أقلام ثقافية

الكاتب محمد نفاع في مجموعته القصصية الجديدة: غبار الثلج

شاكر فريد حسنآخر اصدارات الكاتب الفلسطيني محمد نفاع، المقيم في بيت جن المتربعة كالعروس على صدر الجليل الاعلى، هي مجموعة "غبار الثلج" الصادرة في حيفا عن دار نشر "راية" لصاحبها بشير شلش .

وكان قد صدر له من قبل "الأصيلة، ودية، ريح الشمال، كوشان، أنفاس الجليل، التفاحة النهرية" .

ومحمد نفاع هو أحد أعلام الفن السردي القصصي الفلسطيني الواقعي الملتزم بهموم الطبقات الشعبية الفقيرة المستغلة البائسة المقهورة المهمشة والمعذبة. تتسم موضوعاته بالمعاناة والآلام بأشكال وصور متعددة، مع محاولة دائمة لبث الامل والتفاؤل واستشفاف المستقبل، والتطلع نحو الأفضل رغم كل شيء، وذلك كموقف واعِ نابع وصادر عن كاتب ملتزم شيوعي وثوري أصيل .

تضم "غبار الثلج" بين طياتها عشر قصص قصيرة، والقاسم المشترك بينها أنها قصص واقعية هادفة وموجهة مسحوبة من واقع الريف وحياة القرية، وتصور واقعنا الاجتماعي والسياسي، وتحاول ترسيخ القيم الوطنية والإنسانية، وحب الوطن والارض والانزراع  فيها، والتمسك بتراث الفلاحين والقرويين والتضامن الاجتماعي مع الفقراء وبسطاء الشعب وعامة الناس .

هي قصص تنغمس في الهموم المعيشية والحياتية بجرأة، ويسيطر عليها الهم اليومي والوجع الفلسطيني والإنساني، وتجسد شخصيات واقعية انسانية مهمومة وصادقة اكتوت بلهيب سياسة القهر والاضطهاد والقومي السلطوية. تمتاز بواقعيتها وشعبيتها، وتأتي تجسيدًا لنماذج اجتماعية طبقية، ويغلب عليها الطابع القروي البسيط، بمعنى أن تركيز هذه القصص جاء بناءً على انماط من الحياة اليومية ومظاهرها الواقعية وتفصيلاتها الدقيقة .

وفي هذه القصص يصول محمد نفاع ويجول بين مروج الجليل، وفي سماء الوطن، واصفًا حياة الفلاحين والقرويين، وأبناء الريف وعلاقتهم العضوية الوطيدة بالأرض، مستعرضًا الامكنة والطقس والمناخ، ذاكرًا السهول والوديان والمغر والأشجار والنباتات، مستحضرًا الماضي الجميل، وموظفًا الامثال الشعبية التراثية .

ويمكن القول انها قصص تسجيلية وصور فوتغرافية  لما يحدث في الواقع وعلى الأرض، وعن حياة أهل الريف وأهل القرية الفلسطينية، وكل ذلك بلغته المعهودة، لغة الشعب، اللغة البسيطة المحلية بفطرتها وانسيابها، اللغة الوسطى التي تمزج بين الفصحى والعامية .

محمد نفاع في مجموعته الجديدة "غبار الثلج" يواصل ما بدأ به من أعمال قصصية تصور واقع الفلاحين والقرويين، وتبرز موقفه الوطني والقومي والأممي الإنساني، وتظهره ككاتب مفرط بالتزامه وتحزبه وعروبته وفلسطينيته، منحاز ومنتصر لجموع بسطاء الشعب والكادحين والمقهورين فوق كل أرض .

وهو يبرع في الوصف والتعبير عن شخوصه والانغماس في نفسياتهم، وهم شخوص واقعيون من أبناء الطبقات الشعبية الكادحة المكافحين والمتطلعين لأجل حياة أكثر سعادة، ويحلمون بغد أفضل . ويتقن توظيف واستخدام أدواته التعبيرية والتشكيلية، وتبرز مقدرته في السرد الجميل المشوق الماتع، واستطاعته لما تطرحه الرؤى الجديدة لفن القصة القصيرة وسيلة لتسجيل الأصداء النفسية والحالة الاجتماعية والسياسية .

واخيرًا، محمد نفاع فنان أصيل في وصفه لواقع الريف وللأرض وطبيعتها، ووعرها، وجذرها، وبيدرها، ومراعيها، وهو كالرسام الماهر يغمس ريشته في رحم الارض فتخرج لوحات زاهية رائعة تقطر بهاءً وروعة وجمالًا، وتكتسب قصصه بعدًا إنسانيًا وطنيًا وطبقيًا، ورؤية تقدمية جمالية .

 

بقلم : شاكر فريد حسن

 

في المثقف اليوم