما يلوح به "الكابينيت" تعبر عن الغطرسة الإسرائيلية التي تصيب قادة "إسرائيل" بالعمى والتخبط في اتخاذ القرارات المجنونة التضليلية الفاشلة للتسويق الداخلي.

أما عن موقف الأمم المتحدة إزاء جرائم الاحتلال بحق أطفال غزة وفي تقرير لليونيسيف قدمه جوناثان كريكس مدير التواصل في الأراضي الفلسطينية، ف: "إن 17000 طفل في غزة انفصلوا عن ذويهم بسبب الحرب. وجميع أطفال القطاع البالغ عددهم أكثر من مليون يحتاجون إلى دعم في الصحة النفسية".

وأخيراً سأعرّج وإياكم إلى عنوان " الاحتجاجات الدولية على صعيد مدني ضد جرائم الاحتلال".. جاء ذلك وفق صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.

فقد أصدر أكثر من 800 مؤيد من موظفي الخدمة المدنية من الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رسالة غير موقعة تعلن فيها أن سياسات حكوماتهم فيما يتعلق بالحرب بين "إسرائيل" وحماس في غزة "خاطئة" وتواطؤ في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في هذا القرن” حيث أساء ذلك إلى مبادئ الحرية والسلام وشوهت الصورة الأخلاقية لبلدانهم في العالم..

وتتهم الرسالة الاحتلال الإسرائيلي بما يلي:

1- عدم وجود حدود في عملياتها العسكرية في غزة"

2- العمليات العسكرية الإسرائيلية لم تساهم في تحقيق هدفها المتمثل في إطلاق سراح جميع الرهائن وتعرض سلامتهم وحياتهم وإطلاق سراحهم للخطر”.. ولم تحقق هزيمة حماس التي تعززت مكانتها.

وأهم ما دعت إليه الرسالة هو استخدام كل النفوذ المتاح - بما في ذلك وقف الدعم العسكري - لضمان وقف دائم لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية الكاملة إلى غزة وإطلاق سراح آمن لجميع الرهائن."

ووضع استراتيجية للسلام الدائم تتضمن دولة فلسطينية آمنة وضمانات لأمن إسرائيل، بحيث لا يحدث هجوم مثل 7 أكتوبر والهجوم على غزة مرة أخرى أبدًا". ولكن هل تؤثر الحكمة في البليد الذي يمارس الإبادة وفق تعليمات التلمود القائم على الأساطير.

وتستمر الوقائع الميدانية في أرض المعركة وكواليس السياسة نحو الانفراج الممكن ما دامت المقاومة التي يلتف الشعب من حولها، تهلك جيش الاحتلال وتذله على كافة الأصعدة.. والنصر لا ريب آت على الأبواب.

وقبل التقاط أنفاس النهاية لا بد من خاطرة تبقي عيوننا مفتوحة على ما يحدق بأمتنا من أخطار داهمة.. وهي بعنوان:" أفخاي أدرعي يقود مثيري الفتنة الطائفية لتفكيك المقاومة"

حينما يرتدي أفخاي أدرعي عباءة الإسلام وقد خسئ اللعين، تدرك مدى التشويه الذي ينال من جوهر ديننا الحنيف الذي يشوهه أبناؤه إلا من رحم ربي، حينما يشيطن دعاة الفتنة الطائفية من المتصهينين المطبعين محور المقاومة الذي يتصدى فعلياً للاحتلال الإسرائيلي بالحديد والنار ويقدم الضحايا ويتحمل فاتورة باهظة من الخسائر في غزة واليمن ولبنان والعراق بمؤازرة جماهيرية عالمية .. بينما دعاة الفتن يقيمون في فنادق النخاسة وسوق الضمائر المنتشرة بيننا في أمة أنهكها العياء.. يا للعار!!

ونصر الله محور المقاومة في كل الجبهات وقطع دابر "إسرائيل" وحلفائها أينما وجدوا.

صباحكم مطيب بالدعاء لنصرة غزة بعيداً عن الفتن المذهبية التي يحركها الشيطان لصالح العدو الإسرائيلي، والله ولي الصابرين.

***

بقلم بكر السباتين

4 فبراير 2023

 

 

آمرته في أمري مؤامرة إذا شاورته.

وكل مَن فزعت إلى مشاورته ومؤامرته فهو أميرك والمؤامرة تعني المشاورة.

ويتأمرون بك، أي يأمر بعضهم بعضا بقتلك.

وائتمر القوم وتآمروا، إذا أمر بعضهم بعضا.

والتآمر يهدف إلى فعل الشر.

ونحن نستخدم كلمة مؤامرة كثيرا في خطاباتنا وحواراتنا السياسية والفكرية، ونريد بها الخضوع والإستسلام وفقدان الإرادة والقدرة على تقرير المصير، فيكون كل فعل تنفيذا لأمر، فالفاعل يؤمَر بما يقوم به.

وهي في منطوقها الفكري ومردودها النفسي ذات أبعاد سلبية ونتائج مأساوية، لأنها تجعل الفاعل مرهونا بغيره وتابعا لمشيئته.

وواقع التفاعل ما بين الأمم والشعوب يتحدد بالمصالح، التي هي بوصلة السلوك القائم ما بين أبناء الأرض، دولا وأحزابا وجماعات وأفرادا.

والمقصود بالمؤامرة أن يتوفر أبناء من هذه الدولة أو تلك لتحقيق مصالح أية قوة أخرى، أو دولة، أو إرادة خارجية مهما كان نوعها.

 وهذا التفاعل ما بين الأمم والشعوب قائم منذ أول نشوء فكرة الدولة وسيبقى إلى الأبد.

فما نسميه بالمؤامرة سلوك لا ينتهي، ويُراد به تدبير المصلحة وتوفير أسباب وعناصر تحقيقها. ودول الأرض تحت ضغط تحقيق المصالح وتأمينها، وبعضها قد أنكرت مصالحها أو تنكرت لها وأذعنت لمصالح غيرها، أي تنازلت عن الدولة والوطن، وانحدرت إلى تأمين أهداف غيرها، وربطت تفاعلاتها بمصلحة الكرسي والمنافع الشخصية والأنانية، وأكدت ذلك بواسطة الأحزاب الضيقة الأفق والمحدودة الرؤى.

بينما العديد من دول العالم أسست الركائز الوطنية والثوابت التي تحقق مصالحها، وتؤهلها للتفاعل مع الدول الأخرى، وفقا لمبادئ ومرتكزات أساسية وذات قيمة للوطن.

فالدول تتفاعل بكيانها المتماسك والموحد، الذي يسعى بطاقاتها القصوى لتأكيد مصالحها، وقدراتها في البقاء والتنافس والتسابق نحو الأحسن.

وعندما تعجز الدول والشعوب عن بناء إرادتها الواحدة وصيرورتها الصاعدة، فأنها تتفرق وتتفاعل بسلبية ضارة لوطنها، ويحاول الجمع المتفرق أن يتشبث بقوى أخرى للتمكن من بعضه البعض.

وفي هذا الواقع المتشظي تتقدم كل دولة لها مصلحة في البلد، وتتفاعل مع أية مجموعة تراها مناسبة لتحقيق مصالحها.

وهذا ما نجده في واقعنا، الذي فقد بوصلة المصلحة الوطنية منذ أكثر من نصف قرن، وسار على هدى وخطط مصالح الغير، والغير قد تعدد وفقا لأجندات التنافس والصراع الدولي، التي وجدت مرتعا خصبا لها فيه، وعلة ذلك، أن بعض أبناء الوطن قد وفروا الأسباب والظروف اللازمة لحضور الآخرين وتأمين مصالحهم،  وتحقيق مشاريعهم بجهد وقوة أهله المعبرين عن ذلك بإخلاص مطلق.

هذه التفاعلات المتداخلة قد نسميها مؤامرات، بمعنى أن بعض أبناء الشعب قد تفاعلوا مع الآخرين لتحقيق مصالحهم، وأنكروا مصلحة الوطن ووحدته وما يساهم في قوته وتماسكه.

ومن هنا فالعيب ليس في الآخر الذي يريد تأكيد مصلحته، ولكن العيب في الذين أنكروا مصلحة وطنهم، وقرروا أن يكونوا قوة مساهمة وفاعلة في تحقيق مصلحة الآخرين فيه.

أي أن الموضوع بجوهره يرتبط بأبناء الوطن، وقيمهم وأخلاقهم ومدى وعيهم وتقديرهم لمجتمعهم،  وليس بالآخر الذي يسعى دوما لمصالحه وغاياته، وتلك سنة الحياة في التفاعلات الدولية.

إن علة العقل في مجتمعاتنا، هو إنكار المصالح والتوهم بالمبادئ، وسرعة السقوط في أحضان الآخرين، وتأكيد مصالحهم على حساب المصالح الوطنية والإقليمية، لعدم وضوح المفاهيم والمعاني المرتبطة بالوطن وحقوق المواطنة.

كما أن الإمعان في اليأس وإذلال الذات والمجموع، له دور كبير في تأكيد آليات التفاعل الخاسر مع الآخرين .

فمجتمعاتنا ما تربّت على وعي مصلحة الوطن وقيمته ومعنى رايته وعلاء شأنه ودوره، وإنما على مناهج الأحزاب والمذاهب والفرق والجماعات والأشخاص، ولهذا نشأت أجيال لا تعرف قيمة الوطن، وصار الكرسي والفرد في عرفها وطن ومقياس الوطنية المطلق، فمَن لا يمضي على هداهما غير وطني ومَن يناهض الحزب الحاكم متآمر.

والمؤامرة في حقيقتها لعبة للنيل من بعضنا البعض، وتأكيد إرادة الآخرين الفاعلة بقوة فينا.

فلماذا لا نتآمر مثل الآخرين من أجل مصالحنا لا ضدها؟!

***

د. صادق السامرائي

 

تعتبر الدروع البشرية قديمة قدم الحروب. وقد شهدت الحرب العالمية الثانية على سبيل المثال استخدام الدروع البشرية على نطاق واسع. فخلال انتفاضة وارسو استخدم الجيش الألماني مئات المدنيين وأسرى الحرب دروعا بشرية في مواجهة الانتفاضة.

ولأن دولة الاحتلال دولة استبدادية وعنصرية وطالما استرخصت حياة الفلسطيني فقد تعودت على استخدامه درعا بشريا أثناء المواجهات مع المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. فعن منظمة "بتسلم" اليهودية وهي منظمة غير حكومية تسجل حالات انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة تقول في تقريرها بتاريخ ٢٠١٧ " أن قوات جيش الاحتلال قد استخدمت الفلسطينيين كدروع بشرية".

واليوم في حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ نجدها تلجأ إلى استخدام هذه الوسيلة اللاأخلاقية. فها هو وكيل وزارة الصحة الفلسطينية في غزة بتاريخ ١٣/كانون الأول لعام ٢٠٢٣ يصرح بأن جيش الاحتلال استخدام المدنيين المحاصرين في مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع "دروعا بشرية".

كما وثق المرصد الحقوقي "الأورومتوسطي" استخدام جيش الاحتلال معتقلين من غزة كدروع بشرية بهدف اقتحام المنازل وفتحات أرضية يعتقد أنها أنفاق أرضية تخص المقاومة.

ومن المعروف أنه وحسب القانون الدولي ، على أطراف النزاع الاحتفاظ بالمعدات العسكرية في أمكنة أبعد ما يمكن عن تجمعات المدنيين. ويعتبر جريمة حرب استعمال أي مدنيين دروعا بشرية. فوفقا للمادة ٥١ من البروتوكول الأول لعام ١٩٧٧ الملحق باتفاقيات جنيف لعام ١٩٤٩ "لا يجوز التوسل بوجود السكان المدنيين أو الأشخاص المدنيين أو تحركاتهم في حماية نقاط أو مناطق معينة ضد العمليات العسكرية لا سيما في محاولة درء الهجوم عن الأهداف العسكرية أو تغطية أو إعاقة العمليات العسكرية".

والسؤال المهم الذي يطرح نفسه عند ذكر كل انتهاك لقوانين حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب طيلة حروبها مع الفلسطينيين.. هل تمت محاسبة هذه الدولة المتغطرسة يوما منذ قيامها ظلما في ٤٨؟

***

بديعة النعيمي

اعلان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، توقيع محضر عقد مع شركة مصرية لتشييد مدينة "علي الوردي" السكنية الجديدة، جنوب شرقي بغداد، وفيما وصف المشروع بأنه "الأكبر" بين مشاريع المدن الخمس،، واطلاق اسم الفنان الكبير فائق حسن على المجسر الجديد ببغداد فعل من أفعال التخليد ، تحسب لصالح حكومة السيد السوداني،كذلك قامت الحكومة المحلية في البصرة بإطلاق اسم الاديبين محمد خضير وكاظم الحجاج، على شارعين في المدينة، ولا يقع تمثال الشاعر موفق محمد في بابل خارج التفكير العملي هذا، الذي يقضي ببعث الروح الوطنية، عبر قناة الثقافة في ضمير الشعب التي مزقتها الاديان والمذاهب والطوائف والحروب بالنيابة وغيرها، واذكر ان المفكرُ العراقيُ الكبير “حسن العلوي دعا قبل أكثر من سنتين الادباءَ والصحفيين والكتابَ وجماعاتِ الإعلام في العراق الى تحريكِ جسدِ الإعلام العراقي، محذراً من تحولِه إلى جثةٍ هامدة.جاءَ ذلك في مقالةٍ للمفكرِ “العلوي” في صحيفةِ الزمان طبعةِ العراق، دعا فيها أيضاً إلى حملةٍِ يُطلق عليها إسمَ “حملة ُ مظّفر النواب” لتخليدِ سيرتهِ الشعرية كونَه شاعراً عالمياً من الصعبِ تكراره، كما دعا إلى تكريمِ “النوّاب” في حياتِه وليس كما هو معتادٌ في العراق “يموتُ المبدعُ ثم يتمُ الإحتفالُ به، للاسف اليوم ترى المعاول ترفع لتهديم كل من يرتفع ، يحاربون كل مجد أو شريف ونزيه أو مبدع، إنها السلبية التي تطبع سلوك العراقي”. معللا بالقول بان الخلل يكمن في إن السلطة هي المحور في حياة العراقي على مدى عقود. هذا بعض الخلل أو بعض أسباب الخلل بيد إن طبيعة السلطة أيضا وأسلوب الإدارة ومن المسيطر على السلطة اليوم ترى في المؤسسات والوزارات السيادة والغلبة للجهلة والسراق. لدينا الآن منتحلو صفة وليسوا حقيقيين تدرجوا ووصلوا بسبب تزوير شهاداتهم وشراء مناصبهم. فكيف بنا إذن أن نصنع النجوم ونحن نحارب كل مبدع ولامع؟ صناعة النجوم تحتاج إلى بيئة تشجع الإبداع لا أن تهدمه،وتخيل حتى النجوم الذين تصنعهم ظروف حياتهم في الخارج والتشجيع الذي يلقونه هناك تراهم يتعرضون للتجاهل إن لم يكن للمحاصرة والتهديد بمجرد عودتهم إلى العراق ويتعرضون للتحجيم الكامل فتراهم يقفلون عائدين من حيث جاؤوا والى حيث يجدون التقدير الكامل لكفاءاتهم،، وفي ظاهرة غريبة نسمع أن فنانين ومبدعين عرب كرموا في الخارج بدول عربية وأوربية بينما يقومون بدور مزمار الحي الذي لا يطرب ببلدهم!!

يفرحنا جداً حين يكون قادتنا بهذا الوفاء ، ويؤسفنا جداحين لم يبادر أي مسؤول في الدولة ولا الوزير المعني طيلة السنوات الماضية لجعل تكريم المبدعين في مجالاتهم من أولويات سياستنا الداخلية فلطالما سمعنا عن تكريم فلان بعد وفاته، وهذا لا يتفق إطلاقاً ومبدأ الوفاء والعرفان لمبدعينا من أدباء وشعراء ومفكرين وموظفين في كل القطاعات، فأتساءل دائماً لماذا لا يتم تكريم المبدعين وهم أحياء؛ بل وفي عز عطائهم وليس بعد أن يبلغوا من العمر عتيا. حتى أصبح لسان حال البعض أن لا يأتي ذلك اليوم الذي أُكرم فيه لارتباط هذا اليوم بالموت أو أرذل العمر في أحسن الأحوال وكأن المرض أو الموت يوقظنا من غفلتنا عن تقدير هؤلاء والاعتراف بعطائهم،، لقد صدق أوغست كونت حينما قال: (الرجال العظام ينالون الخلود الذاتي بعد موتهم عن طريق تكريم الأجيال المتلاحقة لهم) إلى متى نبقى لا نعرف قيمة عظمائنا، إلا بعد أن نفقدهم ولا نحتفي بالعظام إلا بعد موتهم؟ أما التكريم ما بعد الموت فإنه وفاءٌ متأخر، لذلك نرى أنه من الضروري من القائمين على الهيآت الثقافية والفنية في العراق ، وربما، الوطن العربي أن يهتدوا إلى تكريم المبدعين قبل أن تغلق جفونهم ويغادرون عالم الأحياء ويلتحقون بعالم الأموات لأنه حينها لا يجديه التكريم نفعاً ولا ضراً، فالتكريم بالنسبة للمبدع وهو حي يزيد من قيمته ويضاعف أعماله وطاقته مما يمكنه من مواصلة إنتاجه وعطائه. فمن المهم تخليد العلماء والمبدعين الذين رحلوا من خلال تسمية الشوارع والساحات والمدارس والمؤسسات بأسمائهم، من أجل تخليدهم واستذكار منجزهم الإبداعي لتشجيع الشباب على اقتفاء آثارهم في التميّز والإبداع، لكن الأهم من هذا كله الاهتمام بهم في حياتهم والحفاظ على كرامتهم، وتوفير العيش الكريم لهم وفاءً لما قدّموه، من المهم تخليد العلماء والمبدعين الذين رحلوا من خلال تسمية الشوارع والساحات والمدارس والمؤسسات بأسمائهم، من أجل تخليدهم واستذكار منجزهم الإبداعي لتشجيع الشباب على اقتفاء آثارهم في التميّز والإبداع، لكن الأهم من هذا كله الاهتمام بهم في حياتهم والحفاظ على كرامتهم، وتوفير العيش الكريم لهم وفاءً لما قدّموه، إلى متى نبقى لا نعرف قيمة عظمائنا، إلا بعد أن نفقدهم ولا نحتفي بالعظام إلا بعد موتهم؟

***

نهاد الحديثي

التفاعلات السائدة في الواقع الثقافي تمضي على منهج التجرد من الذات والهوية والموضوع، والتحول إلى نبضات خائرة في مستنقعات " لست أنا"، فتحول الواقع إلى كينونة إستساخية لعوالم وفضاءات لا تمت بصلة إليه، وهذه الآلية سوّغت التبعيات والتواصلات الدميوية (من الدمى).

عبثيات وتخبطات وإندحارات في مرابع القنوط والإنهيارات القيمية والأخلاقية، والتعفن في أقبية المكان المدثر بأسلاب الغابرات.

ووفقا لمفاهيم ومصطلحات مستوردة ومرحَّب بها، لتستعبد العقول وتمتطي إرادات الإبداع، ولتستولي على الوعي الجمعي، وتحقق الإستعمار العقلي والفكري والنفسي، وتطيح بالثوابت والمنطلقات الحضارية الجوهرية، المؤسسة لمسارات الصعود الأصيل.

تدحرجت الأجيال على سفوح غريبة توهمها بأنها ستعاصر، وستضيف لدواليب الزمن الدوارة، التي تغرف من فيض الإبداع، لتسقي يباب الدنيا المتعطشة للجديد المستحضَر بعد الأوان، فعجلة الوثوب المستقبلية ذات طاقات مطلقة.

وبين قرن مروّع إنطوى وقرن بدأت طلائعه العنفوانية تبسط أجنحتها على منطقتنا، المبتلاة بالكراسي وقطعان المعمعة والتبعية النكراء، أخذت الأمواج التوسنامية الدامية تحط ركابها في بقاع وجودنا المكبل باليقينيات، الممهورة بالرسوخ المقدّس في دنيانا الخاوية المتقهقرة إلى الوراء العنين.

فتجدنا في محنة التعبير عن إرادة الآخرين ونقدم أنفسنا قرابين لتدوم مصالح الغير، وتتأكد تطلعاته العقائدية وتتجسد مشاريعه العدوانية، وكأننا نستلطف الإبتلاع والإفتراس، ولا نريد الدفاع عن وجودنا الإنساني كأي مخلوق فوق التراب.

ومهما حاولت الأصوات الصادقة النطق بالحقيقة، فستواجَه بسيل من الإتهامات والتوصيمات اللازمة لمحقها وإنهاء وجودها، لأنها تحاول أن تتسبب بإضطرابات تخل بشرف إذعان القطيع، ومنعه من الركوع تحت أقدام أباليس الأفك المبين.

فتعلم الكذب والنفاق والتدليس والتبويق، وأغنم ما تشاء من الثروات المشاعة فأنها رزق لكل معتدٍ أثيم، يتوهم بأنه المُصطفى من ربه الذي يعبده على هواه، ويرزقه كما يشاء وبغير حساب، فهو الذي خصه بالدنيا الرغيدة والآخرة السعيدة، والقطيع قرابين تحت أقدامه الطاهرة العتيدة!!

فقل غاب الشيء في عوالم اللاشيء، فكل شيئ دام زهوقا!!

"فدع عنك لومي فأن اللوم إغراء

وداوني بالتي كانت هي الداء"!!

***

د. صادق السامرائي

 

في أعقاب الإعلان عن قرار التقسيم واقتراح إقامة دولتين في فلسطين في نهاية العام ١٩٤٧ وبعد التغييرات التي لا بد أن تحصل وأبرزها قرار الحكومة البريطانية الانسحاب من فلسطين ونية الجيوش العربية الدخول في حال الإعلان عن دولة يهودية، أخذ بن غوريون يستشعر خطورة الوضع الذي ستكون عليه الدولة الوليدة، فتبنى حينها استراتيجية عسكرية مغايرة لتلك القائمة والتي تتمثل بالمنظمات الإرهابية الهاجاناه وشتيرن وإرغون. حيث قامت هذه الاستراتيجية في العمل على إقامة جيش باستطاعته مواجهة الجيوش العربية التي ستدخل. وإذا ما عدنا بالتاريخ إلى الوراء حيث بداية تشكل أول عصابة إرهابية ستحط رحالنا في الربع الأول من القرن العشرين حيث تشكلت نواة أول عصابة في فلسطين. فمع تدفق اليهود من روسيا وأوروبا الشرقية للاستيطان في فلسطين نشأت عام ١٩٠٩ مستوطنة هاشومير حيث كانت وقتها تدافع عن أربع عشرة مستوطنة أخرى طورت قدراتها الهجومية السرية واستعدت لتلك الحرب التي آمنت بها للسيطرة على فلسطين. وقد اعتبرت هذه المستوطنة نفسها النواة الأولى لذلك الجيش اليهودي الذي سيولد في المستقبل. وقد نفذت قوات هذه المستوطنة العديد من عمليات القتل والتصفية ليست فقط الموجهة للفلسطينيين بل تعدت لبعض أعضاءها أيضا. وفي عام ١٩٢٠ تطورت هذه الهاشومير لتصبح الهاجاناه والتي اعتبرها البريطانيون فيما بعد الذراع الدفاعية شبه العسكرية للمستوطنات. وفي العام ١٩٣١ وبعد أن استقال إرغون زئيفي من الهاجاناه بسبب عدم توافق سياسته مع سياسة بن غوريون، فشكل عصابة الإرغون الصهيونية، ثم انشق عن هذه العصابة مناحيم بيغن وشكل عصابة ليحي. وقد نفذت هذه العصابات بمجملها عمليات التصفية والاغتيالات كما نفذت المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني عام ٤٨. وبعد الإعلان عن قيام الدولة أعلن بن غوريون عن فك هذه المنظمات وتوحيدها ،وبالرغم من أن بن غوريون ادعى أن هذه المنظمات وأبرزها الهاجاناه تختلف عن الجيش. إلا أن الحقيقة هي أن الجيش هو امتداد أكيد لتلك المنظمات أو على الأقل كما قال الجنرال يعقوب دوري "صحيح أن جيش الدفاع الإسرائيلي ليس استمرارا للهاجاناه ، جيش الدفاع هو شيء جديد ومختلف ولكن لا جدل في أنه أقيم على أسس الهاجاناه. وليس فقط على الهاجاناه بل على التراث العسكري كله".

والمتتبع للمجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال منذ تأسيسه وعبر مسيرة هذه الدولة لا بد أن يجد أنها لا تقل فظاعة عما ارتكبته العصابات" النواة" بالفلسطينيين ،والتاريخ يشهد ويحفظ وقائع كثيرة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على العقيدة التي توحد أفراد تلك العصابات كما أفراد الجيش فيما بعد، مع اختلاف تطهير الكلمات من عصابات يعكس اسمها الولغ بالدم إلى جيش أنيق وأخلاقي. إنها عقيدة الكتب التي دونها حاخامات ساديون متعطشون للدم الفلسطيني باسم فطير مدنس كلما نضج أعادوا عجنه بدم جديد.

وها هو جيش الاحتلال يواصل الإرهاب الذي ورثه من تلك العصابات في حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ فارتكب مئات المجازر والتجاوزات اللاإنسانية والتنكيل بالأموات قبل الأحياء.

***

بديعة النعيمي

 

مقدمة: الربيع العربي عبارة عن سلسلة من الانتفاضات والثورات التي بدأت في أواخر عام ٢٠١٠، واجتاحت العديد من البلدان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في البداية، غذت هذه الحركات الشعبية الآمال في الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية. لكن مع مرور الوقت، تآكلت العديد من المكتسبات الثورية، مما أدى إلى خيبة الأمل التي حولت الربيع العربي إلى خريف، يشار إليه مجازيا بالخريف العربي. يستكشف هذا المقال العوامل الرئيسية التي ساهمت في تحول الربيع العربي وتأثيره على المنطقة.

أهمية الربيع العربي:

لقد ظهر الربيع العربي كرد فعل لعقود من الحكم الاستبدادي والفساد وعدم المساواة الاقتصادية. لقد مثلت لحظة فريدة من نوعها في تاريخ المنطقة، حيث شكلت تحديا لهياكل السلطة الراسخة وقدمت لمحة عن إمكانية التغيير الديمقراطي.

الآمال والإنجازات الأولية:

خلال الربيع العربي، لعبت الاحتجاجات العامة ووسائل التواصل الاجتماعي والنشاط الشعبي أدوارا محورية في تعبئة المواطنين والإطاحة بالحكام المستبدين في تونس ومصر واليمن. وشهدت هذه الأحداث المهمة اجتماع الناس معا للمطالبة بالحريات السياسية وحقوق الإنسان وتحسين الظروف المعيشية.

تحديات التحول الديمقراطي:

بعد الإنجازات الأولية، واجهت العديد من البلدان عقبات كبيرة في تحقيق التحولات الديمقراطية الناجحة. شكّلت الانقسامات الداخلية، والصراعات على السلطة، وتأثير الجهات الخارجية تحديات قوضت تطلعات الربيع العربي.

أقلمة الصراع:

لقد أحدث الربيع العربي تأثيرات موجية في جميع أنحاء المنطقة، مما أدى إلى حروب داخلية في ليبيا وسوريا، وتصاعد التوترات في البحرين، وحملات قمع عنيفة في أماكن أخرى. وقد عمّقت هذه الصراعات الشروخ المجتمعية، وأججت التوترات الطائفية، وألقت بظلالها في نهاية المطاف على التركيز الأولي المؤيد للديمقراطية في الربيع العربي.

القوى المضادة للثورة:

كان أحد العوامل الرئيسية التي أعاقت تقدم الربيع العربي هو عودة ظهور القوى المضادة للثورة. وسعت مؤسسات الدولة، مثل الجيش وقوات الأمن وبقايا الأنظمة السابقة، إلى الحفاظ على سيطرتها، مما أعاق في كثير من الأحيان إجراء إصلاحات ديمقراطية ذات معنى.

التدخل الدولي:

أدت التدخلات الدولية، بما في ذلك التدخلات العسكرية من قبل القوى الأجنبية، إلى زيادة تعقيد الوضع في العديد من دول الربيع العربي. وكانت هذه التدخلات تهدف إلى حماية المصالح الجيوسياسية وكثيرا ما أدت إلى تكثيف الصراعات، مما أدى إلى معاناة واسعة النطاق وخسائر في الأرواح.

التحديات الاقتصادية:

ابتليت العديد من دول الربيع العربي بمعدلات بطالة مرتفعة، وتفشي الفساد، وتدهور الأوضاع الاقتصادية. وتسبب الافتقار اللاحق للحكم الفعال والإصلاحات الهيكلية إلى خيبة الأمل بين السكان، حيث لم تتحقق تطلعاتهم إلى مستويات معيشية أفضل.

العودة الاستبدادية:

كما شهد الربيع العربي عودة الاستبداد، حيث أعادت الدكتاتوريات العسكرية، أو الرجال الأقوياء، أو الأنظمة الثيوقراطية السيطرة على العديد من البلدان. أدى تكرار الحكم الاستبدادي إلى تقويض الأهداف والتطلعات الأصلية للحركة.

الأزمة الإنسانية والنزوح:

وأدت الصراعات الطويلة الأمد الناجمة عن الربيع العربي إلى أزمات إنسانية كبيرة، مما تسبب في نزوح واسع النطاق، وخسائر في الأرواح، وزعزعة استقرار البلدان المجاورة. واضطر الملايين من الناس إلى الفرار من منازلهم، مما خلق تداعيات اجتماعية واقتصادية طويلة الأمد.

خاتمة:

لقد واجه الربيع العربي، الذي ولد من الرغبة في التغيير الديمقراطي، العديد من التحديات التي أضعفت الآمال الأولية وحولته إلى خريف عربي. ولا تزال المنطقة تعاني من عدم الاستقرار السياسي والانقسام الاجتماعي والصعوبات الاقتصادية والحكم الاستبدادي. ورغم أن الربيع العربي لم يحقق ما أراده، فإن إرثه لا يزال قائما، وهو بمثابة تذكير بالنضال المستمر في المنطقة من أجل الديمقراطية والحرية لولا مصادرته من المتطرفين. وينبغي لهذه التجربة أن توجه التطلعات والجهود المستقبلية لمعالجة القضايا الأساسية التي أعاقت التقدم خلال هذه الفترة المحورية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

***

محمد عبد الكريم يوسف

ليست من قبيل المصادفة الكونية أو المؤامرة الدولية أن تمر الإنسانية بلحظات شك عالمية في أسباب تراجع الجاذبية الفكرية والفاعلية الشعبية للمقولات الكبرى، كسيادة القانون وحقوق الإنسان والعدل الدولي والمساواة والمواطنة. فالشعوب لم يعد يهمها محاولات التجمّل بعد إنكار الانتهاكات الممنهجة  لحقوقها في الحرية.

استغل العم سام، العالم الرائد في العلوم البيولوجية فرصة تقاعده للاهتمام أكثر  في بمزرعته الكبيرة والعودة للعمل بنشاط في معمله المتطور الذي خصصه لتجاربه البيولوجية الخاصة جدا على النبات والحيوان، وكانت لديه حظيرة لمختلف الحيوانات والطيوريعيشون على ما تنبت الأرض وفق نظام غذائي محدد وضعه لهم العم سام في برنامج معين لا يقبل الخطأ، ويوم رأى أن نبتة  جميلة لكن غريبة عليه ظهرت في أحد الجوانب البعيدة في أرضه، ولاحظ أنها آخذة في الانتشار الأفقي على سطح الأرض، وما زاد اندهاشه أن فأرا صغيرا كان يقبل على أكلها بشراهة، حتى كادت تنتهي، وهو لا يشبع منها، أضطر العم سام إلى جلب كمية من بذورهذه النبتة من منطقة بعيد تقع بين خطي طول 34 و35 درجة شرق خط غرينيتش، وبين خطي عرض 29 و3" درجة  شمال خط الاستواء، تلك المنطقة هي منبتها الأصلي حيث اتضح للعم سام أن نوع التربة وطبيعة الطقس ملائمان لنموها، وان الموقع الجغرافي مزرعته لا يختلف كثيرا عنها.

بقي الفأر يقتات من هذه النبتة سعيدا دون أن ينازعه في طعامه أي حيوان آخر، ومن جهة العم سام وجد في الأمر ما يدعوه للتأمل بعدما لاحظ أن الفأر ينمو بسرعة غير عادية، وأن جسمه تضخم بشكل أقلقه، فحص العم سام النبتة بمعمله واكتشف أنها تحتوي على مغذيات ذات تراكيز عالية  من المعادن والبروتينات والفيتامينات تعمل على استفزاز هرمون النمو HGHوتنشط عملية الانقسام الخلوي في الحيوان وحدوث انقسام خيطي متساوي سريع. ومع مرور الأيام بدأ العم سام يخاف الفأربعدما تغيرت طبيعته إلى العدائية  والهجومية، لم يعد يخاف الحيوانات الأكبر منه جسما ولم يعد يهرب وينزوي في الأركان المظلمة أو يحفر لنفسه مخبأ تحت الأرض، لم يعد ذلك الحيوان المسكين المثير للشفقة كلما صادفه قط في طريقه، بل لقد صار هو من يتجول في المزرعة غير آبه بأحد، يبادر بالهجوم والعض وإفساد أكوام القمح وأكياس الدقيق والعبث بالبذور والتهام كل ما يجده من طعام  حتى داخل المنزل.

فكّر العم سام في كيفية التخلص من الفأر المتضخم بعدما تغيرت صفاته الجسدية وتبدلت خصائصه السلوكية واهتدى إلى أن أفضل حل هو أن يأخذه إلى ذات المنطقة التي تنمو فيها النبتة المفضلة للفأر، سوف يسعد الفأر كثيرا بهذا الحل ولن يقاوم أو يعترض. يعلم العم سام أنه يأخذ كائنا محملا بالجهل والتطرف والكراهية إلى واجهة صراع مجتمعي، كانت لحظة عالمية مؤدية لهيمنة بدائل متهافتة بغوغائية حيوانية غير منضبطة في مجتمعات تختلف في كل شيء، فعاث الفأر المتضخم فسادا في الأرض وأحدث فيها إرهابا وتغييرا أخلاقيا عميقا ومعاناة كبيرة بعد الانجراف إلى الأفكار الخليطة المغلقة. اشتدت وحشية الفأر وتعاظمت جبروته لما غرّته قابلية من حوله للإنصات إلى مخاوفهم والاستسلام لرغبته في التهام المزيد من النبتة التي أدمنها، فخصصوا له أغلبية مواردهم لإرضائه واتقاء شره، ولكن ذلك لم يرضه لأنه في الحقيقة كان قد ضاق بوجود هم  حوله يقضون أيامهم يراقبونه، احتمت به بعض الحيوانات الضعيفة ونفذّت كل ما أمرها به للهيمنة على المنطقة بتهجير من كان يقيم فيهاقسرا، ومن رفض التهجير أكله أكلا، وشرد صغاره.

قام العم سام يوما بزيارة للمنطقة  شرق خط غرينيتش، أراد أن يتفقد أحوال الفأر فوجد الحال على غير الحال، فساد وإفساد، خراب وتخريب، حتى طعامه المفضل بدأ ينفد ويقل، والمطلوب البحث عن أماكن أخرى قد يتوفر فيها ما يشبعه ويرضي إدمانه، حاول العم سام تهذيب سلوك الفأر لجعله كائنا أكثر رحمة ولطفا ولكنه واجه غضبة الفأر وكاد أن يتعرض لعضاته القاتلة، حينها أدرك أن لا فائدة من مسعاه ولا جدوى من محاولته، واكتشف أن فأر الشرق قد تنمر.

***

صبحة بغورة

 

تعوّدنا أن نقرأ في كتب التأريخ عن حضارات وادي الرافدين، التي تبدأ بالسومريين وتنتهي بالآشوريين، وعندما نتساءل عن أصل تلك الحضارات لا يكون الجواب واضحا أو وافيا.

ذلك أن معظم المؤرخين والعراقيين خصوصا قد أغفلوا حضارة سامراء، التي هي أصل إنطلاق تلك الحضارات، فهي الحضارة الإنسانية الأولى التي يمكن إطلاق وصف حضارة عليها.

فقد سبقتها بعض البدايات في شمال شرق كركوك (جيرمو)، لكنها كانت مجموعة بشرية صغيرة أسست  بعض النشاطات الأولية، التي تشير لمعالم ذات نفحات حضارية.

بينما حضارة سامراء إنطلقت بقدرات متقدمة وذات آليات تنظيمية، على المستوى الإجتماعي والزراعي والإروائي والصناعي والعمراني.

وقد كشف عن ذلك عالم الآثار إرنست هيرزفيلد، وأشار لمقابر حضارات عريقة وساحقة في القدم.

كما أن (تل الصوان)، يعد متحفا حضاريا متكاملا فيه شواهد دامغة على أن حضارة سامراء هي أم الحضارات، وأتخِذ هذا العنوان للإحتفال بها في متحف برلين قبل سنوات. 

فلم تكن التسمية إعتباطية، لكنها أصيلة وتعني ما ذهبت إليه، فحضارة سامراء كانت متزامنة ومتفاعلة مع حضارة (عبيد) التي سبقت السومريين، فحضارة وادي الرافدين بدأت شمالا وإنحدرت جنوبا.

ولا تزال المدينة لم تخضع لتنقيبات كافية وبحوث واعية للكشف عن مزاياها الحضارية المتميزة.

وأغفل الآثاريون (كهف القاطول) الذي تم ردمه وإزالة معالمه، فيما هو على ما يبدو  كان موطنا للإنسان القديم، لما يتوفر فيه من أسباب الأمان ووفرة الصيد، وهذا الكهف ما جرت فيه تنقيبات وطمرته المدينة بالنفايات، وخرّبت جماليته السدة الترابية التي حولت ماءه إلى مستنقع، فاندرس وصار ترابا أجردا.

وتستدعي المسؤولية من المعنيين إعادة آليات التفكير التأريخي بالمدينة، التي وُجدَت فيها الحضارة عدة آلاف من السنين قبل أن يختارها المعتصم عاصمة لدولة بني العباس.

فمن الواجب والأمانة، أن نكشف عن معالم حضارة سامراء، ونرفد الدنيا بما أنجزته المدينة في مسيرتها الإنسانية الإبداعية الطويلة، وقد لعبت دورا مهما ومؤثرا في الصراعات ما بين القوى المتنافسة على الهيمنة والإمتلاك آنذاك.

ولقيمتها المتكاملة المتعاظمة، غدت أكبر مدينة أثرية في الدنيا، وأغنى بقعة أرضية بالمعلومات والمعارف الواضحة عن الأزمان السابقة.

فهل سيتمكن أبناؤها من مواصلة كشف كنوز مدينتهم الحضارية؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

لقد نجحت القيادات اليهودية منذ بن غوريون وحتى بنيامين نتنياهو بتكريس حالة الخوف في ذهن يهود دولة الاحتلال وبالتالي إفراز شعب خائف يعيش حالة الضحية بهدف منح هذه القيادات كل فرصة لنشر فكر لا عقلاني يخدم مصالحهم الشخصية ومصالح حلفائهم من الأنظمة الإمبريالية ،لذلك فإن هؤلاء بحاجة دائمة إلى صنع حالة من الخوف وإذكاء نارها لإقناع شعوبهم بأن لا حل لهذه الحالة سوى الحرب الدائمة وهذه الحرب بحاجة إلى أسطورة اسمها الجيش حامي الحمى والدولة. وهنا بالفعل قامت الحكومات والمؤسسات العامة والخاصة في هذه الدولة على صنع هذه الأسطورة ورفعت من شأنها وخصصت لها جزءا كبيرا من ميزانية الدولة. كما ربطت حياة هذا الشعب بهذه المؤسسة"الجيش" لزيادة أهميته عندهم وأنه الحامي والمحافظ على أمنهم في منطقة مهددة على سبيل المثال من صواريخ حماس في غزة أو حزب الله في الجنوب اللبناني.

لكن السؤال المطروح وبعد وضعها على عرش مؤسسات الدولة هل يمنحها هذا ضوءا أخضر لتقوم ما تقوم به من أعمال لا أخلاقية من تعد على المدنيين العزل في حروبها على الفلسطينيين منذ ٤٨ وحتى حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ من قتل وتدمير وسرقة سواء ما حصل من سرقة لجثامين الشهداء أو نهب لممتلكات سكان غزة بعد خروجهم من بيوتهم؟ وهل يحق لهذا الجيش تبرير ما ترتكبه بأنه دفاع عن النفس في سعي منهم لإظهار طهارة سلاحهم الذي ولغ في دماء الأطفال حتى وصل إلى العظم؟

ومن الواضح بأن الجيش يعمل كأداة بيد بنيامين نتنياهو لتحقيق غايات سياسية من خلال الأعمال الإجرامية التي يقوم بها ضد المدنيين والبنى التحتية وسط ركل لكل المواثيق الدولية من قبل هذه الدولة.وهذه الغايات السياسية تتركز في الاستيلاء على الأرض وطرد سكانها وتحويل تلك الأراضي إلى مستوطنات يهودية. فعن أي أخلاق يتحدثون؟

وبالإضافة إلى ذلك الإجرام وارتكاب المجازر يقوم أفراد هذا الجيش بانتهاك القيم الأخلاقية ففعلى سبيل المثال ما انتهكوه عندما قاموا باعتقال عشرات المدنيين الفلسطينيين بحسب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بعد التنكيل الشديد بهم وتعريتهم كليا من ملابسهم على إثر حصارهم داخل مراكز للإيواء في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة بهدف التحقيق معهم كما ادعوا لمعرفة إذا كان بعضهم ينتمي لحركة حماس.

كما أظهر فيديو انتشر على شبكات التواصل الاجتماعي في بداية كانون الثاني ٢٠٢٣ قيام جندي من جيش الاحتلال بتصوير طفل فلسطيني بعد إعدامه في مخيم جنين الذي انتفض لأهلنا في غزة. فأين الأخلاق والقيم وطهارة السلاح والإنسانية تلك التي يتبجحون بها؟

والتاريخ يحتفظ بسجل حافل من الإرهاب والتنكيل والإبادة لأهل غزة بهدف محوهم من الوجود. وهنا يجدر الإشارة إلى أن الكثير من جنود الاحتلال أن حياة العربي لا قيمة لها فهي ليست كحياة اليهودي وهذه الخلفية الكارثية التي يدخل بها الجندي إلى الجيش تتطور وتنمو من خلال العمليات العسكرية التي يقومون بها ضد الفلسطينيين.

***

بديعة النعيمي

 

ما يُكتَب ويُنشر في الصحف والمواقع هل له جدوى ومنفعة؟!!. ربما تساءلنا عن منفعة ما تسطره الأقلام، وتتجشم عناء كتابته الأفهام.

