أقلام ثقافية

كل مَن يُفكر ويُعبر فهو فنان

emad aliفان الانسان ولد وهو متوارث لتطورات بايولوجية نفسية بيئية متطورة لسلالات الاصناف الاساسية من فصيله الذي عاشوا من قبله وتقدموا في تطورهم المتسلسل التدريجي من الجسمي الى العصبي والعقلاني بما يضمن وينتج من الفكر والفلسفة والثقافة وفق التعبير عن مضمون المفاهيم المتكونة اصلا من تفاعل الموجود فوقيا وتحتيا ويمكن تسميتها من خلال عملية التفكير والذهن النابع من جدلية العلاقة بين عمل المخ البايولوجي المتاثر والمؤثر على البيئة وكيفية التفاعل فيما بينهما بعد تحديد الارضية التي تفرض نوعية وشكل التفكير، او ما يمكن تسميته حسب ما يدلنا به العصر بالعقلانية التي وجدت في المراحل الاخيرة من تطور الانسان تكوينا ومعيشة .

ان اول ما خطى العقل الانساني نحوه هو التفكير في كينونته ومجيئه الى الحياة ولكن بداية بشكل بدائي، وربما عبر عنه بمقولات ومفاهيم انقرضت فيما بعد لعدم وجود مقومات بقائها الى الان، الا انها يمكن الاستدلال بها لانها بقت شفهيا او متدولا على العموم وتوارثتها سلالات الانسان جيلا بعد اخر واثرت على طبيعته وحياته بشكل عام.

الشك والتساؤل حول موضوع غير مفهوم يولد الجديد، اي بدا الفكر بانتاج ما يمكن ان يُعبٌر عنه بطرق شتى سواء لفظيا او تحريريا كتابة او رسما باساليب واشكال والوان مختلفة . اذا، اي تعبير باي شكل وآلية وآلة ما سواء كانت رمزية او كتابية يمثل فحوى التفكير والموضوع الذي دار حوله العملية الذهنية المعقدة المتفاعلة بين الجهاز الاهم في الانسان وهو العصبي وبالذات العضو الاهم وهو المخ وما يلاقيه سواء يلامسه اويراه او يسمعه او يشمه او يحس به كاخر الحواس المتكون وفق تطور الانسان ايضا .

اذا الفن يمكن ان يُعبَر عنه بكلمة او جملة ويمكن في جملة واحدة ان يختلف الاسلوب والالية التي يمكن التعبير بها تفصيلا بين فرد واخر او بين منطقة وبيئة واخرى، او من خلال الانواع الاخرى من الفنون التشكيلية من حيث الرسم والنحت والخطوط التعبيرية او من خلال الاليات الناطقة التي تطورت هي ايضا مع تطور الانسان ونتاجاته .

لو نعبر مراحل طويلة لحياة الانسان التي جرت من خلالها التطورات المرئية لما حوله. ونخص في كتابتنا هذه لما نحن نعنيه هنا؛ اي التعبير عن مكنون الفكر والتفاعل الفكري من خلال الجهاز العصبي البايولوجي التركيب مع العقلانية في التفكير المنتج من تفاعل التفكير مع البيئة بجدلية يمكن من خلالها استنتاج ما يمكن الوصول اليه في النهاية وما نسميه نحن هنا بالفن، بمعنى اخر، وبسهولة تامة، فان التفكير يفرض الوصول الى استنتاج مفهوم او ناتج ما نظريا كانت ام عمليا . اي؛ المفكر مهما كان قدرته فانه ينتج سواء كانت نتاجاته بدائية او متطورة حسب الامكانية، اي بمعنى اخر؛ فان المفكر منتج ومعبر عن ما يحصل خلال مخاض التفكير للوصول الى ما يمكن ان نسميه الحقيقة .

اننا يمكن ان نقول ان اي مفكر بعدما يعبر عن ما يجول في تفكيره باسلوب والية فان اظهار او بيان نتاجه هو الفن بعينه، لا يمكن لاي فنان ان يكون فنانا حقيقيا معبرا عن ما ينتجه الا بعد ان يختلي بعقله ويفكر في موضوع او وضع او موقع او لمحة ما . فالنتيجة لما يمكننا ان نقوله ان كل مفكر فنان يعبر بما يفكر به باسلوبه وكل فنان مفكر يعبر بما يفكر باليته واسلوبه المهتم به . لذا يمكن الادعاء بان نتاجات ما نسميه اليوم بالاخلاق والاسطورة والدين فهو نتاج فكر وعقل ما، اي هو فن سواء كان منه ملائم وايجابي ومنه سلبي لا يتوافق مع الواقع .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم