أقلام ثقافية

الشاعرة والقاصة رائدة عكاشة تعزف بالحرف على وتر الكلمات

1344 raedaakashaرائدة عكاشة شاعرة وكاتبة شابة قادمة من احضان الجليل، من دبورية المتربعة على جبل الطور، عشقت الكلمة والحرف منذ الصغر، وراحت تغوص في يم الشعر وجداول الادب، وتقتنص الفكر.

انهت رائدة دراستها الثانوية عام ١٩٨٩، انهت الدراسية الجامعية، وتحمل شهادة في اللقب الاول تخصص لغة عربية من جامعة البلقاء التطبيقية، وتعمل معلمة لجيل الطفولة في مسقط راسها .

تكتب  رائده القصة القصيرة والقصيرة جداً والخواطر والاشعار، وتمتاز كتاباتها بالدفق الوجداني العاطفي، وفي قصصها تجسد تفاصيل الحياة الفلسطينية البسيطة بالامها وآمالها، وتعبر عن القضايا الوطنية والاجتماعية، وخاصة قضية المرأة، وهي تنحاز للقيم الانسانية والمثل العليا .

شاركت رائدة في الامسيات والندوات الادبية والثقافية، ونشرت كتاباتها في عدد من المجلات والصحف والمواقع الالكترونية المحلية والعربية .

ولها مجموعة قصصية قيد النشر بعنوان " قصص جليلية" .

اشعار رائدة عكاشة غنية بالوصف والتصوير، وتعتمد على الوصف التصويري كدعامة كبرى للشعر الجيد لا تنفصل عنه ولا يجوز بدونها، ولوحاتها الشعرية تعتمد الصدق والاحساس والتعبير، كذلك تعتمد على موهبة من الخيال المتفجر الذي لا ينضب معينه .

اننا نتبين الجمال الوصفي الزاهي الرقراق في ابداعات رائدة عكاشة، الحسون الغريد على جبل الطور حيث تشمخ قريتها الجميلة الوادعة، وحنجرتها ملأى بالاغاريد الثرية بالاحساس والجمال والرقة والموسيقى والخيال، وتقوم على الصورة والنغم والانسجام لايصال الفكرة والاحساس الى وجدان القارىء وحسه . وهي توفق كثيراً في الحبكة القصصية وفي معانيها المؤثرة، فتقدم لوحات قصصية لطيفة حساً وذوقاً وبعداً انسانياً . وسواءً في نثرها وفي شعرها المنثور ام في نصوصها وتجاربها الابداعية، نلمس ونستشف صنوفاً من الوصف الواقعي المجرد، ومن التصوير الذي يعكس الاحاسيس النفسية، ويلونها، ويخلع عليها الظلال، وفيها ايضاً الكثير من الزخارف الجميلة والصور الجذابة لكثير من شؤون الحياة والمجتمع وقضايا الوطن .

التصوير فن رفيع يضفي على الموصوفات الواناً وظلالاً، ويبعث فيها روحاً وحيوية، ويخلق لها سماوات تسرح فيها النفس ويهيم الخيال .

ورائدة عكاشة تتناول الاحاسيس والخيالات والاشياء وتؤلف بينها تأليفاً بارعاً يثير ويحرك، يفرح، او يحزن .

ان الصورة الشعرية لدى رائدة حسية حقيقية وروحية خيالية، ولكن جمال الروح التي صيغت به، والاسلوب الذي سكبت فيه يجعلها اعمق تاثيراً من الواقع، ويجعل للواقع نفسه جمالاً اخاذاً وفائقاً، من جمال الايمان والخشوع الذي يوحي بهما وتدعو اليهما .

وللطبيعة في نتاج رائدة عكاشة الشعري، والطبيعة فن كلها، والقلق الخلاق يستطيع ان يبدع  ما شاء في نقل صورها رسمها، ويتفنن ما يشاء في تلوينها وتجسيدها . وقد فعلت رائدة ذلك في عدد من قصائدها التأملية الهامسة الرقيقة، وهل غير الطبيعة الجميلة ما يوحي بالايمان، وصفاء النفس، ووداعة الروح، ونقاء الضمير، وما يدعو الى المحبة والرحمة والتعاطف الانساني  . هذه الطبيعة الزاخرة بالايحاءات الفنية الوجدانية، وهذا المعرض الشعري الحافل بالتحف النفيسة  ومباهج العين والاذن والحس.

وفي كل قصيدة لرائدة عكاشة نجد مع العبرة ابداعاً في الصياغة الشعرية الفنية، ومقدرة فائقة في اخضاع اللغة للمعاني الجميلة وللاوصاف المدهشة والاحساس العفوي الصادق، ولنسمعها في قصيدة " عزف الحروف" حيث تقول :

اجتاحتني نوبات الحنين وكلما راودتني فكرة

العزوف عن الكتابة

وداهمني الحرف الدامي

اعزف بالحرف على وتر الكلمات

يركض قلبي نابضاً

باحاديث الروح على اوتار الحياة

يحكي، يتألم، يصرخ، يفرح...

