أقلام ثقافية

صادق السامرائي: الإبداع الحقيقي!!

صادق السامرائيالإبداع يعني الخلق والإتيان بجديد غير مسبوق، وهو موجود في الأفكار المصنعة ماديا، وربما لا معنى ولاقيمة له في المسطور بكلمات وعبارات تُحسب على أنها إبداع.

فالإبداع الحقيقي علمي الطباع والمواصفات والقدرات، وبدون الروح العلمية والإرادة المقتدرة على التصنيع والتنويع لا يوجد إبداع!!

فالشعراء يحسبون ما يكتبونه إبداعا، وما هو إلا تصوير لواقع حال قائم في مكان وزمان ما، والصورة أبلغ تعبيرا من الشعر في هذه الحالة.

فإبداعهم فوتوغرافي، أو رسم بالكلمات لا أكثر، والصورة المعاصرة تتفوق على اللوحة المرسومة بالكلمات.

كما أنه إعادة تصنيع، فما أن تكتب في موضوع حتى تكتشف أن السابقين قد تناولوه مرارا، فلا جديد في الشعر عندنا.

ولا قيمة لأي إبداع إذا إنتفى الإبداع العلمي، فالشعر تابع إبداعي للعلم، والأشكال الشعرية في المجتمعات المبدعة علميا والمتطورة صناعيا متوافقة مع تطلعات الإبتكار والإختراع، وتصنيع الأفكار إلى موجودات مادية فاعلة في الحياة، ولهذا يكون الشعر المستورد من بلاد الآخرين متوافقا مع إيقاعات مكانه وزمانه، ولا يتوافق مع إيقاعات مكاننا وزماننا، مما أدى إلى نبذه وعدم الإكتراث لقيمته وإنتفاء دوره.

إن المجتمعات الخالية من الإبداع العلمي، لا تستطيع أن تأتي بإبداع آخر مهما توهمت، فالذي تأتي به عبارة عن محاولات حول نيران الإبداع الحقيقي، ومواقده المستعرة بالجديد المتوقد بالولادات الأصيلة.

إن هذه المجتمعات تبدد طاقاتها في إعادة تصنيع ما لا ينفعها ويساهم في ترقيدها ودفعها إلى نوام طويل، فتخرج من نهر الحياة وتخمد على الجرف، تنتظر من يطعمها ويساعدها للبقاء عالة على النهر؟

فلا تتحدثوا عن الإبداع وأنتم بلا قدرة على إطعام أنفسكم، وتسويق منتجاتكم الزراعية إن وجدت، وتصنيع حاجاتكم، وتعتمدون على الآخرين في كل شيئ، وحتى فيما تسمونه إبداعا ما هو إلا إستنساح لما ينتجه غيركم من تعبيرات عن آليات تفاعلهم مع الحياة، المنوّرة بالأفكار المصنعة إلى موجودات مؤثرة فيها.

ونحن نتبناها ولا ندرك فحواها، ونحسبها كما يمليه علينا هوانا، وقصور رؤانا، وتلك محنة كبرى وعاهة حضارية مريرة، تمخر عباب وجودنا المصاب بعقم إبداعي أليم.

فهل من إصرار على الإنبعاث العلمي والحياة في العلم المشرق المنير، بدلا من تعطيل العقل ونبش القبور؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم