أقلام ثقافية

صلاح حزام: اليمين واليسار في الشعر الشعبي العراقي

الكاتب المصري المعروف احمد عباس صالح، اصدر قبل عقود، كتاباً عنوانه: اليمين واليسار في الاسلام.. عنوان كتابه ذلك، ألهَمَني عنوان هذه المقالة القصيرة.

في اوائل السبعينيات من القرن الماضي، ظهر جيل من الشعراء الشعبيين العراقيين ابدعوا في نظم القصائد العاطفية الجميلة التي تحول الكثير منها الى اغاني جميلة تداولها الناس..

السلطات صنّفت معظمهم باعتبارهم (يساريين)، اما لأنهم فعلاً يساريون او لأنهم رفضوا الكتابة السياسية لتمجيد تلك السلطات..

هؤلاء كتبوا صوراً شعرية تنقل عواطف الناس وظروفهم واحلامهم والعقبات والمرارة التي تطبع حياة الكثيرمنهم حتى في عشقهم.

بالمقابل، كان هناك جيل (أقل شأناً) من شعراء ترضى عنهم السلطات.  كانوا يكتبون شعراً عن الحرب والجماجم التي تعبد طريق الحرية والتنمية ودماء الشباب التي يجب ان تسيل كأنها نذر يقدم لألهة وثنية قديمة..

كانوا ينظمون شعراً عن نيران الحرب والسيوف البتارة والتضحية بالغالي والنفيس!!

لماذا كل ذلك الدمار والعذاب والنيران؟؟

لأن السلطات اعتقدت انها تستطيع تغيير العالم !!

المجموعة اليسارية، هم وعدد ممن غنّى لهم من المطربين، طوردوا وشُرِّدوا في اصقاع الارض. وبعضهم تعرض للاعتقال والتعذيب والعزل والاهمال والتهميش ومُنعوا من الكتابة والنشر ...

المحزن ان هذه الاجراءات حرمت المجتمع من نتاجاتهم الجميلة. واوقفت عصر الاغاني الخالدة التي كتبها هؤلاء ولم يستطع أحد من شعراء اليمين ان يأتي بمثلها..

من بقي منهم على قيد الحياة ويعيش في المنفى، توقف تقريباً عن الانتاج والعطاء .

كيف يمكن له أن ينتج نفس الجمال القديم وهو بعيد عن بيئته واهله؟؟

سؤالي: هل ان هؤلاء اليساريين كانوا اكثر حريةً وانفتاحاً وتحرراً من القيود الاجتماعية والموروثات، لذلك استطاعوا الابداع؟

***

د. صلاح حزام

في المثقف اليوم