أقلام ثقافية

القائد القارئ!!

صادق السامرائيالأمم تحقق نصرها بقائدٍ قارئ، أي لديه علاقة وطيدة بالكتاب، ومَن لا يقرأ ويتعلم كل يوم لا يمكنه أن يقود.

الرئيس الصيني ماو من أبرز القادة القراء في التأريخ، وكان شاعرا مفوها ولشعره صوت ثوري يقظوي مدوي في أرجاء المجتمع الصيني، ويُحكى أن جمال عبد الناصر كان قارئا نهما.

فالصين صنعها القائد القارئ، وكان صديقي الصيني يحدثني عن إدمان الرئيس ماو على القراءة، وأنه كان زاهدا في عيشته ولا يعرف سوى أن يقرأ ويتعلم طوال حياته، ومن قراءاته كان يتنور ويرتقي إلى مستوى إتخاذ القرارت النوعية القادرة على إستنهاض الصين، وكم كرر لي " أنه أعاد تصنيع عقولنا وتركيبها بأسلوب مغاير لما كانت عليه".

الرئيس ماو أوجد الصين وأحدث ثورة ثقافية قاسية فيها ترافقت بأخطاء وخسائر كبيرة، لكنها أنتجت رؤى ودروسا ذات قيمة حضارية معاصرة، أخذت بالصين إلى مواطن العلاء الإبداعي الأصيل، فتصدرت الدنيا في إبتكاراتها وتصيعها.

فالثورة المعرفية أو الثقافية الشرسة هي التي زعزعت العقول وأعادت ترتيب آليات تفكيرها، ومنحتها قدرات التفاعل والإنفتاح العلمي المنير.

ولولا إيمان الرئيس ماو المطلق بالمعرفة وأهميتها في صناعة القوة والإقتدار، لما تمكنت الصين من الوصول إلى ما هي عليه اليوم من تفوق في كافة الميادين.

وما يميز قادة الدول العربية، أنهم لا يقرؤون، وقد قالها الرئيس ماو بوجه الرئيس جمال عبد الناصر عندما طلب منه النصح فابتسم وقال له ما معناه: " أ تطلب مني النصح وأنت في أمة لديها خلاصات الأفكار والعلوم والتراث الكبير"!!

وكلما تصفحت كتب التراث العربي، أدرك بأن قادتنا لا يقرؤن، وأنهم في عمه وتيهان في ظلمات الأيام.

فلو إطلعوا على كتب التراث بصنوفها المتنوعة وحِكمها الرائعة ووصاياها الثاقبة، لتمكنوا من قيادة الأمة والوصول بها إلى آفاق الرقاء والنماء الأصيل.

لكنهم لا يقرؤون؟!!

ولماذا لا يقرؤون؟!!

فإلى متى سيبقى قادتنا على تلّ الأمية ويتوهمون بأنّهم يعرفون؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم