أقلام حرة

نقطة نظام.. إنكم تعجلون إعادة احتلال قطاع غزة؟

الأحرار على متن سفن كسر الحصار، لقد اشبع الكتاب هذه القضية التي تدور رحاها بين أحرار العالم والكيان الإسرائيلي، ومن منطلقات إنسانية أو حتى من منطلقات أهداف سياسية المهم أن يكسر أو يرفع أو يفك الحصار، مع أن انعدام الوسائل الدبلوماسية مع كيان صهيوني متغطرس يضرب عرض الحائط بكل الشرائع والقوانين الإنسانية والأخلاقية والقانونية الدولية، يتيح المجال لإفراغ الساحة لمزاد الشعارات والتي تجاوزت حدودها النظرية بلوغا لبعض ترجمات التحدي وتطبيق الشعار، ولا ادري هل الهدف تحرير غزة من ظلم الحصار الجائر، أم أن لما يدور أهداف لا تتجاوز على جبهات التحدي أمام شعوبها أكثر من هدف كسر الحصار، لان من يريد فعلا أن يكسر الحصار منطقيا وقبل أن يتوجه إلى ساحات الصدام وهو يعلم أن هذا الكيان الصهيوني المتوغل لن يسمح بذلك، فكان يجب قطع العلاقات وإقفال السفارات والقنصليات الصهيونية والتحلل من كل التزامات التعاون والمشاريع الأمنية والعسكرية والاقتصادية طالما تقف دولة المتضامنين الأحرار خلف مواطنيها، ورغم أن الكيان الصهيوني نجح بمنع كل محاولات كسر الحصار عنوة، وبالمقابل نجد إصرار من قبل بعض الدول  على قبول التحدي وكسر هذا الحصار الجائر، تعلن أنها ستعيد الكّرة  بكثافة لتسيير رحلات بحرية قد يرافقها قطع سفن حربية أو قد يكون على متن تلك السفن رؤساء دول التحدي والنتيجة واحدة، إحباط كل تلك المحاولات من قبل الكيان الصهيوني مهما كلف الثمن بما يدفع ويجر الولايات المتحدة إلى التدخل المنحاز وتولي إدارة خطاب التحدي وربما تسيير أساطيل أمريكية وأوروبية قبالة سواحل قطاع غزة.

 

 عندها تكون الأمور على المحك، ولا داعي لإرسال سفن مدنية ترافقها قطع حربية، بل المصداقية تتطلب تعبئة عسكرية ورفع درجات الاستنفار ولا أريد أن أقول أن ايرلندا أو فنزويلا ستعلن الحرب على الكيان الإسرائيلي بسبب الظلم الواقع على غزة، ولكن هنا الحديث يدور عن دولة يحاول البعض تفسير منطلقاتها من نواحي أيدلوجية إسلامية هي تركيا التي تتصدر المشهد، فهل حقا تركيا  تقبل التحدي وجادة في كسر هذا الحصار الإجرامي حتى لو كلفها ذلك المواجهة العسكرية مع الكيان الإسرائيلي ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أني اشك في وصول  الأمر إلى هذا المدى وان أي اتجاه بهذا المسار سوف يحرك المعارضة التركية التي ستقول أنها ليست طرفا في هذا الصراع بالمستوى الرسمي أكثر من دعم التوجهات المدنية الإنسانية للمتضامنين وقد قدمت تركيا بمصداقية واجب إنساني راح ضحيته  العديد من شهداء الحرية والإنسانية الأتراك، ورغم هذا فإننا هنا كشعب فلسطيني على الأخص نثمن لتركيا من منطلقات إنسانية وإسلامية هذه التضحيات ونتمنى كذلك أن  ترتفع وتيرة التحدي لتطال جريمة تهويد القدس وتدنيس المقدسات بموازاة التوجه البطولي لكسر الحصار عن غزة.

 

ولكن الأهم من هذا كله ومع ارتفاع نبرة التحدي بهجوم سفن الأحرار وبشكل نوعي وعددي اكبر، كما تتناقلها وسائل الإعلام آخرها تصريح النائب البريطاني "جلوي" الذي ودع الحياة السياسية بخسارته لمقعده"احترام" في البرلمان البريطاني، لان بريطانيا أساس المأساة لا يوجد في دستور بلفور الصراع لديها أي احترام عملي لحريات ومصائر الشعوب، ليعلن "جالوي" بان حملة سفن كبيرة يتم الإعداد لها قريبا، وهذا ما يعلنه كذلك القائم على حملة كسر الحصار الأوروبية من قلب لندن، وكذلك ما تناقلته وسائل الإعلام في وطيس معركة يظهر فيها الكيان الإسرائيلي انه انتصر لوعوده وإصراره  على صد الحملة مهما كلف الأمر من دماء، لتلقى قنبلة إعلامية خطيرة بتداعياتها إن صدقت، بان رئيس الوزراء التركي" طيب رجب اردوغان" حماه الله سيأتي على ظهر سفينة بنفسه لكسر الحصار، وهذا يعني إعلان حرب على هذا الكيان الغاصب واشك بأنه أو أي رئيس سيختار هذا الأسلوب ويعرض نفسه لمهانة لن يقبلها شعبه، واقصر الطرق في حال هذا هو الخيار تجهيز وتسيير الجيوش للمواجهة ولكن يجب أن يسبقها كمصداقية قطع كل العلاقات وطرد السفراء وإنهاء عقود المشاريع الاقتصادية والحربية قبل هذا التوجه،  بل ما لفت انتباهي هنا ما يروجه الاحتلال الإسرائيلي من تسخين للقضية كما تناقلته وسائل الإعلام، بإعراب الاحتلال عن خشيته بان طائرات مدنية أو حربية ستهبط في قطاع غزة لكسر الحصار مع صعوبة اعتراضها في الجو، وربما هذا يفسر القصف اليومي لمطار ياسر عرفات الدولي والذي أصبح مجرد كومة حجارة وأطلال مطار.

 

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة ونحن نتمنى أن تكون هذه المجابهة فعلية لا سياسية، لترفع الحصار عن غزة وتكسر شوكة الغطرسة الإسرائيلية، بل نتمنى أن تهبط الطائرات العربية والإسلامية  وتسير الجيوش لتحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كذلك، والسؤال هو: ماذا لو اختصر الاحتلال الطريق ليتخلص من هذه المناكفات والتحديات وأعاد احتلال قطاع غزة باجتياح شامل، سيظهر من خلاله أن حربا متكافئة بين مقاومة سينعتها وحلفاءه الغرب بالإرهابية وبين قوات عسكرية صهيونية لاطاقة لقطاع غزة ومقاومتها منفردة بها رغم أنها ستلقى مقاومة شرسة تفوق حسابات العدو، ولكن في المحصلة في حال استمرار وتكثيف محاولات كسر الغطرسة الإسرائيلية وربما بتأييد أمريكي كأقصر الطرق لإنهاء مسألة السفن، أن تقدم إسرائيل على خيار الاجتياح الشامل للقطاع، هل فعلا عندها سوف تتحرك الصواريخ والطائرات والأساطيل الحربية الإيرانية والتركية كما يدعون بأنهم لن يتركوا العدو يتفرد بغزة ويعلنون الحرب على الكيان الإسرائيلي؟!

 

لست اشك بان الاحتلال ومن خلف الكواليس يدرس هذا الخيار في حال تجاوز سفن الحرية حدود الحرب الإعلامية القصيرة، وعند احتلال قطاع غزة سيرحب الاحتلال بغطرسته المعهودة بالسفن والقوافل لمساعدة سكان غزة دون مواجهة عسكرية أو مدنية، فهل يحسب من نثمن لهم بطولتهم الإنسانية والإسلامية هذا الخيار، أم عند اتخاذ هذا القرار لتنفيذ هذا الاختيار سنجدهم يتركونا نلملم أشلاء شهدائنا من هول المجازر التي سترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي لتصفي حساباتها مع قوى التحدي الخارجية، ويهرولون صوب منبر الثرثرة السياسية في دهاليز الأمم المتحدة وتشجيع المسيرات والمظاهرات الشعبية، وهنا أردت القول أن ما أثارته عاصفة العدوان الإجرامي على سفن كسر الحصار وعلى المتضامنين والشهداء الأبرار، يجب استثمارها سياسيا إن لم يكن هناك استعداد لخوض المواجهة العسكرية معنا في حال الهجوم الوشيك والذي ستسرع هجمة السفن بتنفيذه على قطاع غزة، وهذا لايعني أننا نشجع اثباط همة الأحرار بهجوم سفن كسر الحصار، ولكن أردنا تسليط الضوء على البدائل لدى قوى التحدي ومن أخذت على عاتقها الإصرار على كسر الحصار، للإجابة على سؤال بات في مرمى النيران الصهيونية وربما بات في دائرة القرار الخفي الصهيوني، فيما لو تم اجتياح قطاع غزة لكبح جماح عاصفة السفن وكبح جماح صواريخ المقاومة ومحاولة إطلاق سراح أسيرهم"شاليط" حتى لو جثة هامدة، هل سيعود كل طرف إلى دولته وقد أدى واجبه وعرف حدود المسموح بالمواجهة، أم إن تكثيف سفن كسر الحصار بما لها من أهداف نبيلة وسامية إذا ما تجاوزت حدها بالنسبة للكيان الصهيوني فإنها ستتسبب في إعادة احتلال عملي وشامل ودموي لقطاع غزة، وهذا ليس مدعاة أو نداء لوقف زحف أساطيل الحرية، بل نداء وتنبيه وتمنى بان لا يتركونا في ساحة المواجهة الدامية وحيدين فيما لو اتخذ الكيان الإسرائيلي خيار إعادة الاحتلال لإنهاء قضية السفن وغيرها من وسائل التحدي، ومن ثم البحث في سبل وطرق وآليات إحلال قوات عربية أو دولية في قطاع غزة بدل الاحتلال الذي سيكون بكل إجرامه المعهود نفذ أهدافه بثمن دموي كبير وكما أسلفت سيظهر أن معركة عسكرية متكافئة بين قواته النازية وتشكيلات المقاومة الفلسطينية بما ملكت من أسلحة وصواريخ ومتفجرات لا ترقى ظلما إلى ما سيقوم الإعلام الصهيوني وربما الإعلام العربي بغباء على تصويرها مواجهة عسكرية ندية..,نرجوا من الله أن لايستبدل الحصار الجائر باحتلال مباشر.. ولا نجد من  يتطوع لإنهاء الاحتلال مثلما كسر الحصار.., وكما يردد دائما الأحرار.. اقصر الطرق لكسر الحصار وتقويض الاحتلال، هو استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام .. وتستمر المأساة.

 

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1420 الاثنين 07/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم