أقلام ثقافية

بسام فاضل: دلـفري واتـس أب

منذ زمن يتعدى بضع سنين طالعت في افتتاحية مجلة العربي القراء مقال للأخت الفاضلة رئيسة التحرير عني بالرسائل الموجهة بين نخبة من الشباب في وسيلة هامة من وسائل التواصل الاجتماعي الواتس أب وهي الفئة أو العينة التي تمكنت الكاتبة من الاطلاع على جزء من رسائلها .

كانت الرسائل في بساطتها تعبر عن التخاطب اليومي المعتاد بلهجة شبابية أقرب ما تكون إلى البلدية الممزوجة بالتهكم أو بالمعنى من تلك التي لا تخلو من ولدنة عصريه يشوبها الغرائب السوقية  على اللغة .

ومن بعد المسافة التي تفصلني والموضوع الذي قرأته يمكن تناسيت فحوى ما ذهبت إليه الكاتبة إلا أنها لم تكن لتتحدث عن أمكانية تقريب الفائدة التي قد تجنى من هذه الوسيلة الهامة بين فئة الشباب بل والنشئ في مراحل الدراسة الاعدادية التي يكثرون من أمتلاكها وتنتشر أكثر من أنتشار حملات القضاء على الأمية وقد لا أخطى إن جزمت أن الأمي من هذه الفئة العمرية (12-16)عام من لا يجيد  أستخدام وسيله من وسائل التواصل الاجتماعي وأهمها وأسرعها على الاطلاق الواتس أب .

يمكن لأي مؤسسة تعليمية أو أدارة مدرسية أن تفشل فشل ذريع في مكافحة أنتشار البرمجيات الحديثة والتقنيات المتطورة التي قد تذهب بكل الفوارق بينها والطالب وتلزمه بالتقيد بالآداب المجتمعية والأخلاقية وحتى الأسرة فإنها تقف عاجزة عن مراقبة تصرفات أبنائها وترشيد الاستخدام إلى الأمثل والحد من إكتساح أفة أشد خطورة من تلك التي تخدش الحياء وهي قتل اللغة التي قد تصبح ألفة في التعود على المصطلحات المختصرة والكلمات التي تأخذ مكانها الخاطئ في قاموس الحياة اليومية .

وهنا يتمثل الدور الفائق للقفز فوق كل المستويات الجامدة من قياس التعلم والجمود الرتيب في البناء المعرفي للإرشاد التربوي التي تولده الحاجة الملحة لمتطلّبات العصر في كيفية تقويم الامتلاك الآمن لوسائل التواصل الاجتماعي ,الواتس أقربها في أمكانية جعلها وسيلة للتعلم وتبادل الكتابة الصحيحة في المقام الاول ومن ثم وسيلة تعليمية في كافة مناحي الحياة التربوية والعلمية والادبية بالنسبة للطالب .

كيف يمكن ذلك ,بجهود الإبداع والتكامل بين التوجيه الأسري والمدرسي وخلق البيئة التكنلوجية التي تسهل جذب الطلاب في المراحل الابتدائية للمشاركة والشراكة في مجاميع متعددة المواهب وإنتاج التكتلات في جوانب عديدة وتيسير الانضمام أليها .

ليس في بلدنا فقط وإنما في موطن اللغة العربية أنهيار ملحوظ ناجم عن تفشي  الامية الراجعة من التدريس اليومي فأصبح طلابنا يضاهون أولئك الذين تخرجوا من صفوف محو الأمية وأقل منهم شاناً فلا تجد كلمة بسيطة تخلو من نقصان حرف أو زيادة في حروفها وشكل ذلك رضوخ من قبل المعلم وقناعة تامة أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان وهذه هي حصيلة تدني المجتمع وانشغاله في التعليم الدليفري من الألف إلى اليا ومن الصف الاول الابتدائي إلى الثانوي والجامعي .

يتحكم الواتس أب في توجيه ميول الطلاب وحتى تعليمهم وامتحاناتهم وحلول معادلاتهم وتمارينهم اليومية فعن طريق القص واللصق يمكن أن ترسل لك معلقة مع معانيها أثناء أمتحان في لحظة والإنشاء المطلوب من الطالب في مادة اللغة الربية على أكمل وجه ولكن حين يتخاطب الطالب مع صديقه يحطم كل معاني اللغة وأن كانت في لهجتها الدارجة بتحطيم الأحرف ,والمشكلة أن الكلمات المجزئة تصير عادة متعارف على رسمها على هذا النمط فكم ازيلت اللام من ال التعريف وتحولت كلمة الشمس الى اشمس وحذف الاف من منتصف الكلمة فالجبال تكتب جبل وهكذا  .

من الاهمية الايجابية التوضيح إلى أن مهارة التعبير التي يتشربها الطالب في مراسلاته اليومية تفوق أضعاف ما قد يتعلمه من معلم اللغة وتصبح سهلة سلسة وتتسع أفاقها إلى مدى كبير جداً وتكمن الكارثة إلى أنه عند مناداتها واستدعائها في دفاتر الواجبات المدرسية تثبط أو تتحول إلى رموز وخربشات من الصعوبة بمكان قراءة جملة واحدة سليمة منها .

 

بسام فاضل - كاتب يمني جنوبي

 

في المثقف اليوم