المتابع للأحداث والوقائع تظهر أمامه حالة قاسية، خلاصتها أن الكتابة لا تنفع ولا تقدم ولا تؤخر!!

فالقوة تفعل فعلها، وتمضي قوافلها إلى حيث المصالح والمآرب والأهداف، والكلام المكتوب خربشات على رمال السواحل، أو فوق الماء.

الكتابة ربما لا تنفع يا سادة يا كرام!!

لأنها مجرد كلام وأضغاث أحلام، وما وجدنا مقالة أثرت وغيّرت، ولا دراسة أصابت مبتغاها، بل تحوّلت الإنجازات إلى أقوال وحسب.

فقولنا عملنا، وأقلامنا لسان حالنا الأخرس المنكود بنا!!

فلماذا تكتب الأقلام؟

هل للترويح والتخلص من الهموم المحتقنة في أعماق الصدور ودياجبر الأدمغة؟

السؤال صعب، وألإجابات متعددة ومتكررة، والحقيقة مرة وجارحة، وذات تأثير كبير على الوعي الجمعي الذي أنكر الكلمات وداس على السطور، فما عادت الكتابة ذات دور في صناعة الحياة الحرة الكريمة.

فالكراسي صاحبة الوليمة، والحاكم مقدّس ومعصوم، ومحفوف بالأسياد الذين نصّبوه على عرش الجور وإستعباد العباد، بتوظيف الدين وشعارات عقائدية ذات مردودات ربحية، للقابضين على مصير البلاد المنكوبة بكراسي التابعين!!

فلماذا لا تتكسر الأقلام ويستريح أصحابها من إنثيالات الوجيع؟!!

***

د. صادق السامرائي

 

امريكا تخطط لتوجيه ضربات في العراق وسوريا، البعض يتصورها واسعة وبأهداف بعيدة المدى. الرد على هذه الطروحات والتصورات بالتالي: اولا، الضربات ستكون محدودة بالعدد والزمن. ثانيا ان هناك من يرقص طربا لهذه العدوان. وهذا امر لا يمكن ان نتفهمه ابدا؛ لأنه يستهدف العراق والعراقيين، بل هو مؤلم. ثالثا؛ القصف الامريكي المرتقب هذا؛ لحفظ ما الوجه وليس لأحداث تحول استراتيجي، رابعا؛ امريكا دولة احتلال غزت العراق بلا اي غطاء دولي؛ اي ان غزوها للعراق خرق فاضح للقانون الدولي. خامسا؛ امريكا في وضع او اوضاع داخلية هشة؛ فهي وفي هذه الاوضاع الداخلية؛ ليس في مقدورها حتى وان ارادت فرض خططها ومشاريعها على الاخرين، دول وشعوب. سادسا؛ امريكا دعمت بل شاركت الكيان الصهيوني بالمذابح والمحارق التي ارتكبها هذه الكيان، والحرائق التي اشعلها في غزة. عليه فان ضرباتها المفترضة على مراكز المقاومة هي لجعل الكيان الصهيوني ينفرد بمجازره على الشعب الفلسطيني في غزة. سابعا؛ في رأيي المتواضع ان الضربات ان قامت بها امريكا؛ سوف تكون في العراق، وليس في سوريا، على الرغم من تصريحات المسؤولون الامريكيون؛ من ان هذه الضربات سوف يكون ميدانها العراق وسوريا. ثامنا؛ ان كل الذي تقوم به الولايات المتحدة، هو في الاول والأخير؛ خدمة للكيان الصهيوني، اي حماية لهذا الكيان المسخ، ليس على الصعيد التكتيكي فقط على اهمية هذا حاليا، بل على الصعد الاستراتيجية. تاسعا؛ امريكا صرحت بوضوح لا غبار عليه لجهة وضوح الهدف والنية؛ التي تتركز في تدمير القوى العراقية التي ترفع شعار طرد او اخراج القوات الامريكية من العراق، هذا الشعار، شعار المقاومة، يحظى بتأييد واسع من جل العراقيين، بل كل العراقيين باستثناء كردستان العراق، حكومة الاقليم وليس الاهل في كردستان.. وايضا بصرف النظر عن من يطبل لهذا العدوان الامريكي على وطنه وابناء وطنه؛ الذين يجاهدون على طريق اخراج اخر جندي امريكي من ارض العراق. عاشرا؛ امريكا تلعب على التناقضات في السياسة العراقية، وعلى الفساد المستفحل في الوطن، متناسيه ان من اوجد هذه التناقضات وهذا الفساد هي السياسة الامريكية بعد الاحتلال كقوة احتلال؛ للأسباب التالية: اولا، هي من اوجدت وشجعت على أدارة الحكم بطريقة المحاصصة، التي كانت ولا زالت السبب الاساس في الفساد وحماية الفساد، وحالت دون اقامة حكومة اغلبية سياسية ومعارضة برلمانية؛ بتدخلها السافر من خلال؛ من تعاون ولم يزل يتعاون معها؛ على طريقة تثبيت المحاصصة كعرف وقانون، من داخل العملية السياسية وليس من خارجها، بحجة ان اقامة حكومة اغلبية سياسية سوف يقود الى اقامة نظام حكم دكتاتوري، وهي حجة واهية لا تدعمها الحقائق على الارض، وتعريض مكونات اخرى من مكونات الشعب العراقي الى الاضطهاد. ثانيا، امريكا هي من حالت دون تسليح الجيش العراقي الى وقت قريب؛ مما قاد الى ضعف سيطرة الدولة على الحدود، وعلى مجمل الاوضاع حتى وقت قريب، قبل سنة من الآن. ثالثا؛ ان المحاصصة هي نتاج مخرجات الدستور، الذي فرضته او دفعت بخطوطه العريضة على طاولة من جلس حولها؛ لكتابته. عليه؛ فأن دولة الاحتلال الامريكي هي وليست غيرها من تتحمل وزر كل شيء غير سوي في العراق.. أما الضربات الامريكية المفترضة ما هي الا زوبعة في فنجان.

***

مزهر جبر الساعدي

 

عندما نرسم أربعة أضلاع متقابلة فإننا هنا قد انشأنا مربعا أو مستطيلا لم يكن موجودا رغم أنه لم يكن معدوما في ذاته وانما لم يكن منظورا على هيأة التربيع، ولكن بمجرد أن تَشَّكل بفعل فاعل على هذه الهيأة صار شكلا مُدركا مُعَّرفا للعين يحمل اسما محددا يشير إلى اضلاعه الأربعة  ولو رجعنا خطوة زمنية عن ذلك لكان عندنا فقط أداة الفعل وإرادة الفعل لإنشاء مانريد من الأشكال التي من الممكن إدراكها ووصفها وفق القدرة الموضوعية للعقل البشري، على أن خطوة ماقبل رسم المربع كذلك لابد أن تسبقها خطوة أخرى تجعل أدوات الفعل في دائرة البحث عن ما قبلها، لأننا أن افترضنا أن هذه الأدوات هي كتفٌ ودوات أو اصبعٌ يخط على الرمل فإنها كذلك تدخل في دائرة الاشكال الهندسية التي لها ماقبلها وهكذا دواليك سيبقى السؤال عن ماقبل، ومادامت هناك إمكانية لوصف ماقبل الانشاء على أنه انشاءٌ يسبق مابعده فأن سلسلة العودة إلى ماقبل ستبقى قائمة إلى أن يصل العقل البشري إلى نقطة العجز في وصف ماقبل،وهي مرحلة فقدان العلاقة بين مايملك من الأدوات وبين مايريد معرفته وهو مااسميه انا بالجهل الموضوعي؛ وهي نقطة عدم القدرة على وصف المطلوب  لأنك هنا لاتملك في خزانة المعرفة أو في قاعدة

 بياناتك ما يجعلك قادرا على توصيف خطوة سابقة أخرى على أن هذا الفارق بين المعرفة والجهل هو نقطة التوقف في نظرية التسلسل بحسب المدى المحتمل لقدرة الناظر وهي قدرة فيها مستوى من النسبية تتعلق بالعوامل الموضوعية، فلو أخذنا حجرا وسألنا عنه رجلا يعيش في الصحراء فأن مقدار مايمكن لهذا الرجل معرفته عن الحجر قد لايتعدى شكل الحجر أو لونه أو موارد استخدام هذا الحجر ولو سألته عن ماقبل ذلك فإنه لن يتمكن من استجلاب صورة محتملة أخرى، لأنه لا يمتلك في خزانة المعرفة مايسعفه على ذلك، بينما إذا سألت رجل من المدينة فأنه سيتمكن من وصف محتمل اخر لما قبل تشكل الحجر ولو بمستوى خطوة واحدة إلى الوراء، أما أن سالت رجلا يعمل في المجال الجيولوجي فأنك ستحصل على سلسلة من الخطوات إلى الخلف في توصيف مراحل نشوء هذا الحجر قد تصل إلى الجزيئة أو الذرة ولكن إلى أي مدى سيتمكن هذا الجيولوجي من الاستمرار في وصف خطوات أخرى إلى مابعد كل خطوة يتمكن من تصورها ووصفها طبعا لابد له من أن يتوقف في نقطة جهل موضوعي بعد أن لايتبقى لديه مايكفي من الصور المناسبةاذن نحن أماسلسلةتبدواكأنها لانهائية ولكنها في الحقيقة لها نهاية تتعلق بنقطة الجهل الموضوعي وهو يختلف من شخص لآخر بحسب العوامل.

الذاتية والموضوعية المؤثرة على الناظر

على أن تلك الفوارق في المعرفة لن تجعل الأمر مختلفا في جوهره وانما فقط في نقطة التوقف بحسب حدود المعرفة وإلا فإن أكثر الناس علما سيتوقف في نقطة العجز المتناسبة مع قدراته المعرفية وعلى ذلك فإن اخر المحتملات التي يمكن إدراكها ستكون نهاية سلسلة المعرفة التي سيكون السؤال عما قبلها بمرتبة الاعتراض على حكمة الله في جعل العقل البشري محدود بادوات الإمكان.

***

فاضل الجاروش

 

من أخطر الأشياء التي تواجهها المجتمعات العربية وخاصَّتًا الريفية في المجتمع المصري ،  وظهور أشخاص يُنصَبُونَ أنفسهم بالنخبة في النجوع والعزب والبادية والقرية وحتي علي المستوي الدولة، نصبوا أنفسهم أنهم نُخب  الفكر والثقافة

ويُدِيرُونَ المجتمع المدني من انتخابات وجمعيات أهلية ومجالس عرفية رغم ضئالة فكرهم، وتظهر هذة الفئه نتيجة انتشار الأُمية الثقافية وضحالة فكر الطبقة المتعلمة في المجتمع، في علم النفس التشريحى للشخصية هؤلاء لديهم نقص في التركيبة الشخصية ويحاولون طمس أمراضهم السيكوباتية بظهور علي أنهم صفواتٌ المجتمع...! وهنا نطرح سُؤالًا .. لماذا لم يفلح المثقفون في ترجمة شعاراتهم في العالم العربي...؟

لماذا يتحولون إلى مجرد باعة للأوهام علي مسرح مغلق في بلدان الطرشان...؟!

لماذا لم يتمكنوا من تجديد عالم الفكر وتغيير الواقع...؟

إن النقد هو تحليل للعوائق التي تحول دون أن يكون المفكر مُبدعًا في حُقُولِ الفكرِ مُنتجًا في ميادِينِ المعرِفةِ. إن هذه العوائق هي عبارة عن أسئلة عقيمة أو  ثُنائِيات مُزيفةٌ أو مقُولاتٌ كثِيفةٌ أو بداهات محتجبة وكلها أوهَامًا خادعة تحجب الكائن وتطمس المشكلات بقدر ما تنفي الحقيقة وتقصي الذوات

والأوهام كثيرة، منها وهم النُّخبَة. أعني بهذا الوهم سعي المثقف إلى تنصيب نفسه وصيًّا على الحُريةِ والثَّورة  في دول الربيع العربي، أو رسُولًا لِلحقيقةِ والهِدَايةِ، أو قائِدًا لِلمُجتمعِ والأُمةِ في مُنعطفٍ تاريخِي، وَلَا يَحتاجُ المرءُ إِلَى بيانَاتٍ لِكي يقُول بِأَنَّ هذهِ المُهمة الرسُولِية الطليعِية قدْ تُرجِمت على الأرضِ فَشَلًا ذرِيعًا وإِحبَاطًا مُمِيتًا في فتراتٍ تاريخيةٍ لِتحدِيدِ مَصِيرِ شُعُوبِهِم علي الأرض ،،، وخير مثال علي ذلك ماحدث عام 1968 /أثناء إضراب العمال والطلبة كادت (باريس) تحترق ،هنا دور النُّخبَة والمفكريين  في فرنسا ودور الفيلسوف والمفكر {سارتر} عندما طلب الرئيس "ديجول" بالرحيل رغم أن" ديجول" محرر فرنسا من النازية والشخصية الوطنية التي وقفت في الميدان لتعلن تحرير فرنسا من الاحتلال الألماني واطلق علية النار من فوق اسطح البنايات ورفض الإنبطاح علي الأرض أو الإنحناء   حفرت في وجدان الشعب الفرنسي صورة للمناضل  / لقد عزلة الفيلسوف سارتر عندما دعاه للمناظرة اثناء المظاهرات ...!!

فالمثقفون حيث سعوا إلى تغيير الواقع من خلال مقولاتهم، فوجئوا دُومًا بما لا يتوقع:- لقد طالبوا بالوحدة، فإذا بالواقع يُنتجُ مزيد من الفرقة، وناضلوا من أجل الحرية، فإذا بالحريات تتراجع. وآمنوا بالعلمنة فإذا بالحركات الأصولية تكتسح ساحة الفكر والعمل.

وهكذا يجد المثقف نفسه اليوم أشبه بالمحاصر، وليس السبب في ذلك محاصرة الأنظمة له، ولا حملات الحركات الأصولية عليه، كما يتوهم بعض المثقفين، بالعكس، ما يفسر وضعية الحصار هو نرجسية المثقف وتعامله مع نفسه على نحو نخبوي اصطفائي، أي اعتقاده بأنه يمثل عقل الأمة أو ضمير المجتمع أو حارس الوعي. إنه صار في المُؤخرة بقدر ما اعتقد أنه يقُودُ الأمة، وتهمش دوره بقدر ما توهم أنه هو الذي يحرر المجتمع من الجهل والتخلف.

