أقلام حرة

البصرة مرة أخرى تسقط الزعامات

كما إن الفكر الذي تتمتع فيه المنظومة التثقيفية التي تدير الأحزاب العراقية فارغة من حيث الواقع العملي، ولا تمتلك رؤية تنظيمية تؤهلها لأن تقود كوادرها بالشكل الذي يجعلها أكثر دينامكية ونشاط.

 لذاك نرى القيادات التي تتزعم هذه الأحزاب والتيارات أما أن تكون فارغة من أي فكر تحمله أو تحمل فكرا شوفيني، يؤهلها لأن تكون مهتمة بتزيين صورتها الخارجية ولا تهتم بالهيكل الباطني للتنظيمي، حتى وإن لم يبقى من التنظيم سوى القيادات والاسم.

والشواهد كثيرة ولا نحتاج إلى سردها.

 إن  لدى الأحزاب العراقية زعامات لا تنتهي بانتهاء المرحلة أو التحاقها بالموت الرباني بل تستمر أبنائها كزعامات أيضا حتى وإن كانت هذه الأبناء عبارة عن ديكور يتحرك وفق أهوائه أو أهواء المحيطين به لأنه لا يملك من الفكر شيء، لذا فهي تحمل أفكار لا تختلف والمحيط العربي، كما نحن لا نستطيع أن نعيب على الآخرين لتوريثهم أبنائهم  فالكثير من قياداتنا ساروا على هذا النهج .

وأيضا لدينا رؤوس ترى نفسها أحق من غيرها في الزعامة، لذا لم يكن واقع الأحزاب واقع صحيح بل كان واقعا مريضا حد الموت.

 إن الأحزاب والتيارات لا تملك رؤية مسبقة في إدارة الدولة ولم تكتب أي دراسة علمية في منهجية الحكم القادم أو أسلوبه وشكله ولونه وتناقش المنهجية بطريقة علمية صحيحة وبعد ذلك تنشرها على شكل دراسات ليتسنى للآخرين أن يشتركوا في نقدها أو إضافة رئيا فيها.

فإذا فهمنا هذا الواقع الذي تعيش فيه التيارات والأحزاب العراقية نفهم لماذا لم يتم حسم تشكيل الحكومة؟

وكذلك نفهم لماذا يتم التصدي لمظاهرة تخرج مطالبة بحقها الدستوري.

وأيضا لابد لنا أن نذكر للتاريخ إن لدى الأحزاب بعض المفكرين ولكن إما قتلوا أو همشوا وللتاريخ أيضا لابد أن نقول المجاهد والمناضل في الأحزاب والتيارات العراقية عبارة عن أداة يستخدمها الحزب لضرب خصومة إما بالتشهير والتصقيط أو بالقتل والتصفية، وهنا لابد لنا من أن نستثني الأحرار منهم الذين رفضوا أن يكونوا أداة في أيدي تلك القيادات المتعجرفة والفاشلة.

ودليلنا على ذلك هذا التجاهل والنسيان للأحرار من كوادر الأحزاب والتيارات العراقية بل ولا نستغرب إذا سمعنا أن الكثير ممن كان يطارد هذه الكوادر أصبح من المقربين لقيادات الأحزاب، لماذا لأن قيادات الأحزاب العراقية تستذوق المتملقين من أمثال هؤلاء؟ ولا تستطعم الأحرار وأن كانوا من كوادرها.

 وها نحن لم نرى شخصية مرموقة سياسية نزلت من عرشها (المنطقة الخضراء) وسكنت في حي شعبي تقاسم أهله المحن والصعاب ونقص الخدمات والى غير ذلك من الأمور التي باتت لا تحتمل.

ناهيك عن نسيان الذين سقطوا في أرض الجهاد والنضال، إذاَ لم تكن حياة الكوادر الحزبية ومناصريها ذا أهمية لقيادات الأحزاب، لذلك سقط الكثير منهم في مواقع الموت بسبب شهوات ورغبات بعض القياديين.

وها نحن اليوم نشاهد الشعب العراقي ضحية لهذه الأحزاب والتيارات التي تحمل أفكار التكبر والاستعلاء ولا تمتلك روح الإيثار والتواضع وحب الناس بصدق.

أقوالهم هواء يتكلمون بالديمقراطية وهم أول من يضربها، يتكلمون بحرية الرأي وهم لا يؤمنون بالرأي الآخر.

يؤمنون بالتظاهر إذا كانت تخدم مصالحهم ويضربونها إذا شعروا أنها تمسهم. ويكثروا الأقاويل فيها هذا يسميها عميلة ذلك يعتبرها (جماعة من المخربين) وآخر يقول مدعومة خارجيا، والى غير ذلك من الافكار التي كان (قائد الضرورة) يتحفنا بها.

إذاَ ما أشبه اليوم بالأمس فصدام أنزل جام غضبه على البصريين لأنهم قالوا لا نريد حاكما مثلك وها هو اليوم زعيم الحزب الذي أكثر أنصاره وكوادره من أبناء البصرة يضرب أهل البصرة بالرصاص الحي مع أن أغلب المتظاهرين كانوا قد صوتوا (لقائد الضرورة الجديد).

لذلك عندما نقول أن العقل الباطن الذي يحمله السياسيون لا يختلف مع ما يحمله النظام ألصدامي لم نكن مبالغين،

لم يكن رأينا نابع من موقع الترف وإنما من إحساسنا الفعلي لما يحصل لأهلنا في العراق فتارة باسم استتباب الأمن يقتل الشرفاء من أبناء وطننا وترى باسم الفوضى تهدر دمائنا وتارة أخرى باسم الخطأ الغير مقصود تذبح أطفالنا وهكذا تهدر أموال العراق باسم تحسين الكهرباء ولم تأتي (سلام الله عليها) الكهرباء.

اليوم الشعب العراقي أيها الأحبة، كله يئن من هذه المشكلة والحكومة ورئيسها يغرقون في نعيم الكهرباء ولا أدري كيف يستشعرون بمعانات الشعب وهم لم يشاركوا في يوم بلا كهرباء؟.

وحينما يخرج ابن الشعب ليطالب بحقه الذي صبر عليه أكثر من سبع سنوات يكافئ بالحديد والنار. ويتحفنا السيد رئيس الوزراء وبدم بارد بقوله الديمقراطي الناضج ( لا نسمح لأي اعتداء على ممتلكات الدولة) ولا ندري هل أن ممتلكات الدولة أهم من روح مواطن بصري أو جرح مواطن بصري؟ وعلى طريقة السؤال الافتراضي نقول (هل أن قتل أبنت السيد رئيس الوزراء أرخص من طابوق وزجاج تكسر؟)

لذلك نحن نحمل رئيس الوزراء المسؤولية وكل من أمر بإطلاق النار، لأننا نرى أن رد السيد رئيس الوزراء لم يكن موفقا بل يدلل على موافقته لهذا الإجراء .

وأيضا نتمنى على أهالي الضحية أن يتقدموا بدعوة قضائية يطلبوا فيها التعويض المعنوي والمادي الذي لحق بهم لقتل أبنائهم وتحميل السيد رئيس الوزراء  وقائد الوحدة العسكرية التي أطلقت النار المسؤولية المباشرة في قتل أبنائهم، كي نتجنب في المستقبل قتل أبنائنا ، وأيضا لنمارس حقنا الدستوري الذي كفله الدستور لنا لأن الضحية كان يمارس عملا ديمقراطيا كفله الدستور.

شكرا لأهلنا في البصرة لأنكم أثبتم مرة أخرى إنكم شعب حي لا ينام على ضيم ولا يخاف أن يقول للطغاة كفى ولن تقف البصرة تنتظر حسنات المحسنين والمتصدقين وهي التي يتمتع في خيراها حتى المناوئين.

دعوتنا لكم مرة أخرى أن تتحدوا وأن تكون بوصلتكم جميعا نحوا الإقليم فإنه الحل الأمثل لرفع معاناتكم

وسلاما أبديا لكل شهداء البصرة في الماضي والحاضر وتعساَ لمن يريد إهانة البصرة وتبا للأيادي التي ضغطت على الزناد وقتلت أبنائها.

 

سلمان السلمان / أمريكا

[email protected]

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1438 الجمعة 25/06/2010)

 

في المثقف اليوم