أقلام حرة
المواقع الإلكترونية والأقلام المتصحرة / سلمان السلمان
وقد نكون منهم لو أتيحت الفرصة لنا من موقع ما على من يدلوا بدلوه عندنا.
وهذه ليست بدعة وإنما ممارسة ورثناها من مجتمعاتنا المريضة التي تشجع ثقافة الأب المتسلط وشيخ القبيلة الفارض وعالم الدين المقدس الذي يقول فيصمت الجميع لأن قوله قول الله، وكل معترض مرتد.
وقد تأملنا كثيرا بالإخوة الذين انفتحوا على الخارج واحتكوا بشعوب العالم وانفتحت عقولهم لتستوعب الجميع، ولكن للموروث الباطني أحياننا دورا في بروز تلك العقد من جديد خاصة إذا اصطدمت (العقول) بموقف ما أو حادثة ما دغدغت تلك الإفرازات النتنة التي ورثناها من مجتمعاتنا المنغلقة.
لذلك لن نستغرب إذا وجدنا بعض المواقع قد خلت من الكتاب والمثقفين الذين يصنعون الحياة بفهم عالي وقدرة على إيصال الحقيقة والابتعاد عن مفاهيم اللغو والسفسطة الفارغة التي يفرضها أصحاب المواقع التي تبحث عن الإثارة والتشويش المبرمج بسياسة الآخرين.
حينما يمتلك المثقف قلما رفيعا وحسا مرهفا في بناء المجتمع فنحن لا نتوقع منه أن يسير بركب الأهواء التي تستقطب كل المنحرفين والمتسولين في منتديات الثقافة والإبداع.
أن الرؤية الفاصلة بين السياسي والمثقف في الحقيقة رؤية غير واقعية ولا تنطلق من أسس علمية وإنما من ضعف المثقف في فرض رؤيته على السياسة، وهرولة البعض وراء سلطة السياسي التي تحفز الثاني لاستضعاف الأول.
لذا نحن لا نرى أن هناك فواصل بين السياسة والثقافة لأننا نعتقد أن السياسة جزء من الثقافة وعليه فأن السياسي لابد أن يكون مثقفا وإن مارس دور التعالي عليها لأنها أي الثقافة ستسقطه بهشاشة موقفه منها.
في الحقيقة هناك مواقع كثيرة نحترمها، وكان لها دور متميز في نشر الوعي السياسي وساهمت في نضج الوعي الشعبي ولكنها في بعض الأحيان تحاول أن تستقطب الأقلام التي تجاريها بما تطرحه وبالقضايا التي تؤمن بها ونحن لا نرى في ذلك ضير ما دام هناك من يقبل أن يكون كذلك، ولكن لا يحق لها أن تفرض رؤيتها على الكاتب الذي يحترم استقلالية فكره ويؤمن بحرية قلمه فتصادر رؤيته بدكتاتورية مبطنة بالثقافة.
إذا كان هدف المواقع نشر الوعي فلابد لها أن تحترم كل الآراء وأن لا تغلق بابها للرأي الآخر الذي لا يصب في نهر سياستها.
لأننا نعتقد أن الموقع الناجح والمتميز هو الذي يحتضن الجميع دون تمييز أو احتكار أو هيمنة مبطنة بمنهج ثقافي لذلك دعوتنا لكل الأحبة في المواقع المتميزة أن لا تنزلق نحوا التصحر فتجد نفسها محاطة بالأقلام الصحراوية.
سلمان السلمان
أمريكا
07/27/2010
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1471 الاربعاء 28/07/2010)