وهذا هو ثمن النخبوية: عزلة المثقف عن الناس الذين يدعي قودهم على دروب الحرية أو معارك التقدم، ولا عجب فمن يغرق في أوهامة ينفي نفسه عن العالم ومن يقع أسير أفكاره، تحاصره الوقائع،

هذا دأب الذين قدسوا فكرة الحرية لقد وقعوا ضحيتها بقدر ما جهلوا أمرها ولذا فهم طالبوا ورفعوا شعار [حرية عدالة اجتماعية] لكي يمارسوا الاستبداد وهذا شأن الذين قدسوا العقل ونزهوه عن الخطأ لقد فاجأهم اللامعقول من حيث لا يحتسبون، إذ العقل ليس سوى علاقته بلامعقوله، وحسن إدارته، أن مشكلة المثقف هي في أفكاره لا في مكان آخر، وأن مأزق النُّخبَة يكمن في نُخبوِيتُهِم بالذات وإذا كان البعض يعطي امتيازًا لأهل الفكر على سواهم، باعتبار أن الإنسان هو كائن ميزته أنه يفكر، فإن عمل الفكر سيف ذو حدين، قد يكون أداة كشف وتنوير، وقد يكون أداة حجب وتضليل، ولا عجب فالمرء بقدر ما يوغل في التجريد أو يغرق في التفكير، ينسلخ عن الواقع المراد تغييره أو يتناسى الموجود في مورد العلم به، ولهذا فإن صاحب الفكر الحيوي والمتجدد يبقى على قلقه ويقيم في توتره المستمر بين الفكر والحدث، أو بين النظرية والممارسة، إنه من يحسن صوغ المشكلات لأن مشكلته هي دومًا أفكاره إن أوهام النُخبة في المجتمعات المغلقة ساعد علي حجب المثقف عن المشاركة لانة في النهاية سوف يصاب (بالجنون او يتهم بالجنون) عندما يحاول كشف الاقنعة المزيفة ويعري سوء عورات هؤلاء النُخب...!!

***

محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية

 

قال يوما شاعر صهيوني يدعى يهودا عميحاي:

"إن فلسطين وطني الذي يمكنني فيه أن أحلم دون أن أسقط، وأن ارتكب أعمالا سيئة دون أن أضيع، وأن أهمل امرأتي دون أن أصبح معزولا، وأن أبكي دون خجل  وأن أخون وأكذب دون أن أتعرض للهلاك".                                                     

لم يكن صوت هذا الصهيوني سوى صدى دائم التردد لحقيقة واقع عام وبائس كما هو عليه الحال السائد  في الأرض الفلسطينية المحتلة حيث ترتكب أبشع الجرائم يوميا في حق أصحاب الأرض دون رادع أخلاقي أو وازع من ضمير، وإذ تتفشى الخيانة في مفردات حياة المحتل الصهيوني دون حرج والكذب دون خجل  وكل مظاهر الخسة على كل المستويات دون خوف فذلك لأنه سلوك أصيل نابع من عمق الشخصية الصهيونية .

ما تزال “بروتوكولات حكماء صهيون " تفعل فعلها الإجرامي المشين المدان عالميا والممقوت إنسانيا، والغريب أن تدعمها في ذلك قوى كبرى ظنها العالم يوما بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ستعمل  على تعزيز الأمن والسلام العالمي  وتقيم أسس العدل الدولي فإذا بها تعيث في الأرض فسادا أضعافا من ذي قبل، وتوفر للكيان الصهيوني الغاصب المحتل كل سبل التمكين السياسية  ووسائل المنعة بالمال والسلاح.

تعج السجون الصهيونية بآلاف الأسرى من أبناء الشعب الفلسطيني، جميعهم جرى اعتقالهم بشكل عشوائي في الطريق العام ومنهم تلاميذ مدارس أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء الشعب الفلسطيني أولا، وأرادوا أن يخالفوا بروتوكولات حكماء صهيون بتلقي العلم والسعي نحو اكتساب المزيد من الثقافة والمعرفة، الصهيونية ترفض أن يكون للشعب الفلسطيني مستقبلا جيل يؤمن بقوة سلاح المعرفة، بل تريدهم جهلة، ضعفاء، يستبد بهم الفقر والمرض، يقضون ما بقي من يومياتهم التعيسة في معاناة التخلف وقسوةالحرمان من أدنى ظروف المعيشة الآدمية، لا مدارس، أو منازل ومستشفيات، وحتى المساجد !! الحديث  عن يوميات المعتقلين دون سبب في سجون الصهاينة يندى له الجبين،إنه الموت البطيءلمعتقلين يفترشون الأرض الباردةومخدة الأسير حذاؤه، والتعذيب  الوحشي في الغرف المظلمة والتنكيل الجسدي والنفسي وفنون التحطيم المعنوي والعصبي وانتهاك كرامة الرجال وحرمة وأعراض النساء واغتصاب الأطفال الصغار بنين وبنات فقدوا براءتهم  في سجون الصهاينة كلها تجري في الدهاليز الموحشة والأقبية العفنة بأنفاس الصهاينة بعيدا عن أعين الضمير العالمي ومراقبة منظمات " حقوق الإنسان " التي لم يعد منها سوى اسمها أصبح مألوفا أن نرى طوابير الأهالي أمام بوابات المعتقلات الصهيونية، ليس للتنديد بالممارسات النازية للصهيونية  أو انتظارا وأملا وترقبا لإطلاق سراح أبنائهم، بل لاستلام جثثهم، بعد مرور سنين طويلة حرموا خلالها من أشعة الشمس، وترى من كتب له المولى عز وجل الخروج حيا إلى أهله منكسر العين محطم نفسيا لا يكاد ينطق جملة كاملة مفهومة .

لقد فضحت انتفاضة الأقصى ممارسات كيان مصطنع أمام داعميه، وكشفت زيف مزاعمه، وأكدت تطورات الأحداث الجارية التي تفاعلت معها إيجابيا معظم دول العالم أن ما يجري في الأرض المحتلة عملية إبادة جماعية ومؤامرة تهجير قسري وجبري لشعب بأكمله، وهو ما يلقي بكامل الحرج على من كان أو مازال يعتبر الكيان الصهيوني دوحة الديمقراطية في الشرق الأوسط المستميتة في العيش والبقاء وسط أنظمة عربية ديكتاتورية !! بعدما اتضح جليا لكل دول العالم في المحافل العالمية والمنظمات الدولية أن هذا الكيان المشوه و المصطنع والمشكّل من مهاجرين ليس سوى رأس حربة للإمبريالية ينشر ثقافة الموت بعد إثارة الفتن والنزاعات والحروب لقلب أنظمة حكم وإضعاف الدول العربية، وأن وجود هذا الكيان  الشاذ في المنطقة العربية غير شرعي لأنه كيان مغتصب.

المفاهيم الصهيونية عدوانية، لا تعترف بأي مبادئ إنسانية ولا تنصاع لأحكام القوانين والأعراف الدولية ولا تلتزم بضوابط أخلاقية، إن اندفاعها في الحرب الشعواء المعلنة على العرب أعماها عن الحق ودفعها نحو جنون العنف والإرهاب، ومحاولة الإيهام بمفاهيم مضللة والترويج لها على مستوى الرأي العام العالمي كمسلمات واهية، لقد ورد في البروتوكول الأول من بروتوكولات حكماء صهيون أن " السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع، والغاية تبرر الوسيلة بكل وحشية الإجرام " لقد تناسوا أن الأرض والوطن لمن يحترمهما لا لمن يملكهما كما قال الشاعر محمد الماغوط، والأوطان العربية ستظل للعرب، وستبقى فلسطين للفلسطينيين  لأنها أرضهم وفيها ومن طينها نشأوا، فليبحث بعيدا الصهاينة عن طينة لهم يمكن أن يكونوا نشأوا فيها .

***

صبحة بغورة

 

الحزن والغضب رايتان مرفوعتان أبدا!

يقول شاعر عن امتحان الله للبشر:

في قريتنا

نسمع الآذان

مع نباح الكلاب..

و ليُفَرّق الله بين

ما له و ما لنا

يرمي لنا عَظْمة المدينة!

عندما كانت الحمير مثلا لا تحصل على حشيش أو لا تتوقع الحشيش من أمر من الأمور، تتساءل ساخرة: ما الفائدة!

فتعلَّم البشر منها ذلك، رغم أن الله تعالى كرمهم وفضلهم على كثير من المخلوقات. فكانت الواقعية البائسة!

حمار من الحمير السائبة قال يوما: حب من طرف واحد!

نعم ليكن حبا من طرف واحد! رغم أن السبب هو هذه الحمير التي كانت تتطفل وتزعج وتسبب المشاكل وتعتبر نفسها أصحاب القضية وحماة الشرف،  لكن في كل الأحوال، حب من طرف واحد أفضل من نهيق من طرف واحد، كما هو معروف! ومحب من طرف واحد أفضل من حمار من طرف واحد ، مثل حال هذا الأستاذ أو الشخص العشائري الرسمي الأحمق!

الضفادع تفضل المستنقعات على الحدائق، مثلما أن الإنسان ينزع إلى التجميل والتقبيح والتبرير وتحصيل الحجج المناسبة، حسب الحال والرغبة والفائدة المرجوة، حقيقية كانت أو وهمية!

في أحد الأيام كنت جالسا مع صديق تركي يدعى (السيد نائل) في حديقة من حدائق العاصمة أنقرة، فهاجمنا كلب من الكلاب غير السائبة يعود لشخص جاء خلفه. فأردنا أنا والسيد نائل أن نعطيه، ولا أقول نلقنه، درسا في مضار اقتناء الكلاب. فاستلمَنا هو وأعطانا محاضرة طويلة وقيمة في أضرار البشر ومنافع الكلاب!

ولأن أكثر كلامه كان حقيقة وواقعا وموافقا لقناعاتنا الراسخة في نفوسنا، رغم وقاحته، اعتبرناه محقا ومعذورا وحكيما! 

يقول أحد الأصدقاء أو أحد الأعداء، لا فرق: كانت تقول مثلا عندما أفاجئها:

  (Gene bahar geldi)

أي، هل جاء الربيع ثانيةً، بترجمة حرفية ممكنة! حيث كانت اللغات والقواميس عاجزة عن ترجمة عبارتها هذه وغيرها كذلك، ولا تفهم قصدها، وأنا أيضا كنت أجعل نفسي لا أفهم ماذا تقصد! رغم أني كنت أفهم جيدا ماذا تقول وماذا تعني وماذا تريد!

وكان لايهمني الربيع والشتاء والخريف والفصول ولا الحرب القائمة ولا الرسميات ولا الآخرون!

لكن الآن أعترف أني لم أفهمها جيدا، خاصة بعد أن قالت مرة: ماذا تفعل لو طلب أهلي منك ثمانية ملايين، مهراً!

ذلك ما قاله أحد الأصدقاء أو أحد الأعداء، لا فرق!

كما أن جراح الخارج من الجنة لا تشفيه كل الحفلات والمهرجانات، كذلك من ألِفَ الوجوه الجميلة والعزيزة، لا يرتاح مع الوجوه الأخرى! فكيف إذا كانت هذه الوجوه سيئة ضارة وقحة، وتريد من إنسان ما أن يحترمها بإجبار اجتماعي سخيف مضحك! بينما هذا الإنسان ليس فقط لا يحترمها بل يحتقر من يحترمها كذلك!

الحسابات الخاطئة والحسابات الكثيرة تضر الإنسان. والتمسك الشديد بالأشياء الغالية يكسرها! ثم لا ينفع بعد ذلك الترك أو الإبتعاد أو الإستغناء أو الإستبدال. وحتى الموت أيضا لأن كل الأطراف ومنهم صاحب الشأن أو المشكلة ينتظرون الحساب ويوم الحساب في حضرة الله تعالى أحكم الحاكمين، وكل طرف يتوقع أن الله سوف يحكم لصالحه! بما أن الدنيا أو الايام تمر مرورا غبيا مثل سرب الدجاج تسير خافضة رأسها أسفل إلى الأرض بحثا عن شيء يؤكل أو هكذا تعودا وألفة! ولا تصلح للحساب والمحاسبة، خاصة مع الحظوظ الضعيفة وضيق الخيارات وحيرة الإنفعالات إزاء المطلوب الغالي العزيز، أو الذي كان غاليا وعزيزا يوما ما!

وتنشأ الغيرة من اقتراب الذباب من أزهار الحديقة التي نملكها أو أملكها بما أن الآخرين هم الذباب "أو هم الجحيم كما يقول سارتر"! أو التي أظن أني أملكها بما أن "الملك لله" أولا وآخرا! وبما أن الحلول النافعة صعبة ونادرة عادة. ونحن نتعب ونهتم حتى نيأس من أمر ما، فإذا رحمنا الله ولطف بنا وسهل أمرنا، نقول ما كان أسهل ذلك، وما كان الأمر يستدعي كل هذا الإهتمام! وننسى أو نكاد أن الله تعالى اللطيف هو الذي سهل ذلك الأمر بلطفه ورحمته! رغم أن الشياطين القابعة في ظلمات دهاليز النفوس كانت توسوس لنا: لماذا أخر الموضوع هكذا! أو لماذا نحن وليس غيرنا! أو لماذا بهذا الشكل وهذه الصورة! أو نريد امتحانا يسيرا وليس صعبا إلى هذه الدرجة! أو غيرها من الوساوس الذكية الغبية!

بعض الناس يستفيدون من الأشياء الصائبة ومن الأشياء الخاطئة ومن المصائب والكوارث! وبعضهم يتضرر من الاشياء الصحيحة ومن الأشياء الخاطئة ومن الحفلات والمناسبات والأعياد! نسمي ذلك حظا أو قسمة أو قدرا! وهو كذلك إذا تجاهلنا الذكاء أو الغباء الذي يحضر أو اللذين يحضران أثناء التعامل مع الواقع وموجوداته!

