أقلام ثقافية

الكِنْدي الكوفي العراقي المجهول!!

صادق السامرائيأبو يوسف يعقوب بن إسحاق الصبّاح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، العربي العراقي المسلم الكوفي، مولود في مدينة الكوفة حيث كان أبوه واليا عليها، وعاصر المأمون والمعتصم والواثق والمتوكل وتوفي في زمن المعتمد.

أمضى فترة من صباه في البصرة بعد وفاة والده، وذهب إلى بغداد حيث تعهده المأمون وعينه في بيت الحكمة، لترجمة كتب الفلسفة اليونانية.

وعندما توفى المأمون عام (833 م)، أعقبه المعتصم الذي عبّر عن إعجابه بالكندي وإصطفاه مربيا لإبنه أحمد، وقد إجتهد الكندي بتربية الخليفة المنتظر على مبادئه ومعارفه، وتعلق به أحمد ونهل من علمه الكثير حتى صار معبرا عن لسان حال عقله، ويُذكر أنه مُنِعَ من الخلافة بسبب ذلك.

ويُقال أن مؤلفات الكندي بلغت 241 في مجالات المعرفة المتنوعة، كالفلسفة والمنطق والطب والحساب والكيمياء والموسيقى، وتنسب إليه كلمة موسيقى، وهو الذي أضاف وترا خامسا للعود ووضع سلما موسيقيا، وتوفي في مدينة بغداد عام (873 م) وعمره سبعين سنة.

وكان مولعا بالكتب ولديه مكتبة شخصية تُسمى (الكُندية) جمع فيها نفائس المخطوطات في زمانه، وقد تم الإستحواذ عليها من قبل المتوكل وبعد أعوام أعيدت له، لكنها تبعثرت بعد وفاته.

الكندي الذي لا يوجد ما يشير إليه في موطنه غير مستشفى الكندي، التي ربما تغير إسمها وصارت منسوبة لعمامة ما، ولا أظن له أثر في مدينة الكوفة، كنصب أو مدرسة ومكتبة بإسمه، أو قاعة في جامعة الكوفة، وما قرأنا عن مؤتمر أو ندوة لإحياء ذكراه وتمثل أفكاره وإنجازاته، والإحتفاء الوحيد بالكندي حصل في (9-12\12\1962) في بغداد.

هذا العربي العراقي الكندي أبو الفلسفة العربية ومنار مسيرتها، التي تواصلت من بعده بقيادة الفارابي وإبن سينا ومَن جاء بعدهما، يتناساه حتى أبناء مدينته ولا تجدهم يكتبون عنه أو يصدرون كتابا بإسمه.

وتلك صورة لواقعنا التي تشير إلى جهلنا بذاتنا وموضوعنا، وإهمالنا لرموزنا وعلمائنا وعدم الإقتداء بهم، والتعلم من مناهجهم وتطويرها والوصول بها إلى ذروتها.

فالعلم لا يُبنى من العدم وإنما بتفاعل العقول وتلاقحها، لتتطور وتتوالد وتأتي بما هو معاصر ومفيد.

تحية لهذا الرمز المعرفي الكوفي العراقي العربي، الذي يستحق منا أن نضعه في مكانه التنويري المناسب، لكي تهتدي بمشاعل معارفه الأجيال وتتنامى وتتحقق بعصرها الوهاج.

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم