أقلام فكرية

مقولات الحقوق عند هابرماس

علي رسول الربيعييبدأ هابرماس مقولاته عن الحقوق بالتأكيد على أنظمة الحقوق التي تتضمن تلك الحقوق التي يجب على المواطنين منحها لبعضهم البعض إذا كانوا يريدون تنظيم حياتهم معًا بطريقة مشروعة عن طريق القانون. ووفقا له، فإن مبدأ الخطاب وهدفه هو افتراض شكل مبدأ الديمقراطية فقط على طريق إضفاء الطابع المؤسسي القانوني، ويمنح مبدأ الديمقراطية أيضًا من جانبه قوة الشرعية لعملية تشريع القانون (Between Facts and Norms, 154). عموما، لدى هابرماس ثلاثة حقوق أساسية، اثنان منها ناتجة عن تطوير حقوق مستقلة سياسيا. والثالث هو الحق الاجتماعي. تشتمل المقولة الأولى على فرعين.وتضمن هذه المقولات:

(1) الحقوق الأساسية الناتجة عن التطور المستقل سياسيا للحق في الحريات الشخصية المتساوية. وتتطلب هذه الارتباطات الضرورية التالية؛ (I.1) الحقوق الأساسية التي تنجم عن التطور المستقل سياسيا لمكانة أو وضعية العضو في الفعل الأختياري كالتواصل الاجتماعي بموجب القانون (1.2) الحقوق الأساسية التي تنجم مباشرة عن قابلية تطبيق الحقوق وعن التطوير المستقل سياسيا للتدابير القانونية.

(2) الحقوق الأساسية في فرص متساوية في المشاركة في عمليات تشكيل الرأي والإرادة التي يمارس المواطنون فيها استقلالهم السياسي ويضفون من خلالها شرعية على القانون.

(3) الحقوق الأساسية لأحكام الرفاه والأمن الاجتماعي، وتوفير الحماية من المخاطر الاجتماعية والتكنولوجية وكذلك توفير الظروف البيئية غير التالفة للحياة وفي الواقع، يعد هذا ضروريًا، في ظل الظروف السائدة، لتحقيق فرص متساوية في استخدام الحقوق المدنية المدرجة (F & N 122-123).

في ما يلي، أود أن أوضح أن مقولات الحقوق عند هابرماس تستند إلى تشريعات مستقلة سياسياً، وهي مصدر سن القوانين الديمقراطية. وأن جميع فئات الحقوق التي حددها هابرماس هي حقوق دي أنطولوجية، تستند إلى القانون الوضعي، في تناقض مع القانون (الحقوق) الطبيعي. وبالمثل،نشأت الحقوق الأساسية الأولى والثانية من تطور الأستقلالية السياسية ... يكشف تحليل الاستقلالية السياسية من بين أشياء أخرى، عناصر من الحقوق المدنية والسلطة التشريعية. وبالتالي، فإن الحقوق الناتجة عن تطوير الأستقلالية السياسية مليئة أو مثقلة بالمضمون القانوني. إن معظم المبادئ القانونية والخطابات القانونية العملية المعروفة و المعترف بها، في المجتمعات الديمقراطية،هي تلك التي تسنها تشريعات مستقلة سياسيا أو من خلالها. هذه هي القوانين المدنية التي يمكن أن تتخذ شكل الدول أو الدساتيرالوطنية، أو الناشئة عن تطور الدساتير في أبعاد مختلفة في التطبيق.

وبالطريقة نفسها، يكشف تفسير نظام الحقوق والشكل القانوني عن كيفية تكوين وترتيب المؤسسات القانونية في المجتمع الديمقراطي، من خلال تطبيق هذه المقولات من الحقوق. ومن هنا نستمر في التأكيد على أن فكرة التشريع الذاتي للمواطن تتطلب أن يُفهم من يخضعون للقانون كجهات مخاطبة في الوقت نفسه على أنهم مؤلفون للقانون. ولا يمكننا تلبية هذا المطلب من خلال التفكير في الحقوق المتساوية في الحريات الشخصية كحق ذو أساس أخلاقي يجب على المشرع السياسي أن يسنه كقانون وضعي. إن وضع القوانين المستقلة سياسيا هو وحده الذي يمكِّن الجهات المرسل إليها من القانون من الحصول على فهم صحيح للنظام القانوني ككل. (F & N. 121).

وبالتالي ينقسم الحق في الحرية الشخصية داخل مقولة الحقوق الأساسية الأولى، إلى حقين آخرين؛ بوصفه عضو في جمعية طوعية من المتحدين، أولاً، بموجب القانون وثانياً، التدابير القانونية. إن الحرية الذاتية في المقام الأول هي حق خاص أو حق سلبي. وهذا هو الحق الذي يؤمن للفرد منطقة عدم التدخل من قبل أي اقتحام خارجي. يقول هابرماس إنه بالنسبة للفاعل الذي يتخيل قراره بحكم حقوقه الشخصية أو حريته ... لا يهم ما إذا كان يقبل الآخرين الأسباب الحاسمة له للقيام بالفعل. لهذا السبب يمكننا أيضًا أن نفهم الاستقلالية الخاصة لموضوع قانوني أساسا على أنه حرية سلبية للانسحاب من الفضاء العام للالتزامات التعسفية التبادلية إلى موقف المراقبة المتبادلة والتأثير المتبادل. (F & N. 119-120). الخطوة الأولى في تطوير الحقوق الشخصية هي تلك الخاصة بوضع العضو في رابطة طوعية من المنتسبين. وتدعي هذه الخطوات وجود علاقة بيذاتية، ويتواصل المواطنون طواعية وبدون أيً تعسف أوأكراه . غالبا ما يأخذ التفاعل شكل العقد؛ يكون للفاعل عادة معرفة كاملة بماهية الأتحاد وكافة وشروط الاتفاق. يستخدم المواطنون في هذا المستوى أيضًا، حقوقهم التواصلية.

التطور الثالث لهذا الحق الأساس هو اتخاذ تدابير قانونية ضد أولئك الذين ينتهكون حقوق الآخرين. هذا هو الحق في اتخاذ إجراءات قانونية ضد المتطفلين على حق الفرد وحياته. وفقا لهابرماس، تتطلب الطبيعة القسرية للقانون أنه في حالات النزاع يجب أن تكون هناك إجراءات خاصة لتفسير تطبيق القانون الساري المفعول وتطبيقه بطريقة ملزمة. يمكن للأشخاص الاعتباريين تقديم التظلمات (klagebefognissen)، وبالتالي حشد الصلاحيات القسرية المرتبطة بحقوقهم، إذا كان لديهم حرية الوصول إلى محاكم مستقلة وفعالة تعمل بشكل فعال وتفصل بين النزاعات بشكل نزيه ومُخوَّل ضمن إطار عمل القوانين. (F & N. 125). ويمكن أن يكون هذا الحق أيضًا بمثابة أساس قوي لسيادة القانون المعروفة باسم ( Habeas Corpus ) "يوجد هذا القانون في العديد من الدول، وينص على أنه لا يمكن احتجاز شخص ما في السجن ما لم يمثل أمام قاض، وعليه أن يقرر ما إذا كان يستحق أن يظل هذا الشخص في السجن أم لا. "

يتطلب إنشاء مدونة قانونية وفقًا لهابرماس الحق في الحريات الشخصية المتساوية مع حقوق العضوية المتلازمة مع حقوق العضوية (في الجماعة أو المجتمع) مع ضمان حقه في اللجوء الى القانون . يقول هابرماس لا يوجد قانون شرعي بدون هذه الحقوق. هذه الحقوق التي رأيناها حتى الآن هي حقوق ذاتية وهي تطور للحقوق الأساسية التي تنتج عن الاستقلال السياسي: الحق الأساسي الثاني هو الحق في فرص متساوية في المشاركة في طرح الرأي. وتشكيل الإرادة التي يمارس المواطنون فيها حقوقهم في الأستقلال السياسي وتشريع القانون. هذه هي الحقوق المدنية التي من خلالها يمارس المرء اللأستقلالية والحكم الذاتي. لا يمكن للحقوق الشخصية بمفردها التشريع على المستوى المدني، لأن ذلك يقع ضمن نطاق الحقوق المدنية أو السياسية. وبالتالي، يجب أن تضمن الحقوق السياسية المرغوبة المشاركة في جميع العمليات التداولية ذات الصلة بالتشريع. (F. & N. 127).

ومن ثم فإن سن القوانين المستقلة سياسياً هو فقط الذي يجعل من الممكن لخطاب القانون أن يقدم الفهم الصحيح ككل. وفقًا لهابرماس، يستخدم المواطنون أصلاً الاستقلال الذاتي السياسي، وذلك في إطار تأسيس الدستور لتفسير ملزم قانونًا لنظام الحقوق الذي يشكِّل نفسه بطريقة مرجعية ذاتية الأداء. خلف يمكن وراء هذه الخلفية، فهم الحقوق الأساسية التي اختارها الدستور على أنها قراءة تعتمد على السياق لنفس نظام الحقوق. في حالة القانون الطبيعي، يتم تقديم البيانات القانونية لمقدم القانون الدستوري مقدمًا ويأتي دخول هذه الحقوق أولأ للوعي فقط في ايجاد تفسير دستوري محدد . تشير هذه الفكرة أيضًا إلى الطبيعة الدينطولوجية لنظام الحقوق. وبالتالي، فإن مقولات الحقوق عند هابرماس دينطولوجية وأنها تتحقق في وقت سن القوانين، ولا سيما التطبيقات القانونية.

 

الدّكتور عليّ رّسول الرّبيعيّ

 

في المثقف اليوم