أقلام ثقافية

بنيامين يوخنا دانيال: سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة.. الواقع والطموح

يشير مصطلح (سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة) المرادف لمصطلح (السياحة الميسرة) أو (السياحة المتاحة) إلى نمط سياحي حديث نسبيا، ومرتبط بهذه الفئة من المجتمع. وشكل ما نسبته بين (10 % و12 %) تقريبا من اجمالي عدد السياح على مستوى العالم الذي بلغ (940) مليون سائح في عام 2010 مقابل (880) مليون سائح عام 2009 و(919) مليون سائح عام 2008، وفقا لاحصائيات منظمة السياحة العالمية. وتقوم هذه السياحة على توفير متطلبات وخدمات الضيافة (الايواء، الطعام والشراب....) والترفيه والترويح لهذه الفئة من الناس (فئة ذوي الاحتياجات الخاصة) التي وصل حجمها إلى (650) مليون شخص على مستوى العالم، بحسب منظمة العمل الدولية، ونحو (35) مليون شخص في المنطقة العربية، وفقا لمنظمة العمل العربية.. والعمل الجاد والدؤوب من أجل التغلب على كافة الحواجز والمشاكل التي تحول دون تمتع هؤلاء بالتسهيلات والامتيازات والخدمات التي يتمتع بها بقية السياح، وبغض النظر عن أنواعهم والفئات التي ينتمون اليها.  

ويعرف عن هذا النوع من السياحة بكونها عالية الكلفة بالمقارنة مع بقية أنواع السياحة لاحتمال قيام السياح من ذوي الاحتياجات الخاصة (أصم، أبكم، متوحد، متخلف عقليا، منغول، قزم، كبير السن، ضعيف النطق، ضعيف البصر.... الخ) إلى استصحاب مرافق له، يساعده في تحركاته وتنقلاته، وتحمله لنفقات إضافية نتيجة لذلك، أو حاجته إلى خدمات خاصة في مراحل معينة من رحلته السياحية، تقدم له من قبل مساعد من الشركة السياحية المنظمة للرحلة، واحتمال استخدامه لأدوات وأجهزة ومستلزمات إضافية، صحية كانت أو غيرها (كرسي متحرك، قصب اللمس، مقعد استحمام، جهاز فحص ضغط الدم، جهاز قياس سكري الدم، أدوات مساعدة على المشي، سماعات الاذن، طاولة اتزان.... الخ).

الأمر الذي يدفعه إلى تحمل تكاليف أخرى، لا تدخل ضمن ميزانية السائح العادي. وقد تكون بعض هذه الخدمات مجانية أو تشجيعية، تقدم من قبل الشركات والمرافق السياحية والفندقية في سبيل توفير رحلة سياحية ممتعة وناجحة وموفقة ومتكاملة الأركان لهم، وتأمين فرص التواصل والتفاعل الضرورية لهؤلاء في العملية السياحية، بعيدا عن المعوقات والحواجز البدنية والاجتماعية والنفسية، وبما يلائم مع المساعي الرامية إلى ترسيخ القيم الإنسانية والأخلاقية في المجتمع، وبما يتناسب مع حقوقهم في العيش الكريم، اسوة بغيرهم من أفراد المجتمع، وبما يضمن حصولهم على الاحترام والتقدير بين أفراده. كقيام مطار الشارقة الدولي بتوفير المنحدرات والمصاعد والكراسي المتحركة لهؤلاء. وقيام مجموعة طيران الامارات بتهيئة صالة ركاب خاصة بهم في المبنى (3) من مطار دبي الدولي. بالإضافة إلى توفير كاونترات من أجل تقديم الخدمات الضرورية لهم.

وقيام السلطات المختصة في مطار لارنكا الدولي بقبرص بتوفير نقاط شحن للمقاعد الكهربائية، بالإضافة إلى المنحدرات الخاصة بحركة هذه المقاعد أثناء الصعود إلى باصات المطار والنزول منها، عملا باللائحة الأوروبية (2006 / 1107) حول حقوق المسافر من ذوي الاحتياجات الخاصة.  

و قد شهدت صناعة السياحة والسفر في السنوات الأخيرة ظهور شركات سياحية مختصة بتقديم برامج سياحية لذوي الاحتياجات الخاصة حصرا، مثل شركة (مصر للجميع) المصرية التي تستقبل زبائنها السياح من مختلف بلدان العالم. وتوفر لهم بالإضافة إلى الخدمات الأساسية فرص ممارسة هوايات عديدة مثل السباحة والغوص وصعود الجبال، ولقاء مبلغ إضافي (30 %). بالإضافة إلى ظهور مشاريع سياحية مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة مثل المرسى الخاص بأسوان في مصر الذي يوفر كافة الخدمات لهم على أعلى المستويات، شاملة نقلهم من المطار إلى المرسى بوسائل نقل مهيئة لهذا الغرض، واسكانهم في فندق عائم من فئة (5) نجوم (اماركو). وهو المشروع الوحيد من نوعه في أفريقيا والشرق الأوسط. ومعظم زبائنه من الأجانب والعرب من دول الخليج العربي بسبب كلفة برامجه العالية.  

و كانت وزارة السياحة المصرية قد أصدرت تعليمات في عام 2006، الزمت فيها الفنادق والمطارات والقرى السياحية بتهيئة وإعداد (10 %) من غرفها الفندقية والمصاعد ودورات المياه من أجل ذوي الاحتياجات الخاصة.

إن واقع سياحة ذوي الاحتياجات الخاصة في المنطقة العربية يشير إلى تهميش نوعي وعددي لهذه الفئة الغالية علينا في خارطة النشاطات والفعاليات والعمليات السياحية تقريبا، وقصور كبير من السلطات السياحية الرسمية والأجهزة الخاصة تجاهها، والمتمثلة في الشركات والمرافق والمنشآت السياحية والفندقية المكونة للقطاع السياحي الخاص. وقلة المبادرات التي أطلقت في المنطقة بهذا الشأن.  

وهنا لابد من الإشارة إلى بعض المبادرات الرائدة في هذا المجال، مثل مبادرة (السياحة للجميع) التي اطلقت تحت مظلة جامعة الشرق الأوسط الأردنية في عام 2011 بالتعاون مع (جمعية تنمية المرأة الأردنية للصم) من خلال إعداد دليل سياحي بلغة الإشارة، تخدم فئة الصم، لتمكينهم من زيارة المواقع السياحية الأردنية على الشبكة الأردنية. ومبادرة بعض المدن الترفيهية والمنتجعات السياحية في ينبع السعودية بتخصيصها واعدادها لبعض الأماكن ضمن منشآتها لتقديم برامج ومسابقات حافلة من أجل الترويح عنهم.  

و المبادرة التي أطلقتها (دائرة السياحة والتسويق التجاري) في دبي في 26 شباط  2002  للترويج السياحي لدبي كوجهة مهمة لهذه السياحة، بالدعوة إلى تهيئة وتكييف المناخ المطلوب لها، وبالتعاون المشترك بين القطاعات المعنية في الامارات العربية المتحدة.  

كذلك مبادرة الهيئة العليا للسياحة والاثار في المملكة العربية السعودية المتضمنة دعم ومساندة سباق ذوي الاحتياجات الخاصة المقام بممشى حديقة الملك سعود تحت شعار (أتحدى الإعاقة)، وضمن فعاليات صيف نجران 2011، ومنح فيه الفائز الأول جائزة رمزية بقيمة (1000) ريال، بالإضافة إلى تذكرة سفر من الخطوط الجوية العربية السعودية. وقيام (جمعية أصدقاء السائح) المشكلة في سورية في عام 2007 بإشراك الايتام وذوي الاحتياجات الخاصة وغيرهم في ورش الرسم والتلوين والمسابقات الثقافية المقامة على هامش معرض الزهور الدولي 2008. 

***

بنيامين يوخنا دانيال

في المثقف اليوم