أقلام ثقافية

حديث الخريف في نزهة الربيع

zayd alheliمنتصف هذا الاسبوع، تنقضي سنة، ونهيئ انفسنا لاستقبال اخرى، ولا نعرف هل تسعفنا الايام القليلة القادمة، ان ندرك لحظات السنة الجديدة ام ان القدر يكون لنا بالمرصاد، فلا نشهد ذلك؟ ... فاذا كنا سنموت في نهاية المطاف: لماذا هذا السعي المحموم وراء الحقد والنميمة، والشهرة والثروة ؟ وأهم من ذلك كله: لماذا ارتكاب الشرور، بحق من فرش دربنا بالورود والحب، ونسعى لفرش دربه بالشوك واللامبالاة ..؟

في حسابات الايام، اشعر ان سنة 2014 اعادت لي في بعض لحظاتها ألقا كان مفقودا لعقد من السنين او اكثر، ثم ما لبث هذا الألق ان ضاع او كاد، في لجة الشكوك والريبة غير المبررة، وقد صدق عمنا "برناردشو" الذي قال يوما حين خفق قلبه المتعب لحب باغته: الحب يستأذن المرأة في أن يدخل قلبها، وأما الرجل فإنه يقتحم قلبه دون استئذان، وهذه هي مصيبتنا .!

وايضا، فتحت السنة التي اودعها، شباكاً من آمل شخصي، في اصدار مطبوعة هيأت لها كل مستلزماتها، ودفعنا موادها الصحفية الى المطبعة، لكن احداث الموصل، اوقف ذلك الامل ودمره، حيث كنا اعددنا ملفاً مستفيضاً، متكاملاً عن تلك المحافظة قبل ان تضيعها السياسة، فبات اصدارها، مثل اضحوكة مرة !! وامرنا المطبعة بإتلاف العدد الوليد، وربما ترى مجلتنا (دنيا) النور في العام الجديد .. ربما .

وفي سنة 2014 ادركت ان الحياة تمنحنا سرها متأخراً، حين لا نكون قادرين على العودة للخلف ومسح كل الاخطاء التي اقترفناها، وحين نرغب في تمرير سرها لمن يصغرنا سناً لا يستجيب لنا، كونه لايزال غرّاً بما تمنحه الحياة ..!

والادراك المتأخر أشبه ببركان خامد، نستوطن قمته وسفوحه بيقين جازم، من تكلس حممه، وقبل أن نطمئن في جلوسنا، يثور فجأة، فيغرقنا او يحرقنا كما فعل في ثورته الأولى، فهو مثل الحب في خريف العمر، نراه ورداً بلا أشواك .. في حين ان الحب جحيم يُطاق . . والحياة بدونه نعيم لا يطُاق !

ان التجربة الانسانية تجربة طويلة، متنوعة الالوان ومن العسير على اي انسان ان يبلغ حقيقتها او شطراً منها، او يبلغ جمالها او شطرا منه، عن طريق سعيه الوحيد، ولابد ان تصالب الجهود، وتتآزر الهمم في سبيل الكشف شيئاً بعد شيء، وبحركة متطورة متقدمة دوماً عن المعاني الثانوية في الكون والاشياء ..

الى جميع من اعرفه ومن يعرفني، اعترف بصدق وحرقة ان الليل دائما ما يطول بي وانا استذكر كل سني حياتي وما مر بي، بانتظار الشفق المأمول .. لكنه لم يأت، وهذا ما يؤلمني !!

عامكم ود وزهرة حب .

في المثقف اليوم