أقلام ثقافية

صوتُ الشعر!!

صادق السامرائيللشعر صوت هادر وفعّال في حياة الأمم والشعوب، ولا يخلو جيل من صوت شعري يمثله، فالشعر مرآة ذات الأجيال، والمسكوب مما فيها من التصورات والرؤى والأفكار.

والشعر صوت العرب منذ أقدم الأزمان، وسيبقى مصدّحا في نهر الأجيال، ولن يخفت أو يفقد صداه ودوره في صناعة الحياة.

وما يواجهه العرب أن الشعراء المعاصرون قد إنكسروا وتعثروا، وانغمسوا بالبكائيات والنواحيات والإمعان بتقليل قيمة الأمة ودورها في صناعة الحياة.

فالسائد في القصائد أنها تجلد الذات، ويخيم عليها الندب وذرف الدموع والبكاء الشديد على تردي الأحوال وسوئها الدوّار.

ومفرداتها تعبّر عن اليأس والقنوط وفقدان الأمل بالحياة، وبإستحضار ما يؤنّب ويعذّب ويدعو إلى الحزن والشقاء.

وتخلو معظمها من مفردات الإقدام والتحدي والرؤية المستقبلية، والصورة التفاؤلية الضرورية للتوثب والتحرر من الخمول والخواء.

ولهذا فأن صوت الشعر غير مسموع ودور الشعراء ضعيف في بناء الحياة وتنوير العقول، وما يطرحونه مكرر وممل ويدعو للهزيمة والإنحسار، فلا يجد القارئ مناصا من الفرار منه وإهماله.

ومعظم ما يُنشر يتم قراءته من قبل بضعة أشخاص يمكن تسميتهم بالنخبة إن صح التعبير، أما القارئ العام فلا علاقة له بما يُكتب مما يُسمى بشعر، ولا يحفظ منه كلمة واحدة، لأن آليات الكتابة الجديدة أو الحديثة لا تشجع على الحفظ، وتميل إلى أن يكون الشعر عينيا أو بصريا بدلا من التذوق السمعي.

وبذلك فقدت القصيدة حضورها وأهميتها ومعناها، وما عاد للشاعر قيمة وأثر في حياة الناس، وربما أصبح يمثل حالة أخرى لا فائدة ترتجى منها.

ومهما يصدر من دواوين فأنها تنام في الأدراج أو يعفو عليها الزمن، وتموت حال إصدارها، ولا يمكن لشاعر أن يطبع أكثر من بضعة مئات من أي ديوان يصدره، لأنه سيرمي به إلى أسواق الكساد والإهمال، لأنه شعر بلا صوت ولا قدرة على التفاعل مع الحياة.

فهل سنرفع صوت الشعر بإحترام اللغة والمفردة والمعنى والفكرة والغاية والإيقاع، بدلا من التوهم بكتابة ما لا ينفع؟!!

 

د-صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم