أقلام ثقافية

صادق السامرائي: التقصد والقصيد!!

يقولون أن الشعر من المشاعر، ولابد أن يكون كذلك ليسمى شعرا، فما كل موزون ومقفى بشعر، ولا المنثور بشعر.

وإن إمتطت الفكرة ظهر الشعر إنكسر، وإنفرط عقد الكلمات الجمالي والنغمي، فالشعر إيقاع ولحن روحي أخاذ بأوتار النفس البوّاحة.

الشعر كل شيئ ولا يتحول إلى شيئ، أو أداة للتعبير عن فكرة أو رؤية أو تصور، وما كل مَن كتب الشعر بشاعر.

دواوين كبار الشعراء، يكثر فيها النظم ويقل الشعر، ونسميهم شعراء كبار لأنهم عاشوا قريبين من الكراسي المتسلطة على البشر.

ما عدا شعراء المعلقات، والذين كتبوا قبل الإسلام، والبعض الآخر، فأن معظم الذين صاروا شعراء كبار في ثقافتنا الجمعية، هم من أولياء نعمة الكراسي، ويطغى على شعرهم المديح كوسيلة للتكسب وجمع المال، فالشعر تجارة مربحة عندما تكون على مقربة من مركز القوة.

والبعض يرى أن في الكثير من الأقوال المتداولة كأبيات شعر، لا يوجد فيها شعر، بل أفكار منظومة.

إذن أين الشعر، وهل يوجد شاعر حقيقي أصيل يضع إنعكاساته الذاتية والموضوعية في كلمات ذات تأثير؟

يبدو أن الإنسان الشاعر يمتلك مهارة التكثيف والإقتصاد، أي يعبر عن جبل عظيم بذرة متناهية في الصغر، فكلماته يجب أن تختصر كتبا وموسوعات، وهذه القدرة نادرة بندرة الشعراء الأصلاء، فالذي يكبس رؤيته في بضعة أحرف، يمتلك وعيا كونيا وتماهيا مطلقا مع مفردات الوجود الأكبر المتوثب الإتساع.

فالشاعر مَن إستوعب الكينونة الوجودية بإدراكية عالية ومديات لا تعرف الحدود.

وعندما يصل إلى هذه المرتبة الإشراقية يمكنه أن يقطر شعرا، ويعصر خمر الكلمات ليبث سلاف جمال وروعة وبهاء، وحينها نكتشف أننا نقرأ شعرا، ونغوص في عباب قصيد.

فهل إن الشعر روح؟!!

وقل تسطحت القمم وانقطع رأس الهرم!!

***

د. صادق السامرائي

7\4\2023

في المثقف اليوم