أقلام ثقافية

لوحة الفنان بين علم النفس وفكرة الألوان

akeel alabodنظرت تماماً الى الشجرة، وهنالك قربها توزعت بصيرتي صوب ساقية قريبة، الى كوخ فلاح كان يمسك بيده اداة لحراثة الارض، ما يسمى بالمسحاة،  وهنالك ايضا كانت الشمس، قد أشرق منها بعض الأقراص.

الحمار كان يدور صوب منخفض مائي، بصحبة حاوية، كانت تتعاضد معه، لإسقاء ذلك المكان من الحقل.

البط، والدجاج ، والتنور، والديك، كانوا أشبه بفصيل حراسة متقدم، وفي الزاوية تلك، الزهرة الحمراء، كانت تحوم حولها نحلة، كأنها جاءت من مكان بعيد، طمعا بأداء مهمتها لصناعة العسل.

الديك وقف في مكان ثان، وراح يصيح بصوته، كأنه يبشر بميلاد يوم جديد، البط كأنه يدور حول منتجعه، تلك الساقية التي احبها منذ زمن بعيد.

الفلاح يحرث تلك البقعة، التي امتدت بعض خضرتها، لتتعانق مع البعض الاخر.

الطيور ابتدأت أجنحتها ترفرف في السماء، الفضاء رغم انه بعيد، لكنه امتد صافيا نقيا، كصفاء تلك الزرقة من ماء الساقية. 

اللوحة بقيت في ذاكرتي متسقة بمكوناتها، تتجاذب معها لغة التنوع، اللون لكل صنف من أصنافه حكاية، ولكل حكاية من حكاياته طباع ومزايا، تختلف في صورها، واطيافها من مكان الى مكان.

الألوان منابعها تختلف، باختلاف المكان، تأثيراتها  تعكس ذلك النوع من الإحساس القابل للانبساط، والامتداد، فالعين ترى اللون، وتذهب به الى العقل، ويذهب العقل به الى النفس، ومن النفس، الى العقل ثانية، حيث الأحساس مفردة تنتمي الى النفس؛ تترجم ما تشعر به النفس، والفنان مهمته مطابقة اللون، مع الصورة التي أمامه، وتشكيلها بطريقة تنسجم مع الموضوع.

فاللون الأخصر، يتناسب مع لون الخضرة والأشجار، اما الأحمر في اللوحة،  فهو الشفق، ويقترب إليهما في الانسياب اللون الأزرق، حيث في موضوعه يجتمع الصفاء، مع البهجة والسرور.

وبهذا تكون اللوحة قد افلح صاحبها في توزيع مسارات هذا التجاذب، والتنافر، الذي يشبه في علم النفس شخصية الانسان، وطباعه المختلفة.

ولهذا تجد ان لكل لون في اللوحة طبع، ولمجموعة هذه الألوان طباع، والطباع هذه وفقا لفلسفة الألوان وموضوعاتها، تشكل هارمونيا يمكن الاستفادة منها في التجاذب الموسيقي، حيث صياح الديكة في الصباح، علاقته ترتبط بمؤثرات  الشروق، وألوانها، وهدير الأمواج، صوته يرتبط بحركة الريح، واختلاف اتجاهاتها، وحفيف الأشجار، والمطر تناغمات لها مسارات وتجاذبات، تشبه انطباعات النفس، واستجاباتها.

وفكرة القول، انه وفقا لموضوعة المدارات الحسية للصورة، وتجاذبات اللون، وهارمونيا الصوت، يمكن التأثير على الحالة النفسية، واستخدام  الملاحظة المذكورة، للقيام بتجربة يمكن اتباعها كعلاج في الطب النفسي.

 

عقيل العبود

 

في المثقف اليوم