أقلام حرة
براك أوباما وإعلان نهاية الطريق إلى حرية العراق / زيدان حمود
وأعتبر بعض الساسة العراقيون هذا اليوم يوما تاريخيا، وعدوه بداية لاستقلال العراق بالكامل، وقد أعلن باراك أوباما من البيت الأبيض في خطاب وجهه إلى العالم أجمع، نهاية العمليات القتالية في العراق ونهاية الطريق إلى حريته .
أذن هل أنتهت العمليات القتالية الأمريكية في العراق وحصل الأخير على حريته وبالكامل ؟
سبع سنوات ونيف من القتال في داخل العراق لتحريره، بعد أن أطاحت القوات الأمريكية الغازية بإمبراطورية صدام حسين العسكرية في عشرين يوم فقط، بعد أن أسقطت رمز السلطة وجبروتها بإسقاط تمثاله في ساحة الفردوس في 9 / 4 / 2003، وحل جيشه وقواته الأمنية بالكامل مع حضر حزب البعث الحاكم واجتثاثه، عندها أصبح العراق محررا، وشعبه يمتلك قدرة التغير بإرادته التي منحتها له أمريكا .
أذن مع من كانت القوات الأمريكية تتقاتل في العراق طيلة السبع سنوات الماضية حتى أعلن أوباما إيقافها الآن؟
هل استطاعت في قتالها هذا أن تحمي حدود العراق، وهو بلد صغير جدا قياسا لحجم آلتها العسكرية الهائلة، وتجعله بلدا أمنا عصيا على كان من كان اختراقه وتدنيس تربته ؟ هل استطاعت أن تبني قوة عراقية عسكرية نظامية بديلة لقوات صدام حسين التي حلتها وجعلت أفرادها بلا مأوى أو معاش؟ هل استطاعت أن تقضي على جيوش البطالة المدمرة؟ أم إنها قاتلت لإنشاء محطات الطاقة الكهربائية العملاقة، ليصبح العراق سيد الطاقة الكهربائية الأوحد في الشرق الوسط بفضل أمريكا؟ .
لقد أعلن باراك أوباما نهاية الطريق لحرية العراق.. رغم أن وزير دفاعه روبرت غيتس رفض أن يعلن أي حالة من حالات النصر في العراق، وهو واهم بالتأكيد لأن قوات أمريكا القتالية خرجت من العراق بعد أن تركته حرا، أمنا، غنيا، قويا مستقلا، زراعيا، صناعيا، مصدرا لا مستوردا، بحكومة وطنية حكيمة خرجت من رحم الشعب وبإرادة الشعب، قادرة على حماية حدوده كاملة، وتوفير الأمن والأمان وفرص العمل والخدمات كاملة لشعبه المرفه السعيد .. أليس هذا الحق ما يقال في أمريكا المنسحبة من العراق بكامل بقواتها القتالية، وكأنها لم تترك وراءها أكثر من تسعين قاعدة عسكرية مدججة بالأسلحة الثقيلة والطائرات الحديثة والصواريخ العابرة للقارات، بسماء مفتوحة غير خاضعة أطلاقا لأية محاسبة أو منع قانوني بموجب الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد ..
ما الذي تركته للعراق من قوة مسلحة وعمران وخدمات جليلة يذكرنا بفضلها علينا طويلا أذن؟
جيش تعداده أكثر من مليون جندي، ببدلات أنيقة وأسلحة خفيفة وسيارات همر لن تتمكن من الصمود أمام قذيفة صغيرة، وليس أمام سرفات الدبابات الثقيلة والطائرات المقاتلة الحديثة عدا المدافع والصواريخ العملاقة جيش اعزل لا حول ولا قوة له، بحدود مفتوحة مع دول تتمنى لنا الاستقرار علانية، وتضمر لنا الشر وتخطط له سرا، وعدوانها للعراق لن ينتهي عند حدود معينة من الزمن، إضافة إلى بلد مخرب بلا ماء أو كهرباء، بلا صناعة أو زراعة، وجامعات علمية تخرج للشوارع سنويا آلاف الكفاءات العلمية لا يعرفون غير التسكع في الطرقات والجلوس على ناصية المقاهي للبحث عن فرصة عمل فقيرة توفر لهم ولعوائلهم شظف من العيش في عراق النفط والنهرين والحضارة .
أمريكا التي خرجت منه، تركته عراق بلا حكومة .. حكومة قادرة على لم شمله وتضميد جراحه التي تتفتق يوميا بعشرات المفخخات والعمليات الإرهابية القاتلة، عراق بأئتلافات سياسية عديدة، وأي ائتلاف منها غير قادر على الائتلاف الحقيقي لتسمية شخص واحد لرئاسة حكومته القادمة .
إذا كانت هذه الحرية التي يتحدث عنها السيد براك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية التي عبرت جيوشها الفاتحة المحيطات والبحار من أجلها، فلتتعض الشعوب المبتلية بحكوماتها المتسلطة، ولتفتح أبوابها علانية لجيش الله المختار في سحق عجلة تقدم العالم وفرض سطوة الهمجية والقتل واحتلال أرض الغير بأسماء مزيفة وشعارات كاذبة كالديمقراطية والحرية وخلاص الشعوب .
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1505 الجمعة 03/09/2010)