أقلام فكرية

ميشيل بولانى والعقلانية المضمرة (3)

محمود محمد عليعلاقتها بالعقلانيات الأخرى

نعود ونكمل حديثنا في هذا المقال الثالث عن مفهوم العقلانية المضمرة عند ميشيل بولانى، وهنا نقول:  إذا كان مفهوم العقلانية عند بولانى يقوم على الفكر التكاملي الذي يمكن الأشخاص من إدراك العقلانية فى الطبيعة، فيمكن القول أننا هنا بصدد عقلانية تمثل مرحلة ما بعد الحداثة، تلك المرحلة التي تعمل على تصفية العقلانية الحديثة التي قامت على المبدأ أو التصور أو المنهج الواحد للعقلانية، والذي نشأ مع عصر التنوير عندما ما أحدث العقل قطيعة مع العوالم الأسطورية واللاهوتية وسائر الأشكال الغامضة التي ورثها من العصور الوسطى الغربية، وذلك عن طريق الإعلاء من قيمة العقل الذي هو قادر على فهم العالم الطبيعي والسيطرة عليه .

ولذلك نرى بولانى يسعى جاهداً من خلال عقلانيته المضمرة إلى سحب فلسفة العلم إلى موقف نقدي من الحضارة الغربية؛ حيث يرى أن تمجيد المجتمع العلماني العقلاني بمعية قيم عصر التنوير هي التي أدت بالحضارة الغربية إلى العدمية والنزعات الشمولية من قبيل الفاشية والنازية والشيوعية؛ تلك النزعات التي سعت كما يقول ساندرز إلى الانفصال المتزايد بين العالم الموضوعي الذي خلقه العقل المنسجم مع القوانين الطبيعية وبين عالم الذاتية الذي هو من قبل كل شئ عالم الفردية أو عاَلم الدعوة إلى الحرية الشخصية، وهذا الفصل جعل الكائنات البشرية تنتمي إلى عالم تحكمه قوانين طبيعية يكتشفها العقل ويخضع هو نفسه لها، مما أدى إلى موت الذات ونبذ جميع أشكال ثنائية الجسد والنفس ودمج الإنسان فى الطبيعة .

من هذا المنطلق النقدي الذي وجهه بولانى لعقلانية عصر التنوير، نراه يرفض كل المنهجيات والعقلانيات القائمة فى فلسفة العلم، التي تقوم على تمجيد المعرفة الموضوعية طارحاً عقلانيته المضمرة التي تسعى إلى تمجيد المعرفة الشخصية، فنراه يهاجم العقلانية التجريبية التي ترى أن " النظريات العلمية يتم استخلاصها بكيفية صارمة من الوقائع التي تمدنا بها الملاحظة والتجربة . ولا مكان فى العلم للآراء الشخصية والأذواق وتأملات المخيلة، ويمكن الثقة فى المعرفة العلمية، إذ هي معرفة مبرهن عليها بطريقة موضوعية "؛ كما ترى العقلانية التجريبية كذلك أن  " التجارب الشخصية والذاتية للملاحظين المنفردين ليست أساساً متيناً للقوانين والنظريات التي تشكل العلم، بل تؤكد على أن ما يأتينا عن طريق الملاحظة التي يجرى التسليم بها هي الأساس المتين الذي تصدر عن المعرفة العلمية، وهى فى ذلك ترتكز على فرصتين: الأولى، أن الإنسان الملاحظ يبلغ مباشرة قليلاً أو كثيراً بعض خصائص العاَلم الخارجي بقدر ما تسجل الدماغ تلك الخصائص عند فعل الرؤية ذاته . والثانية، أن ثمة ملاحظين عاديين إذا نظروا إلى شئ واحد أو مشهد سيريان الشيء ذاته، لأن الأشعة الضوئية التي تتآلف فيما بينها بكيفية مشابهة ستقع على عين كل من الملاحظين وتتجمع فى بؤرة شبكتيهما العادية بواسطة عدسات عادية وستولد أعينهما صور متماثلة، وسترسل عندئذ معلومات ذات طبيعة واحدة إلى دماغ كل الملاحظين عن طريق أعصابهما البصرية العادية وسينتج عن ذلك أن الملاحظين سيريان الشيء ذاته" .

وهنا يفند بولانى مزاعم العقلانية التجريبية من خلال عقلانيته المضمرة، حيث يقول:" قضايا العلم لا يمكن أن تكون على نحو معروف لأي وقائع قابلة للملاحظة "؛ ويقول أيضاً " إن التصور الشعبي للعالم النزيه الذي يجمع الملاحظات والتجارب لتأسيس تعميم جديد يعد تصوراً كاذباً تماماً "؛ وإذا كان بولانى يرفض هنا دور الملاحظات والتجارب؛ فذلك لأن هذا الدور فى نظره لا يفضي إلى النظرية العلمية، فهو يرى أن النظرية العلمية لا تنكشف إلا من خلال فعل فردى خلاق يتمثل فى عملية التخمين، وهذه العلمية تبدأ حين يشعر الباحث بأنه مولع بالبحث العلمي، وهذا الولع يجعله يتجه نحو مجال محدد للمشكلات التي يبحثها . وهنا يكون العمل التخمينى الذي يقوم به الباحث متمثلاً فى قدراته التخمينية داخل المادة العلمية التي لم تتجمع بعد أو لم تلاحظ قط . ومن خلال ذلك يقوم الباحث بعد ذلك بالتطبيق الناجح لقدراته . وهذا يتضمن الإحساس بالهبات الكامنة فى ذاته والوقائع الكامنة فى الطبيعة، ومن خلال هذا وذاك، سوف تنبثق أفكاره فى يوم واحد لتوجهه إلى الكشف العلمى .

ومن ناحية أخرى يرى بولانى أن التجربة التي يعيشها ملاحظون ينظرون إلى شئ ما لا تحددها مجرد المعلومات التى تنقلها على شكل أشعة ضوئية تدخل العين، ولا تحددها الصور التي ترتسم فوق شبكية العين فقط، وأن ملاحظين عاديين يريان شيئاً واحداً ومن موقع واحد وفى شروط فيزيائية واحدة لن يعيشا بالضرورة تجارب بصرية واحدة، لأن ما يراه شخص ما مختلفاً تماماً عما يراه شخص آخر، كما أن عملية الإدراك الحسي تعتمد على خبرات الشخص المدرك ومعرفته وتوقعاته؛ وبالتالي فلا مكان للمشاهدة المحايدة التي تعتمد على الخبرة الحسية، ذلك لأن العلماء أضحوا يشاهدون الظواهر الخارجية من خلال ذواتهم .

وهنا نلاحظ أن بولانى يتبنى فكرة الأنا وحدية منهجية Methodological solipsism والقائلة بأني أنا وحدي الموجود ولا أستطيع أن أعرف أو ألاحظ شيئاً على أنه موجود باستثناء ما يقع فى خبرتي أنا؛ وعلى أساس الأنا وحدية منهجية، اتخذ بولانى خبرات الشخص الفردية أساساً تُبنى عليه مفاهيم العلم، فحاول أن يبنى العاَلم من أفكار أولية ترتبط ببعضها عن طريق علاقات أولية فاقتطع قطاعاً عرضياً من الخبرة التى تعلمها بالممارسة والتدريب، ليقدم لنا فيه أفكاره الأولية؛ وقد ابتدع بولانى المعرفة المضمرة ليحقق هذا الغرض.

وثمة نقطة أخرى جديرة بالإشارة، وهى نقد بولانى للمذهب الاختزالي Reductionism  هذا المذهب الذي يتبناه غلاة الفيزيائيين وبعض الوضعيين المناطقه من أمثال أوتونويرات Otto Newrath ( 1882 – 1945 )  ورودلف كارناب Rodulf  Carnap  ( 1891-1970)  والذي يؤكد على أن علم الفيزياء هو علم العلوم والعلم الواحد الذي لا علم سواه، وكل العلوم الأخرى مجرد أفرع للفيزياء وأجزاء منها . ومن ثم تكون لغة الفيزياء هي اللغة العلمية الواحدة وهذه اللغة الفيزيائية تتمتع بخاصية تجعلها كلية Unrersal Language  يمكن أن يقال فيها أن كل شئ له معنى، وهى اللغة التي تتحدث عن الأشياء الفيزيائية وحركتها فى الزمان والمكان، وكل شئ يمكن التعبير عنه أو ترجمته فى حدود هذه اللغة خصوصاً علم النفس .

وقد رفضت عقلانية بولانى ذلك، حيث أكدت على أن العالم مخلوق من محتويات حقيقية مستقلة أو أجزاء تحتوى فيما بينها على تنوع واسع من العقلانيات، علاوة على أن إنجازات علم الفيزياء ذاتها تمت بفضل عقول عظيمة وشخصيات موهوبة وليست بفضل المادة الفيزيقية فى حد ذاتها .

كما رفض بولانى أيضا مبدأ الحتمية Determinism فى الفيزياء الكلاسيكية وهو مبدأ يرى أن أفعال الإنسان وتصرفاته، وكذلك الحوادث الطبيعية والظروف الاجتماعية والظواهر النفسية بما فى ذلك الوعي محكومة بأسباب ضرورية خارجة عن إرادة الإنسان وسابقة عليها .لقد أضحى هذا المبدأ الحتمى يحتل مكاناً ضئيلاً فى فلسفة ميشيل بولانى، تلك الفلسفة القائمة على العلاقة الفينومينولوجية بين العارف والمعرف .

ومن جهة أخرى أنكر بولانى مزاعم الأداتيين Instrumentalists  القائلة بأن المفاهيم النظرية المجردة التي جاءت بها الفيزياء الرياضية الحديثة؛ والقائلة بأنها مجرد وسائل أو أدوات مساعدة يستهل بها العلماء لفهم الظواهر الطبيعية، وأن معانيها متفق عليها بين العلماء دون أن يكون لها سند من الواقع؛ وقد رفض بولانى ذلك، حيث يقول " إن المفاهيم النظرية تشير إلى كيانات فعلية موجودة فى الطبيعة، وإن قصرت حواسنا وأجهزتنا الإدراكية "، وفى موضع آخر يقول " النظريات العلمية تقدم وصفاً حقيقياً للوقائع التى تكون ماهيتها مرتكزة على الواقع " ويقول أيضاً: " صدق النظريات العلمية يكمن فى إنجاز الاتصال بالواقع "؛ ويقول كذلك " عملية البحث تفترض مسبقاً الواقع، والعاِلم يكشف عن الحقيقة الخفية من خلال هذا الواقع، وعندما ينتهي من بحثه عن تلك الحقيقة يصبح متعلقاً برؤية الواقع المشار إليه والذى مازال خلف تلك الرؤية أعمق وأبعد" .

هذه النصوص توضح لنا أن بولانى فيلسوف علم واقعي يسعى إلى تحويل المعرفة إلى وجود؛ أى ينتقل من إدراكنا للطبيعة إلى وجود الطبيعة ذاتها على عكس الأداتيين الذين لا يكترثون بالمشكلات المعرفية التى تتعلق بالمفاهيم العلمية . فليس المهم فى نظرهم كيف عرفناها؛ بل المهم هو نجاحها فى أدائها لوظيفتها التى وجدت من أجلها .

وننتقل إلى العقلانيات المعاصرة، حيث نجد أن بولانى يشارك معظم فلاسفة العلم المعاصرين الدعوة إلى محاربة كل أنواع الدوجماطيقية والأيديولوجيات الشمولية، كما يتفق معهم فى الدفاع عن المجتمعات الليبرالية، وأن البحث العلمى ليس عملية استقرائية ناتجة من ملاحظات، ولا حتى عملية استنباطية ناجمة عن النظرية، بل عملية خلق وإبداع؛ كما يتفق معهم فى الوقوف ضد الوضعية المنطقية التى نزعت إلى " إغفال تاريخ العلم باعتباره فى نظرهم غير ذى صلة بفلسفة العلم بناء على اعتقادهم بأنه لا منطق للكشف العلمى، وأن عملية ملاءمة الكشف العلمى والتقدم العلمى هو موضوع تختص بدراسته علوم أخرى مثل علم النفس أو علم الاجتماع أو غيرهما، حيث أن ملاءمة الكشف العلمى والتقدم العلمى هو موضوع تختص بدراسته علوم أخرى، حيث أن فلسفة العلم مقتصرة على منطق البحث فحسب، وأن عاِلم المنطق مهمته تحديد اللغة ضماناً لدقة وتطابق الاصطلاحات، وأن ما يجنيه هو البنية المنطقية لكل القضايا الممكنة التى تزعم أنها قوانين علمية " .

وإذا كان بولانى يشارك معظم فلاسفة العلم المعاصرين تلك الأفكار، إلا أنه يختلف معهم فى أمور كثيرة . ومن هؤلاء الفلاسفة الذين اختلف معهم كارل بوبر، ويمكن أن نعرض لمظاهر هذا الاختلاف فى النقطتين التالتين:-

النقطة الأولى: تؤكد العقلانية النقدية عند بوبر أن لتطوير المعرفة العلمية منطقاً موضوعياً يقوم على المشكلات النظرية والإختبارية التى تواجهها الفرضيات العلمية من دون أن يكون للتصورات الذاتية والنفسية للعلماء أثر يذكر فى تحديد هويه تلك المشكلات الموضوعية . فكما أن الكائن الحى مواجه بمشكلات موضوعية متعلقة بقدرته على التأقلم والبقاء والتكاثر سواء كان يتمتع بمضمون موضوعى قائم باستقلال عن وعى الأفراد أم لا . فتطرح النظريات العلمية والرياضية اشكالات موضوعية على الوسط العلمى من دون أن يعى العلماء بالضرورة طبيعة الإشكال المطروح فيكون وعيهم الذاتى فى بعض الأحيان متأخراً عن اللحاق بالمشكلة القائمة أو قد يرون المشكلة خلافاً لما هى على حقيقتها . إن رجلا يواجه مشكلة ما قلما يرى ماهية مشكلته اللهم إلا إذا وجد حلاً لها، وحتى فى فهمه للمشكلة فأنه قد يكون على خطأ، وقد ينطبق هذا الأمر على العلماء بالرغم من كونهم من القلة التى تسعى واعية إلى إدراك طبيعة المشكلات التى يواجهونها . وعلى سبيل المثال . فإن فهم كبلر الوعى لمشكلته كان اكتشاف تناسق النظام الكواكبي، ولكن يمكن القول إن المشكلة التى حلها فعلاً كانت الوصف الرياضى للحركة فى مجموعة كوكبيه مؤلفة من نجمين . وهكذا يكون كبلر قد حل مشكلة مغايرة للمشكلة التى اعتقد أنه كان يواجهها . فإذا كانت المشكلات مجرد تصورات ذاتية فإنه لا يمكن تفسير نشوء مثل هذا   الوضع .

وهكذا يرى بوبر أن للمشكلات العلمية كياناً موضوعياً مستقلاً عن الإدراك الذاتى للعاِلم، وبالتالى فلا يمكن أن ترد النظريات العلمية إلى محتوى شعور أى عاِلم، بل أن اختبار النظريات العلمية لا يتضمن ولا يعتمد على الاعتقادات الذاتية لدى العلماء، بل إنها اختبارات موضوعية يستطيع أن يقوم بها وأن يكررها أى فرد فى زمان ومكان ما. ومن ثم فإن قضايا الملاحظة لابد أن تكون موضوعية ويجب ألا ترد إلى محتوى شعور أى عاِلم هى الأخرى . ولا تعنى موضوعيتها هنا أن نقيم لغة الملاحظات ذات طابع نظرى، كما فعل " كارناب " بل إن ما يراه بوبر هو أن تجرى كل الملاحظات بلا استثناء فى ضوء نظرية .

ويطور بوبر لهذه الغاية نظرية عن عوالم ثلاثة ذات نتائج مهمة على مجمل نظرية إلى المعرفة وهى:-

العاَلم الأول: عاَلم الحالات الفيزيقية والاشياء المادية .

