أقلام حرة

فساد واخلاق العراقيين في دوائرالدولة الرسمية

بات هذا الامر من المسلمات في بلد المسلمين والمسلمات، والانكى من ذلك ان اغلب موظفي الدولة تابعين للاحزاب الاسلامية المتسيدة على رقاب الفقراء والمساكين، وهذا يعني ان الاسلامي الموظف يفترض به ان يخاف الله في الصغيرة والكبيرة، ولكن مانراه على خلاف ذلك، اذ ان الاسلامي هو الذي يتعاطى الرشوى والفساد الاداري. الذي دعاني الى كتابة هذا الموضوع هو صدمتي بالعراق الذي زرته بعد فراق دام اكثر من عشر سنين عجاف قضيتها في بلد الكفار والمشركين مجبراً لانعم في بلدهم بتقدير من الدرحة الاولى كوني انسانا- لااريد ان اروج الى الغرب هنا بقدر مااذكر الحقيقة لانني عشتها بالرغم من وجود وعود كاذبة وعدم الاكتراث نوعا ما بمعاناة الشعوب العربية من قبل الراي الرسمي الغربي مع ذلك اني اصرح بمعاملتهم الجيدة معنا في كل الاحوال سواء في دوائر الدولة او العمل او الشارع او الجيران- الصدمة التي انتابتني منشأها اخلاق العراقيين  بصورة عامة وفي العمل بصورة خاصة ليست كما عهدتها في تسعينات القرن الماضي على الرغم من وجود الحصار المفروض من قبل الغرب الحاكم (الامم المتحدة- مجلس الامن الدولي) ومخلفات حرب ايران وام المهالك الفاجرة، والذي عاش تلك الفترة ببساطة يلمس الفارق الاخلاقي الذي نلاحظه اليوم في مجتمعنا العراقي مع شديد الاسف. اعود الى بعض الاخلاق السيئة اثناء العمل التي يزدحم بها الشارع العراقي منها تحديداً دوائرالدولة.

دوائر الدولة الرسمية، هذه الدوائر اغلب موظفيها لايتعاملون مع المواطن المراجع باحترام، وينظرون الى المراجع ليس الى معاملته او حاجته او خلفيته الثقافية  وانما ينظرون الى ماتحمل هويته من منصب مرموق بالدولة فيحترم ايمااحترام، وقد حدث معي هذا الامر عندما اردت مقابلة مدير مؤسسة حكومية فاجابني موظف الاستعلامات قائلاً: من انت وماهي وظيفتك ومن انت حتى تقابل مدير المؤسسة؟ قلت له انا مراجع ومن حقي اقابل المديرلان زميلك الموظف الاخر قد صعب علي معاملتي ويجب اعلام المدير بذلك لانه صاحب خبرة ومدير مؤسسة ولابد من مقابلته فرد علي ببرود تعال غداً اليوم المدير مشغول،من حسن حظي ان صديقي الذي يشغل حاليا منصب مرموق في احدى دوائر الدولة قد دخل للتو الى هذه المؤسسة ليقضي امراً، الحمد لله صديقي صافحني على الفور ولم يتنكر لصحبتي على الرغم من انقطاعي عنه طيلة هذه السنين، على الفور ادخلني على مدير المؤسسة واستقبلنا مدير المؤسسة بحرارة وترحيب اثار استغرابي حقيقة، وقدم لنا الماء البارد والشاي الحار، انا داخل نفسي غير راض لانني قادم من بلد لايميز ولايتعامل بالمحسوبية على حساب الاخرين وقد انزعجت كثيراً من هذه الحادثة قلت هذا اول الغيث بمعاناتي مع دوائر الدولة الرسمية التي تنتظرني بعد فراق طويل معها ومن همومها. اما ما جرى معي في استبدال الجنسية العراقية القديمة حقيقة قد كرهني بالعراق، في اي بلد غربي بامكان اي لاجئ اذا استوفى الشروط المطلوبة للحصول على جنسية البلد المقيم فيه ببساطة يذهب الى بلديته المتواجد فيها ليقدم طلب الحصول على الجنسية، فايستقبلوه باحترام وتقدير ثم يودعوه على امل الحصول على الجنسية، ويخرج اللاجئ من مكتب الموظف وهو يسب هذا البلد الذي سوف يمنحه شرف الجنسية،هذا لاجئ وليس ابن بلد، ولكن بالعراق ابن البلد بصعوبة يحصل على جنسية بلده، قد حصلت على الجنسية العراقية الجديدة بيومها خلال ساعات، بينما الموظف الذي استلم معاملتي قال لي : راجعنا بعد اسبوع من تاريخ استلام المعاملة، فكرت بالامر وقلت الاسبوع القادم موعد بعيد، فاتصلت باخي وقلت له هكذا قال الموظف، اخي قال: لاعليك بعد ساعات الجنسية في جيبك ولاتهتم انا سوف اجلبها اليك، وفعلا بعد ساعتين واذا باخي قادم ومعه الجنسية، انها بشرى، قلت له كيف حصلت عليها؟قال: انت في العراق كل شيء هنا يتم بالمادة او الجاه او المنصب، محل الشاهد ان جنسيتي العراقية حصلت عليها بواسطة ومدفوعة الاجر. اما ماجرى معي في محكمة البداء قد زاد استغرابي وذهولي في سلوك واخلاق وعمل الموظفين في دوائر الدولة، كاتبة تعمل مع القاضي ومكتبها بجواره وهي التي تنجز المعاملات ورفع الطلبات الى القاضي،بعد ان اكملت معاملتي طالبتني باجور تعبها !!! قالت: العفو اخي اجور تعبنا، انا تفاجأت وتحيرت، اي اجور هذه ؟ قالت تعبي انا، قلت لها وكم اجرك قالت: (خير ومدت ايده) هذا الخير يعلم اذا ما مايدفع ان الامور سوف تصعب عليه، ربما رفع المعاملة سوف يتاخرالى يوم غد او تطلب مني اشياء تعجيزية اخرى الغرض منها تاخيري،استسلمت الى هذه الحجية الكاتبة – هي كذلك حجية لان زملائها الموظفين ينادون عليها بهذا اللقب وهي كبيرة بالسن وليست شابة- خرجت من المحكمة وانا افكر واقول: اذا في محاكمنا الفساد علني تحت انظار القاضي الذي وقع على معاملتي دون النظر والتدقيق فيها، فكيف حال دوائر الدولة الموقرة؟.

لااريد اذكر كثيراً ماحدث معي كي لا اطيل بالكتابة، ولكن هذه حقائق لابد من ذكرها.

سابقاً كنت اشكك واقلل من الكلام الذي يطال دوائر الدولة، وكنت اقول ربما هذه سياسية الغرض منها تسقيط حكومة لانها تختلف مع هذا الفصيل الذي يكتب ضدها سياسياً، ولكن ماوجدته على ارض الواقع هو صدمة حقيقة وكارثة حلت بنا.

دوائر الدولة تعمل باخلاق متدنية جداً، وان الفساد فيها علني، واخذ الرشوى، والكلام البذيء الذي يطال المواطن المراجع، وتاخير العمل، وفترة العمل القليلة، في بعض الدوائر العمل فيها ثلاث ساعات يومياً، وغياب الموظف، وطريقة استقبال المراجعين، ونوم الموظف في الدائرة على التبريد المركزي تاركا عمله، وفترة الصلاة الطويلة،  وغيرها، هذه كلها تعكس لنا اخلاق الفرد العراقي المثقف، اي مثقف هذا الذي يهين كرامته باخذ الرشوى؟ واي مثقف الذي يرتضي لنفسه ان يكون مسبة للاخرين؟، انها ازمة اخلاق يعاني منها المجتمع العراقي، وبالتحديد المثقف العراقي، لان الجاهل معذور، ولكن المتعلم او المثقف الموظف غير معذوراطلاقاً، وعلى الحكومة الحاكمة ان تسارع بصولات على غرار ماتسمى بصولة الفرسان على مكاتب السيد الشهيد الصدر(قدس سره)صولات ضد المفسدين والعابثين والمغيرين لاخلاق البلد، انها مسؤولية الحكومة بمحاسبة اصحاب الاخلاق السيئة في العمل الحكومي، انما الامم الاخلاق والعمل، وفي بلدنا الاثنان مفقودان مع الاسف الشديد. متى نرى العراق كدولة عمل واخلاق وقانون على الكل وليس على الفقراء فقط ؟ لاشك اذا النفوس تغيرت تغير العراق.

 

عبدالرضا الوائلي

5.09.09

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1160 الاحد 06/09/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم