أقلام ثقافية

كُن رائياً

samey alamriالموت بحد ذاته ليس مخيفاً، ولكن فكرة الموت هي المخيفة، لذلك حاول الإنسان منذ أن تأسس عقله ونبتت عواطفه، حاول السيطرة على فكرة الموت تارة بالدين وتارة بالجريمة وتدرج حتى وصل

هذا العصر فحاول السيطرة عليها بالعلم والمخدرات وكل هذا بنظرة مجردة هو حجر أساس قام عليه الشعر والفن، وهو أسمى وأنجع الطرق للسيطرة لحد الآن، يقول الشاعر الصبي آرثر رامبو:

(على الشاعر أن يكون رائياً)

هناك وراء المحسوسات أسرار تصيب الإنسان بذهولٍ نشوان وتوكيدٍ معجز. إنها تبرق في الوجدان وكأنها لم تبرق من شدة سرعة تلاشيها

غير أن الآثار التي تتركها في الروح لا يمنحها لك أي مخدر أو مسكر، وأعتقد جازماً أن أهم من عاش هذه الآثار وتشرّبها هو بيتهوفن، إنها أسرار كالفيض البارد الذي يتسلل إلى كيان الصوفي في لحظة انخطاف فيغيب عن وعي نفسه ولكنه يعي في نفس الوقت أشياء أخرى،

أشياء القلب العظيمة،

أسرار وليست ألغازاً،

ولكنّ عمى الحضارة لا يراها، لا يستشعرها

وجهل العقيدة سرطان آخر

وكل هذا يعمي قلب إنسان اليوم وذاكرته عن شيء لصيق بالإشراق

والإنسان بدوره يعمي عينه عن التلذذ كي تبارك.

كُن رائياً ولا تخف

ذُبْ في معدن الكون واهتف بصوت قريب من الطرق على النحاس،

طفْ في البراري على ظهر حصان رقراق

قدامى الصينيين من الحكماء كانوا على حق بشكل ما

أما الفراعنة فلا

وأما كلكامش فلا .... أيضاً !

 

سامي العامري

برلين

 

في المثقف اليوم