أقلام ثقافية

بين ثقافة القراءة وقراءة الثقافة

akeel alabodالتعامل مع ثقافة النص يشبه الى درجة ما التعامل مع لغة اللون ومنطق الوجدان، والمثقف هو الشاعر والفنان والأديب والمبدع والانسان، فهو صاحب الذوق الرفيع والكلمة الصادقة.

بين ثقافة القراءة وقراءة الثقافة موضوعتان؛ الاولى تتعلق بمنطق العقل، والثانية بمنطق الشعور والوجدان، والوجدان هنا يرتبط بلغة المشاعر، كونها عبارة عن الطبيعة التكوينية للحس الجمالي للمتلقي، فالمتذوق عندما يقرا او يستمع الى نص معين، ينصرف بشكل لا شعوري الى تشغيل عقله وحسه لاستيعاب ما يقرأ؛ استقراء ما يوحي اليه النص، اومدى ملامسة النص المكتوب الى روحه وضميره، فالقاريء يحلل مكونات المنتج اومفرداته بناء على طبيعة تركيبته الوجدانية.

فهنالك شي يشبه الموجة يتحرك في نفس الانسان، هذا الشيء، اوهذه الموجة تسعى لان تغوص في عمق ما يكتب، أوما يتم تدوينه بغية رسم معانيه وملامحه الدقيقة، كما لو ان فنانا ينظر الى شجرة او بحيرة او طائر، فيحلق في صورها وأبعادها المختلفة، ليرسم ما شاهده وفقا لذوقه الفني اي (الذائقة) وهذا ما يسمى بثقافة القراءة.

فهنالك مخزون فكري معرفي للإنسان يتفاعل بطريقة ابستمولوجية وانطولوجية مع المنتج، ليرسم له منظورا جديدا.

اما التفاعل الابستمولوجي فهو عبارة عن التاريخ الثقافي والمعرفي للإنسان، وفي الوقت ذاته يعتبر التفاعل الأنطولوجي شكل من أشكال انتماء المثقف الى المكون الوجودي لمفردات النص وفقا للمساحة الزمانية والمكانية. وهنالك معايير وثوابت أنطولوجية ومثلها معايير وثوابت فكرية ابستمولوجية. فالإنسان عندما ينتمي الى الريف مثلا تراه مولعا بقراءة النصوص والمفردات الخاصة ببيئته الريفية اكثر من غيره، هذه المفردات لها عمق إدراكي يخضع لقانون التراكم الثقافي -المعرفي، لذلك فان هنالك أصنافا وألوانا وأنماطا تتغير وتتفاعل مع ثقافة المنتج، لتنتج بدورها ثقافة جديدة، ما يسمى بقراءة الثقافة، وهذا بطبيعته يلعب دورا في بناء العقل والحس والوجدان ويهذب الروح من الأدران والشوائب، بل يسير بها الى المراتب العالية من الإدراك .

في المثقف اليوم