***

جميل شيخو - العراق

 

مؤخرا توترت العلاقة بين ايران وامريكا والتي هي اصلا متوترة، بعد مقتل ثلاثة جنود امريكيين، وجرح اربعين، في هجوم بمسيرة على القاعدة الامريكية في التنف الواقعة في المثلث السوري العراقي الاردني. بايدن هدد ايران او انه وعد ايران بعد ان اتهمها بالوقوف وراء الهجوم على القاعدة المشار لها في هذه السطور. من المؤكد ان امريكا سوف ترد على هذا الهجوم، فليس امام بايدن الا الرد والا سوف يفقد الكثير من شعبيته وهو على ابواب الانتخابات، كما ان امريكا؛ من غير الممكن ان لا ترد على هذا الهجوم حفظا لماء وجهها اولا ولهيبتها في العالم ثانيا. مسؤولو امريكا؛ أكدوا على اهمية الرد الامريكي، بالإضافة الى وزير الدفاع الامريكي الذي؛ قال مؤخرا بان امريكا سوف ترد بضربات وعلى فترات، وبالتعاقب. حسين سلامي قال؛ ان ايران سوف ترد ردا حاسما اذا ما تعرضت الى هجوم او تعرضت مصالحها في اي مكان الى هجوم، واضاف حسين سلامي من ان امريكا كانت قد خبرت ايران ونحن وهم نعرف بعضنا البعض. على هذا الاساس يبدوا ان الاوضاع بين امريكا وايران هي في توتر شديد في هذه الايام. في رايي المتواضع ان امريكا بايدن او امريكا ترامب، اي امريكا بإدارة ديمقراطية او بإدارة جمهورية؛ سوف لن تضرب ايران حتى لو بطلقة مسدس وما اعنيه هنا هو ضرب العمق الايران اي داخل الجغرافية الايرانية، هذا امر مستبعد كليا من وجهة نظري المتواضعة؛ ليس لعدم قدرة امريكا على ذلك او لقوة ايران في الرد المقابل، بل لأسباب اخرى، تختلف كليا عن هذه الاسباب، التي لامجال للخوض فيها، في هذه السطور المتواضعة. ان امريكا كما قلت في اعلى هذه السطور؛ لن ترد على ايران في الداخل الايراني، لكنها سوف ومن المؤكد؛ ترد. ان الرد الامريكي وبرأيي المتواضعة لن يكون في سوريا؛ لأن الكيان الاسرائيلي هو من يتكفل بها كما تكفل بها في السنوات السابقة. ان الرد الامريكي سوف يكون في العراق تحديدا، وسوف يكون الرد على مراحل وبفترات زمنية متقاربة؛ كون العراق هو المجال الاكثر ضعفا، بسبب التدخل الامريكي، والمأجورين من اعوان امريكا في الداخل العراقي، من اصحاب القرار والتأثير سواء في الحكومة او في مكان اخر يقع في خانة القرار السياسي، وايضا الفساد.. كما انه الاكثر لجهة؛ المسوغات والاسباب.. العراقيون يريدون ويسعون بكل الوسائل والطرق المتاحة الى تحرير بلدهم، اي بلدنا من الوجود الامريكي، تحت اي مسمى وشكل ومظهر، تختفي فيه؛ الهيمنة الامريكية المنظورة وغير المنظورة، وبالتوازي السعي لبناء علاقة متوازنة حقيقية بين العراق وامريكا، وليس مظهرية، تختل بين طياتها الاصابع الامريكية والعيون الامريكية، غير الشرعية في الشأن العراقي الداخلي. امريكا لا تريد ان تكون العلاقة بين الدولتين علاقة متكافئة، بل تريد لها ان تكون علاقة من نوع اخر، ليس له صلة بالعلاقات المتكافئة بين كل الدول والشعوب في المعمورة. ربما كبيرة جدا؛ ان امريكا سوف وفي الايام القليلة المقبلة؛ تنفذ ما وعدت به، ردا على ما تعرض لها برج المراقبة 22 في قاعدة التنف الامريكية، إنما وفي الوقت ذاته سوف تكون محدودة ومسيطر عليها؛ لأن مصلحة امريكا حاليا تستوجب منها التصرف بروية وحكمة؛ لأن كل اوضاع المنطقة العربية وفي جوار المنطقة العربية، دول الجوار الاسلامي؛ ليست في صالح امريكا، وايضا الاصطفافات الدولية.. امريكا وفي حركة وتصرف استباقي، يحمل بين ثناياه رسائل تهديد مبطنة للحكومة العراقية وللعراق دولة وشعب؛ قامت الخزانة الامريكية؛ بمعاقبة النظام المصرفي العراقي (مصرف الهدى) بحجة ان هذه المصارف ومنها المصرف موضوع العقوبة الامريكية؛ من انه يوفر المال وما اليه للمقاومة العراقية، التي تبذل جهدا من اجل اخراج القوات الامريكية من ارض العراق. ان هذه الساسة الامريكية تجد لها البعض من الصدى؛ ترويجا ومهادنة عبر وسائل الاعلام والفضائيات، والذي يعونها في التأثير؛ ظروف الفساد المستشري في البلد، والذي تجاهد حقا حكومة السوداني بمحاربته ومحاولة استأصله من جذوره؛ انها كلمة حق يراد بها الباطل لناحية غسيل الاموال حصرا، وليس الدعم المالي للمقاومة، فهذا الامر له شكل اخر من القراءة العراقية، مختلف عن القراءة الامريكية. هنا من المهم جدا؛ التأكيد على ان هذه السطور المتواضعة ليسن بصدد الدفاع عن الفساد والمفسدين، وليست ايضا الدفاع عن التدخل الاقليمي من اي جهة كانت؛ لكنها دفاعا عن كل عراقي؛ حزبا او كتلة او قوة سياسية او غيرهم وتحت اي عنوان كان من التي؛ تبذل كل ما عز على النفس؛ لإخراج القوات الامريكية من ارض العراق.

***

مزهر جبر الساعدي

 

عندما اقرر ان ازور بلد ما استحضر نصيحة الكاتب البرازيلي  باولو كويللو  عندما قال ذات مرة أن المقاهى مرايا المجتمع والتاريخ. قبل زيارتي الاولى لمقهى ريش ارتبط اسمه عندي بقصيدة عظيم مصر احمد فؤاد نجم والتي غناها عظيم آخر اسمه الشيخ أمام عندما صدح صوته يصف حال المثقفين:،

يعيش المثقّف على مقهى ريش

يعيش يعيش يعيش.

كثير الكلام..

عديم الممارسة عدوّ الزحام.

وعندما دخلت المقهى اول مرة تخيلت المكان الذي كان يجلس فيه نجيب محفوظ يتسامر مع أصحابه، وحكاية امل دنقل مع قصيدته زرقاء اليمامة ومقتل كليب. وحواديت اسامة أنور عكاشة من ليالي الحلمية إلى المصراوية.. كنت أنظر إلى الصور التي امتلأت بها الجدران. هذا عبد الوهاب البياتي يكتب الحروف الاولى من قصيدته "أغنية من العراق إلى جمال عبد الناصر"،

باسمك في قريتنا النائية الخضراء

في العراق

في وطن المشانق السوداء

والليل والسجون

والموت والضياع

سمعت أبناء أخي باسمك يلهجون.

وهنا جلس عبد الرحمن الشرقاوي يكتب على لسان الحسين: فلتذكرونى عندما تغدو الحقيقة وحدها حيرى حزينة

فإذا بأسوار المدينة لا تصون حمى المدينة

 فلتذكرونى عندما تجد الفضائل نفسها أضحت غريبة

وإذا الرذائل أصبحت هى وحدها الفضلى الحبيبة.

.وفي زاحد اركان المقهى كان السنباطي يدندن على العود، فيما إسماعيل ياسين يلقي آخر قفشاته. أتطلع إلى صور ساحر الكلمة كامل الزهيري واتذكر كتابه " الغاضبون " يروي لي صلاح عبد الصبور ماسآة الحلاج، فيما نجيب سرور يواصل شخصه على الظلم ليكتب "بروتوكولات حكماء ريش":

"نحن الحكماء المجتمعين بمقهى ريش

من شعراء وقصاصين ورسَّامين

ومن النقاد سحالى «الجبانات»

حَملة مُفتاح الجنة

نحن الحكماء المجتمعين بمقهى ريش..

قررنا ما هو آت:

البرتوكول الأول:

لا تقرأ شيئًا

كُن حمَّال حَطب

واحمل طنّ كتب

ضعه بجانب قنينة بيرة

أو فوق المقعد

واشرب وانتظر الفرسان،

سوف يجيءالواحد منهم تلو الآخر

يحمل طن كتب"..

 وفي مكان منعزل من المقهى يجلس علي امين مع توأمه مصطفى امين وهما يخططان لاصدار العدد الاول من اخبار اليوم. فيما نجيب الريحاني يسخر من سليمان نجيب بك: "زي ما انت ضليع  بشؤون الجرجير والبقدونس "، وترى من بعيد كامل الشناوي قادما يجر ث"أحمال جسمه و مأساة عاطفية بطلتها نجاة الصغيرة انتهت بأغنية " لا تكذبي ".

بدأت حكاية مقهى ريش مع الفن والثقافة عندما اشترى اليوناني بوليتس المقهى من صاحبه الفرنسي ريسينييه عام ١٩١٦. كان بوليتس محبا للآداب والفنون، بل وصاحب خبرة في إدارة النشاط، فقرر إدخال تعديلات على المقهى ليدخل الموسيقى، فصار يمتدّ من مكانه الحالي حتى ميدان طلعت حرب بحديقةٍ واسعة ضممت مسرح. في عدد  ٣٠ أيار عام  ١٩٢٣ من جريدة  " المقطعة " نقرأ الإعلان الآتي: " تياترو  كافيه ريش ـ، تطرب الجمهور يوم الخميس مساء ٣١ مايو بلبلة مصر صاحبة الصوت الرخيم الآنسة أم كلثوم. هلمّوا واحجزوا محلّاتكم الآن ـ كرسي مخصوص ١٥ قرشًا ودخول عمومي ١٠ قروش".

استمد مقهى ريش اسمه  من اسم المقهى الباريسي الشهير في ذلك العصر " غراند کافیه ریش " ليتشابه بهذا الاسم مع أشهر مقاهي باريس والذي احتضن أشهر شخصيات الثقافة والفكر الفرنسيين على غرار ألكسندر دوما وإميل زولا. وقد نجح ريش المصري في الحفاظ على سمات المقاهي بطابعها الأوروبي الغربي الفرنسي. وساعده على الرواج الذي حظي به وقوعُه في قلب المنطقة الحيوية في وسط القاهرة، التي تضمّ مباني فخمة ومهمة أنشئت في بداية القرن العشرين بخبرات معمارية أوروبية.

يروي الروائي جمال الغيطاني في كتابه " المجالس المحفوظة "  ان ندوة نجيب محفوظ  كانت تقام كل خميس في مقهى ريش حيث يجتمع حوله الادباء، وصار  المقهى المقرّ الأول لمحفوظ»، حتى أنّ المثقفين والكتّاب الأجانب كانوا يرسلون الخطابات إلى محفوظ على مقهى " ريش " وليس على عنوان بيته.وفي مقهى " ريش " وُلدت العديد من المشروعات الأدبية مثل مجلة " الكاتب المصري " التي صدرت عام ١٩٤٥ ورأس تحريرها طه حسين.وخرجت إبداعاتٌ كثيرة كَتبت عن " ريش " منها رواية " الكرنك " لنجيب محفوظ، ويردّد البعض أنه أخذ اسم الرواية من إعلانٍ مكتوبة عليه كلمة " الكرنك" كان معلقًا فوق " ريش " ويروي جمال الغيطاني في كتابه " المجالس المحفوظية " أنّ فكرة الرواية راودت نجيب في المقهى، حين رأى حمزة البسيوني قائدَ السجن الحربي يدخل المقهى بعد نكسة حزيران. ويؤكد السيناريست أسامة أنور عكاشة أنّ شخصية سليم البدري التي جسدها الفنان يحيى الفخراني في مسلسل ليالي الحلمية  اقتبسها من شخصية  محمد عفيفي باشا، ويضيف عكاشة أنّ جاذبية المقهى تكمن في أنه يضمّ تشكيلةً من البشر يصعب تجميعها أو معرفتها في مكان آخر:

ومنين بيجي الشجن

من اختلاف الزمن

ومنين بيجي الهوى

من ائتلاف الهوى

ومنين بيجي السواد

من الطمع والعناد

ومنين بيجي الرضا

من الايمان بالقضا

***

علي حسين

الصورة بعدسة الصديق خضير فليح الزيدي

 

أخذت العلاقة بين بغداد وواشنطن منحى آخر غير الذي رسمته الوثيقة الاستراتيجية التي وقعها الطرفين بعد انسحاب القوات الامريكية من العراق فبعد عام من الاستقرار بدأت العلاقات الاميركية العراقية تتخذ منعطفاً نحو الاسوأ في الشهريين الماضيين، خصوصاً بعد التصعيد الغير المسبوق الذي القى بظلاله على المشهد السياسي العراقي بتأثير "طوفان الاقصى" وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من أبادة وحشية على ايدي الماكينة الصهيونية.

الحكومة العراقية حرصت أشد الحرص على أن تكون من أشد المؤيدين للعمل بشكل وثيق مع جميع الجهات الفاعلة الدولية، وتحديداً الولايات المتحدة الامريكية والتي تمثل الشريك الرئيسي للعراق، حيث أستطاع العراق أن يكون لاعباً أقليمي بناء وعامل أستقرار، ونجح الى حد كبير في التوسط لإنهاء صراعات وخلافات معقدة في المنطقة، مثل الخلاف بين طهران والرياض والذي أستمر لعقود مضت، وتقريب وجاه النظر بين دمشق والرياض وإعادتها الى حاضنة الجامعة العربية بعد قطيعة استمرت لسنوات، ماجعل العراق يكتسب علاقات متميزة مع المجتمع الدولي عموماً.

العلاقات الامريكية العراقية أقتربت كثيراً من خارطة العلاقة في زمن ترامب2020 ، حيث رفضت بغداد التجاوز على سيادتها سواءً من الجانب الامريكي او أي طرف آخر، وان العراق لن يكون ساحة لتصفية الحسابات بين القوى المتصارعة، وعلى الرغم من التصريحات القوية من العراق إلا أن رئيس الوزراء أرسل رسائل تهدئة الى واشنطن أثناء حديثه الى الصحافة من خلال الاشارة الى أن إنهاء الوجود الامريكي سيعني بداية لعلاقة جديدة بينهما وانها ستتسع مع حجم المصالح المتبادلة بين الطرفين في مختلف المجالات وتفعيل "الاتفاقية الاستراتيجية" بين البلدين والانتقال الى العلاقات الثنائية بين الجانبين.

