أقلام حرة
مظاهرة المتنبي بين مشروعية المطلب وهمجية الأسلوب
حتى تكون تجربة التظاهرة القادمة حضارية هادفة يستفاد منها أطراف الإعلام والثقافة، والشارع العراقي.
نحن نعلم أن حرية الرأي أو التعبير هي تلك الأفكار والآراء التي تجعلك تتكلم وتكتب، أو تمارس عملا فنيا بدون أن تكون هناك رقابة أو قيود من قبل الحكومة مع مراعاة القوانين والأعراف التي وضعتها الدولة.
إننا نرى أن حرية التعبير وحرية الرأي لهما حدود وضوابط تقررها العقلية الواقعية للأمة.
فعندما يمنع القانون الفرنسي أي كتابة أو حديث علني من شأنه أن يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية. فأنه بذلك يصوب حرية التعبير بالاتجاه الصحيح ودون أن يفتح آفاق سيئة تجر المجتمع إلى صراعات وهمية تحول حرية التعبير إلى فوضى تعم البلد، وبالتالي يخلق حالة من التشرذم والانعزال في المجتمع الواحد.
بمعنى أن هذه الحرية العالية المعنى يجب أن تقنن ويضع لها ضوابط يراعيها جميع أفراد المجتمع وخاصة الطبقة المثقفة التي يبنى على كاهلها مستقبل الأمة.
فبعد إعلان مظاهرة شارع المتنبي وهدفها السامي الذي ينم عن عمق وتفهم الإعلاميين والكتاب والمثقفين لدورهم في قيادة الأمة، وإيماننا منهم بمشروعية المطلب وفق الصياغات الثقافية العالمية، جعلنا نبارك تلك الخطوات ونتمنى لها النجاح في عراقنا الجديد.
لكي نغرس في عمق الثقافة الوطنية مبدأ الممارسة الديمقراطية، لذلك عاضدنا تلك المسيرة وكنا ننتظر أن نرى المثقفين العراقيين، وهم القدوة يمارسون دورهم الريادي في تحقيق المطلب بثقافة عالية وممارسة رائعة تبهر عقول الآخرين المتربصين بالتحول الديمقراطي العراقي ولكي يكون عنواناً للتغيير الذي ننشده للمنطقة.
ولكن للأسف فوجئنا بجموع تثير الغبار وتتناثر في زوايا شارع المتنبي بهتافات صاخبة معدمة القدرة على التعبير، عشوائية الهدف تسير بهمجية الجمهور المتجمهر بعفوية التنظيم وعفوية الحضور.
مطالبة بمطلب حضاري ولكن بممارسة متخلفة وأسلوب همجي وكأن الذين يسيرون في التظاهرة ليس بمثقفي العراق. نعم كنا نأمل أن تكون التظاهرة تظاهرة حضارية وبأسلوب تنظيمي رائع يحدد كيفية المسير؟ وأين تنتهي؟ وأين تقام الحلقات الثقافية؟ والندوات التي تشرح وتأسس لمفهوم حرية التعبير في وطن مزقته أدوات الاحتكار الفكري والفني، وان نشهد صمت التظاهرة وتحقيق المطلب.
لأن الصمت أحياننا يعبر بصدق أكثر من الهتافات الزائفة التي تخرجها حناجر المتطفلين على حرية التعبير وحرية الرأي.
ثم لتكن التظاهرات التي يقيمها العالم المتمرس في لعبة الديمقراطية وحرية التعبير نموذجا مستفاد منه في تحقيق ما نصبوا إليه من حرية التعبير وحرية الرأي لأن الأسلوب التي تمارسه تلك الشعوب أسلوبا حضاريا فاعلا في إيصال المطلب وتحقيق الهدف، فليس عيباً أن نقتبس نموذجا عالميا يحقق لنا تقدما واعيا في ممارسة الأسلوب الأمثل في التعبير عن تحقيق مطلب الأعلام العراقي وفن الثقافة العراقية الجديد الذي نصبوا إليها جميعا.
سلمان السلمان / أمريكا
............................ الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1161 الاثنين 07/09/2009)