أقلام حرة

آل الحكيم هل من حكيم..؟ / سلمان السلمان

لتنطلق أراء وأفكار المجلس وهي أكثر واقعية وملامسة لروحية المواطن العراقي وشعوره.

ولكن الحقيقة مغايرة تماما لكل التوقعات ففي كل يوم يثبت المجلس انه لا يزال يفتقد لروح التغيير وكشف الأخطاء القاتلة التي أصبحت ملازمة لحركته الديناميكية، ولا يرى النقد إلا بحدود ما يتماشى ورغباته.

واليوم فإن الموقف الذي يتخذه المجلس الأعلى من عرض منصب رئيس الوزراء على بقية الكتل أشبه بالسذاجة أو لنقل العفوية في الموقف الطفولي.

والسؤال هنا:-

 هل يمتلك المجلس الأعلى إستراتيجية؟ وهل هناك خطوط مرسومة وواضحة المعالم في هذه الإستراتيجية؟ أم أن المجلس يتحرك وفق مزاجية الرئيس في طرح القضايا العامة؟ والقيادات الأخرى تلمع ما يطرحه، أو بعبارة أخرى ترقع الفتق الذي يفتقه الرئيس.

والسؤال الآخر:-

 لماذا لا تعرض الفكرة التي يود طرحها الرئيس للرأي العام على قيادات المجلس وتناقش بهدوء ومسؤولية قبل أن تنطلق إلى الفضاء العراقي المتشنج؟

 ثم هل يعتقد المجلس الأعلى، أن الشعب العراقي ساذج، ولا يميز بين الغث والسمين فيما يطرحه المجلس من أفكار غير واقعية، وغير مدروسة؟

أم أنه يرتكز للقدسية التي يتمتع فيها بيت الحكيم، فيبيح لنفسه قول ما يريد؟

ثم ما هذه الازدواجية في شخصية السيد الرئيس عمار الحكيم؟

حينما يتفانى بضم التيارات والأحزاب الشيعية بكتلة واحدة ويأسف لعدم قبول السيد المالكي دخول هذا الإتلاف.

 ثم ينفرد هذا السيد بعد الانتخابات بتصريحات تناقض هذا التوجه وهذا التفاني، من خلال مداعبته مشاعر العراقية عبر الحديث عن خندق واحد مع السيد أياد علاوي وعن البعثيين، وإنتهاءاَ بالموقف الأخير.

ولست هنا بموقف من يعرض المتناقضات، وإنما لتوضيح الموقف الأخير الذي يتمسك فيه المجلس الأعلى.

كان السيد عمار يعلم إن السيد المالكي إذا دخل الانتخابات بقائمة منفردة سوف يحصل على أكثر المقاعد لذلك حاول أن يكسب المالكي إلى إتلافه ليتم تحجيم عدد مقاعد المالكي بحيث تصبح أقل مما يحصل عليه لو دخل منفردا، فاستمات في التقرب للسيد المالكي، لكنه أدرك أخيراَ أن المالكي ذاهب للانتخابات بقائمة منفرده.

فأرد أن يثبت للسيد المالكي إنه مستاء من ذلك فول وجهه إلى العربية السورية ليجلب انتباه السيد المالكي إلى اللعبة التي ممكن أن يلعبها إذا دخل السيد المالكي منفردا، مع أن السيد المالكي استطاع أن يقرأ رسالة السيد عمار إلا إنه تجاهلها لتعجرفه وحبه لنفسه وسماعه لمستشاريه الأذكياء جدا، وبذلك تأسست بوادر التجاذبات النفعية وحب الذات على حساب معاناة الشعب العراقي.

وحينما وضعت الانتخابات أوزارها وبان مستورها، أحس السيد عمار أنه لم يستطع أن يجمع ما كان يطمح له بسبب إنفراد السيد المالكي بكتلة، لكنه تنفس الصعداء حينما علم أن الكتلة الأكبر الفائزة بالانتخابات هي كتلة العراقية وليس كتلة دولة القانون.

فأراد أن ينتقم لنفسه فبدأت تصريحاته النارية تتصاعد متناسيا أن الرقيب الحقيقي على كل قول، هو الله والشعب وليست الكتل إلا إذا لم يكن مهتماً كثيرا لمشاعر هذا الشعب، أو أراد أن يعاقب الشعب المظلوم لأنه لم يختار كتلته، فسارع إلى تبني هذا الرأي الذي يفتقر للروحية التي ينطلق منها المبدأ الواقعي لمعنى الكتلة،فنحن لم نرى أي كتلة تبنت هكذا رأي.

فلماذا يتبنى السيد هذا الرأي؟

 فمثلا التحالف الكردستاني عندما اختار مرشحه السيد جلال لرئاسة الجمهورية لم يطلب الإذن من سماحة السيد، لأنهم يدركون مثل هكذا رأيا يربك المحاور الكردي في مفاوضاته مع الكتل الأخرى، وكذلك العراقية لن تسمح لأحد أن يتحدث وكأنه خارج بوصلة العراقية.

إذاَ لماذا تبنى رئيس المجلس الأعلى هذا الرأي؟، ولماذا لا يراعي حق المحاور في إتلافه؟ ثم الأهم مشاعر الجمهور الذي ينتمي إليه، لماذا يتجاهلها؟

مع أن المعادلة واضحة ولا تحتاج إلى اجتهاد فالابن الذي يطلب من جيرانه أن يشاركونه في اختيار أحد أفراد عائلته لقيادة العائلة إنما يكون خائنا في نظر عائلته ونظر جيرانه، وإذا لم يتهم في الخيانة فعلى أقل تقدير يشكك في قدرته العقلية.

فهذه النفعية وهذه النرجسية التي يتمتع فيها السيد تحتاج إلى ترويض فليس من المعقول أن يترك السيد يتصرف وفق أهوائه ويخسر آل الحكيم مكانتهم وقربهم من الشارع العراقي.

لذلك نقول لآل الحكيم هل من حكيم؟ فيعيد اتجاه القبلة نحوا الشعب.

أما لماذا تبنى السيد الحكيم هذا الرأي. فنورده على شكل نقاط:-

1 - أراد السيد عمار أن يقول للسيد المالكي أنا هنا، فلا تتجاهلني.

2 – للمجلس الأعلى تجربة بإسقاط خصومه من خلال طرح الأسماء على الكتل في البرلمان كما فعل السيد عبد العزيز الحكيم رحمه الله مع السيد إبراهيم الجعفري.

3 – اعتقاد السيد عمار أن السيد المالكي أهانه، حينما لم يقبل دعوته بالانضمام إلى إتلافه.

4 – الخصومة التاريخية بين المجلس الأعلى، وحزب الدعوة، وتسابقهم على السلطة.

5 – تكثيف الضغط على السيد المالكي لقبوله بمرشح تسوية.

6 – ترشيح المالكي لدورة ثانية يعني القضاء على المجلس الأعلى سياسياَ.

7 – خوف المجلس الأعلى من عجرفة السيد المالكي ويتم ضربهم مثلما حصل للتيار المقتدائي وحزب الفضيلة.

هذه النقاط ونقاط أخرى تركنا ذكرها لفطنة القارئ الكريم هي التي جعلت السيد الحكيم يتبنى هذا الطرح.

لكننا نقول للمجلس الأعلى ليس هكذا تبنى الأمور وان الشارع العراقي له كلمة الفصل وأي رأي يبتعد عن الواقع يؤدي بصاحبه إلى الخسارة الشعبية.

أضف إلى ذلك أن المالكي إذا وجد نفسه محاصرا، وبعجرفته المعهودة سيلتحق بالقائمة العراقية وهناك مشتركات كثيرة بين القائمتين بل وقد يكون ذلك مطلبا جماهيريا وستتولد حكومة ظاهرها القوة وباطنها مجهول ومخيف لأننا سنشهد رؤوس الأفعى في كل مكان والخوف الأكثر اتجاه العملية السياسية نحوا المركزية وضرب الحكم الفدرالي لان القائمتين تشكلان الأغلبية البرلمانية ومن الممكن إن يعدلوا الدستور.

ولكي لا تفوت الحكمة، علينا أن نقول إن حضوض السيد المالكي بالقبول من القوائم الأخرى أكثر من المطروحة أسمائهم، كما إن البديل المطروح من قبل المجلس الأعلى والتيار المقتدائي هو الذي جاء بالمالكي فكيف نعود للمربع الأول وقد كان المالكي الفيصل الذي رفع الخلاف.

لذا نحن نقول أن الأسماء الخلافية ليست هي الحل وعلى المجلس الأعلى والتيار المقتدائي أن يكونوا أكثر حكمة وأن يختاروا مرشحين آخرين أو أن يقبلوا بالمالكي بشروط تجعله أكثر التصاقا بالعملية السياسية للواقع الفدرالي.

أو أن تعطى القائمة العراقية حقها الانتخابي بتشكيل الحكومة، وهو الأفضل لمستقبل العراق، كي لا تستمر حالة التكتل الطائفي والعرقي.

 

سلمان السلمان/ أمريكا

[email protected] 

[email protected]

              

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1439 السبت 26/06/2010)

 

 

في المثقف اليوم