أقلام ثقافية

أمثال صينية مترجمة عن الروسية (11)

ضياء نافعالترجمة الحرفية – من عش الغراب لن تأخذ بيضة دجاجة.

التعليق – مثل جميل وطريف، وصورته الفنية جديدة ومبتكرة بكل معنى الكلمة . قال صاحبي، ان هذا المثل سياسي بحت، وانه ينطبق على هؤلاء الذين يأملون العدالة من الطغمة الظالمة بسبب سذاجتهم وعدم معرفتهم بقواعد اللعبة . قلت له، انك تحمّل المثل بافكارك العراقية الملتهبة، لانك ترى كل شئ عبر هذه المعاناة في بلادنا. لم يوافق، ولكنه لم يعلق بشئ، وقال فقط بسخرية ظاهرة  – اذهب وخذ بيض الدجاج من عش الغراب ...

**

الترجمة الحرفية – عندما يكون الانسان محبّا للعمل، الارض لن تكون كسولة .

التعليق – تلاعب غير اعتيادي بالكلمات ومعانيها وموقعها في الجملة، ولكن هذا (التلاعب!) جميل جدا، لأنه يؤكد حقيقة ساطعة تقول، ان (كسل!) الارض يرتبط فعلا ب (كسل!) الانسان، ومعروفة علاقة الكسل والبصل في مثلنا العربي الشهير والعتيد - الكسل ما يطعّم بصل.. مثل فريد جدا بصياغته المتميّزة .

**

الترجمة الحرفية – الافضل ان ترى الوجه، مما ان تسمع الاسم .

التعليق – توجد علاقة وثيقة بين مشاهدة العين وسماع الاذن، وقد تناولتها أمثال الشعوب كثيرا، بما فيها أمثالنا العربية طبعا، ولكن المثل الصيني هذا يحدد موقفا دقيقا واضحا جدا، وهو – رؤية الوجه مقارنة بسماع الاسم، ومن الواضح هنا، ان الكلام يدور حول الانسان، الذي يتطلب ان يحدد الشخص موقفا بشأنه . طرح صاحبي عليّ سؤالا طريفا حول هذا المثل، وهو – هل ان الصينيين أخذوا يصيغون ألامثال الملائمة لنا، مثلما يعملون البضائع الملائمة لنا ؟ ضحكت أنا، وقلت له – لا أعرف، ولكن يجب ان تسأل دلاّلاّت الزواج عندنا، فضحك صاحبي ايضا وقال – هنّ اختفين في عصرنا تقريبا، ولكن المثل الصيني لازال حيّا يرزق .

**

الترجمة الحرفية – لا تتسلق – لن تسقط .

التعليق – ما ابسط هذه المثل وما اعمقه ! سألني صاحبي - هل يسمع (المتسلقون العرب !) تحذير المثل الصيني يا ترى ؟ فقلت له، المتسلقون العرب وغير العرب لن يسمعوا هذا التحذير الا بعد ان يسقطوا ...وتلك هي التراجيديا والكوميديا في الفن المسرحي وفي مسرح الحياة ايضا.

**

الترجمة الحرفية – لم يتعلم المشي بعد، ويريد ان يركض .

التعليق – يقول المثل الروسي في هذا المعنى – لم يجفّ الحليب على شفتيه بعد . كل الامثال العالمية حول هذه الظاهرة الانسانية تمتلك صورا فنية طريفة طبعا . هل تذكرون تعابيرنا المتنوعة بلهجتنا العراقية عن (اللحيمية)، وعن (الزعاطيط)، وعن (الحثلّك) ... 

**

الترجمة الحرفية – الف معلّم، ألف طريقة واسلوب .

التعليق – كلام صحيح فعلا . تلاميذ المعلمين سيختارون في مسيرة حياتهم اللاحقة الطريقة الأفضل والاسلوب الأمثل لهم في حياتهم، ولكن المثل الصيني هذا يؤكد حقيقة ساطعة تقول، ان  هذه المهنة ترتبط بالمهارة الذاتية للمعلّم قبل كل شئ . 

**

الترجمة الحرفية – الانسان الذكي لا (يصرف) كلمات كثيرة .

التعليق – وضعنا كلمة يصرف بين قوسين في الترجمة الحرفية رغم عدم وجود ذلك في النص الاصلي، وذلك لأن روحية هذا المثل الصيني تكمن في هذه الكلمة، اذ انه يريد ان يقول لنا، ان (الكلمات) ثمينة مثل (النقود)، ولهذا، فان الانسان الذكي لا (يصرفها!) عبثا . مثل ذكيّ ومبتكر فعلا.

**

الترجمة الحرفية – قلوب البشر ليست متشابهة، مثل الوجوه .

التعليق – الله الله ...هكذا صاح صاحبي عندما قرأت له هذا المثل، فسألته متعجبا عن سبب ذلك فقال، المعنى جميل جدا والصياغة كأنها قصيدة نثر، وانني صحت هكذا اعجابا بالمثل شكلا ومضمونا . ثم سألني، وانت ماذا ترى؟ قلت له، اني اتفق معك كليّا ...

 

أ. د. ضياء نافع

.............................

من كتاب: (أمثال شرقية مترجمة عن الروسية) بطبعته الثانية، المزيدة والمنقحة، والذي سيصدر عن دار نوّار للنشر في بغداد قريبا.

ض.ن.

 

 

 

في المثقف اليوم