نصوص أدبية

عبد الناصر عليوي: الــقطّ الشيــرازي

وَيُــحــكى أنَّ قِــطّــاً فــارسيّاً

أتَــى لــلحيّ من شيرازَ مُوفَدْ

*

لــهُ عــينانِ زرقــاوانِ تَــسْبِي

قــلــوبَ الــمُعْجباتِ إذا تَــنَهَّدْ

*

وقِــطّتُه الأنــيقةُ كــم تــباهتْ

بــأطواقِ الــلآلئِ والــزَبَرْجَدْ

*

فأَوغلَ في قِطاطِ الحيِّ ضرباً

وفــي أمــوالِهمْ بــالليلِ عَــرْبَدْ

*

فــعانى الــحيُّ مــن ظُلمٍ كبيرٍ

وبـــاتَ الــقطُّ دونَ اللهِ يُــعْبَدْ

*

وصــاروا إنْ يَــمُؤ القِطُّ مَوْءًا

لــفكِّ رمــوزِه الــندواتُ تُعقَدْ

*

لإظــهارِ الــمقاصدِ والمعاني

بــذاكَ الــقولِ والــفكرِ المُوَقَّدْ

*

ولــمَّا شــاخَ وانــحَدَرَتْ قواهُ

وكــانَ الــخوفُ عنهمْ قدْ تَبَدّدْ

*

فــثارَ الــحيُّ مُــنْتفضاً عــليهِ

ومـــن أتــبــاعهِ قِــسْمٌ تَــمرَّدْ

*

فــأسرعَ لــلكلابِ يــريدُ عوناً

وعــادَ بــجحْفَلٍ كــالليلِ أَسْوَدْ

*

فــعاثوا فــي الدّيارِ وأَفْسَدُوها

ومــا تركوا بها حجراً مُنَضَّدْ

*

وقَــتَّلَ كــلَّ مــنتفضٍ خَــؤُونٍ

ومــن وَالَاهُــمُ أضحى مُشَرّدْ

*

وحــصَّنَ عــرشَهُ بعدَ اهتزازٍ

شــعورُ الخوفِ عنه باتَ أَبْعَدْ

*

وأصــبحَ يَــنْفِشُ الأَوبَارَ نفشاً

بــأنيابِ الــكلابِ رَغــا وأزْبَدْ

*

وبَــاتوا أوصِــياءَ عــلى بــنيهِ

ومــن كــلِّ الأمورِ غدا مُجَرَّدْ

*

وفــي أفــحوصِهِ نامتْ كلابٌ

وصارتْ دونَهُ الأبوابُ تُؤصَدْ

*

يَــهــزُّ الــذيلَ يــشكرُ مُــنْقذيهِ

وكــانَ عــلى الــمذلّةِ قدْ تَعوَّدْ

*

وقــالَ بــلهجةٍ فــيها انــكسارٌ

أنــا الــعبدُ الــمطيعُ لكمْ تَوَدَّدْ

*

مُــرُوا مــا شئتمُ من أيِّ شيءٍ

بــلادي كــلُّها نَــهْبٌ ومَــرْفدْ

*

فــردَّ الــكلبُ يَــهْزَأُ من عميلٍ

لــقدْ خــانَ الأمــانةَ مــا تَرَدَّدْ

*

أخَــذْنَا مــا نــشاءُ بــغيرِ إذنٍ

ولا نَــحــتَاجُ قَـــوَّاداً مُــحَــدَّدْ

*

وجُــودُكَ قَــدْ غَــدا عِبْئاً ثقيلاً

ومــا ظَــنِّي عَــوَاقبَهُ سَــتُحْمَدْ

*

فَــهَــيَّا لَــمْلِم الأغــراضَ هــيّا

رَحِــيلُكَ بــاتَ مَحْسوماً مُؤَكَّدْ

*

فَــمَنْ يَــطْردْهُ مــن بيتٍ ذووهُ

بِــلاَ شَــكٍّ من الأغرابِ يُطْرَدْ

***

عبد الناصر عليوي العبيدي

في نصوص اليوم