أقلام ثقافية

صادق السامرائي: إبن خفاجة الأندلسي الشاعر العفيف!!

صادق السامرائيأبو إسحاق إبراهيم بن الفتح عبدالله بن خفاجة الأندلسي، (450 - 523) هجرية.

حفظ القرآن ودرس الشعر والنثر، ويُقال أنه حفظ دواوين المتنبي، والشريف الرضي، ومهيار الدليميي، وقد تأثر بهم، كما درس الفقه ولم يجد له دورا فيه، فغادره إلى الشعر.

وعاش حياة عصره فتمتع باللهو والمجون والخمر، وكان من عشاق الطبيعة، ومضى متمتعا بالحياة لا يقارب من نوائبها وما يدور في بلاد الأندلس من صراعات، وكأن هذا الأسلوب دفاعي، ومحاولة للهرب من الشدائد التي لا يستطيع التأثير بها أو تغييرها.

وبعد أن أخذ من الحياة متعها وأمعن في لذاتها، وجد نفسه وقد مضى به العمر، فوقف إزاء نفسه ليسكب عليها من حمم ندمه ما يستطيع.

فيقول: "دع المقادير تجري في أعنتها... ولا تبيتن إلا خالي البال"

وكانت دول الطوائف تتساقط الواحدة تلو الأخرى بسبب تقاتل المسلمين فيما بينهم، وما تفاعل مع الموقف المأساوي الذي كانت تمر به الأندلس.

وبعد أن إستفاق من سكرة الحياة وواجهته حقيقة الموت إنقلب على ذاته وموضوعه، فراح يؤنب نفسه ويستعد لرحلته في دنيا التراب.

ومع تقدم عمره توالت عليه العلل والأمراض حتى ضعف بصره وسمعه، ومضى يرثي حاله؟

"خليلي هل من وقفة لتألم...على جدثي أو نظرة لترحم، وفاءً لأشلاء كرمن على البلى... فعاج عليها من رفات وأعظم، يردد طورا آهة الحزن عندها... ويذرف طورا دمعة المترحم"

لم يتزوج ويدعي العفاف كما في قوله:

"وإني والعفاف من شيمي ... آبى الدنايا وأعشق الحسنا".

ويمكن القول أنه كان شاعرا أبيا لم يتكسب بشعره، وذو همة عالية ويساعد الآخرين، وإهتم بالطبيعة في شعره.

ومن مديحه : " قل لمسرى الريح من أضم... وليالينا بذي سلم..، ياله من فارسٍ نجدِ...لو نضا عن صارم حذِمِ..، صابر في الله محتسب... واثق بالله معتصم "

وعن رثائه فكان صادقا ومعبّرا، ووصفه للطبيعة رائعا ومؤثرا.

وربما يكون بسلوكه يقدم مثالا على الهرب إللا الشعوري من الأزمات الوطنية، التي تهدد المصير والوجود الفاعل في النفوس، وهذا ما يقوم به بعض شعراء الأمة اليوم، فيتخذون من الشعر صومعة تقيهم شر التفاعل مع الأحداث المتأججة في ديارها.

 

د. صادق السامرائي

..........................

* ما تقدم مقتطفات مما جاء عنه في كتاب الأدب العربي في الأندلس \ للدكتور علي محمد سلامة\ الدار العربية للموسوعات \1989

 

في المثقف اليوم