أقلام ثقافية

معادلة الكلمات

akeel alabodالكتابة في حقيقتها عبارة عن تأمل، كونها تحتاج الى مساحة متحركة من التفكير، وانتقاء الكلمات، التي يسعى الكاتب ان يحتويها ضمن لائحة النص.

هذه الكلمات تشبه نبض الوريد، الذي تتوقف معدل سرعته على مقياس الضغط.

فالكلمات المنفعلة للكاتب مثلا، تراها في حقيقتها الحسية تختبئ في وجدانه وضميره، تحثه لان تكون بين طيات نصه. وهذا طبعا يشبه ما يسمى بتفريغ الشحنة.

 فالانفعال في الكتابة مثلا، ليس انفلاتا، بل انفصالا عن حركة الواقع، هو يكاد ان يكون، اقصد الانفعال، من قبيل ذبذبات حسية وجدانية، تنصهر لحظة الغليان، لتفرض نفسها على النص بشكل، اوباخر.

لذلك قد يشعر البعض من الكتاب، انه لأمر لا بد منه، هذا الذي يجعلنا نقتفي كل يوم اثار ظاهرة ما، لنكتب عنها، او لنصرح باصوات عالية بخصوصها، بصورة تكاد ان تكون احيانا صعقة كبيرة، تشد القارئ اليها، خاصة عندما تكون هنالك حالة تماس مباشر، مع تفاصيلها، يعني ما يسمى بالحدث الساخن.

فمثلا وانت ترصد ظاهرة البطالة، اوالفوضى، وتكتب او تصرح بشدة عنها، اوعن غيرها من الظواهر السلبية الاخرى، تجد نفسك انك تضع المسؤولين في قفص الاتهام،ذلك لتوقظ البعض من غفلتهم.

هنا وانت تفعل ذلك، تجد نفسك، انك امام طريق يحتاج الى مواصلة جادة ومستمرة لرصد ما يحصل.

هذه المواصلة قد تجد استجابة، فتترك اثرها الإيجابي، حيث من خلال هذا الذي يسمى انفعالا،  يكون الكاتب قد أنجز مهمة إنسانية تكاد ان تلاحقه.

هذه المهمة اقتضت هذا النمط، اوذاك من الكتابة، وتلك تشكل أقصى شروط السعادة عند الكاتب. 

وهذا ليس معناه ان الكاتب فقط يهمه رصد الظواهر السلبية، فهنالك من الظواهر الجميلة ما يشد الكاتب أويغريه للكتابة عنها،  لذلك يذهب هذا الشاعر، اوذاك لوصف جمال عصفور على الشجرة، اوفراشة تمتص الرحيق.

هنا الكتابة تفاعل وجداني ينبض مع حركة الظواهر، اوالموضوعات، والقضايا الاخرى، بغية توصيف نتائج التفاعل الخاص عند طرف اوزاوية النتيجة، ومثل ذلك، مثل معادلة في الرياضيات، اطرافها،  6+ 9= 15.

فالعدد (15) هو الرقم الخاص بنتيجة تفاعلك الحسي مع الموضوع الفلاني، اوالظاهرة الفلانية، وهذا الرقم متبدل بحسب طبيعة التفاعل، وشخصية الكاتب، وخزينه الفكري، وتجربته مع الحياة، والمؤثرات الزمانية، والمكانية، بما فيها الحالة الصحية للكاتب، فالمعتل بالقلب مثلا تراه غير هذا الذي يمتلك صحة سليمة.

اما الرقمين (6)، و(9) فهمًا عبارة عن تفاعل المشاعر، مع الموضوع.

وخلاصة الكلام ان الكتابة يمكن تحليل مكوناتها الى ثلاثة عوامل وهي: الظاهرة، المشاعر، نتيجة التفاعل، أوصورة التفاعل الناتجة عن ذلك.

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم