أقلام ثقافية

تولستوي بين حياة شرارة ومحمد يونس

ضياء نافعالمرحومة أ.د. حياة شرارة (1935 – 1997) والمرحوم أ.د. محمد يونس (1937 - 2009) هما علمان من اعلام   قسم اللغة الروسية في كلية الاداب ثم في كلية اللغات بجامعة بغداد، وعلمان من أعلام الباحثين باللغة العربية والمترجمين عن الروسية في قضايا الادب الروسي  بالعراق بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام، وهما ايضا شخصيتان معروفتان في الاوساط الروسية التي تتابع نشاطات الباحثين والمترجمين العرب في مجال الادب الروسي، وقد ورد اسميهما – مثلا - وتحليلا شاملا لاسهاماتهما في مجال الادب الروسي في العالم العربي على صفحات عديدة في كتاب د. الميرا علي زاده الموسوم – (الادب الروسي والعالم العربي)، الصادر في موسكو عام 2014 عن معهد الاستشراق التابع لاكاديمية العلوم الروسية، وكذلك في مصادر روسيّة اخرى .

لقد تناولنا في كتاباتنا عن الادب الروسي مساهمات د. حياة شرارة ود. محمد يونس في كثير من مقالاتنا (انظر، مثلا، مقالاتنا بعنوان –  حياة شرارة والادب الروسي في العراق - لقطات / ثلاث نقاط حول كتاب بلقيس شرارة – هكذا مرّت الايام / نجوم في سماء كلية اللغات / محمد يونس وداعا / محمد يونس والادب الروسي في العراق). اليوم نريد التوقف عند اطروحتي الدكتوراه لكل من حياة شرارة ومحمد يونس، اذ انهما قد كتبا اطروحتيهما عن الاديب الروسي ليف تولستوي. ان التوقف عند هذه النقطة المشتركة بينهما قد توضح بعض سماتهما العلمية، وقد تجيب عن بعض الاسئلة حولهما .

حياة شرارة وصلت الى موسكو والتحقت رأسا بقسم الدراسات العليا  يالقسم الروسي بكليّة الفيلولوجيا (اللغات وآدابها) في جامعة موسكو، اذ انها كانت تحمل شهادة البكالوريوس في اللغة الانكليزية وآدابها، اما محمد يونس، فقد كان في تلك الفترة طالبا في الدراسات الاوليّة بالقسم الروسي في تلك الكليّة ليس الا . تخرّج محمد يونس اواسط الستينات وحصل على درجة الماجستير وعاد الى العراق، وقد تمّ تعينه في قسم اللغة الروسية بكلية الآداب في جامعة بغداد، أما حياة شرارة، فقد انهت دراستها العليا وحصلت على شهادة الدكتوراه بعده، وعادت كذلك الى العراق وتمّ تعينها في القسم المذكور ايضا . كتبت حياة اطروحتها عن تولستوي والتحليل النفسي في ابداعه، مع التركيز على روايته الشهيرة (آنّا كارينينا)، ونشرت حياة كتابها الاول في بغداد بعنوان – (تولستوي فنانا)، وهي اطروحتها واقعيا، ولكنها مشذبة ومزيدة ومنقحة، ولا زال هذا الكتاب يعدّ واحدا من المصادر الاساسية العربية في دراسة تولستوي، وقد صدرت عدة طبعات له. اما محمد يونس، فقد حاول التوفيق بين عمله في قسم اللغة الروسية وبين الاستمرار بالدراسات العليا في جامعة موسكو، وقد استطاع – بصعوبة بالغة – ان ينهي هذه الدراسة مع الاحتفاظ بعمله في جامعة بغداد . اطروحة محمد يونس كانت ايضا عن تولستوي، ولكن مقارنة بالادب العربي، اذ ان طبيعة ظروفه لم تسمح له بالتفرغ للدراسة في موسكو طوال الوقت، وهكذا كتب اطروحته واقعيّا في الادب المقارن . لقد راسل محمد يونس كثيرا من الادباء العرب وحصل منهم على آراء متنوعة عن تولستوي (منهم مثلا غائب طعمه فرمان وعبد المجيد لطفي)، وكم اتمنى ان تنشر هذه الاطروحة بالعربية، لعدم وجود اي مصدر عربي لحد الان يمكن ان يعوض عنها . اطروحة حياة شرارة عن تولستوي أدّت بها ان يكون اختصاصها الدقيق – (تولستوي روسيّا)، اما اطروحة محمد يونس عن تولستوي فانها ادّت به ان يكون اختصاصه الدقيق – (تولستوي عربيّا)، ولهذا، كتبت لنا حياة شرارة نتاجات رائعة ومتنوعة حول الادب الروسي البحت، اما محمد يونس، فقد كتب لنا كتابه الشهير والفريد في المكتبة العربية وهو - (الكلاسيكيون الروس والادب العربي).

حياة شرارة ومحمد يونس – اسمان كبيران في دنيا الباحثين العراقيين حول الادب الروسي، ويوحدهما – ليف تولستوي .

 

أ. د. ضياء نافع

 

في المثقف اليوم