العاَلم الثانى: العاَلم الذاتى، وعاَلم الوعى والشعور، والحالات العقلية والميول السيكولوجية، والمعتقدات والادراكات

العاَلم الثالث: عاَلم المحتوى الموضوعى، كالعلم والفلسفة والأعمال الأدبية والفنية . فيه المشاكل ومحاولات حلولها، والفروض ومناقشاتها النقدية، والنظم السياسية والتقاليد والقيم .... محتوى هذا العاَلم هو محتوى الكتب والصحف والمعارض والمتاحف، والموضوع السليم للابستمولوجيا يقطن فيه لا فى العاَلم الثانى . والعلاقة بين العواَلم الثلاثة متداخلة . فالعاَلم الأول مستقل عن العاَلم الثالث . لكن العقل - العاَلم الثانى هو الوسيط الذى يربط بينهما بواسطة علاقاته بكليهما . إذ له وثيق الصلة بالعاَلم الثالث، فهو الذى  يخلقه ثم يظل يدرسه ويضيف إليه ويحذف منه . وهو يدرك أيضاً مكونات العاَلم الأول بالمعنى الحرفى لمفهوم الإدراك الحسى، وأيضا العاَلم الثانى له أثر كبير على العاَلم الأول . لكن القوى التكنولوجية تكمن فى النظرية فى العاَلم الثالث؛ والذات أى العاَلم الثانى - هى التى تستخرج القوة التكنولوجية من النظرية وتقوم بطبيعتها، فتغير بها العاَلم الاول .

أما العقلانية المضمرة عند بولانى فهى تنكر كل هذه الأفكار التى تعول عليها العقلانية النقدية، وتؤكد على الطابع الشخصي للمعرفة العلمية بدلاً من الطابع الموضوعي، حيث ترى أن المعرفة تنسيق لمعتقدات يمتلكها أشخاص وتقع داخل عقولهم وأدمغتهم، وهذه المعتقدات تختلف باختلاف صاحبها . يقول بولانى " النشاط الكلى للعلماء يكون على أساس مجموعة من التخمينات ذات درجات مختلفة، ويحمل هؤلاء العلماء بعض هذه التخمينات على أنها معروفة ضمناً أو على أنها معتقدات غير مدركة إلى حد ما " . ويقول أيضاً: " إننى أؤمن بأن الفكر الفلسفى نشأ من خلال معتقدات شخصية "؛ ولما كانت المعرفة تقوم على اعتقادات، فإن هذه الاعتقادات تمتل تصورات شخصية مسبقة تلعب دوراً مهماً فى شرح الظواهر وتفسيرها وكشف قوانينها الخفية . يقول بولانى " كل الاكتشافات العلمية فى النهاية تستند على الحكم الشخص للعاِلم، حيث أن الطريق يبدو مفتوحاً لتوحيد التتابع الكلى للقرارات الشخصية، والتى تبدأ مع رؤية المشكلة ثم متابعتها من خلال البحث وكل طريقة تؤدى إلى كشف حقيقة جديدة فى الطبيعة" .

ومن ناحية فإن العقلانية المضمرة ترفض إصرار بوبر على أن المعرفة الموضوعية ليس لها مكان فى الأذهان، وأن مكانها العلمي هو العاَلم الفيزيقي ومكانها النظري هو الكتب أو بالأدق هو العاَلم الثالث، وتؤكد على الأفكار والنظريات العلمية والفلسفية قبل أن تخرج إلى العاَلم الثالث تمثل اعتقادات وتخمينات فى أذهان العلماء والفلاسفة الذين قالوا بها، علاوة على أن أهم الأمور التى تجعل القارئ يهتم بالعالم الثالث هو أنه يعينه على تكوين اعتقاداته . فشخصية الإنسان هى مجموعة اعتقاداته وهى الهدف النهائي للبحوث العلمية والفلسفية على حد سواء . .. وللحديث بقية..

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقل بجامعة أسيوط

 

 

 

في المثقف اليوم