أقلام ثقافية

مسلسل النهاية (3)

اميرة مصطفى محمودتبدأ الحلقة ببقية مشاهد اختطاف البطل زين والتي أرى بعضها إلى حد ما غير مقنعة أو واقعية في إخراجها!

كانت مشاهد الاختطاف مقبولة ومقنعة منذ بدايتها بل ومبهرة في تقنيتها الخارقة طبعا. ولكن قد يستغرب المشاهد بمثلي، كيفية ثبات المخطوف الموثق اليدين من الخلف، فوق الموتوسكل أو أيا كانت صفته أو مسماه، المطارَد والمنطلق بأقصى سرعته عبر طرق وممرات وسلالم، هربا بالهدف المخطوف من مطاردة القوات الأمنية البشرية والآلية الطائرة! وكيف أن ذلك البطل لم ينزلق أو يُرمى أرضا في أثناء تلك المطاردة خاصة وأنه لم يكن ثمة ما يثبته بعد وقوع الشخص الذي كان راكبا وراءه!

كما أن من المستغرَب أيضا هو لحظة أن رمى زين نفسه من فوقها ليهرب من الخاطف، فهل كان منطقيا أن لا يشعر السائق بحركته وقفزته أرضا!

على العموم ربما كان منطقيا فعلا نتيجة لسرعته أو لبلاهته التي تجلت كذلك بوضوح لحظة وصوله إلى وكر العصابة!

لكن المأخوذ فعلا على المخرج في مشهد قفزة زين، هو أن الكاميرا كانت ترصد البطل في أثناء قفزته ودحرجته على الأرض عقب وقوعه، وذلك بديهيا جدا طبعا، وبديهيا أيضا أن تكون تلك الدحرجة استغرقت بعض ثواني لأن السرعة الكبيرة للماكينة ستدفعه بقوة في قفزته وتفرض على جسده عدة دحرجات متتالية خاصة وأن يديه مكبلتان ولا يملك جسده أي مقاومة غير الاستسلام لعدد الدحرجات التي تفرضها قوة الدفعة!

والخلاصة من ذلك كله أنه حتما استغرق وقتا حتى استقر جسده على الأرض.. وحتى تمالك قواه للنهوض عن الأرض بغير مساعدة يديه. وما يؤخذ على المخرج هنا أن البطل بعد أن فرغ من دحرجاته واستقر على الأرض وبعد أن نهض عنها واقفا، اتسع الشوت لنرى تلك الماكينة على مقربة جدا من البطل  وأنه فعليا لم يبعد عنها كأنها كانت واقفة بجواره.. مع أن الوقت الذي استغرقه البطل في سقطته كان متزامنا مع السرعة الكبيرة التي كانت تواصل الماكينة بها انطلاقها! فبدا المشهد وكأن السائق كان مبطئا سرعته تضامنا لأجل هروب المخطوف!

وصولا إلى مشاهد تجهيز الروبوت ما بين عزيز وصباح بما دار فيها من حوار، ومرورا بالمشاهد والأحداث السابقة، يتجلى عمق الخيال وبراعة فكرة المسلسل. تلك الفكرة التي تتجاوز مستقبل الأرض البعيد المتوقع، بمراحل، حتى أنها قطعت شوطا طويلا من المستقبل والخيال. فنجدها تجاوزت مرحلة شيوع الروبوتات، وأيضا المرحلة البديهية التالية لها وهي بشكل ما انفلات السيطرة عليها أو ربما انقلابها على البشر حتى أنها صارت مصدر خطر مما استدعى من البشر التصدي لها وتدميرها كمصدر واقعي فعلي لا محض محتمَل للخطر، ومن ثم تجريم تصنيعها أو ربما تقنينه حتى يتطلب الأمر في الحدوتة، كل تلك الصعوبة والسرية والمخاطرة والمغامرة من أجل تخليق ذلك الروبوت!

فقد تخطى الفنان يوسف الشريف بفكرته مراحلا كثيرة من المستقبل المحتمل دفعة واحدة بعمق وبعد نظر واضحين بشكل يستوجب الإشادة كما يستوجب الشهادة له بتميز الفكرة وثراء الفكر.

أما عن عزيز أو الفنان عمرو عبد الجليل المعروف عنه أداءه الكوميدي المرح، فقد جاءت شخصيته بالمسلسل بعيدة كل البعد على ما يبدو من روح الفكاهة والكوميديا ويغلب عليها الرزانة والوقار اللتان يتطلبهما ذلك الدور لما تتمتع به الشخصية من خبرة كبيرة وحكمة فضلا عن الشيب المكلل سواد ذقنه. وقد برع الفنان بدوره في رسم ملامح الشخصية وانفعالاتها على وجهه بشكل هاديء وبنظرات جانبية فيها من التوجس والقلق واستقراء انفعالات صباح ما يعكس تردده الداخلي وحقيقة موقفه مما يصنعه. وإن كانت روحه المرحة قد فرضت نفسها على مدار حلقتين وإن كان بشكل طفيف موارب ولكنها كذلك أطلت بشكل تلقائي طبيعي لا يتنافى مع طبيعة الشخصية على اعتبار أن الإنسان عموما لا تخلو شخصيته أحيانا من بعض تناقض أو تزاوج في الصفات والخصال.

أما عن الحوار ما بينهما فكان مكتوبا بشكل رائع واعي فيما عدا تحفظ واحد لي على صياغة آخر عبارة قالها عزيز قبيل مغادرته بيتها بعد انتهائه من تجهيز الروبوت، في إجابته عن سؤال صباح إن كان الروبوت سيتعرف إليها، وهو تحفظ على الصياغة ليس أكثر.

أما عن أول لقطة بالمشاركة الأولى للروبوت زين والمتمثلة في حركة كفة وطريقة تشنجها فكانت مذهلة بلا شك وواقعية إلى حد رائع.

وعن اللقاء الأول ما بين الروبوت زين وصباح فكان رائعا من حيث الأداء الثنائي ووقع المفاجأة المفرحة على صباح، والموسيقى التصويرية المدهشة التي تمثل ببراعة الوجه العاطفي لذلك العصر المهيب المرعب. وبدا الحوار بينهما طبيعيا وملائما. وأما عن أداء يوسف الشريف الآليّ فكان رائعا ومناسبا جدا. فبعبقرية أداء استطاع أن يؤدي مشهدا عاطفيا بتعابير آلية تمتزج فيها الابتسامة واللين الظاهر بنظراته، في نفس الوقت مع ملامح وجهه الجامدة اللا انفعالية، فكان بذلك أداؤه كروبوت بارعا مدهشا.

وبشكل عام كان الأداء متقنا من المشاركين بالحلقة بداية من أفراد العصابة وكبيرهم الفنان محمد لطفي وحتى موظف استقبال المستشفى بأدائه العنيف الطبيعي فضلا عن الأداء المتقن للفنانة ناهد السباعي.

كما مرت الحلقة على نفس النهج بنقلات سريعة تعكس كثافة الحكاية والتفاصيل.

 

أميرة مصطفى محمود

 

 

في المثقف اليوم