أقلام ثقافية

صادق السامرائي: "أبو تمام" وسامراء!!

صادق السامرائي"فطحلُ الأشعارِ فيها لا يُضاهى...ثورةً عاشَ وجابَ المُنتهى"

أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي (188 - 231) هجرية، عاش (43) سنة، شاعر عربي سوري الأصل، نابغة زمانه، أمير أمراء البيان، إذ بلغ أوجه في سن مبكرة، وكان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة من أراجيز العرب، وغيرها من الأبيات الشعرية والقصائد.

 وكان عَلم الثقافة في زمانه، وله تصانيف عديدة، منها: (فحول الشعراء، ديوان الحماسة، مختار أشعار القبائل، نقائض جرير والأخطل، الوحشيات، وديوان شعر).

بدأ رحلته في بلاط بني العباس مع المأمون (198 - 218) هجرية، في بداية عقده الثالث على الأكثر، لأن لديه قصيدة يمدحه بها، ومطلعها: "كشف الغطاء فأوقدي أو أخمدي...لم تكمدي، فظننتِ أن لم يَكمدِ"

ويقال أن المعتصم إستقدمه إلى بغداد وتواصل معه في سامراء (222 - 227).

وهو الذي أجاز البحتري وقدمه للبلاط العباسي.

وعندما تولى الواثق (227 - 232) هجرية، لم يدم طويلا في سامراء، وغادرها على الأرجح نهاية (229) هجرية، وربما يكون البحتري قد تآمر عليه وأبعده، فتم تعينه مسؤولا عن بريد الموصل، وبقي في عمله لأقل من سنتين وتوفى لأسباب غير معروفة.

وله تمثال في الموصل ولا يوجد ما يشير إليه في سامراء، مع أنه قضى فيها أكثر من سبعة سنوات.

وقصائده في مديح المعتصم معروفة، وأشهرها قصيدته في فتح عمورية، التي مطلعها " السيف أصدق أنباءً من الكتب...في حده الحد بين الجد واللعب"، ويرى الكثيرون أنه أنشدها في سامراء، والبعض يقول في مكان آخر أثناء العودة من الحملة.

وأبو تمام من أعظم شعراء العربية قاطبة، إذا قارنا نبوغه وثورته البلاغية واللغوية، التي تسببت بشروحات متعددة لاشعاره، ولا ننسى بلوغه ذروة مجده الإبداعي وهو دون الأربعين من العمر، ورفقته للخلفاء العباسيين قاربت من العقدين، مما يمكن القول بأنها بدأت في سن مبكرة.

ترى ألا يحق لسامراء أن تقيم له تمثالا في المدينة، التي أنشد فيها أروع قصائده وما جادت به قريحته، وبلغ الذروة الإبداعية فيها، فكان ملك الشعراء العرب.

ومما يحكى عن أبي تمام: " قال له إبن الزيات، يا أبا تمام إنك لتجلي شعرك بجواهر لفظك، ودرر معانيك مما يزيد حسنا على بهي الجواهر في أجياد الكواعب، وكان بحضرته فيلسوف فقال: أن هذا الفتى سيموت شابا، فقيل من أين حكمت عليه بذلك، فقال: رأيت فيه من الحدة والذكاء، والفطنة مع لطافة الحس وجودة الخاطر، ما علمت به أن النفس الروحانية تأكل جسمه كما يأكل السيف المهند غمده".

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم