أقلام ثقافية

حديث في اللغة (24): (طالما) و(ما دام)

faroq mawasiلا نقول: أحترمك طالما جدت بمالك،

بل نقول: أحترمك ما دمت تجود...

 (طالما) مركبة من الفعل (طال) + (ما الكافة)، فالفعل فيها لا فاعل له، إذ أن الكافة هي العوض عن الفاعل.

تعني (طالما) كثيرًا ما، فنحن نقول: طالما حزن على أبيه، وطالما أنفق من ماله، وخلافها: قلما زارنا، وقلما يفعل.

يقول إبراهيم طوقان في نشيد له:

طالما استعبدوا *** وأذلوا الرقاب

ونحفظ من نونية ابن زيدون:

لا تحسبوا نأيكم عنا يغيّرنا *** إذ طالما غيّر النأي المحبينا

يا روضة طالما أجْنتْ لواحظَنا *** وردًا جلاه الصَّبا غَضًا ونِسرينا

 

ملاحظة:

تكتب (طالما) و مثلها (قلما) كلمة واحدة، فإذا فصلنا بين (طال) + (ما) وقلنا: طال ما سافرنا، قل ما سافرنا فإن (ما) تكون هنا موصولاً حرفيًا، وتُعرب فاعلاً في محل رفع.

 

أما (ما دام) فهي تفيد استمرارية الخبر، ويكون ما قبلها مرتبطًا بما بعدها:

أثني عليك ما دمت تتطوع وتتبرع،

 فالثناء مرتبط بالتطوع .

يقول ابن الرومي:

وأعذرُه ما دام للعذر موضعٌ *** وأنظرُه ما دامت النفسُ تنظر

والمتنبي في بيته الغزلي:

زودينا من حُسن وجهكِ ما دام ** فحسنُ الوجوه حالٌ تحول

 

ملاحظة:

ما دام – تعرب (ما) مصدرية ظرفية، ومعنى مصدرية أنها تجعل ما بعدها في تأويل مصدر، ومعنى أنها ظرفية أنها نائبة عن المفعول فيه- وهو (المدّة).

و(دام) لا تعمل إلا إذا سبقتها (ما)، وإعراب (دام) -  فعل ماض ناقص (وهو جامد ليس له مضارع مثلاً).

 (ما دام) لها اسم مرفوع (أو في محل رفع) وخبر منصوب (أو في محل نصب)- أي أنها من النواسخ. قال تعالى:

"وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا"- (مريم 31)، فالتاء اسمها و (حيًا) خبرها.

...

نخلص إلى التذكير:

لا نقول:

لا أصافحه طالما دافع عن الظلم والظالمين،

بل أقول:

لا أصافحه ما دام يدافع عنهم.

فطالما دافع عن مواقف غريبة، وطالما ناقش في ذلك مع الأسف.

 

في المثقف اليوم