أقلام حرة

الخيارات القاتلة للأحزاب والكتل الرئيسية.....

في الحقيقة أن قول الحكيم يلامس الجرح ويعطي فسحة من أمل فأما ملامسته للجرح فإنه يشعرنا بالقصور في فهم الحق، وأما الأمل فهوا يرشدنا لموقع الخلل الذي يجب إصلاحه، كي نستطيع أن نصل للإنصاف الذي نسعى إليه.

إن الشعب العراقي اليوم يعيش حالة من الفوضى وعدم فهم المرحلة بشكلها الدقيق لأنه حوصر بخيارات قاتلة تلزمه أن يعيش في مستنقعها، ويستنشق نتانة روائحها مع علمه بقبح الرائحة.

وأخطر هذه الخيارات هي القائمة المغلقة التي تبيح للكتل التحكم بالشعب، فنحن نعمل بالديمقراطية ولكن بمزاج الأحزاب المهيمنة على الساحة العراقية. بمعنى إننا لا نملك قرار الاختيار إلا من خلال ما تقره لنا الكتل التي سوف نضع علامة (صح) العوجاء أمام صناديقها، والغريب مطالبتهم لنا بوجوب ممارسة حقنا  الدستوري ونحن لا نرى وجها لحقنا، ولكننا نرى حق الأحزاب يعلوا فوق حقنا، أي أنت مرتبط بان تنصاع لما ترغب به تلك التكتلات  فلا عجب أن يعود الصغير والعبادي والربيعي والد ليمي ومحمود عثمان  وبرهم صالح وزيباري والمشهداني وبيان جبر والشهرستاني وكل الأسماء التي سئمنا النظر لها مرة أخرى.

والخيار الثاني الذي لا يقل خطورة عن الأول وهو ذلك المجلس المسمى (المجلس السياسي للأمن الوطني) الذي جعل الأحزاب والتيارات المتواجدة في الدولة العراقية الجديدة مكاناً للتجاذب والتناحر وعدم الوصول لقرارات تخدم البلد لان كل واحد من هذه التكتلات لا يثق بالأخر وينطلق من فهمه لأيدلوجية المصلحة والفئوية. والذي يزيد الطين بله هو إصرارهم على أن يكون هذا المجلس دستوريا أي إن المرحلة القادمة سوف تشهد تجاذبات أخرى تفضي إلى الفوضى العارمة في البلد وبالتالي لن تكون هناك إمكانية لحل النزاعات التي شهدتها الساحة العراقية في المرحلة الماضية بين الكتل والأحزاب المختلفة في الفكر والتوجه.

وأما الخيار الثالث الذي افقد العملية الديمقراطية هيبتها وأعادنا إلى الديمقراطية البنانية التي فصلت على مقاسات المجتمع اللبناني فانهارت الدولة وأصبحت دويلات تتقاذفها الفتن والاختلافات. فجاءنا اجتهاد الإخوة في الإتلاف العراقي الموحد بهذه البدعة فأصبحت الحكومة العراقية توافقية تتصارع الكتل على قيادتها مما افقد الحكومة هيبتها، وجعل الأهواء تقودها فضاعت فرصة الإنماء الاقتصادي ورفاهية الفرد في متون التناحرات و الاختلافات السياسية المفتعلة.

ورابعا تلك البؤرة المسماة برئاسة الجمهورية وليس رئيس الجمهورية بمعنى أن العراق يمتلك أربع رؤساء للحكومة العراقية، وتخيل سفينة يقودها أربعة ملاحين، ماذا تتوقع إن يكون مصيرها ومصير راكبيها؟ أليس الغرق؟

وبهذا الشد وذلك الجذب ينتهي المواطن إلى نتيجة مفادها ضياع الوطن وتقسيمه إلى محطات للاستراحة الإجبارية، مع استغلال صوته لإيهام الآخرين أن الديمقراطية هي التي أفرزت هكذا تقاطعات. ويبقى المواطن الذي يرجف جوعا وتحيطه الإمراض والفقر والعوز من كل الاتجاهات رهين هذه الصراعات الهمجية التي فرضتها الكتل الرئيسية في العراق الجديد.

لذا نحن نعتقد أن تشخيص هذه النقاط الأساسية والعمل على تغيير منهجها هو الذي سوف يغير لعبة الكتل والأحزاب لأن الشعب العراقي إذا استطاع أن يتفهم العنوان العام الذي تسير عليه الكتل والأحزاب استطاع أن يكشف مواقع الخلل الحقيقية، والعمل على تقويمها.

ولنا رؤية سريعة للخطوات التي نعتقد أنها مهمة نضعها على طاولة الصراع الكلامي، علنا نصل في النهاية إلى بر الأمان في وطننا الحبيب.

أولا:-

أ- المطالبة الجماهيرية (الشعبية) باعتماد القائمة المفتوحة.

لأن القائمة المفتوحة تتيح للناخب أن يختار بحرية الشخصية التي يعتقد أنها تمثل مصالحه ومصلحة محافظته الحقيقية، واعتماد القائمة المفتوحة هو ضمان عدم وصول شخصيات للبرلمان غير مرغوب فيها أمثال جلال الدين الصغير وحيدر العبادي وخلف العليان وعارف طيفور وصالح المطلك وعقيل عبد حسين ساجت والكثير من الأسماء التي حشرت جمعاً بلا رصيد.

ب- أما إذا أصرت الكتل المستفيدة من القائمة المغلقة على عدم فتح القائمة فلابد للشعب العراقي أن يكون أذكى من هذه الأحزاب ويعتمد تجمعات مستقلة أو حزبية من داخل محافظاته عارفا لعناصرها واثقاً فيهم يكونوا ممثلين لصوته وداعمين لمحافظاتهم. وهذا لن يحدث إلا عندما تكتشف المحافظات أنها مهمشة فعليا وليس لها دور فعلي في بناء محافظاتها. حينها سوف يكون لزاما على أبناء المحافظة تشكيل تكتل يخدم المحافظة لكي يكون معبراً حقيقياً باسم المحافظة في البرلمان العراقي لا أن يكون داعيا لحزبه، وفي الحقيقة إن خلاص محافظاتنا هو ظهور شخصيات فاعلة في المحافظة همها العمل على تطوير المحافظة وتهيئة الأرضية المناسبة للاستثمار والنمو الاقتصادي المدروس.

ثانيا:- العمل على إفشال المجلس السياسي للأمن الوطني. ومنعه من حمل صفة دستورية، وأيضا العمل على بلورة شكل الدولة والحكومة.

ثالثا:- تفعيل دور القضاء ودعمه لكي يستطيع أن يمارس دوره الحقيقي في فك النزاعات دون تسييسه لجهة سياسية ما.

رابعا:- دعم الثقافة الإعلامية الهادفة ورصد المخالفات القانونية وإيصالها للرأي العام. وسن قانون يحمي الصحافة الحرة في العراق.

خامساً:- تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني وان لا تعتمد على دعم الحكومة وإلا أصبحت تابعة لرغبات الحكومة وهيمنتها.

سادسا:- تفعيل دور المحافظات في بناء هيكلية إدارية وتنظيمية حديثة بعيدة عن التعقيدات الروتينية وبعيدا عن الرقابة المركزية التي تمارسها الحكومة الفدرالية. لتهيئة كوادر قادرة على إدارة البلد ضمن الحكومة الفدرالية.

ولكي نكون قد لامسنا الواقع الذي نعيشه علينا أن نعمل من أجل تثقيف الجماهير من أجل إفشال المخططات التخريبية الرامية لتدمير الدولة العراقية الحديثة.

وهذا باب نتمنى أن يستوفى حقه، من الحوار والانفتاح على كل التجارب التي سبقتنا واهتدت إلى الطريق السليم في إدارة البلد.

سلمان السلمان

أمريكا

  

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1058  الاثنين 25/05/2009)

في المثقف اليوم