أقلام ثقافية

نهر الحرية الدفاق!!

لكل طاقة مصب ومنتهى. وفي منتهى الطاقة ابتداء. ولكل ابتداء مسيرة انطلاق ذات غاية وآليات ولادة وتفاعلات كينونة أخرى.

وهكذا دواليك، تبدلات الحياة، وتعاقب المتناقضات في فلكها الدوّار.

والحرية طاقة.

والديمقراطية طاقة.

ولا بد لهذه الطاقات من توظيف وتآلف وتأليف لكي تجري الحياة في مجاريها، وتتحقق المساعي وتثمر الإرادات، وتتمتع الأيام بهذا التنوع والإختلاف، وتزهو في مروج الوجود الفواح بالعبق الخلاب، الجذاب للأطيار والفراشات ونبضات البهجة والجمال والرقاء.

وعندما تنحبس الطاقات، أو تجد أمام جريانها سدودا ومعوقات، فانها تتسبب في الكثير من الآلام والإيلام والأوجاع والأمراض، مما يؤدي إلى تداعيات متوافقة مع درجة المنع والإحباط.

وفي عالمنا المنحبس المأسور بالآهات والمعوقات، وبمفردات الجور والإمتهان والأسر في صناديق الباليات، وتنامي أعراض القاسيات، وتجدد علائم الويلات، لإحتشاد الطاقات في منحدرات وبالوعات، تحاول أن تفقدها ما فيها من الصيرورات الواعدة، والمنطلقات الصاعدة، وبتراكم مفردات الإحباط والخيبات، تحولت طاقات الحرية والديمقراطية إلى مصادر للتدمير والخراب وإذكاء آليات التوحش والصراع.

فبدلا من شق السواقي وتجريف الأنهار، والتنعم بطاقات الجريان ، صارت الحياة ذات إتجاهات مضادة، وتحولات صادة، وإندحارات حادة.

ولهذا فأن مجتمعاتنا تحصد الأشواك، وتتذوق حنظل الحالات، التي لا يمكنها أن تدوم، لأن المياه تجري وإرادة الكون الدوار تفرض قدرتها، وتنمي قوتها ولها الإنتصار الحتمي.

وهذا يعني أن ما يحصل عبارة عن عوارض طارئة ستنهار وتنتهي، وستستعيد الحياة كرامتها، والحرية إرادتها والديمقراطية منهاجها.

فقد استنفدت المصدات زمنها وما ادخرته من القدرات، وتساقطت أقنعتها وتفندت حججها، وأصبحت الشمس ساطعة، والنهار أطول من ليل البهتان والأضاليل.

ولهذا فأن مشاعل الأمل بدأت تنير دروب الأجيال الآتية.

فقافلة الأنوار تمضي، وستكتسح الدروب المظلمة المتردية في عمه النسيان.

 

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم