أقلام ثقافية

أشبه مارلين مونرو.. فلا تصدقوا الأضواء وصدقوني

najia mustafaalahmadiلأكون جديرة بهذا السر كان لابد لي من جرح شامخ، قدري كان أن أسقط من العالم، أن أحمل عطري وأتجرد من أي شيء آخر و أكتب من خارجه.

أنا امرأة لا أجيد شيئا ذا أهمية، لا شيء غير الفوضى العارمة، لا أجيد أن أصحح مسار الوطن الذي تلقيت فيه السرلأول مرة، ولا حتى أن أدلي برأيي فيما يحدث فيه، قدري كان أن أتأمل جرحه في صمت من هنا، وأنزف شعرا بئيسا عن الجياع والموتى والمرضى والمقهورين و المتعبين والعشاق المعذبين، قدري كان أن أكتب للأطفال عن الحب الذي لم يجد قلوبا جديرة به هناك. أن أستمر في الكتابة رغم أنها سيئة لا تغير شيئا، فكل ما قرأته وكل ما كتبته لم يزدني إلا جحيما.

أنا امرأة لا أجيد شيئا ذا أهمية، ألجأ للعدسات اللاصقة والرموش الاصطناعية لكي أصاب بضبابية الرؤيا وأتجنب الإمعان في التفاصيل ولكي أخفي سري عن الفضوليين الذين يجيدون قراءة الفنجان في العيون، أنا امرأة غبية حين أوهم نفسي أني لا أَرَى ولا أُرَى.

أنا امرأة لا أجيد شيئا ذا أهمية، غير أن أحدق طويلا في المرآة وأرقص عارية أمامها بحرائقي التي لا تنتهي، وكم نصحوني ألا أفعل، فالجن الذي يسكنها قد يسكنني، هم لا يدركون أني ظل والجن لا يسكن الظلال، أني اندثرت منذ اقتربت من الضوء واحترق جناحي الأيسر.

 أنا امرأة لا أجيد شيئا ذا أهمية غير أن أشغل الهاتف وأقف أمام الكاميرا لأسجل لامرأة لا تجيد شيئا ذا أهمية مثلي مقاطع فيديو أخدعها فيها كما أخدع نفسي تماما بلعبة الضوء في الوجه وإخفاء زوايا الظل فيه بمساحيق التجميل ولأنها تحيا بالوهم مثلي تصدق أنها تحايلت على اليأس وأجلت موعدها مع خطوط الحزن بزمن.

أنا امرأة لا أجيد شيئا ذا أهمية، غيرأن أعصرالقهوة بالقرفة والزعتر وأنا أدندن مع فيروز في تلك الصباحات النادرة التي أعتذر فيها لأراغون وأنسى أني حين أفتح ذراعي لأستقبلها أكون قد رسمت خلفي علامة الصليب، تلك الصباحات التي أترقب أن تنبثق من المشاعل البعيدة من قلب العتمة بعد تلك الليالي البهيمية التي يسمونها خطأ بالليالي البيضاء.

أنا امرأة أشبه الليل في عتمته، في غربته، في غموضه، في سكونه وفي صخبه الذي لا يصل إليكم.

أنا امرأة تهوى التشظي، أفك أزراري للحب وأدخله عارية وبعد أن أسلم كل شيء للرصاص، أنبعث لأكتب من خارج العالم، من خارج الحواس.

أنا المرأة الظل أتيت من زخم الدموع لا أجيد شيئا ذا أهمية، أشبه مارلين مونرو فلا تصدقوا الأضواء و صدقوني.

 

نجية الأحمدي - المغرب

 

في المثقف اليوم