 في ظل الوضع الراهن والتأثير الكبير سوف تحتاج الحكومة العراقية إلى عمل مضني لإرضاء الجميع وخروجها منتصرة، ولا يزال امام الحكومة العراقية ان تعمل بمصداقية ووضع مصالح العراق في المقام الأول وحماية البلاد من المنافسات العابرة و يجب على العراق أن يتفاوض على إجراء العديد من الصفقات والتي من شانها درء الخطر المحدق وتفويت الفرصة على من يريد بالبلاد الخراب والتراجع من خلال علاقات مبنية على الوثيقة الموقعة مع التحالف دون أي جداول زمنية أو مواعيد نهائية قسرية ، كما ينبغي على الحكومة العراقية عليها ان تنخرط في حوار شامل، يشمل جميع شركاء التحالف، ويغطي القضايا الأمنية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية والثقافية. وأي نهج آخر سيكون محفوفا بالمخاطر وقد يؤدي إلى نتائج خاسرة لجميع أصحاب المصلحة.

بالمقابل يجب عليها الولايات المتحدة ان تكون صبورة من الناحية الاستراتيجية أن لا تقوض خطوات الدولة العراقية أو حكومتها أكثر من ذلك وبخلاف ذلك، فإنهم يخاطرون بتصعيد الوضع حتى خارج نطاق سيطرتهم وأن تمنح الحكومة العراقية المساحة اللازمة ، لان ممارسة الضغط على الحكومة التي يقودها التشنج أكثر واتخاذ مواقف عدائية اكثر ضد المجتمع الدولي وهذا بحد ذاته يفقد العراق دعماً دولياً مهماً، لذلك من الضروري أن تكون هناك ديناميكية شفافة في التعاطي بين الجانبين والاهم من ذلك كله ان يكون على أساس الاحترام المتبادل بين الطرفين وحفظ سيادة العراق أرضاَ وجواً وبحراً .

***

محمد حسن الساعدي

الوطن، مفردة ثلاثية الأحرف مليونية المعنى والفحوى، وقد تشارك فيها المخلوقات جميعها، مع اختلاف أحرفها، إذ لها مرادفات عديدة وفق من يسكنها. فمفردة عرين تطلق على بيت الأسد، ومبارك للإبل، ووكر للطائر، وجُحر للحية، وقنِّ للدجاج، واصطبل للدواب، وحظيرة للحُمُرِ، وشباك للعنكبوت، وأجمة للفيل، ووجار للثعلب، وقرية للنمل، وخلية للنحل، وكور للدبور، ومكاس للظبي، وسك للعقرب، وكناس للغزال، ولغز للفأر، وأفحوص للقطا. ومامن شاعر إلا وتغنى بالوطن وحبه والولاء له، وتغزل بكل ما يمت بصلة الى مكوناته، وكم سطر التاريخ لنا قصصا بذلك حتى من جار عليه وطنه، وعانى من العيش فيه كما قال شاعرنا:

بلادي وإن جارت علي عزيزة

وقومي وإن ضنوا علي كرام

ونستشف من الآيبين الى العراق من بلدان كانوا قد هاجروا اليها بطوع إرادتهم، ما يغني عن التعليق والتعليل بأن أرض الوطن هي الأم الرؤوم التي لاغنى عن أحضانها. ولطالما عاد أولئك المسافرون رغم عيشهم الرغيد في بلاد المهجر، ليعزفوا على أوتار أرضهم التي فارقوها في وقت ما ألحانا دافئة تستكن اليها نفوسهم. وفي عراقنا بلغت أعداد المهاجرين في الأعوام الأخيرة رقما مهولا، وملأوا مشارق الأرض ومغاربها بحثا عن الأمن والأمان والرزق والعيش الهني، وكان حريا ببلدهم أن يوفر لهم كل هذه الحقوق، ورغم هذا كله بقي الرجوع اليه غايتهم وهدفهم ولاءً وانتماءً له، ومن المؤكد ان الولاء للوطن ليس واجبا مفروضا على النزيه والـ (شريف) بل هو سمو يعلو على كل المشاعر والاعتبارات من حيث يدري المواطن ولايدري.

يروى ان نابليون عندما شن حربه على البانيا، كان هناك ضابط الباني يتسلل بين الفينة والأخرى الى نابليون بونابرت قائد الجيش الفرنسي، يفشي له اسرار وتحركات الجيش الألباني، وبعد ان يأخذ نابليون مايفيده من أسرار عدوه، يرمي لهذا الضابط صرة نقود على الأرض ثمنا لبوحه بأسرار جيشه.

ذات يوم وكعادته بعد ان سرّب الضابط لنابليون معلومات مهمة، همّ نابليون برمي صرة النقود له، فما كان من الضابط إلا ان قال:

- يا سيادة الجنرال، ليس المال وحده غايتي، فأنا أريد أن أحظى بمصافحة نابليون بونابرت.

فرد عليه نابليون:

- أما النقود فأعطيك إياها كونك تنقل لي أسرار جيشك، وأما يدي هذه فلا أصافح بها من يخون وطنه.

من هذا الموقف تتكشف لنا خسة من لا يكنّ لبلده الولاء كل الولاء، والذي ذكرني بنابليون هو ما يحدث في ساحة العراق على يد ساسة، اتخذ بعضهم من العراق -وهم عراقيون- سوقا لتجارة ووسيلة لربح وطريقا لمآرب أخرى، نأوا بها عن المواطنة والولاء للوطن، مآرب لأجناب وأغراب ليسوا حديثي عهد باطماعهم في العراق، فهم أناس لا أظنهم يختلفون عن ذاك الضابط الألباني الخائن، لاسيما بعد ان سلمهم العراقي الجمل بما حمل، وحكّمهم بامره متأملا بهم الفرج لسني الحرمان التي لحقت به، فحق عليهم بيت الشعر القائل:

إذا أنت حمّلت الخؤون أمانة

فإنك قد أسندتها شر مسند

وباستطلاع ماجرى في العراق خلال العقدين الماضيين، يتبين لنا كم هو بليغ تأثير خيانة المبادئ والقيم التي باتت من سمات بعض الشخصيات القيادية في مفاصل البلد الحساسة، فهل علم الخائنون ما الذي سيتركونه من آثار وعواقب وخيمة، تنسحب أضرارها على العراقيين بكل شرائحهم، وعلى البلد بكل جوانبه؟

***

علي علي

 

ذكر مراسل قناة الغد خالد بدير تعليقا على استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين بمستشفى ابن سينا في جنيـن كانوا يرقدون في إحدى غرفها مصابين: " أن عناصر مسلحة من قوة اسرائيلية خاصة تسللت إلى داخل المستشفى و" تمكنت" من قتل الشبان الثلاثة بإطلاق أربع رصاصات فقط ..."

نتأمل في ما ذكره المراسل دون أي علامات أسف أو أسى ظاهرة عليه أن القوة قد تمكنت وكأنه يزف بشرى لمن يهمه الأمر بأنه أخيرا تم تحقيق القتل بنجاح وكأنه جاء بعد انشغال عميق، ثم يخون التعبير المراسل التعيس أو قل قد أنطقه المولى سبحانه بأن رأى في الرصاصات الأربعة عددا لا يشفي غليل من في نفسه مرض أربع رصاصات فقط وكأنه كان ينتظر أن تكون أربعين رصاصة وليس أربعة .

إن الصيغة التي علّق بها المراسل على ما حدث تلفت نظر كل إنسان بعين الشك إلى

ـ شخص المراسل وهويته.

ـ تتعاظم الريبة عند رؤية السهولة التي وجدها المجرمون الصهاينة الـ 16 في دخول المستشفى الساعة الخامسة وأربعون دقيقة صباحا وتوجههم مباشرة إلى الطابق الثالث ثم إلى الغرفة 376حيث يرقد الشبان الثلاثة.

ـ هذه السهولة سمحت بتنفيذ الجريمة بسرعة والانسحاب بهدوء، دون أن يعترضهم أحد خلال تسللهم إلى داخل المستشفى أو أثناء خروجهم.

ـ قد بدا واضحا أن تنفيذ الجريمة قد استند إلى معلومات استخباراتية تكون غالبا بالنظر إلى دقتها من داخل المستشفى.

لا يسعنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل، ورحم الله الشهداء.

***

صبحة بغورة

يبدو أن حكومة الإنقاذ معذورة بعض العذر فيما تورطت فيه، ودفعت إليه، من ادعاءات لا تمت للواقع بصلة، ولا تصل إليه بسبب، فسيرتها المعوجة في قمع الحريات ،وتكميم الأفواه، أمر من الاطالة التي لا جدوى منها أن نتعرض لاثباته بالبرهان، فالأمثلة والشواهد على قمعها وظلمها لشعبها، يفوق عدده الاحصاء، فلسنا في حاجة إلى بسط تاريخها المخزي الذي تواضع عليه القاصي والداني، ولا إلى نبش طغيانها الذي تمتد له الأسباب، وتُرخى له الأعنة، ولعل أصعب مشقة، وأثقل جهد، يمكن أن يعصف بعقولنا المكدودة، هو تصديق مزاعمها بأن الحريات قد أضحت متاحة، وأن سجونها ومعتقلاتها الممتدة قد باتت خالية من وجود معارضين، وأنها تحتاط لنفسها الآن بالعدل المطلق، وتعتصم بالديمقراطية السمحة، فهي ما فتئت تلتمس مضامين الحرية، حتى وجدت معناها في الحوار الجامع الذي أخذت تنادي به، وتدعو إليه، وتمهد له، حتى صدّعت به رؤوسنا، وما هو إلاّ أكذوبة من أكاذيبها، نعم إن هذا الادعاء الذي أسبغته الإنقاذ على طارفها وتليدها، في سخاء وخفه، نمانعه أشد الممانعة، ونرفضه أشد الرفض، فأنى لوليد الأسى، وربيب الألم شعبها الذي لم يلتأم جرحه، أو تجف عيونه، أن يصدق مثل هذه الترهات والأباطيل.

تستّروا بأمور في ديانتهم 

 وإنما دينهم دينُ الزناديق

*

تُكذبُ العقل في تصديق كاذبهم

والعقل أولى بإكرامٍ وتصديق

إن الإنقاذ التي انفجر في صدرها الحاني، شريان الهوى الجياش، تجاه محكوميها معذورة، لأنها وقفت وحيدة في ميدان الخسة والنذالة، تكافح معارضة واهنة العزم، كليلة الحد، ساقطة الهمة،  لا عين لها ولا لسان، ولم تكن قط مناط ثقة، أو معقد رجاء، لأمة يجول في نفسها بغض الإنقاذ، ويقع تحت حسها الأمل النديان، أمل يخالط أنماطاً شتى من الأجناس، تكابد الجوع والخوف، وتجابه الحرمان، لم تكن إذن الإنقاذ مسرفة ولا غالية، حينما قالت في صفاقة لا تضاهيها صفاقة، أنها قد فرضت على نفسها قيودا محكمة، وأغلالا ثقالا، حتى لا تأخذ من اجتواها بمخايل شك، أو تعنف من تضجر من حكمها الطويل وأظهر الملالا، ولكن الإغراق في هذه الدعوى التي تبغض إلينا الحياة، وتصرفنا عن مباهجها، شيء، ومخرجات حوار الوثبة، وما تمخض عنه شيء آخر، فمخرجات هذا الحوار القمئ، لا يمكن أن ينتهي بنا إلى الخير، فلم يصدر عنه، سوى استحداث منصباً لرئيس الوزراء، تقلده رجلاً صارماً، سوف يدفع لا محالة وزرائه للأخذ برأيه على ما في رأيه من عوج وخطل وأمت، ولقد آثرنا هذا الرجل بالذكر، لأنه أمسى الآن أس الإنقاذ ودعامتها، رغم أن الإنقاذ لم تظهر الحفاوة به، ولا الحرص عليه، حينما كانت في مهدها، إلا أن الفريق بكري حسن صالح ظلّ هو الوحيد من مجلس قيادة الثورة الآفل، الذي لم تشمله سياسة الإقصاء، أو التهميش، ومع كل هذا، ومع فداحة الأعباء التي ألقيت على كاهله، والوظائف السيادية التي أوكلت إليه، لم يكن سيادة الفريق في تلك الحقبة، من الشخصيات التي تشرئب لمقدمها الأعناق، وتشخص لطلعتها الأبصار، إذن ستمتد وتيرة الإنقاذ عقد آخر، فهي لم تكن تنشد من حوارها الممجوج هذا، سوى كسب المزيد من الوقت، وإضفاء إطار الشرعية على نظامها المهترئ الحافل بالثقوب، وإصدار نسخة جديدة منه، ولكن هذا كله على مضه وايلامه، لم يدفع الشعب الذي يمضي في ركب الحياة، بجسد مهدود، وعصب مجهود، وشأو بالي، سوى أن يتحدث في امتعاض ويطيل الحديث، ثم يعود إلى حياته القانعة الخشنة، التي ذوى فيها جسمه من الغرث والدنف، وأرباب طغاته في بضة وعافية، واضطربت فيها روحه من الذعر والخوف، وأقطاب جلاديه في أمن وطمأنينة، لقد استطاب السودانيون هذه الحياة وأذعنوا لها، وإن بقيت نفوسهم، لا تمل من الاستسلام للأمال، والاسترسال مع الأماني، والإنقاذ التي هي كحادي العيس يعنيها أن يستمع الناس لأغانيها الفجة، وأن يجدوا في ألحانها التعيسة لذة ومتاعا، فهي تنشد أن يتجاوب معها الشعب، سواء أراد أو لم يرد، ويضنيها أن يقف حيال سياساتها الخرقاء، مكسور أو ساكن، لأجل ذلك هي تكذب وتفجر في الكذب، حتى يصدر عن السود ما يوحي بالاهتمام.

والسيد نائب الرئيس، ورئيس الوزراء، الذي لا يعنيه رضي الناس عنه، أو سخطوا عليه، أتحفنا في مساء يوم ذاكي، بتصريح يذهل عقل الحصيف، فقد ذهب سيادة الفريق أن الدولة تحترم النصوص القانونية، والقواعد الدستورية الخاصة بحرية الصحافة، ولعل واقع الحريات المزري يفند هذا الزعم، وحال الصحفيين الذين ضاقت طائفة غير قليلة منهم، من تعقب الأجهزة الأمنية لهم، واستدعائهم في مكاتبها الفخمة البنيان، يجعلنا في لحظات يأس وقنوط، نحتشد حول نعش الصحافه، ونتهافت إلى تشييعها ونودعها الثرى، وننتظر في خضوع، مقدم سادتنا ليزرفوا عليها دمعة حزن كاذبة، لقد تجاهل جبابرتنا أن الشعب الذي وطًنّ نفسه على الشراب الكدر، والطعام الوخيم، واللباس الخشن، رغم الجحيم الذي عاش فيه، ما زال عاجز على أن يعلن الشك ويخفي اليقين، فهو الذي أصابه كل كلم، وامتد إليه كل أذى، سوف تعلن هذه الطائفة الصابرة على عرك الشدائد، دون مواربة أو روع، أن الإنقاذ أودت بالصحافة في السودان إلى حتفها، وأنها حتى تبقى ممسكة بأعنة الحكم، قد استمرأت التضييق عليها في أرض النيلين، بمقص الرقيب الذي يستأصل كل ما يفضح جرائرها وسوءاتها، وبمصادرة وحجب الصحف التي تصدت لعسفهم وبطشهم، وبالإستدعاءات المذلة للصحفيين الأبطال، ومنع بعضهم من الكتابة.

***

د. الطيب النقر

 

التهجير الناعم وعلى مراحل ولزمن مفتوح

ان قطع التمويل عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من قبل 13دولة اوربية بالإضافة الى امريكا واليابان؛ لم يكن بسبب تعاون، بحسب الادعاء الاسرائيلي والغربي، عشرة من موظفي الوكالة البالغ عددهم اكثر من 30 الف، بل ان هذا القطع يرتبط بمخطط واسع وكبير، الا وهو تصفية القضية الفلسطينية. اما الدعاء بان عشرة من موظفي الوكالة ما هو الا محض كذب وافتراء، فأمريكا والغرب الاستعماري بإمكانهم متى أرادوا، وحسب مقتضيات الحال والاحوال وتحولاتهما؛ ان يلفقوا اية تهمة لأي كان وفي الوقت الذي يخدمهم، او يخدم مخططاتهم. ان قطع التمويل عن الوكالة وفي هذه الظروف، اي ظروف الابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قبل الجيش الصهيوني وبأسلحة اغلبها امريكية الصنع؛ الغرض من هذا القطع هو تخليق الظروف التي بها ووسط جحيمها، مع فتح المنافذ الاخرى، في دول بعينها، سواء كانت عربية او غير عربية وحتى اوربية وايضا امريكا، لاستقبال الفلسطينيين بلا قيد او شرط؛ هو فتح كل الطرق للتهجير الناعم، ولزمن مفتوح.. هذا التهجير المفترض، وعلى مراحل وبهدوء تام؛ يرتبط تماما بكل المشاريع التي ربما يجري الان تداولها في الليل وبعيدا عن الاعلام. وقف اطلاق النار في غزة لفترة شهرين او اكثر او اقل، الذي يجري التفاوض حوله منذ ايام في باريس، وقد تم فيها، اي هذه المفاوضات التوصل على ما يظهر من التصريحات سواء الامريكية او غيرها؛ ان هناك مسودة اتفاق سلمت الى حركة المقاومة الفلسطينية، وان المقاومة بصدد دراستها، كما صرح بذلك اسماعيل هنية. ان وقف اطلاق النار مع تبادل الاسرى من الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، من المحتل جدا، ان لم اقل اكيدا؛ سوف يتم الاعلان عنه قريبا وقريبا جدا. السؤال المهم هنا؛ وماذا بعد ذلك؟ الاعمار، وادارة الحكم في غزة، وحل الدولتين. هذه هي التي سوف يجري فيها وفي ظلها كامل اللعبة، والتي من بينها وليس كلها؛ اولا تجديد السلطة الفلسطينية؛ لتتولى الاعمار بأموال عرب الخليج.. بالإضافة الى امور اخرى، جوهرية وذات صلة عضوية؛ بالحلول المرتقبة؟! إنما السؤال هنا هو الاهم؛ ما هو موقف المقاومة الفلسطينية؟ من وجهة النظر الشخصية والمتواضعة هنا، وفي هذا الاطار؛ هو ان المقاومة وهذا هو الاكيد؛ سوف يكون لها موقفا مختلفا كليا عن كل هذه المشاريع التي تدور في الظلام، بما يؤدي في نهاية المشوار الى قلب كل تلك المشاريع راسا على عقب. ليكون الانتصار حتما في الخاتمة الى المقاومة. أما القبول بموقف اطلاق النار حتى وان لم يكن بمستوى الطموح والتضحيات، لكنه مهم جدا؛ في حفظ ارواح الناس في غزة التي يتعرض فيها الشعب الى المجازر منذ اكثر من ثلاث اشهر ولايزال صادما وداعما للمقاومة. من الجانب الثاني؛ فأن الوقف الشامل لأطلاق النار او ايقاف المذابح التي يرتكبها الكيان الاسرائيلي، ولو لمدة شهرين، من المحتمل جدا؛ ان تؤدي الى الاطاحة بحكومة الحرب، حكومة نتنياهو، وبنتنياهو ذاته، اي القضاء على مستقبله السياسي والى الابد، مع احتمال دخوله السجن. ان القضية الفلسطينية قد تعرضت الى التأمر الدولي، (امريكا والغرب الاستعماري) اضافة الى البعض من الانظمة العربية، وكل انظمة الخليج العربي، في جميع مراحل كفاح وجهاد ونضال الشعب الفلسطيني، لكنه ظل صامدا ومتمسكا بارضه على مدار ما يقارب القرن من الزمن. ولسوف يستمر مهما طال وجار عليه الزمان.. الى ان يحصل على كامل حقوقهم المشروعة..

***

مزهر جبر الساعدي

 

على خلفيّة مهاجمة أرهابيين ينطلقون بمهاجمة إيران من قواعد لهم في الباكستان مثلما تقول طهران، قامت طائرات إيرانية قبل أيّام بمهاجمة تلك المقرّات وقتلت عدد من المدنيين حسب وكالات أنباء عدّة. ولأنّ باكستان دولة ذات سيادة وتحترم شعبها وترابها الوطني، فأنّها قامت بالردّ سريعا بقصفها أراض إيرانية في محافظة سيستان وبلوشستان الحدودية والتي يتقاسمها البلدان، ولتقتل هي أيضا عدداً من المدنيين هناك.

ردّ باكستان بنفسها على القصف الإيراني لأراضيها جاء سريعا وقويّا من الناحية العسكرية، كما وأنّها رسالة قويّة لطهران وتحذير شديد اللهجة لها من مغبّة التجاوز على التراب الوطني الباكستاني مستقبلا. أمّا قصف إيران بنفسها لتلك القواعد داخل الباكستان، فأنّه يعني عدم وجود ميليشيات باكستانية شيعية تأتمر بإمرتها كما باقي ميليشياتها ذات العمق الشيعي في بلدان أخرى لتنفيذ تلك المهمّة وغيرها من المهام من جهة، وعدم وجود جهات حكومية رفيعة المستوى وأحزاب باكستانية وقوى شعبية تمنح إيران الحقّ في قصف بلدها لشراكة مذهبية، وتبرر لها جرائمها التي ترتكبها في بلادها من جهة ثانية.

المثير للأهتمام هو أنّ الباكستان التي أذّلت ايران بردّها القوّي والسريع وأستدعت سفيرها من طهران ورفضت عودة السفير الإيراني لديها والذي كان في زيارة لبلده، ولم تكتفي بذلك، بل زادت بالأهانة ووجّهت صفعة للدبلوماسية الإيرانية التي تتحكم بحكومات وبلدان عدّة في المنطقة ومنها العراق، الذي يصول دبلوماسييها ورجال مخابراتها وحرسها الثوري في مناطقه المختلفة ويتحكمون بالملف الأمني للبلاد، حينما طالبت الحكومة الإيرانيّة وكطريق لعودة علاقتهما الدبلوماسية لسابق عهدها، في أن يزور وزير خارجيّتها البلاد بنفسه، وهذا ما حصل فعلا. فهل قدّم الوزير الإيراني أعتذار بلاده على أن لا يكرر الجانب الإيراني أعتداءاته على الأراضي الباكستانية مستقبلا، علاوة على شروط أخرى تحد من نشاطات إيران في الباكستان؟

يقدّر عدد الشيعة في الباكستان بحوالي 20% من نفوسها، ومع ذلك لم تستطع بل لم تتجرّأ إيران التي أسست ميليشيات شيعية مواليه لها في العديد من البلدان، من تأسيس تنظيم شيعي يعمل تحت إمرتها وينفّذ أهدافها، كما حزب الله اللبناني وحوثيي اليمن وبعض الحركات الاسلامية الفلسطينية، والحشد الشعبي في العراق. فهل شيعة الباكستان أكثر وطنية تجاه وطنهم من شيعة البلدان الأخرى، أم أنّ هناك خوف إيراني من تأسيس ودعم هكذا تنظيمات، خوفا من ردّ باكستاني تخشاه طهران وتعرف قوّته!؟ علما من أنّ هناك تنظيمات شيعية مسلّحة في الباكستان كـ (سباه محمّد) أي جيش محمّد، الذي أنشقّ عن تنظيم (تحريك الجعفرية باكستان) لمواجهة تنظيم (سباه الصحابة) أي جيش الصحابة السنّي، وتنظيمين شيعيين آخرين هما (شيعة علماء كونسل) و(مختار فورس) أي قوّة المختار، ولا هناك دلائل علنية وواضحة تشير الى دعم إيران لهذه الجماعات.

أنّ ردّ الحكومة الباكستانية القوّي والسريع على التدّخل أو محاولة التدّخل الإيراني في شؤون بلادها الداخليّة، يجعلنا أن نطرح سؤالا على السلطة العراقية التي إن لم تؤيّد علنا تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لبلادنا وقصف مدننا كما قصف أربيل مؤخرّا فأنّها تلوذ بالصمت تجاهها، هو أن متى يكون لها موقف وطني تجاه "شعبهم ووطنهم"، وهل سيعملون على حصر السلاح بيد الدولة وحلّ الحشد الشعبي وميليشيات أخرى تأتمر بأوامر طهران وتنفّذ أجندتها في العراق وغيره من البلدان التي تتدخل إيران بشؤونها الداخليّة، كي لا تكون بلادنا عرضة للخطر وهذه الميليشيات ومعها الحشد الشعبي تغوّلت وباتت تهدد السلم المجتمعي للبلاد، وبعد أن أصبح أبناءنا وقودا لأحلام ولي الفقيه كون الميليشيات التي يعملون فيها هي بنادق للإيجار عند الحرس الثوري الإيراني في البلدان التي أصبحت جبهات متقدمة وجدران عازلة في حرب إيران الأقليمية للحفاظ على نظامها السياسي من السقوط، وبلدها من التعرّض للخراب والدمار...؟

***

زكي رضا - الدنمارك

29/1/2024

قد يستغرب القارئ أو يغضب، وربما يرجم بالغيب، فالحقائق الفاعلة فوق التراب، أن أنبياء الدين قد إنتهوا، أو ختموا بآخرهم، أما أنبياء الدنيا فمتواصلون بعطاءاتهم، التي نقلت البشرية إلى آفاق حضارية علوية لم يعهدها أنبياء الدين.

فالعالم تطور ووصل إلى ما هو عليه بأنبياء الدنيا في مجالات الحياة وعلومها المتنوعة، فما أكثر أنبياء الدنيا وأعظم إضافاتهم للبشرية على مر العصور.

أما أنبياء الدين فمحور تفاعلاتهم تتعلق بالسلوك، وبتهذيب أمّارة السوء الفاعلة في البشر، فأفلحوا وفشلوا في هذا الميدان، ولا زالت البشرية تعاني من عدم قدرة ما جاؤوا به على إعانتها للرقي إلى معاني الإنسانية.

لكن أنبياء الدنيا أنجزوا ما لم يستطعه أنبياء الدين.

فوراء كل منجز حضاري تتمتع به الناس، هناك مَن  يحرر الأفكار من غياهب الإستتار ويستحضرها حية فاعلة في أروقة الحياة.

أنبياء الدين يأتون بأفكار، وأنبياء الدنيا يصنّعون الأفكار، ويحولونها إلى موجودات متفاعلة مع البشر.

فأنبياء الدين يجعلون الأفكار محلقة في عوالم الغيوب، وأنبياء الدنيا يترجمونها ويصنعونها في عوالم الوضوح، فأفكار أنبياء الدين ضوئية، وأفكار أنبياء الدنيا موجودات مادية.

وأنبياء الدنيا يتفوقون في أعدادهم وإنجازاتهم على أنبياء الدين،  لقدرتهم على التوالد والإنتشار والإلهام، وهم كباقي البشر يعيشون في مجتمعات.

أما أنبياء الدين فأحيطوا بهالات القدسية والروحانية والطاقات الخيالية والإعجازية، التي تغذي مخاوف ونزعات التطلعات البشرية، الباحثة عن الطمأنينة والأمن والسلام في مسيرة لا تعرف بدايتها ولا نهايتها، وهي حالة في دائرة مفرغة بدأت بأساطير الأولين ولا تزال على أشد سُرع دورانها، وإنطلاقها نحو مجهولها البعيد، الذي وضعت له تصورات ترسخت في الوعي الجمعي وأذهان الأجيال، فلابد من خارطة يقينية للمسيرة المجهولة فوق التراب.

فالأنبياء أنبياء، والبشر بشر، وبين الإثنين مسافات ضوئية القياس!!

***

د. صادق السامرائي

 

يفترض في الأزمات ووقت الحرب أن يتوحد الشعب ويزداد تماسكاً وأن تتلاشى الخلافات السياسية والأيديولوجية لمواجهة عدو مشترك، وفي الحالة الفلسطينية فعدونا مجرم ويهدد وجودنا الوطني وفي حربه الحالية يمارس جريمة الابادة الجماعية في غزة.

وبالرغم من ذلك ومع تأكيد وحدة الشعب إلا أن الطبقة السياسية وأحزابها لم ترتقي لمستوى الحدث، ولم نلمس أي خطوات توحيدية لمواجهة العدو المشترك، كما أن فجوة كبيرة بينها وبين الشعب .

غالبية الشعب في الضفة مستاء من أداء الحكومة والسلطة وغير راضي عنهما كما تظهر ذلك استطلاعات الرأي  والشعب في غزة في الحرب وحتى قبلها غير  راض عن حماس، كما أن السلطة تنتظر وتتمنى نهاية حركة حماس، وحماس تنتظر وتتمنى نهاية السلطة وتعمل على على ذلك، فكيف سننتصر ويصلح حالنا؟ وما هو مفهوم وطبيعة الانتصار الذي يتحدث عنه الطرفان؟

وبصراحة أيضاً، فلا الاصلاحات التي تتحدث عنها السلطة ستغير الحال، ولا المقاومة التي تتحدث عنها حماس ستغيره ما دام الانقسام قائماً.

***

د. ابراهيم ابراش

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم