أقلام ثقافية

المواقع الإلكترونية العراقية بين المحاباة والحِرَفية الأدبية

wiam molsalmanلقد أحدث التطور التقني في الشبكة العنكبوتية "كما أُريد لإسمها أن يكون" أحدث ثورة معلوماتية وأدبية هائلة وسهل التواصل حتى أضحى العالم كله تحت سرداق واحد بعد أن كان يوصف بالقرية وهي تعبيرات مجازية تدلل على إمكانية انتشار الحدث في لحظة وقوعه عبر الأقمار الصناعية وما ينتمي لمنظومتها. ومع هذا النصر الذي يعود فضله إلى الإلكترون المبجل الذي ضاهى هدهد سليمان "ع" في قدراته الخارقة ، إذ انتشرت ظاهرة المواقع الإلكترونية بغثها وسمينها وهزيلها ورصينها وصار بإمكان أي واحد منا أن يُنشئ موقعاً يمنحه الإسم الذي يشاء وبشتى المجالات وما أن تكتب كلمة واحدة على "الكَوكَل " حتى تنهال عليك العروض و تحصل على ضالتك من دون أينٍ أو عناء!

بعد هذه المقدمة المتواضعة أدخل في صلب مبتغاي إذ كنت قد آليت على نفسي أن أصمت حينما قرأت على أحد المواقع منذ زمن ليس ببعيد قرأت عنوان قصيدة لشاعرة لا تميز بين كلمة حتفي وحذفي وكاتبة لا تفرق بين فخامة وضخامة ، ولكنني بعد أن بلغ السيل الزبى إذ صارت الحياة "حيات" في عنوان مقال شدّني إليه " عودة الحيات إلى الغابات في السويد" ولكوني أعيش فوق أرض مملكة السويد شُغفت في قراءة المقال طمعاً بفائدة تُجنى للتعرف على أنواع الحيات والأفاعي التي تتنعم بطيبات هذه الأرض، وليتني ما فعلت! وصحت بأعلى صوتي لله درك يا دكتورعلي جمعة " إمام الأزهر الأسبق" إذ كنت قد تابعت له لقاءً قبل ساعات عبر شاشة قناة العربية ركّز فيه على ضرورة العودة باللغة إلى مساراها الصحيح باعتبارها أهم قناة لترسيخ الوعي الفكري والنهوض بأمة العرب ! فأينك يا شيخي الجليل من كتـّاب يعيثون حتى بالضمائر فسادا فرحنا نقرأ مرغمين "نحنو و،هيه" وترحمنا على نحن وهي ! السؤال هو هل كلف نفسه واحد من المكلفين بإدارة الموقع من قراءة هذه المادة المنشورة ليضع لمساته الحانية عليها مصححاً الأخطاء اللغوية الفادحة على الأقل ، متجاوزة بسؤالي المعلومات الخاطئة الأخرى .

لقد صار لزاماً علي َّأن أكتب من باب الحرص على لغة أنزل الله القرآن بها وللحرف قداسة لا يختلف عليها إثنان، ولست الوحيدة المعنية بهذا الشأن بكل تأكيد ، بل يجب أن تُجهز حملات مكثفة من أجل إنقاذ الذائقة والعقل مما يُضخ من نشاز عبر هذه المواقع ، نشاز يحسبه صاحبه أدباً وعلما ومعرفة ليثري الإنسانية بما يجود به من سيب يراعه، لا أعصمني من الخطأ وكلنا يخطأ وفق منطق "كل ابن آدم خطـّاء" ولكن ما هي مقاييس الخطأ ومتى يجوز غض الطرف ومتى لا يجوز!

إن رغبة الإنسان في تحقيق ذاته حق مشروع ولكل سبيله في إدراك ما تصبو إليه نفسه وكل لمشتهاه يسعى، وشتان ما بين من سعى في تطوير إمكانياته وآخر سعى إلى حتفه بظلفه وهو يمتطي صهوة قلمه ليقول: ألا اطلق أيها القلم العنانا ..

في رحلة غير مكلفة عبر المواقع ولساعتين من الزمن حيث العينات العشوائية التي مررت بها بعد عهد هجران قطعته على نفسي دام قرابة شهرين وليتني ما عدت واكتفيت بالمقالات التي تصلني عبر بريدي الإلكتروني! ليس لي ما أقول سوى اتقوا الله فينا وبأنفسكم يا أصحاب المواقع ويا حملة الأقلام واحذروا من قولة في جوف الليل يرددها عبد بار بلسان أهله فيلهج فمه داعياً بــ "حسبي الله ونعم الوكيل".

 

وئام ملا سلمان

 

في المثقف اليوم