أقلام ثقافية

من روائع القصص القصيرة للروائي الاسباني خوسيه ماريا ميرينو

ترجمة: محمد هاشم محيسن

خوسيه ماريا ميرينو روائي وشاعر وقاص وكاتب مقالة وعضو في الأكاديمية اللغوية الملكية الأسبانية ولد في مدينة غاليثيا الأسبانية عام 1941 ويعد من الكتاب الأسبان المعاصرين الذين لهم صدى واسع في المجتمع الأسباني لديه نتاجات أدبية في مجال القصة والرواية والشعر والمقالة وتتميز قصصه بموضوع السفر والغربة والخيال ووصف الطبيعة. حاصل على عدة جوائز أدبية منها الجائزة الوطنية الأسبانية للآداب في عام 1986عن عمله الموسوم "الضفة الغامضة"، والجائزة الوطنية لأدب الطفولة، والشباب في 1993 عن عمله الموسوم "قطارات الصيف". لديه دواوين قصصية مشهورة من بينها يبرز ديوان " المسافر التائه" الذي أصدره عام 1990، الحافل بالمتعة وجمال الأسلوب الأدبي، وبتقنية التشويق القصصي التي يثيرها عند القارئ، ويتحدث فيه عن السفر والغربة والخيال ووصف الطبيعة وحياة الناس اليومية. وضياع الأمل، والخيال القصصي الأدبي . هذا الديوان يضم مجموعة قصص ابرزها: "المسافر التائه" و"مضمار ريفي" و" الأسرى" و"مناظر خيالية"، و"اللحن الأخير". يقدم شخوص هذه القصص مسألة الغربة والسفر وضياع الفكر، واستحالة الذاكرة، يمزج فيهم الكاتب واقع الحياة اليومية والغموض الأدبي، ولا يمكن تخمين كيف تكون نهايتهم في نهاية القصة.

 في المقطع الاخير من قصة "اللحن الاخير" في ديوانه القصصي يقول الكاتب:

وصل الرجل العجوز منطقة (ريتيرو) المليئة بالأشجار والظلال وجلس على مقعد مستندا على عصاه الخشبية البالية. وبدأ يعزف بمزماره ووصل لحنه الجميل إلى أناس القرية، وتجمع حوله بعض الصبيه وهم يتأملون كيف يمسك بيد مزماره، وباليد الأخرى يمسك عصاه الخشبية وعندما شاهدهم حوله فرح وكان يرى في أعينهم ذكريات الماضي، في ذلك الحين كان الطقس جميلا والحرارة معتدلة، وضوء الشمس منكسر على أغصان الأشجار، وهذا المنظر ذكره بالجبال في قريته . وعندما انتهى من العزف ذهب الصبية وبقى يتأمل الأشجار وظلها متخيلا أشياء كثيرة كأنها تدور حوله، وعلى الرغم من الطقس المعتدل الحرارة إلا أنه شعر بالبرد ورفع مزماره، وعزف لحنا، ومن بعيد رأى مصابيح المدينة وترك العزف ليستعيد نفسه برهة من الوقت ثم عاود من جديد العزف لكنه رأى الشيء الغامض الذي كان يتابعه في سيره، وحاول أن يغمض عينيه كي لا يراه غير أن ذلك الشيء الغامض اقترب منه كثيرا، وانتهى عزفه. وفي ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي مر من قربه فلاح فرآه جاثما لا يتحرك فأدرك أنه ميت، وهو جالس ويده اليمنى على عصاه الخشبية البالية المعقوفة الرأس، ويده اليسرى على مزماره، وهو قرب صدره كأنه يرتاح برهة من الوقت، لينشد لحنا آخر جديدا.

***

في المثقف اليوم