أقلام ثقافية

صادق السامرائي: إشكالية الأشكال!!

صادق السامرائيالشكل: هيئة الشيئ وصورته.

الإشكالية: ألتباس وإشتباه في أمر ما أو شيئ ما.

لكل موجود شكل، وينتفي وجوده بإنتفاء شكله، وهذه بديهية خلقية كونية أزلية لا يحيد عنها موجود، بل أن في النوع الواحد تتأكد الأشكال الدالة على الفردية والذاتية بما يميّزها عن غيرها.

وهذا ينطبق على جميع الحالات القائمة في الحياة، فالكتابة أشكال، ولا يمكن صهر جميع الأشكال وتذويبها في حالة هلامية سائبة.

فالشعر شعر، والنثر نثر، والرسم رسم، والكتابة كتابة، واللون لون والكلمة كلمة، ولا يصح الخلط بين الأشكال وعناصرها ومفردات كينونتها.

فهذا يرسم بالكلمات، وذاك يكتب بالألوان، وهذا يحسب المنثور شعرا، والشعر نثرا، والكتابة وهما وسرابا يتماوج فوق السطور.

فما هي الكتابة وما هو الشعر؟

سنقول أن الكتابة أشكال، والشعر شكل من أشكالها، وهذا قول تقليدي قديم، لكن الجاري في الواقع المعاصر، الخلط ما بين الأشكال، وتغليب المناهج السوريالية اللونية على الكينونات ذات المعالم والمواصفات المميزة هو السلوك الغالب، خصوصا في المجتمعات المستوردة لكل شيئ، والفاقدة لهويتها وما يشير إليها، وهي تسعى بإندفاعية للتماهي مع الآخر الذي لا تعرفه، ولا تستوعب تجربته ومعطيات سلوكه.

والكثيرون جرّدوا الموجودات من شكلها وما يميزها، وأخذوا بما هو ميت وهزيل، لا يعرف شكلا ولا صورة ولا معنى ويحسبونه وفقا لأهوائهم، فيستسهلون ما يسطرون، ويجهلون بأن الصياغة الكتابية المجردة من الشكل أصعب بكثير من الكتابة ذات الشكل الواضح الراسخ.

فكتابة الشعر وفقا للبحور أسهل من كتابته بأساليب أخرى، لأن على الكاتب أن يستولد القصيدة شكلا ومعنى، ويضخها بالصور التي تدلل على فحواها وكيانها الذي بناه، أي أنه يصوغ شكلا وفقا لرؤاه، وهذا جهد لا يتمكن منه إلا البارعون في الإبداع والموهوبون بحق.

بينما السائد يتميز بالميوعة والترهل وفقدان الصورة الدالة على شكل إبداعي خلاب!!

فاصنع شكلا إن كنت مبدعا!!

 

د. صادق السامرائي

19\11\2020

 

في المثقف اليوم