أقلام ثقافية

رنا خالد: البيتزا السرية (Mystic Pizza)

رنا خالديعتبر دور السينما في المجتمعات العربية والغربية كبير، وهي من أكثر القطاعات تأثيرا في المجتمعات المعاصرة حيث تنقل الرسائل المباشرة والضمنية وتحفزنا على الاثارة النفسية التي من خلالها نرى الكون من منظور مختلف، وكل فيلم يتم إعداده وتطويره ضمن قصة وثقافة معينة، ومع استمرار نهوض التكنولوجيا الحديثة أصبحت بعض الأفلام جزءا مما يسمى بالحرب الباردة، لما تحتويه من احداث عميقة لها مغزى معلوم.

ما دفعني للكتابة عن السينما ليس التحول من ناحية المضمون فقط. وانما وجود الخيال المبالغ به الذي قد يثير الاشمئزاز ويلغي المتعة، لاسيما أن متعة مشاهدة الأفلام لا تفوقها متعة، فسواء إن كنا نشاهد الفيلم في السينما أو في البيت على التلفزيون أو عبر الإنترنت، حيث المشاهدة لها أهمية ويختبئ فيها جزءا من تفاصيل حياتنا ويومياتنا ومشكلاتنا الصغيرة والكبيرة احيانا.

ربما اتناقض مع كثيرين في كتابة رأيي هذا وأقول: ان لكل جيل ذائقة نقدية تتبلور بمرور الزمن، ومن خلال مشاهدتي لفلم (Mystic Pizza) الفلم رومانسي كوميدي أميركي أنتج عام 1988 للمخرج دونالد بيتري بطولة الممثلة المفضلة لدي (جوليا روبرتس) تدور احداثه حول ثلاث فتيات مراهقات متخرجات من المدرسة الثانوية، ويعملن في منتجع (ميستيك) في صالة استقبال مطعم بيتزا، وكل واحده منهن لديها طموح تتمنى تحقيقه، ويحاولن الوصول لأهدافهن، منها الذهاب للجامعة، وقبل ذلك أي في العطلة الصيفية عملن ليتعلمن تجارب أكثر عن الحياة.

وجدت ان من عام 1988-2020 هناك نقله نوعية كبيرة واضحة في انتاج واخراج الأفلام السينمائية، حيث شعرت في احداث الفلم (Mystic Pizza) شيء من الالفة والمودة في مشاهدته في القصة واخراجها وحتى الملابس والديكورات ربما الحوار ايضا، احسست ان هذه الأجواء قريبة أكثر الى جيلي من ناحية الاحساس والتفكير، اما في عصرنا الحاضر فشتان بين هذا وذاك، انا لست ضد التحضر لكن ضد تهميش ذائقة المشاهد، حتى ولو صنفنا الأفلام من رعب الى action، animation ورومانسية درامية، لوجدنا حتى الأخيرة لا تخلو من الرعب واتحدث هنا عن السينما الأمريكية (أفلام هوليوود).

ومن باب المعلومة وعند قراءتي الأخيرة على موقع (hollywoodreporter.com) فان السينما الصينية تفوقت بشكل كبير على نظيرتها الامريكية وبدا واضحا خلال فترة انتشار جائحة كورونا حيث شباك التذاكر الأمريكي يتفوق دوما على غيره ، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان فأثناء تخبط صناعة السينما الأمريكية ومن ثم الانهيار والإغلاق وتأجيل طرح اهم اضخم الأفلام، هنا استطاعت السينما الصينية الوصول إلى ذروة الأرباح، حيث أصبحت الصين موطنا لأكبر شباك تذاكر في العالم، وذلك بعدما قفزت مبيعات تذاكر السينما في الصين لعام 2020 إلى 1.988 مليار دولار اواخر اكتوبر الماضي، متجاوزة إجمالي إيرادات شباك التذاكر في امريكا الشمالية التي بلغت 1.937 مليار دولار.

ولا يوجد شيء يبقى دون تغيير ممكن ان تختلف هذه النسب بين فترة وأخرى لاسيما بعد عودة الأمور نوعا ما الى طبيعتها او التأقلم مع هذا الفيروس اللعين.. وكما تعودنا في السنوات السابقة تتصدر الولايات المتحدة الامريكية وكندا قائمة الدول الأكثر كسبا من صناعة الأفلام السينمائية، تليهما الصين وبريطانيا، ثم اليابان والهند.

ومن هنا أقول قد يستهين البعض بقوة السينما واثارها الاجتماعية، والاقتصادية، والفكرية، الا أنها تعد من أكثر الصناعات التي تدر الربح على مستوى العالم.

 

كتبت: رنا خالد

 

في المثقف اليوم