تاركاً لي ان اقطف النور من مرفأ الحرف

عناقيد ورد وحب

وميلاد حياة

ايتها الابجدية

يا جرحاً يبحر في اعماقي

ويستظل بين ثنايا الروح

اكسري حاجز البعد تسبيح الكلمات

وأججي بركان القلب بشهوة الوجد

وفيضي حمماً من الشوق في صدري

وابحثي فيه عن حروف للشفاء

كي تبصر النور

وارسمي قصيدة حالمة

تنتظر الفجر

ليولد من جديد .

حين نقرأ نصوص رائدة عكاشة نقف مبهوتين فننساق مع خيالاتها على اجنحة لطاف خفاف، تحلق بنا في السموات العلا، فنتمنى كل منا لو يكون صاحب هذه الملكة الشعرية والموهبة الحقة والخيالية الجميلة، المؤسسة على الصدق المرهف والشفافية والتعبير الرائع عن خلجات النفس الحساسة الرهيفة .

رائدة عكاشة كاتبة وشاعرة بالفطرة، تتمتع بالدفء، وتعنى في استقصاء طاقات اللغة والايقاع وتفجرها في اشكال تتفرد بها بين شاعرات ومبدعات ابناء جيلها، وهذا الاستقصاء تجسيد لما يسمى فضاء الأعماق، حيث تتلاقى ابعاد الانسان الاجتماعية والفردية الانسانية والكونية، وهي في هذا كله تصدر عن اعتبار الشعر فاعلية ابداعية لتغيير الكون .

رائدة عكاشة شاعرة بروحها النقية الهادئة المرهفة، في افكارها وعواطفها ووطنيتها وانسانيتها، شاعرة في اسلوبها والفاظها وتعابيرها وصورها الشعرية، في الجناس والطباق والسجع، في البلاغة والبيان، وفي اللغة الصافية العذبة كماء الجداول في فصل الشتاء .

ما يميز رائدة عكاشة رهافة الحس، وجمال اللغة، واناقة الحرف، ورقة المشاعر، ودفء الاحساس والنبض الجارف، والاسلوب البياني البديع، والصور المبتكرة الجديدة، والتعبير الصادق، وجزالة العبارة، واللفظة الناعمة، والعاطفة الملتهبة المتدفقة .

وفي وطنياتها تتحرق رائدة الماً ووجعاً وعذاباً لمعاناة شعبها وواقعه المر المأساوي والوقوف معه في معركة الكلمة ضد الرصاصة، وفي الحب والغزل تتجلى اللهفة الحارة والشوق والحنين اللهيف للحبيب الغالي، الذي تناجيه نجوى العاشقة الملتاعة، وتذكره بالأيام الغابرة، وما تركت من ذكرى في القلب والوجدان .

لشعر رائدة عكاشة رنيناً عذباً في النفس وصدى حبيباً في القلب لانه شعر صادق غير متكلف، شديد الحرارة، بعيداً عن الركاكة والافتعال غير المبرر .

رائدة عكاشة شاعرة مجلجلة اللفظ، ثرية بالمفردات، تهدر كأنها السيل العارم، وترق كأنها الساقية، تهتف للوطن وتغني للحب وتشدو للطبيعة والحقل والسنابل، وتتحرق شوقاً للقاء المهجرين اللاجئين الفلسطينيين في خيام اللجوء والشقاء وتنتظر عودتهم الى الديار، وتعانق الفرح والحرية، وموتيفاتها هي الطبيعة والشجر والارض والبيت والبحر والسماء والمرأة والاحتلال والرياء الديني والنفاق الاجتماعي الوبائي، وغير ذلك .

وهي انسانة تفهم معنى الحرية دون قيود، مع احترام من حولها دون المساس بهم، لأن الحرية كما تراها مسؤولية تقع على كاهلها، وليس فوضى نتصرف كما يحلو لنا .

رائدة عكاشة قاصة تمتلك قدرة سردية هائلة على خلق الشخوص المتعددة بتفصيلاتها النفسية في فضاء النص القصصي، وقصصها مميزة بموضوعاتها الاجتماعية الواقعية المستقاة من صميم حياتنا، وتنبئ عن موهبة قصصية ملفتة .

وهي تميل لكتابة القصة القصيرة جداً التي تتميز بقصر الحجم والايحاء المكثف والنزعة القصصية الموجزة والمقصدية الرمزية المباشرة وغير المباشرة، فضلاً عن خاصية التلميح والاقتضاب والتجريب والنفس القصير الموسوم بالحركة والقلق والتوتر وتأزم المواقف والاحداث .

وهي تنتظر اشهار مجموعتها القصصية الاولى " قصص جليلية " .

اشد على يدي الشاعرة والقاصة رائدة عكاشة، واتمنى لها مستقبلاً ادبياً يانعاً، تقطف فيه ثمار تجربتها الابداعية، ولها الحياة والسعادة ودوام العطاء الشعري والقصصي .

 

شاكر فريد حسن.

 

 

في المثقف اليوم